قرآن، حديث، دعا |
زندگينامه |
کتابخانه |
احكام و فتاوا |
دروس |
معرفى و اخبار دفاتر |
ديدارها و ملاقات ها |
پيامها |
فعاليتهاى فرهنگى |
کتابخانه تخصصى فقهى |
نگارخانه |
اخبار |
مناسبتها |
صفحه ويژه |
|
(الصفحة261)
لو اعترف عند الحاكم بالرهن جحد الراهن الدَّين فأخذ منه الرهن بموجب اعترافه وطولب منه البيّنة على حقّه ، جاز له بيع الرهن من دون مراجعة إلى الحاكم . وكذا لو مات الراهن وخاف المرتهن جحود الوارث1.
1 ـ لو لم يكن عند المرتهن بيِّنة مقبولة لإثبات الدَّين وكون ما عنده رهناً عليه مع رضا المالك ، وخاف من أنّه لو اعترف عند الحاكم بالرهن جحد الراهن أصل الدَّين الذي يكون مقتضى الأصل عدمه ، وفي هذه الصورة يثبت الحكم بنفعه; لعدم وجود البيِّنة المقبولة للمرتهن الذي هو المدّعي ; لأنّ مرجع الاعتراف بالرهن إلى كونه ملكاً للراهن دونه ، ومع هذا الاعتراف لا مجال لليد التي هي أمارة على الملكيّة ، فيكون قوله مخالفاً للأصل ، والعنوان المنطبق عليه عنوان المدّعي الذي عليه إقامة البيِّنة والمفروض عدمها ، وحينئذ يجوز للمرتهن بيع الرهن من دون مراجعة إلى الحاكم فيما إذا كان معتقداً في مقام الثبوت بثبوت الدين ، وكون ملك الغير عنده رهناً في مقابل الدين ، ضرورة أنّ البحث إنّما هو في صورة تماميّة الأمر من جهة مقام الثبوت . غاية الأمر عدم القدرة على الإثبات عند الحاكم; لعدم البيِّنة المقبولة على الدعوى كما هو المفروض .
وكذا لو لم يكن الراهن منكراً للدَّين والرهن ، ولكنّه عرض له الموت وخاف المرتهن جحود الوارث ، فيجوز له بيع الرهن من دون مراجعة الحاكم ; لأنّه لا دليل له على إثبات دعواه .
وممّا ذكرنا ظهر الحكم فيما إذا لم يكن الراهن منكراً للدَّين ، بل منكراً لكون المال عنده رهناً ولا يكون للمرتهن دليل على ذلك ، فإنّه في هذه الصورة يجوز له مراجعة الحاكم حتّى يلزمه بالوفاء ولو بأن يبيع مال الراهن الذي ينكر كونه رهناً ، كما لايخفى .
(الصفحة262)
مسألة 25 : لو وفى بيع بعض الرهن بالدَّين اقتصر عليه على الأحوط لو لم يكن الأقوى ، وبقي الباقي أمانة عنده ، إلاّ إذا لم يمكن التبعيض ولو من جهة عدم الراغب ، أو كان فيه ضرر على المالك فيباع الكلّ1.
مسألة 26 : لو كان الرهن من مستثنيات الدَّين ـ كدار سكناه ودابّة ركوبه ـ جاز للمرتهن بيعه واستيفاء طلبه منه كسائر الرهون ، لكن الأولى الأحوط عدم إخراجه من ظلّ رأسه2.
1 ـ لو فرض أنّ بيع بعض الرهن يفي بالدَّين ويساويه ، ففي المتن أنّ الأحوط لو لم يكن الأقوى الاقتصار على بيع البعض; لأنّ الغرض من الرهن هو وفاء الدَّين منه لئلاّ يذهب دين المرتهن بحيث لا يكون في مقابله شيء ، فإذا كان بيع البعض وافياً بهذا الغرض فلا مجال لبيع الجميع مع كونه ملكاً للغير الرّاهن ، لكن هذا فيما إذا أمكن التبعيض في البيع من جهة الراغب وعدم توجّه ضرر على المالك ، كما إذا كان عنده رهن صبرة من حنطة مثلاً ، ويفي بيع النصف بالدَّين ويساويه ، وأمّا إذا لم يمكن التبعيض إمّا من جهة عدم الراغب ، أو من جهة توجّه ضرر على المالك مع بيع البعض ، كما لو فرض أنّ عنده رهن دار محقّرة تكون قيمتها ضعف الدَّين ، لكن التبعيض في بيع الدار الكذائيّة إمّا لا راغب فيها ، وإمّا أن يكون موجباً لضرر المالك ، فإنّه يجوز في هذه الصورة أداء الزائد عن الدَّين إلى الراهن ، والوجه فيه واضح .
2 ـ لو كان الرهن من مستثنيات الدَّين; كدار سكناه أو دابّة ركوبه أو مثل ذلك ، فهل يجوز للمرتهن بيعه واستيفاء دينه منه كسائر الرهون غير المستثناة من الدَّين ، أم لا يجوز؟ ربما يتوهّم عدم الجواز ; لأنّ المفروض كونه من المستثنيات ، فلا يجوز
(الصفحة263)
مسألة 27 : لو كان الراهن مفلّساً ، أو مات وعليه ديون للناس ، كان المرتهن أحقّ من باقي الغرماء باستيفاء حقّه من الرهن ، فإن فضل شيء يوزّع على الباقين بالحصص ، ولو نقص الرهن عن حقّه استوفى ما يمكن منه ، ويضرب بما بقي مع الغرماء في سائر أموال الراهن1.
