(الصفحة121)
مسألة 5 : لو اشترك اثنان في دار ذات علو وسفل ، وأمكن قسمتها إفرازاً; بأن يصل إلى كلّ بمقدار حصّته منهما ، وقسمتها على نحو يحصل لكلّ منهما حصّة من العلو والسفل بالتعديل ، وقسمتها على نحو يحصل لأحدهما العلو وللآخر السفل ، فإن طلب أحد الشريكين النحو الأوّل ولم يستلزم الضرر يجبر الآخر ، ولا يجبر لو طلب أحد النحوين الآخرين . هذا مع إمكان الأوّل وعدم استلزام الضرر ، وإلاّ ففي النحوين الآخرين يقدّم الأوّل منهما ، ويجبر الآخر لو امتنع بخلاف الثاني . نعم ، لو انحصر الأمر فيه يجبر إذا لم يستلزم الضرر ولا الردّ ، وإلاّ لم يجبر كما مرّ ، وما ذكرناه جار في أمثال المقام1.
أمكن كلتاهما ففي المتن التفصيل بين ما إذا كان المطلوب قسمة الإفراز فيجبر الممتنع ، بخلاف ما إذا كان المطلوب قسمة التعديل فلا يجبر الممتنع ، ولعلّ السرّ فيه أنّ المال محفوظ للمالك بجميع خصوصيّاته في الاُولى ، بخلاف الثانية كالأمثلة المذكورة في المتن . نعم ، لو كانت قسمتها منفردة مستلزمة للضرر دون قسمتها بالتعديل اُجبر الممتنع على الثانية دون الاُولى لما ذكرنا ، فتدبّر جيّداً .
1 ـ لو اشترك اثنان في دار ذات علو وسفل وأمكن قسمتها بكلّ واحد من الأقسام الثلاثة المتقدِّمة للقسمة: الإفراز ، والتعديل ، وشبيه الردّ ، فإن طلب أحد الشريكين القسم الأوّل ولم يستلزم الضرر بوجه فاللازم إجبار الآخر عليه; لما عرفت من انحفاظ المال مع خصوصيّاته في قسمة الإفراز ، والمفروض عدم استلزام الضرر بنحو ، فلا وجه لجواز امتناع الآخر أصلاً ، وأمّا لو طلب أحد النحوين الآخرين فلا يجبر ـ مع إمكان الأوّل وعدم استلزام الضرر ـ أصلاً ، وإلاّ فمع عدم الإمكان أو استلزام الضرر يدور الأمر بين النحوين الآخرين ، وفيهما يقدّم
(الصفحة122)
مسألة 6 : لو كانت دار ذات بيوت أو خان ذات حجر بين جماعة ، وطلب بعض الشركاء القسمة اُجبر الباقون ، إلاّ إذا استلزم الضرر من جهة ضيقهما وكثرة الشركاء1.
الأوّل منهما ويجبر الآخر لو امتنع ، بخلاف الثاني .
والسرّ فيه ما عرفت من انحفاظ حصّة كلّ منهما من المال المشترك بحالها في الفرض الأوّل ، بخلاف الفرض الثاني الذي يختصّ أحدهما بالعلو والآخر بالسفل مع كونهما معاً مشتركا غير مختصّ بأحدهما ، فهو شبيه قسمة الردّ التي تحتاج إلى انضمام مال غير مشترك إليه ، وقد مرّ أنّه لا تصل النوبة إلى قسمة الردّ مع إمكان القسمة بالنحوين الآخرين .
وفي المقام نقول بأنّه لو انحصر الأمر في القسم الأخير يجبر الآخر عليه إذا لم يستلزم الضرر ولا الردّ; لأنّه وإن لم تكن قسمة الردّ ، إلاّ أنّه مثلها في عدم الانتقال إليه مع إمكان أحد النحوين الآخرين ، وهذا المعنى جار في أمثال المقام; كما إذا اشترك اثنان في قطعتين من الأرض يكون بينهما الاختلاف لا من حيث القيمة ، بل من الجهات الاُخرى التي يختلف الأنظار فيها من جهة الشرقية والغربية وغيرها .
1 ـ لو كانت دار ذات بيوت أو خان ذات حجر مشتركة بين جماعة ، وطلب بعض الشركاء القسمة بنحو لا تستلزم الضرر من جهة الضيق وكثرة الشركاء ، فاللازم إجبار الباقين عليه ; إمّا بتخصيص كلّ بيت أو حجرة إلى واحد من الشريكين أو الشركاء مع بقاء الشركة في نفس الفضاء والخان ، وإمّا بتقسيمهما أيضاً وتخصيص كلّ من المجموع بالآخر مع الإمكان وعدم استلزام الضرر ، وإلاّ يتحقّق الانتقال إلى قسم لا يكون فيه ذلك ، وبالجملة ربما لا يتحقّق بدون
(الصفحة123)
مسألة 7 : لو كان بينهما بستان مشتمل على نخيل وأشجار ، فقسمته بأشجاره ونخيله بالتعديل قسمة إجبار ، بخلاف قسمة كلّ من الأرض والأشجار على حدة ، فإنّها قسمة تراض لا يجبر عليها الممتنع1.
