الصفحة 221
مسألة 7ـ يجوز الوضوء والشرب وسائر التصرّفات اليسيرة ممّا جرت السيرة عليه من الأنهار الكبيرة من القنوات وغيرها وإن لم يعلم رضا المالكين ، بل وإن كان فيهم الصغار والمجانين ، نعم مع النهي منهم أو من بعضهم يشكل الجواز ، وإذا غصبها غاصب يبقى الجواز لغيره ، دونه1 .
1ـ قد استدل على جواز الوضوء والشرب ومثلهما من التصرّفات اليسيرة من الأنهار الكبيرة وإن لم يعلم رضا المالكين بالخصوص بوجوه :
منها : ما هو المحكي عن المجلسي والكاشاني من انّ ذلك حقّ للمسلمين فيجوز لهم والشاهد له ما ورد من انّ الناس في ثلاثة شرع سواء : الماء والنار والكلاء ولا ينافي ذلك قيام الضرورة على انتفاء الاشتراك في كثير من الموارد فإنّ ذلك من باب التخصيص ، ومع الشكّ يرجع إلى العام المذكور .
ويرد عليه عدم ثبوت الحقّ بوجه والرواية ناظرة إلى ما هو مباح بالأصل قبل عروض التملّك ، وعلى تقدير عدم الظهور لابدّ من حملها على ذلك إذ من البعيد جدّاً أن تكون الموارد التي قامت الضرورة على انتفاء الاشتراك فيها خارجة عن العموم بنحو التخصيص بحيث كان الأصل هو البناء على العموم إلاّ ما خرج بالدليل .
ومنها : ما هو المحكيّ عن العلاّمة والشهيد وغيرهما من شهادة الحال بالرضا . ويرد عليه منع الاطراد كما هو ظاهر .
ومنها : انّ المرجع هي اصالة الإباحة بعد سقوط أدلّة المنع عن التصرّف في مال الغير بلزوم الحرج الشديد لولا ذلك أو بانصرافها عن المقام .
ويرد عليه ـ مضافاً إلى منع لزوم الحرج الشديد في جميع المواردـ انّ لزوم الحرج لا يقتضي جواز التصرّف في مال الغير فإنّه خلاف الامتنان وإنّما يقتضي نفي وجوب الوضوء ، نعم في مثل الشرب لا مانع من دعوى اقتضاء اللزوم جواز
الصفحة 222
التصرّف لا في جميع الموارد بل في بعضها كما لا يخفى ، ودعوى الانصراف ممنوعة .
ومنها وهو العمدة ، جريان السيرة القطعية العملية من المتشرّعة على ذلك وهي متّصلة بزمان المعصوم(عليه السلام) وكاشفة عن رضاه(عليه السلام) بذلك ، ولكن حيث انّ السيرة من الأدلّة اللّبية لابدّ من الاقتصار على المقدار المتيقّن منها وهي صورة الشكّ في رضا المالك ، وامّا مع العلم بعدم الرضا فضلاً عن صورة النهي فالظاهر عدم الجواز لعدم ثبوت السيرة ومنه يظهر انّه لا يجوز للغاصب التصرّف فيه وإن كان يجوز له ذلك قبل الغصب لعدم الدليل على الجواز بالإضافة إليه في مقابل عموم النهي عن التصرف في مال الغير بغير إذنه ، نعم يجوز في صورة الغصب التصرّف لغير الغاصب كما كان قبل الغصب لجريان السيرة بالإضافة إليه من دون فرق بين ما إذا لم يتغيّر المجرى بيد الغاصب وبين ما إذا تغيّر ، وإن كان الجواز في الصورة الاُولى واضح; لأنّ تغيير المجرى لا يوجب تغيّر الحكم بالنظر إلى السيرة ، نعم ينبغي أن يستثنى من غير الغاصب اتباعه من زوجته وأولاده وضيوفه وكلّ من يتصرّف فيها بتبعه فانّهم وإن لم يكونوا غاصبين إلاّ انّ التبعية للغاصب أوجبت الخروج عن مورد السيرة قطعاً أو احتمالاً فلا يجوز التصرّف على كلّ من التقديرين .
وإن شئت فقل في الغاصب وأتباعه : إنّ الظاهر عدم رضا المالك بتصرّف الغاصب ومتابعيه لا لأنّ الغصب هو التصرّف في مال الغير ، ومن المعلوم انّ المالك لا يكاد يرضى بالغصب وإلاّ لا يتحقّق في موضوعه وذلك لما حقّقناه في محلّه من انّ الغصب هو الاستيلاء على مال الغير عدواناً وانّ النسبة بينه وبين عنوان التصرّف في مال الغير الذي نهى عنه في مثل التوقيع هو العموم من وجه لأنّه قد يتحقّق الغصب من دون تصرّف كما انّه قد يتحقّق التصرّف في مال الغير من دون استيلاء عليه فعدم رضا المالك بالغصب لا يلازم عدم رضاه بالتصرّف ثبوتاً ، بل لأنّ
الصفحة 223
الظاهر انّ المالك لا يكون راضياً بتصرّف الغاصب ومن تبعه أصلاً فعدم الجواز يكون مستنداً إلى عدم رضا المالك وقد عرفت انّه مع عدم الرضا لا يجوز لغير الغاصب أيضاً ذلك فتدبّر .
