(الصفحة1)
فصل في الأغسـا ل
(الصفحة2)
و الـواجب منها ستّـة: غسل الـجنابـة، و الـحيض، و الاستحاضـة، وا لـنفاس، ومسّ الـميّت، و غسل الأموات.
و الأقوى عدم الـوجوب الـشرعي في غير الأخير1 .
(1) أمّا عدم وجوب غير الـستّـة الـمذكورة في الـمتن كا لـغسل الـمنذور فلأنّه قد مرّ سابقاً: أنّ الـوجوب في الـنذر إنّما يكون متعلّقه عنوان الـوفاء با لـنذر، و لايسري منه إلى الـعناوين الاُخر، و إلاّ يلزم اجتماع حكمين في عنوان واحد. كما أنّه سيأتي عدم وجوب مثل غسل الـجمعـة.
و أمّا عدم كون الـوجوب في غير الأخير من الـستّـة شرعيّاً; فلأنّ وجوبه إنّما هو من باب الـمقدّميـة للصلاة و نحوها، و قد تحقّق في محلّه عدم وجوب الـمقدّمـة با لـوجوب الـشرعي.
نعم، الأخير يكون واجباً شرعياً بمقتضى دليله الـذي سيجيء، ولا يكون مقدّمـة لشيء آخر.
(الصفحة3)
فصل في غسل الـجنابـة
و الـكلام في سبب الـجنابـة، و أحكام الـجنب، و واجبات الـغسل:
ا لـقول في الـسبب
مسأ لـة 1: سبب الـجنابـة أمران:
أحدهما: خروج الـمنيّ و ما في حكمه من الـبلل الـمشتبه قبل الاستبراء، كما يأتي إن شاء اللّه تعا لـى.
و الـمعتبر خروجه إلى الـخارج، فلو تحرّك من محلّه و لم يخرج لم يوجب الـجنابـة، كما أنّ الـمعتبر كونه منه، فلو خرج من الـمرأة منيّ الـرجل لايوجب جنابتها، إلاّ مع الـعلم باختلاطه بمنيّها.
و الـمنيّ إن علم فلا إشكال، و إلاّ رجع الـصحيح في معرفته إلى اجتماع الـدفق و الـشهوة و فتور الـجسد، و الـظاهر كفايـة حصول الـشهوة للمريض و الـمرأة، و لاينبغي ترك الاحتياط ـ سيّما في الـمرأة ـ بضمّ الـوضوء إلى الـغسل لو لم يكن مسبوقاً با لـطهارة.
بل الأحوط مع عدم اجتماع الـثلاث، الـغسل و الـوضوء; إذا كان مسبوقاً با لـحدث الأصغر، و الـغسل وحده إن كان مسبوقاً با لـطهارة.
ثانيهما: الـجماع و إن لم ينزل. و يتحقّق بغيبوبـة الـحشفـة في الـقبل أو الـدبر، و حصول مسمّى «ا لـدخول» من مقطوعها; على وجه لا يخلو من قوّة، فيحصل حينئذ وصف الـجنابـة لكلّ منهما، من غير فرق بين الـصغير و الـمجنون و غيرهما، و وجب الـغسل عليهما بعد حصول شرائط الـتكليف.
(الصفحة4)
و يصحّ الـغسل من الـصبيّ الـمميّز، فلو اغتسل يرتفع عنه حدث الـجنابـة 1 .
في أنّ خروج الـمنيّ سبب للجنابـة
(1) أمّا كون خروج الـمنيّ سبباً لحصول الـجنابـة الـتي يترتّب عليها أحكام كثيرة، فا لـمحكّي عن «ا لـخلاف» و «ا لـغنيـة» و «ا لـمعتبر» و «ا لـتذكرة» و «ا لـذكرى» و غيرها دعوى الإجماع عليه، بل عن بعضها إجماع الـمسلمين عليه. و الـنصوص الـدالّـة عليه متواترة، بل لايبعد دعوى كونه من ضروريّات الـفقه في الـجملـة.
و لافرق بين أن يكون خروجه في حال الاختيار أو الاضطرار، كما أنّه لافرق بين حال الـيقظـة و الـنوم، و لا بين ما إذا كان با لـوطي أو بغيره، كا لـتفخيذ و الـتقبيل، و لا بين ما إذا كان كثيراً أو قليلاً ولو بمقدار رأس إبرة، و لا بين ما إذا كان مع الـشهوة أو بدونها.
نعم، في الـمنيّ الـقليل ربّما يظهر من بعض الـروايات الـعدم، و هي صحيحـة معاويـة بن عمّار قال: سأ لـت أبا عبدا للّه (عليه السلام) عن الـرجل احتلم، فلمّا انتبه وجد بللاً قليلاً.