مسألة 8 : لو كانت بينهما أرض مزروعة تجوز قسمة كلّ من الأرض والزرع ـ قصيلاً كان أو سنبلاً ـ على حدة وتكون قسمة إجبار . وأمّا قسمتها معاً فهي قسمة تراض لا يجبر الممتنع عليها ، إلاّ إذا انحصرت القسمة الخالية عن الضرر فيها فيجبر عليها . هذا إذا كان قصيلاً أو سنبلاً ، وأمّا إذا كان حبّاً مدفوناً ، أو مخضرّاً في الجملة ولم يكمل نباته ، فلا إشكال في قسمة الأرض وحدها وبقاء الزرع على إشاعته ، والأحوط إفراز الزرع بالمصالحة . وأمّا قسمة الأرض بزرعها بحيث يجعل من توابعها فمحلّ إشكال2.
قسمة الردّ فينتقل إليها على ما عرفت(1) .
1 ـ لو كان بينهما بستان مشتمل على نخيل وأشجار ، فإن اُريد قسمته بأشجاره ونخيله مع بقاء الأرض على الاشتراك الذي كانت عليه فتلك قسمة التعديل; لاختلاف القيمة غالباً ، فلابدّ من التعديل بالقيمة ، وحيث إنّه لا يمكن أن يجري فيها قسمة الإفراز فلابدّ من إجبار الممتنع على قسمة التعديل . وإن اُريد قسمته بأشجاره ونخيله مع الأرض أيضاً تكون هذه قسمة تراض; وهي فيما إذا كانت مستلزمة للردّ أو الضرر كما مرّ ، وحكمها أنّه لا يجبر عليها الممتنع .
2 ـ لو كانت أرض مزروعة مشتركة بين الشريكين أو الشركاء ، فتارة تكون
(1) في ص118 ـ 119 .
(الصفحة124)
مسألة 9 : لو كانت بينهم دكاكين متعدّدة متجاورة أو منفصلة ، فإن أمكن قسمة كلّ منها بانفراده وطلبها بعض الشركاء ، وطلب بعضهم قسمة تعديل لكي تتعيّن حصّة كلّ منهم في دكّان تامّ أو أزيد ، يقدّم ما طلبه الأوّل ويجبر عليها الآخر ، إلاّ إذا انحصرت القسمة الخالية عن الضرر بالنحو الثاني ، فيجبر الأوّل1.
قصيلاً أو سنبلاً ، واُخرى حبّاً مدفوناً أو مخضرّاً في الجملة ولم يكمل نباته ، ففي الصورة الاُولى تجوز قسمة كلّ من الزرع والأرض قسمة إجبار يجبر الممتنع عليها ، وأمّا قسمتهما معاً فهي قسمة تراض لا يجبر الممتنع عليها إلاّ إذا انحصرت القسمة الخالية عن الضرر فيها فيجبر عليها . وفي الصورة الثانية إن اُريد قسمة الأرض وحدها وبقاء الزرع على إشاعته لكون الحبّ مدفوناً ، أو لعدم كمال نباته ورشده بعداً ، فلا إشكال لمعلوميّة الأرض ، فلا مانع من قسمتها والمفروض بقاء الزرع على إشاعته .
وأمّا قسمة الأرض بزرعها بحيث يجعل من توابعها فقد استشكل فيه في المتن ، والظاهر أنّ منشأ الإشكال عدم معلوميّة اشتمال أجزاء الأرض على أيّ مقدار من الحبّ ، وعدم معلوميّة كمال النبات في صورة الاخضرار ، واحتاط في المتن وجوباً إفراز الزرع بالمصالحة ، وأمّا الإفراز حقيقة فلا يمكن أن يتحقّق بعد عدم معلوميّة الحبّة المدفونة بالإضافة إلى أجزاء الأرض ، وعدم معلوميّة كمال النبات في صورة الاخضرار كذلك ، فالأحوط تحقّق الإفراز بالمصالحة كما أفاده الماتن (قدس سره) .
1 ـ لو كانت بينهم دكاكين متعدِّدة متّصلة أو منفصلة غير متجاورة ، فإن أمكن قسمة كلّ منها بانفراده ـ أي قسمة إفراز ـ وطلبها بعض الشركاء ، ولكن طلب البعض الآخر قسمة تعديل لكي تتعيّن حصّة كلّ منهم في دكّان تامّ أو أزيد ، يقدَّم
(الصفحة125)
مسألة 10 : لو كان بينهما حمّام وشبهه ممّا لا يقبل القسمة الخالية عن الضرر لم يجبر الممتنع . نعم ، لو كان كبيراً بحيث يقبل الانتفاع بصفة الحمّامية من دون ضرر ـ ولو بإحداث مستوقد أو بئر اُخرى ـ فالأقرب الإجبار1.
