(الصفحة 548)
عن الطبيب، خاصةً في العملية الجراحية.
السؤال : في الفرضين السابقين إذا كان المريض مغمىً عليه ، هل يمكن أخذ الإذن من أقاربه البالغين ، أو أن يشترط عليهم عدم الضمان؟
الجواب: إذا لم يكن القريب هو الولي الشرعي للمريض فلا يمكنه إعطاء الإذن; لأنّ إجازة غير الولي لا تفيد شيئاً، إلاّ إذا اشترط على صاحب الإذن ضمن عقد الإجازة أو عقد لازم آخر بأنّه متى ما حدثت الخسارة والضرر فعلى عهدته، وفي نفس الوقت لا تخلو هذه المسألة من إشكال.
السؤال : في الفرضين السابقين، إذا كان المريض مغمىً عليه، وليس له أقارب، ومن جهة اُخرى فإنّ حياته في خطر، فكيف يتمّ التعامل بخصوص الإذن والشرط؟ هل يمكن القيام بموجب الواجب الطبّي إجراء أيّ عمل ممكن وبدون الإذن؟ فإذا اتّخذت سهواً الإجراءات غير المؤثّرة فعجلت في موت المريض، فهل تكون المسؤولية على عهدة الطبيب المعالج؟ وإذا لم يتّخذ الطبيب أيّ إجراء خوفاً من عدم تأثير المعالجة، وبالتالي تؤدّي إلى موت المريض، هل يكون مسؤولا؟ «وقد شوهد أحياناً بأنّ المريض مات بأجله، ولكن الآخرين ينسبون خطأ سبب موته إلى الطبيب المعالج».
الجواب: في فرض السؤال، يجب على الطبيب أن يبدأ بمعالجة المريض لإنقاذ حياته، ولا يجوز له شرعاً ترك المريض على حاله، فإن تبيّن بأنّ الخسارة والمضاعفات الواردة كانت بسبب المعالج، فيكون الطبيب مسؤولا . وفي صورة عدم تقصيره فهو غير مسؤول ظاهراً بدليل الآية المباركة:
{وما على المحسنين من سبيل}، ومعتبرة السّكوني وصحيحة الحلبي(1) الظاهر أنّهما منصرفتان عن هذه
- 1 ـ وسائل الشيعة: 19 / 194 ب 24 من أبواب موجبات الضمان، الحديث الأوّل.
وسائل الشيعة: 13 / 275 ب 29 من أبواب أحكام الإجارة، الحديث التاسع عشر.
(الصفحة 549)
الصورة وأمثالها. والأحوط في أمثال هذه الموارد أخذ الإذن من الحاكم الشرعي، أو عدول المؤمنين.
الأدوية وتطوّرها
السؤال : على إثر الاكتشافات أو نتائج الاكتشافات الجديدة في فروع العلوم الطبّية المختلفة للمعالجة وتعيين الأمراض، واستناداً إلى آخر ما توصّل إليه علم الطبّ الحديث، تقترح الأدوية الجديدة أو الموادّ الغذائية المؤثّرة، وتوصّي أيضاً بترك المعالجة بالأدوية والموادّ السابقة التي أثبت العلم ضررها، هل يكون الطبيب مسؤولا في قبال مضاعفات طرق العلاج السابقة، وما أنفق إزاءها، علماً بأنّه لم يكن ـ في وقتها ـ يعلم بأضرارها؟
الجواب: الطبيب غير مسؤول شرعاً، ولا ضمان عليه إن لم يحصل اليقين من أقوال أصحاب الاكتشافات الجديدة بضرر الأدوية السابقة. أمّا إذا فرضنا بأنّ الدواء كان سبباً للضرر المالي والنفسي على المريض ثمّ مات، وقد علموا بأنّ سبب موته هي تلك الأدوية، والطبيب لم يشترط عدم الضمان، فالظاهر أنّ الطبيب سيكون مسؤولا ومديوناً.
