جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة المیاه
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 257)

مذموماً عند العقلاء مورداً للطعن والحكم عليه بالخروج عن الطريقة العقلائية بل لو صار بصدد الفحص والسؤال عن أنّه هل يكون ولده أو غيره لكان أيضاً كذلك، ولو صار مثل هذا الاحتمال سبباً لترتّب الأثر عليه لانسد باب المعيشة وسائر الأعمال كما هو ظاهر.

وبالجملة فالتكليف الفعلي وإن كان معلوماً إلاّ أنّ في كلّ واحد من الأطراف أمارة عقلائية على عدم كونه هو المحرم الواقعي لأنّ احتماله واقع بين الاحتمالات الكثيرة ـ على حسب كثرة الأطراف ـ المخالفة لذلك الاحتمال، ومع بلوغه إلى هذا الحدّ من الضعف يفرض وجوده كالعدم عند العقلاء بحيث لا يعتنون به أصلاً، فيجوز ارتكاب جميع الأطراف مع ثبوت هذه الامارة العقلائية بالإضافة إلى كلّ واحد منها، نعم لو كان قصده من أوّل الأمر ارتكاب الحرام الواقعي بارتكاب جميع الأطراف وارتكب واحداً منها واتّفقت مصادفته للحرام الواقعي تصحّ العقوبة عليه بلا ارتياب.

ثمّ إنّ المحقتق الحائري(قدس سره) في كتاب «الدرر» بعد توجيهه جواز الارتكاب في الشبهة غير المحصورة بما يرجع إلى ما ذكرنا قال: «ولكن فيما ذكرنا أيضاً تأمّل فإنّ الاطمئنان بعدم الحرام في كلّ واحد واحد بالخصوص كيف يجتمع مع العلم بوجود الحرام بينها وعدم خروجه عنها، وهل يمكن اجتماع العلم بالموجبة الجزئية من الظنّ بالسلب الكلّي».

وأنت خبير بأنّه لو كان متعلّق الاطمئنان هو بعينه متعلّق العلم ـ ولو اختلفا من حيث الإيجاب والسلب ـ يلزم ما ذكر ولكنّه ليس في المقام كذلك فإنّ متعلّق العلم هو وجود الحرام بين مجموع هذه الأطراف التي لا تكون محصورة، ومتعلّق الاطمئنان هو خروج كلّ واحد منها بالقياس إلى غيره وإلاّ فتلزم المنافاة ولو لم

(الصفحة 258)

يكن هناك اطمئنان أصلاً، بل كان مجرّد الاحتمال ضرورة انّه كيف يجتمع العلم مع الاحتمال بل تلزم في الشبهة المحصورة أيضاً فإنّه كيف يجتمع العلم بوجود الحرام بين الانائين مع الشكّ في كلّ واحد منهما أنّه هو الحرام الواقعي لعدم إمكان اجتماع العلم مع الشكّ.

والسرّ ما ذكرنا من اختلاف المتعلّقين وانّ الشكّ إنّما يلاحظ بالقياس إلى الطرف الآخر بمعنى أنّه لا يعلم انّ هذا الاناء الواقع في طرف اليمين ظرف للمحرم الواقعي أو ذلك الاناء الواقع في طرف اليسار، ولاينافي هذا تحقّق العلم بوجود الحرام بينهما بل منشأ الشكّ هو وجود ذلك العلم.

وفيما نحن فيه حيث انّ احتمال وجود الحرام في كلّ واحد من الأطراف بخصوصه ضعيف في الغاية لوقوعه في مقابل احتمالات كثيرة على خلافه، فالاطمئنان بعدم كونه هو المحرم الواقعي إنّما هو لضعف ذلك الاحتمال بالنسبة إلى غيره وهذا لا ينافي وجود العلم بكون الحرام في هذه الأطراف غير المحصورة، غير خارج عنها بل كما عرفت يكون هذا العلم منشأً لتحقّق الاحتمال ولكنّه مع ذلك لا يجوز للمولى الترخيص ولو في ارتكاب بعض الأطراف للزوم المناقضة المذكورة في الشبهة المحصورة.