مسألة 28 : الرهن أمانة في يد المرتهن لا يضمنه لو تلف أو تعيّب من دون تعدٍّ وتفريط . نعم ، لو كان في يده مضموناً لكونه مغصوباً أو عارية مضمونة مثلاً ، ثمّ ارتهن عنده لم يزل الضمان إلاّ إذا أذن له المالك في بقائه تحت يده ، فيرتفع الضمان على الأقوى . وكذا لو استُفيد الإذن في بقائه في المورد من
بيعه في الدَّين ، لكنّ الظاهر هو الجواز كما في المتن; لأنّ رضا الراهن في رهنه وإذنه في ذلك مستلزم للرضا بالبيع . وبعبارة اُخرى: عدم الجواز لا يلائم الرهنية وكونه وثيقة للدَّين ، فجواز رهنه كاشف عن جواز بيعه مع عدم الأداء .
وبعبارة ثالثة: ظاهر أدلّة الاستثناء المنع من البيع رغماً للمالك وعلى خلاف نظره ورضاه ، وإلاّ فلا مجال للحكم بعدم الجواز مع رضاه بذلك كاملاً ، وفي المقام جعل مثل ذلك رهناً دليل على موافقته مع البيع في صورة عدم الأداء ، ولكن مع ذلك الأحوط الأولى عدم الإخراج من ظلّ رأسه كما في المتن ، والوجه فيه واضح .
1 ـ لو كان الراهن مفلّساً; أي عرض له الفلس بعد الرهن ، أو مات وعليه ديون للناس مستغرقة لجميع أمواله ، أو فاقداً للمال رأساً ، يكون المرتهن أحقّ من باقي الغرماء لسبق حقّه بالرّهن ، فله استيفاء حقّه أوّلاً ، فإن فضل شيء يوزّع على الباقين بالحصص ، ولو نقص الرهن عن دين المرتهن استوفى ما يمكن عن الرهن ، ويشترك مع الغرماء في سائر أموال الراهن لو كانت .
(الصفحة264)
ارتهانه ، كما لا يبعد مع علم الراهن بالحال ، وإذا انفكّ الرهن بسبب الأداء ، أو الإبراء أو نحو ذلك يبقى أمانة مالكيّة في يده; لا يجب تسليمه إلى المالك إلاّ مع المطالبة1.
مسألة 29 : لا تبطل الرهانة بموت الراهن ولا بموت المرتهن ، فينتقل الرهن إلى ورثة الراهن مرهوناً على دين مورّثهم ، وينتقل إلى ورثة المرتهن حقّ الرهانة ، فإن امتنع الراهن من استئمانهم كان له ذلك ، فإن اتّفقوا على أمين ، وإلاّ سلّمه الحاكم إلى من يرتضيه ، وإن فقد الحاكم فعدول المؤمنين2.
1 ـ المرتهن أمين لا يكون ضامناً في صورة التلف أو التعيّب إلاّ مع التعدّي أو التفريط كسائر موارد الأمانات . نعم ، لو كان في يد الراهن مضموناً لكونه مغصوباً ، أو عارية مضمونة لا يكون الارتهان عنده موجباً لزوال الضمان إلاّ إذا أذن له المالك في بقائه تحت يده ، فيوجب ذلك ارتفاع الضمان; لأنّه إنّما هو لرعاية حقّ المالك ، ومع الإذن من شخصه لا يبقى مجال للضمان ، من دون فرق بين ما إذا صرّح بالإذن ، وبين ما لو استُفيد الإذن في بقائه في المورد من ارتهانه ، كما لا يبعد مع علم الراهن بالحال ، نظراً إلى أنّه مع عدم الإذن لا يجوز التصدّي لارتهانه; لعدم تحقّق الرهن مع عدم الإذن .
ثمّ إنّه إذا انفكّ الرهن بسبب أداء الدّين أو إبرائه أو نحو ذلك يبقى الرهن في يده أمانة مالكيّة ، ولا يكون متعلِّقاً لحقّ المرتهن ، ولازم الأمانة المالكيّة وجوب التسليم إلى المالك في خصوص صورة المطالبة ، وفي صورة العدم لا يجب التسليم ، ولا يتفرّع عليه ضمان إلاّ مع التعدّي أو التفريط كما في سائر الموارد ، فتدبّر .
2 ـ أمّا عدم البطلان بموت الراهن ـ فمضافاً إلى لزوم الرهن من ناحيته
(الصفحة265)
مسألة 30 : لو ظهر للمرتهن أمارات الموت يجب عليه الوصيّة بالرهن وتعيين المرهون والراهن والإشهاد كسائر الودائع ، ولو لم يفعل كان مفرّطاً وعليه ضمانه1.