السؤال : مع ملاحظة أنّ مجموعات كثيرة في العالم تعمل في مجالات الاكتشافات الطبّية العلمية، وتعلن باستمرار عن نتائج أعمالها، فإنّ بعضهم لا يكون مؤيّداً من الجهات العلمية وأنّه على المستوى العلمي المطلوب، وبعضهم يفتقر إلى الجوانب الخلقية كالصّدق والأمانة، والمجموعة الثالثة تفتقدُ الجانبين . بعبارة اُخرى: لا يوجد أيّ ضمان أن تكون النتيجة المعلن عنها تنطبق على الحقائق بصورة كاملة، ومن جهة اُخرى لا يوجد مركز أو مرجع موحّد يؤيّد الاكتشافات الصحيحة ويردُّ على السقيمة، وإن وُجد فيستغرق الأمر فترة طويلة حتّى يُعْلَن عن نتيجة العمل الجديد، ففي هذه الأحوال إذا كانت نتيجة الاكتشافات المعلنة عنها في وسائل الإعلام
(الصفحة 550)
والمجلاّت مُغايرة للطرق القديمة، أو مُكمِّلة لها، فما هو واجبنا؟ وهل نعمل بالقديمة أو الجديدة؟.
الجواب: إذا كان العمل بالطرق الحديثة مكمّلا للقديمة وأنتم واثقون بأنّها لا تضرّ المريض ضرراً بليغاً، فهي صحيحة ولا مانع من استعمالها، فإن كانت مُغايرة يجب العمل بما يطمأنّ إليه.
السؤال : إذا وصلت الاكتشافات الجديدة إلى الطبيب بعد فترة طويلة من كشفها، وقبل الإطّلاع عليها كان يعمل بموجب الطرق القديمة، هل يكون الطبيب مسؤولا في قبال المضاعفات الناتجة عن الطرق القديمة، أو النفقات التي اُنفِقت بدون فائدة؟
الجواب: يتبيّن جواب هذا السؤال من جواب السؤال رقم 1947، والظاهر أنّه لا ضمان على النفقات التي اُنفقت بدون فائدة . وإن حدث ردّ فعل بسبب استعمال الأدوية أو المعالجة القديمة، ولم يشترط عدم الضمان، يكون الطبيب مسؤولا، ولكن لا يحصل اليقين ـ عادةً ـ بأنّ سبب المضاعفات الناتجة هو استعمال الطرق والأدوية القديمة.
السؤال : إذا لم يحصل الطبيب على المعلومات الجديدة، بسبب عدم وجود الإمكانيّات الكافية ولم يطّلع أبداً على ذلك، فعلى عهدة مَنْ تكون مسؤولية عدم فائدة المعالجة القديمة؟
الجواب: إذا كان الطبيب قد عمل بالدقّة الكافية والفحوصات اللاّزمة، فلا يكون ضامناً مع شرطه عدم الضمان.
السؤال : نظراً إلى عدم استطاعة الطبيب للاحتفاظ بكلّ الطرق القديمة للمعالجة التي درسها في الجامعة فضلا عن الجديدة، هل يمكنه الاكتفاء بالمعالجة القديمة أو يمكن له التعلّم بمقدار ما يسعه وقته المحدود؟ وفي هذه الصورة إن لم
(الصفحة 551)
يلتفت إلى الاُمور المهمّة الجديدة، هل يكون مسؤولا؟
الجواب: من المؤكّد أنّ تعلّم طرق العلاج الحديثة جيّدٌ ومهمّ، وقد يكون ضروريّاً، فإذا احتمل الطبيب أنّ من صالح المريض إرجاعه إلى طبيب آخر يعرف المعالجة الحديثة; فالأحسن إرجاعُه إليه، وعلى أيّ حال إذا فحص المريض بدقّة وعالَجهُ بمقدار معلوماته الفعلية، واشترط عدم الضّمان لا يكون مسؤولا.
