(الصفحة 537)
ففي هذه الصورة هل يكون الطبيب مسؤولا أم لا؟
الجواب: إذا كانت الفرصة للتحليل موجودة وكان المريض ذا مال، والطبيب يرى ضرورة التحاليل، فعلى هذا الفرض لايجوز للطبيب مداواته ومعالجته، وإذا لم توجد فرصة، أو مع عدم وجود النفقات والإمكانيات، وشرط الطبيب عدم الضمان، فحينئذ لا يكون الطبيب مسؤولا.
السؤال : إذا كنّا نعلم أو احتملنا بأنّ إنقاذ حياة المريض متوقّف على استعمال الدّواء أو الأدوية الخاصّة المُضرّة، وهذا الضرر يُصيب الجميع على الاحتمال القوي، والطبيب يكتب هذه الأدوية للمريض، فهل يكون مسؤولا إذا استعمل المريض الأدوية المذكورة واُصيب بآلامها؟
الجواب: في الصورة التي يعلم الطبيب بأنّ إنقاذ حياة المريض متوقّف على استعمال الدّواء المذكور، أو وجود الظن القويّ والاحتمال العقلائي على فائدة الدّواء المذكور مع اشتراط عدم الضمان، فهو غير مسؤول.
السؤال : إذا وصف الدواء الخاص لتسكين ألم المريض ـ دون إنقاذه من الموت ـ ومعالجة الأمراض التي تؤلم المريض «كالحُمّى، والحكّة، والآلام، والجروح و...» وكنّا نعلم أو نحتمل بأنّ هذه الأدوية مؤثّرة، مع أنّ أكثر الأدوية المؤثّرة لها إنعكاسات مضادّة كثيرة سواء على المدى القريب أو البعيد، فإن وصف الطبيب الدواء وأوجب ردّ الفعل «الذي يكون أسوأ من حالة المرض الاُولى» هل يكون الطبيب مسؤولا «والجدير بالذكر أنّ التبعات السيئة للأدوية شائعة جدّاً»؟.
الجواب: مع شرط عدم الضمان ومع مراعاة الأهمّ فالأهم وإعلام المريض بالتبعات المحتملة لاستعمال الدّواء، فلن يكون الطبيب مسؤولا.
السؤال : إذا أصرّ المريض على الطبيب بأن يعطيه دواءً أو يتخذ اجراءات
(الصفحة 538)
علاجية مضرّة، فإن اُصيب المريض بحادث فمن هو المسؤول؟
الجواب: إصرار المريض لا يكون مجوّزاً للمعالجة، ولا يرفع المسؤولية، فإذا كان الطبيب واثقاً من أنّ الدّواء مع جميع مضاداته وتبعاته لازم لعلاج المريض، ولا يوجد دواء بدون ضرر أو قليل الضرر، واشترط الطبيب البراءة وعدم الضمان، جاز له معالجة المريض ولا يكون مسؤولا عن النتيجة.
جهل الطبيب ونسيانه
السؤال : مع سعة انتشار العلوم الطبّية وفروعها، لا يمكن في الواقع استيعاب جميع الأمراض، والأدوية النافعة التي تفيد جميع الأمراض وكذلك مضرّاتها، فإذا نسي الطبيب وعمل بالظنّ ـ سواء في الموارد الضرورية العاجلة وغيرها ـ لإنقاذ حياة المريض أو تسكين آلامه، وقد يكتب دواءً غير مؤثّر للمريض وحمّل المريض نفقاته وعوارضه ، فهل يكون الطبيب مسؤولا في هذه الصورة ومديوناً، «مع عدم إمكان الرّجوع إلى طبيب أخصائي آخر»؟
الجواب: إن وصف الدواء على الحدس والظنّ، ولم يحتمل احتمالا عقلائيّاً في فائدة الدّواء المذكور فهو المسؤول، خاصة إذا لم يشترط براءة ذمّته. أمّا إذا كانت كتابته للدواء المضرّ بسبب السهو والنسيان، ولكن اشترط عدم الضمان فليس بمسؤول.
