قرآن، حديث، دعا |
زندگينامه |
کتابخانه |
احكام و فتاوا |
دروس |
معرفى و اخبار دفاتر |
ديدارها و ملاقات ها |
پيامها |
فعاليتهاى فرهنگى |
کتابخانه تخصصى فقهى |
نگارخانه |
اخبار |
مناسبتها |
صفحه ويژه |
|
(الصفحة381)
النفس عدم جواز المماثلة في الكيفية إذا كانت الجناية بنحو الغرق ، أو الحرق ، أو الرضخ بالحجارة ، أو القطع بالمنشار ، أو مثلها ، بل لابدّ من ضرب العنق بالسيف ، أو من الاستفادة من الآلات الحديثة المتداولة ، وقد ورد في مورد القتل بالعصا ما دلّ على أنّه يجاز عليه بالسيف ولا يترك يعبث به ، وعليه فعدم جواز المماثلة هناك في بعض الموارد كان مستنداً إلى قيام الدليل ودلالة الرواية .
وأمّا هنا فقد وقع الخلط في عنوان المسألة في المتن تبعاً للمحقّق في الشرائع(1) ، فإنّه إن كان المراد بيان كون القصاص في الطرف كالقصاص في النفس ، بحيث إذا كانت الجناية بقطع اليد بالمنشار أو بالخيط الحديدي مثلاً لا يجوز الاقتصاص بمثله ورعاية المماثلة في هذه الجهة ، كما هو ظاهر قوله : «لا يقتصّ إلاّ بحديدة» إلى قوله: «مناسبة لاقتصاص مثله» ، فيرد عليه ـ مضافاً إلى التصريح بجواز المماثلة بعد ذلك وإلى تجويز القلع باليد إذا قلع الجاني باليد ـ أنّه لا دليل على ذلك في المقام ، وقيام الدليل في قصاص النفس لا يستلزم إسراء الحكم إلى المقام .
وإن كان المراد بيان عدم جواز التعذيب بأكثر ممّا وقع من تعذيبه ، بل اللاّزم رعاية المماثلة في مقدار التعذيب كما يدلّ عليه تفريع هذا الحكم ، فيرد عليه أنّ إفادة هذا الحكم لا تتحقّق بمثل التعبير بقوله: «لا يقتص إلاّ بحديدة» الظاهر في انحصار كيفية الاستيفاء بذلك ، كما لا يخفى .
ثمّ إنّ ثبوت التعزير مع كون التعذيب أشدّ من جهة الكيفية ، إنّما هو لأجل كون الاقتصاص بهذا النحو غير مجاز ، فيترتّب عليه التعزير ، وأمّا عدم ثبوت شيء عليه من القصاص أو الدية أو الأرش فلوضوح عدم تحقّق الزيادة من جهة الكمّية حتّى يثبت القصاص أو الدية أو الأرش ، فتدبّر .
(1) شرائع الإسلام: 4 / 1008 .
(الصفحة382)
مسألة 15 ـ لو كان الجرح يستوعب عضو الجاني مع كونه أقلّ في المجنيّ عليه لكبر رأسه مثلاً ، كأن يكون رأس الجاني شبراً ورأس المجنيّ عليه شبرين وجنى عليه بشبر يقتصّ الشبر وإن استوعبه ، وإن زاد على العضو كأن جنى عليه في الفرض بشبرين لا يتجاوز عن عضو بعضو آخر ، فلا يقتصّ من الرقبة أو الوجه ، بل يقتصّ بقدر شبر في الفرض ويؤخذ الباقي بنسبة المساحة إن كان للعضو مقدّر وإلاّ فالحكومة ، وكذا لا يجوز تتميم الناقص بموضع آخر من العضو . ولو انعكس وكان عضو المجنيّ عليه صغيراً فجنى عليه بمقدار شبر وهو مستوعب لرأسه مثلاً لا يستوعب في القصاص رأس الجاني بل يقتصّ بمقدار شبر وإن كان الشبر نصف مساحة رأسه1.
1 ـ الملاك في هذه المسألة أنّه لو كان تقدير الجناية وملاحظة ميزانها بسبب المساحة ، وكان للطول والعرض مدخلية في تقديرها ، لكان اللاّزم الالتزام بجواز الاقتصاص بشبر ، وإن كان مستوعباً لرأس الجاني دون المجنيّ عليه ، لعدم كون مقدار النسبة إلى الرأس وهي النصف في محلّ الفرض دخيلاً في التقدير ، فلا يقال إنّه قد وقع نصف رأسه مورداً للجناية ، بل يقال: أنّه قد جنى عليه بمقدار شبر .
ومن هنا يظهر الفرق بين المقام وبين مثل قطع اليد الذي لا يلاحظ في القصاص الصغر والكبر والسمن والهزال ومثل ذلك ، فإنّ التقدير هناك إنّما هو بعنوان القطع الذي يراعى ذلك في مقام الاقتصاص ، وأمّا في المقام فالتقدير بالمساحة كما عرفت ، فاللاّزم رعايتها من دون فرق بين الاستيعاب وعدمه ، نعم مع عدم إمكان رعايتها لصغر رأس الجاني وكون الجناية أزيد منه كما في الفرض الثاني فاللاّزم الرجوع في المقدار الباقي إلى الدية أو الأرش ، لأنّ الحكم بلزوم الاقتصار على المقدار الممكن ورفع اليد عن البقية ينافي حقّ المقتصّ منه ، كما أنّ الحكم باستيفاء
(الصفحة383)
مسألة 16 ـ لو أوضح جميع رأسه بأن سلخ الجلد واللحم من جملة الرأس فللمجني عليه ذلك مع مساواة رأسهما في المساحة ، وله الخيار في الابتداء بأيّ جهة ، وكذا لو كان رأس المجنيّ عليه أصغر (أكبر ـ ظ) لكن له الغرامة في المقدار الزائد بالتقسيط على مساحة الموضحة ، ولو كان أكبر (أصغر ـ ظ) يقتصّ من الجاني بمقدار مساحة جنايته ولا يسلخ جميع رأسه ، ولو شجّه فأوضح في بعضها فله دية موضحة ، ولو أراد القصاص استوفى في الموضحة والباقي 1.
