(الصفحة261) (الصفحة262) (الصفحة263) (الصفحة264) (الصفحة265) (الصفحة266) (الصفحة267) (الصفحة268) (الصفحة269) (الصفحة270) (الصفحة271) وهو في الأصل: بمعنى المنع ، وشرعاً: كون الشخص ممنوعاً في الشرع عن التصرّف في ماله بسبب من الأسباب ، وهي كثيرة نذكر منها ما هو العمدة; وهي الصغر ، والسفه ، والفلس ، ومرض الموت1. 1 ـ الحجر لغةً بمعنى المنع ، والظاهر أنّ إطلاق الحجر والحجارة على الحجر من هذا القبيل; لأنّ صلاحيّته تمنع عن النفوذ فيه ، وشرعاً عبارة عن كون إنسان ممنوعاً عن التصرّف في ماله أو ما يتعلّق به ، كالذمّة والشراء نسيئة بسبب من الأسباب ، وهي كثيرة قد تعرّض الماتن (قدس سره) لأربعة منها لكونها العمدة; وهي الصغر والسفه ، والفلس ، ومرض الموت . ثمّ إنّ المحقّق في الشرائع ذكر بعد كتاب الرهن كتاب المفلّس ثمّ اتبعه بكتاب الحجر(1) ، مع أنّ الفلس كما عرفت أحد أسباب الحجر في عرض الأسباب الاُخر ، ولعلّ جعله كتاباً مستقلاًّ إنّما هو لأجل كثرة مسائله وفروعه دون الأسباب الاُخر . (1) شرائع الإسلام: 2/89 ـ 97 . (الصفحة272) مسألة 1 : الصغير ـ وهو الذي لم يبلغ حدّ البلوغ ـ محجور عليه شرعاً لا تنفذ تصرّفاته في أمواله ـ ببيع وصلح وهبة وإقراض وإجارة وإيداع وإعارة وغيرها ـ إلاّ ما استثني; كالوصيّة على ما سيأتي إن شاء الله تعالى ، وكالبيع في الأشياء غير الخطيرة كما مرّ وإن كان في كمال التميّز والرشد وكان التصرّف في غاية الغبطة والصلاح ، بل لا يجدي في الصحّة إذن الولي سابقاً ولا إجازته لاحقاً عند المشهور ، وهو الأقوى1. 1 ـ الصغير ـ وهو غير البالغ حدّ البلوغ ، وسيأتي علائمه إن شاء الله تعالى ـ محجور عليه شرعاً في التصرّف في أمواله ولا تنفذ تصرّفاته فيها; سواء كانت معاوضة كالبيع والإجارة والصلح ، أم غير معاوضة كالإقراض والإعارة ونحوهما ، وسواء كانت مشتملة على الغبطة والمصلحة أم لا ، وسواء كانت مسبوقة بإذن الولي أو ملحوقة بإجازته أم لا . نعم ، قد استثنى بعض الموارد كالوصيّة ، وسيأتي إن شاء الله في كتابها(1) ، وكالبيع في الأشياء الحقيرة غير الخطيرة على ما هو مذكور في كتاب البيع(2) . نعم ، المحجوريّة لا تستلزم مسلوبيّة العبارة وكون لفظه كلا لفظ ، كما أنّه لا ملازمة بين عدم ثبوت الحكم التكليفي الإلزامي عليه ، وبين عدم ثبوت الأحكام الوضعيّة كالضمان إذا أتلف مال الغير مثلاً ، كما أثبتنا ذلك في كتابنا في القواعد الفقهيّة(3) ، وذلك لأنّ مسلوبيّة العبارة لم يقم عليها دليل من إجماع أو غيره ، فلو (1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب الوصيّة: 144 ـ 148 . (2) تحرير الوسيلة ، كتاب البيع ، القول في شروط البيع . (3) القواعد الفقهيّة: 1/331 ـ 338 . (الصفحة273) مسألة 2 : كما أنّ الصبي محجور عليه بالنسبة إلى ماله ، كذلك محجور عليه بالنسبة إلى ذمّته ، فلا يصحّ منه الإقتراض ولا البيع والشراء في الذمّة بالسلم والنسيئة وإن كانت مدّة الأداء مصادفة لزمان بلوغه . وكذلك بالنسبة إلى نفسه ، فلا ينفذ منه التزويج ، ولا الطلاق على الأقوى فيمن لم يبلغ عشراً ، وعلى الأحوط فيمن بلغه ، ولو طلّق يتخلّص بالاحتياط . وكذا لا يجوز إجارة نفسه ، ولا جعل نفسه