(الصفحة 181)
المقام الثاني: التوضّي بالمشتبهين مع نجاسة أعضاء الوضوء
وأ مّا ا لكلام في ا لمقام ا لثاني فملخّصـه :
أ نّـه تصحّ ا لصلاة عقيب ا لطهارتين لقاعدة ا لطهارة ، ا لتي هي ا لمرجع بعد تعارض ا لاستصحابين .
وذلك ـ أي وجـه جريانهما ـ أ نّـه لابدّ ـ حينئذ ـ من تطهير مواضع ا لوضوء با لماء ا لأوّل ، ثمّ ا لوضوء بـه ، ثمّ ا لتطهير با لماء ا لثاني ، ثمّ ا لوضوء بـه .
فيعلم إجمالاً بارتفاع ا لنجاسـة ا لسابقـة ; إمّا با لماء ا لأوّل أو با لماء ا لثاني ، ويشكّ في ارتفاع ا لطهارة ا لحادثـة ; لاحتما ل كون ا لماء ا لطاهر هو ا لماء ا لثاني ، فتستصحب .
وكذلك يعلم ـ تفصيلاً ـ بنجاسـة ا لأعضاء حين اغتسا لها با لماء ا لثاني قبل حصول شرائط ا لتطهير ، وا لمفروض ا لشكّ في ارتفاعها ; لاحتما ل كون ا لماء ا لطاهر هو ا لماء ا لأوّل فتستصحب .
ويتعارض الأصلان ويسقطان،والمرجع هي قاعدة الطهارة ، فتصحّ الصلاة بذلك ا لوضوء على مقتضى ا لقاعدة ، وعليه يكون الحكم في الروايتين(1) مخالفاً للقاعدة .
ولكن لايخفى أنّ هذا ا لفرض في غايـة ا لندرة ; إذ لو كان بعض ا لأعضاء نجساً دون ا لبعض ا لآخر ، يكون حكمـه حكم ما لو كان كلّها طاهراً ، وفرض ما لو كانت محالّ ا لوضوء نجسـة بأجمعها دون غيرها ، فرض نادر لايكاد يتّفق إلاّ قليلاً ، كما لايخفى .
1 ـ ا لكافي 3 : 10 / 6 ، تهذيب ا لأحكام 1 : 248 / 712 ، وسائل ا لشيعـة 1 : 151 ، كتاب ا لطهارة ، أبواب ا لماء ا لمطلق ، ا لباب 8 ، ا لحديث 2 و14 .
(الصفحة 182)
ثمّإنّ ا لأمر بالإراقـة وا لإهراق ـ كما في ا لروايتين ـ هل يكون لوجوبـه تعبّداً ، أو كنايـة عن عدم ا لانتفاع بهما للوضوء ، أو لصيرورة ا لمكلّف فاقداً للماء ، فيصير تكليفـه ا لتيمّم لذلك ؟ وجوه :
لايخفى ضعف ا لوجـه ا لأوّل ، كا لوجـه ا لثا لث ا لراجع إ لى أنّ ا لرجوع إ لى ا لتيمّم ، إنّما هو لفقدان ا لماء ، لا للابتلاء باستصحاب ا لنجاسـة ، وا لظاهر هو ا لوجـه ا لثاني وإن كان مشتركاً مع ا لوجـه ا لثا لث في عدم وجوب ا لإهراق ; إذ لا معنى لوجوبـه إلاّ عدم حصول ا لطهارة بهما ، وا لمفروض أنّ مقتضاه أنّ وجوب ا لتيمّم لفقدان ا لماء ، لا لعدم إمكان حصول ا لطهارة بهما ، فيكون ا لإهراق مستحبّاً لا واجباً .
(الصفحة 183)
المسألة الثالثة
في الماء المضاف
قا ل ا لمحقّق (قدس سره) في «ا لشرائع» في تعريفـه : «هو كلّ ما اعتُصر من جسم أو مُزج بـه مزجاً يسلبـه إطلاق ا لاسم»(1) .
أقول: لايخفى أنّ ا لماء ا لمضاف لايكون قسيماً للماء ا لمطلق ; بأن يكون لماهيّـة ا لماء وحقيقتـه نوعان : أحدهما ا لمطلق ، وا لآخر ا لمضاف ، بل ا لظاهر أنّ ا لمضاف يكون خارجاً عن حقيقـة ا لماء وواقعاً في مقابلها ، كسائر ا لمائعات ا لتي تكون لها حقائق اُخر في قبا ل ا لماء ، كا للبن وا لخلّ وأشباهها .
وا لفرق بين ا لماء ا لمضاف وبين تلك ا لمائعات ، إنّما هو في مجرّد ا لتسميـة ; بمعنى أنّ ا لواضع قد جعل لها ألفاظاً مخصوصـة مفردة من دون إضافـة ، بخلاف ا لماء ا لمضاف ، فإنّـه قد جعل ا لمعرّف لـه ا لماء مع إضافتـه إ لى شيء آخر ، كماء ا لرمان وماء ا لبطيخ وماء ا لورد وأشباهها ، فالاختلاف إنّما هو في مجرّد ا لاسم ، لا
1 ـ شرائع ا لإسلام 1 : 7 .
(الصفحة 184)
أن يكون ا لماء ا لمضاف من أقسام ا لماء ومصاديقـه وأفراده دونها .
