(الصفحة 71)
مسألة 15 ـ إذا إصطدم حرّان بالغان عاقلان فماتا فإن قصدا القتل فهو عمد وإن لم يقصدا ذلك ولم يكن الفعل مما يقتل غالباً فهو شبيه العمد يكون لورثة كل منهما نصف ديته ويسقط النصف الآخر ويستوي فيهما الراجلان والفارسان والفارس والراجل وعلى كل واحد منهما نصف قيمة مركوب الآخر لو تلف بالتصادم من غير فرق بين إتحاد جنس المركوب وإختلافه وإن تفاوتا في القوة والضعف، ومن غير فرق بين شدة حركة أحدهما دون الآخر أو تساويهما في ذلك إذا صدق التصادم نعم لو كان أحدهما قليل الحركة بحيث لا يصدق التصادم بل يقال صدمه الآخر فلا ضمان على المصدوم فلو صادمت سيارة صغيرة مع سيارة كبيرة فالحكم كما ذكر فيقع التقاص في الدية والقيمة ويرجع صاحب الفضل إن كان على تركة الآخر1 .
صدمه بسبب المرور نعم لو كان الصادم قاصداً لذلك وله مندوحة فدمه هدر وعليه ضمان المصدوم وكيف كان لابد من صحة الاسناد إليه وصدور القتل منه ولو لم يكن مقصوداً بأن كان الشارع طريقاً واسعاً أو ضيقاً ولكن له مندوحة وطريق آخر يمكن له الذهاب منه ولا فرق بينه وبين الطريق الأول نظير من وضع الحجر في الطريق فعثر به إنسان فمات كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى وإلاّ فلو فرض ضيق الشارع وتحقق الصدم بلا قصد لا له ولا للقتل فالمصدوم ضامن لدية نفسه لعدم الاستناد حينئذ إلى الصادم بل إلى المصدوم نفسه فالملاك في جميع الموارد ـ فيما لم يقم دليل على الخلاف ـ هي رعاية القاعدة الكلية والضابطة الحاكمة بالاضافة إلى
(الصفحة 72)
أقسام القتل وأحكامها فلاحظ وتدبر.
1 - أمّا ثبوت القود المسبب عن قتل العمد فلأن المفروض في مورده قصدهما القتل أو قصد أحدهما إيّاه وقد مر في كتاب القصاص إنه يمكن لولي المقتول الاستيفاء كما أنه يمكن له العفو مع الدية أو مطلقاً وأمّا في صورة عدم قصد القتل وعدم كون الفعل مما يقتل غالباً فهو شبيه العمد يجري عليه حكمه وفي المقام يكون لورثة كل منهما نصف الدية ويسقط النصف الآخر لأن كل واحد تلف بفعل نفسه وفعل غيره وحينئذ إن كانا متساويين في الدية سقط ما في ذمة كل منهما بما يقابله في ذمة الآخر وإن كانا مختلفين كما إذا كان أحدهما رجلا والآخر امرأة أو كان أحدهما مسلماً والآخر كافراً رجع ورثة صاحب الفضل إلى تركة الآخر ويأخذون الفضل منهما لكن هذا كله مشروط بتحقق عنوان الاصطدام والتصادم بأن كان من الطرفين من دون فرق بين الموارد المذكورة في المتن وأما بدون صدق عنوان التصادم بل تحقق الصادم والمصدوم فالحكم فيه ما مرّ في المسألة السابقة كما إنه في زماننا هذا الذي يكون المركوب نوعاً سيارة لا حيواناً يتحقق هذا الحكم بالنسبة إلى سيارتين وإن كانت إحديهما صغيرة والاُخرى كبيرة فمع صدق عنوان التصادم يكون الحكم ما ذكر ولا فرق بينهما وبين الحيوانين المركوبين أصلا كما إن الحكم في السفينتين أيضاً ما ذكرنا إذا كان بنحو الاصطدام فتدبر.
(الصفحة 73)
مسألة 16 ـ لو لم يتعمّد الاصطدام بأن كان الطريق مظلماً أو كانا غافلين أو أعميين فنصف دية كل منهما على عاقلة الآخر وكذا لو كان المصطدمان صبيين أو مجنونين أو أحدهما صبيّاً والآخر مجنوناً لو كان الركوب منهما أو من وليهما فيمـا إذا كان سائغاً له ولو أركبهما أجنبي أو الولي في غير مورد الجواز أي مورد المفسدة فدية كل منهما تماماً على الذي ركبَّهما وكذا قيمة دابتهما لو تلفتا1 .
