(الصفحة 48)
فيدل عليه مضافاً إلى عدم وجدان خلاف معتد به بل في محكي الخلاف والانتصار والغنية وكنز العرفان الاجماع عليه، الروايات المستفيضة.
مثل صحيحة ليث المرادي قال سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن دية النصراني واليهودي والمجوسي فقال ديتهم جميعاً سواء ثمانمائة درهم ثمانمائة درهم(1).
وموثقة سماعة بن مهران عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال بعث النبي (صلى الله عليه وآله) خالد بن الوليد إلى البحرين فأصاب بها دماء قوم من اليهود والنصارى والمجوس فكتب إلى النبي (صلى الله عليه وآله) إني أصبت دماء قوم من اليهود والنصارى فوديتهم ثمانمائة درهم ثمانمائة وأصبت دماء قوم من المجوس ولم تكن عهدت إليّ فيهم عهداً فكتب إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) إن ديتهم مثل دية اليهود والنصارى وقال إنهم أهل الكتاب(2).
ومنها الروايات المتقدمة الدالة على إن دية ولد الزنا مثل دية اليهودي والنصراني والمجوسي ثمانمائة درهم.
ومنها غير ذلك من الروايات الدالة على هذه الجهة.
هذا وذكر المحقق في الشرائع بعد الحكم بما ذكر وفي بعض الروايات إن دية اليهودي والنصراني والمجوسي دية المسلم وفي بعضها دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف درهم وأشار بالطائفة الاُولى إلى رواية أبان بن تغلب عن أبي عبدالله (عليه السلام)قال دية اليهودي والنصراني والمجوسي دية المسلم(3).
- (1) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الثالث عشر، ح5.
- (2) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الثالث عشر، ح7.
- (3) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الرابع عشر، ح2.
(الصفحة 49)
ورواية زرارة عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال من أعطاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذمّة فديته كاملة قال زرارة فهؤلاء قال أبو عبدالله (عليه السلام) وهؤلاء من أعطاهم ذمة(1).
أشار بالطائفة الثانية إلى رواية أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف درهم ودية المجوسي ثمانمائة درهم وقال أيضاً إن للمجوس كتاباً يقال له جاماس(2).
ثم إنه ذكر المحقق عقيب العبارة المتقدمة والشيخ (رحمه الله) نزّلهما ـ أي الطائفتين الأخيرتين ـ على من يعتاد قتلهم فيغلظ الامام الدية بما يراه من ذلك حسماً للجرأة.
ثم إن العامة بعد مخالفتهم بأجمعم في اليهود والنصراني إختلفوا على أربعة أقوال فمن قائل بأن ديته ثلث دية المسلم وقائل نصفها وقائل تمامها وقائل كذلك إن كان عمداً وإن كان خطاءً نصفها نعم عن الشافعي ومالك موافقتنا في المجوس بل عن الشيخ في الخلاف إن الصحابة مجمعون على إن دية المجوسي ثمانمائة درهم، وعن المبسوط وكنز العرفان نفي الخلاف في ذلك.
ثم إن صاحب الجواهر (قدس سره) نفى البأس عن حمل الطائفتين على التقية لأن الاُولى موافقة لبعض أقوال العامة والثانية أيضاً كذلك بناء على إن الدية إثنا عشر ألف من جهة إختلاف الوزن فتكون حينئذ الأربعة ثلث الدية هذا ولكن الظاهر لزوم الأخذ بالروايات المطابقة للاجماع المدعى أو لفتوى المشهور على الأقل لما ذكرناه غير مرة من أن أوّل المرجحات على ما يقتضيه التحقيق في مفاد مقبولة ابن حنظلة هي
- (1) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الرابع عشر، ح3.
- (2) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الرابع عشر، ح4.
(الصفحة 50)
مسألة 31 ـ لا دية لغير أهل الذمة من الكفار سواء كانوا ذوي عهد أم لا وسواء بلغتهم الدعوة أم لا بل الظاهر أن لا دية للذمي لو خرج عن الذمة، وكذا لا دية لو إرتد عن دينه إلى غير أهل الذمة، ولو خرج ذمي من دينه إلى دين ذمي آخر ففي ثبوتها إشكال وإن لا يبعد ذلك1 .
الشهرة في الفتوى الموافقة لتلك الروايات وأمّا الحمل على التقية فهو متأخر عن الشهرة الفتوائية على ماقرّر في محله من علم الاُصول.
هذا كلّه بالاضافة إلى القتل وأمّا دية الأعضاء والجراحات فهي كدية أعضاء المسلم وجراحاته من ديته من النصف وغيره والظاهر إن دية الرجل منهم والمرأة في الأعضاء تتساوى ما لم تبلغ الثلث أو تتجاوز عنه فتدخل دية المرأة منهم في هذه المسألة المتقدمة التي فصلنا القول فيها سابقاً وفي الختام نفي البعد في المتن عن التغليظ عليهم بما يغلظ به على المسلم والوجه فيه ثبوت التكليف بالاضافة إليهم وغيرهم على حدّ سواء فإذا تحقق القتل في أشهر الحرم الأربعة أو في حرم مكة المعظمة أو غيرهما من موارد التغليظ لا دليل على خروجهم عن هذه الجهة أصلا كما لا يخفى.
1 - قال المحقق في الشرائع ولا دية لغير أهل الذمة من الكفار ذوي عهد كانوا أو أهل حرب بلغتهم الدعوة أو لم تبلغ. وحكي عن الخلاف من قتل من لم تبلغه الدعوة لم يجب عليه القود بلا خلاف وعندنا أيضاً لا يجب عليه الدية.
ويدل على عدم وجوب الدية موثقة إسماعيل بن الفضل قال سألت أبا عبدالله (عليه السلام)عن دماء المجوس واليهود والنصارى هل عليهم وعلى من قتلهم شيء إذا غشوا
(الصفحة 51)
المسلمين وأظهروا العداوة لهم والغش قال لا إلاّ أن يكون متعوداً لقتلهم(1).
ومثل هذه الرّواية شاهدة على إن المراد من الطوائف الثلاثة المتقدمة هو خصوص الذمي منهم بل ربما كان في بعض نصوص دية أهل الذمة إشعار بالاختصاص. نعم يبقى الكلام بعد ظهور أنه لا دية للذمي لو خرج عن الذمة أو إرتد عن دينه إلى غير أهل الذمة فيما لو خرج ذمي عن دينه إلى دين ذمي آخر كما لو صار يهودي نصرانياً مع عدم الخروج عن الذمة ولا يبعد فيه الثبوت بعد إتصافه حال القتل بكونه ذمّياً فتدبر.
- (1) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب السادس عشر، ح1.
(الصفحة 52)