الصفحة 224
مسألة 8ـ لو كان ماء مباح في إناء مغصوب لا يجوز الوضوء منه بالغمس فيه مطلقاً . وامّا بالاغتراف منه فلا يصحّ مع الانحصار به ، ويتعيّن التيمّم ، نعم لو صبّه في الإناء المباح صحّ ، ولو تمكّن من ماء آخر مباح صح بالاغتراف منه وان فعل حراماً من جهة التصرّف في الإناء1 .
1ـ قد تقدّم البحث في هذه المسألة بجميع فروعها في شرح المسألة الاُولى المتقدّمة ولا حاجة إلى الإعادة فراجع .
الصفحة 225
مسألة 9ـ يصحّ الوضوء تحت الخيمة المغصوبة ، بل في البيت المغصوب إذا كانت أرضه مباحة1 .
1ـ لابدّ أوّلاً من ملاحظة انّ الجلوس تحت الخيمة المغصوبة وكذا في البيت المغصوب إذا كانت أرضه مباحة هل يكون محرماً مطلقاً كما هو ظاهر محكي الجواهر نظراً إلى انّه انتفاع بها وهو محرم أو يكون محرماً فيما إذا عدّ تصرّفاً فيها كما في حال الحرّ أو البرد المحتاج إليها كما يظهر من العروة أو لا يكون محرماً أصلاً؟ والظاهر هو الوجه الثالث; لأنّ الجلوس تحتها لا يعدّ من التصرّف فيها بوجه ولو في الحالين المذكورين في العروة; لأنّ الاحتياج لا يوجب تحقّق عنوان التصرّف وهذا كما في الاستضاءة والاصطلاء بنور الغير وناره فإنّ الحاجة إليهما لا توجب صدق التصرّف وإلاّ لا فرق بين صورة الحاجة وعدمها ، فالجلوس لا يكون من مصاديق التصرّف ، بل غايته انّه انتفاع بمال الغير ولا دليل على حرمة الانتفاع بمجرّده إذا لم يكن مصداقاً للتصرّف; لأنّ الموضوع في التوقيع الشريف هو التصرّف ، وإطلاق موثقة سماعة : «لا يحلّ مال امرىء مسلم . . .» ينصرف إليه وإلاّ لكان النظر إليه محرّماً أيضاً مع ضرورة خلافه فإنّه لا يكون محرماً أصلاً وإن كان موجباً للانتفاع والالتذاذ فلا دليل على حرمة الجلوس بوجه .
نعم ذكر في «المستمسك» في توجيه كلام العروة ما محصّله : «انّه إذا كان الانتفاع بمال الغير ذا مالية معتدّ بها عند العقلاء كان مملوكاً للغير فيحرم التصرّف فيه لحرمة التصرّف بملك الغير ولو كان منفعة ولذا يحرّم على مالك العين إذا أجّرها الجلوس فيها بغير إذن المستأجر لأنّه تصرّف في منفعة غيره وإن لم يكن تصرّفاً في عين غيره ، بل كان في عين نفسه ، ومن ذلك يصحّ التفصيل بين صورة الحاجة إلى الخيمة كما في الحالين ، وغيرها اخذ في الاُولى تكون للخيمة منفعة ذات مالية معتدّ
الصفحة 226
بها عند العقلاء فتكون مملوكة لمالك الخيمة فيحرم على غيره الجلوس تحتها ، وفي الثانية لا يكون لها ذلك فلا مانع من الجلوس تحتها ومنه يظهر الفرق بين الأعيان والمنافع فإنّ الأعيان تكون مملوكة وإن لم تكن ذات مالية بخلاف المنافع فإنّها لا تكون مملوكة إلاّ إذا كان لها مالية» .
ويرد عليه انّ تصحيح ماليّة المنفعة والفرق بينهما وبين الأعيان في اختصاص المملوكية فيها بصورة المالية دون الأعيان لا يوجب صدق عنوان التصرّف الذي هو الملاك في المقام ضرورة انّ ثبوت الماليّة يوجب اتّصاف المنفعة بالمملوكية والكلام إنّما هو في الانتفاع منها وانّه هل يوجب التصرّف أم لا؟ وقد عرفت انّ الظاهر عدم تحقّق عنوان التصرّف وامّا حرمة الجلوس في العين المستأجرة على المالك المؤجر فلأنّه تصرّف في المنفعة التي هي مال الغير بمقتضى الإجارة فلا وجه لقياس المقام إليه بعد عدم صدق التصرّف بوجه ، ولا ملازمة بين صدق المالية وحرمة الانتفاع هذا ، مع انّ الفرق بين العين والمنفعة من جهة الملكية والحكم بثبوت الملكية للعين مطلقاً وتوقّفها على ثبوت المالية في المنفعة غير واضح والتحقيق في محلّه .