ما طلبه الأوّل ويجبر عليها الآخر; لما عرفت(1) من انحفاظ المال مع جميع الخصوصيات في قسمة الإفراز ، فمع طلب بعض الشركاء ذلك لا محيص عنها ، وتكون مقدّمة على قسمة التعديل المتقوّمة بالقيمة ولو طلبها البعض الآخر .
نعم ، إذا كانت القسمة الخالية عن الضرر منحصرة بالنحو الثاني فالظاهر إجبار الأوّل عليها ، ولا مجال لقسمة الإفراز حينئذ كما مرّ نظيره(2) .
1 ـ لو كان بينهما حمّام وشبهه ممّا لا يقبل القسمة الخالية عن الضرر لا يجبر الممتنع عن القسمة ، بل يجري فيه حكم ما لا يقبل القسمة على ما سيأتي إن شاء الله تعالى . وأمّا لو كان كبيراً بحيث يكون قابلاً للانتفاع به بصفة الحمّامية من دون ضرر بعد التقسيم ، فإذا طلب أحد الشريكين القسمة يجبر الآخر عليه ، ولو كانت استفادة الحمّامية من المقدار الباقي متوقّفة على إحداث مستوقد آخر ، أو بئر اُخرى فالأقرب كما في المتن الإجبار في هذه الصورة ; لعدم منع لزوم الإحداث المذكور عن إمكان التقسيم حتّى بنحو الإفراز .
غاية الأمر أنّه حيث لا يكون مستوقد واحد ، أو بئر واحدة كافية للحمّامين تكون الاستفادة منهما كذلك متوقّفة على الإحداث المذكور ، وهو لا يمنع من القسمة بالنحو المذكور ، مع أنّ المستوقد والبئر خارجان عن حقيقة الحمّام وإن كانا داخلين في دائرة الشركة وفي المال المشترك ، وبعبارة اُخرى : لابدّ إمّا أن يُقال بعدم
(1 ، 2) في ص120 ـ 121 .
(الصفحة126)
مسألة 11 : لو كان لأحد الشريكين عُشر من دار مثلاً وهو لا يصلح للسكنى ، ويتضرّر هو بالقسمة دون الشريك الآخر ، فلو طلب القسمة لغرض يجبر شريكه ولم يجبر هو لو طلبها الآخر1.
مسألة 12 : يكفي في الضرر المانع عن الإجبار حدوث نقصان في العين ، أو القيمة بسبب القسمة ممّا لا يتسامح فيه في العادة وإن لم يسقط المال عن قابليّة الانتفاع بالمرّة2.
إمكان التقسيم ، والمفروض كونه كبيراً فيه القابلية بنحو ينتفع من كليهما بهذه الصفة ، فلا يمكن القول فيه بذلك ، وإمّا أن يُقال بأنّ لزوم إحداث مستوقد آخر ، أو بئر اُخرى غير مانع من التقسيم بالنحو المذكور; وهو ما ذكرناه .
نعم ، لابدّ من أداء قيمة المستوقد آخر ، أو إيجاد بئر اُخرى إلى الشريك الآخر لئلاّ يلزم الضرر عليه ، ويكونان بعد ذلك متساويين بعد تقسيم المال المشترك بينهما ، كما لايخفى .
1 ـ لو كان لأحد الشريكين سهم من دار مثلاً لا يصلح لأن يُنتفع به للسكنى ، ولذا يتضرّر بالقسمة دون الشريك الآخر الذي له سهم كثير قابل للانتفاع به في السكنى ، فلو طلب الأوّل القسمة لغرض آخر غير السكنى يجبر الشريك الآخر ولا عكس; لاستلزام القسمة الضرر كما هو المفروض . نعم ، لو كان لغرض آخر يتحقّق بالقسمة وإن لم يكن قابلاً للانتفاع بالسكنى ، والوجه فيه واضح .
2 ـ يكفي في الضرر الحاصل على تقدير القسمة المانع عن الإجبار حدوث نقصان في العين ، أو القيمة بما لا يتسامح فيه في العادة وإن لم يسقط المال عن قابلية
(الصفحة127)
مسألة 13 : لابدّ في القسمة من تعديل السِّهام ثمّ القرعة . أمّا كيفيّة التعديل; فإن كانت حصص الشركاء متساوية ـ كما إذا كانوا اثنين ولكلّ منهما النصف ، أو ثلاثة ولكلّ منهم الثلث وهكذا ـ يعدّل السهام بعدد الرؤوس ، ويعلّم كلّ سهم بعلامة تميّزه عن غيره . فإذا كانت قطعة أرض متساوية الأجزاء بين ثلاثة مثلاً تجعل ثلاث قطع متساوية مساحة ، ويميّز بينها بمميّز كالاُولى لإحداها ، والثانية للاُخرى ، والثالثة للثالثة . وإذا كانت دار مشتملة على بيوت بين أربعة مثلاً ،
الانتفاع بالمرّة ، والسرّ فيه أنّ الغرض من القسمة وصول كلّ مال إلى صاحبه مع انحفاظ جميع الخصوصيّات ، ولا أقلّ من انحفاظ المالية التي هي الغرض المهمّ في باب الأموال ، فإذا كانت القسمة مستلزمة للنقصان أو الضرر غير المتسامح فيه في العادة ، لا دليل لتأثير القسمة في الخروج عن الإشاعة التي هي معنى الشركة ومساوقة معها ، أو كانت الشركة أعمّ منها كالكلّي في المعين على ما عرفت(1) ، ولا يرتبط اعتبار هذا الأمر بجريان قاعدة «لا ضرر» التي تكون الأنظار فيها مختلفة والآراء متشتّتة على ما مرّ غير مرّة(2) ، ففي الحقيقة يكون التعيّن بعد الإشاعة من غير أن يكون هناك بيع ولا معاوضة; كأنّه يكون على خلاف القاعدة ولو بأيّة كيفيّة ، وفي هذا الأمر المخالف للقاعدة ينبغي الاقتصار على القدر المتيقّن; وهو صورة عدم استلزام الضرر بالمعنى المذكور كما لا يخفى .