1 - إذا كان الطريق مظلماً أو كان المصطدمان غافلين أو أعميين وبطبيعة الحال نوعاً لا يكون هناك تعمد الاصطدام يكون القتل خطاء واللازم أن يكون نصف دية كل منهما على عاقلة الآخر لما عرفت من عدم كون التلف بالتمام مستنداً إلى الآخر بل إلى نفس التالف فالثابت نصف الدية لاتمامها وقد ظهر مما ذكرنا في كتاب القصاص إن الشركة تتحقق بمجردها لا بمقدارها فلو ضرب أحد واحدة وآخر أزيد من واحدة وتحقق الموت بالمجموع لا يكون هناك إلاّ التنصيف كما مرّ وكذلك لو كان المصطدمان صبيين أو مجنونين أو أحدهما صبيّاً والآخر مجنوناً فإن أصل الدية في جميع ذلك على العاقلة لأن عمد الصبي وكذا المجنون خطاء فاللازم في المقام النصف.
نعم ذلك إنما هو فيما إذا كان الركوب منهما أو من وليهما فيما إذا كان سائغاً له وهو غير مورد المفسدة وأمّا لو أركبهما أجنبي أو الولي فيما إذا لم يكن سائغاً له وهو مورد المفسدة فالذي أفاده في المتن إن دية كل منهما تماماً على الذي ركبّهما وكذا قيمة دابتهما لو تلفتا والوجه فيه إستناد القتل والاتلاف إليهما والمفروض عدم وجود
(الصفحة 74)
مسألة 17 ـ لو إصطدم حرّان فمات أحدهما وكان القتل شبيه عمد يضمن الحيّ نصف دية التالف وفي رواية يضمن الباقي تمام دية الميت وفيها ضعف، ولو تصادم حاملان فأسقطتا وماتتا سقط نصف دية كل واحدة منهما وثبت النصف وثبت في مالهما نصف دية الجنين مع كون القتل شبيه العمد ولو كان خطاء محضاً فعلى العاقلة1 .
مسوّغ للاركاب فلا محيص عن الدية لأن المفروض عدم قصد القتل ولا كون الآلة مؤثرة في القتل غالباً ومن ناحية اُخرى صحة الاستناد والاضافة فاللازم ضمان كلا الأمرين كما لا يخفى.
1 - لو تحقّق الاصطدام من حرّين بالغين عاقلين بصيرين فمات أحدهما دون الآخر فمقتضى القاعدة مع عدم قصد القتل وعدم كونه مما يقتل نوعاً أن يكون القتل شبيه عمد والحي فقط ضامنٌ لدية التالف أي النصف على العاقلة لكن هناك رواية على خلاف القاعدة تدل على أن الحيّ ضامن لتمام دية الميت وهي ما رواه الكليني عن أحمد بن محمد الكوفي عن إبراهيم بن الحسن عن محمد بن خلف عن موسى بن إبراهيم المروزي (البزوفري) عن أبي الحسن (عليه السلام) قال قضى أمير المؤمنين (عليه السلام)في فرسين إصطدما فمات أحدهما فضمن الباقي دية الميت(1). ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب وبإسناده عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) مثله إلاّ
- (1) الوسائل: أبواب موجبات الضمان، الباب الخامس والعشرون، ح1.
(الصفحة 75)
مسألة 18 ـ لو دعا غيره فأخرجه من منزله ليلا فهو له ضامن حتى يرجع إليه فإن فقد ولم يعلم حاله فهو ضامن لديته، وإن وجد مقتولا وإدعى على غيره وأقام بينة فقد برئ، وإن عدم البينة فعليه الدية ولا قود عليه على الأصح، وكذا لو لم يقر بقتله ولا إدّعاه على غيره، وإن وجد ميتاً فإن علم إنه مات حتف أنفه أو بلدغ حية أو عقرب ولم يحتمل قتله فلا ضمان، ومع إحتمال قتله فعليه الضمان على الأصح1 .
أنه قال في فارسين. وهما المراد من فرسين في الرواية الاُولى بقرينة الذيل ولكن في الرواية ضعف خصوصاً على طريق الكليني باعتبار أكثر رواتها فلا مناص من ردّ علمها إلى أهلها خصوصاً بعد كونها مخالفة للقاعدة من جهة تضمين الباقي مع أن الضامن هي عاقلته وتمام الدية مع إن المضمون هو نصفها.
ثم إنّه لو تصادمت حاملان فأسقطتا وماتتا سقط نصف دية كل واحدة منهما وثبت النصف ويسقطان بالتهاتر القهري وأمّا دية الجنين فالثابت في مالهما نصف دية الجنين مع كون القتل شبيه العمد ولو كان خطاءً محضاً فعلى العاقلة ففي الحقيقة يكون التالف في بعض الفروض أربعة ويمكن تصوير الموارد المشابهة كما إذا إصطدمت امرأتان أحدهما حامل والاُخرى غير حامل فماتتا فإنه حينئذ يكون بالاضافة إلى الجنين نصف ديته على كل واحدة منهما فيما إذا كانتا قاصدتين للاصطدام وعالمتين بالحمل وعلى عاقلتهما في بعض الصور.
1 - من دعى غيره فأخرجه من منزله ليلا فهو له ضامن حتى يرجع إليه ـ أي