قال: «ليس بشيء، إلاّ أن يكون مريضاً فإنّه يضعف، فعليه الـغسل».(1)
كما أنّه يظهر من بعض الـنصوص اعتبار الـشهوة، كما حكي عن ما لـك و أبي حنيفـة و أحمد، كصحيحـة علي بن جعفر، عن أخيه (عليه السلام): عن الـرجل يلعب مع الـمرأة و يقبّلها، فيخرج منه الـمنيّ، فما عليه؟
(1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 8، الـحديث 2.
(الصفحة5)
قال: «إذا جاءت الـشهوة و دفع و فتر لخروجه فعليه الـغسل، و إن كان إنّما هو شيء لم يجد له فترة و لا شهوة فلا بأس».(1)
هذا، ولكنّ الـظاهر أنّ الـمراد من الـروايـة الاُولى صورة الاشتباه. و يؤيّده ترك قوله: «قليلاً» في الـروايـة الـكليني، كما أنّه يؤيّده استثناء الـمريض; فإنّ اختلافه مع غيره إنّما هو في خصوص هذه الـصورة، و عليه فا لـمراد بقول الـسائل: «احتلم» هو تخيّل الاحتلام و اعتقاده، ثمّ الـشكّ فيه، فتدبّر.
و أمّا الـروايـة الـثانيـة، فقد حملها الـشيخ أيضاً على صورة الاشتباه; و أنّ الـمراد بخروج الـمنيّ هو الاعتقاد الـظنّي بكونه كذلك.
و يؤيّده أنّ في روايـة علي بن جعفر (عليه السلام) بدل «ا لـمنيّ»: «ا لـشيء».
و قال صاحب «ا لـمنتقي»: «إنّ الـتصريح بكون الـخارج منيّاً بناه الـسائل على الـظنّ، فجاء الـجواب مفصّلاً للحكم دافعاً للوهم».
و مع عدم إمكان الـحمل على ذلك لا محيص من الـحمل على الـتقيّـة، كما أفاده صاحب «ا لـوسائل» (قدس سره).
ثمّ إنّ مقتضى إطلاق الـنصوص و الـفتاوى، أنّه لا فرق فى سببيّـة الإنزال بين الـرجل و الـمرأة، و حكي عليه دعوى الإجماع عن جماعـة، بل عن الـمحقّق و الـعلاّمـة في «ا لـمعتبر» و «ا لـمنتهى» و عن غيرهما، أنّ عليه إجماع الـمسلمين.
نعم، ربّما ينسب إلى ظاهر الـصدوق في «ا لـمقنع» الـخلاف و إن نوقش في الـنسبـة أيضاً.
و كيف كان: فا لـرّوايات الـمستفيضـة ـ بل كادت تبلغ حدّ الـتواتر ـ تدلّ على
(1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 8، الـحديث 1.
(الصفحة6)
سببيّـة إنزال الـمرأة للجنابـة، و وجوب الـغسل و إن لم يتحقّق الـجماع، و لا بأس بإيراد بعضها:
كصحيحـة محمّد بن إسماعيل، عن الـرضا (عليه السلام) في الـرجل يجامع الـمرأة فيما دون الـفرج و تنزل الـمرأة، هل عليها غسل؟ قال: «نعم».(1)
و روايـة إسماعيل بن سعد الأشعري قال: سأ لـت الـرضا (عليه السلام) عن الـرجل يلمس فرج جاريته حتّى تنزل الـماء; من غير أن يباشر، يعبث بها بيده حتّى تنزل.
قال: «إذا أنزلت من شهوة فعليها الـغسل».(2)
و صحيحـة عبدا للّه بن سنان قال: سأ لـت أباعبدا للّه (عليه السلام) عن الـمرأة ترى أنّ الـرجل يجامعها في الـمنام في فرجها حتّى تنزل.
قال: «تغتسل».(3)
و روايـة محمّد بن الـفضيل قال: سأ لـت أباا لـحسن (عليه السلام) عن الـمرأة تعانق زوجها من خلفه، فتحرك على ظهره فتأتيها الـشهوة فتنزل الـماء، عليها الـغسل، أو لايجب عليها الـغسل؟
قال: «إذا جائتها الـشهوة فأنزلت الـماء وجب عليها الـغسل».(4)
و روايـة الـحلبي عن أبي عبدا للّه (عليه السلام) قال: سئلته عن الـمرأة ترى في الـمنام ما يرى الـرجل.
(1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 7، الـحديث 3.
(2)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 7، الـحديث 2.
(3)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 7، الـحديث 7.
(4)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 7، الـحديث 4.
(الصفحة7)
قال: «إن أنزلت فعليها الـغسل، و إن لم تنزل فليس عليها الـغسل».(1)
و غير ذلك من الـروايات الـكثيرة الـدالّـة على ذلك.