فالملاك في المنع عن إجبار الشريك الآخر على القسمة هو ذلك ، لا خروج المال وسقوطه عن الانتفاع بالمرّة ، مع أنّ الملاك في ذلك الفرض أيضاً ما ذكرنا ، لا قاعدة
(1) في ص101 .
(2) في ص 120 ـ 121 و غيره .
(الصفحة128)
تجعل أربعة أجزاء متساوية بحسب القيمة إن لم يمكن قسمة إفراز إلاّ بالضرر ، وتميّز كلّ منهما بمميّز كالقطعة الشرقية والغربية والشمالية والجنوبية المحدودات بحدود كذائيّة . وإن كانت الحصص متفاوتة ـ كما إذا كان المال بين ثلاثة: سدس لعمرو ، وثلث لزيد ، ونصف لبكر ـ تجعل السهام على أقلّ الحصص ، ففي المثال تجعل السهام ستّة معلّمة كلّ منها بعلامة ، كما مرّ .
وأمّا كيفيّة القرعة ، ففي الأوّل ـ وهو ما كانت الحصص متساوية ـ تؤخذ رقاع بعدد رؤوس الشركاء; رقعتان إذا كانوا اثنين ، وثلاث إذا كانوا ثلاثة وهكذا ، ويتخيّر بين أن يكتب عليها أسماء الشركاء; على إحداها زيد ، واُخرى عمرو مثلاً ، أو أسماء السهام; على إحداها أوّل ، وعلى الاُخرى ثاني وهكذا ، ثمّ تشوّش وتستر ، ويؤمر من لم يشاهدها فيخرج واحدة واحدة ، فإن كتب عليها اسم الشركاء يعيّن سهم كالأوّل ، وتخرج رقعة باسم هذا السهم قاصدين أن يكون لكلّ من خرج اسمه ، فكلّ من خرج اسمه يكون له ، ثمّ يعيّن السهم الآخر وتخرج رقعة اُخرى لذلك السهم ، فمن خرج اسمه فهو له وهكذا . وإن كتب عليها اسم السهام يعيّن أحد الشركاء وتخرج رقعة ، فكلّ سهم خرج اسمه فهو له ، ثمّ تخرج اُخرى لشخص آخر وهكذا .
وفي الثاني ـ وهو ما كانت الحصص متفاوتة; كالمثال المتقدِّم الذي قد تقدّم أنّه تجعل السّهام على أقلّ الحصص وهو السدس ـ يتعيّن فيه أن تؤخذ الرقاع بعدد الرؤوس ; يكتب مثلاً على إحداها زيد ، وعلى الاُخرى عمرو ، وعلى الثالثة بكر ، وتستر كما مرّ ، ويقصد أنّ كلّ من خرج اسمه على سهم كان له ذلك
نفي الضرر البعيدة عن الأحكام الفقهيّة بمراحل على ما اخترناه تبعاً لسيّدنا العلاّمة الاُستاذ الماتن قدّس سرّه الشريف ، والتحقيق في محلّه .
(الصفحة129)
مع ما يليه بما يكمّل تمام حصّته ، ثمّ تخرج إحداها على السهم الأوّل ، فإن كان عليها اسم صاحب السدس تعيّن له ، ثمّ تخرج اُخرى على السهم الثاني ، فإن كان عليها اسم صاحب الثلث كان الثاني والثالث له ، ويبقى الرابع والخامس والسادس لصاحب النصف ، ولا يحتاج إلى إخراج الثالثة . وإن كان عليها اسم صاحب النصف كان له الثاني والثالث والرابع ، ويبقى الباقي لصاحب الثلث .
وإن كان ما خرج على السهم الأوّل اسم صاحب الثلث كان الأوّل والثاني له ، ثمّ تخرج اُخرى على السهم الثالث ، فإن خرج اسم صاحب السدس فهو له ، وتبقى الثلاثة الأخيرة لصاحب النصف . وإن خرج اسم صاحب النصف كان الثالث والرابع والخامس له ، ويبقى السادس لصاحب السدس ، وقس على ذلك غيره1.