ثم إنّه لو لم نقل بحرمة الجلوس تحت مثل الخيمة المغصوبة فصحّة الوضوء تحته ظاهرة لا إشكال فيها لكونه واجداً لجميع الجهات المعتبرة في صحّتها ، وامّا إذا قلنا بالحرمة كما حكى عن الجواهر فهل يكون الوضوء تحته باطلاً أم لا؟ الظاهر هو الثاني لعدم اتّحاد ما هو المحرّم من استيفاء المنفعة مع الوضوء فلا موجب للبطلان ، وعلى فرض الاتحاد يبتني على مسألة اجتماع الأمر والنهي كما لا يخفى .
الصفحة 227
مسألة 10ـ لا يجوز الوضوء من حياض المساجد والمدارس ونحوهما في صورة الجهل بكيفية الوقف واحتمال شرط الواقف عدم استعمال غير المصلّين والساكين منها ولو لم يزاحمهم ، نعم إذا جرت السيرة والعادة على وضوء غيرهم منها من غير منع منهم صحّ1 .
1ـ لا إشكال في الحكم جوازاً ومنعاً فيما إذا كانت كيفية الوقف معلومة وأنه إذا كان الوقف عامّاً يجوز للعموم التصرّف بالوضوء وغيره وإذا كان خاصّاً بطائفة معيّنة لا يجوز لغيرهم التصرّف ولو بالوضوء وشبهه .
وامّا إذا كانت الكيفية مجهولة فالظاهر أيضاً انّه لا يجوز التصرّف لغير من يكون موقوفاً عليهم قطعاً; لأنّ منشأ الشكّ في الجواز وعدمه هو الشكّ في كون الوقف عامّاً أو خاصّاً بعد العلم بخروجه عن ملك الواقف وانقطاع سلطنته جزماً ، والأصل الجاري مع هذا الشكّ هو استصحاب عدم الوقف بنحو العموم ولا يعارضه استصحاب عدم الوقف بنحو الخصوص لعدم ترتّب الأثر عليه إلاّ على تقدير إثبات بنحو العموم ومن المعلوم انّه لا يثبت ذلك إلاّ على تقدير القول بالاُصول المثبتة ، ولا مجال للرجوع إلى استصحاب الإذن فيما لو فرض كونه مأذوناً من قبل المالك قبل الوقف لعدم ترتّب الأثر على إذن المالك ولو مع العلم بالبقاء بعد الجزم بانقطاع سلطنته عن العين بجعلها وقفاً ، نعم يمكن أن يقال بجواز الرجوع إلى استصحاب الإباحة المتحقّقة في السابق بإذن المالك لنّه يبتني على القول بجريان القسم الثالث من أقسام استصحاب الكلّي وهو محلّ نظر خصوصاً في مثل هذه الصورة فتدبّر . وعلى تقديره لا مجال لجريانه مع جريان استصحاب عدم الوقف بنحو العموم لأنّه من آثاره وأحكامه ثم إنّه على تقدير تعارض استصحاب عدم الوقف بنحو العموم واستصحاب عدم الوقف بنحو الخصوص لفرض ترتّب الأثر
الصفحة 228
على كليهما فهل يكون المرجع بعد التساقط هو أصالة الحرمة في الأموال أو اصالة الإباحة الثابتة في موارد الشكّ والظاهر هو الثاني; لأنّه لا دليل على الأوّل إلاّ مثل التوقيع المتقدّم والرجوع إليه يتوقّف على إحراز كونه تصرّفاً في مال الغير كما هو ظاهر .
الصفحة 229
مسألة 11ـ الوضوء من آنية الذهب والفضّة كالوضوء من الآنية المغصوبة على الأحوط فيأتي فيها التفصيل المتقدّم ، ولو توضّأ منها جهلاً أو نسياناً ، بل مع الشكّ في كونها منهما صحّ ولو بنحو الرمس أو الاغتراف مع الانحصار1 .
1ـ لا خفاء في انّ الوضوء من آنية الذهب والفضة يكون كالوضوء من الآنية المغصوبة على تقدير ثبوت حرمة التوضّي منهما فيأتي فيه الأحكام المذكورة هناك الثابتة في مورد العلم والالتفات أو الجهل والنسيان فالعمدة في المقام بيان أصل ثبوت الحرمة وعدمه فنقول :
لا خلاف بين الأصحاب في حرمة استعمال أواني الذهب والفضّة في الأكل والشرب وقد حملوا تعبير الشيخ بالكراهة في موضع من كتاب خلافه على الحرمة إنّما الإشكال في حرمة سائر التصرّفات فيهما غير الأكل والشرب والمعروف بينهم أيضاً التعميم بالإضافة إلى جميع الاستعمالات من الوضوء والغسل وتطهير النجاسات وغيرها ممّا يعدّ استعمالاً للآنية ، بل عن بعضهم دعوى الإجماع في المسألة ولكنّه نوقش فيها إمّا بأنّ الاجماع محتمل المدرك وامّا بعدم ثبوته في نفسه ولو لاقتصار بعضهم على خصوص الأكل والشرب وعدم التعرّض لغيرهما ، وكيف كان فقد استدلّ على التعميم :
تارة برواية موسى بن بكر عن أبي الحسن موسى(عليه السلام) قال : آنية الذهب والفضّة متاع الذين لا يوقنون . نظراً إلى أنّ المتاع بمعنى ما ينتفع ويتمتّع به ومنه متاع البيت فالرواية تدلّ على انّ الانتفاع والاستمتاع بآنيتهما حرام لأنّهما متاع الذين لا يوقنون بما يجب الإيقان به ، ومن المعلوم انّ استعمال الآنيتين مطلقاً ولو في الوضوء انتفاع بهما فيكون محرّماً .