عاملاً في المضاربة وغير ذلك . نعم ، لو حاز المباحات بالاحتطاب والاحتشاش ونحوها يملكها بالنيّة ، بل وكذا يملك الجعل في الجعالة بعمله وإن لم يأذن وليّه فيهما1. صار وكيلاً عن الغير في إجراء مجرّد صيغة عقد النكاح مثلاً ، وكان مميّزاً عارفاً بالشرائط المعتبرة فيه ، فلا دليل على بطلان إنشائه وعدم الترتّب على عبارته ، بل لو فرض كونه إبناً كبيراً لأبيه ، وأتى بما فات منه من الصلاة مثلاً جامعة لجميع الشرائط ، لا يمكن الالتزام ببطلان عبادته ، وعدم السقوط عنه بعد صيرورته بالغاً مكلّفاً بقضاء الولي على تقدير عدم الإتيان ، كما أنّه لو فرض أنّه أتى بشيء من الصلوات المستحبّة لا وجه للالتزام ببطلانها ، كما ذكرناه في الكتاب المذكور(1) وأنّ عبادات الصبي شرعيّة لا تمرينيّة . 1 ـ لاشبهة في أنّ الصبي كما أنّه محجور عليه بالإضافة إلى أمواله ، كذلك محجور عليه بالإضافة إلى الذمّة المرتبطة بالأموال ، فلا يصحّ منه الاقتراض ولا البيع والشراء في الذمّة كالسلم والنسيئة، من دون فرق بين أن يكون زمان الأداء مصادفاً لزمان قبل بلوغه ، أو لزمان بلوغه ، فإنّ الملاك حال تحقّق المعاملة المستلزم (1) القواعد الفقهيّة: 1/341 ـ 356 . (الصفحة274) لاشتغال الذمّة . وأمّا بالنسبة إلى نفسه ، فإن كان مثل التزويج فلا ينفذ لارتباطه بالمال; سواء سمّى أم لم يسمّ; لثبوت المهر في المتعة ومهر المثل في الدائم مع عدم مهر المسمّى ، وأمّا الطلاق ففيه قولان بعد الاتّفاق على البطلان فيمن لم يبلغ عشراً: أحدهما : الصحّة فيمن بلغ عشراً ، كالوصيّة على ما سيأتي(1) البحث فيها إن شاء الله تعالى . ثانيهما : البطلان ولو بلغ عشراً ، وجعله في المتن مقتضى الاحتياط الوجوبي ، لكن لو لم تتحقّق رعاية هذا الاحتياط من الصبي ، وطلّق قبل البلوغ بعد العشر فاللازم التخلّص بالاحتياط; بأن يطلّقها الوليّ أو الصبيّ بعد البلوغ; لأنّ مقتضى استصحاب عدم صحّة طلاقه قبل بلوغ العشر ذلك ، ولا مجال لقياس الطلاق على الوصيّة وإن قلنا بعدم الفرق بينهما ظاهراً . وأمّا إجارة النفس التي يعبّر عنها بالإجارة على الأعمال فلا تجوز ; إمّا لأنّه لا معنى للزوم الوفاء بعقد الإجارة عليه بعد رفع قلم التكليف عنه ، وإمّا لأنّه لا فرق بين النفس والمال لو لم يكن الأوّل أقوى ، فإذا كان تصرّفه في ماله غير جائز ولو كان مشتملاً على الغبطة وبإذن الولي ، فالتصرّف في النفس أيضاً كذلك . ومن ذلك يظهر أنّه لا يجوز له أن يصير عاملاً في المضاربة ونظير ذلك . نعم ، لو تحقّق عمل حيازة المباحات كالاحتطاب والاحتشاش ونحوهما ، فالظاهر حصول الملكيّة له بالحيازة إذا كانت مقرونة بنيّة التملّك كغير الصبي ، وكذا يملك الجعل في الجعالة إذا كان على عمله ، وذلك لعدم لزوم العمل عليه في الجعالة ، وفي هاتين الصورتين لا فرق بين صورة إذن الولي وعدمه . (1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب الوصيّة: 144 ـ 148 . (الصفحة275) مسألة 3 : يعرف البلوغ في الذكر والاُنثى بأحد اُمور ثلاثة : الأوّل : نبات الشعر الخشن على العانة ، ولا اعتبار بالزّغَب والشعر الضعيف ، الثاني : خروج المني يقظةً أو نوماً بجماع أو احتلام أو غيرهما ، الثالث : السنّ; وهو في الذكر إكمال خمس عشرة سنة ، وفي الاُنثى إكمال تسع سنين1. 