(الصفحة 540)
يمكن التوقّع منذ البداية على الحصول على أطبّاء حاذقين، فبالإشارة إلى هذه المقدّمة، والاُمور المطروحة في كلّ الأسئلة السابقة، تطرحُ الأسئلة المهمّة التالية:
ألف ـ في الموارد التي نسي الطبيب الدّواء المؤثّر أو عوارضه السلبية الخطرة، ولا توجد الفرصة الكافية للحصول على المعلومات اللازمة أو الطبيب الأخصائي الآخر.
ب ـ الطبيب واثق من وجود الدّواء الخاصّ النافع، كما أنّه متيقّن أو يحتمل أنّ وصف الدّواء واستعمال المريض له سيواجه انعكاسات مُضادّة، أو أشدّ من نفس المرض، أو يؤدّي إلى الموت «المؤكّد بأنّ الموردين ـ ألف وب ـ يشمل تشخيص الأمراض وتعيينه أيضاً».
هل يمكن للطبيب ترك المريض على حاله ويفترض كأنّه غير موجود ويسلّم الأمر للقضاء والقدر الإلهيين، وبهذه الصورة ينأى بنفسه من خطر المسؤولية المادية والمعنوية الناتجة من الانعكاسات السلبية للمريض; والنفقات التي أنفقت بدون فائدة، ويترك أمره للّه فإمّا أن يشفى نسبيّاً ويبقى وقت لمراجعة الطبيب الأخصّائي، أو يشتدّ به المرض تدريجاً إلى أن يموت؟
في المورد الذي يجهل فيه الطبيب واجبه الطبّي، فلا يعلم ماذا يصنع لإنقاذ حياة المريض وتسكين آلامه، فما هو تكليفه؟ هل يعالج المريض بكيفية لا يطمأنّ إليها، حتّى وإن بلغ المريض الموت أو إلى ردود فعل شديدة، أو عدم إجراء أيّ معالجة؟
هل يكون الطبيب مسؤولا إذا عالج المريض بصورة وهو غير واثق من عمله، وانتهى المريض إلى الموت أو إلى الخسارة؟ وهل يكون مسؤولا إذا لم يعالج المريض بسبب العلل المذكورة أعلاه؟
هذا السؤال يُطرح في بعض الأوقات التي قد لا تُوجد فيها فرصة للاستشارة، أو إرجاع المريض إلى الأطبّاء الأخصّائيين الحاذقين.
«وفي الختام نذكر مثالا لتوضيح الأمر: يُصادِف أحياناً الطبيب غير الماهر
(الصفحة 541)
المريض مغمياً عليه ولا يعلم سبب إغمائه هل هو من قلّة السّكر أم زيادته، من الطبيعي في هذه الحالة أن يشتبه الطبيب، ويعالج المريض معالجة متناقضة».
الجواب: الطب، كسائر العلوم والفنون له مجالات عديدة وفروع مختلفة، فإذا كانت الطبابة والمعالجة قبل بلوغ مرحلة التخصّص غير جائزة ـ كما ذكر في السؤال ـ فالمعالجة تختلّ وتسير سيراً بطيئاً، ولا يمكن الوصول إلى الطبيب الأخصّائي بغضّ النظر عن اللّوازم المذكورة ، فكلّ طبيب يمكنه استناداً إلى معلوماته مُعاينة المريض بدقّة ووصف الدواء النافع والمؤثّر ولرفع المسؤولية عن نفسه، يشترط عدم الضمان. الإجابة عن فروع السؤال على النحو التالي:
ألف ـ نسيان الأدوية وعلامات المرض على قسمين:
1 ـ الطبيب يعلم ولكنّه نسي أسماء الأدوية ومواصفاتها الأدوية وعلامات الأمراض.
2 ـ الطبيب غير منتبه لنسيانه فقد خَلَطَ بين مواصفات الأدوية وعلامات الأمراض، وقد ذكرنا أجوبة هذين الفرضين في الأجوبة السابقة.