وأورد عليه ـ مضافاً إلى ضعف السند بسهل بن زياد وموسى بن بكر على
الصفحة 230
طريق الكليني وخصوص الأخير على رواية البرقيـ بأنّ المتاع وإن كان بمعنى ما ينتفع به إلاّ انّ الانتفاع في كل متاع بحسبه فانّ الانتفاع بالفرش ـ الذي هو أمتعة البيتـ بفرشه وباللباس بلبسه وهكذا ومن الظاهر انّ الانتفاع بالآنيتين إنّما يكون بالأكل والشرب فيهما لأنّ الإناء إنّما يعد لذلك وهما الغاية المطلوبة منه فالانتفاع بالإناء إنّما هو ما باستعماله في خصوص الأكل والشرب فلا تشمل بقيّة الانتفاعات .
ويرد عليه انّ دعوى اختصاص الآنية بخصوص ما أعدّ للأكل والشرب ممنوعة بل الظاهرـ كما سيجيء إن شاء اللهـ شموله للآنية التي تستعمل في مقام الغسل والوضوء كالابريق فلا يبقى مجال لاستفادة الاختصاص من الرواية وإن قلنا بأنّ انتفاع كلّ شيء بحسبه .
وبصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر(عليه السلام) : إنّه نهى عن آنية الذهب والفضّة . وصحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع : سألت الرضا(عليه السلام) عن آنية الذهب والفضّة فكرههما . نظراً إلى انّ النهي والكراهة لا معنى لتعلّقهما بالذوات امّا في النهي فهو ظاهر ، وامّا في الكراهة التي ظاهرها التشريع في مثل المقام فلأنّها أيضاً لا معنى لتعلّقها بالذوات فلابدّ من تقدير شيء من الأفعال ليكون هو المتعلّق للنهي والكراهة وحيث إنّ المقدّر غير معيّن بوجه فلا مناص من تقدير مطلق الاستعمالات .
وقد أورد على الاستدلال بهما بأنّه يحتمل في معناهما وجوه واحتمالات :
أحدها : انّ المقدّر هو الأكل والشرب فحسب; لأنّ النهي عن كلّ شيء إنّما هو بحسب الأثر المرغوب منه والأثر المرغوب منه في الآنية هو الأكل والشرب منها .
ثانيها : انّ المقدّر هو مطلق الاستعمال الذي هو أعمّ من الأكل والشرب ، ويقع
الصفحة 231
الكلام على هذا التقدير في انّ المحرّم هو نفس تلك الاستعمالات أو انّه أعمّ منها ومن الأفعال المترتّبة عليها ، وعلى الأوّل لا بأس بالتوضؤ من أواني الذهب والفضّة لأنّ المحرّم على ذلك هو استعمالهما أعني تناول الماء منهما ، وامّا صرفه بعد ذلك في شيء من الغسل أو الوضوء فلا يعدّ استعمالاً للآنية ، وحرمة الأكل والشرب منهما بعد تناول الطعام أو الشراب منهما لقيام الدليل عليها لا لأنّهما استعمال للإناء .
ثالثها : انّ المقدّر هو الانتفاع سواء كان بالاستعمال أو بغيره كالتزيين وإلى هذا ذهب صاحب الجواهر ، وعليه لا يبقى دليل على حرمة اقتنائهما وإدّخارهما لعدم كونه انتفاعاً بهما بوجه .
رابعها : انّ المقدّر مطلق الفعل المتعلّق بهما سواء عدّ استعمالاً لهما أم لم يعدّ وسواء كان انتفاعاً بهما أم لم يكن كالاقتناء لأنّ حفظها من الضياع أيضاً فعل متعلّق بهما فيحرم .
والأظهر هو الأوّل لأنّ مناسبة الحكم والموضوع تقتضي أن يكون المقدّر في كلّ مورد ما يناسب ذلك المورد والمناسب للآنية هو الأكل والشرب فالمقدّر في النهي خصوص الأكل والشرب دون سائر الاستعمالات ومع التنازل فالظاهر هو الاحتمال الثاني ثم الثالث والرابع لا يمكن تتميمه بدليل .