1 ـ يعرف البلوغ في الذكر والاُنثى بأحد اُمور ثلاثة : الأوّل : نبات الشعر الخشن على العانة ، وظاهر إطلاق الماتن كصريح المحقّق في الشرائع(1) أنّه لا فرق في علاميّة هذه العلامة بين المسلم والكافر ، خلافاً للمحكي عن الشافعي في أحد قوليه ، حيث إنّه قال بالثبوت في حقّ الكفار خاصّة(2) ; لكونه علامة مكتسبة تستعجل بالمعالجة ، وإنّما اعتبرت في الكفّار لانتفاء التهمة بالاستعجال في حقّهم ، ولأنّه لا طريق إلى معرفة بلوغهم سوى ذلك ، بخلاف المسلمين; لجواز الرجوع إليهم في معرفة البلوغ . ولكن ذكر صاحب الجواهر (قدس سره) : أنّ الجميع كما ترى; إذ الاستعجال قائم في الفريقين ، وكذا الحاجة إلى هذه العلامة ، فإنّ الاحتلام والسنّ كثيراً ما يشتبه الأمر فيهما بخلافها ، مضافاً إلى ما ستعرفه من إطلاق الأدلّة ، ولذا اتّفاق أصحابنا ظاهراً على خلافه . نعم ، ربما نسب ذلك إلى الشيخ ولم نتحقّقه ، بل قال في الخلاف : الإنبات دليل على بلوغ المسلمين والمشركين بإجماع الفرقة(3) (4) . ويدلّ عليه الأخبار المرويّة عن الفريقين ، فعن طريق العامّة ما روي أنّ سعد بن (1) شرائع الإسلام: 2/99 . (2) الخلاف: 3/281 مسألة 1 ، المجموع: 14/148 ، المغني لابن قدامة: 4/513 ، الشرح الكبير: 4/513 . (3) الخلاف: 3/281 مسألة 1 . (4) جواهر الكلام: 26/5 . (الصفحة276) معاذ لمّا حكم على بني قريضة كان يكشف عن عورات المراهقين ومن أنبت منهم قتل ، ومن لم ينبت جعل في الذراري(1) . وكذا ما روي عن عطية القرضي قال : عرضنا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم قريضة وكان من أنبت قتل ومن لم ينبت خلّى سبيله ، فكنت فيمن لم ينبت فخلّى سبيلي(2) . وأمّا ما عن طريق الأصحاب . فمنها : رواية أبي البختري ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه (عليهما السلام) أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)عرضهم يومئذ على العانات ، فمن وجده أنبت قتله ، ومن لم يجده أنبت ألحقه بالذراري(3) . ومنها : رواية حمزة بن حمران ، عن حمران ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: الغلام لا يجوز أمره في الشراء والبيع ، ولا يخرج من اليتم حتّى يبلغ خمس عشرة سنة ، أو يحتلم أو يشعر أو ينبت قبل ذلك(4) . ومنها : رواية يزيد الكناسي ، عن أبي جفعر (عليه السلام) قال في حديث: إنّ الغلام إذا زوّجه أبوه ولم يدرك كان بالخيار إذا أدرك وبلغ خمس عشرة سنة ، أو يشعر في (1) صحيح البخاري: 4/35 ح3043 و ج5/60 ح4121 و ج7/174 ح6262 ، السنن الكبرى للبيهقي: 13/326 ـ 327 ح18525 ـ 18526 ، عوالئ اللئالي: 1/221 ح97 ، وعنه مستدرك الوسائل: 1/86 ، أبواب مقدمة العبادات ب4 ح45 . (2) السنن الكبرى للبيهقي: 8/411 ح11500 ـ 11502 و ج13/327 ح18527 . (3) قرب الإسناد: 133 ح467 ، وعنه الوسائل: 1/44 ، أبواب مقدّمة العبادات: ب4 ح8 والبحار: 100/31 ح5 . (4) الكافي: 7/197 ذح1 ، مستطرفات السرائر: 86 ذح34 ، وعنهما الوسائل: 1/43 ، أبواب مقدّمة العبادات ب4 ح2 . (الصفحة277) وجهه ، أو ينبت في عانته قبل ذلك(1) . ومنها : ما في المحكي عن تفسير عليّ بن إبراهيم