مسألة 14 : الظاهر أنّه ليست للقرعة كيفيّة خاصّة ، وإنّما تكون منوطة بمواضعة القاسم والمتقاسمين; بإناطة التعيّن بأمر ليست إرادة المخلوق دخيلة فيه مفوّضاً للأمر إلى الخالق جلّ شأنه; سواء كان بكتابة رقاع ، أو إعلام علامة في حصاة أو نواة أو ورق أو خشب ، أو غير ذلك2.
1 ـ الوجه في لزوم تعديل السّهام أوّلاً والتعديل بالكيفيّة المذكورة في المتن; سواء كانت الحصص متساوية أو مختلفة ، وكذا في لزوم الرجوع إلى القرعة واضح لايحتاج إلى توضيح .
2 ـ الظاهر أنّه ليست للقرعة كيفيّة خاصّة ، وإنّما تكون منوطة بإناطة التعيّن بأمر ليست إرادة المخلوق دخيلة فيه ومؤثّرة في نتيجته ، بل ليس فيه إلاّ تفويض الأمر إلى الخالق جلّ وعلا ، وإن شئت قلت : إنّ في أمثال المقام بعد تعديل السهام
(الصفحة130)
مسألة 15 : الأقوى أنّه تتمّ القسمة بإيقاع القرعة كما تقدّم ، ولا يحتاج إلى تراض آخر بعدها فضلاً عن إنشائه وإن كان أحوط في قسمة الردّ1.
كاملاً ، والنظر إلى عدم حصول التضرّر لأحد الشركاء ، لا محيص للتعيين غير القرعة ، وليست أمارة ظنّية أصلاً ، خصوصاً في الموارد التي لا تعيّن فيها واقعاً; لأنّه لا مجال لتوهّم الأماريّة في تلك الموارد بعد العلم بعدم التميّز الواقعي أصلاً ، والمصالحة قد لا يتحقّق التراضي بها أصلاً ، ولا فرق في ذلك بين كيفيّات القرعة; سواء كان بكتابة رقاع ، أو الصور الاُخرى المذكورة في المتن ، ويمكن أن تكون لها كيفيّة اُخرى غير الكيفيّات المذكورة ، كبعض الكيفيّات المتداولة في هذه الأزمنة .
1 ـ الظاهر أنّه بعد التقسيم بالنحو المذكور في المسألة الثالثة عشرة بالتعديل أوّلاً والمراجعة إلى القرعة ثانياً تتحقّق تماميّة القسمة ، ولا حاجة إلى شيء آخر بعده ولا يفتقر إلى تراض جديد ، وإلاّ يتحقّق نقض الغرض ، ولا فرق في ذلك بين الأقسام المتعدّدة المذكورة للقسمة ، فالتراضي بعدما ذكر لا يحتاج إليه . نعم ، في خصوص قسمة الردّ المتوقّفة على ضمّ مال آخر غير المال المشترك إليه احتاط في المتن بالتراضي بعد القسمة ، والظاهر عدم الاحتياج إليه في قسمة الردّ أيضاً ، وأنّ الاحتياط استحبابي وإن كان ظاهر العبارة يعطي كونه وجوبيّاً; لأنّ الإقدام على أصل القسمة إن كان مع التراضي فلا معنى للزوم التراضي البعدي فضلاً عن إنشائه ، وإن كان مع عدم التراضي بل بسبب طلب أحد الشريكين ، أو الشركاء مع مخالفة الشريك الآخر فلا مجال لتحقّق القسمة أصلاً ، فالقسمة الصحيحة الجامعة للشرائط المذكورة سابقاً لا تحتاج إلى التراضي الجديد وإن كان الأحوط الاستحبابي في خصوص قسمة الردّ ما أفاده الماتن قدّس سرّه الشريف ،
(الصفحة131)
مسألة 16 : لو طلب بعض الشركاء المهاياة في الانتفاع بالعين المشتركة ، إمّا بحسب الزمان; بأن يسكن هذا في شهر وذاك في شهر مثلاً ، وإمّا بحسب الأجزاء; بأن يسكن هذا في الفوقاني وذلك في التحتاني مثلاً ، لم يلزم على شريكه القبول ولم يجبر إذا امتنع . نعم ، يصحّ مع التراضي لكن ليس بلازم ، فيجوز لكلّ منهما الرجوع . هذا في شركة الأعيان . وأمّا في شركة المنافع ، فينحصر إفرازها بالمهاياة ، لكنّها فيها أيضاً غير لازمة . نعم ، لو حكم الحاكم الشرعي بها في مورد ـ لأجل حسم النزاع ـ يجبر الممتنع وتلزم1.
فتدبّر لكي لا يختلط عليك الأمر إن شاء الله .