كما عرفت(1) ـ أنّ البطلان بموته ينافي الاستيثاق المأخوذ في حقيقة الرهن ، مع أنّ الراهن ربما يكون في فناء الموت ، فالبطلان به ينافي الحقيقة . وأمّا عدم البطلان بموت المرتهن ، فلأنّ العقد وإن كان جائزاً من قبله ، إلاّ أنّ الجواز لا ينافي عدم البطلان ، خصوصاً مع عدم اطمئنان الوارث بوفاء الدَّين من قبله ، وفي الصورة الاُولى ينتقل الرهن إلى ورثة الراهن لكونه ملكاً له ، لكن اللازم البقاء على الرهنيّة في مقابل دين المورّث الذي انتقل إلى الورثة .
وفي الصورة الثانية ينتقل إلى ورثة المرتهن حقّ الرهانة ، فتارةً يرضى الراهن بكونه رهناً عند ورثة المرتهن; لعدم الاطمئنان بهم مثلاً ، واُخرى لا يرضى بذلك ، فإن رضى بذلك فلا مانع منه ، وإن امتنع منه كان له ذلك; لأنّ المال متعلّق به ، فإن اتّفقوا على أمين يكون المال عنده ، وإلاّ سلّمه الحاكم إلى من يكون مرضيّاً له ، وإن فقد الحاكم تصل النوبة إلى عدول المؤمنين .
1 ـ لو ظهر للمرتهن الذي يكون عنده الرهن أمارات الموت يجب عليه الوصية بالرهن وتعيين المرهون والراهن والإشهاد لو احتمل عدم العمل بالوصيّة أو مطلقاً ولو مع الاطمئنان به ، كسائر الودائع الموجودة عند المستودع ، والوجه في ذلك أنّ عدم الوصية يجعل الرهن في معرض التلف ويقع في عداد أمواله ، خصوصاً مع اقتضاء قاعدة اليد الملكيّة ، والأصل عدم الرهانة ، ولو لم يتحقّق الوصيّة من قبله
(1) في ص255 .
(الصفحة266)
مسألة 31 : لو كان عنده رهن قبل موته ، ثمّ مات ولم يعلم بوجوده في تركته ـ لا تفصيلاً ولا إجمالاً ـ ولم يعلم كونه تالفاً بتفريط منه ، لم يحكم به في ذمّته ولا بكونه موجوداً في تركته ، بل يحكم بكونها لورثته ، بل وكذلك على الأقوى لو علم أنّه قد كان موجوداً في أمواله الباقية إلى بعد موته ، ولم يعلم أنّه باق فيها أم لا ، كما إذا كان سابقاً في صندوقه داخلاً في الأموال التي كانت فيه ، وبقيت إلى زمان موته ، ولم يعلم أنّه قد أخرجه وأوصله إلى مالكه ، أو باعه واستوفى ثمنه ، أو تلف بغير تفريط منه ، أم لا1.
يكون مفرّطاً، خصوصاً في صورة عدم الاطمئنان ، ويترتّب على التفريط الضمان لضمان الأمين مع التعدّي أو التفريط ، كما هو المقرّر في القاعدة الفقهيّة العامّة(1) .
1 ـ في هذه المسألة فروض :
الأوّل : لو كان عنده رهن قبل موته ، ثمّ مات ولم يعلم بوجوده في تركته ـ لا تفصيلاً ولا إجمالاً ـ ولم يعلم كونه تالفاً بتعدّ أو تفريط منه ، لم يحكم بثبوت الرهن في ذمّته ولا بكونه موجوداً في تركته ، بل يحكم بكون جميع التركة لورثة المرتهن; لقاعدة اليد التي هي أمارة على الملكية ، ولا يعارضها استصحاب بقاء الرهن عنده ; لأنّ الأصل لا يترتّب عليه أثر في مقابل الأمارة ، كما هو المحقّق في محلّه(2) .
الثاني : ما لو علم أنّه قد كان موجوداً في أمواله الباقية إلى بعد موته ، ولم يعلم أنّه باق فيها أم لا ، كالمثال المفروض في المتن; وهو أنّه كان سابقاً في صندوقه داخلاً في الأموال التي كانت فيه ، وبقيت إلى زمان موته ، ولكنّه لم يعلم أنّه قد أخرجه عن
(1) القواعد الفقهيّة للمؤلّف دام ظلّه: 1/27 ـ 43 .
(2) معتمد الاُصول: 1/491 ـ 493 .
(الصفحة267)
مسألة 32 : لو اقترض من شخص ديناراً مثلاً برهن ، وديناراً آخر منه بلا رهن ، ثمّ دفع إليه ديناراً بنيّة الوفاء ، فإن نوى كونه عن ذي الرهن سقط وانفكّ رهنه ، وإن نوى كونه عن الآخر لم ينفكّ وبقي دينه ، وإن لم يقصد إلاّ أداء دينار من الدينارين ، من دون تعيين كونه عن ذي الرهن أو غيره ، فهل يحسب ما دفعه لغير ذي الرهن فيبقى الرهن ، أو لذي الرهن فينفكّ ، أو يوزّع عليهما فيبقى الرهن أو ينفكّ بمقداره؟ وجوه ، أوجهها بقاء الرهن إلى الفكّ اليقيني1.