في قوله تعالى : {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى}(2) إلى آخره ، قال: قال : من كان في يده مال بعض اليتامى ، فلا يجوز له أن يعطيه حتّى يبلغ النكاح ويحتلم ـ إلى أن قال : ـ وإن كانوا لا يعلمون أنّه قد بلغ ، فإنّه يمتحن بريح إبطه أو نبت عانته ، فإذا كان ذلك فقد بلغ(3) ، بناءً على أنّ الضمير في قوله: قال: راجع إلى الصادق (عليه السلام) المذكور في الآية السابقة ، كما عن الصافي في روايته عنه مسنداً إليه(4) . قال في الجواهر : ولعلّه وجده كذلك فيما وصل إليه من النسخ ، وإلاّ كان من كلامه على عادة القدماء ، وهو وإن لم يكن حجّة لكنّه لا يخلو من تأييد(5) . وكيف كان ، فلا ينبغي الإشكال في أصل الحكم في الجملة ، لكن الإشكال في عموميّة الحكم للذكر والاُنثى ، كما هو صريح المتن ومعقد إجماعي الخلاف(6)والتذكرة(7) ، أو الاختصاص بالذكر كما هو مورد النصوص ، وحكي عن بعض الأصحاب بنحو الإجمال(8) ، والظاهر هو الأوّل ، وأنّه لا اختصاص للذكر بذلك (1) تهذيب الأحكام: 7/382 ح1544 ، الاستبصار: 3/237 ح855 ، وعنهما الوسائل: 20/287 ، كتاب النكاح ، أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ب6 ح9 . (2) سورة النساء : 4/6 . (3) تفسير القمّي: 1/131 ، وعنه مستدرك الوسائل: 13/428 ، كتاب الحجر ب2 ح1 . (4) تفسير الصافي: 1/332 . (5) جواهر الكلام: 26/7 . (6) الخلاف: 3/281 مسألة 1. (7) تذكرة الفقهاء: 2/73 (ط الحجري) . (8) الحاكي هو صاحب الجواهر: 26/7 . (الصفحة278) وإن كان شعر الوجه لا يكون في النساء غالباً ، ويدلّ عليه أنّ الإنبات أمارة طبيعيّة إعتبرها الشارع; لكشفه عن تحقّق الإدراك فلا يختلف الأمر ، مضافاً إلى أنّ العادة تقتضي بتأخّر إنبات الشعر في الاُنثى عن تسع سنين ، ولعلّ التأخّر كان كثيراً . ثمّ إنّ تقييد الشعر بالخشونة كما في المتن وغيره(1) ، ونفي اعتبار الزغب والشعر الخفيف مع خلوّ الروايات كما عرفت عن هذا التقييد ، أنّ المعهود في اعتبار البلوغ الذي لا يوجد في حال الصغر هو الشعر المذكور ، فلا يقدح خلوّ الروايات عنه كما لا يخفى ، كما أنّ الإضافة إلى العانة مشعر بل دالّ على أنّ شعر سائر الموارد لا يكون دليلاً على البلوغ ، ولكن يوجد في عبارات ما لعلّه يدلّ على الخلاف(2) ، بل لم يقع التقييد بالعانة في بعضها(3) ، ولكن في بعض روايات العامّة المتقدِّمة وبعض روايات الخاصّة أيضاً الإضافة إلى العانة أو العورة ، وعن بعضهم كالعلاّمة في التحرير أنّ الأقرب أنّ إنبات اللحية دليل على البلوغ ، أمّا باقي الشعور فلا(4) ، وحكى في التذكرة عن الشافعيّة وجهين في إلحاق اللحية والشارب بالعانة : أحدهما الإلحاق(5) ثمّ قال : ولا بأس به عندي بناءً على العادة القاضية بتأخّر ذلك عن البلوغ(6) ، بل هو لا يخلو عن قوّة للعادة ، ويدلّ عليه بعض الأخبار السابقة التي لم يقع التقييد فيها بالعانة والعورة . (1) شرائع الإسلام: 2/99 ، تذكرة الفقهاء: 2/73 (ط الحجري) . (2) الحدائق الناضرة: 20/347 . (3) كرواية حمران المتقدّمة . (4) تحرير الأحكام: 2/535 . (5) المجموع: 14/150 ، روضة الطالبين: 3/467 . (6) تذكرة الفقهاء: 2/74 (ط الحجري) . (الصفحة279) وربما يُقال : إنّه لو كان علامة لاستغني بها عن اختبار شعر العانة ، بل لم يجز الكشف عنها لكونها عورة ، وفيه المنع موضوعاً وحكماً لعدم الاستغناء عنها ; لتقدّم نباتها على اللحية والشارب ، بل في الجواهر يقوى إلحاق العذار والعارض والعنفقة ونحوها بهما لعموم المستند(1) ، إلاّ أنّه مع ذلك يظهر من باقي الأصحاب الاختصاص بالعانة ، بل هو صريح بعضهم(2) ، ولذا اقتصروا عليها في العلامات إلاّ أن يكون ذلك منهم ، نظراً إلى تأخّر نباتهما عن البلوغ عادةً بكثير ، ومدارهم على ذكر العلامات النافعة عند الاشتباه ، لا حال معلومية البلوغ الحاصلة غالباً بنباتهما بحيث لا يحتاج إلى استناد العلامات . نعم ، لا ينبغي الإشكال في أنّه لا عبرة بشعور سائر الأعضاء ، كشعر الصدر واليدين وساقي الرجلين ، وفي محكيّ التذكرة : ولا اعتبار بشعر الإبط عندنا(3) ، وللشافعي فيه وجهان(4) ، ومنه يعلم شذوذ ما في بعض الأخبار من عدّ شعر الإبط من العلامات ، ونصوص الأشعار محمولة على الإنبات خاصّة أو مع غيره ، مثل اللحية والشارب كما لا يخفى . ثمّ إنّ هنا بحثاً مهمّاً; وهو أنّ الإنبات المعتبر هل يكون بنفسه بلوغاً ، أو دليلاً على سبقه كالحمل ، فالمحكي في مفتاح الكرامة عن جملة كثيرة من كتب الأصحاب الأوّل(5) ، لكن ذكر صاحب الجواهر الذي هو تلميذه : أنّي لم أتحقّق ذلك من كثير (1) جواهر الكلام: 26/8 . (2) كالشيخ في المبسوط: 2/283 والشهيد الثاني في المسالك: 4/141 . (3) تذكرة الفقهاء: 2/74 (ط الحجري) . (4) المجموع: 14/149 ، روضة الطالبين: 3/467 . (5) مفتاح الكرامة: 5/235 . (الصفحة280) ممّن نسب إليه ، بل ليسوا بصدد بيان هذا الأمر ، مع أنّه قد صرّحت في جملة كثيرة اُخرى بأنّه دليل لا بلوغ ، وقد ادّعيت الشهرة على كلا القولين(1) (2) وتظهر ثمرة الخلاف في قضاء ما يجب قضاؤه من العبادات ، وفي نفوذ إقراره وتصرّفاته المتقدّمة على الاعتبار بزمان يعلم بعدم تأخّر بلوغه عنه ، والأقوى كما في الجواهر هو كونه دليلاً لا بلوغاً(3) ، ويؤيّده بل يدلّ عليه تعليق الأحكام في الكتاب والسنّة على الاحتلام ، مع أنّه كاشف عن سبق البلوغ بلا ريب ، وكذا يدلّ عليه أنّ الإنبات المذكور تدريجي الحصول ، والبلوغ لا يكون كذلك ، وعدم معلوميّة أوّل آنات تحقّق الشعر الخشن وقضاء العادة بتأخّره عنه . الأمر الثاني: من الاُمور التي يعرف البلوغ بها خروج المني يقظةً أو نوماً ، بالجماع أو الاحتلام أو غيرهما ، وقد نفي فيه الخلاف بين المسلمين فضلاً عن المؤمنين(4) ، والأصل في ذلك قوله تعالى في سورة النور : {وَإِذَا بَلَغَ الاَْطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا}(5) الآية . وفي سورة النساء : {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ}(6) الآية . وفي سورة الإسراء : {وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ}(7) الآية ، ويدلّ عليه أيضاً روايات كثيرة : منها : رواية هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : انقطاع يُتم اليتيم (1) مسالك الأفهام: 4/141 . (2 ، 3) جواهر الكلام: 26/9 . (4) جواهر الكلام: 26/10 . (5) سورة النور : 24/59 . (6) سورة النساء : 4/6 . (7) سورة الإسراء : 17/34 . |