لكن في صحيحـة أديم بن الـحرّ بعد الـحكم بوجوب الـغسل عليها، نهى عن تحديثهنّ بذلك، حيث قال: سأ لـت أباعبدا للّه (عليه السلام) عن الـمرأة، ترى في منامها ما يرى الـرجل، عليها غسل؟
قال: «نعم، و لاتحدثوهنّ فيتّخذنّه علّـة».(2)
و لعلّ الـنهي عن ذلك مع وجوب إعلامهنّ عند الـحاجـة، ندرة الابتلاء، و خوف الـمفسدة الـمترتّبـة على علمهنّ بذلك. و الـوجه في ندرة الابتلاء ـ على ما قيل ـ هو أنّ منّيّ الـمرأة قلّما يتّفق أن يخرج من فرجها; لأنّه يستقرّ في رحمها، و الـحكم إنّما يكون مترتّباً على خروجه، كما سيجيء.
و على ذلك حمل الـروايات الـدالّـة على عدم وجوب الغسل عليهنّ، كروايـة عمر بن يزيد قال: اغتسلت يوم الـجمعـة با لـمدينـة، و لبست ثيابي و تطيّبت، فمرّت بي وصيفـة لي ففخذّت لها، فأمذيت أنا، و أمنت هي، فدخلني من ذاك ضيق، فسأ لـت أباعبدا للّه (عليه السلام)عن ذلك. فقال: «ليس عليك وضوء، و لا عليها غسل».(3)
و روايـة الاُخرى قال: قلت لأبي عبدا للّه (عليه السلام): الـرجل يضع ذكره على فرج الـمرأة فيمني، عليها غسل؟
فقال: «إن أصابها من الـماء شيء فلتغسله، فليس عليها شيء، إلاّ أن يدخله».
(1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 7، الـحديث 5.
(2)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 7، الـحديث 12.
(3)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 7، الـحديث 20.
(الصفحة8)
قلت: فإن أمنت هي و لم يدخله.
قال: «ليس عليها الـغسل».(1)
و روايـة عمر بن اُذينـة قال: قلت لأبي عبدا للّه (عليه السلام): الـمرأة تحتلم في الـمنام، فتهريق الـماء الأعظم.
قال: «ليس عليها غسل».(2)
ورواية عبيدبن زرارة قال: قلت له: هل على المرأة غسل من جنابتها إذا لم يأتها الرجل؟
قال: «لا، و أيّكم يرضى أن يرى أو يصبر على ذلك; أن يرى ابنته أو اُخته أو اُمّه أو زوجته أو أحداً من قرابته قائمـة تغتسل، فيقول: مالك؟ فتقول: احتلمت، وليس لها بعل».
ثمّ قال: «لا، ليس عليهنّ ذلك، و قد وضع اللّه ذلك عليكم، قال: (وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) و لم يقل ذلك لهنّ».(3)
و صحيحـة محمّد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): كيف جعل على الـمرأة إذا رأت في الـنوم أنّ الـرجل يجامعها في فرجها الـغسل، و لم يجعل عليها الـغسل إذا جامعها دون الـفرج في الـيقظـة فأمنت؟
قال: «لأنّها رأت في منامها أنّ الـرجل يجامعها في فرجها، فوجب عليها الـغسل، و الآخر إنّما جامعها دون الـفرج، فلم يجب عليها الـغسل; لأنّه لم يدخله، ولو كان أدخله في الـيقظـة وجب عليها الـغسل; أمنت، أو لم تمنِ».(4)
(1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 7، الـحديث 18.
(2)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 7، الـحديث 21.
(3)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 7، الـحديث 22.
(4)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 7، الـحديث 19.
(الصفحة9)
ولكنّ الإنصاف: أنّ حمل هذه الـروايات على صورة عدم خروج الـمنيّ إلى الـظاهر، و استقراره في الـرحم، بعيد جدّاً.
قال في «ا لـوسائل» بعد نقل هذه الـروايات الـخمس:
«أقول: الـوجه في هذه الأحاديث الـخمسـة، إمّا الـحمل على الاشتباه، أو عدم تحقّق كون الـخارج منيّاً كما يأتي.
أو الـحمل على أنّها رأت في الـنوم أنّها أنزلت، فلمّا انتبهت لم تجد شيئاً، كما يأتي أيضاً.
أو على أنّها أحسّت بانتقال الـمنيّ من محلّه إلى موضع آخر، و لم يخرج منه شيء; فإنّ منيّ الـمرأة قلّما يخرج من فرجها; لأنّه يستقرّ في رحمها; لما يأتي أيضاً.
أو على الـتقيّـة; لموافقتها لبعض الـعامّـة، و إن ادّعى الـمحقّق في «ا لـمعتبر» إجماع الـمسلمين، فإنّ ذلك خاصّ با لـرجل، و قد تحقّق الـخلاف من الـعامّـة في الـمرأة، و قرينـة الـتقيّـة ما رأيت من الـتعليل الـمجازيّ في حديث محمّد بن مسلم، و الاستدلال الـظاهري الإقناعي في حديث عبيد بن زرارة، و غير ذلك.