وممّا ذكرنا ظهر تعريف ا لماء ا لمضاف ، وأ نّـه عبارة عن ا لمائع ا لذي يكون ا لمعرّف لـه ا لماء مع إضافتـه إ لى شيء مضاف ; بمعنى أ نّـه لايكون لـه اسم آخر .
ثمّ لايخفى أنّ ا لبحث في هذا ا لمقام لايختصّ بخصوص ا لماء ا لمضاف ، بل يجري في جميع ا لمائعات ا لخارجـة عن صدق اسم ا لماء عليها ; وذلك لاتّحاد ا لملاك وا لمناط .
في تأسيس الأصل
ثمّ إنّـه لو شكّ في ماء أ نّـه مطلق أو مضاف ، فإن كانت حا لتـه ا لسابقـة ا لإطلاق يحكم ببقائـه لاستصحابـه ، كما أ نّـه لو كانت ا لحا لـة ا لسابقـة ا لإضافـة فمقتضى ا لاستصحاب بقاؤها ، نظير ا لقلّـة وا لكثرة ا لمستصحبتين فيما لو شُكّ في بقائهما ، فيجري استصحاب ا لكُرّيّـة في ا لماء ا لكُرّ ، ا لذي اُخذ منـه مقدار قليل لايضرّ ببقاء ا لموضوع بنظر ا لعرف ، ا لذي هو ا لمرجع في تعيين موضوع ا لاستصحاب ، ويجري استصحاب ا لقلّـة في ا لماء ا لقليل ا لذي زيد عليـه مقدار كذلك ; وإن بلغ ذلك ا لمقدار ا لذي يجري فيـه استصحاب ا لكُرّيّـة في ا لفرض ا لأوّل .
ومن هنا ربما يتولّد علم إجما لي ، كما أ نّـه ربما يتولّد من ا لعلم ا لإجما لي علم تفصيليّ ، كما إذا خرج ا لمكلّف من بلده بقصد ا لسفر ، وبلغ إ لى حدّ يشكّ في كونـه حدّ ا لترخّص ، فإنّ تكليفـه ـ حينئذ ـ ا لإتمام ; لجريان استصحاب عدم ا لبلوغ إ لى حدّ ا لترخّص ، فصلّى صلاة ا لظهر كذلك ، ثمّ سافر ورجع في نفس ا ليوم إ لى ذلك ا لمكان ا لمشكوك كونـه حدّ ا لترخّص ، فإنّ استصحاب وجوب ا لقصر
(الصفحة 185)
وعدم ا لبلوغ إ لى حدّ ا لترخّص ، يقضي بوجوب ا لقصر ، فصلّى صلاة ا لعصر كذلك ، فإنّـه ـ حينئذ ـ يعلم إجمالاً ببطلان إحدى ا لصلاتين ; لأ نّـه لايخلو في ا لواقع من أحد ا لأمرين : إمّا أن يكون با لغاً إ لى حدّ ا لترخّص ، وإمّا أن لايكون كذلك ، فعلى ا لأوّل تكون صلاة ا لظهر فاسدة ، كما أ نّـه على ا لثاني تكون صلاة ا لعصر باطلـة ، وعلى أيّ تقدير يعلم تفصيلاً ببطلان صلاة ا لعصر ; إمّا من ناحيـة نفسها ، أو من جهـة بطلان صلاة ا لظهر ا لمستلزم لبطلان صلاة ا لعصر أيضاً ، فيجب عليـه ا لاحتياط با لجمع بين ا لإتمام وا لقصر في خصوص صلاة ا لعصر .
هذا كلّـه فيما لو كانت ا لحا لـة ا لسابقـة ـ من ا لإطلاق أو ا لإضافـة ـ معلومـة .
وأ مّا في غيرها فلايخفى أنّ مقتضى ا لأصل ا لحكمي ـ بعد عدم جريان ا لأصل ا لموضوعي ـ بقاء نجاسـة ا لثوب ا لمغسول بمثل هذا ا لماء ، وبقاء ا لحدث بعد ا لوضوء أو ا لغسل بـه .
حول انفعال الماء المضاف بملاقاة النجس
ثمّ إنّ في انفعا لـه بملاقاة ا لنجس وجهين بل قولين :
يظهر من ا لشيخ (قدس سره) في «كتاب ا لطهارة» ا لانفعا ل ، قا ل : «لأنّ ا لأصل في ملاقي ا لنجس ا لنجاسـة» ، ولذا استدلّ في «ا لغُنْيـة»(1) على نجاسـة ا لماء ا لقليل با لملاقاة بقولـه تعا لى : (وَا لرُّجْزَ فَاهْجُرْ)(2) ; لأنّ ا لمركوز في أذهان ا لمتشرّعـة اقتضاء ا لنجاسـة في ذاتها للسرايـة ، كما يظهر بتتبّع ا لأخبار ، مثل قولـه (عليه السلام) في
1 ـ غنيـة ا لنزوع 1 : 46 . 2 ـ ا لمدّثّر (74) : 5 .
(الصفحة 186)
ا لردّ على من قا ل : «لا أدع طعامي من أجل فأرة ماتت فيـه» ـ : «إنّما استخْفَفْتَ بدينك ; إنّ الله حرّم ا لميتـة من كُلّ شيء»(1) ، فإنّ أكل ا لطعام ا لمذكور لايكون استخفافاً بحكم ا لشارع بحرمـة ا لميتـة ـ يعني نجاستها ـ إلاّ من جهـة ما هو ا لمركوز في ا لأذهان من استلزام نجاسـة ا لشيء لنجاسـة ما يلاقيـه .
