( الصفحه 135 )
ومرسلة الكليني المتقدّمة .
والطائفة الخامسة : ما يدلّ على الامتداد إلى طلوع الفجر امّا مطلقاً أو في موارد النوم والنسيان والحيض وهي :
رواية عبيد بن زرارة عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : لا تفوت الصلاة من أراد الصلاة ، لا تفوت صلاة النهار حتّى تغيب الشمس ، ولا صلاة الليل حتّى يطلع الفجر ولا صلاة الفجر حتّى تطلع الشمس .
ورواها الصدوق بالإرسال المعتبر قال : قال الصادق (عليه السلام) : لا تفوت الصلاة من أراد الصلاة ، لا تفوت صلاة النهار حتى تغرب الشمس ولا صلاة الليل حتّى يطلع الفجر ، وذلك للمضطرّ والعليل والناسي .
والظاهر انّه لا مجال للمناقشة فيها من حيث السند ، كما انّ الظاهر انّ المراد من صلاة الليل هي الصلوات الليلية التي هي المغرب والعشاء في قبال صلاة النهار وصلاة الفجر . والتخصيص بالمضطرّ والعليل والناسي في ذيل رواية الصدوق لا يكون جزء للرواية وتتمّة لها ، بل هو من اجتهاد الصدوق أورده في ذيل الرواية كما هو دأبه .
نعم يمكن أن يقال بعدم ثبوت الإطلاق لرواية مع عدم الذيل أيضاً خصوصاً مع التعبير بعدم الفوت الظاهر في عدم كون التأخير اختياراً وإن كانت قرينة السياق تقتضي جواز التأخير اختياراً كما في الظهرين وفريضة الصبح . وبالجملة لم يثبت للرواية من حيث هي إطلاق يقتضي امتداد الوقت إلى طلوع الفجر ولو في حال الاختيار فتدبّر .
ورواية أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : إن نام رجل ولم يصلِّ صلاة المغرب والعشاء أو نسى فإن استيقظ قبل الفجر قدر ما يصلّيهما كلتيهما فليصلّهما وإن خشى
( الصفحه 136 )
أن تفوته إحداهما فليبدأ بالعشاء الآخرة وإن استيقظ بعد الفجر فليبدأ فليصلِّ الفجر ثم المغرب ثم العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس ، فإن خاف أن تطلع الشمس فتفوته إحدى الصلاتين فليصلِّ المغرب ويدع العشاء الآخرة حتى تطلع الشمس ويذهب شعاعها ثم ليصلّها .
ورواية ابن مسكان عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : إن نام رجل أو نسى أن يصلّي المغرب والعشاء الآخرة فإن استيقظ قبل الفجر قدر ما يصلّيهما كلتيهما فليصلّهما ، وإن خاف أن تفوته إحداهما فليبدأ بالعشاء الآخرة وإن استيقظ بعد الفجر فليصلِّ الصبح ثم المغرب ثم العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس .
ورواية أبي الصباح الكناني عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : إذا طهرت المرأة قبل طلوع الفجر صلّت المغرب والعشاء ، وإن طهرت قبل أن تغيب الشمس صلّت الظهر والعصر .
ورواية عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : إذا طهرت المرأة قبل غروب الشمس فلتصلِّ الظهر والعصر وإن طهرت من آخر الليل فلتصلِّ المغرب والعشاء .
ورواية داود الزجاجي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : إذا كانت المرأة حائضاً فطهرت قبل غروب الشمس صلّت الظهر والعصر وإن طهرت من آخر الليل صلّت المغرب والعشاء الآخرة .
ورواية عمر بن حنظلة عن الشيخ (عليه السلام) قال : إذا طهرت المرأة قبل طلوع الفجر صلّت المغرب والعشاء وإن طهرت قبل أن تغيب الشمس صلّت الظهر والعصر . والاحتمالات الجارية في خصوص الأخبار الواردة في الحائض ثلاثة :
أحدها : أن تكون محمولة على الاستحباب كما حكي عن الشيخ (قدس سره) .
ثانيها : أن تحمل على الوجوب ويكون المراد إتيانها إلى طلوع الفجر قضاء
( الصفحه 137 )
فتكون هذه الأخبار مخصّصة للأخبار الدالّة على عدم وجوب القضاء على الحائض إذا طهرت بعد انقضاء الوقت .
ثالثها : الحمل على الوجوب وكون المراد إتيانها إليه اداءاً لامتداد وقت العشائين إلى طلوع الفجر والظاهر هو الاحتمال الأخير لظهورها في الوجوب وكون الإتيان قبل طلوع الفجر إنّما هو بعنوان الاداء .
ولكنّه ذكر المحقّق الحائري (قدس سره) في كتابه في الصلاة انّ دليل وجوب الصلاة على الحائض إذا طهرت قبل الفجر بضميمة الأدلّة الدالّة على عدم ثبوت القضاء عليها إلاّ إذا طهرت في الوقت يقتضي أن يكون ما قبل طلوع الفجر وقتاً لصلاة الليل .
ومرجعه إلى عدم الاقتضاء مع عدم الضميمة ومبناه على ترجيح التخصّص على التخصيص فيما إذا دار الأمر بينهما مع أنّ الظاهر انّ مورد الترجيح ما إذا كان المتكلّم مجهولاً حيث إنّه بسبب اصالة العموم النافية للتخصيص يستكشف المراد ، وامّا في مثل المقام ممّا إذا كان المراد معلوماً; لأنّ المفروض ثبوت الوجوب بالنسبة إلى الحائض بعد الانتصاف سواء كان من باب التخصيص أو التخصّص فلا مجال ـ حينئذ ـ للتمسّك بأصالة العموم ولكنّك عرفت ظهورها في نفسها في أنّ الإتيان إنّما بنحو الاداء .
