(الصفحة 136)
إن علياً (عليه السلام) قضى في شحمة الاُذن بثلث دية الاُذن(1) ويظهر من ذلك حكم قطع بعض الشحمة فإنه يحسب بحساب أصل الشحمة كما عرفت.
وقال الشيخ في النهاية وكذلك في خرمها ثلث ديتها وهكذا قال في محكي الخلاف وقال دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم وظاهرهما إرادة دية الاُذن لكنه فسره إبن إدريس بخرم الشحمة وبثلث دية الشحمة وعليه ففي خرم الشحمة ثلث الثلث الذي هو دية الشحمة كما صرّح به في محكي السرائر، قال صاحب الجواهر (قدس سره) بعد تفسير الحلي: وفي النافع «في شحمتها ثلث ديتها وفي خرم الشحمة ثلث ديتها» ونحوه عن الجامع وفي محكي المختلف هو تأويل بلا دليل قلت كذلك إذ معقد الاجماع كما سمعت وقول الصادق (عليه السلام) في خبر معاوية بن عمار(2) في كل فتق ثلث الدية ظاهر في خلافه كقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في كتاب ظريف: وفي قرحة لا تبرء ثلث دية العظم الذى هو فيه.(3) العضو مؤيداً بما في الخبر قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في خرم الأنف ثلث دية الأنف(4) بناءً على عدم الفرق بينه وبين الاُذن في ذلك لكن في الرياض: وهو أي ما عليه الحلي الأجود لاجمال العبارات والنصوص المتقدمة وعدم ظهور يعتد به في شيء منها فينبغي الأخذ بالأقل المتيقن منها ويدفع الزائد بأصل البرائة مضافاً إلى التأييد بأن مع إعتباره لم يبق فرق بين قطع الشحمة وخرمها في مقدار الدية أصلا
- (1) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب السابع، ح2.
- (2) الوسائل: أبواب ديات الاعضاء، الباب الثاني والثلاثون، ح1.
- (3) الوسائل: أبواب ديات الشجاح والجراح، الباب الثانى، ح3.
- (4) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب الرابع، ح2.
(الصفحة 137)
وهو مستبعد جدّاً وبهذا يقرب تنزيل العبارات عليه إلاّ ما صرح فيه بثلث دية الاُذن قال صاحب الجواهر بعد حكايته ولا يخفى عليك ما فيه من دعوى الاجمال والاستبعاد بعد الاحاطة بما ذكرناه والله العالم.
وبهذا يظهر وجه الاحتياط الوجوبي بل دعوى الأظهرية بالاضافة إلى ثلث دية الاُذن في الخرم كما في المتن لكن هنا شيء وهو اُذُن المضاف إليه الخرم بل هو الاُذن إبتداءً أو شحمته؟ الظاهر هو الثاني وحينئذ ما الفرق بين قطع الشحمة وخرمها في مقدار الدية وعدم الفرق في كمال الاستبعاد فتدبر.
فـرعٌ
الظاهر إنّ اُذن الأصم كاُذن الصحيح بلا خلاف بل ولا إشكال إذ الصَمَم لا يكون نقصاً في الاُذن بل في السماع ولا تكون فائدة الاُذن منحصرة في السماع، ولو ضربها فاستحشفت فهو كشلل العضو الذي فيه ثلثا ديته بلا خلاف بل عن ظاهر المبسوط الاجماع عليه بل عن الخلاف عليه إجماع الفرقة وأخبارها وإن قال في الجواهر: وإن لم نظفر بخبر خاص أو عام يدل عليه زائداً على ما عرفت سابقاً في الأنف من الضابط وغيره. وسيأتي إن شاء الله تعالى.
(الصفحة 138)
مسألة 3 ـ لو ضربها فاستحشفت أي يبست فعليه ثلثا ديتها ولو قطعها بعد الشلل فثلثها على الأحوط في الموضعين بل لا يخلو من قرب1 .
مسألة 4 ـ الأصم فيمـا مرّ كالصحيح، ولو قطع الاُذن ـ مثلا ـ فسرى إلى السمع فأبطله أو نقص منه ففيه مضافاً إلى دية الأذن دية المنفعة من غير تداخل، وكذا لو قطعها بنحو أوضح العظم وجب مع دية الاُذن دية الموضحة من غير تداخل2 .
1 - قد مرّ حكم صورة الضرب والاستحشاف عقيبه كما إنه لو بعد قطعها الشلل واليبوسة قاطع فحكمه ثلث ديتها على الأقرب لما مرّ في شلل الأنف لعدم الفرق بينهما ظاهراً.