المقدار ولو في الوجه أو الرقبة لا مجال له ، لعدم كونهما من الرأس بوجه . وما في بعض الروايات من كون الوجه من الرأس(1) ـ مضافاً إلى عدم ثبوته ـ لا يكون لازمه جواز الاستيفاء من الوجه ، لعدم كون الجناية في هذا الجزء من الرأس كما لا يخفى .
ومنه ظهر أنّه لا مجال للتكميل من جزء آخر من الرأس كالتكميل من جانب اليمين ، لو فرض كون الجناية واقعة في طرف اليسار ، للزوم رعاية المماثلة من هذه الجهة وكون الجناية واقعة في امتداد واحد .
وممّا ذكرنا ظهر الحكم في الفرض الأخير ، وأنّه لابدّ من رعاية مساحة الجناية ، ولو كان عضو المجنيّ عليه صغيراً والجناية مستوعبة لرأسه دون الجاني ، كما هو واضح .
1 ـ في هذه المسألة فرعان:
الأوّل: ما لو أوضح جميع رأس المجنيّ عليه ، بأن سلخ الجلد واللّحم ، بحيث ظهر
(1) وسائل الشيعة: 19 / 296 ، أبواب ديات الشجاج ب 5 ح1 .
(الصفحة384)
مسألة 17 ـ في الاقتصاص في الأعضاء غير ما مرّ كلّ عضو ينقسم إلى يمين وشمال كالعينين والاُذنين والأنثيين والمنخرين ونحوها لا يقتصّ إحداهما بالاُخرى ، فلو فقأ عينه اليمنى لا تقتصّ عينه اليسرى ، وكذا في غيرها ، وكلّ ما
وضح العظم وبياضه ، والحكم فيه في صوره الثلاثة واضح ، بمقتضى ما تقدّم من اعتبار المساحة أي الطول والعرض في مثله زائداً على العمق ، وعليه مع تساوي الرأسين في المساحة يقتصّ المجنيّ عليه بمثله ، ويوضح جميع رأس الجاني كذلك . ومع كون رأس المجنيّ عليه أكبر يثبت له الغرامة أيضاً ، زائدة على إيضاح جميع الرأس في المقدار الزائد بالتقسيط على مساحة الموضحة ، وفيما إذا كان رأس المجنيّ عليه أصغر لا يقتصّ من الجاني إلاّ بمقدار مساحة جنايته ، ولا يجوز له سلخ جميع الرأس ، وفي هذه الصورة يقع الكلام في أنّه هل يتعيّن عليه الابتداء بما ابتدأ منه الجاني كما اختاره في محكيّ المسالك(1) ، أو أنّ التفويض إلى الحاكم ، أو أنّ الخيار إلى المقتصّ في المقدّم والمؤخّر والوسط كما لعلّه الأقوى؟ وعليه لا يبعد القول بالتبعيض ، بأن يقتصّ بمقدار المساحة من الأبعاض المختلفة من الرأس ، فتدبّر .
الثاني: ما لو شجّه فأوضح في بعضها ، والظاهر التحقّق بضربة واحدة ، ولا شبهة في أنّه لو أراد القصاص استوفى في الموضحة والباقي ، ولو وصلت النوبة إلى الدية فليست في البين إلاّ دية واحدة وهي دية الموضحة لا هي مع الحارصة مثلاً . والوجه فيه أنّه لو كان الشجاج بنحو الإيضاح في المجموع لم يكن في البين إلاّ دية الموضحة ، إذ لا تفاوت في ديتها بتفاوتها طولاً وقصراً ، والتفاوت إنّما هو في القصاص لا الدية ، كما لا يخفى .
(1) مسالك الأفهام: 15 / 276 .
(الصفحة385)
يكون فيه الأعلى والأسفل يراعى في القصاص المحلّ ، فلا يقتصّ الأسفل بالأعلى ، كالجفنين والشفتين1.
مسألة 18 ـ في الأذن قصاص يقتصّ اليمنى باليمنى واليسرى باليسرى ، وتستوي أذن الصغير والكبير والمثقوبة والصحيحة إذا كان الثقب على المتعارف ، والصغيرة والكبيرة ، والصمّاء والسامعة ، والسمينة والهزيلة . وهل تؤخذ الصحيحة بالمخرومة ، وكذا الصحيحة بالمثقوبة على غير المتعارف بحيث تعدّ عيباً أو يقتصّ إلى حدّ الخرم والثقب والحكومة فيما بقى ، أو يقتصّ مع ردّ دية الخرم؟ وجوه لا يبعد الأخير ، ولو قطع بعضها جاز القصاص2.
1 ـ الوجه في عتبار خصوصية اليمينية والشمالية في الاقتصاص في الأعضاء التي ينقسم إلى يمين وشمال كالأعضاء المذكورة في المتن ـ مضافاً إلى دلالة بعض الروايات ووروده في بعضها كاليد على ما عرفت ـ وضوح اعتبار المماثلة في معنى القصاص لغة وعرفاً من دون فرق بين اختلاف اليمين واليسار في الآثار المترتّبة عليهما وبين اتّفاقهما فيها ، ولا مجال للاستدلال بإطلاق مثل قوله تعالى: {وَالعَينَ بِالعَينِ}(1) بعد عدم كونه في مقام البيان من هذه الجهة ، بل في مقام بيان عدم وقوع العين في مقابل الاُذن مثلاً ، وممّا ذكرنا ظهر اعتبار خصوصية كون العضو أعلى وأسفل في الاقتصاص .