وقد ظهر لك ممّا أوردنا على الجواب على الاستدلال بالرواية الاُولى الايراد على الجواب عن الاستدلال بهاتين الروايتين أيضاً وانّ الظاهر شمول الآنية للآنية المستعملة في الوضوء والغسل كالابريق ونحوه وإن قلنا بأنّ انتفاع كلّ شيء بحسبه ، نعم لو استعمل الآنية المعدّة للأكل والشرب والوضوء وشبهه يشكل الحكم بالحرمة إلاّ انّ هذا الإشكال كالإشكال في استعمال الآنية غير المعدّة لهما فيها
الصفحة 232
وسيأتي البحث عن ذلكـ إن شاء الله تعالىـ .
الصفحة 233
مسألة 12ـ إذا شكّ في وجود الحاجب قبل الشروع في الوضوء أو في الأثناء لا يجب الفحص إلاّ إذا كان منشأ عقلائي لاحتماله وحينئذ يجب حتّى يطمئن بعدمه ، وكذا يجب فيما إذا كان مسبوقاً بوجوده ، ولو شكّ بعد الفراغ في انّه كان موجوداً أم لا بنى على عدمه وصحّة وضوئه ، وكذا إذا كان موجوداً وكان ملتفتاً حال الوضوء أو احتمل الالتفات وشكّ بعده في انّه أزاله أو أوصل الماء تحته أم لا بنى على صحّته ، وكذا إذا علم بوجود الحاجب وشكّ في انّه كان موجوداً حال الوضوء أو طرء بعده ، نعم لو علم بوجود شيء في حال الوضوء ممّا يمكن أن لا يصل الماء تحته وقد يصل وقد لا يصل كالخاتم وقد علم انّه لم يكن ملتفتاً إليه حين الغسل أو علم انّه لم يحرّكه ومع ذلك شكّ في انّه وصل الماء تحته من باب الاتّفاق أم لا يشكل الحكم بالصحّة ، بل الظاهر وجوب الإعادة1 .
1ـ في هذه المسألة فروع :
الأوّل : ما إذا شكّ ف ي وجود الحاجب قبل الشروع في الوضوء أو في الأثناء وحكمه انّه يجب الفحص عنه في خصوص ما إذا كان لاحتماله منشأ عقلائي حتى يطمئن بعدمه امّا وجوب الفحص عنه في هذه الصورة فقد تقدّم الكلام فيه مفصّلاً في المسألة العاشرة من مسائل واجبات الوضوا فراجع ، وامّا كفاية الفحص إلى حصول الاطمئنان بالعدم فلما عرفت غير مرّة من انّ الاطمئنان علم عرفي عقلائي ويكفي حصوله في الآثار المترتّبة على العلم .
ولو كان الحاجب في هذا الفرع مسبوقاً بالوجود يجب الفحص عنه مطلقاً ولو لم يكن لاحتماله منشأ عقلائي لأنّ مقتضى الاستصحاب بقائه ولا يتوقّف جريان استصحاب بقاء المانع على القول بحجّية الاُصول المثبتة كما قد قرّر في محلّه .
الصفحة 234
الثاني : ما إذا شكّ بعد الفراغ في انّه ك ان موجوداً حال الوضوء أم لا وحكمه البناء على العدم وصحّة الوضوء والدليل عليه قاعدة الفراغ والتجاوز الجارية في الوضوء بمقتضى الروايات الكثيرة الدالّة عليها والقدر المتيقّن من موردها هو الشكّ في وجود الحاجب حال الاشتغال بالوضوء .
الثالث : ما إذا كان الحاجب موجوداً حال الوضوء قطعاً وشكّ بعده في أنّه أزاله أوصل الماء تحته مع العلم بالإلتفات حال الوضوء أو احتماله وحكمه أيضاً البناء على الصحّة وانّه أزاله أو أوصل الماء تحته وذلك لشمول قاعدة الفراغ لهذا الفرض وعدم اختصاصها بما عرفت انّه القدر المتيقّن منها .
الرابع : ما إذا علم بوجود الحاجب وشكّ في انّه كان موجوداً حال الوضوء أو عرض بعده والوجه فيه هو الوجه في الفرض السابق .
الخامس : الفرع الأخير المذكور في المتن والوجه في اشكال الحكم بالصحّة ، بل استظهار وجوب الإعادة عدم شمول التعليل المذكور في بعض روايات القاعدة لهذا الفراغ فإنّ قوله(عليه السلام) هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشكّ إنّما يقتضي حصر جريان القاعدة بما إذا كانت الأذكرية حال العمل والاشتغال به متحقّقة مع انّ المفروض في هذا الفرع عدم ثبوت الأذكرية بوجه لأنّه يعلم بوجود الخاتم وانّه لم يحرّكه حال العمل ، غاية الأمر انّه يحتمل وصول الماء تحته لأنّه قد يصل مع عدم التحريك إليه ففي الحقيقة لا تكون صورة العمل مغفولة بوجه بل منشأ الاحتمال إنّما هو مجرّد المصادفة وعليه فلا يشمله التعليل المذكور في مثل هذه الروايات ، بل الظاهر الرجوع إلى قاعدة الاشتغال الحاكمة بلزوم إحراز وصول الماء تحت الخاتم كما لا يخفى .
