(الصفحة 329)
خنزيراً فضمنه ورفع إليه رجل كسر بربطاً فأبطله(1).
ومنها رواية غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه في حديث إنّ علياً (عليه السلام) ضمن رجلا أصاب خنزيراً لنصراني(2).
قال في الجواهر ولعل الوجه في إطلاق ضمان خنزير النصراني إن بنائه على عدم التستر به فلم يكن ذلك من شرائط الذمة عليه بخلاف غيره من الخمر ونحوه.
- (1) الوسائل: أبواب موجبات الضمان، باب السته و عشرين، ح1.
- (2) الوسائل: أبواب موجبات الضمان، باب السته و عشرين، ح2.
(الصفحة 330)
فـروع
الأول
لو أتلف على الذمي خمراً أو آلة من اللهو ونحوه مما يملكه الذمي في مذهبه ضمنها المتلف ولو كان مسلماً ولكن يشترط في الضمان قيام الذمي بشرائط الذمة ومنه الاستتار في نحوها فلو أظهرها ونقض شرائط الذمة فلا إحترام لها ولو كان شيء من ذلك لمسلم لا يضمنه الجاني متجاهراً كان أو مستتراً1 .
مسألة 1 ـ الخمر التي تتخذ للخل محترمة لا يجوز إهراقها ويضمن لو أتلفها وكذا مواد آلات اللهو والقمار محترمة وإنما هيئتها غير محترمة ولا مضمونة إلاّ أن يكون إبطال الهيئة ملازماً لاتلاف المادة فلا ضمان حينئذ2 .
1 - قد مرّ في ذيل البحث السابق إن ضمان الخمر أو آلة من اللهو ونحوهما مما يملكه الذمي في مذهبه إنما يكون موجباً لضمان المسلم بالاضافة إلى الذمي إذا كان قائماً بشرائط الذمة المذكورة في محلها وهو ذيل كتاب الحدود ومن جملة الشروط الاستتار فلو نقض الذمي واحداً منها فلا إحترام مع الاتلاف ولا فرق في ذلك بين الخمر والخنزير بوجه من أن الخمر يمكن عادة التستر به دون الخنزير ولعل هذا هو الوجه في الفرق بين الخنزير والبربط في الرواية السابقة وأمّا إذا كان مربوطاً بالمسلم فلا ضمان مطلقاً.
2 - في كشف اللثام: وإن إقتنى الخمر للتخليل وإن كان فيه بحث خصوصاً بناءً
(الصفحة 331)
مسألة 2 ـ قارورة الخمر وكذا سائر ما فيه الخمر محترمة ففي كسرها وإتلافها الضمان وكذا محالّ آلات اللهو ومحفظتها1 .
على غلبة سبق الخمرية للخلية في أكثر أفراد العصير وهي المسماة بالخمر المحترمة وفيه أيضاً يملك المسلم جوهر آلة اللهو فإن احرق الجاني عود آلة مثلا ضمن قيمة الخشب وسائر الأجزاء.
أقول لا ينبغي الاشكال في أن الخمر المتخذة للخل محترمة يجري فيها الضمان مع الاهراق أو الاتلاف بوجه آخر كما إنه لا ينبغي الاشكال في إنّ آلات اللهو وكذا آلات القمار إنما تكون هيئتها غير محترمة ولا مضمونة وأمّا المواد فهي باقية على المالية والملكية فمع إتلاف كلتيهما يتحقق الضمان بالاضافة إلى المواد ويمكن أن يكون كسر البربط في الرواية ناظراً إلى ذلك وكيف كان فإن لم يكن إتلاف الهيئة متوقفاً على إتلاف المادة فلا ضمان في الأول فقط وإن كان متوقفاً عليه وملازماً له فلا ضمان في إتلاف المادة أيضاً والوجه واضح.
1 - لا ينبغي الاشكال في إن قارورة الخمر وكذا سائر ما فيه الخمر محترمة وإن في إتلافها وكسرها الضمان لأنه مضافاً إلى إن أكثرها لم يوضع لخصوص هذه الظرفية بل للظرفية المطلقة إن صلاحيتها لحفظ الخمر وغيرها توجب المالية الشرعية لها نعم إذا إنحصرت منفعته بحفظ الخمر مثلا بحيث لا يكون فيه منفعة محللة لا يبعد أن يقال بعدم المالية فلا يؤثّر كسرها في الضمان وهكذا محالّ آلات اللهو ومحفظتها.