السؤال : إذا كان الطبيب لا يميّز المرض بسبب نسيان أنواع الأمراض وعلاماتها ولكثرة العلوم والفروع الطبّية; فلذا لا يعرف الدّواء المناسب، وفي النتيجة لا يصف دواءً للمريض ، فإذا اشتدّ المرض وانتهى إلى موت المريض، فإلى أيّ حدٍّ يكون الطبيب المعالج مسؤولا مع عدم إمكانية الرّجوع إلى طبيب أخصّائيٍّ آخر؟
الجواب: إذا نسي الطبيب علائم المرض أو الأدوية، ولا يمكنه التمييز فلا يحقّ له معالجة المريض ولا مسؤولية عليه، ولكن إذا كانت علائم المرض مشتركةً
(الصفحة 539)
بين عدّة أمراض، والمرض غير قابل للتشخيص، ويحتاج إلى استعمال عدّة أنواع من الأدوية حتّى ينفع أحدها «بدون أن يكون ناسياً للأدوية أو علائم المرض» وفي صورة عدم إمكان الوصول لطبيب أخصّائيٍّ آخر، يجب معالجة المريض بشرط عدم الضمان، واحتمال إنقاذ حياة المريض. ومع شرط براءة ذمّة الطبيب، فإن حدث حادث فهو غير مسؤول.
السؤال : بسبب قلّة وجود الإمكانيات الطبّية الكافية، لا يمكن تشخيص المرض وقد ينتهي إلى الموت، هل يكون الطبيب المعالج مسؤولا؟
الجواب: يجب في المرحلة الاُولى إرشاد المريض لطبيب آخر، وفي صورة عدم وجود طبيب أخصّائي ، فإن أحسّ أنّ تأخير المعالجة يشكِّل خطورة على المريض، ويحتمل الطبيب احتمالا قويّاً تأثير المعالجة، يجب عليه معالجته، ولا يكون مسؤولا إن اشترط عدم الضمان.
السؤال : إذا تمّ تشخيص المرض بصورة صحيحة، ولكنّ الدّواء المؤثّر غير موجود أو قيمته غالية جدّاً، فلا يتمكّن المريض من شرائه، هل يكون الطبيب المعالج ملزماً بتهيئة الدّواء المذكور للمريض من أيّ طريق كان؟
الجواب: على الفرض المذكور، إذا كانت حياة المريض في خطر، فيكون الطبيب والآخرون ملزمين بنحو الواجب الكفائي على تهيئة الدواء اللازم من أيّ طريق أمكن وإنقاذ حياة المريض.
السؤال : إذا أردنا تدقيق النظر في الطبابة، والمشاكل التي تواجه الطبيب، وحصر الاُمور الطبية وممارساتها بمن يملك التخصّص والتجربة العملية الكافية، فسوف تختلّ اُمور معالجة المرضى بصورة كاملة. وذلك أوّلا: على كلّ طبيب أن يجتاز نفس المراحل الأوّلية حتّى يبلغ مرحلة التخصّص والتّجربة العملية الكافية، ثانياً: نظراً إلى كثرة النّفوس وقلّة الإمكانيّات، والفرص المحدّدة وعشرات العلل الاُخرى فلا
(الصفحة 540)
يمكن التوقّع منذ البداية على الحصول على أطبّاء حاذقين، فبالإشارة إلى هذه المقدّمة، والاُمور المطروحة في كلّ الأسئلة السابقة، تطرحُ الأسئلة المهمّة التالية:
ألف ـ في الموارد التي نسي الطبيب الدّواء المؤثّر أو عوارضه السلبية الخطرة، ولا توجد الفرصة الكافية للحصول على المعلومات اللازمة أو الطبيب الأخصائي الآخر.
ب ـ الطبيب واثق من وجود الدّواء الخاصّ النافع، كما أنّه متيقّن أو يحتمل أنّ وصف الدّواء واستعمال المريض له سيواجه انعكاسات مُضادّة، أو أشدّ من نفس المرض، أو يؤدّي إلى الموت «المؤكّد بأنّ الموردين ـ ألف وب ـ يشمل تشخيص الأمراض وتعيينه أيضاً».