2 ـ أمّا أصل جريان القصاص في الاُذن ، فيدلّ عليه مضافاً إلى قوله تعالى: {وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ} الروايات وبعدهما الاجماع ، كما أنّ اعتبار المماثلة في المحلّ قد تقدّم
(1) المائدة 5 : 45 .
(الصفحة386)
في المسألة السابقة . وأمّا الاستواء في الصغير والكبير ، وكذا في الصغيرة والكبيرة ، وكذا الصماء والسامعة ، وكذا السمينة والهزيلة ، وكذا الصحيحة والمثقوبة إذا كان الثقب على المتعارف بحيث لم تكن عيباً ، فيدلّ عليه إطلاق النصّ والفتوى .
نعم وقع الخلاف في أنّه هل تؤخذ الصحيحة بالمخرومة وكذا بالمثقوبة على غير المتعارف ، بحيث تعدّ عيباً على أقوال واحتمالات:
أحدها: الأخذ ، أخذاً بمقتضى إطلاق الأدلة كما في الموارد المتقدّمة .
ثانيها: ما عن الشيخ(1) وابن حمزة(2) والعلاّمة(3) والشهيد الثاني(4) من أنّه يقتصّ إلى حدّ الخرم والثقب ، ويثبت له الحكومة فيما بقي ، نظراً إلى عدم إمكان رعاية المماثلة في محلّ الخرم والثقب ، وإمكانها إلى ذلك الحد .
ثالثها: ما استحسنه المحقّق في الشرائع(5) وجعله في كشف اللثام(6) أشبه ، ونفى عنه البعد في المتن وهو الاقتصاص في المجموع ، مع ردّ دية الخرم إلى المقتصّ منه ، نظراً إلى إطلاق الأدلّة المؤيّد برواية الحسن بن حريش المتقدّمة ـ الواردة في رجل ضربت أصابعه بالسيف حتّى سقطت ، فأتى رجل فأطار يده(7) ـ الدالّة على أنّه تقطع يد قاطع الكفّ وتعطى دية الأصابع .
(1) المبسوط: 7 / 96 .
(2) الوسيلة: 445 ـ 446 ، لكن ظاهره الإنتقال إلى الدية .
(3) تحرير الأحكام: 2 / 258 ، إرشاد الأذهان: 2 / 207 .
(4) الروضة البهية: 10 / 85 ، مسالك الأفهام: 15 / 286 .
(5) شرائع الإسلام: 4 / 1010 .
(6) كشف اللثام: 2 / 477 .
(7) تقدّمت في ص359 ـ 360 .
(الصفحة387)
مسألة 19 ـ لو قطع أذنه فألصقها المجنيّ عليه والتصقت فالظاهر عدم سقوط القصاص ، ولو اقتصّ من الجاني فألصق الجاني أذنه والتصقت ففي رواية قطعت ثانية لبقاء الشين . وقيل: يأمر الحاكم بالإبانة ، لحمله الميتة والنجس . وفي الرواية ضعف ، ولو صارت بالإلصاق حيّة كسائر الأعضاء لم تكن ميّتة ، وتصحّ الصلاة معها ، وليس للحاكم ولا لغيره إبانتها ، بل لو أبانه شخص فعليه القصاص لو كان عن عمد وعلم وإلاّ فالدية ، ولو قطع بعض الأذن ولم يبنها فإن أمكنت المماثلة في القصاص ثبت وإلاّ فلا ، وله القصاص ولو مع إلصاقها1.
وحكى في الجواهر(1) عن بعض الناس الانتقال إلى الدية(2) ، ولكنّ الظاهر أنّه لا مجال لاحتماله بوجه ، كما لا يخفى .
1 ـ الأصل في هذه المسألة رواية رواها الشيخ بإسناده عن محمد بن الحسن الصفار ، عن الحسن بن موسى الخشاب ، عن غياث بن كلوب ، عن إسحاق بن عمّار ، عن جعفر ، عن أبيه (عليهما السلام) : إنّ رجلاً قطع من بعض اُذن رجل شيئاً ، فرفع ذلك الى علي (عليه السلام) فأقاده ، فأخذ الآخر ما قطع من اُذنه فردّه على اُذنه بدمه ، فالتحمت وبرئت ، فعاد الآخر إلى علي (عليه السلام) فاستقاده ، فأمر بها فقطعت ثانية وأمر بها فدفنت ، وقال (عليه السلام) : إنّما يكون القصاص من أجل الشين(3) .
وقد ضعّفها في المتن ، مع أنّ الحسن بن موسى الخشاب من وجوه الأصحاب ، وأمّا غياث بن كلوب فقد ذكر الشيخ في العدّة: إنه عملت الطائفة برواياته فيما
(1) جواهر الكلام: 42 / 385 .
(2) احتمله المقدّس الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان: 14/91، كما هو ظاهر ابن حمزة في الوسيلة: 446.
(3) وسائل الشيعة: 19 / 139 ، أبواب قصاص الطرف ب 23 ح1 .
(الصفحة388)
لم يكن عندهم خلافه(1) ، وعليه فالظاهر اعتبار الرواية . وعلى تقدير الضعف فالظاهر عدم كونه منجبراً بالعمل ، كما عن الرياض(2) وتبعه صاحب الجواهر (قدس سرهما)(3) .