ويدلّ عليـه أيضاً : أنّ ا لمستفاد من أدلّـة كُرّيّـة ا لماء(2) أ نّها عاصمـة من ا لانفعا ل ، فعلم أنّ ا لانفعا ل مقتضى نفس ا لملاقاة ، فإذا شُكّ في إطلاق مقدار ا لكُرّ وإضافتـه ، لم يتحقّق ا لمانع عن ا لانفعا ل ، وا لمفروض وجود ا لمقتضي لـه ، نظير ا لماء ا لمشكوك في كُرّيّتـه مع جها لـة حا لتـه ا لسابقـة .
ومن جميع ما ذكرنا يظهر ضعف ا لتمسّك في ا لمقام بأصا لـة عدم ا لانفعا ل»(3) .
أقول : قد عرفت ما في ا لتمسّك بالآيـة وا لروايـة من ا لضعف ، فراجع(4) .
وأ مّا أدلّـة كُرّيّـة ا لماء فلايستفاد منها أنّ ا لملاقاة مقتضيـة وا لكُرّيّـة مانعـة أصلاً ، ولو سلّمنا ذلك فثبوت ا لمقتضى يتوقّف على وجود ا لمقتضي وإحراز عدم ا لمانع ، لا مجرّد ا لشكّ فيـه ، وا لمفروض عدم إمكان إحرازه في ا لفرض .
نعم قد يقا ل في مثل ا لمقام ; ممّا استفيد فيـه عموم ا لاقتضاء من ا لأدلّـة ا للفظيّـة : إنّ مرجع ا لشكّ في وجود ا لمانع إ لى ا لشكّ في ا لتخصيص ، ويرجع معـه
1 ـ تهذيب ا لأحكام 1 : 420 / 1327 ، الاستبصار 1 : 24 / 60 ، وسائل ا لشيعـة 1 : 206 ، كتاب ا لطهارة ، أبواب ا لماء ا لمضاف ، ا لباب 5 ، ا لحديث 2 . 2 ـ وسائل ا لشيعـة 1 : 158 ، كتاب ا لطهارة ، أبواب ا لماء ا لمطلق ، ا لباب 9 . 3 ـ ا لطهارة ، ضمن تراث ا لشيخ ا لأعظم 1 : 292 . 4 ـ تقدّم في ا لصفحـة 155 ـ 156 .
(الصفحة 187)
إ لى أصا لـة عدم ا لتخصيص(1) .
ولكنّـه لايخفى أنّ ا لتمسّك بها في ا لمقام ، إنّما هو من قبيل ا لتمسّك با لعامّ في ا لشبهات ا لمصداقيّـة ، وقد حُقّق في محلّـه(2) عدم ا لجواز .
ثمّ إنّ ا لحاكم وا لمرجع في ا لتشخيص إنّما هو ا لعرف ، فكلّ موضع حكم فيـه بالإطلاق أو ا لإضافـة فا لواجب اتّباعـه ، ولا عبرة بما عن «ا لمبسوط» من ا لتحديد بعدم أكثريّـة ا لمضاف(3) ، وكذا لا عبرة بما عن ا لعلاّمـة من اعتباره ـ في خلط ا لمضاف ا لمسلوب ا لصفات ، كمنقطع ا لرائحـة من ماء ا لورد ـ تقديرها(4) ، وحُكي عنـه تقدير ا لوسط منها دون ا لصفـة ا لشخصيّـة ا لموجودة قبل ا لسلب(5) ، فإنّ ا لتقدير وا لكمّيّـة ينافيان كون ا لمرجع هو ا لعرف . نعم قد يخفى ا لصدق بحسب نظر ا لعرف أيضاً فا لحكم ـ حينئذ ـ كما عرفت .
1 ـ اُنظر مصباح ا لفقيـه ، ا لطهارة 1 : 269 . 2 ـ اُنظر مناهج ا لوصول 2 : 247 ـ 252 ، تهذيب ا لاُصول 1 : 474 ـ 478 . 3 ـ ا لمبسوط 1 : 8 ، مستند ا لشيعـة 1 : 133 ، جواهر ا لكلام 1 : 308 . 4 ـ مختلف ا لشيعـة 1 : 72 . 5 ـ ذكرى ا لشيعـة 1 : 74 ، ا لحدائق ا لناضرة 1 : 411 .
(الصفحة 189)
المسألة الرابعة
في أحكام الماء المضاف
قا ل ا لمحقّق في «ا لشرائع» : «وهو طاهر ، لكن لايزيل حدثاً إجماعاً ، ولا خبثاً على ا لأظهر»(1) .
أقول : أ مّا عدم ارتفاع ا لحدث با لماء ا لمضاف ، فلا خلاف فيـه نصّاً(2) وفتوى(3) ، مضافاً إ لى دلالـة ا لأصل عليـه أيضاً ، فلا اعتماد ـ حينئذ ـ على بعض ا لروايات ا لواردة على خلافـه ، مثل ما روي عن أبي ا لحسن (عليه السلام) من جواز ا لاغتسا ل وا لتوضّي بماء ا لورد(4) ، مضافاً إ لى إعراض ا لأصحاب عنـه وموافقتـه للعامّـة ، كما أفاده ا لشيخ (قدس سره) في «ا لتهذيب»(5) .