و الـحكمـة في إطلاق الألفاظ الـمؤوّلـة هنا: إرادة إخفاء هذا الـحكم عن الـنساء إذا لم يسأ لـن عنه، و لم يعلم احتياجهنّ إليه; لئلاّ يتّخذنّه علّـة للزوج (للخروج) و طريقاً لتسهيل الـغسل من زنا و نحوه، أو يقعن في الـفكر و الـوسواس، فيرين ذلك في الـنوم كثيراً، و يكون داعياً إلى الـفساد، أو تقع الـريبـة و الـتهمـة لهنّ من الـرجال، كما يفهم من الـتصريحات الـسابقـة.
و بعض هذه الأحاديث يحتمل الـحمل على الإنكار، دون الإخبار، و اللّه أعلم».
أقول: و إن أبيت عن ذلك كلّه، فمقتضى قواعد الـتعارض و الـرجوع إلى
(الصفحة10)
ا لـمرجّحات مع وجودها، هوا لـرجوع إلى الـطائفـة الاُولى; لموافقتها لفتوى الـمشهور، بل الـجميع; لعدم ثبوت الـخلاف من أحد في ذلك.
هذا مع ثبوت الـوهن الـظاهر في بعض هذه الـروايات، كروايـة محمّد بن مسلم الـظاهرة في أنّ رؤيتها في الـنوم أنّ الـرجل يجامعها في فرجها، سبب لوجوب الـغسل و إن لم يتحقّق الإنزال، مع أنّه مخا لـف لضرورة الـفقه; فإنّها لاتكون أشدّ حكماً من الـرجل في هذه الـجهـة، حيث إنّه لايجب عليه الـغسل بمجرّد الـرؤيـة مع عدم الإنزال.
و كروايـة عبيد بن زرارة الـمشتملـة على الاستدلال، فإنّه يرد على هذا الاستدلال: ـ مضافاً إلى وضوح عدم اختصاص الـحكم بخصوص الـرجال; لعدم اختصاص الـوضوء بهم أيضاً ـ أنّ مقتضاه عدم وجوب الـغسل من الـجنابـة في الـجماع عليهنّ أيضاً; لعدم دلالـة الآيـة على ما عدا حكم الـرجال، فتدبّر.
و كيف كان: فلا شبهـة في أنّ خروج الـمنيّ في الـمرأة أيضاً، سبب للجنابـة، و يترتّب عليها جميع أحكامها.
فيما يعتبر في سببيّـة الإنزال
ثمّ إنّه يعتبر في أصل سببيـة الإنزال للجنابـة أمران:
الأوّل: خروجه إلى الـخارج و بلوغه إلى الـظاهر; بحيث لو تحرّك من محلّه و لم يخرج لا تتحقّق الـجنابـة، كما هو ظاهر الـنصوص و الـفتاوى، بل صريح بعضها.
و الـظاهر أنّه لافرق بين خروجه من الـموضع الـمعتاد و غيره، مع انسداد الـطبيعي، أو بدونه; لإطلاقات الأدلّـة و ظهورها في كون الـمناط هو خروج الـمنيّ
(الصفحة11)
وا لـماء الأعظم من حيث هو، من دون اعتبار خصوصيّـة زائدة على أصل الـخروج و الإهراق.
و دعوى انصراف الإطلاقات إلى الـمتعارف الـمعتاد، و إجراء أصا لـة الـبرائـة، أو عدم الـسببيـة في غيره ممنوعـة جدّاً; لوضوح كون الانصراف بدويّاً لايختلّ به ركن الإطلاق بوجه.
ا لـثاني: كون الـمنيّ ممّن يجب عليه الـغسل، فلو خرج من الـمرأة منيّ الـرجل لايوجب جنابتها، إلاّ مع الـعلم باختلاطه بمنيّها، بلا خلاف، بل عن «كشف اللثام» و ظاهر «ا لـتذكرة» الإجماع عليه.
نعم، عن الـحسن خلاف ذلك; فأوجب الـغسل على الـمرأة إذا خرج منها منيّ الـرجل، و يدفعه: ـ مضافاً إلى وضوح ظهور الأدلّـة في مدخليّـة منيّ الـشخص، و لا سيّما مع الـتعبير بـ «الاحتلام» أو «الإمناء» أو «الإنزال» أو «مجيء الـشهوة» و أشباه ذلك ـ روايـة عبدا لـرحمان بن أبي عبدا للّه قال: سأ لـت أباعبدا للّه (عليه السلام) عن الـمرأة تغتسل من الـجنابـة، ثمّ ترى نطفـة الـرجل بعد ذلك، هل عليها غسل؟ فقال: «لا».(1)
و روايـة سليمان بن خا لـد، عن أبي عبدا للّه (عليه السلام) قال: سأ لـته عن رجل أجنب فاغتسل قبل أن يبول، فخرج منه شيء.