ثمّ إنّه لو كانت الرواية معتبرة فالظاهر بمقتضى التعليل الوارد فيها الذي هو الملاك في الحكم ويتبعه سعة وضيقاً عدم ثبوت القصاص في الفرض الأوّل ; لأنّه بعد إلصاق المجنيّ عليه والالتصاق لا يبقى مجال للقصاص ، لاعتبار المماثلة في الشين فيه المنتفية مع الالتصاق قبله .
وأمّا الفرض الثاني فهو المعنون في المتن بما إذا ألصق الجاني اُذنه بعد القصاص والتصقت ، والظاهر أنّه مورد الرواية المذكورة وإن كان يظهر من بعض العبارات أنّ عنوانه ما إذا ألصق المجنيّ عليه اُذنه بعد القصاص مثل الشرائع ، حيث قال: ولو قطعت اُذن إنسان فاقتصّ ثم ألصقها المجنيّ عليه كان للجاني إزالتها لتحقّق المماثلة(4) . ومراده هي المماثلة في الشين ، وعليه فيظهر منه أنّه حمل الرواية المذكورة على هذا الفرض .
ومثل التنقيح ، حيث قال فيما حكي عنه: لا خلاف في جواز إزالتها ، لكن اختلف في العلّة ، فقيل: ليتساويا في الشين ، وقيل : لكونه ميتة ، ويتفرّع على الخلاف أنّه لو لم يزلها الجاني ورضي بذلك كان للإمام إزالتها على القول الثاني ،
(1) عدّة الاُصول: 1 / 380 .
(2) رياض المسائل: 10 / 359 .
(3) جواهر الكلام: 42 / 366 .
(4) شرائع الإسلام: 4 / 1008 .
(الصفحة389)
نجاسة فلا تصحّ الصلاة مع ذلك(1) .
وكيف كان فالحكم في هذا الفرض هو القطع ثانياً ، سواء كان بالعنوان المذكور في المتن أو بما هو مذكور في الشرائع ، غاية الأمر كون أحد العنوانين مورداً للرواية والآخر مستفاداً من العلّة المذكورة فيها .
كما أنّ المستفاد من العلّة هو القطع ثانياً ، ولو كان الالتصاق موجباً لصيرورتها حيّة مترتّبة عليها آثار الحياة من الإحساس وغيره ، لعدم الفرق في جريان العلّة بين ما إذا لم تصر حيّة ، وبين ما إذا صارت كذلك ، بل يمكن أن يقال بظهور موردها في هذه الصورة ، فتدبّر . هذا كلّه على تقدير القول باعتبار الرواية .
وأمّا على تقدير القول بالعدم ، فمقتضى القاعدة عدم سقوط القصاص في الفرض الأوّل ; لعدم الدليل على سقوطه بعد اقتضاء الإطلاقات للثبوت . كما أنّه لا دليل على جواز القطع والإزالة ثانياً في الفرض الثاني بعد تحقّق القصاص ، كما هو المفروض ، وعدم الدليل على كون الالتصاق موجباً للقصاص ثانياً ، أو لثبوت حق الإزالة للجاني على العنوانين في هذا الفرض .
نعم يدخل ذلك في مسألة النهي عن المنكر باعتبار كونه قطعة مبانة من حيّ ومحكومة بالنجاسة ، فلا تصحّ الصلاة معها ، فلا يرتبط بالجاني بما هو كذلك ، ولا بالمجنيّ عليه أيضاً ، بل لابدّ من رعاية شرائط تلك المسألة ، وعليه فلا يبقى مجال لجواز القطع والإزالة فيما لو صار الالتصاق موجباً لثبوت وصف الحياة وترتّب آثارها عليها ، فإنّها حينئذ تخرج عن عنوان الميتة والنجاسة ، فلا مجال للنهيّ عن المنكر أيضاً .
(1) التنقيح الرائع: 4 / 454 .
(الصفحة390)
مسألة 20 ـ لو قطع أُذنه فأزال سمعه فهما جنايتان ، ولو قطع أذناً مستحشفة شلاّء ففي القصاص إشكال ، بل لا يبعد ثبوت ثلث الدية1.
وقد ظهر ممّا ذكرنا أنّ مستند المتن هو الوجه الثاني الذي يبتنى على عدم اعتبار الرواية ، وقال في الجواهر : والتحقيق الالتفات إليهما (يعني كلا الوجهين من الرواية والوجه الآخر) فمع العضو يبقى حقّ النجاسة ، ومع سقوط النجاسة إمّا لعدم انفصالها تماماً فلا تكون مبانة من حيّ ، أو لحصول ضرر يسقط وجوب الإزالة بالنسبة إلى الصلاة دون غيرها ، يبقى حق المساواة في الشين(1) . وإن كان يرد عليه أنّه مع الإلتزام بالرواية لا مجال للحكم بعدم سقوط القصاص في الفرض الأوّل ، كما لايخفى . نعم الظاهر تمامية ما حقّقه من الإلتفات إلى كلا الوجهين .
ثمّ إنّه يجري في قطع بعض الاُذن حكم قطع الكلّ ، بل مورد الرواية المتقدّمة هو قطع بعض الاُذن . وأمّا التعبير عنه في المتن بما لو قطع بعض الاُذن ولم يبنها فالظاهر وجود الخدشة فيه ، لأنّ المراد صورة القطع بالنحو المذكور في قطع الكلّ ، فتدبّر .