الصندوق وأوصله إلى مالكه ، أو باعه واستوفى ثمنه ، أو تلف بغير تفريط منه ، وقد قوّى في المتن جريان حكم الفرض الأوّل فيه أيضاً ، والسرّ فيه ما عرفت من جريان قاعدة اليد المقتضية للملكيّة .
الثالث : ما لم يقع التعرّض له في المتن وإن وقع التعرّض لمثله في موارد مختلفة; وهو العلم الإجمالي بوجوده في أمواله إلى ما بعد الموت ، كوجوده في صندوقه مثلاً ، غاية الأمر عدم العلم به تفصيلاً ، والظاهر أنّه إن وقع توافق بين ورثة المرتهن ، وبين الراهن على كون عين مخصوصة رهناً فلا مانع من ذلك ، وإن لم يقع بينهما توافق من هذه الجهة ، بل يدّعي كلّ غير ما يدّعي الآخر ، فاللازم الرجوع إلى القرعة التي هي لكلّ أمر مشكل في حقوق الناس . نعم ، إذا كان للراهن بيِّنة على ارتهان شيء مخصوص ، أو للمرتهن بيِّنة على عدمه ، فاللازم الأخذ بالبيِّنة التي هي رأس الأمارات في الموضوعات ، فتدبّر .
وهنا فرض رابع; وهو العلم بوجود التلف في يد المرتهن ، غاية الأمر أنّه لا يعلم كون تلفه بتعدٍّ أو تفريط أو بدونهما ، فالحقّ مع مَن يدّعي عدم الضمان; لأنّ الأصل البراءة منه كما لا يخفى .
1 ـ لو اقترض من شخص ديناراً مثلاً برهن ، وديناراً آخر منه بعد ذلك
(الصفحة268)
بلا رهن ، ثمّ دفع إلى المرتهن ديناراً بنيّة الوفاء وأداء الدّين ، ففيه صور :
الاُولى : أن ينوي في مقام الأداء كونه عن ذي الرهن ، كما لعلّه المتعارف ، والمرتهن يعلم بذلك ، ففي هذه الصورة سقط رهنه وانفكّ; لأنّ المفروض الوفاء بدينه .
الثانية : أن ينوي في ذلك المقام كونه عن الآخر ، والمرتهن أيضاً يعلم بذلك ، ففي هذه الصورة لا يتغيّر الرهن عمّا هو عليه ولم ينفكّ ، وبقي الدَّين في مقابل الرهن .
الثالثة : أن ينوي ديناراً من مجموع الدينارين ، من دون تعيين ولو في النيّة كونه من ذي الرهن أو غيره ، فقد احتمل فيها في المتن وجوهاً :
الأوّل : أنّه يحسب ما دفعه لغير ذي الرهن وإن كان بنيّة أداء الدَّين ، فيبقى الرهن على حاله من البقاء وعدم الفكّ; لأنّ الأداء الموجب للفكّ يقيناً هو الأداء في مقابل الرهن ، والمفروض عدم تحقّقه .
الثاني : أنّه يقع لذي الرهن ويوجب سقوط الرهن وفكّه ، ولعلّ وجهه هي الغلبة التي اُشير إليها .
الثالث : التوزيع عليهما ; لأنّ المفروض عدم تعيين أحدهما ، فلا ترجيح في البين ، فاللازم التوزيع عليهما ، وفي هذا الفرض إن كان الرهن في مقابل مجموع الدينار فحيث لم يتحقّق أداء المجموع يكون الرهن باقياً بحاله بأجمعه ، أو ينفكّ الرهن بالمقدار الواقع من الدينار في مقابله ، وقد أفاد في المتن أنّ في هذا الفرض وجوهاً ، أوجهها بقاء الرهن إلى الفكّ اليقيني ، وهو يتحقّق بنيّة كون الأداء في مقابل الرهن ، وفي غير هذا الفرض لا يتحقّق الفكّ اليقيني بالإضافة إلى المجموع ، ومقتضى الاستصحاب أيضاً ذلك ، فتدبّر .
(الصفحة269)
كتاب الحَجر
(الصفحة270)
(الصفحة271)
[تعريف الحَجر]
وهو في الأصل: بمعنى المنع ، وشرعاً: كون الشخص ممنوعاً في الشرع عن التصرّف في ماله بسبب من الأسباب ، وهي كثيرة نذكر منها ما هو العمدة; وهي الصغر ، والسفه ، والفلس ، ومرض الموت1.
1 ـ الحجر لغةً بمعنى المنع ، والظاهر أنّ إطلاق الحجر والحجارة على الحجر من هذا القبيل; لأنّ صلاحيّته تمنع عن النفوذ فيه ، وشرعاً عبارة عن كون إنسان ممنوعاً عن التصرّف في ماله أو ما يتعلّق به ، كالذمّة والشراء نسيئة بسبب من الأسباب ، وهي كثيرة قد تعرّض الماتن (قدس سره) لأربعة منها لكونها العمدة; وهي الصغر والسفه ، والفلس ، ومرض الموت .
ثمّ إنّ المحقّق في الشرائع ذكر بعد كتاب الرهن كتاب المفلّس ثمّ اتبعه بكتاب الحجر(1) ، مع أنّ الفلس كما عرفت أحد أسباب الحجر في عرض الأسباب الاُخر ، ولعلّ جعله كتاباً مستقلاًّ إنّما هو لأجل كثرة مسائله وفروعه دون الأسباب الاُخر .
