(الصفحة 339)
مسألة 2 ـ تجب الكفارة المرتبة في قتل الخطاء المحض وقتل الخطاء شبه العمد وهي العتق فإن عجز فصيام شهرين متتابعين فإن عجز فإطعام ستين مسكيناً1 .
1 - وجوب الكفارة المرتبة بالنحو المذكور في المتن في غير قتل العمد من الخطاء أو شبه العمد مما قد صرّح به جماعة والكتاب والسنّة متطابقان على الترتيب وإن كان لم يذكر خصوص الاطعام في الكتاب إلاّ إن النص والفتوى على الثبوت كذلك أي مرتباً ولا بأس بإيراد بعض النصوص الواردة فنقول:
منها رواية أبي المغرا عن أبي عبدالله (عليه السلام) في الرجل يقتل العبد خطأً قال عليه عتق رقبة وصيام شهرين متتابعين وصدقة على ستين مسكيناً قال فإن لم يقدر على الرقبة كان عليه الصيام فإن لم يستطع الصيام فعليه الصدقة(1).
وربما يستظهر من صدر هذه الرواية إنّ ذكر الاُمور الثلاثة في قتل العمد لا يراد به الجمع بل الترتيب، واستظهر من عبارة علي بن إبراهيم المنقولة في الكافي وتقرير صاحب الكافي إيّاه عليه إن المتعمد في القتل لا كفّارة عليه مطلقاً ولعلّه لشدة قبحه وعظم معصيته حتى لا يرجى تداركه بالكفارة وعليه فربما يقال إن لم يثبت إجماع فإثبات كفارة الجمع للقاتل عمداً مطلقاً مشكل وإن إستقر أمرهم على الدية ونجى من القصاص فلا يبعد ثبوت كفارة واحدة عليه.
أقول لا إشكال في إن العطف بالواو يفيد الجمع ولولا ذيل الرواية المزبورة لقلنا بلزوم الجمع في كفارة الخطاء أيضاً إلاّ إن الذيل يبيّن الأمر وإنه على سبيل الترتيب ولم يقع مثل هذا الذيل في روايات قتل العمد أصلا.
- (1) الوسائل: أبواب القصاص في النفس، الباب العاشر، ح4.
(الصفحة 340)
مسألة 3 ـ إنما تجب الكفارة إذا كان القتل بالمباشرة بحيث ينسب إليه بلا تأول لا بالتسبيب كما لو طرح حجراً أو حفر بئراً أو أوتد وتداً في طريق المسلمين فعثر عاثر فهلك فإن فيه الضمان كما مرّ وليس فيه الكفارة1 .
هذا وقد عرفت إن قتل المؤمن عمداً إن كان لايمانه فهو إرتداد ولا توبة له كما في الرواية السابقة وهو غير مشمول للعبارات أصلا وأمّا إذا كان لغضب أو لسبب من الاُمور الدنيوية فهو الموضوع للبحث ويجب فيه كفارة الجمع نعم في زماننا هذا حيث لا يكون الجزء الأول من الكفارة وهو عتق نسمة بمقدور أو يكون ممكناً في كمال العسر والحرج ينتقل إلى الأمرين الآخرين الصيام والاطعام كما لا يخفى.
1 - قد صرّح العلاّمة والشهيدان وغيرهم في المحكي عنهم بأن وجوب الكفارة في قتل العمد وغيره إنما هو إذا كان القتل بالمباشرة بحيث ينسب إليه بلا تأول لا بالتسبيب كما في الأمثلة المذكورة في المتن فإنه في صورة التسبيب وإن كان الضمان ثابتاً كما عرفت لكنه ليست فيه الكفارة خلافاً للشافعي على ما حكي عنه في كشف اللثام وما في محكي الرياض من المناقشة في ذلك والسرّ إن أدلة الضمان من النصوص والاجماع شاملة لصورة التسبيب وأمّا أدلة الكفارة فلا وقد عرفت ظهور بعض الكلمات في إن القتل عمداً لا يكون فيه الكفارة بوجه وكيف كان ظاهر غير واحد عدم الخلاف فيه بيننا فلا محيص عن الأخذ به كما لا يخفى.
(الصفحة 341)
مسألة 4 ـ تجب الكفارة بقتل المسلم ذكراً كان أو اُنثى صبياً أو مجنوناً محكومين بالاسلام بل بقتل الجنين إذا ولجه الروح1 .
مسألة 5 ـ لا تجب الكفارة بقتل الكافر حربياً كان أو ذمّياً أو معاهداً عن عمد كان أو لا2 .
مسألة 6 ـ لو إشترك جماعة في قتل واحد عمداً أو خطاءً فعلى كل واحد منهم كفّارة3 .
1 - حيث إن وجوب الكفارة على خلاف الأصل والقاعدة فاللازم الاقتصار على موارد قيام الدليل على الوجوب وهو ما إذا كان المقتول مسلماً من دون فرق بين الذكر والانثى وبين البالغ العاقل والصبي والمجنون إذا كانا محكومين بالاسلام بل تثبت الكفارة بقتل الجنين المسلم مع ولوج الروح فيه حتى يصدق القتل في حقّه وإن كان ظاهر المحكي عن التحرير التقييد بعدم ولوج الروح لكنه في غير محله ويحتمل فيه الاشتباه والسهو كما لا يخفى.