1 ـ في هذه المسألة فرعان:
الأول: ما إذا قطع اُذنه فأزال سمعه ، والظاهر كما في المتن أنّهما جنايتان . والوجه فيه وجود الانفكاك بينهما وثبوت ديتين فيهما ، وعليه فيترتّب على كلّ واحدة منهما حكمه ، فيقتصّ لقطع الاُذن ، وكذا لإزالة السمع بالنحو الذي يأتي في إذهاب ضوء البصر ، وعلى تقدير الانتقال إلى الدية تثبت الدية بالإضافة إليها ، كما لايخفى .
الثاني: ما لو قطع اُذناً مستحشفة عادمة للحسّ والحركة ، وقد تقدّم أنّ مقتضى النصّ والفتوى أنّه لا تقطع اليد الصحيحة باليد الشلاّء ، وأمّا هنا فالمحكي عن
(1) جواهر الكلام: 42 / 366 .
(الصفحة391)
مسألة 21 ـ يثبت القصاص في العين وتقتصّ مع مساواة المحلّ ، فلا تقطع اليمنى باليسرى ولا بالعكس ، ولو كان الجاني أعور اقتصّ منه وإن عمي فإن الحقّ أعماه ، ولا يردّ شيء إليه ولو كان ديتها دية النفس إذا كان العور خلقة أو بآفة من الله تعالى ، ولا فرق بين كونه أعور خلقة أو بجناية أو آفة أو قصاص ، ولو قلع أعور العين الصحيحة من أعور يقتصّ منه1.
ظاهر ديات المبسوط الإجماع على أنّه يجب على قاطعها ثلث الدية(1) ، وعن حواشي الشهيد المنقول عدم القصاص(2) ، وعن القواعد الإشكال في ثبوت القصاص في الاُذن المستحشفة(3) . ويؤيّد عدم القصاص ـ مضافاً إلى إلغاء الخصوصية من النصّ الوارد في اليد ـ كون ديتها الثلث ، مع أنّ دية الاُذن الصحيحة النصف ، فالاختلاف في مقدار الدية كاشف عن عدم المماثلة ، وعليه فينتفى القصاص كما نفى عنه البعد في المتن .
1 ـ أمّا أصل ثبوت القصاص في العين فيدلّ عليه قوله تعالى: {وَالعَينَ بِالعَينِ}(4) ، والروايات ، كما انّ اعتبار مساواة المحلّ ورعاية خصوصية اليمينية واليسارية قد تقدّم في بعض المسائل المتقدّمة .
وأمّا لو كان الجاني أعور الذي ذهبت واحدة من عينيه فيقتصّ منه ، وإن كان ذلك موجباً لصيرورته أعمى ، فإنّ الحقّ أعماه كما في الرّواية . ففي رواية محمّد بن
(1) المبسوط: 7 / 125 .
(2) حكى عنه في مفتاح الكرامة: 11 / 173 .
(3) قواعد الأحكام: 2 / 307 ـ 308 .
(4) المائدة 5 : 45 .
(الصفحة392)
مسألة 22 ـ لو قلع ذو عينين عين أعور اقتصّ له بعين واحدة ، فهل له مع ذلك الردّ بنصف الدية؟ قيل : لا ، والأقوى ثبوته ، والظاهر تخيير المجني عليه بين أخذ الدية كاملة وبين الاقتصاص وأخذ نصفها ، كما أنّ الظاهر أنّ الحكم ثابت فيما تكون لعين الأعور دية كاملة ، كما كان خلقة أو بآفة من الله ، لا في غيره مثل ما إذا قلع عينه قصاصاً1.
قيس قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : أعور فقأ عين صحيح ، فقال: تفقأ عينه ، قال: قلت: يبقى أعمى ، قال: الحقّ أعماه(1) ، ومثلها مرسلة أبان التي هي رواية اُخرى ، وإن كان ظاهر الوسائل عدم التعدّد ، والفتوى على وفقهما جابرة للضعف والإرسال ، فلا مجال للإشكال . وعليه فيقتصّ من غير أن يردّ شيء إليه ، ولو كان ديتها دية النفس فيما إذا كان العور خلقة أو بآفة من الله ، كما سيأتي في الديات ، ومنه يظهر أنّه لو كان المجنيّ عليه أعور مثل الجاني ، وكانت الجناية قلع العين الصحيحة يقتصّ بطريق أولى .
1 ـ في هذه المسألة جهات من الكلام:
الاُولى:ثبوت الاقتصاص للمجنيّ عليه بعين واحدة دون العينين ، ولا خلاف فيه إلاّ من أبي عليّ الإسكافي(2) ، حيث خيّر المجنيّ عليه بين قلع عيني صاحبه ودفع خمسمائة دينار ، وبين قلع إحداهما وأخذ ذلك ، وهو كما في الجواهر(3) مع شذوذه وعدم وضوح مستنده ومخالفته لظاهر النصّ غريب ، فإنّ العينين إمّا أن تساويا
(1) وسائل الشيعة: 19 / 134 ، أبواب قصاص الطرف ب 15 ح1 .
(2) حكى عنه في مختلف الشيعة: 9 / 458 ـ 459 مسألة 137 .
(3) جواهر الكلام: 42 / 370 .
(الصفحة393)
عينه فلا ردّ وإلاّ فلاقلع .
الثانية:أنّه مع الاقتصاص بعين واحدة هل يثبت للمجنيّ عليه نصف الدية أيضاً، أو أنّ الثابت مجرّد الاقتصاص من غير ردّ ، فيه قولاً . الظاهر ثبوت الشهرة للقول الأوّل(1)،وقدحكي الثاني عن المفيد(2)، ـ وإن حكي عنه القول الآخر أيضاً(3)ـ والحلّي(4)، وقوّاه في التحرير(5) والمسالك(6) ، وجعله المحقّق في الشرائع أولى(7) ، واستدلّ عليه بقوله تعالى: {وَالعَينَ بِالعَينِ} .