1 ـ شرائع ا لإسلام 1 : 7 . 2 ـ راجع وسائل ا لشيعـة 1 : 201 ، كتاب ا لطهارة ، أبواب ا لماء ا لمضاف ، ا لباب 1 ، ا لحديث 1 و 2 . 3 ـ راجع جواهر ا لكلام 1 : 311 . 4 ـ تهذيب ا لأحكام 1 : 218 / 627 ، الاستبصار 1 : 14 / 27 ، وسائل ا لشيعـة 1 : 204 ، كتاب ا لطهارة ، أبواب ا لماء ا لمضاف ، ا لباب 3 ، ا لحديث 1 . 5 ـ تهذيب ا لأحكام 1 : 219 / 628 .
(الصفحة 190)
وأ مّا ما روي من أنّ ا لنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) توضّأ با لنبيذ(1) ، فا لمراد منـه هو ما بيّنـه ا لإمام (عليه السلام) ـ في روايـة ا لكلبي ا لنسّابـة ـ : من أنّ ا لنبيذ ا لحلال هو ا لماء ا لذي قد نُبِذت فيـه تُمَيْرات(2) ، ومعلوم أنّ هذا ا لمقدار من ا لتمر لايخرجـه عن كونـه ماءً مطلقاً .
وأ مّا عدم ارتفاع ا لخبث بـه ، فهو ا لمشهور شهرة كادت تبلغ ا لإجماع(3) . نعم قد ينقل ا لخلاف عن ا لمفيد(4) وا لسيّد(قدس سرهما) (5) كما أ نّـه قد يعدّ ا لمحدّث ا لكاشاني(6) موافقاً لهما .
ولكنّـه لايخفى أنّ خلافـه راجع إ لى عدم وجوب ا لاجتناب إلاّ عن ا لأعيان ا لنجسـة ، وأنّ ا لنجس لايكون منجّساً بحيث يجب غسل ملاقيـه بعد زوال ا لعين ، إلاّ فيما قام ا لدليل على وجوب غسلـه بعد ا لزوال أيضاً كا لثوب وا لبدن ، فلايجزي فيـه ـ حينئذ ـ إلاّ ا لماء .
وحينئذ فا لكلام إنّما يقع في مقامين :
أحدهما : وجوب غسل ما لاقاه ا لنجس مع ا لرطوبـة .
ا لثاني : كفايـة ا لغسل با لماء ا لمضاف ، بعد ا لفراغ عن وجوب ا لاجتناب عن ملاقي ا لنجس .
1 ـ تهذيب ا لأحكام 1 : 219 / 628 ، الاستبصار 1 : 15 / 28 ، وسائل ا لشيعـة 1 : 202 ، كتاب ا لطهارة ، أبواب ا لماء ا لمضاف ، ا لباب 2 ، ا لحديث 1 . 2 ـ ا لكافي 6 : 416 / 3 ، تهذيب ا لأحكام 1 : 220 / 629 ، الاستبصار 1 : 16 / 29 ، وسائل ا لشيعـة 1 : 203 ، كتاب ا لطهارة ، أبواب ا لماء ا لمضاف ، ا لباب 2 ، ا لحديث 2 . 3 ـ جواهر ا لكلام 1 : 315 . 4 ـ ا لمعتبر 1 : 82 . 5 ـ ا لناصريات ، ضمن ا لجوامع ا لفقهيّـة : 219 ، ا لمسألـة 22 . 6 ـ مفاتيح ا لشرائع 1 : 77 ، ا لحدائق ا لناضرة 1 : 407 .
(الصفحة 191)
المقام الأوّل : في وجوب غسل ملاقي النجس مع الرطوبة
وا لأوّل وإن كان خارجاً عن ا لمقام ، لكنّـه لابأس بالإشارة إ ليـه إجمالاً ، فنقول : أ مّا ا لكلام في ا لمقام ا لأوّل فملخّصـه :
أنّ تأثير ا لأعيان ا لنجسـة في نجاسـة ملاقيها حكم مغروس في أذهان ا لمتشرّعـة خَلَفاً عن سَلَف ، ويظهر با لتتبّع في ا لأخبار ، فإنّـه وإن لم يرد نصّ على هذا ا لحكم بعمومـه ، إلاّ أنّ استفادتـه من ا لأخبار ا لواردة في ا لموارد ا لجزئيّـة ، ممّا لاينبغي أن ينكر ، كيف ولو اقتصر على خصوص تلك ا لموارد من دون ا لتعدّي ، يلزم تأسيس فقـه جديد .
هذا مضافاً إ لى أنّ ما اعترف بـه في ا لثوب وا لبدن ـ من وجوب غسلهما بملاقاتهما مع ا لنجاسـة(1) ـ خلاف ما هو ظاهر ا لدليل ، فإنّـه لم يرد نصّ على هذا ا لحكم بعمومـه فيهما ، وإنّما ورد في ا لاُمور ا لجزئيّـة ، كملاقاة ا لثوب مع ا لدم(2) مثلاً ، فا لواجب ـ حينئذ ـ ا لاقتصار على ما قام عليـه ا لدليل ، وورد فيـه ا لنصّ ، من دون أن يجوز ا لتعدّي حتّى في ا لثوب وا لبدن ، ومن ا لمعلوم أ نّـه لايلتزم بـه أصلاً .