قال: «يعيد الـغسل».
قلت: فا لـمرأة يخرج منها شيء بعد الـغسل.
قال: «لاتعيد».
(1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 13، الـحديث 3.
(الصفحة12)
قلت: فما الـفرق بينهما؟
قال: «لأنّ ما يخرج من الـمرأة إنّما هو من ماء الـرجل».(1)
و دلالتها على عدم وجوب الـغسل مع الـعلم بكون الـخارج منها ماء الـرجل واضحـة.
نعم، ربّما يستفاد منها أنّ الـحكم في صورة الـشكّ، أيضاً هو الـحمل على كونه ماء الـرجل; إمّا تعبّداً، و إمّا لأجل ما عرفت: من أنّ منيّ الـمرأة يستقرّ في الـرحم غا لـباً.
ولكنّ الـحكم بعدم وجوب الـغسل عليها في هذه الـصورة، لايترتّب على الاستفادة الـمذكورة; فإنّ مجرّد عدم إحراز كونه منها يكفي في عدم الـوجوب، كما إذا كان أصل الـخروج مشكوكاً، و عليه فلاوجه لما عن «ا لـدروس» و «ا لـبيان» من وجوب الـغسل مع الـشكّ.
كما أنّه لا اعتبار با لـظنّ على ما حكي عن «نهايـة الأحكام» لعدم الـدليل على اعتباره. هذا كلّه فيما لو علم بكون الـخارج منيّاً.
فيما لو شكّ في كونه منيّاً
و أمّا لو شكّ في ذلك، و احتمل كونه منيّاً، ففي الـمتن أنّ الـصحيح يرجع في معرفته إلى اجتماع الـدفق، و الـشهوة، و فتور الـجسد. و قد صرّح جلّ الأعلام ـ لولا كلّهم ـ بأنّ ما اجتمع فيه الأوصاف هو الـماء الأعظم، الـذي رتّب الـشارع عليه أحكامه.
(1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 13، الـحديث 1.
(الصفحة13)
و يدلّ عليه صحيحـة علي بن جعفر (عليه السلام) الـمتقدّمـة، قال: سأ لـته عن الـرجل يلعب مع الـمرأة، و يقبّلها، فيخرج منه الـمنيّ، فما عليه؟
قال: «إذا جاءت الـشهوة، و دفع و فتر لخروجه، فعليه الـغسل، و إن كان إنّما هو شيء لم يجد له فترة و لا شهوة، فلا بأس».(1)
و قد مرّ أنّ الـمرويّ في محكيّ «كتاب علي بن جعفر» هو: «فيخرج منه الـشيء». و هو الأنسب با لـجواب، كما لايخفى.
و كيف كان: فلا إشكال في أنّه مع اجتماع الـصفات الـمذكورة، يجب الـحكم بكون الـخارج منيّاً، و إن لم يعلم كونه كذلك، نعم عن بعض اعتبار خصوصيـة في الـرائحـة أيضاً. إنّما الإشكال في أنّه هل يعتبر اجتماع تلك الـصفات، كما هو ظاهر الـمتن و غيره و صريح بعض، أم لا؟
و الأقوال في هذه الـمسأ لـة متكثّرة، فعن ظاهر بعض الاكتفاء با لـدفق و الـشهوة، و عن بعض آخر الاكتفاء با لـدفق و فتور الـبدن، و عن ظاهر آخرين اعتبار الـدفق خاصّـة، و عن جماعـة الاكتفاء بحصول واحد من الأوصاف الـثلاثـة، و عن بعض الاكتفاء با لـرائحـة فقط مع نفي الـخلاف عنه; معلّلاً له بتلازم الـصفات، إلاّ لعارض، فوجود بعضها كاف.
و الـحقّ: أنّه لو قلنا بعدم انفكاك الأوصاف الـثلاثـة بعضها عن بعض، بل بعدم انفكاك وصف الـرائحـة ـ الـتي هي عبارة عن كونها كرائحـة الـطلع و الـعجين رطباً، و بياض الـبيض جافّاً ـ عنها، فلايبقى موقع للبحث عن كفايـة الـواحدة، أو اعتبار اجتماع الـثلاث، بل الأربع.
(1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 8، الـحديث 1.
(الصفحة14)
كما أنّه لا مجال للإشكال على الـقائل باعتبار الـرائحـة أيضاً، أو كفايتها: بعدم الـدليل عليها أصلاً; لأنّه مع عدم الانفكاك لاوجه لشيء من ذلك. كما أنّ لازمه حصول الـوثوق، بل الـعلم بكونه منيّاً، فتدبّر.