مع أنّه يرد عليه ـ مضافاً إلى أنّ مثله إنّما هو في مقام بيان مصداق القصاص الذي يعتبر في مفهومه المماثلة ، والغرض منه إنّما هو وقوع العين في مقابل العين لا في مقابل الأعضاء الاُخر ، وأمّا اعتبار الانحصار وعدم ثبوت شيء آخر فلا يكون في مقام بيانه وإفادته ـ أنّه مع وجود الروايات الدالّة على ثبوت الردّ يقيَّد إطلاق الآية وتصير تلك الروايات بمنزلة القرينة على خلاف الظاهر ، وهي عبارة عن صحيحة محمد بن قيس قال : قال أبو جعفر (عليه السلام) : قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في رجل أعور أُصيبت عينه الصحيحة ، ففقئت أن تفقأ إحدى عيني صاحبه ويعقل له نصف
(1) المقنع: 517 ، المبسوط: 7 / 146 ، النهاية: 765 ـ 766 ، الوسيلة: 446 ـ 447 ، مختلف الشيعة: 9/459 مسألة 137 ، إيضاح الفوائد: 4 / 644 ، الروضة البهية: 10 / 82 .
(2) المقنعة: 761 .
(3) راجع مفتاح الكرامة: 11 / 164 .
(4) السرائر: 3 / 381 .
(5) تحرير الأحكام: 2 / 259 .
(6) مسالك الأفهام: 15 / 282 ، لكنّه قوّى القول الأوّل .
(7) شرائع الإسلام: 4 / 1009 .
(الصفحة394)
الدية ، وإن شاء أخذ دية كاملة ويعفى عن صاحبه(1) . والظاهر أنّ قوله: وإن شاء من كلام أبي جعفر (عليه السلام) .
و رواية عبدالله بن الحكم، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سألته عن رجل صحيح فقأ عين رجل أعور؟ فقال: عليه الدية كاملة، فإن شاءالذي فقئت عينه أن يقتصّ من صاحبه ويأخذ منه خمسة آلاف درهم فعل; لأنّ له الدية كاملة، وقد أخذ نصفها بالقصاص(2).
وضعف السند على تقديره منجبر بالشهرة ، والمناقشة في الدلالة بما في المسالك(3) من أنّ الرواية تصلح شاهداً مؤيّداً بوجوب الدية لهذه الجناية كاملة على تقدير الخطأ واضحة البطلان ، لصراحة الروايتين خصوصاً الثانية في القصاص ، فلا مجال لما أفاده .
الثالثة:ثبوت التخيير في المقام بين الاقتصاص وأخذ نصف الدية وبين أخذ الدية كاملة ، وظاهر الجواهر(4) ثبوت الشهرة بين المتقدّمين عليه حتّى كاد أن يكون إجماعاً منهم ، بل عن الخلاف الإجماع عليه(5) ، وهذا وإن كان على خلاف ما تقدّم في استيفاء القصاص من أنّ ثبوت القصاص في محله إنّما يكون بنحو التعين ، والإنتقال إلى الدية إنّما هو في الرتبة المتأخّرة وفي طول القصاص ، إلاّ أنّه لا مانع من الالتزام بالتخيير في المقام مع دلالة الرواية عليه .
(1) وسائل الشيعة: 19 / 252 ، أبواب ديات الأعضاء ب 27 ح2 .
(2) وسائل الشيعة: 19 / 253 ، أبواب ديات الأعضاء ب 27 ح4 .
(3) مسالك الأفهام: 15 / 282 .
(4) جواهر الكلام: 42 /370 ، وصريح مفتاح الكرامة: 11 / 163 .
(5) الخلاف: 5 / 251 مسألة 57 .
(الصفحة395)
مسألة 23 ـ لو قلع عيناً عمياء قائمة فلا يقتصّ منه ، وعليه ثلث الدية1.
مسألة 24 ـ لو أذهب الضوء دون الحدقة اقتصّ منه بالمماثل بما أمكن إذهاب الضوء مع بقاء الحدقة ، فيرجع إلى حذّاق الأطباء ليفعلوا به ما ذكر . وقيل في طريقه: يطرح على أجفانه قطن مبلول ثمّ تحمى المرآة وتقابل بالشمس ثم تفتح عيناه ويكلّف بالنظر إليها حتى يذهب النظر وتبقى الحدقة ،
الرابعة:إنّ مورد الروايتين وإن كان مطلق من كان أعور ، سواء كان خلقة أو بآفة سماويّة أو كان بالجناية الواقعة عليه أو قصاصاً ، إلاّ أنّ الظاهر الاختصاص بالأوّلين ، لأنّ الدية الكاملة إنّما تكون بالإضافة إليهما ، كما هو مقتضى النصّ والفتوى ، وعليه فقوله (عليه السلام) : «وإن شاء أخذ دية كاملة» في الرواية الاُولى ، وقوله (عليه السلام) : «لأن له الدية كاملة» في الرواية الثانية قرينة على الاختصاص بهما .
ثمّ إنّ الحكم في المقام بجواز الاقتصاص وأخذ نصف الدية لا يستلزم الحكم بعدم ثبوت القصاص فيما إذا كان الجاني أعور والمجنيّ عليه ذا عينين ، كما في المسألة المتقدّمة، بعد كون مقتضى ثبوت جنايته العمدية تحقّق القصاص، ولا مجال للحكم بسقوطه، وإن كانت عينه الواحدة مساوية للعينين ، لأنّ الحقّ أعماه ، كما في الروايات المتقدّمة .