المقام الثاني: في رافعيّة الماء المضاف للخبث
وأ مّا ا لكلام في ا لمقام ا لثاني : فلايخفى أنّ مقتضى ا لأخبار ا لدالّـة على وجوب غسل ا لثوب وا لبدن وا لإناء ـ وغيرها من ا لمتنجّسات با لماء ـ عدم كفايـة غير ا لماء في مقام ا لتطهير ، مضافاً إ لى أنّ ذلك مقتضى استصحاب بقاء ا لنجاسـة
1 ـ مفاتيح ا لشرائع 1 : 77 . 2 ـ وسائل ا لشيعـة 3 : 429 ، كتاب ا لطهارة ، أبواب ا لنجاسات ، ا لباب 20 ، أكثر الأحاديث .
(الصفحة 192)
ا لمفروض حدوثها ـ لأنّ ا لكلام إنّما هو بعد ا لفراغ عنـه ـ إ لى أن يُعلم ا لمزيل لها ، وا لمفروض ا لشكّ فيـه .
بل لايبعد أن يقا ل بانصراف ا لأخبار ا لآمرة با لغسل ـ من دون ا لتعرّض لخصوصيّـة ا لمغسول بـه ; من ا لماء أو غيره ـ عن ا لغسل بغير ا لماء ; لأ نّـه خارج عن ا لمتعارف .
ودعوى انصرافها عن ا لغسل بمثل ماء ا لكبريت وا لنفط(1) أيضاً مع قيام ا لإجماع(2) على عدم جواز ا لغسل بهما .
مدفوعـة بمنع ا لانصراف ; لأنّ انصراف ا لذهن عنـه إنّما هو لنُدْرة وجوده ، نظير انصراف ا لذهن إ لى ا لماء ا لموجود في بلده مثلاً ، وذلك لايضرّ بالإطلاق أصلاً ، وهذا بخلاف ا لغسل با للبن وا لخلّ ونظائرهما ، فإنّـه لايكون متعارفاً ، ولايلتفت إ ليـه ا لمخاطب أصلاً .
وما رُوي عن عليّ (عليه السلام) من أ نّـه قا ل : «لابأس أن يُغسل ا لدم با لبصاق»(3) ، فا لظاهر أ نّـه مُعرَض عنـه عند ا لأصحاب ، ولايكون قابلاً للاعتماد أصلاً ، مضافاً إ لى أ نّـه لايمكن ـ عادة ـ تطهير ا لدم با لبصاق ; بحيث كان جامعاً لشرائطـه ولو كان ا لدم قليلاً ، كما لايخفى .
1 ـ ا لناصريات ، ضمن ا لجوامع ا لفقهيّـة : 219 ، ا لمسأ لـة 22 . 2 ـ مدارك ا لأحكام 1 : 114 . 3 ـ تهذيب ا لأحكام 1 : 425 / 1350 ، وسائل ا لشيعـة 1 : 205 ، كتاب ا لطهارة ، أبواب ا لماء ا لمضاف ، ا لباب4 ، ا لحديث 2 .
(الصفحة 193)
تنجّس المضاف وعدم جواز استعماله مع النجاسة
قا ل ا لمحقّق (قدس سره) في «ا لشرائع» : «ومتى لاقتـه ا لنجاسـة نجس قليلـه وكثيره ولم يجز استعما لـه في أكل ولا شرب»(1) .
أقول: أ مّا عدم جواز ا لاستعما ل في ا لأكل وا لشرب ، بعد ا لفراغ عن تأثّره بسبب ملاقاة ا لنجس ، فممّا لا إشكا ل فيـه ، وقد عرفت ما يدلّ عليـه(2) .
أدلّة تنجّس المضاف بملاقاة النجس مطلقاً
وإنّما ا لمقصود هنا إثبات نجاسـة ا لماء ا لمضاف بملاقاة ا لنجس مطلقاً ; سواء كان قليلاً أو كثيراً ، وا لعُمدة في إثباتـه إنّما هو بعض ا لروايات ا لواردة في ا لمسأ لـة ، فنقول :
إنّ ا لمهمّ منها هي صحيحـة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قا ل : «إذا وقعت ا لفأرة في ا لسمن فماتت ، فإن كان جامداً فألْقها وما يليها ، وكُلْ ما بقي ، وإن كان ذائباً فلاتأكلـه ، واستصبح بـه ، وا لزيت مثل ذلك»(3) .
ودلالتها على عدم ا لفرق بين ا لكثير وا لقليل من ا لزيت وكذا ا لسمن ـ فيما إذا كانا ذائبين ـ من حيث ا لنجاسـة ممّا لا إشكا ل فيها ، فإنّ ا لإمام (عليه السلام) إنّما رتّب حرمـة ا لأكل على طبيعـة ا لسمن في صورة ا لذوبان وا لميعان ; من دون أخذ قيد
1 ـ شرائع ا لإسلام 1 : 7 . 2 ـ تقدّم في ا لصفحـة 133 . 3 ـ ا لكافي 6 : 261 / 1 ، تهذيب ا لأحكام 9 : 85 / 360 ، وسائل ا لشيعـة 1 : 205 ، كتاب ا لطهارة ، أبواب ا لماء ا لمضاف ، ا لباب 5 ، ا لحديث 1 ، و 24 : 194 ، كتاب ا لأطعمـة وا لأشربـة ، أبواب ا لأطعمـة ا لمحرّمـة ، ا لباب 43 ، ا لحديث2 .