1 ـ لو طلب بعض الشركاء في شركة الأعيان المهاياة في الانتفاع بالعين المشتركة بأحد النحوين المذكورين في المتن لم يلزم على شريكه القبول ولم يجبر إذا امتنع; لعدم كون المهاياة قسمة في باب الأعيان ، ولا يصدق عليها شيء من الأقسام المتقدِّمة للقسمة . نعم ، يصحّ مع التراضي لكن ليس بلازم حتّى لا يجوز لهما الرجوع ، فيمكن الرجوع بعد التراضي ، وقد عرفت(1) أنّ القسمة لا تكون بيعاً ولا معاوضة فضلاً عن المهاياة . وأمّا في شركة المنافع; كأن استأجرا معاً داراً مثلاً من مؤجر واحد ، فالظاهر أنّه لا يمكن إفراز المنافع إلاّ بالمهاياة بأحد النحوين ، لكن لا دليل على لزومها إلاّ في صورة التخاصم والتنازع وحكم الحاكم الشرعي بذلك ، فإنّه ينفذ حكمه ولا تجوز مخالفته ، كما تقرّر في كتاب القضاء(2) .
(1) في ص 116 .
(2) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب القضاء: 36 ـ 37 .
(الصفحة132)
مسألة 17 : القسمة في الأعيان بعد التماميّة والإقراع لازمة ، وليس لأحد من الشركاء إبطالها وفسخها ، بل الظاهر أنّه ليس لهم فسخها وإبطالها بالتراضي; لأنّ الظاهر عدم مشروعيّة الإقالة فيها . وأمّا بغير القرعة فلزومها محلّ إشكال1.
مسألة 18 : لا تشرع القسمة في الديون المشتركة ، فإذا كان لزيد وعمرو معاً ديون على الناس بسبب يوجب الشركة كالإرث ، فأرادا تقسيمها قبل استيفائها فعدّلا بينها وجعلا ما على الحاضر مثلاً لأحدهما ، وما على البادي للآخر لم تفرز ، بل تبقى على إشاعتها . نعم ، لو اشتركا في دين على أحد واستوفى
1 ـ القسمة بعد التمامية ، فتارةً تكون بالإقراع واُخرى بغيره ، أمّا في الصورة الاُولى : فالظاهر أنّها لازمة ليس لأحد من الشركاء فسخها وإبطالها ; لأنّ ظاهر أدلّة القرعة أنّه مع جريانها ـ الذي قد عرفت أنّها في الحقيقة إيكال الأمر إلى الله تعالى والتفويض إليه ـ يلزم الأمر وينقطع مادّة التنازع والتخاصم ، مضافاً إلى أنّ الاعتبار أيضاً يساعد ذلك; لأنّه مع عدم اللزوم وجواز الفسخ يتحقّق نقض الغرض ، وإذا انتهى الأمر إلى الحاكم الشرعي فلا سبيل له أيضاً إلاّ التوصّل بالقرعة; لعدم كون المورد مجرى البيِّنة والحلف كما لا يخفى .
وأمّا في الصورة الثانية : فقد استشكل الماتن قدّس سرّه الشريف في لزوم القسمة; لعدم الدليل عليه خصوصاً بعد عدم كونها بيعاً ولا شيئاً من المعاوضات اللازمة . نعم ، الأمر الاعتباري المذكور يساعد اللزوم هنا أيضاً .
ثمّ ليعلم أنّ الإقالة التي مرجعها إلى تراضي الطرفين عن العدول عمّا مضى لا دليل على مشروعيّتها في القسمة ، بل الدليل عليها إنّما هو بالإضافة إلى البيع ونحوه .
(الصفحة133)
أحدهما حصّته; بأن قصد كلّ من الدائن والمديون أن يكون ما يأخذه وفاءً وأداءً لحصّته ، فالظاهر تعيّنه وبقاء حصّة الشريك في ذمّة المديون1.
1 ـ قد عرفت صحّة القسمة في الأعيان المشتركة ، و كذلك في المنافع المشتركة كالمثال الذي ذكرناه ، وأمّا القسمة في الديون المشتركة فلا دليل على مشروعيّتها ، ففي المثال المذكور في المتن ـ وهو ما إذا كان المديون متعدّداً كالدائن بسبب يوجب الشركة ، كالإرث أو بيع دارهما المشتركة من مشتريين كذلك ، فأرادا التقسيم قبل الاستيفاء ـ لا تتحقّق الإفراز بحيث كان كلّ مديون مديوناً لواحد من الشركاء مثلاً دون الآخر ، بل الديون باقية على الإشاعة . نعم ، إذا كان المديون واحداً وأراد واحد من الشريكين مثلاً استيفاء حصّته ، فحيث إنّ أداء الدَّين متقوّم بالقصد ، وقد حقّقنا في كتاب القضاء(1) عدم ثبوت التهاتر القهري .
نعم ، لا شبهة في جواز المقاصّة في موردها المذكور في مبحثها(2) ، فإذا دفع المديون خصوص حصّة واحد من الشريكين بعنوان الدَّين ، وقصد الدائن ذلك أي استيفاء خصوص حصّته ، فقد استظهر في المتن التعيّن وبقاء حصّة الشريك في ذمّة المديون ، ولكن يمكن الإيراد عليه بعدم التعيّن في هذه الصورة أيضاً بعد كون سبب الدَّين بنحو الاشتراك ، والتقوّم بالقصد إنّما هو بالإضافة إلى أصل أداء الدَّين في مقابل الدفع بعنوان آخر ، وأمّا إذا كان الدَّين مشتركاً فتعيّن دين أحدهما بالقصد غير معلوم .
