( الصفحه 112 )
ورواية عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : سمعته يقول : وقت المغرب إذا غربت الشمس فغاب قرصها .
ورواية زرارة قال : قال أبو جعفر (عليه السلام) : وقت المغرب إذا غاب القرص ، فإن رأيت بعد ذلك وقد صلّيت أعدت الصلاة ومضى صومك وتكفّ عن الطعام إن كنت أصبت منه شيئاً .
ومرسلة اُخرى للصدوق قال : قال أبو جعفر (عليه السلام) : وقت المغرب إذا غاب القرص .
ورواية علي بن الحكم عمّن حدّثه عن أحدهما (عليهما السلام) انّه سئل عن وقت المغرب فقال : إذا غاب كرسيها قلت : وما كرسيها؟ قال : قرصها ، فقلت : متى يغيب قرصها؟ قال : إذا نظرت إليه فلم تره .
ورواية اُخرى لعبد الله بن سنان عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : وقت المغرب من حين تغيب الشمس إلى أن تشتبك النجوم .
ورواية إسماعيل بن الفضل الهاشمي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله)يصلّي المغرب حين تغيب الشمس حيث تغيب حاجبها . والمراد من قوله (عليه السلام) : حيث تغيّر حاجبها انّه حيث إنّ الشمس في آخر اللحظات من الغروب تظهر كالحاجب فإذا غاب حاجبها فقد سقط القرص ودخل وقت صلاة المغرب .
ورواية أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : وقت المغرب حين تغيب الشمس .
ورواية عمر بن أبي نصر قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : في المغرب إذا توارى القرص كان وقت الصلاة وأفطر .
ورواية سماعة بن مهران قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : في المغرب أنا ربّما صلّينا ونحن نخاف أن تكون الشمس خلف الجبل أو قد سترنا منها الجبل ، قال : فقال :
( الصفحه 113 )
ليس عليك صعود الجبل . ودلالتها على أنّ الاعتبار إنّما هو بالاستتار واضحة ضرورة انّ الشكّ في أنّها غربت أم لم تغرب إنّما يتصوّر فيما إذا كان المغرب بمعنى استتار القرص; لأنّه في هذه الحالة إذا غابت عن الحس والنظر وكان في البين جبل ونحوه يحتمل أنها استترت خلف الجبل ، وامّا إذا كان المغرب بمعنى تجاوز الحمرة عن قمّة الرأس إلى المغرب فبعد تحقّقه لا معنى للشكّ واحتمال أن تكون الشمس خلف الجبل لأنّه على هذا التقدير يعلم بأنّه على فرض الصعود إلى الجبل لا يرى أثر من الشمس ولا يحتمل رؤية قرصه أصلاً فلا مجال لنفي إيجاب صعود الجبل عليه كما هو ظاهر .
وغير ذلك من الروايات الظاهرة في أنّ الاعتبار إنّما هو بالاستتار وغيبوبة القرص .
وامّا ما يدلّ على القول الثاني فكثيرة أيضاً ولابدّ من إيرادها ليعلم انّها هل تدلّ على هذا القول أو لا أم لا وعلى تقدير دلالتها وتمامية سندها هل تكون قابلة للجمع بينها وبين الطائفة الاُولى وماذا طريق الجمع ثانياً وعلى تقدير عدم إمكان الجمع هل اللاّزم الأخذ بها أو بالطائفة الاُولى ثالثاً فنقول :
ومنها : رواية بريد بن معاوية التي رواها عنه قاسم بن عروة ، عن أبي جعفر (عليه السلام)قال : إذا غابت الحمرة من هذا الجانب يعني من المشرق فقد غابت الشمس من شرق الأرض وغربها . وقد رواها في الوسائل في ثلاثة مواضع من باب واحد وظاهره كونها روايات متعدّدة مع انّه ليست إلاّ رواية واحدة رواها بريد وروى عن بريد قاسم المذكور ، غاية الأمر ثبوت اختلاف يسير في المتن حيث أسقط قوله : من هذا الجانب يعنى في إحداها وذكر بدل قوله : من المشرق : ناحية المشرق في الاُخرى ، كما انّها رويت عن أبي جعفر (عليه السلام) في الاثنتين وعن أحدهما (عليهما السلام) في
( الصفحه 114 )
الثالثة ولكن هذه الاختلافات لا تؤيّد تعدّد الرواية بوجه ، بل الظاهر كونها رواية واحدة مروية كذلك .
وقد أورد بعض الأعلام على الاستدلال بها للقول المشهور ـ مضافاً إلى ضعف السند بالقاسم بن عروة لعدم توثيقه ـ بضعف الدلالة نظراً إلى أنّ المراد بالمشرق هي النقطة التي تطلع منها الشمس لا ناحية المشرق في مقابل المغرب الذي هي النقطة التي تدخل فيها الشمس تحت الاُفق ويؤيّده التعبير عن المشرق بمطلع الشمس في بعض الروايات ، وحيث إنّ المشرق مطل على المغرب لأنّه مقتضى كروية الأرض وقد وقع التصريح به في بعض الروايات الآتية فيدلّ ارتفاع الحمرة عن نقطة المشرق على دخول الشمس تحت الاُفق فلا دلالة للرواية على أنّ ذهاب الحمرة عن قمّة الرأس أو عن تمام ناحية المشرق كاشف عن الغروب وإنّما تدلّ على أنّ ارتفاع الحمرة من خصوص النقطة التي خرجت منها الشمس عند الطلوع دليل على غيبوبتها تحت الاُفق والوجه في جعل ذلك أمارة كاشفة مع انّ المدار في الأحكام المترتّبة على الغروب هو دخول القرص تحت الاُفق هو أن مشاهدته غير متيسّرة للمكلّفين لعدم خلوّ الأرض من الحواجب من الجبال والأطلاق ونحوهما .
