(الصفحة 89)
مسألة 8 ـ لو بنى حائطاً في ملكه أو ملك مباح على أساس يثبت مثله عادة فسقط من دون ميل ولا إستهدام بل على خلاف القاعدة كسقوطه بزلزلة ونحوها لا يضمن صاحبه ما تلف به وإن سقط في الطريق أو في ملك الغير وكذا لو بناه مائلا إلى ملكه، ولو بناه مائلا إلى ملك غيره أو إلى الشارع ضمن، وكذا لو بناه في غير ملكه بلا إذن من المالك، ولو بناه في ملكه مستوياً فمال إلى غير ملكه فإن سقط قبل تمكنه من الازالة فلا ضمان، وإن تمكن منها فللضمان وجه، ولو أماله غيره فالضمان عليه إن لم يتمكن المالك من الازالة وإن تمكن فالضمان لا يرفع عن الغير فهل عليه ضمان فيرجع الورثة إليه وهو يرجع إلى المتعدي أو لا ضمان إلاّ على المتعدي؟ لا يبعد الثاني1 .
1 - لو بنى حائطاً في ملكه أو ملك مباح على أساس يثبت مثله عادة ولكنه سقط فللمسألة صور وفروض:
أحدها ما إذا كان مستوياً غير مائل أصلا ولكنه سقط على خلاف القاعدة من دون ميل ولا إستهدام كسقوطه بزلزلة ونحوها فالظاهر عدم تحقق ضمان صاحب الحائط أصلا وإن كان سقط في الطريق أو في ملك الغير.
ثانيها ما إذا لم يكن مستوياً بل مائلا لكنه كان الميل إلى ملكه فإنه حينئذ لا ضمان بوجه.
ثالثها ما إذا كان مائلا إلى ملك غيره أو إلى الشارع فإن الضمان حينئذ متحقق لأنه يدخل في بعض المسائل السابقة التي فيها الضمان وهكذا ما لو كان البناء في غير
(الصفحة 90)
ملكه بلا إستئذان من المالك ووجهه ظاهر.
رابعها ما لو كان البناء في ملكه مستوياً لكنه مال إلى غير ملكه فإن كان السقوط قبل التمكن من الازالة فلا إشكال في عدم الضمان وإن كان بعد التمكن من الازالة فيمكن أن يقال بالضمان لأنه يتحقق الاستناد إليه عرفاً بعد تمكنه من الازالة وعدم فعلها كما لا يخفى.
خامسها ما لو تحقق ميل الحائط والجدار من الغير فإن لم يتمكن المالك من الازالة بوجه فالضمان على الغير بلا إشكال ومع التمكن من الازالة فالضمان لا يرتفع عن الغير بوجه لكن البحث في إنه هل يكون بالخصوص ضامناً أو إن المالك المتمكن من الازالة أيضاً ضامن غاية الأمر إستقرار الضمان على الغير فيرجع الورثة إلى المالك وهو إلى المتعدي لا يبعد الأول بعد فرض الاستناد إلى الغير فقط وإن تمكن المالك من الازالة فتدبر.
(الصفحة 91)
مسألة 9 ـ لو أجّج ناراً في ملكه بمقدار حاجته مع عدم إحتمال التعدي لم يضمن لو إتفق التعدي فأتلف نفساً أو مالا بلا إشكال كما لا إشكال في الضمان لو زاد على مقدار حاجته مع علمه بالتعدي والظاهر ضمانه مع علمه بالتعدي وإن كان بمقدار الحاجة بل الظاهر الضمان لو إقتضت العادة التعدي مع الغفلة عنه فضلا عن عدمها. ولو أجّج زائداً على مقدار حاجته فلو إقتضت العادة عدم التعدي فإتفق بأمر آخر على خلاف العادة ولم يظن التعدي فالظاهر عدم الضمان ولو كان التعدي بسبب فعله ضمن ولوكان التأجيج بقدر الحاجة1 .
1 - لم يرد في هذه المسألة وهو تأجيج النار في الملك رواية دالة على حكم على خلاف القاعدة فاللازم الحكم فيها على طبقها وهو يقتضي عدم ثبوت الضمان بلا إشكال في الفرض الأول الذي إتفق التعدي فأتلفت نفساً أو مالا ولم يكن محتملا بوجه أصلا ضرورة إن أصل التأجيج كان في ملكه وكان بمقدار الحاجة والتعدي غير محتمل بل إتفق على خلاف العادة كما إنه يقتضي الضمان لو كان زائداً على مقدار الحاجة وكان التعدي معلوماً بل الظاهر الضمان مع العلم بالتعدي وإن كان بمقدار الحاجة لأنه بمنزلة إتلاف مال الغير الواقع في ملك المتلف بالكسر.