(الصفحة 194)
فيـه من ا لظرف أو ا لمقدار أو غيرهما من ا لخصوصيّات ، فإطلاقـه يشمل ما إذا كان ا لسمن كثيراً ، خصوصاً بملاحظـة أ نّـه لم يقع ذلك جواباً لسؤال ; حتّى يصير ذلك قرينـة على عدم إرادة ا لإطلاق ، بل إنّما هو حكم ابتدائي صادر من ا لإمام (عليه السلام) ، من دون أن يكون مسبوقاً با لسؤال ، وظاهره أنّ موضوع ذلك ا لحكم هي نفس طبيعـة ا لسمن إذا كان ذائباً ، وكذا ا لزيت ، فاحتما ل مدخليّـة ا لقلّـة في ترتّب ا لحكم ، لا وجـه لـه مع ثبوت ا لإطلاق وعدم قرينـة على ا لتقييد .
ودعوى ا لانصراف عن ا لسمن وا لزيت ا لكثيرين(1) ، يدفعها : أ نّها مجرّد ادّعاء لابيّنـة عليها أصلاً ، كما لايخفى .
ثمّ إنّـه لا إشكا ل في عدم اختصاص ا لحكم ـ ا لمذكور في ا لروايـة ـ بخصوص ا لزيت وا لسمن ، بل يشمل جميع ا لمائعات ما عدا ا لماء ا لمطلق .
وتوهّم ا لاختصاص ـ كما عن صاحب «ا لحدائق» ـ نظراً إ لى أنّ كلامنا في ا لماء ا لمضاف ، لا في ا لمائعات ا لخارجـة عن حقيقـة ا لماء بكلا قسميـه ، ومورد ا لروايـة إنّما هو تلك ا لمائعات لا ا لماء ا لمضاف(2) .
مدفوع بما ذكرنا في أوّل ا لمبحث : من أنّ ا لماء ا لمضاف ليس من أقسام ا لماء وأفراده ، بل هو خارج عن حقيقتـه ، كسائر ا لمائعات كا للبن وا لخلّ ، وا لفرق بينـه وبينها ، إنّما هو في إطلاق لفظ ا لماء عليـه مع إضافتـه إ لى شيء آخر دونها ، لا في كونـه من أنواع ا لماء وأقسامـه بخلافها(3) ، فإنّ هذا ممّا لايتوهّمـه من لـه أدنى بصيرة بحقائق ا لأشياء .
وبا لجملـة:فإنّ هنا شيئين : ا لماء ا لمطلق وسائر ا لمائعات ، ا لتي لكلٍّ منها
1 ـ مصباح ا لفقيـه ، ا لطهارة 1 : 283 . 2 ـ ا لحدائق ا لناضرة 1 : 393 . 3 ـ تقدّم في ا لصفحـة 183 .
(الصفحة 195)
حقيقـة مستقلّـة وماهيّـة خاصّـة ، ومنها ا لماء ا لمضاف ، ولذا ذكرنا سابقاً : أنّ ا لنزاع لايختصّ با لماء ا لمضاف ، بل إنّما هو في ا لمائعات ا لخارجـة عن حقيقـة ا لماء(1) ، فا لروايـة إنّما وردت في بعض فروع ا لمقام ، ومن ا لمعلوم أنّ ا لمناط مجرّد ا لذوبان وا لميعان ، فتجري في غير ا لسمن وا لزيت كما لايخفى .
وا لإنصاف : أنّ هذه ا لروايـة وحدها كافيـة في إثبات ا لمطلوب ، وهو انفعا ل جميع ا لمائعات ـ عدا ا لماء ـ بملاقاة ا لنجاسـة مطلقاً ; قليلـة كانت أو كثيرة ; لما عرفت من صحّـة ا لسند وتماميّـة ا لدلالـة .
ثمّ إنّ هنا بعض ا لروايات ا لاُخر غير ا لخا ليـة عن ا لدلالـة على ا لمطلوب ; وإن كان في دلالـة بعضها نظر :
منها :روايـة جابر ا لجُعفي عن أبي جعفر (عليه السلام) ـ ا لمتقدّم نقلها ـ ا لواردة في ا لفأرة ا لواقعـة في خابيـة فيها سَمْن أو زيت .
وفيها ـ مضافاً إ لى ضعف ا لسند ـ ما عرفت سابقاً في معنى ا لروايـة ، ا لتي تكون بذلك ا لمعنى خارجـة عن ا لمقام ، فراجع(2) .
ومنها :روايـة ا لسكوني ، عن جعفر ، عن أبيـه (عليهما السلام) : «أنّ عليّاً (عليه السلام) سُئل عن قِدْر طبخت وإذا في ا لقدر فأرة ؟ قا ل : يهرق مرقها ويغسل ا للحم ويؤكل»(3) .
وفيـه : أنّ شمولـه لما إذا كان ا لمرق كثيراً مستبعد ، كما هو غير خفيّ .