اُجور الفحص
السؤال : إذا بذل الطبيب جُهدهُ ومساعيه في معالجة المريض، ولكن المريض لم يتماثل للشفاء، هل يكون الطبيب مسؤولا عن نفقات العلاج التي دفعها المريض سابقاً اُجور الفحوصات والكشوفات الطبّية ؟
الجواب: إذا كان الطبيب قد اتّفق مع المريض ووعده بالمعالجة والشفاء ولم يُوفَّق، يجب عليه إرجاع ما أخذه من المريض بعنوان اُجرة الفحص والكشف الطبّي. وإذا كان البناء على الفحص وكتابة وصفة الدواء وأخذ الطبيب الاُجور لذلك، فلا يكون الطبيب مديوناً، وهذا الأخير هو المتعارف بين الأطبّاء.
السؤال : إنّ حقّ الطبابة مثل حقّ المحاماة والموارد الاُخرى ليس له قيمة معيّنة، ما هي أفضل طريقة لتعيين مقدار حقّ الطبابة في رأي سماحتكم؟
الجواب: أفضل طريقة هي أن يكون الاختيار بيد المرضى، فكلّ مريض يدفع بمقدار استطاعته المالية، فيدفع حقّ الطبابة بنسبة نفقاته اليومية الاُخرى; لأنّ واردات الأشخاص ومصارفهم تختلف اختلافاً كبيراً، وكلّ واحد مكلّف بمقدار استطاعته المالية، والأطبّاء أيضاً يختلفون فيما بينهم، فهم ذووا مراتب ودرجات، فيجب مراعاة تخصّصهم وجهودهم. والمرضى الذين يراجعونهم كذلك مختلفون، فبعضهم فقراءٌ مُعْدِمُون يجب على الطبيب مراعاة حالهم، وعوضاً عنهم يأخذون
(الصفحة 552)
من الأغنياء الموسرين أكثر ليجبر الفرق، وما أحسن أن لا يأخذ من الطبقة المعدِمة شيئاً، وعلى الأثرياء إن وجدوا طبيباً يتعاون مع الفقراء ولا يأخذ منهم أن يتعاونوا معه ويسدّدوا له مبالغ أكثر من غيرهم.
السؤال : هل يصح استلام اُجور الطبابة قبل شفاء المريض وهي الطريقة المتّبعة؟
الجواب: يعود هذا الأمر إلى رضا الطرفين: الطبيب والمريض واتفاقهما، حتّى وإن كانت هذه الطريقة هي السائدة لدى العرف.
فحص غير المحارِم
السؤال : مع ملاحظة طبيعة الفحص الطبّي، وكيفيّته أنّه لا ينحصر في جسّ النبض ودرجة الحرارة وضغط الدّم، بل يكون الفحص ـ بموجب نظريّات العلوم الطبّية المذكورة في «كتب علامات الأمراض» ـ بالنظر، واللّمس، وسماع دقّات القلب، وكذلك الفحوصات الفيزياويّة الخاصّة لكلّ الجوارح والأعضاء، التي لا تكون عادةً من فوق الثياب، وهذه الموارد تمنع النفقات الإضافية، وتعجّل تشخيص المرض والعلاج، لذا فإنّ الواجب الطبّي يحتّم إنجاز كلّ ذلك، وفي صورة عدم الإنجاز فإنّ تعيين المرض الذي يحدث بسهولة لا يتم وتتأخّر معالجته، وقد ينتشر المرض في الجسم، ويجعل المريض في خطر. فقد ذكر المراجع الكبار أنّه إذا كانت طبيبة موجودة فلا يجوز مراجعة المرأة المريضة إلى الطبيب الرّجل، يرجى إفادتنا عن المورد التالي:
إذا كانت المرأة المريضة التي تسكن في قرية بعيدة وحياتها في خطر فهي مضطرّة لمراجعة الطبيب الوحيد في القرية، هل يكون هذا الطبيب مجازاً لإجراء أيّ فحوص طبّية على المذكورة؟