الصفحة 235
مسألة 13ـ لو كان بعض محالّ الوضوء نجساً فتوضّأ وشكّ بعده في انّه طهره قبل الوضوء أم لا ، يحكم بصحّته لكن يبني على بقاء نجاسة المحلّ فيجب غسله للأعمال الآتية ، نعم لو علم بعدم التفاته حال الوضوء تجب الإعادة على الظاهر .
ومنها المباشرة اختياراً ، ومع الاضطرار جاز بل وجب الاستنابة فيوضؤه الغير وينوي هو الوضوء وإن كان الأحوط نيّة الغير أيضاً ، وفي المسح لابدّ أن يكون بيد المنوب عنه وإمرار النائب ، وإن لم يمكن أخذ الرطوبة التي في يده ومسح بها ، والأحوط مع ذلك ضمّ التيمّم لو أمكن1 .
1ـ امّا الحكم بالصحّة في الفرض الأوّل فلجريان قاعدة الفراغ المتقدّمة الحاكمة بصحّة الوضوء مع احتمال التطهير قبل الوضوء واحتمال الالتفات أو القطع به ولكن القاعدة تقتضي الحكم بصحّة الوضوء بمجرّدها وان استصحاب النجاسة لا يوجب البطلان مع احتمال الزوال بالتطهير ، وامّا طهارة المحلّ فلا دلالة للقاعدة عليها ، فلابدّ من تحصيلها للأعمال الآتية لعدم إحرازها بوجه .
وامّا وجوب الإعادة فيما لو علم بعدم الالتفات حال الوضوء فلعدم جريانها في صورة العلم بعدم الإلتفات بل يكون مقتضى الاستصحاب بقائه على النجاسة ولبطلان الوضوء الموجب للإعادة .
وامّا اعتبار المباشرة فقد استدلّ عليهـ مضافاً إلى الإجماعات المستفيضة المحكية عن الانتصار والذكرى وظاهر المعتبر والمنتهى القائمة على عدم جواز التولية في الوضوء بعد استظهار كون المراد من الحرمة في معقدها هو الحرمة الوضعية لا التكليفيةـ بأنّه مخاطب بفعله وظاهر الخطاب وجوب إيجاد المكلّف الفعل المأمور به بنفسه لا بالتسبيب ، ولا يجوز رفع اليد عمّا هو ظاهر الخطاب إلاّ بقرينة داخلية
الصفحة 236
كما لو طلب منه فعلاً ليس من شأنه صدوره من شخص الفاعل عادة إلاّ بالتسبيب مثل ما لو كلّفه ببناء المساجد وحفر الآبار والأنهار أو بقرينة خارجيّة كمال و علم من الخارج انّ مقصود الآمر ليس إلاّ مجرّد حصول متعلّق الأمر في الخراج كما في الواجبات التوصلية فالفرق بينها وبين الأوامر التعبّدية لا يرجع إلى أن قيد المباشرة غير مراد من مدلول الخطاب فيها ، بل يرجع إلى أن العقل بعد أن أدرك انّ الغرض ليس إلاّ حصول المتعلّق في الخارج يعمّم موضوع الواجب الواقعي بحيث يعمّ كلّ ما يحصل به غرض المولى وهذا بخلاف التعبّديات فإنّه لا يجوز فيها مخالفة ظاهر الطلب اخلاّ بعد ورود دليل خاص على انّ المقصود يحصل بإيجاد الفعل مطلقاً أو دلالة نفس الطلب عليه أحياناً كما في أمر الشارع ببناء المساجد .
وربّما يستدلّ له بقوله تعالى : (وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)(1) ولكن أورد عليه بأنّ ظاهر الآية بشهادة سياقها بملاحظة صدرها وهو قوله تعالى : (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحاً) إرادة الإخلاص في العبادة وأن لا يكون مشركاً في عبادة ربّه بأن يجعل غير الله تعالى شريكاً له في المعبوديّة وقد ورد في تفسيرها ما يدلّ على هذا المعنى ففي رواية جرّاح المدائني الواردة في تفسير الآية عن أبي عبدالله(عليه السلام) الرجل يعمل شيئاً من الثواب لا يطلب به وجه الله تعالى إنّما يطلب تزكية النفس يشتهي أن يسمع به الناس فهذا الذي أشرك بعبادة ربّه ، وعن عليّ بن إبراهيم في تفسيره قال : في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر(عليه السلام) قال : سُئل رسول الله(صلى الله عليه وآله) عن تفسير قوله الله عزّوجلّ : (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحاً) فقال : من صلّى مراءاة فهو مشرك إلى أن قال : من عمل عملاً ممّا أمر
(1) سورة الكهف آية 110 .