وأمّا لو كانت العادة مقتضية للتعدي فتارة يكون غير غافل عن التعدي واُخرى يكون غافلا عنه والظاهر الضمان في كلتا الصورتين لأن الغفلة عن التعدي وعدمها مؤثران في الحكم التكليفي الذي هو الجواز وعدمه لا في الحكم الوضعي الذي هو الضمان وعدمه هذا كله فيما لو كان التأجيج بمقدار الحاجة.
(الصفحة 92)
مسألة 10 ـ لو أجّجها في ملك غيره بغير إذنه أو في الشارع لا لمصلحة المارة ضمن ما يتلف بها بوقوعه فيها من النفوس والأموال وإن لم يقصد ذلك نعم لو ألقى آخر مالا أو شخصاً في النار لم يضمن مؤجّجها بل الضمان على الملقي، ولو وقعت الجناية بفعله التوليدي كما أجّجها وسرت إلى محلّ فيه الانفس والأموال يكون ضامناً للأموال وأمّا الأنفس فمع العمد وتعذر الفرار فعليه القصاص ومع شبهه الدية في ماله، ومع الخطاء المحض فعلى العاقلة ثم إنه يأتي في فتح المياه ما ذكرنا في إضرام النار1 .
وأمّا لو كان التأجيج زائداً على مقدار الحاجة فإن كانت العادة مقتضية لعدم التعدي ولكنه إتفق بأمر آخر على خلاف العادة ولم يكن التعدي مظنوناً فضلا عن كونه معلوماً فالظاهر إنه لا وجه للضمان نعم لو كان التعدي بسبب فعله ضمن من دون فرق بين ما لو كان التأجيج زائداً على مقدار الحاجة أو بمقدارها لأن المفروض إن فعله صار سبباً للتعدي وإن لم يعلم به كالنائم إذا أتلف مال الغير فتدبر.
1 - لو كان تأجيج النار في ملك الغير بغير إذنه أو في الشارع بلا لحاظ مصلحة المارة بل لغرض نفسه فالنفوس والأموال التالفة بذلك مضمونة وإن لم يقصد التلف أصلا وهذا من دون فرق بين مقدارها أصلا لدخوله في بعض العناوين السابقة الموجبة للضمان نعم لو ألقى آخر مالا أو شخصاً في النار فتلفا أو أحدهما لا يكون الضمان إلاّ على الملقى ولا يكون المؤجج ضامناً بوجه لأن التلف مستند إلى الالقاء الذي هو فعل الملقي بالمباشرة.
(الصفحة 93)
مسألة 11 ـ لو ألقى فضولات منزله المزلقة كقشور البطيخ في الشارع أو رَش الدرب بالماء على خلاف المتعارف لا لمصلحة المارة فزلق به إنسان ضمن نعم لو وضع المار العاقل متعمداً رجله عليها فالوجه عدم الضمان، ولو تلف به حيوان أو مجنون أو غير مميز ضمن1 .
نعم لو وقعت الجناية بالفعل التوليدي للمؤجج كما لو أجّجها وسرت إلى محل فيه الأنفس والأموال فتلف الجميع فبالنسبة إلى الأموال يكون ضامناً يجب عليه المثل أو القيمة لأن التلف مستند إليه وإن لم يقصده وأمّا بالنسبة إلى الأنفس فإن تعذر الفرار من المحلّ يجري فيه الأقسام الثلاثة في القتل وأحكامها وقد وردت فيه رواية السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي (عليه السلام) إنه قضى في رجل أقبل بنار فأشعلها في دارقوم فاحترقت وإحترق متاعهم قال: يغرم قيمة الدار وما فيها ثم يقتل(1). والأمر بالقتل فيها محمول على القتل العمدي الموجب للقصاص ضرورة أن غيره من أقسام القتل وأنواعه لا يكون موجباً للقصاص كما عرفت وأمّا تغريم قيمة الدار وما فيها فقد عرفت إنه على القاعدة خصوصاً بعد ثبوت القصاص أيضاً ثم إن فتح المياه وحصول التلف بها يأتي فيه جميع الأحكام المذكورة في هذه المسألة وَكذا المسألة السابقة لعدم الفرق بينه وبين إضرام النار وتأجيجها أصلا كما لا يخفى.
1 - أمّا الضمان فيما لو ألقى فضولات منزله الموجبة للزلق كقشور البطيخ أو الخيار أو الموز اَو نحوها في الشارع فلأنه من مصاديق الاضرار بطريق المسلمين وإن لم
- (1) الوسائل: أبواب موجبات الضمان، الباب الواحد والأربعون، ح1.