ثمّ إنّه ممّا ذكرنا ظهر انّ الملاك في بلوغ الشبهة إلى حدّ عدم الحصر واتّصافها بكونها غير محصورة هو أن يكون احتمال وجود الحرام في كلّ واحد من الأطراف ضعيفاً ـ لكثرتها ـ بحيث لا يعتنى به عند العقلاء أصلاً، كما أنّ المنناط في الشبهة المحصورة هو اعتماد العقلاء واعتنائهم على احتمال كون كلّ واحد من الطرفين أو الأطراف هو المحرم الواقعي وترتيب الأثر عليه.

وممّا ذكرنا من وجود الامارة العقلائية في كلّ واحد من أطراف الشبهة غير

(الصفحة 259)

المحصورة ظهر انّ حال أطرافها أوسع من حال الشبهة البدوية أيضاً فإنّه إذا تردّد مائع ـ مثلاً ـ بين كونه ماءً أو لبناً لا يجوز التوضّي بذلك المائع لعدم إحراز الماء المطلق ـ الذي هو شرط في صحّة الوضوء ـ بخلاف ما لو تردّد لبن بين المياه الكثيرة فإنّه يجوز الوضوء بكلّ واحد من الأطراف وإن احتمل كونه لبناً لوجود الامارة العقلائية على الخلاف كما عرفت.

ثمّ إنّ بعض الأعاظم من المعاصرين ذكر في ضابط الشبهة غير المحصورة ـ على ما في التقريرات المنسوبة إليه ـ انّ ضابطها هو أن تبلغ أطراف الشبهة حدّاً لا يمكن عادة جمعها في الاستعمال من أكل أو شرب أو لبس أو نحو ذلك، وهذا يختلف حسب اختلاف المعلوم بالإجمال، فتارة يعلم بنجاسة حبّة من الحنطة في ضمن حقّة منها فهذا لا يكون من الشبهة غير المحصورة لإمكان استعمال الحقة من الحنطة بطحن وخبز وأكل، مع أنّ نسبة الحبّة إلى الحقة تزيد عن نسبة الواحد إلى الألف، واُخرى يعلم بنجاسة إماء من لبن البلد فهذا يكون من الشبهة غير المحصورة ولو كانت أواني البلد لا تبلغ الألف لعدم التمكّن العادي من جمع الأواني في الاستعمال وإن كان المكلّف متمكّناً من آحادها، فليس العبرة بقلّة العدد وكثرته فقط إذ ربّ عدد كثير تكون الشبهة فيه محصورة كالحقة من الحنطة، كما أنّه لا عبرة بعدم التمكّن العادي من جمع الأطراف في الاستعمال فقط إذ ربما لا يتمكّن عادة من ذلك مع كون الشبهة فيه أيضاً محصورة كما لو كان بعض الأطراف في أقصى بلاد المغرب، بل لابدّ في الشبهة غير المحصورة من اجتماع كلا الأمرين وهما كثرة العدد وعدم التمكّن من جمعه في الاستعمال انتهى.

ولا يخفى انّه إن كان المراد بالتمكّن العادي من جمع الأطراف في الاستعمال هو إمكان جمعها دفعة أي في أكل واحد أو شرب واحد أو لبس واحد وهكذا فهذا

(الصفحة 260)

يوجب خروج أكثر الشبهات المحصورة ومنها المثال الذي ذكره لها، وإن كان المراد هو عدم التمكّن من جمعها ولو تدريجاً بحسب مرور الأيّام والدهور ومضي السنين والشهور فلازمه خروج أكثر الشبهات غير المحصورة عن كونها كذلك ودخولها في الشبهة المحصورة فلا محيص عن الالتزام بكون المناط في الحصر وعدمه ما ذكرنا فتدبّر.