و أمّا لو قلنا بإمكان الانفكاك; و عدم ندرته، و يؤيّده وجوده في الـمريض و الـمرأة على ما سيأتي، فا لـلازم حينئذ ملاحظـة الـدليل، و أنّه هل مقتضاه اعتبار الاجتماع، أو عدمه؟
و نقول: ظاهر صدر صحيحـة ابن جعفر (عليه السلام) اعتبار اجتماع الـصفات الـثلاث: من الـشهوة، و الـدفع، و الـفتور، في الـرجل الـذي هو موردها بضميمـة كونه صحيحاً غير مريض، الـذي هو منصرفها.
نعم، ذيل الـصحيحـة الـذي هو في الـحقيقـة تعبير عمّا يفهم من الـصدر عند الـعرف، يعارض ما هو ظاهر الـصدر; من جهـة ظهوره في أنّ عدم وجوب الـغسل، إنّما هو مع عدم ثبوت شيء من الأوصاف، ولو كان الـمجموع دخيلاً في الـحكم، لكان يكفي عدم ثبوته ولو بانتفاء واحد منها، و من جهـة عدم الـتعرض لذكر الـدفع، و الاقتصار على الـوصفين الآخرين.
كما أنّه ربّما يقال: بأنّه ينافي ظاهر الـصدر غير واحد من الأخبار، الـدالّـة على وجوب الـغسل عند إنزال الـماء من شهوة، و كذا ينافيه صحيح عبدا للّه بن أبي يعفور، عن أبي عبدا للّه (عليه السلام) قال: قلت له: الـرجل يرى في الـمنام، و يجد الـشهوة، فيستيقظ فينظر فلايجد شيئاً، ثمّ يمكث الـهون بعد فيخرج.
قال: «إن كان مريضاً فليغتسل، و إن لم يكن مريضاً فلا شيء عليه».
قلت: فما فرق بينهما؟
(الصفحة15)
قال: «لأنّ الـرجل إذا كان صحيحاً جاء الـماء بدفقـة قويّـة، و إن كان مريضاً لم يجئ إلاّ بعد».(1)
و كذا حسنـة زرارة، أو صحيحته، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إذا كنت مريضاً فأصابتك شهوة، فإنّه ربّما كان هو الـدافق، لكنّه يجيء مجيئاً ضعيفاً ليست له قوّة; لمكان مرضك، ساعـة بعد ساعـة، قليلاً قليلاً، فاغتسل منه».(2)
نظراً إلى ظهورهما في أنّ الـفرق بين الـصحيح و الـمريض ليس هو قصور شهوة الأوّل عن الـطريقيـة، و عدم قصور شهوة الـثاني، بل هو أنّ عدم الـدفق في الـصحيح أمارة الـعدم، دون الـمريض، مع تساوي شهوتيهما في الـطريقيـة إلى كون الـخارج منيّاً.
فيكون الـوجه في عدم الـحكم بكون الـخارج منيّاً ـ إذا خرج من الـصحيح مع الـشهوة بلا دفق ـ هو تعارض الأمارتين، و لا كذلك في الـخارج من الـمريض مع الـشهوة بلا دفق; لأنّ الـشهوة فيه أمارة، و عدم الـدفق ليس بأمارة على الـعدم، فيحكم بكونه منيّاً، عملاً بطريقيـة الـشهوة.
أقول: أمّا الأخبار الـدالّـة على وجوب الغسل عند إنزال الماء من شهوة، فموردها الـمرأة كما يظهر با لـتتبع فيها، و الـكلام فعلاً في الـرجل دونها، فلا مجال للنظر فيها، كما في «ا لـمصباح».
و أمّا الـصحيحان، فمقتضى الـتأمّل فيهما أنّ وجدان الـشهوة، أو إصابتها، لايكفي بمجرّده في الـطريقيـة و الأماريـة، بل الـطريق في الـصحيح هو الـشهوة و الـدفق،
(1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 8، الـحديث 3.
(2)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 8، الـحديث 5.
(الصفحة16)
وحيث إنّ الـمريض فاقد للأمر الـثاني، فا لـطريق بالإضافـة إليه هي الـشهوة فقط.
و عليه فعدم الـدفق في غير الـمريض، لايكون أمارة على الـعدم حتّى يتحقّق الـتعارض بينه و بين الأمارة على الـثبوت، بل يوجب عدم ثبوت الـطريق، كيف؟! ولو كان الـوجه في عدم الـحكم بكون الـخارج منيّاً ـ إذا خرج من الـصحيح مع الـشهوة بلا دفق ـ هو تعارض الأمارتين، لكان الـلازم الـرجوع مع الـتعارض إلى أصا لـة الـبرائـة، أو استصحاب عدم الـجنابـة، ضرورة أنّه بمجرّد الـتعارض لاوجه للحكم بعدم كونه منيّاً موجباً للغسل، مع أنّه ليس في الـصحيحين إشعار بذلك.