(1) شرائع الإسلام: 2/89 ـ 97 .
(الصفحة272)
القول في الصغر
مسألة 1 : الصغير ـ وهو الذي لم يبلغ حدّ البلوغ ـ محجور عليه شرعاً لا تنفذ تصرّفاته في أمواله ـ ببيع وصلح وهبة وإقراض وإجارة وإيداع وإعارة وغيرها ـ إلاّ ما استثني; كالوصيّة على ما سيأتي إن شاء الله تعالى ، وكالبيع في الأشياء غير الخطيرة كما مرّ وإن كان في كمال التميّز والرشد وكان التصرّف في غاية الغبطة والصلاح ، بل لا يجدي في الصحّة إذن الولي سابقاً ولا إجازته لاحقاً عند المشهور ، وهو الأقوى1.
1 ـ الصغير ـ وهو غير البالغ حدّ البلوغ ، وسيأتي علائمه إن شاء الله تعالى ـ محجور عليه شرعاً في التصرّف في أمواله ولا تنفذ تصرّفاته فيها; سواء كانت معاوضة كالبيع والإجارة والصلح ، أم غير معاوضة كالإقراض والإعارة ونحوهما ، وسواء كانت مشتملة على الغبطة والمصلحة أم لا ، وسواء كانت مسبوقة بإذن الولي أو ملحوقة بإجازته أم لا . نعم ، قد استثنى بعض الموارد كالوصيّة ، وسيأتي إن شاء الله في كتابها(1) ، وكالبيع في الأشياء الحقيرة غير الخطيرة على ما هو مذكور في كتاب البيع(2) .
نعم ، المحجوريّة لا تستلزم مسلوبيّة العبارة وكون لفظه كلا لفظ ، كما أنّه لا ملازمة بين عدم ثبوت الحكم التكليفي الإلزامي عليه ، وبين عدم ثبوت الأحكام الوضعيّة كالضمان إذا أتلف مال الغير مثلاً ، كما أثبتنا ذلك في كتابنا في القواعد الفقهيّة(3) ، وذلك لأنّ مسلوبيّة العبارة لم يقم عليها دليل من إجماع أو غيره ، فلو
(1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب الوصيّة: 144 ـ 148 .
(2) تحرير الوسيلة ، كتاب البيع ، القول في شروط البيع .
(3) القواعد الفقهيّة: 1/331 ـ 338 .
(الصفحة273)
مسألة 2 : كما أنّ الصبي محجور عليه بالنسبة إلى ماله ، كذلك محجور عليه بالنسبة إلى ذمّته ، فلا يصحّ منه الإقتراض ولا البيع والشراء في الذمّة بالسلم والنسيئة وإن كانت مدّة الأداء مصادفة لزمان بلوغه . وكذلك بالنسبة إلى نفسه ، فلا ينفذ منه التزويج ، ولا الطلاق على الأقوى فيمن لم يبلغ عشراً ، وعلى الأحوط فيمن بلغه ، ولو طلّق يتخلّص بالاحتياط . وكذا لا يجوز إجارة نفسه ، ولا جعل نفسه عاملاً في المضاربة وغير ذلك . نعم ، لو حاز المباحات بالاحتطاب والاحتشاش ونحوها يملكها بالنيّة ، بل وكذا يملك الجعل في الجعالة بعمله وإن لم يأذن وليّه فيهما1.
صار وكيلاً عن الغير في إجراء مجرّد صيغة عقد النكاح مثلاً ، وكان مميّزاً عارفاً بالشرائط المعتبرة فيه ، فلا دليل على بطلان إنشائه وعدم الترتّب على عبارته ، بل لو فرض كونه إبناً كبيراً لأبيه ، وأتى بما فات منه من الصلاة مثلاً جامعة لجميع الشرائط ، لا يمكن الالتزام ببطلان عبادته ، وعدم السقوط عنه بعد صيرورته بالغاً مكلّفاً بقضاء الولي على تقدير عدم الإتيان ، كما أنّه لو فرض أنّه أتى بشيء من الصلوات المستحبّة لا وجه للالتزام ببطلانها ، كما ذكرناه في الكتاب المذكور(1) وأنّ عبادات الصبي شرعيّة لا تمرينيّة .
1 ـ لاشبهة في أنّ الصبي كما أنّه محجور عليه بالإضافة إلى أمواله ، كذلك محجور عليه بالإضافة إلى الذمّة المرتبطة بالأموال ، فلا يصحّ منه الاقتراض ولا البيع والشراء في الذمّة كالسلم والنسيئة، من دون فرق بين أن يكون زمان الأداء مصادفاً لزمان قبل بلوغه ، أو لزمان بلوغه ، فإنّ الملاك حال تحقّق المعاملة المستلزم
(1) القواعد الفقهيّة: 1/341 ـ 356 .