1 ـ الوجه في عدم الاقتصاص هنا ـ مضافاً إلى عدم تحقّق المماثلة المعتبرة في مفهوم القصاص ـ الاتفاق عليه ظاهراً كما في الجواهر(1) ، نعم في كون الدية الثلث أو الربع خلاف يأتي في كتاب الديات إن شاء الله تعالى .
(1) جواهر الكلام: 42 / 371 .
(الصفحة396)
ولو لم يكن إذهاب الضوء إلاّ بإيقاع جناية أخرى كالتسميل ونحوه سقط القصاص وعليه الدية1.
1 ـ الوجه في لزوم الاقتصاص بالمماثل ـ أي بالنحو الذي يوجب ذهاب الضوء فقط مع بقاء الحدقة وعدم التعدّي ـ اعتبار المماثلة في مفهومه على ما عرفت . وعليه فمقتضى القاعدة الرجوع إلى الطبيب الحاذق واستعلام الكيفية المذكورة ، أو توكيله في أن يفعل به ما ذكر . ولكن ورد في المسألة رواية ، وهي ما رواه الكليني عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضال ، عن سليمان الدهان ، عن رفاعة ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: إنّ عثمان (عمر) أتاه رجل من قيس بمولى له قد لطم عينه ، فأنزل الماء فيها ، وهي قائمة ليس يبصر بها شيئاً ، فقال له: أعطيك الدية ، فأبى ، قال: فأرسل بهما إلى علي (عليه السلام) وقال: احكم بين هذين ، فأعطاه الدية ، فأبى ، قال: فلم يزالوا يعطونه حتّى أعطوه ديتين ، قال: فقال: ليس اُريد إلاّ القصاص ، قال: فدعا علي (عليه السلام) بمرآة فحماها ثم دعا بكرسف فبلّه ، ثم جعله على أشفار عينيه وعلى حواليها ثم استقبل بعينه عين الشمس ، قال : وجاء بالمرآة فقال: انظر ، فنظر فذاب الشحم وبقيت عينه قائمة وذهب البصر(1) .
ولم يثبت وثاقة سليمان الدهّان ، لكن عن الخلاف عليه إجماع الفرقة وأخبارهم(2) . وعن الروضة: القول باستيفائه على هذا الوجه هو المشهور(3) . ولكن التعبير عن هذا القول بمثل «قيل» كما في المتن تبعاً للمحقّق في الشرائع(4)
(1) وسائل الشيعة: 19 / 129 ، أبواب قصاص الطرف ب 11 ح1 .
(2) الخلاف: 5 / 175 مسألة 38 .
(3) الروضة البهية: 10 / 84 .
(4) شرائع الإسلام: 4 / 1009 .
(الصفحة397)
مسألة 25 ـ تقتصّ العين الصحيحة بالعمشاء والحولاء والخفشاء والجهراء والعشياء1.
يشعر بل يدلّ على عدم ثبوت الشهرة .
وكيف كان ، فإن كان المراد تعيّن الاستيفاء بهذا الوجه كما أشار إليه في المتن ، فيرد عيه أنّه لا دلالة في الرواية على التعيّن بوجه ، بل غايته الدلالة على مشروعية هذه الكيفية ، وإن كان المراد مجرّد المشروعية ، فيمكن أن يقال: انّ المشروعية في تلك الأزمنة لعلّها كانت بلحاظ أنّها أسهل الطرق إلى الوصول بالغرض المذكور ، وأمّا في زماننا هذا مع تكامل العلوم المختلفة إذا كان للوصول إليه طريق أسهل لايستلزم تعذيب الجاني بالمقدارالموجود في هذه الكيفية، فلادليل على مشروعيتها بوجه ، بل تتعيّن الاستفادة من الأدوية المؤثِّرة والتزريقات كذلك ومثلهما .
وبالجملة: يتعيّن الرجوع إلى الطبيب الحاذق كما في المتن ، وإن كان فيه إشارة إلى أنّه لا مانع من الأخذ بها للاكتفاء على النقل من دون إشعار إلى تضعيفه ، فتدبر .
ثم إنّ الظاهر أنّ المراد من استقبال عين الشمس في الرواية هي عينها المنعكسة في المرآة ، وإلاّ لاخصوصية في المرأة لو كان الغرض منها مجرّد الحرارة دون شعاع الشمس ، وعليه فلا فرق بين ما في المتن وما في الرواية .
كما أنّه من الواضح أنّه مع عدم إمكان القصاص إلاّ بإيقاع جناية اُخرى كالتسميل ونحوه يسقط القصاص ، ويتحقّق الانتقال إلى الدية ، كما لا يخفى .
1 ـ الوجه في الاقتصاص بها دون العمياء كون التفاوت بالنفع ، إذ العمش كما في الجواهر(1) خلل في الأجفان يقتضي سيلان الدمع غالباً ، والحول الإعوجاج ،
(1) جواهر الكلام: 42 /371 .
(الصفحة398)
مسألة 26 ـ في ثبوت القصاص لشعر الحاجب والرأس واللّحية والأهداب ونحوها تأمّل ، وإن لا يخلو من وجه . نعم لو جنى على المحلّ بجرح ونحوه يقتصّ منه مع الإمكان1.
والخفش عدم حدّة في البصر بحيث يرى من بعد ، أو بعض الإحتمالات الاُخر مثل صغر العين . والجهر عدم البصر نهاراً ضد العشاء الّذي هو عدم البصر ليلاً . ومن الواضح أنّ التفاوت بالصحّة والعيب لا يمنع عن القصاص ، كما في سائر الأعضاء .