وقد انقدح من جميع ما ذكرنا انّ التعارض المترائى إنّما هو بين ثلاث طوائف من الطوائف المتقدّمة وهي الأخبار الدالّة على الشفق وأخبار الانتصاف وأخبار طلوع الفجر و ـ حينئذ ـ نقول : لا ينبغي الإشكال في ترجيح أخبار الانتصاف على أخبار الشفق لظهور الثانية في عدم جواز التأخير عن الشفق وصراحة الاُولى في جواز التأخير عنه فتحمل أخبار الشفق على كونها بصدد بيان وقت الفضيلة بناءً على كون اختلاف الوقتين إنّما هو بالفضيلة والاجزاء كما هو الحقّ على ما سيأتي إن
( الصفحه 138 )
شاء الله تعالى .
وامّا أخبار الفجر فإن كان مفادها الامتداد إلى طلوع الفجر ولو في حال الاختيار امّا بناء على دلالة رواية عبيد بن زرارة على الإطلاق ، وامّا بناءً على إلغاء الخصوصية من الروايات الواردة في النائم والناسي والحائض فمضافاً إلى معارضتها للأخبار المتقدّمة تكون مخالفة لظاهر الكتاب وهو قوله تعالى : }أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل{ بناء على كون المراد بالغسق انتصاف الليل كما هو كذلك بحسب اللغة والروايات المفسِّرة للآية التي تقدّم بعضها ، وجه المخالفة انّ ظاهر الآية هو امتداد وقت المجموع إلى الانتصاف وعدم جواز التأخير عنه فكيف يجتمع معه الامتداد إلى طلوع الفجر اختياراً كما يدلّ عليه اخبار الفجر على ما هو المفروض ، نعم لا تنافي الآية الروايات الدالّة على الامتداد إلى الشفق لأنّ مفادها شروع وقت المجموع بالزوال وانتهائه بالانتصاف ولازمه جواز الدخول في الصلاة الاُولى بمجرّد تحقّق الزوال كما انّ لازمه عدم امتداد وقت الآخرة وعدم بقائه بعد الانتصاف ، وامّا كون وقت الثالثة أيضاً مستمرّة إلى الانتصاف فلا دلالة للآية عليه فمن الممكن استمراره إلى زوال الشفق ، كما انّه لا دلالة للآية على جواز الشروع في الثانية بمجرّد الزوال ، نعم يستفاد منها عدم جواز الشروع فيها قبل الزوال كما انّه يستفاد منها عدم استمرار وقت الثالثة إلى ما بعد الانتصاف ، وامّا استمراره إليه فلا ، وعلى ما ذكرنا فالآية إنّما تنفي أخبار الفجر فقط على خلاف ما صرّح به بعض الأعلام من جعل الآية قرينة على التصرّف في أخبار الشفق أيضاً مع انّه عرفت عدم ثبوت المنافاة بوجه .
وبالجملة لا محيص بملاحظة الآية من التصرّف في أخبار الفجر بالحمل على موارد الاضطرار أو رفع اليد عنها لم يمكن الالتزام بالحمل المذكور .
( الصفحه 139 )
وامّا لو كان مفاد أخبار الفجر هو الامتداد إليه في الجملة ولو في خصوص مواردها من النائم والناسي والحائض فلابدّ من ملاحظة انّها هل تكون معرضاً عنها عند المشهور ولازمه سقوطها عن الحجّية ولو بالنسبة إلى المضطرّ أم لا؟ قد يقال بعدم ثبوت الاعراض لأنّه مضافاً إلى ذهاب من تقدّم إلى القول بالامتداد إلى الفجر يظهر من الشيخ (قدس سره)في موضع آخر من محكي الخلاف عدم الخلاف في ذلك حيث قال : «إذا أدرك بمقدار يصلّي فيه خمس ركعات قبل المغرب لزمته الصلاتان بلا خلاف وإن لحق أقلّ من ذلك لم يلزمه الظهر عندنا وكذلك القول في المغرب والعشاء الآخرة قبل طلوع الفجر» فإنّ ظاهره عدم انقضاء الوقت إلاّ بطلوع الفجر وإنّ ذلك محلّ اتفاق بين المسلمين من العامّة والخاصّة و ـ حينئذ ـ كيف يمكن دعوى الاعراض وثبوت الشهرة على خلاف أخبار الفجر ويؤيّدها الأخبار الكثيرة الدالّة على حرمة تأخير العشاء عن انتصاف الليل وكذا ما دلّ على ثبوت كفارة صوم يوم على من أخّر العشاء عنه وإن كان يجري فيهما احتمال كون الحرمة وكذا الكفارة ليس لأجل خروج وقتها بذلك ، بل نفس الحكم بالحرمة ربّما يشعر بعدم انقضاء الوقت فتدبّر .
وكيف كان فعلى تقدير عدم ثبوت الاعراض يكون مقتضى الجمع بين اخبار الفجر وبين الآية وروايات الانتصاف هو حملهما على بيان وقت المختار وحملها على موارد الاضطرار ولا مجال لحملها على التقية بعد كون الحمل عليها إنّما هو في مورد عدم إمكان الجمع من حيث الدلالة مضافاً إلى أنّ المشهور بين العامّة غير ذلك فإنّ القائل بالامتداد إلى الفجر منهم إنّما هو مالك على ما تقدّم والفتوى المشهورة هو الامتداد إلى الشفق . وما تقدّم من عبارة الخلاف لا دلالة له على كون الامتداد إلى الفجر ممّا لا خلاف فيه بينهم لأنّ الجمع بين الصلاتين عندهم يختلف وجهه مع ما