2 - قد عرفت حكم قطع اُذن الأصم، ولو قطع الاُذن مثلا فسرى إلى السمع فأبطله أو نقص منه فالظاهر إنه لا وجه للتداخل بل عليه مضافاً إلى دية الاُذن دية المنفعة، وكذا لو قطع الاُذن فأوضح العظم وجب عليه مع دية الاُذن دية الموضحة ولا وجه للتداخل لأن السبب الموجب لكل دية أمر ذات عنوان مستقل ولم يدل دليل شرعي على التداخل أصلا.
(الصفحة 139)
الخامس: الشفتان
مسألة 1 ـ في الشفتين الدية كاملة، وفي كل واحدة منهما النصف على الأقوى. والأحوط في السفلى ستمائة دينار وفي قطع بعضها بنسبة مساحتها طولا وعرضاً1 .
1 - لا إشكال ولا خلاف بل إجماعاً كما في الشرائع في إن دية الشفتين إذا كانت الجناية من واحد الدية التامة الكاملة لكن في تقدير دية كل واحدة لو قطعها المتعدد ـ مثلا ـ خلاف إختار المفيد وتبعه تلميذه الشيخ الطوسي في المبسوط إنّ في العليا الثلث وفي السفلى الثلثان وقال في الخلاف في العليا أربعمائة دينار وفي السفلى ستمائة دينار وقال ابن بابويه في العليا نصف الدية وفي السفلى الثلثان وقال المحقق بعد نقله وهو نادر وفيه مع ندوره زيادة لا معنى لها ـ وقال ابن أبي عقيل هما سواء في الدية إلى قوله وهذا أحسن.
ويدل على القول الأول كما ذكره المفيد إنّها ـ أي السفلى تمسك الطعام والشراب وشينها أقبح من شين العليا قال وبهذا ثبتت الآثار عن أئمة الهدى (عليهم السلام)ولكن هذا الدليل على فرض صحته إنما يثبت أفضلية السفلى من العليا ولا يثبت المدعى بوجه كما لا يخفى ويدل على القول الثاني روايات:
منها رواية أبي جميلة عن أبان بن تغلب عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال في الشفة السفلى ستة آلاف درهم وفي العليا أربعة آلاف لأن السفلى تمسك الماء(1) رواها المشايخ
- (1) الوسائل: أبواب ديات الأعضاء، الباب الخامس، ح2.
(الصفحة 140)
الثلاث باسنادهم وفي الوافي بعد أن ذكر خبر أبي جميلة قال وتأتي رواية اُخرى في هذا المعنى وإن أمير المؤمنين (عليه السلام)فضّل السفلى لأنها تمسك الماء والطعام مع الأسنان وذكر المحقق في الشرائع: وفي أبي جميلة ضعف.
وأمّا قول ابن بابويه ففي الشرائع وهو مأثور عن ظريف أيضاً ولم يذهب إليه أحد من أصحابنا غير أبي علي ولكنه مع ندوره يلزم الزيادة على أصل الدية وهو خلاف النص والفتوى على إن في الشفتين الدية إلاّ أن يختص بما إذا جنى عليهما المتحد دفعة دون المتعدد.
وأمّا قول ابن أبي عقيل بتساوي الشفتين في الدية فمستنده الضابطة الكلية التي عرفتها وهي إن كلما في الجسد إثنان ففيه نصف الدية وموثقة سماعة كما في الاستبصار وإن كانت مضمرة كما في التهذيب الشفتان العليا والسفلى سواء في الدية. وظاهرها التساوي في مقدار الدية لا أصلها فإنه غني عن البيان كما هو واضح.
وخبر زرارة عن أبي عبدالله (عليه السلام) المشتمل على قوله: وفي الشفتين الدية وفي العينين الدية وفي أحديهما نصف الدية(1) بناءً على عدم رجوع الضمير إلى العينين فقط بل إلى الشفتين أيضاً.
ومن جميع ما ذكرنا ظهر إن الأقوى هو القول الأخير القائل بالتساوي وأمّا سائر الأقوال فمخدوشة وهو موافق للأصل أيضاً لكنه لا ينبغي ترك الاحتياط بستمائة دينار في الشفة السفلى مؤيداً بالتعليل الوارد في بعض الروايات وإحتمال
- (1) الوسائل: أبواب ديات النفس، الباب الأول، ح6.