ب ـ إذا كان الطبيب واثقاً بأنّ الدّواء الخاص مفيد للمريض، وله انعكاس سلبي جانبي، أو يعلم بأنّ له انعكاسات خفيفة جانبية، فيجب عليه معالجة المريض، ويشترط عدم الضمان. وإذا كان يحتمل بأنّ الدواء نافع، ويحتمل ظهور انعكاسات جانبية أيضاً، ولكنّها قابلة للعلاج، فيمكنه معالجة المريض مع شرط عدم الضمان، فيكون حينئذ غير مسؤول في هاتين الصورتين إذا لم يمكن المراجعة لطبيب آخر وحالة المريض خطرة، فيجب على الطبيب معالجته ولا يجوز له شرعاً أن يترك المريض على حاله، ومن جهة رفع المسؤولية يشترط عدم الضمان، وإذا اطمأنّ بوجود انعكاسات من استعمال الدواء وعوارض شديدة وخطرة، فلا يحقّ له المعالجة، فإن عالج المريض فسيكون مسؤولا، وشرط عدم الضمان في هذه الحالة لا يُسقِط المسؤولية والضمان عنه.
(الصفحة 542)
وأمّا بالنسبة إلى المثال في آخر السؤال يجب القول بأنّه في حالة عدم وجود طبيب آخر، والطبيب المعالج واثق من أنّه إذا ترك المريض على حاله فسوف يموت، ومن جهة اُخرى لا يميّز نوعية المرض، أو الدواء مائة في المائة، يجب عليه معالجة المريض بالأدوية التي يحتمل فائدتها، ولرفع المسؤولية عنه تشترِطُ عدم الضمان.
طرق العلاج
السؤال : إذا لم تكن الأدوية المؤثّرة في متناول الأيدي لأيّ سبب، هل يمكن للطبيب أن يصف الأدوية التي يحتمل أن تكون مؤثّرة؟ وفي صورة عدم التوفيق لمعالجة المرض هل يكون الطبيب مسؤولا ومديوناً في قبال العوارض الاحتمالية لهذه الأدوية، أو المصروفات المفروضة التي تحمّلها المريض؟
الجواب: مع احتمال تأثير الأدوية الموجودة وأهمّية المعالجة يمكنه وصف الدواء، ولا يكون مسؤولا إن اشترط عدم الضمان .
السؤال : يصف الطبيب في بعض الحالات الدواء القويّ جدّاً للتسريع في شفاء المريض، ويطمئنّ أن يكون مؤثّراً في كثير من الأمراض، أو لتقليل نفقات معالجة المريض ومراجعاته المتكرّرة يصف الأدوية التي أضرارها شديدة، في الوقت الذي يمكن وصف الأدوية الاُخرى التي أضرارها أقلّ بكثير، ولكن من الممكن أن تكون أدوية غير موثوقة بالكامل ونفقاتها أكثر. فعلى هذا الفرض ما هو أحسن حلّ; انتخاب الطريق السريع وكثير الخطر، أم الطريق الأقلّ خطراً وغير المؤثّر أحياناً؟
الجواب: يعود الأمر إلى الطبيب، ليختار الطريق الأصلح والأقرب لمعالجة المريض.
السؤال : في معالجة بعض الأمراض «مثل ضغط الدّم العالي بسبب العلل
(الصفحة 543)
المجهولة» تجرى الطريقة المتعارفة الضروريّة بموجب العلوم الطبّية الحديثة، فيعطى المريض دواءً واحداً أو عدّة أدوية، فإن لم يؤثّر، يُستبدل بأدوية اُخرى ... مع أنّ هذه الأدوية لا تؤثّر في جميع الأشخاص بنسبة واحدة، ومن جهة اُخرى لكلّ دواء مضاعفاته الخاصّة، هل يكون الطبيب المعالج ـ الذي يجرّب الأدوية المختلفة مع المريض لعلّه يصل إلى الدواء المؤثِّر في مرضه ـ مسؤولا في قبال نفقات المريض ومضاعفات الأدوية عليه؟
الجواب: في الفرض المذكور، إذا لم يقصّر الطبيب وعالج المريض بالدقّة الكاملة، واشترط البراءة وعدم الضمان فلا يكون مسؤولا.