(الصفحة274)
لاشتغال الذمّة . وأمّا بالنسبة إلى نفسه ، فإن كان مثل التزويج فلا ينفذ لارتباطه بالمال; سواء سمّى أم لم يسمّ; لثبوت المهر في المتعة ومهر المثل في الدائم مع عدم مهر المسمّى ، وأمّا الطلاق ففيه قولان بعد الاتّفاق على البطلان فيمن لم يبلغ عشراً:
أحدهما : الصحّة فيمن بلغ عشراً ، كالوصيّة على ما سيأتي(1) البحث فيها إن شاء الله تعالى .
ثانيهما : البطلان ولو بلغ عشراً ، وجعله في المتن مقتضى الاحتياط الوجوبي ، لكن لو لم تتحقّق رعاية هذا الاحتياط من الصبي ، وطلّق قبل البلوغ بعد العشر فاللازم التخلّص بالاحتياط; بأن يطلّقها الوليّ أو الصبيّ بعد البلوغ; لأنّ مقتضى استصحاب عدم صحّة طلاقه قبل بلوغ العشر ذلك ، ولا مجال لقياس الطلاق على الوصيّة وإن قلنا بعدم الفرق بينهما ظاهراً .
وأمّا إجارة النفس التي يعبّر عنها بالإجارة على الأعمال فلا تجوز ; إمّا لأنّه لا معنى للزوم الوفاء بعقد الإجارة عليه بعد رفع قلم التكليف عنه ، وإمّا لأنّه لا فرق بين النفس والمال لو لم يكن الأوّل أقوى ، فإذا كان تصرّفه في ماله غير جائز ولو كان مشتملاً على الغبطة وبإذن الولي ، فالتصرّف في النفس أيضاً كذلك . ومن ذلك يظهر أنّه لا يجوز له أن يصير عاملاً في المضاربة ونظير ذلك . نعم ، لو تحقّق عمل حيازة المباحات كالاحتطاب والاحتشاش ونحوهما ، فالظاهر حصول الملكيّة له بالحيازة إذا كانت مقرونة بنيّة التملّك كغير الصبي ، وكذا يملك الجعل في الجعالة إذا كان على عمله ، وذلك لعدم لزوم العمل عليه في الجعالة ، وفي هاتين الصورتين لا فرق بين صورة إذن الولي وعدمه .
(1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب الوصيّة: 144 ـ 148 .
(الصفحة275)
مسألة 3 : يعرف البلوغ في الذكر والاُنثى بأحد اُمور ثلاثة : الأوّل : نبات الشعر الخشن على العانة ، ولا اعتبار بالزّغَب والشعر الضعيف ، الثاني : خروج المني يقظةً أو نوماً بجماع أو احتلام أو غيرهما ، الثالث : السنّ; وهو في الذكر إكمال خمس عشرة سنة ، وفي الاُنثى إكمال تسع سنين1.
1 ـ يعرف البلوغ في الذكر والاُنثى بأحد اُمور ثلاثة :
الأوّل : نبات الشعر الخشن على العانة ، وظاهر إطلاق الماتن كصريح المحقّق في الشرائع(1) أنّه لا فرق في علاميّة هذه العلامة بين المسلم والكافر ، خلافاً للمحكي عن الشافعي في أحد قوليه ، حيث إنّه قال بالثبوت في حقّ الكفار خاصّة(2) ; لكونه علامة مكتسبة تستعجل بالمعالجة ، وإنّما اعتبرت في الكفّار لانتفاء التهمة بالاستعجال في حقّهم ، ولأنّه لا طريق إلى معرفة بلوغهم سوى ذلك ، بخلاف المسلمين; لجواز الرجوع إليهم في معرفة البلوغ .
ولكن ذكر صاحب الجواهر (قدس سره) : أنّ الجميع كما ترى; إذ الاستعجال قائم في الفريقين ، وكذا الحاجة إلى هذه العلامة ، فإنّ الاحتلام والسنّ كثيراً ما يشتبه الأمر فيهما بخلافها ، مضافاً إلى ما ستعرفه من إطلاق الأدلّة ، ولذا اتّفاق أصحابنا ظاهراً على خلافه . نعم ، ربما نسب ذلك إلى الشيخ ولم نتحقّقه ، بل قال في الخلاف : الإنبات دليل على بلوغ المسلمين والمشركين بإجماع الفرقة(3) (4) .
ويدلّ عليه الأخبار المرويّة عن الفريقين ، فعن طريق العامّة ما روي أنّ سعد بن
(1) شرائع الإسلام: 2/99 .
(2) الخلاف: 3/281 مسألة 1 ، المجموع: 14/148 ، المغني لابن قدامة: 4/513 ، الشرح الكبير: 4/513 .
(3) الخلاف: 3/281 مسألة 1 .
(4) جواهر الكلام: 26/5 .
(الصفحة276)
معاذ لمّا حكم على بني قريضة كان يكشف عن عورات المراهقين ومن أنبت منهم قتل ، ومن لم ينبت جعل في الذراري(1) .
وكذا ما روي عن عطية القرضي قال : عرضنا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم قريضة وكان من أنبت قتل ومن لم ينبت خلّى سبيله ، فكنت فيمن لم ينبت فخلّى سبيلي(2) .
وأمّا ما عن طريق الأصحاب .
فمنها : رواية أبي البختري ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه (عليهما السلام) أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)عرضهم يومئذ على العانات ، فمن وجده أنبت قتله ، ومن لم يجده أنبت ألحقه بالذراري(3) .
