(الصفحة 337)
مسألة 4 ـ لو جنى على كلب له دية مقدرة فالظاهر الضمان لكن تلاحظ نسبة الناقص إلى الكامل بحسب القيمة السوقية فيؤخذ بالنسبة من الدية فلو فرض إن قيمته سليماً مائة دينار ومعيباً عشرة يؤخذ (تسع ظ) عشر ما هو المقدر1 .
ضمان المتلف بالفتح إذا كان مال الغير والضمان فيها يتحقق بنفس إتلافه ولا وجه للاستفادة المزبورة وفي مثل الغصب الذي يتحقق الضمان بنفس الغصب لا مجال للحكم بضمان آخر بعده بالاتلاف أو بغيره ومقتضى ضمان الغصب أعلى القيم كما ذكرنا لا أكثر الأمرين.
ومما ذكرنا ظهر إنه لو تلفت تحت يد الغاصب لا يكون هناك دية مقدرة بعد تنزيل نصوص التقدير على صورة الاتلاف بل يثبت عليه ما ذكر في الغصب.
كما إنه مما ذكرنا قد ظهر إنه لو ورد عليها نقص أو عيب ولو من قبل غير الغاصب يكون الارش عليه.
1 - لو وقعت جناية على الكلب الذي له دية مقدرة فالظاهر الضمان كما في أصله لكن الثابت هو الارش وهو يظهر بملاحظة نسبة الناقص إلى الكامل بحسب القيمة السوقية والأخذ بالنسبة من الدية لأنه لا طريق لاحراز الارش غير هذا الطريق ففي المثال المذكور في المتن لو فرض إن قيمته سليماً مائة دينار ومعيباً عشرة يؤخذ تسعة أعشار ما هو المقدر ففي الكلب الذي تكون ديته أربعين درهماً يؤخذ الأربعون إلاّ الأربع وهكذا كما لا يخفى.
(الصفحة 338)
الرابع من اللواحق في كفّارة القتل
مسألة 1 ـ تجب كفارة الجمع في قتل المؤمن عمداً وظلماً وهي عتق رقبة مع صيام شهرين متتابعين وإطعام ستين مسكيناً1 .
1 - قد نفى صاحب الجواهر وجدان الخلاف في إنه تثبت في قتل المؤمن عمداً وظلماً كفارة الجمع المذكورة في المتن ويدل عليه روايات:
منها صحيحة عبدالله بن سنان وابن بكير جميعاً عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال (قالا ظ) سئل عن المؤمن يقتل المؤمن متعمداً هل له توبة؟ فقال إن كان قتله لايمانه فلا توبة له، وإن كان قتله لغضب أو لسبب من أمر الدنيا فإنّ توبته أن يقاد منه، وإن لم يكن علم به إنطلق إلى أولياء المقتول فأقرّ عندهم بقتل صاحبهم فإن عفوا عنه فلم يقتلوه أعطاهم الدية وأعتق نسمة وصام شهرين متتابعين وأطعم ستين مسكيناً توبة إلى الله عزوجل(1).
ومنها ما رواه العياشي في تفسيره عن سماعة عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال سألته عن قول الله ـ عزوجل ـ ومن يقتل مومناً متعمداً فجزاءه جهنم ـ قال من قتل مؤمناً على دينه فذاك المتعمد الذي قال الله عزوجل ـ وأعدّ له عذاباً عظيماً ـ قلت فالرجل يقع بينه وبين الرجل شيء فيضربه بسيفه فيقتله، فقال ليس ذاك المتعمد الذي قال الله عزوجل ولكن يقاد به والدية إن قبلت قلت فله توبة قال نعم يعتق رقبة ويصوم شهرين متتابعين ويطعم ستين مسكيناً ويتوب ويتضرع فأرجو أن يتاب عليه(2). وعدم التوبة إن كان القتل لايمانه لأجل الارتداد.
- (1) الوسائل: أبواب القصاص في النفس، الباب التاسع، ح1.
- (2) الوسائل: أبواب القصاص في النفس، الباب التاسع، ح2 و3.
(الصفحة 339)
مسألة 2 ـ تجب الكفارة المرتبة في قتل الخطاء المحض وقتل الخطاء شبه العمد وهي العتق فإن عجز فصيام شهرين متتابعين فإن عجز فإطعام ستين مسكيناً1 .
1 - وجوب الكفارة المرتبة بالنحو المذكور في المتن في غير قتل العمد من الخطاء أو شبه العمد مما قد صرّح به جماعة والكتاب والسنّة متطابقان على الترتيب وإن كان لم يذكر خصوص الاطعام في الكتاب إلاّ إن النص والفتوى على الثبوت كذلك أي مرتباً ولا بأس بإيراد بعض النصوص الواردة فنقول:
منها رواية أبي المغرا عن أبي عبدالله (عليه السلام) في الرجل يقتل العبد خطأً قال عليه عتق رقبة وصيام شهرين متتابعين وصدقة على ستين مسكيناً قال فإن لم يقدر على الرقبة كان عليه الصيام فإن لم يستطع الصيام فعليه الصدقة(1).