ثمّ إنّهم ذكروا لوجوب الاجتناب عن أطراف الشبهة المحصورة شروطاً واعتبروا فيه اُموراً:

منها: تنجّز التكليف بالاجتناب عن الحرام الواقعي على كلّ تقدير بأن يكون كلّ واحد منهما ـ مثلاً ـ بحيث لو علم تفصيلاً بكونه هو المحرم الواقعي لوجب الاجتناب عنه، وامّا لو لم يكن كذلك بأن لم يكلّف به أصلاً كما لو علم بوقوع قطرة من البول في أحد إنائين أحدهما بول أو متنجّس بالبول أو كثير لا ينفعل بالملاقاة لم يجب الاجتناب عن الآخر لعدم العلم بحدوث التكليف بالاجتناب، وكذا لو كان التكليف في أحدهما معلوماً لكن لا على وجه التنجّز بل معلّقاً على تمكّن المكلّف منه، فإنّ ما لا يتمكّن المكلّف من ارتكابه لا يكلّف منجّزاً بالاجتناب عنه كما إذا تردّد النجس بين إنائه وإناء آخر لا دخل للمكلّف فيه أصلاً، فإنّ التكليف بالاجتناب عن الاناء الآخر غير منجز عرفاً وإن كان متمكّناً منه عقلاً ولهذا لا يحسن التكليف المنجّز بما ليس من شأن المكلّف الابتلاء به، نعم يحسن الأمر بالاجتناب عنه مقيّداً بتحقّق الابتلاء.

والحاصل انّ النواهي المطلوب فيها حمل المكلّف على الترك مختصة بحكم العقل والعرف بمن يعد مبتلى بالواقعة المنهي عنها ولذا يعدّ خطاب غيره بالترك مستهجناً، والسرّ في ذلك انّ غير المبتلى تارك للمنهي عنه بنفس عدم الابتلاء فلا حاجة إلى

(الصفحة 261)

نهيه أصلاً فإذا علم بوقوع النجاسة في هذا الإناء أو الاناء الواقع في أقصى بلاد المغرب ـ مثلاً ـ لم يعلم تنجّز التكليف على كلّ تقدير . هذه خلاصة ما أفاده الشيخ الأعظم(قدس سره) في الرسالة.

وذكر المحقّق النائيني(قدس سره) على ما في التقريرات ما حاصله: «انّه لا إشكال في اعتبار القدرة العقلية في كلّ من الأمر والنهي، ويختص الثاني بقيد زائد وهي القدرة العادية على فعل المنهي عنه وتركه، ولا يكفي في صحّة النهي مجرّد القدرة العقلية، فإنّ التكليف المطلق بترك ما يكون منتركاً عادةً يكون كالتكليف المطلق بترك ما يكون منتركاً عقلاً من حيث اللغوية والاستهجان، وإنّما زيد هذا القيد في النواهي دون الأمر لأنّ الأمر بالفعل ليس إلاّ لأجل اشتماله على المصلحة الملزمة، ولا يقبح من المولى التكليف بإيجاد ما اشتمل على المصلحة بأيّ وجه أمكن ولو بتحصيل الأسباب الخارجة عن القدرة العادية مع التمكّن العقلي من تحصيلها، وامّا النهي فلأنّه حيث كان الغرض منه مجرّد عدم حصول ما اشتمل على المفسدة، ومع عدم التمكّن العادي من فعله لا تكاد تحصل المفسدة فلا موجب للنهي عنه بل لا يمكن لاستهجانه عرفاً.

فإن قلت: يلزم على هذا عدم صحّة النهي عن كلّ ما لا يحصل الداعي إلى إيجاده كما لو فرض انّ المكلّف بحسب طبعه لا يميل إلى شرب الخمر أصلاً ولو لم يتعلّق به نهي كما يشاهد نظيره بالنسبة إلى ستر العورة وأمثالها ممّن يأبى عن كشفها ولو لم يكن نهي، وذلك ممّا لا يمكن الالتزام به فإنّ لازمه قصر النواهي على من تنقدح في نفسه إرادة الفعل بل وقصر الأوامر على من لم يكن مريداً للفعل مع قطع النظر عن الأمر أصلاً وهو كما ترى.

قلت: فرق بين عدم القدرة عادة على الفعل وبين عدم الإرادة عادة فإنّ القدرة