(1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب القضاء: 202 ـ 203 و 373 .
(2) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب القضاء: 351 ـ 354 و 358 ـ 359 .
(الصفحة134)
مسألة 19 : لو ادّعى أحد الشريكين الغلط في القسمة أو عدم التعديل فيها وأنكر الآخر لا تسمع دعواه إلاّ بالبيِّنة ، فإن أقامت نقضت واحتاجت إلى قسمة جديدة ، وإن لم تكن بيّنة كان له إحلاف الشريك1.
مسألة 20 : لو قسّم الشريكان فصار في كلّ حصّة بيت ، وقد كان يجري ماء أحدهما على الآخر ، لم يكن للثاني منعه إلاّ إذا اشترطا حين القسمة ردّه عنه . ومثله ما لو كان مسلك البيت الواقع لأحدهما في نصيب الآخر من الدّار2.
1 ـ لو ادّعى أحد الشريكين الغلط في القسمة ، أو عدم التعديل فيها وأنكره الآخر ، فالمدّعي مَنْ يدّعي الغلط أو عدم التعديل ، والمنكر من ينكر ذلك; سواء فسّرنا المدّعي والمنكر بالمعنى العرفي; لأنّهما موضوعان عرفيان كما اخترناه في كتاب القضاء على ما تقدّم(1) ، أو فسّرناهما بمن يخالف قوله الأصل أو الظاهر ومن يوافقه ، أو بمن لو ترك ترك وضدّه ، فإذا كان للمدّعي البيِّنة الشرعيّة فالمقدّم قوله ، ومع عدم البيِّنة كان للمنكر الحلف ، أو إحلاف الطرف المقابل كما في سائر الموارد .
2 ـ لو قسّم الشريكان في دار مشتملة على بيتين فصار في كلّ حصّة بيت ، وقد كان يجري ماء أحدهما على الآخر ، لم يكن للثاني منعه لملاحظة هذه الجهة في القسمة المتقوّمة بتعديل السّهام أوّلاً ، ومن الواضح مدخليّة هذه الجهة في التعديل بنظر العرف والعقلاء; مثل أن يكون هذا البيت أصغر من البيت الآخر ، ومثله ما لو كان مسلك البيت الواقع لأحدهما في نصيب الآخر من الدار ، وكذا وقوع البيت في الجهة الشرقية أوالغربية أوغيرهما من الجهات التي يختلف باختلافهاالغرض والماليّة.
(1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب القضاء: 75 ـ 77 .
(الصفحة135)
مسألة 21 : لا تجوز قسمة الوقف بين الموقوف عليهم إلاّ إذا وقع تشاحّ بينهم مؤدّ إلى خرابه ، ولا ترتفع غائلته إلاّ بالقسمة ، فيقسّم بين الطبقة الموجودة ، ولا ينفذ التقسيم بالنسبة إلى الطبقة اللاّحقة إذا كان مخالفاً لمقتضى الوقف بسبب اختلاف البطون قلّةً وكثرة . نعم ، يصحّ إفراز الوقف عن الطلق وتقسيمهما; بأن كان ملك نصفه المشاع وقفاً ونصفه ملكاً ، بل الظاهر جواز إفراز وقف عن وقف ، وهو فيما إذا كان ملك لأحد فوقف نصفه على زيد وذريّته ونصفه على عمرو كذلك ، أو كان ملك بين اثنين فوقف أحدهما حصّته على ذريّته مثلاً ، والآخر حصّته على ذرّيته ، فيجوز إفراز أحدهما عن الآخر بالقسمة . والمتصدّي لها الموجودون من الموقوف عليهم ووليّ البطون اللاّحقة1.
1 ـ لا تجوز قسمة الوقف بين الموقوف عليهم; لعدم كونه ملكاً طلقاً لهم ، ولذا لايجوز لهم معاملة الملك معه وإيقاع التصرّفات المتوقّفة على الملك ـ كالبيع ونحوه ـ إلاّ إذا وقع بينهم التشاحّ والتشاجر ، ويتوقّف رفعه على القسمة فقط ، وفي مثل هذا المورد يجوز بيعه أيضاً كما قرّر في محلّه(1) ، ففي المقام يقسّم بين الطبقة الموجودة ، ولكن لا ينفذ هذا التقسيم بالإضافة إلى الطبقة اللاّحقة إذا كان مخالفاً لمقتضى الوقف بسبب اختلاف البطون قلّةً وكثرة ; لأنّ كلّ بطن له أن ينتفع من جميع العين الموقوفة على حسب ما قرّره الواقف .