و الإنصاف: أنّه لامجال لإنكار دلالـة الـصحيحين على مدخليـة الـشهوة و الـدفق معاً، بالإضافـة إلى الـصحيح، و عليه فمنافاتهما لظاهر صدر صحيحـة علي بن جعفر(عليه السلام)إنّما هي من جهـة دلالته على اعتبار اُمور ثلاثـة، ودلالتهما على اعتبار أمرين فقط. كما أنّ أحد وجهي الـمنافاة بين الـصدر و الـذيل فيه أيضاً ذلك.
نعم، الأمران في الـصحيحين هما الـشهوة و الـدفق، و في ذيل الـصحيحـة هما الـشهوة و الـفترة.
و الـذي يقوّى في الـنظر في مقام دفع الـمنافاة أن يقال: إنّ ظهور ذيل الـصحيحـة في عدم اعتبار اجتماع الأوصاف الـثلاثـة، ليس بحيث يقاوم ظهور الـصدر في اعتباره، و ما ذكر من كونه تعبيراً عمّا يفهم من الـصدر، فهو إنّما يتمّ بالإضافـة إلى بعض الـمصاديق.
و بعبارة اُخرى: الـجمع الـعرفي بين الـصدر و الـذيل يقضي ببقاء الـصدر على ظهوره، و حمل الـذيل على كون موضوعه بعض مصاديق مفهوم الـشرطيـة الاُولى، و عدم الـتعرّض للبعض الآخر.
(الصفحة17)
و أمّا الـصحيحان فهما و إن كانا ظاهرين في اعتبار أمرين فقط على ما عرفت، إلاّ أنّ ظهور الـصحيحـة في اعتبار اُمور ثلاثـة، أقوى من ظهورهما. كما أنّ مقتضى الـجمع بينهما و بين ذيل الـصحيحـة ـ لو اُبقي على ظاهره ـ هو الـحمل على اعتبار تلك الاُمور.
فا لـمتحصّل ـ حينئذ ـ من مجموع الـروايات الـواردة في الـمقام: هو ما اختاره في الـمتن.
نعم، هنا روايتان اُخريان ظاهرتان في اعتبار أمر واحد، و هو الـفتور كما في إحداهما، و الـدفق كما في الاُخرى، و هما مرسلـة ابن رباط، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدا للّه (عليه السلام) قال: «يخرج من الإحليل الـمنيّ، و الـمذي، و الـودي، و الـوذي، فأمّا الـمنيّ فهو الـذي يسترخي له الـعظام، و يفتر منه الـجسد، و فيه الـغسل ...»ا لـحديث.(1)
و ما يدلّ على أنّ الـمنيّ هو الـماء الـدافق.(2)
في اعتبار الـشهوة فقط في الـمريض
هذا، ولكنّ الـظاهر أنّ الـمرسلـة إنّما هي بصدد بيان الـفرق بين الـمياه الـمشتركـة في الـخروج مع الـشهوة، و إلاّ لكان الـلازم ذكر الـبول أيضاً، فاعتبار الـشهوة محفوظ في الـجميع.
مع أنّ الـروايـة لايظهر منها اختصاص الـمنيّ بخصوصيـة واحدة، و هكذا
(1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 7، الـحديث 16.
(2)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 7، الـحديث 16.
(الصفحة18)
ا لـروايـة الـثانيـة. و على تقديره، فأقوائيـة ظهور صدر الـصحيحـة يقتضي الـحمل على بيان بعض الـخصوصيات.
فينقدح من جميع ما ذكرنا: أنّه لا محيص عن الالتزام باعتبار اجتماع الأوصاف الـثلاثـة، على تقدير إمكان الانفكاك بينها.
نعم، لاينبغي ترك الاحتياط فيما لو تحقّق اثنان منها، أو واحد. نعم على هذا الـتقدير لا اعتبار با لـرائحـة بعد عدم الـدليل عليها أصلاً، هذا في الـرجل الـصحيح.
و أمّا الـمريض، فمقتضى الـصحيحين الـمتقدّمين كفايـة وجدان الـشهوة، و يدلّ عليه أيضاً صحيحـة معاويـة بن عمّار، قال: سأ لـت أباعبدا للّه (عليه السلام) عن الـرجل احتلم، فلمّا انتبه وجد بللاً قليلاً.
قال: «ليس بشيء، إلاّ أن يكون مريضاً فإنّه يضعف، فعليه الـغسل».(1)
وبهذه الـروايات يقيّد إطلاق صحيحـة علي بن جعفر الـظاهرة في اعتبار اجتماع اُمور ثلاثـة، و يحمل على الـصحيح.