1 ـ صرّح المحقّق في الشرائع بثبوت القصاص في الحاجبين وشعر الرأس واللّحية(1) ، نعم عن القواعد بعد الحكم بثبوت القصاص في الأهداب والأجفان : وفي شعر الرأس واللحية والحاجبين على إشكال ينشأ من أنّه إن لم يفسد المنبت فالشعر يعود ، وإن أفسده فالجناية على البشرة ، والشعر تابع(2) ، أي فان كان إفساده بما يمكن الاقتصاص له اقتصّ وهو قصاص للبشرة لا الشعر ، وإلاّ تعيّنت دية الشعر على التفصيل الآتي في محلّه وأرش البشرة إن جرحت(3) .
ومقتضى التحقيق هو التفصيل بين ما إذا كانت الجناية موجبة لزوال الشعر فقط ، من دون أن تكون مفسدة للمنبت ، فالظاهر ثبوت الاقتصاص ، لأنّه لا مانع من ثبوته بعد عموم أدلّة القصاص وإمكان الاقتصاص . وأمّا إذا أفسدت المنبت فحيث أنّ الجناية واحدة وأصلها واقع على البشرة والشعر تابع ، فإن أمكن الاقتصاص كما هو الظاهر في زماننا هذا فالظاهر ثبوته ، وإن لم يمكن فيسقط
(1) شرائع الإسلام: 4 / 1009 .
(2) قواعد الأحكام: 2 / 307 .
(3) كشف اللثام: 2 / 477 .
(الصفحة399)
وينتقل إلى الدية . كما أنّه لو جنى على المحلّ بمثل الجرح يتحقّق القصاص مع الإمكان .
هذا هو مقتضى القاعدة ، ولكن ورد في المسألة بعض الروايات مثل صحيحة سليمان بن خالد التي هي متّحدة مع مرسلة علي بن خالد (حديد) عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قلت : الرجل يدخل الحمّام فيصبّ عليه صاحب الحمّام ماءً حارّاً فيمتعط شعر رأسه فلا ينبت ، فقال: عليه الدية كاملة(1) .
ويمكن أن يكون الوجه لثبوت الدية دون القصاص عدم إمكان الاقتصاص ، كما لعلّه الظاهر في تلك الأزمنة ، ويمكن أن يكون الوجه أن الجناية لم تكن عمدية موجبة للقصاص بل شبه عمد موجبة للدّية ، وعلى التقدير الثاني تخرج الرواية عن باب القصاص .
ورواية سلمة بن تمام قال: أهرق رجل قدراً فيها مرق على رأس رجل فذهب شعره ، فاختصموا في ذلك إلى علي (عليه السلام) فأجّله سنة ، فجاء فلم ينبت شعره ، فقضى عليه بالدية(2) .
وهذه الرواية مضافاً إلى ضعفها ، لعدم توثيق سلمة الذي هو من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) ، لا دلالة لها على نفي القصاص مع إمكانه وإيجاد مماثل الجناية ، والتأجيل لا دلالة له على عدم ثبوت القصاص في الشعر المجرّد عن فساد المنبت ، لما عرفت من أنّه مع الإفساد يكون الشعر تابعاً ، وليس جناية مستقلّة .
ورواية مسمع ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في اللّحية إذا
(1) وسائل الشيعة: 19 / 261 ، أبواب ديات الأعضاء ب 37 ح2 .
(2) وسائل الشيعة: 19 / 261 ، أبواب ديات الأعضاء ب 37 ح3 .
(الصفحة400)
مسألة 27 ـ يثبت القصاص في الأجفان مع التساوي في المحلّ ، ولو خلت أجفان المجنيّ عليه عن الأهداب ففي القصاص وجهان ، لا يبعد عدم ثبوته ، فعليه الدية1.
مسألة 28 ـ في الأنف قصاص ، ويقتصّ الأنف الشام بعادمه ، والصحيح
حلقت فلم تنبت الدية كاملة ، فإذا نبتت فثلث الدية(1) .
وهذه الرواية وإن كانت ظاهرة في عدم القصاص في حلق اللحية مع النبات إلاّ أنّه لأجل ضعفها لا يمكن الاعتماد عليها في مقابل العمومات . ثمّ إنّ ظاهر المتن باعتبار إضافة الشعر إلى الحاجب كون الحاجب غير الشعر ، كما في محكي القاموس حيث قال: الحاجبان العظمان فوق العينين بلحمهما وشعرهما(2) . ولكن ظاهر المحقّق في الشرائع(3) أنّ المراد به هو الشعر كما في اللحية .
1 ـ أمّا ثبوت القصاص في الأجفان فلإمكانه وشمول الأدلّة ، لكن مع رعاية التساوي في المحلّ من جهة اليمينية والشمالية والأسفلية والأعلائية ، وأمّا مع خلوّ أجفان المجنيّ عليه عن الأهداب واشتمال أجفان الجاني عليها ففي القصاص وجهان: من تبعية الأهداب للأجفان ، كالشعور النابتة على اليد غير المانعة عن القصاص ، كما في المرأة والرجل; ومن أنّ الأهداب لها أصالة باعتبار ترتّب آثار كثيرة عليها ، ولها وحدها دية ، فلا يقاس بتلك الشعور . وهذا الوجه هو الأقرب ، فالظاهر حينئذ أنّ فيه الدية دون القصاص .
(1) وسائل الشيعة: 19 / 260 ، أبواب ديات الأعضاء ب 37 ح1 .
(2) القاموس المحيط: 1 / 54 .
(3) شرائع الإسلام: 4 / 1009 .
|
|