الصفحة 237
الله به مراءاة للناس فهو مشرك ولا يقبل الله عمل مراء ، وعليه فالظاهر عدم ارتباط الآية بالمقام لكن هنا روايات متعدّدة واردة في الاستعانة دالّة على المنع عنها مستدلاًّ بقوله تعالى : (وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) مثل ما رواه المفيد في الإرشاد قال : دخل الرضا يوماً والمأمون يتوضّأ للصلاة والغلام يصبّ على يده الماء فقال : لا تشرك يا أمير المؤمنين بعبادة ربّك أحداً . وغيره من الروايات .
ولكن ظهور أكثرها في الكراهة ولزوم حمل ما ظاهره الحرمة عليها كرواية الإرشاد لعدم حرمة الاستعانة في مقدّمات الوضوء كصبّ الماء على اليد وغيره لا تكليفاً ولا وضعاً يمنع عن الاستدلال بالآية الظاهرة في الحرمة في نفسها وللمناسبة بين الموضوع والحكم فلا مجال لرفع اليد عن ظاهرها وهو الإشراك في المعبودية لا في الإتيان بالعبادة خصوصاً مع تأيّده بالروايتين المتقدّمتين الواردتين في تفسيرها ، مع انّه لو سلم كون ظاهرها ذلك فغاية مفادها النهي عن المشاركة مع الغير في عبادة الله وهذا يتحقّق فيما لو صدر العمل من كلّ من الشريكين بعنوان العبادة كما لو اشتركا في بناء مسجد قربة إلى الله تعالى ، وأمّا لو استقل أحدهما ببناء المسجد كذلك وأعانه الآخر لكونه أجيراً له وأتى بالعمل بقصد استيفاء الاُجرة أو ما هو بمنزلتها لا للتقرّب إلى الله تعالى فلا يصدقـ حينئذـ أنّه أشرك بعبادة ربّه أحداً وما نحن فيه من هذا القبيل .
وكيف كان فالإجماعات المحكية المستفيضة والدليل المتقدّم يكفيان للدلالة على اعتبار المباشرة ، نعم يمكن أن يورد على الدليل المتقدّم بأنّ مقتضى عمومات أدلّة النيابة وحكومتها على ما دلّ على وجوب إيجاد الفعل على المكلّف مباشرة عدم اعتبار المباشرة وجواز الاستنابة ولأجله يصحّ القول بأنّ الأصل في العبادات قبولها للنيابة .
الصفحة 238
والجواب عنه ـ مضافاً إلى انّ شمول العموم فرع إمكان صدور الفعل المأمور به من النائب حتّى يعقل إمضائه شرعاً بعمومات الوكالة وهو موقوف على عدم كون المباشرة قيداً في المأمور به وهو خلاف ظواهر الأدلّة ، وإلاّ لكان اللاّزم الالتزام بصحّة وضوء النائب والاكتفاء به بأن يتوضّأ النائب مكان المنوب عنهـ ان المباشرة إنّما هي في مقابل التسبيب دون الاستنابة والفرق بينهما انّ موضوع الوجوب فيما يجوز فيه التسبيب هو مطلق الفعل الصادر من الشخص مباشرة أو تسبيباً فلا يعتبر في حصول الامتثال فيه إلاّ قصد المكلّف ، وامّا المباشر فهو بمنزلة الآلة فيجوز أن يكون صبيّاً أو مجنوناً أو كافراً ، وامّا موضوع الوجوب في العبادات القابلة للنيابة فليس إلاّ الفعل الصادر من نفس المكلّف ، وإنّما دلّ الدليل الخارجي على جواز تنزيل الغير نفسه منزلة المكلّف في امتثال الأمر المتعلّق به والقيام بوظيفته ، فالمتصدّي للنيّة إنّما هو النائب بعد تنزيل نفسه منزلة المنوب عنه لا المكلّف فالدليل الدالّ على جواز النيابة حاكم على ما دلّ على وجوب إيجاد الفعل على المكلّف مباشرة بمعنى انّه يدلّ على جواز تنزيل غير المكلّف نفسه منزلة المكلّف في إيجاد ما يجب عليه إيجاده بالمباشرة ولكنّك خبير بأنّ جواز الاستنابة بالمعنى المذكور أمر لا يفي بإثباته العمومات الدالّة على صحّة عقد الوكالة حتّى يدّعى حكومتها على ظواهر الأدلّة ، بل الظواهر حاكمة عليها كما لا يخفى .