2 - قد ذكرنا إختصاص وجوب الكفارة بما إذا كان المقتول مسلماً وأمّا إذا لم يكن مسلماً بل كافراً لا يجب على القاتل الكفارة من دون فرق بين أقسام الكافر وكذا بين أنواع القتل كما ذكره الماتن (قدس سره).
3 - قد نفى وجدان الخلاف فيه في الجواهر بل قال الاجماع بقسميه عليه وقد خالف فيه الشافعي فلم يوجب التعدد والسرّ فيما ذكرنا صدق عنوان القاتل على كل واحد منهم فيجب عليه الكفارة من دون فرق بين العمد والخطاء بالمعنى الأعم
(الصفحة 342)
مسألة 7 ـ لو أمر شخص بقتله فقتله فعلى القاتل الكفارة ولو أدى العامد الدية أو صالح بأقل أو أكثر أو عفى عنها لم تسقط الكفارة1 .
مسألة 8 ـ لو سلّم نفسه فقتل قوداً فهل تجب في ماله الكفارة وجهان أوجهما العدم وقد ذكرنا في كتاب الكفارات ما يتعلق بالمقام2 .
والظاهر إنه لا مجال لدعوى عدم الصدق المذكور بعد تحقق الفعل وهو القتل لا محالة وهو لا يعقل بدون الفاعل ولا خصوصية لأحدهم من هذه الجهة كما هو المفروض.
1 - لأنّ الأمر لا يسوّغ القتل وقد تحقق في محله إن حدّ الاكراه ما إذا لم يبلغ الدم ففي هذه الصورة يجب على القاتل الكفارة وحيث إنّ الموجب للكفارة هو القتل والمفروض تحققه فلا فرق بين ما إذا قُبل من العامد الدية أو أقل أو أكثر صلحاً أو وقع العفو عن الدية رأساً ففي جميع هذه الصورة وجوب الكفارة بحاله ولا تسقط بوجه أصلا.
2 - في المسألة قولان:
أحدهما للمبسوط ومحكي السرائر وظاهر المقنعة والمهذب والوسيلة وهو عدم وجوب الكفارة لأنه مضافاً إلى أن مقتضى الأصل ذلك أن الكفارة إنما شرعت لتكفير الذنب فمع فرض تسليم نفسه والاقتصاص منه فقد أعطى الحق فيكفي كفارة وفي النبوي القتل كفارة بل روى عبدالله بن سنان عن الصادق (عليه السلام) كفارة الدم إذا قتل الرجل مؤمناً متعمداً فعليه ان يمكّن نفسه من أوليائه فإن قتلوه فقد أدى ما عليه إذا كان نادماً على ما كان منه عازماً على ترك العود وإن عُفي عنه فعليه أن يعتق
(الصفحة 343)
رقبة ويصوم شهرين متتابعين ويطعم ستين مسكيناً وأن يندم على ما كان منه ويُعزم على ترك العود ويستغفر الله تعالى أبداً ما بقى(1).
ثانيهما ما عن الفاضل في المختلف والتحرير من إنه قوّى الوجوب بل عن الشيخ في الخلاف الفتوى به مدّعياً عليه إجماع الفرقة وأخبارهم، وقوّاه صاحب الجواهر للأصل وإطلاق الأدلة بل يمكن إستفادته من المحقق في الشرائع حيث إنه بعد حكاية قول المبسوط قال وفيه إشكال ينشأ من كون الجناية سبباً، ومقتضى الاستصحاب في صورة الشك البقاء لأن القائل بالسقوط يدعيه بالتمكين فقط أو مع الاقتصاص منه فلو فرض الشك في السقوط فاللازم هو البقاء هذا مع فرض عدم ثبوت حجية الرواية المذكورة كما هو الظاهر فأوجه القولين هو الثبوت فتجب في ماله الكفارة وقد تقدم التفصيل في كتاب الكفارات فراجع.
وقد وقع الفراغ من تسويد هذه الأوراق بيد العبد المفتاق إلى رحمة ربه الغني محمد الفاضل اللنكراني عفي عنه وعن والديه ابن العلامة الفقيه الفقيد آية الله الشيخ فاضل اللنكراني (قدس سره) وحشره الله مع من كان يحبه ويتولاه من النبي وعترته المعصومين صلوات الله عليه وعليهم أجمعين وكان ذلك في يوم الجمعة المطابق للسادس عشر من شهر جمادى الاُولى من شهور سنة 1418 من الهجرة القمرية النبوية على مهاجرها آلاف الثناء والتحية ونسأل الله تبارك وتعالى إتمام بقية أجزاء الكتاب الذي هو تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة للامام الراحل الخميني قدس الله نفسه الزكية بحق آبائه المعصومين وأجداده الطاهرين سلام الله عليهم
- (1) الوسائل: أبواب الكفارات، الباب الثامن والعشرون، ح2.