السؤال : إذا كنّا نعلم أو نحتمل احتمالا قويّاً بأنّ المريض سيموت قريباً متأثّراً بمرضه، مثل بعض أقسام السرطان، هل يجوز لنا لغرض إطالة عمر المريض ولو لمدّة قصيرة أن نستعمل طرق المعالجة الخطرة، مثل المعالجة الكيميائية التي تكون أحياناً مضاعفاتها أشدّ من المرض الأصلي؟
الجواب: إذا كانت المعالجة تزيد في حياة المريض بمقدار يصدق عليه عرفاً أنّه زيد في عمره، يلزم المعالجة وإعطاؤه الدواء، ومع شرط البراءة أيضاً لا يكون الطبيب ضامناً أو مسؤولا.
السؤال : في بعض الأحيان عندما نطمئنّ بأنّ المريض سيموت قريباً بسبب مرضه، ومن جهة اُخرى نعلم إن عالجناه مثلا «بعملية جراحية» يكون في حالتين: إمّا الشفاء وطول العمر، أو التسريع في موته، ما هو تكليفنا في هذه الحالة؟
الجواب: إذا قمتم بالعملية الجراحية برجاء شفائه من مرضه، فيجب عليكم ذلك ولا تكونون مسؤولين إذا اشترطتم عدم الضمان.
معالجة النساء الحوامل
السؤال : إذا كان الطبيب ـ مع ملاحظة تطوّر الاُمور الطبّية وسعتها ـ لا يعلم، أو
(الصفحة 544)
نسيَ بأنّ الدّواء وطريقة تعيينه للنساء الحوامل أو المرضعات فيه ضرر، فإلى أيّ حدّ يكون مسؤولا إذا حدثت مضاعفات للجنين أو الاُمّ؟
الجواب: إذا كان الطبيب عارفاً بعدم علمه، فلا يجوز له معالجة المريض، وإذا عرض له الجهل المركّب أو النسيان فلا يكون مسؤولا إذا اشترط عدم الضمان.
السؤال : إذا وصف الطبيب الدواء أو طريقة العلاج لامرأة حامل لغرض تعيين المرض، وفي الوقت نفسه لا تكون طريقته هذه مضرّة، وبعد ذلك تبيّن بأنّ معالجته كانت مُضرّة للاُمّ أو جنينها، كما شوهد ذلك في تاريخ الطبّ، هل يكون الطبيب مسؤولا أمام المضاعفات الناتجة في هذه الموارد؟
الجواب: إذا لم يقصّر الطبيب، وعالج المريض بدقّة كاملة ووصف الأدوية غيرالمضرّة، واشترط عدم الضمان أيضاً، وبعد ذلك تبيّن خلافه فلا يكون مسؤولا.
السؤال : مع أنّ حالة الحمل في الأسابيع الاُولى لا يمكن تعيينها من الظواهر، وأحياناً من الطرق البدائية لا يتحقّق بصورة دقيقة، ومن جهة اُخرى فإنّ أكثر المضاعفات الخطرة في الطرق العلاجية التشخيصية المضرّة تظهر في هذه الفترة «وذلك بصورة اختلالات شديدة في الجنين» فعليه وبسبب قلّة الإمكانيات، أو عدم وجود الفرصة الكافية، أو عدم موافقة المريض على نفقات تعيين الحمل، أو عدم علم المرأة عن حملها وجوابها الكاذب عن الحمل إذا سألها الطبيب، وحتى بعض الأحيان لا تُعطي الأجهزة الحديثة الأجوبة الحقيقية بسبب التحاليل الكاذبة، فلا يمكن للطبيب أن يُعيّن المرض، أو لا يعلم بأنّ المريضة حامل، فيستعمل طرق التعيين المختلفة، فإن ظهرت المضاعفات في الاُمّ أو جنينها، هل يكون الطبيب المعالج مسؤولا؟
الجواب: في صورة عدم وجود وقت أو عدم إمكان إرجاع المريض إلى طبيب آخر وقام الطبيب بإجراء الكشوفات الطبّية اللازمة، وفي نفس الوقت اشترط عدم الضمان، فلا يكون مسؤولا حينئذ عن المضاعفات التي قد تحصل للاُمّ. وأمّا
|