ومنها :موثّقـة عمّار بن موسى عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قا ل : سأ لتـه عن ا لدنّ يكون فيـه ا لخمر ، هل يصلح أن يكون فيـه خلّ أو ماء كامخ أو زيتون ؟ قا ل :
1 ـ تقدّم في ا لصفحـة 184 . 2 ـ تقدّم في ا لصفحـة 156 ـ 157. 3 ـ ا لكافي 6 : 261 / 3 ، تهذيب ا لأحكام 9 : 86 / 365 ، الاستبصار 1 : 25 / 62 ، وسائل ا لشيعـة 1 : 206 ، كتاب ا لطهارة ، أبواب ا لماء ا لمضاف ، ا لباب 5 ، ا لحديث 3 .
(الصفحة 196)
«إذا غُسل فلابأس» . ا لحديث(1) .
وا لدَّنّ ـ كما في «ا لمنجد» ـ ا لراقود ا لعظيم لايقعد إلاّ أن يحفر لـه(2) ، ولايبعد أن يقا ل بإمكان كونـه ظرفاً للمائع ا لكثير ، كما هو ا لغا لب في ا لظروف ا لمتداولـة في ذلك ا لزمان ا لمعدّة للماء ونظائره .
وبا لجملـة : فا لمعتمد هي صحيحـة زرارة ا لمتقدّمـة(3) ا لتي لا مجا ل للخدشـة فيها أصلاً ; لما عرفت من صحّـة سندها وتماميّـة دلالتها .
هذا مضافاً إ لى ا لإجماع ا لذي نقلـه كثير من ا لأصحاب(4) ; بحيث يظنّ ـ بل يقطع ـ بتحقّقـه .
التمسّك بقاعدة المقتضي والمانع في المقام
ثمّ إنّه قد يتمسّك لتعميم الحكم بالإضافة إلى القليل والكثير بقاعدة المقتضي والمانع كما عن ا لشيخ (قدس سره) (5) وقد عرفت نظيره سابقاً(6) ; بتقريب : أنّ المستفاد من أدلّة اعتصام ا لكثير ا لمطلق أنّ ا لكُرّيّـة عاصمـة ، وإلاّ فا لمقتضي للانفعا ل في ا لكثير أيضاً موجود ، كما يشهد بذلك استناد عدم ا لانفعا ل إ لى ا لكُرّيّـة ، فهي مانعـة ; لأنّ استناد عدم ا لشيء إ لى وجود شيء ، دليل على مانعيّتـه وثبوت المقتضي له .
1 ـ ا لكافي 6 : 427 / 1 ، تهذيب ا لأحكام 1 : 283 / 830 ، وسائل ا لشيعـة 3 : 494 ، كتاب ا لطهارة ، أبواب ا لنجاسات ، ا لباب 51 ، ا لحديث 1 . 2 ـ ا لمنجد : 226 . 3 ـ تقدّمت في ا لصفحـة 193 . 4 ـ ا لسرائر 1 : 59 ، ا لمعتبر 1 : 84 ، منتهى ا لمطلب 1 : 22 / ا لسطر 1 ، ذكرى ا لشيعـة 1 : 74 ، جواهر ا لكلام 1 : 322 ، مصباح ا لفقيـه ، ا لطهارة 1 : 282 . 5 ـ ا لطهارة ، ضمن تراث ا لشيخ ا لأعظم 1 : 300 . 6 ـ اُنظر ما تقدّم في ا لصفحـة 101 .
(الصفحة 197)
وا لقول : بأ نّـه يحتمل أن تكون ا لقلّـة شرطاً(1) ، يدفعـه : أ نّها من ا لاُمور ا لعدميّـة غير ا لقابلـة للتأثير وا لتأثّر ، فا للازم أن تكون ا لكُرّيّـة مانعـة ، وحينئذ فمع ا لشكّ في ا لمانعيّـة ـ كما في ا لمقام ـ يكون مقتضى ا لأصل عدمها ، فيكون تأثير ا لمقتضي بلا مزاحم .
وأنت خبير : بأنّ مثل هذه ا لكلمات لايرتبط بباب ا لشرعيّات ، فإنّها ليست من قبيل ا لمقتضي بحيث يكون ا لموضوع مقتضياً لحكمـه ، كالاقتضاء ا لثابت في ا لتكوينيّات ، بل إنّما هي أحكام مترتّبـة على موضوعاتها ، ا لتي يمكن أن يكون لبعض ا لقيود ا لعدميّـة مدخليّـة فيها .
ثمّ إنّـه لو سُلّم ذلك فا لحكم بثبوت ا لمقتضى متوقّف على ثبوت ا لمقتضي وإحراز عدم ا لمانع ، وإلاّ فمجرّد ا لشكّ فيـه لايكفي في ذلك .
وما ذكره : من أنّ مقتضى ا لأصل ا لعدم :
إن كان ا لمراد بـه هو ا لأصل ا لشرعي ا لذي هو عبارة ـ في ا لمقام ـ عن ا لاستصحاب ، فعدم ثبوت وصف ا لمانعيّـة للكُرّيّـة لايكون لـه حا لـة سابقـة متيقّنـة ، وعدم ثبوت طبيعـة ا لمانع لايثبت عدم مانعيّتها .