ثمّ إنّه قد ظهر ممّا ذكرنا انّ المباشرة المعتبرة هي المباشرة في نفس أفعال الوضوء ، وامّا المباشرة في مقدّمات الأفعال فلا دلالة على اعتبارها سواء كانت من المقدّمات البعيدة كإتيان الماء أو تسخينه أو من المقدّمات القريبة مثل صبّ الماء في كفّه أو كانت مثل صبّ الماء على أعضائه مع كونه هو المباشر لإجرائه وغسل أعضائه ، نعم في القسم الثاني لا ينبغي الإشكال في الكراهة لدلالة الروايات
الصفحة 239
المتعدّدة التي سبقت الإشارة إليها عليها مع تصريح الأصحاب بها أيضاً ، وفي القسم الثالث ربّما يتأمّل في الصحّة نظراً إلى احتمال فوات المباشرة المعتبرة ولكن الظاهر هي الصحّة لأنّ المراد من المباشرة المعتبرة هو ما يصحّ نسبة الفعل المكلّف به إلى المكلّف بنحو الاستقلال وصبّ الماء بالنحو المذكور لا ينافي ذلك ويؤيّده انّه لا منافاة بينها وبين ما إذا كان الماء جارياً من ميزاب أو نحوه فجعل وجهه أو يده تحته بحيث جرى الماء عليه بقصد الوضوء ، بل وبينها وبين ما إذا كان شخص يصبّ الماء من مكان عال لا بقصد أن يتوضّأ به أحد وجعل هو يده أو وجهه تحته بقصد الوضوء .
ثمّ إنّ المباشرة إنّما تكون معتبرة في حال الاختيار ، وامّا في حال الاضطرار فيجوز بل يجب الاستنابة ، وعن المنتهى دعوى الإجماع عليه كما انّه عن المعتبر دعوى اتّفاق العلماء عليه ويدلّ عليهـ مضافاً إلى ذلك وإلى قاعدة الميسور وإلى انّ مقتضى إطلاق أوامر الوضوء وجوب إيجاده على العاجز بالتسبيبـ صحيح سليمان بن خالد وغيره عن أبي عبدالله(عليه السلام) انّه كان وجعاً شديد الوجع فإصابته جنابة وهو في مكان بارد قال(عليه السلام) فدعوة الغلمة فقلت لهم : احملوني واغسلوني فقالوا : إنّا نخاف عليك ، فقلت لهم : ليس بدّ فحملوني ووضعوني على خشبات ثم صبّوا على الماء فغسلوني .
وما ورد في المجدور والكسير وغيرهما من انّهم ييمّمون فلا إشكال في ذلك إنّما الإشكال في التعبير بالاستنابة مع فوت المباشرة مع انّك عرفت انّ المباشرة إنّما هي في مقابل التسبيب دون الاستنابة والفرق بينهما في المقام انّه على تقدير الاستنابة يكون المتصدّي للنيّة هو النائب دون المنوب عنه وعلى تقدير التسبيب يكون المتصدّي لها هو العاجز المسبّب دون المباشر الذي يكون بمنزلة الآلة ، ولذا ذكرنا
الصفحة 240
انّه يجوز أن يكون صبيّاً أو مجنوناً أو كافراً بخلاف النائب الذي لابدّ من أن يكون واجداً لشرائط التكليف ، وعليه فالتعبير المناسب للمقام إنّما هي الاستعانة دون الاستنابة ولازمه أيضاً انّه لو عرضه الشكّ في أثناء الوضوء يعتدّ بشكّه ولا يجوز البناء على الصحّة اعتماداً على اصالة الصحّة في عمل الغير ، نعم لو كان الغير أجيراً لذلك يبني على الصحّة من حيث استحقاق الأجرة لا غير .
وقد ظهر ممّا ذكرنا انّ المتصدّي للنيّة في المقام هو المستعين لا المعين لكن حيث انّ التعبير المذكور في معقد الإجماع هو الاستنابة التي عرفت انّ لازمها تصدّي النائب للنيّة فمقتضى الاحتياط اللاّزمـ كما اُفيد في المتنـ الجمع بينهما بأن ينوي كلّ منهما الوضوء بقصد القربة ولا منافاة بين قصد قربة النائب وكونه أجيراً مستحقّاً للاشجرة آتياً للعمل بداعيها لما حقّق في العبادات الاستئجارية من إمكان الجمع بين العبادية والاُجرة .
ثمّ إنّه لا يلزم في الغسل أن يكون بيد المنوب عنه ولو أمكن إجراء الماء بيده بأن يأخذ النائب يد المنوب عنه ويصبّ الماء فيها ويجريه بها لأنّ المناط المباشرة في الأجزاء واليد آلة والمفروض انّ فعل الاجراء من النائب والدليل على كون اليد آلة انّه يجوز في حال الاختيار غسل الأعضاء بأي آلة غير يده ولو كانت يد غيره .
وامّا في المسح فلابدّ من أن يكون بيد المنوب عنه مع الإمكان لأنّ لليد الماسحة مدخلية في صحّة الوضوء كما مرّ في المسح فلا تسقط شرطيتها مع الإمكان كما هو المفروض بخلاف الغسل الذي عرفت انّ اليد فيه لا تكون إلاّ آلة للفعل ومنه يظهر انّه مع عدم الإمكان لابدّ من أخذ الرطوبة التي في يده والمسح بها لأنّ تعذّر المسح باليد لا يوجب انتفاء شرطية كون المسح بنداوة اليد ورطوبتها ولكن الأحوط ضمّ التيمّم لو أمكن لاحتمال انتفاء وجوب الوضوء مع عدم إمكان المسح بيد المتوضّي
|