ومنها : رواية حمزة بن حمران ، عن حمران ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: الغلام لا يجوز أمره في الشراء والبيع ، ولا يخرج من اليتم حتّى يبلغ خمس عشرة سنة ، أو يحتلم أو يشعر أو ينبت قبل ذلك(4) .
ومنها : رواية يزيد الكناسي ، عن أبي جفعر (عليه السلام) قال في حديث: إنّ الغلام إذا زوّجه أبوه ولم يدرك كان بالخيار إذا أدرك وبلغ خمس عشرة سنة ، أو يشعر في
(1) صحيح البخاري: 4/35 ح3043 و ج5/60 ح4121 و ج7/174 ح6262 ، السنن الكبرى للبيهقي: 13/326 ـ 327 ح18525 ـ 18526 ، عوالئ اللئالي: 1/221 ح97 ، وعنه مستدرك الوسائل: 1/86 ، أبواب مقدمة العبادات ب4 ح45 .
(2) السنن الكبرى للبيهقي: 8/411 ح11500 ـ 11502 و ج13/327 ح18527 .
(3) قرب الإسناد: 133 ح467 ، وعنه الوسائل: 1/44 ، أبواب مقدّمة العبادات: ب4 ح8 والبحار: 100/31 ح5 .
(4) الكافي: 7/197 ذح1 ، مستطرفات السرائر: 86 ذح34 ، وعنهما الوسائل: 1/43 ، أبواب مقدّمة العبادات ب4 ح2 .
(الصفحة277)
وجهه ، أو ينبت في عانته قبل ذلك(1) .
ومنها : ما في المحكي عن تفسير عليّ بن إبراهيم في قوله تعالى : {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى}(2) إلى آخره ، قال: قال : من كان في يده مال بعض اليتامى ، فلا يجوز له أن يعطيه حتّى يبلغ النكاح ويحتلم ـ إلى أن قال : ـ وإن كانوا لا يعلمون أنّه قد بلغ ، فإنّه يمتحن بريح إبطه أو نبت عانته ، فإذا كان ذلك فقد بلغ(3) ، بناءً على أنّ الضمير في قوله: قال: راجع إلى الصادق (عليه السلام) المذكور في الآية السابقة ، كما عن الصافي في روايته عنه مسنداً إليه(4) . قال في الجواهر : ولعلّه وجده كذلك فيما وصل إليه من النسخ ، وإلاّ كان من كلامه على عادة القدماء ، وهو وإن لم يكن حجّة لكنّه لا يخلو من تأييد(5) .
وكيف كان ، فلا ينبغي الإشكال في أصل الحكم في الجملة ، لكن الإشكال في عموميّة الحكم للذكر والاُنثى ، كما هو صريح المتن ومعقد إجماعي الخلاف(6)والتذكرة(7) ، أو الاختصاص بالذكر كما هو مورد النصوص ، وحكي عن بعض الأصحاب بنحو الإجمال(8) ، والظاهر هو الأوّل ، وأنّه لا اختصاص للذكر بذلك
(1) تهذيب الأحكام: 7/382 ح1544 ، الاستبصار: 3/237 ح855 ، وعنهما الوسائل: 20/287 ، كتاب النكاح ، أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ب6 ح9 .
(2) سورة النساء : 4/6 .
(3) تفسير القمّي: 1/131 ، وعنه مستدرك الوسائل: 13/428 ، كتاب الحجر ب2 ح1 .
(4) تفسير الصافي: 1/332 .
(5) جواهر الكلام: 26/7 .
(6) الخلاف: 3/281 مسألة 1.
(7) تذكرة الفقهاء: 2/73 (ط الحجري) .
(8) الحاكي هو صاحب الجواهر: 26/7 .
(الصفحة278)
وإن كان شعر الوجه لا يكون في النساء غالباً ، ويدلّ عليه أنّ الإنبات أمارة طبيعيّة إعتبرها الشارع; لكشفه عن تحقّق الإدراك فلا يختلف الأمر ، مضافاً إلى أنّ العادة تقتضي بتأخّر إنبات الشعر في الاُنثى عن تسع سنين ، ولعلّ التأخّر كان كثيراً .
ثمّ إنّ تقييد الشعر بالخشونة كما في المتن وغيره(1) ، ونفي اعتبار الزغب والشعر الخفيف مع خلوّ الروايات كما عرفت عن هذا التقييد ، أنّ المعهود في اعتبار البلوغ الذي لا يوجد في حال الصغر هو الشعر المذكور ، فلا يقدح خلوّ الروايات عنه كما لا يخفى ، كما أنّ الإضافة إلى العانة مشعر بل دالّ على أنّ شعر سائر الموارد لا يكون دليلاً على البلوغ ، ولكن يوجد في عبارات ما لعلّه يدلّ على الخلاف(2) ، بل لم يقع التقييد بالعانة في بعضها(3) ، ولكن في بعض روايات العامّة المتقدِّمة وبعض روايات الخاصّة أيضاً الإضافة إلى العانة أو العورة ، وعن بعضهم كالعلاّمة في التحرير أنّ الأقرب أنّ إنبات اللحية دليل على البلوغ ، أمّا باقي الشعور فلا(4) ، وحكى في التذكرة عن الشافعيّة وجهين في إلحاق اللحية والشارب بالعانة : أحدهما الإلحاق(5) ثمّ قال : ولا بأس به عندي بناءً على العادة القاضية بتأخّر ذلك عن البلوغ(6) ، بل هو لا يخلو عن قوّة للعادة ، ويدلّ عليه بعض الأخبار السابقة التي لم يقع التقييد فيها بالعانة والعورة .