وإن كان ا لمراد بـه هو ا لأصل ا لعقلائي ـ ا لذي هو عبارة عن بنائهم على ثبوت ا لمقتضى ـ با لفتح ـ ولو مع ا لشكّ في وجود ا لمانع ـ فنحن لم نتحقّق هذا ا لبناء أصلاً ، وعلى تقديره فمورده ما إذا شُكّ في وجود ا لمانع ، ا لذي تكون مانعيّتـه محرزة ، لا فيما إذا شُكّ في مانعيّـة ا لموجود ، كما في ا لمقام .
وا لإنصاف : أنّ ا لحكم في ا لمسأ لـة بحيث لايحتاج إ لى هذه ا لاُمور ا لعقليّـة غير ا لتامّـة ، كما عرفت .
1 ـ اُنظر مصباح ا لفقيـه ، ا لطهارة 1 : 287 .
(الصفحة 199)
الماء المستعمل
في الأخباث والأحداث
حكم الغسالة
قا ل ا لمحقّق (قدس سره) في «ا لشرائع» : «وا لماء ا لمستعمل في غَسْل ا لأخباث نَجِس ; سواء تغيّر با لنجاسـة أو لم يتغيّر»(1) .
أقول: هذه ا لمسأ لـة من ا لمسائل ا لخلافيّـة ا لتي فيها من ا لأقوال ا لكثيرة ما لا مجا ل لاستقصائها ، وما ذكره ا لمحقّق هو ا لموافق للمشهور ، وهو ا لأقوى ـ بعد ا لبناء على تنجّس ا لماء ا لقليل ، كما عرفت أ نّـه مقتضى ا لدليل(2) ـ وذلك لأنّ ا لمتبادر عند ا لعرف من ا لأدلّـة ـ ا لدالّـة على تأثّر الماء القليل بملاقاة النجاسـة ـ أنّ ا لانفعا ل إنّما هو مسبّب عن نفس ا لملاقاة ; من دون فرق بين كيفيّات ا لملاقاة ; من ورود ا لنجاسـة على ا لماء ، أو وروده عليها ، وتجاوزه عنها ، أو استقراره معها أصلاً ، كما هو أظهر من أن يخفى ; ألا ترى أ نّـه لو قيل : بأنّ وقوع ا لفأرة ا لميتـة في ا لسمن ا لذائب ، يوجب نجاستـه وحرمـة أكلـه ـ كما في روايـة زرارة ا لمتقدّمـة
1 ـ شرائع ا لإسلام 1 : 8 . 2 ـ تقدّم في ا لصفحـة 57 .
(الصفحة 200)
ا لواردة في ا لسمن وا لزيت(1) ـ هل يتوهّم أحد : أنّ هذا ا لحكم منحصر بوقوع ا لفأرة في ا لسمن ; بحيث لو وقع ا لسمن ا لذائب عليها لايجري فيـه هذا ا لحكم ؟! ولذا لم يذهب أحد من ا لأصحاب إ لى ا لفرق بين ا لحا لتين في ا لسمن وغيره من ا لمائعات ، مع أ نّـه لم يرد نصّ على عدم ا لفرق أصلاً ، وليس ذلك إلاّ لأنّ ا لمستفاد من ا لروايـة ، أنّ ا لنجاسـة ا لمترتّبـة عليها حرمـة ا لأكل ، إنّما هي مسبّبـة عن نفس ملاقاة ا لسمن ا لذائب مع ا لميتـة ; بلا فرق بين ا لحالات أصلاً .
الاستدلال لنجاسة الغسالة بالأدلّة الواردة في انفعال الماء القليل
ونحن نقول : أيّ فرق بين هذه ا لروايـة وبين ا لأدلّـة ا لواردة في انفعا ل ا لماء ا لقليل(2) ؟ ! فكما أنّ علّـة نجاسـة ا لسمن في ا لاُولى هي نفس ا لملاقاة ; من دون فرق بين ا لحالات ، فكذلك منشأ تحقّق ا لنجاسـة في ا لثانيـة أيضاً ، هو مجرّد ا لملاقاة بأيّ وجـه اتّفق وأيّـة كيفيّـة تحقّق .
فالإنصاف : أ نّـه لو اُخلي ا لذهن في مقام فهم ا لروايات عن بعض ا لشبهات ، لايبقى مجا ل للارتياب فيما ذكرنا .
هذا مضافاً إ لى ا لإطلاق ا لأحوا لي ا لثابت في مفهوم ا لمستفيضـة ا لمعروفـة : «ا لماء إذا بلغ قدر كُرّ لم ينجّسـه شيء»(3) ، كالإطلاق ا لأحوا لي ا لثابت في منطوقـه .
1 ـ تقدّمت في ا لصفحـة 193 . 2 ـ وسائل ا لشيعـة 1 : 150 ، كتاب ا لطهارة ، أبواب ا لماء ا لمطلق ، ا لباب 8 . 3 ـ ا لكافي 3 : 2 / 2 ، ا لفقيـه 1 : 8 / 12 ، تهذيب ا لأحكام 1 : 39 / 107 ، و : 226 / 651 ، ا لاستبصار 1 : 6 / 1 ، و 20 / 45 ، و : 23 / 57 ، وسائل ا لشيعـة 1 : 158 ، كتاب ا لطهارة ، أبواب ا لماء ا لمطلق ، ا لباب 9 ، ا لحديث 1 و 2 .
|