نعم، هنا روايـة ظاهرة في وجوب الـغسل على الـمريض ولو لم ير في ثوبه شيئاً، وهي صحيحـة محمّد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): رجل رأى في منامه فوجد اللذّة و الـشهوة، ثمّ قام فلم ير في ثوبه شيئاً.
قال فقال: «إن كان مريضاً فعليه الـغسل، و إن كان صحيحاً فلا شيء عليه».(2)
قال في محكيّ «ا لـحدائق»: «إنّ هذه الـروايـة لا تخلو من إشكال; لتضمّنها وجوب الـغسل على الـمريض بمجرّد وجود اللذّة و الـشهوة مع عدم رؤيـة شيء بعد
(1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 8، الـحديث 2.
(2)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 8، الـحديث 4.
(الصفحة19)
انتباهه، و لم يذهب إليه ذاهب من الأصحاب، و لم يرد به خبر آخر في الـباب، بل ربّما دلّت الأخبار بخلافه».
و قد نفى الـبعد في «ا لـمصباح» عن أن يكون الـمراد با لـروايـة ما لو أحسّ وجود شيء في الـمجرى، بحيث يعلم عادة بأنّه يخرج فيما بعد ولو مع الـبول، كما هو الـغا لـب في مفروض الـسائل، إذ قلّما ينفكّ وجدان اللذّة و الـشهوة، ما لم يخرج الـماء عن إحساس انتقا لـه إلى محلّ سيخرج با لـبول و نحوه. و ربّما تحمل الـروايـة على الاستحباب.
و أمّا الـمرأة، فمقتضى الـنصوص الـكثيرة الـواردة فيها ـ بعد حمل مطلقها على مقيّدها ـ هو كفايـة الإنزال مع الـشهوة، و مورد الـروايات الـدالّـة على اعتبار أمرين، أو أزيد، هو الـرجل كما عرفت.
نعم، يمكن أن يقال: بأنّ مورد مثل صحيحـة علي بن جعفر الـمتقدّمـة الـدالّـة على اعتبار اجتماع اُمور ثلاثـة، و إن كان هو الـرجل، إلاّ أنّ الـعرف لا يفهم منها الاختصاص به بل الـمتفاهم عندهم هو اعتبار ذلك مطلقاً، من دون فرق بين الـرجل و الـمرأة، و عليه فلابدّ من حمل الـروايات ـ الـدالّـة على كفايـة الإنزال مع الشهوة ـ على لزوم ضمّ الـوصفين الآخرين أيضاً لو قلنا بإمكان الانفكاك.
هذا، ولكنّ الـفتوى باختلافهما ـ كما يظهر من كثير من الأصحاب، خصوصاً مع عدم تحقّق الـدفع بالإضافـة إليهنّ نوعاً ـ توجب عدم جواز إلغاء الـخصوصيـة من مثل صحيحـة ابن جعفر، و الاقتصار على خصوص الـرجل، و إبقاء تلك الـروايات ـ الـدالّـة على كفايـة الإنزال مع الـشهوة ـ على ظاهرها، من كون موردها الـمرأة. ولكن مع ذلك لاينبغي ترك الاحتياط.
(الصفحة20)
و ممّا ذكرنا انقدح أقوائيـة مراعاة الاحتياط في الـمرأة با لـنسبـة إلى الـرجل الـمريض. هذا تمام الـكلام في الـسبب الأوّل من الـسببين الـموجبين للجنابـة.
في سببيـة الـجماع للجنابـة
و أمّا الـسبب الـثاني، فهو الـجماع و إن لم يتحقّق الإنزال، قال في «ا لـجواهر»: «إجماعاً محصّلاً، و منقولاً مستفيضاً، كاد يكون متواتراً، بل هو كذلك».
وا لنصوص الـدالّـة عليه كثيرة، مثل صحيحة محمّد بن مسلم، عن أحدهما(عليهما السلام)قال: سأ لـته متى يجب الـغسل على الـرجل و الـمرأة؟
فقال: «إذا أدخله فقد وجب الـغسل، و الـمهر، و الـرجم».(1)
و روايـة الـبزنطي صاحب الـرضا (عليه السلام) في محكيّ كتاب «ا لـنوادر» قال: سأ لـته ما يوجب الـغسل على الـرجل و الـمرأة؟
فقال: «إذا أولجه وجب الـغسل، و الـمهر، و الـرجم».(2)
و صحيحـة محمّد بن إسماعيل بن بزيع قال: سأ لـت الـرضا (عليه السلام) عن الـرجل يجامع الـمرأة قريباً من الـفرج، فلا ينزلان، متى يجب الـغسل؟
فقال: «إذا الـتقى الـختانان فقد وجب الـغسل».
فقلت: الـتقاء الـختانين هو غيبوبـة الـحشفـة؟
قال: «نعم».(3)
(1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 6، الـحديث 1.
(2)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 6، الـحديث 8.
(3)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 6، الـحديث 2.
|