ويدفع هذا الإيراد مضافاً إلى منع ضعف السند لرواية ابن أبي عمير عن القاسم المذكور في إحداها وإلى منع كون المراد بالمشرق هو خصوص النقطة التي تطلع منها الشمس فإنّ الظاهر منه عرفاً هو جانب المشرق وناحيته كما وقع تفسيراً للجانب في المتن المذكور وفسّر بالناحية في غيرها والتعبير عنه بمطلع الشمس لا يؤيّد ذلك لأنّ المراد به أيضاً جانب المشرق في مقابل المغرب كما يظهر لمن راجع الرواية التي عبّر فيها بذلك وعلى تقديره لا يرتبط بالمقام ، ومضافاً إلى أنّ كلمة
( الصفحه 115 )
الغيبوبة التي هي في مقابل الظهور لا يلائم إلاّ مع انتفاء الحمرة رأساً بحيث لم يكن مرئية للناظر في المشرق ، وامّا انفصالها عن نقطة المشرق فلا يناسب التعبير عنه بالغيبوبة ، بل المناسب هو التعبير بالانفصال والانقطاع والارتفاع وأشباه ذلك كما لايخفى .
انّ حمل الرواية على المعنى المذكور موجب لكذبها لأنّ انفصال الحمرة عن نقطة المشرق لا يوجب غروب الشمس عن شرق الأرض وغربها فإنّ المراد من شرق الأرض وغربها وإن كان هو مجموع الأراضي المتساوية مع أرض المصلّي من حيث الاُفق ضرورة انّه ليس المراد منها هو مجموع الأرض ونقاطها ونواحيها لوضوع اختلافها من جهة الاُفق ، بل في الليلية والنهارية فلابدّ من أن يكون المراد مجموع الأراضي المتساوية في الاُفق إلاّ انّ ارتفاع الحمرة عن نقطة المشرق في الأرض المصلّى لا دلالة له على غروب الشمس في جميع تلك الأراضي ضرورة انّ ارتفاع الحمرة عنها ملازم لغيبوبة القرص في خصوص أرض المصلّي ومن البين عدم تحقّق الغيبوبة في سائر الأراضي المتساوية بعد إذا اختلفتا في دقائق متعدّدة . وبالجملة فإن كان المذكور في الرواية بيان التلازم بين ارتفاع الحمرة عن نقطة المشرق وبين غروب الشمس بنحو الإطلاق الظاهر في أرض المصلّي لكان للحمل المذكور مجال ، وامّا مع فرض كون أحد الطرفين غروب الشمس من شرق الأرض وغربها فلا يبقى موقع لما أفاده أصلاً .
هذا مع أنّه لو كان المدار على سقوط القرص في أرض المصلّى لما كان لجعل الامارة حاجة فإنّ تشخيص ارتفاع الحمرة عن نقطة المشرق ليس بأهون وأسهل من تشخيص سقوط القرص واستتاره وكما يمكن ابتلائه بحاجب من جبل وطل ونحوهما يمكن ابتلائه به أيضاً خصوصاً مع أنّ نقطة المشرق مجهولة عند الغروب
( الصفحه 116 )
نوعاً ، وكون المشرق مطلاًّ على المغرب لا يثبت إلاّ الملازمة المذكورة ولا دلالة له على أسهلية تشخيص ارتفاع الحمرة عن سقوط القرص .
وبالجملة فتفسير الرواية بالنحو المذكور لا سبيل إليه أصلاً ، بل الرواية ناظرة إلى القول المشهور .
ومنها : مرسلة علي بن أحمد بن أشيم عن بعض أصحابنا عن أبي عبدالله (عليه السلام)قال : سمعته يقول : وقت المغرب إذا ذهبت الحمرة من المشرق ، وتدري كيف ذلك؟ قلت : لا ، قال : لأنّ المشرق مطل على المغرب هكذا ، ورفع يمينه فوق يساره ، فإذا غابت هاهنا ذهبت الحمرة من هاهنا .
ولا مجال للإيراد على الاستدلال بها بمثل ما أورد على الرواية السابقة فإنّها وإن كانت مشتملة على لفظ «المشرق» من دون تعرّض للجانب والناحية وأشباههما إلاّ أنّ ظهور اللفظ في المشرق العرفي الذي هو الطرف والسمت لا ينبغي إنكاره أصلاً فالمراد هو خلوّ ناحية المشرق من الحمرة وذهابها عنها والتعليل المذكور في الذيل الراجع إلى كروية الأرض واشراف المشرق على المغرب يكون الأنسب به هو ذهاب الحمرة بالمعنى المشهور وإلاّ فالغروب بالمعنى الذي اختاره غيرهم لا يلائم مع الكروية لملائمته مع غيرها كما لا يخفى ، لكن الرواية مرسلة كما عرفت ولا يجوز الاعتماد عليها في نفسها .
ومنها : مرسلة ابن أبي عمير عمّن ذكره عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : وقت سقوط القرص ووجوب الافطار من الصيام انّ تقوم بحذاء القبلة وتتفقّد الحمرة التي ترتفع من المشرق فإذا جازت قمّة الرأس إلى ناحية المغرب فقد وجب الإفطار وسقط القرص .
وفي سندها سهل بن زياد وقد اشتهر انّ الأمر فيه سهل ومع قطع النظر عنه فلا