هل يمكن للطبيب ترك المريض على حاله ويفترض كأنّه غير موجود ويسلّم الأمر للقضاء والقدر الإلهيين، وبهذه الصورة ينأى بنفسه من خطر المسؤولية المادية والمعنوية الناتجة من الانعكاسات السلبية للمريض; والنفقات التي أنفقت بدون فائدة، ويترك أمره للّه فإمّا أن يشفى نسبيّاً ويبقى وقت لمراجعة الطبيب الأخصّائي، أو يشتدّ به المرض تدريجاً إلى أن يموت؟
في المورد الذي يجهل فيه الطبيب واجبه الطبّي، فلا يعلم ماذا يصنع لإنقاذ حياة المريض وتسكين آلامه، فما هو تكليفه؟ هل يعالج المريض بكيفية لا يطمأنّ إليها، حتّى وإن بلغ المريض الموت أو إلى ردود فعل شديدة، أو عدم إجراء أيّ معالجة؟
هل يكون الطبيب مسؤولا إذا عالج المريض بصورة وهو غير واثق من عمله، وانتهى المريض إلى الموت أو إلى الخسارة؟ وهل يكون مسؤولا إذا لم يعالج المريض بسبب العلل المذكورة أعلاه؟
هذا السؤال يُطرح في بعض الأوقات التي قد لا تُوجد فيها فرصة للاستشارة، أو إرجاع المريض إلى الأطبّاء الأخصّائيين الحاذقين.
«وفي الختام نذكر مثالا لتوضيح الأمر: يُصادِف أحياناً الطبيب غير الماهر
(الصفحة 541)
المريض مغمياً عليه ولا يعلم سبب إغمائه هل هو من قلّة السّكر أم زيادته، من الطبيعي في هذه الحالة أن يشتبه الطبيب، ويعالج المريض معالجة متناقضة».
الجواب: الطب، كسائر العلوم والفنون له مجالات عديدة وفروع مختلفة، فإذا كانت الطبابة والمعالجة قبل بلوغ مرحلة التخصّص غير جائزة ـ كما ذكر في السؤال ـ فالمعالجة تختلّ وتسير سيراً بطيئاً، ولا يمكن الوصول إلى الطبيب الأخصّائي بغضّ النظر عن اللّوازم المذكورة ، فكلّ طبيب يمكنه استناداً إلى معلوماته مُعاينة المريض بدقّة ووصف الدواء النافع والمؤثّر ولرفع المسؤولية عن نفسه، يشترط عدم الضمان. الإجابة عن فروع السؤال على النحو التالي:
ألف ـ نسيان الأدوية وعلامات المرض على قسمين:
1 ـ الطبيب يعلم ولكنّه نسي أسماء الأدوية ومواصفاتها الأدوية وعلامات الأمراض.
2 ـ الطبيب غير منتبه لنسيانه فقد خَلَطَ بين مواصفات الأدوية وعلامات الأمراض، وقد ذكرنا أجوبة هذين الفرضين في الأجوبة السابقة.
ب ـ إذا كان الطبيب واثقاً بأنّ الدّواء الخاص مفيد للمريض، وله انعكاس سلبي جانبي، أو يعلم بأنّ له انعكاسات خفيفة جانبية، فيجب عليه معالجة المريض، ويشترط عدم الضمان. وإذا كان يحتمل بأنّ الدواء نافع، ويحتمل ظهور انعكاسات جانبية أيضاً، ولكنّها قابلة للعلاج، فيمكنه معالجة المريض مع شرط عدم الضمان، فيكون حينئذ غير مسؤول في هاتين الصورتين إذا لم يمكن المراجعة لطبيب آخر وحالة المريض خطرة، فيجب على الطبيب معالجته ولا يجوز له شرعاً أن يترك المريض على حاله، ومن جهة رفع المسؤولية يشترط عدم الضمان، وإذا اطمأنّ بوجود انعكاسات من استعمال الدواء وعوارض شديدة وخطرة، فلا يحقّ له المعالجة، فإن عالج المريض فسيكون مسؤولا، وشرط عدم الضمان في هذه الحالة لا يُسقِط المسؤولية والضمان عنه.
|