(الصفحة 332)
الثاني: إذا جنت الماشية على الزرع في الليل ضمن صاحبها، ولو كان نهاراً لم يضمن هذا إذا جنت الماشية بطبعها وأمّا لو أرسلها صاحبها نهاراً إلى الزرع فهو ضامن كما إن الضمان بالليل ثابت في غير مورد جرى الأمر على خلاف العادة مثل إن تخرب حيطان الربض بزلزلة وخرجت الماشية أو أخرجها السارق فجنت فالظاهر في الأمثال والنظائر لا ضمان على صاحبها2 .
2 - في جناية الماشية على الزرع فإذا كانت في الليل ضمن صاحب الماشية وإذا كانت في النهار لا يضمن وهو المشهور بين قدماء الأصحاب بل لعلّ عليه إجماعهم بل عن ابن زهرة دعواه عليه.
والمستند روايات:
منها رواية السكوني التي رواها عنه عبدالله بن المغيرة الذي هو من أصحاب الاجماع عن جعفر عن أبيه عن علي (عليه السلام) قال كان علي (عليه السلام) لا يضمّن ما أفسدت البهائم نهاراً ويقول على صاحب الزرع حفظ زرعه وكان يضمّن ما أفسدت البهائم ليلا(1). ولكنه ذكر المحقق في الشرائع: وفيه ضعف والأقرب إعتبار التفريط في موضع الضمان ليلا كان أو نهاراً.
لكن الضعف على تقديره منجبر بفتوى المشهور وإستنادهم إليها مع إن الراوي عن السكوني هو عبدالله بن المغيرة الذي مرّ إنه من أصحاب الاجماع والمعروف في تفسيرهم إنه لا ينظر إلى من بعدهم من الرواة وإن كان لنا في هذا التفسير نظراً إلى إن كون الرجل من أصحاب الاجماع ليس معناه إلاّ كونه مجمعاً على وثاقته وإعتبار
- (1) الوسائل: أبواب موجبات الضمان، الباب الأربعون، ح1.
(الصفحة 333)
قوله وأمّا عدم النظر إلى من بعده من الرواة فلا وقد حققنا ذلك في محلّه ويؤيده في المقام تضعيف المحقق الرواية بإعتبار السكوني.
ومنها رواية معاوية بن عمار عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث إنّ داود (عليه السلام) ورد عليه رجلان يختصمان في الغنم والكرم فأوحى الله إلى داود أن اجمع ولدك فمن قضى منهم بهذه القضية فأصاب فهو وصيّك من بعدك فجمع داود ولده فلما أن قصّ الخصمان فقال سليمان ياصاحب الكرم متى دخلت غنم هذا الرجل كرمك قال دخلته ليلا قال قد قضيت عليك ياصاحب الغنم بأولاد غنمك وأصوافها في عامك هذا فقال داود كيف لم تقض برقاب الغنم وقد قوّم ذلك علماء بني إسرائيل وكان ثمن الكرم قيمة الغنم فقال سليمان إن الكرم لم يجتَثّ من أصله وإنما أكل حمله وهو عائد في قابل فأوحى الله إلى داود إن القضاء في هذه القضية ما قضى به سليمان (عليه السلام)(1).
ومنها رواية هارون بن حمزة قال سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن البقر والغنم والابل تكون في الرعي (المرعى) فتفسد شيئاً هل عليها ضمان؟ فقال: إن أفسدت نهاراً فليس عليها ضمان من أجل إن أصحابه يحفظونه وإن أفسدت ليلا فإنه عليها الضمان(2).
ومنها رواية أبي بصير قال سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن قول الله ـ عزوجل ـ وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم فقال لا يكون النفش إلاّ بالليل إن على صاحب الحرث أن يحفظ الحرث بالنهار وليس على صاحب الماشية حفظها بالنهار إنما رعيها بالنهار وإرزاقها فما أفسدت فليس عليها وعلى أصحاب الماشية
- (1) الوسائل: أبواب موجبات الضمان، الباب الأربعون، ح2.
- (2) الوسائل: أبواب موجبات الضمان، الباب الأربعون، ح3.