وربما يستظهر من صدر هذه الرواية إنّ ذكر الاُمور الثلاثة في قتل العمد لا يراد به الجمع بل الترتيب، واستظهر من عبارة علي بن إبراهيم المنقولة في الكافي وتقرير صاحب الكافي إيّاه عليه إن المتعمد في القتل لا كفّارة عليه مطلقاً ولعلّه لشدة قبحه وعظم معصيته حتى لا يرجى تداركه بالكفارة وعليه فربما يقال إن لم يثبت إجماع فإثبات كفارة الجمع للقاتل عمداً مطلقاً مشكل وإن إستقر أمرهم على الدية ونجى من القصاص فلا يبعد ثبوت كفارة واحدة عليه.
أقول لا إشكال في إن العطف بالواو يفيد الجمع ولولا ذيل الرواية المزبورة لقلنا بلزوم الجمع في كفارة الخطاء أيضاً إلاّ إن الذيل يبيّن الأمر وإنه على سبيل الترتيب ولم يقع مثل هذا الذيل في روايات قتل العمد أصلا.
- (1) الوسائل: أبواب القصاص في النفس، الباب العاشر، ح4.
(الصفحة 340)
مسألة 3 ـ إنما تجب الكفارة إذا كان القتل بالمباشرة بحيث ينسب إليه بلا تأول لا بالتسبيب كما لو طرح حجراً أو حفر بئراً أو أوتد وتداً في طريق المسلمين فعثر عاثر فهلك فإن فيه الضمان كما مرّ وليس فيه الكفارة1 .
هذا وقد عرفت إن قتل المؤمن عمداً إن كان لايمانه فهو إرتداد ولا توبة له كما في الرواية السابقة وهو غير مشمول للعبارات أصلا وأمّا إذا كان لغضب أو لسبب من الاُمور الدنيوية فهو الموضوع للبحث ويجب فيه كفارة الجمع نعم في زماننا هذا حيث لا يكون الجزء الأول من الكفارة وهو عتق نسمة بمقدور أو يكون ممكناً في كمال العسر والحرج ينتقل إلى الأمرين الآخرين الصيام والاطعام كما لا يخفى.
1 - قد صرّح العلاّمة والشهيدان وغيرهم في المحكي عنهم بأن وجوب الكفارة في قتل العمد وغيره إنما هو إذا كان القتل بالمباشرة بحيث ينسب إليه بلا تأول لا بالتسبيب كما في الأمثلة المذكورة في المتن فإنه في صورة التسبيب وإن كان الضمان ثابتاً كما عرفت لكنه ليست فيه الكفارة خلافاً للشافعي على ما حكي عنه في كشف اللثام وما في محكي الرياض من المناقشة في ذلك والسرّ إن أدلة الضمان من النصوص والاجماع شاملة لصورة التسبيب وأمّا أدلة الكفارة فلا وقد عرفت ظهور بعض الكلمات في إن القتل عمداً لا يكون فيه الكفارة بوجه وكيف كان ظاهر غير واحد عدم الخلاف فيه بيننا فلا محيص عن الأخذ به كما لا يخفى.
(الصفحة 341)
مسألة 4 ـ تجب الكفارة بقتل المسلم ذكراً كان أو اُنثى صبياً أو مجنوناً محكومين بالاسلام بل بقتل الجنين إذا ولجه الروح1 .
مسألة 5 ـ لا تجب الكفارة بقتل الكافر حربياً كان أو ذمّياً أو معاهداً عن عمد كان أو لا2 .
مسألة 6 ـ لو إشترك جماعة في قتل واحد عمداً أو خطاءً فعلى كل واحد منهم كفّارة3 .
1 - حيث إن وجوب الكفارة على خلاف الأصل والقاعدة فاللازم الاقتصار على موارد قيام الدليل على الوجوب وهو ما إذا كان المقتول مسلماً من دون فرق بين الذكر والانثى وبين البالغ العاقل والصبي والمجنون إذا كانا محكومين بالاسلام بل تثبت الكفارة بقتل الجنين المسلم مع ولوج الروح فيه حتى يصدق القتل في حقّه وإن كان ظاهر المحكي عن التحرير التقييد بعدم ولوج الروح لكنه في غير محله ويحتمل فيه الاشتباه والسهو كما لا يخفى.
2 - قد ذكرنا إختصاص وجوب الكفارة بما إذا كان المقتول مسلماً وأمّا إذا لم يكن مسلماً بل كافراً لا يجب على القاتل الكفارة من دون فرق بين أقسام الكافر وكذا بين أنواع القتل كما ذكره الماتن (قدس سره).
3 - قد نفى وجدان الخلاف فيه في الجواهر بل قال الاجماع بقسميه عليه وقد خالف فيه الشافعي فلم يوجب التعدد والسرّ فيما ذكرنا صدق عنوان القاتل على كل واحد منهم فيجب عليه الكفارة من دون فرق بين العمد والخطاء بالمعنى الأعم