(1) شرائع الإسلام: 2/99 ، تذكرة الفقهاء: 2/73 (ط الحجري) .
(2) الحدائق الناضرة: 20/347 .
(3) كرواية حمران المتقدّمة .
(4) تحرير الأحكام: 2/535 .
(5) المجموع: 14/150 ، روضة الطالبين: 3/467 .
(6) تذكرة الفقهاء: 2/74 (ط الحجري) .
(الصفحة279)
وربما يُقال : إنّه لو كان علامة لاستغني بها عن اختبار شعر العانة ، بل لم يجز الكشف عنها لكونها عورة ، وفيه المنع موضوعاً وحكماً لعدم الاستغناء عنها ; لتقدّم نباتها على اللحية والشارب ، بل في الجواهر يقوى إلحاق العذار والعارض والعنفقة ونحوها بهما لعموم المستند(1) ، إلاّ أنّه مع ذلك يظهر من باقي الأصحاب الاختصاص بالعانة ، بل هو صريح بعضهم(2) ، ولذا اقتصروا عليها في العلامات إلاّ أن يكون ذلك منهم ، نظراً إلى تأخّر نباتهما عن البلوغ عادةً بكثير ، ومدارهم على ذكر العلامات النافعة عند الاشتباه ، لا حال معلومية البلوغ الحاصلة غالباً بنباتهما بحيث لا يحتاج إلى استناد العلامات .
نعم ، لا ينبغي الإشكال في أنّه لا عبرة بشعور سائر الأعضاء ، كشعر الصدر واليدين وساقي الرجلين ، وفي محكيّ التذكرة : ولا اعتبار بشعر الإبط عندنا(3) ، وللشافعي فيه وجهان(4) ، ومنه يعلم شذوذ ما في بعض الأخبار من عدّ شعر الإبط من العلامات ، ونصوص الأشعار محمولة على الإنبات خاصّة أو مع غيره ، مثل اللحية والشارب كما لا يخفى .
ثمّ إنّ هنا بحثاً مهمّاً; وهو أنّ الإنبات المعتبر هل يكون بنفسه بلوغاً ، أو دليلاً على سبقه كالحمل ، فالمحكي في مفتاح الكرامة عن جملة كثيرة من كتب الأصحاب الأوّل(5) ، لكن ذكر صاحب الجواهر الذي هو تلميذه : أنّي لم أتحقّق ذلك من كثير
(1) جواهر الكلام: 26/8 .
(2) كالشيخ في المبسوط: 2/283 والشهيد الثاني في المسالك: 4/141 .
(3) تذكرة الفقهاء: 2/74 (ط الحجري) .
(4) المجموع: 14/149 ، روضة الطالبين: 3/467 .
(5) مفتاح الكرامة: 5/235 .
(الصفحة280)
ممّن نسب إليه ، بل ليسوا بصدد بيان هذا الأمر ، مع أنّه قد صرّحت في جملة كثيرة اُخرى بأنّه دليل لا بلوغ ، وقد ادّعيت الشهرة على كلا القولين(1) (2) وتظهر ثمرة الخلاف في قضاء ما يجب قضاؤه من العبادات ، وفي نفوذ إقراره وتصرّفاته المتقدّمة على الاعتبار بزمان يعلم بعدم تأخّر بلوغه عنه ، والأقوى كما في الجواهر هو كونه دليلاً لا بلوغاً(3) ، ويؤيّده بل يدلّ عليه تعليق الأحكام في الكتاب والسنّة على الاحتلام ، مع أنّه كاشف عن سبق البلوغ بلا ريب ، وكذا يدلّ عليه أنّ الإنبات المذكور تدريجي الحصول ، والبلوغ لا يكون كذلك ، وعدم معلوميّة أوّل آنات تحقّق الشعر الخشن وقضاء العادة بتأخّره عنه .
الأمر الثاني: من الاُمور التي يعرف البلوغ بها خروج المني يقظةً أو نوماً ، بالجماع أو الاحتلام أو غيرهما ، وقد نفي فيه الخلاف بين المسلمين فضلاً عن المؤمنين(4) ، والأصل في ذلك قوله تعالى في سورة النور : {وَإِذَا بَلَغَ الاَْطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا}(5) الآية . وفي سورة النساء : {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ}(6) الآية . وفي سورة الإسراء : {وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ}(7) الآية ، ويدلّ عليه أيضاً روايات كثيرة :
منها : رواية هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : انقطاع يُتم اليتيم
(1) مسالك الأفهام: 4/141 .
(2 ، 3) جواهر الكلام: 26/9 .
(4) جواهر الكلام: 26/10 .
(5) سورة النور : 24/59 .
(6) سورة النساء : 4/6 .
(7) سورة الإسراء : 17/34 .
|
|