نعم ، لو كان هناك ملك بين وقف وطلق; بأن كان نصفه المشاع وقفاً لصحّة وقف المشاع ونصفه طلقاً ، فاُريد إفراز الطلق عن الوقف يصحّ ذلك ، كما أنّه يصحّ إفراز وقف عن وقف آخر كما في المثال المذكور في المتن ، لكن لا يجوز أن يتصدّى للإفراز
(1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب الوقف : 82 ـ 87 .
(الصفحة136)
خصوص الموجودين; لعدم انحصار الموقوف عليهم بذلك ، بل المتصدّي له الموجودون ووليّ البطون اللاّحقة ، وإن شئت قلت : إنّ المتصدّي له هو المتولّي فيهما إن كانت دائرة توليته شاملة للتقسيم أيضاً كما لا يخفى .
(الصفحة137)
كتاب المزارعة
(الصفحة138)
(الصفحة139)
[مسائل المزارعة]
وهي المعاملة على أن تزرع الأرض بحصّة من حاصلها; وهي عقد يحتاج إلى إيجاب من صاحب الأرض; وهو كلّ لفظ أفاد إنشاء هذا المعنى ، كقوله : «زارعتك» أو «سلّمت إليك الأرض مدّة كذا على أن تزرعها على كذا» وأمثال ذلك ، وقبول من الزارع بلفظ أفاد ذلك كسائر العقود . والظاهر كفاية القبول الفعلي بعد الإيجاب القولي; بأن يتسلّم الأرض بهذا القصد . ولا يعتبر في عقدها العربيّة ، فيقع بكلّ لغة . ولا يبعد جريان المعاطاة فيها بعد تعيين ما يلزم تعيينه1.
1 ـ والوجه في التعبير بالمفاعلة هو الوجه المتقدّم في باب المضاربة(1) من دون فرق ، وهي المعاملة على أن تزرع الأرض بحصّة من حاصلها ، ففي الحقيقة تكون شبيه المضاربة في أنّ الإمكان المالي من أحد والعمل من آخر ، وهنا تكون الأرض من صاحبها ، والزرع من الطرف الآخر في مقابل حصّة من حاصلها ، وخلاصة المجموع أنّ نظر الشارع إلى أن لا تبقى الأرض بلا ثمر وأثر ، ولا يكون عمل العامل معطّلاً وبلا فائدة ، فدخالة المزارعة في تحقّق شعبة من اقتصاد المجتمع الإسلامي الذي قيل في حقّه: من لا معاش له لا معاد له ، ويترتّب على عدم انتظامه مفاسد
(1) في ص 9 ـ 10 .
(الصفحة140)
مسألة 1 : يعتبر فيها زائداً على ما اعتبر في المتعاقدين; من البلوغ والعقل والقصد والاختيار والرشد ، وعدم الحجر لفلس إن كان تصرّفه ماليّاً دون غيره ، كالزارع إذا كان منه العمل فقط ، اُمور :
أحدها : جعل الحاصل مشاعاً بينهما ، فلو جعل الكلّ لأحدهما ، أو بعضه الخاصّ ـ كالّذي يحصل متقدّماً ، أو الّذي يحصل من القطعة الفلانية ـ لأحدهما
كثيرة نراها بالوجدان ، بل لعلّها في هذه الأزمنة تكون أزيد من السابق بكثير ، كدخالة المضاربة في ذلك ، وقد عرفت في ذلك الباب(1) أنّ الاقتصاد الإسلامي في نظر الشارع بمرحلة الأمر بإيتاء الزكاة بعد الأمر بإقامة الصلاة في أكثر موارد الكتاب مشعراً بذلك .
وكيف كان ، فالمزارعة عقد يحتاج إلى إيجاب من صاحب الأرض التي هي الأساس في هذا الباب; وهو كلّ لفظ دلّ على هذا المعنى مقروناً بقصد الإنشاء كما في سائر المعاملات ، كقوله : «زارعتك» أو «سلّمت إليك الأرض مدّة كذا على كذا» وأمثال ذلك من التعبيرات ، وقبول من الزارع كما في باب المضاربة ، وهل يعتبر في القبول موافقته للإيجاب ، أو يجوز أن يكون الإيجاب قوليّاً والقبول فعليّاً؟ الظاهر هو الثاني ; لعدم الدليل على لزوم المطابقة بوجه ، كما أنّه لا يعتبر في عقدها العربية ، بل يكفي كلّ لغة تدلّ عليه .
والسرّ فيه: ـ مضافاً إلى أنّه لا دليل على اعتبار العربيّة ـ ما ذكرناه من الوجه في المشروعيّة فيها وفي المضاربة ، ونفى البُعد في المتن عن جريان المعاطاة فيها بعد تعيين ما يلزم تعيينه من مقدار الأرض ، ومدّة الزراعة ونوعها ، ومقدار حصّة الزارع وغير ذلك ، والوجه فيه: أنّه لا ينحصر الإنشاء بالإيجاب والقبول الفعلي إلاّ فيما دلّ الدليل عليه مثل النكاح ، ولم يقم في المقام دليل على ذلك كما لا يخفى .
(1) في ص 9 ـ 10 .
|