( الصفحه 343 )
المعمول في هذه الأزمنة يشكل الأمر مع فرض كون جوانبه منه .
وامّا إذا كان زنجيرها منه فإن كان في جيبه ولم يكن معلّقاً على رقبته أو لباسه فالظاهر انّه لا مانع منه أصلاً على كلا المبنيين كما انّه إذا كان معلّقاً على رقبته فهو حرام على كليهما لصدق التلبّس والتزيّن معاً ، وامّا إذا كان معلّقاً على لباسه فالظاهر صدق التزيّن دون التلبّس ومجرّد تعليقه على اللباس لا يوجب تحقّقه كما إذا علّق الخاتم على اللباس فرضاً .
ثمّ إنّه لا فرق في الحرمة بين أن يكون لباس الذهب خالصاً أو ممزوجاً أو ملحماً به أو مذهباً بالتمويه والطلي مع صدق لبس الذهب ، قال في محكي كشف الغطاء : الشرط الثالث : أن لا يكون هو أو جزئه ولو جزئياً أو طليه ممّا يعدّ لباساً أو لبساً ولو مجازاً بالنسبة إلى الذهب إذ لبسه ليس على نحو لبس الثياب إذ لا يعرف ثوب مصنوع منه فلبسه امّا بالمزج أو التذهيب أو التحلّي .
ويمكن الإيراد عليه بأنّه إنّما يتمّ لو كان المذكور في الروايات في متعلّق النهي هو عنوان لبس الثوب من الذهب فإنّه يصحّ أن يقال ـ حينئذ ـ بأنّه لا يعرف ثوب مصنوع منه فلبسه امّا بالمزج أو مثله ، وامّا لو كان المذكور فيها هو عنوان لبس الذهب كما هو كذلك فلا يتمّ ما أفاده لعدم اختصاص اللبس بالثوب ، بل يعمّ مثل الخاتم والسوار والقلادة ممّا يمكن أن يكون بجميع أجزائه بحسب المتعارف ذهباً فالملاك ـ حينئذ ـ صدق اللبس في جميع الموارد .
المقام الثاني : في الحكم الوضعي المتعلّق بلبس الذهب في الصلاة وقد ادّعى الإجماع بل الضرورة في هذا المقام أيضاً ، ولكن الظاهر انّه ليس كذلك ولم يتعرّض له الشيخ في المبسوط مع أنّه أوّل المتعرّضين للمقام الأوّل بل ظاهره باعتبار عدم التعرّض له في ضمن ما لا تجوز الصلاة فيه عدم البطلان .
( الصفحه 344 )
نعم ذكر العلاّمة في التذكرة انّ الثوب المموّه بالذهب لا تجوز الصلاة فيه للرجال وكذا الخاتم المموّه به للنهي عن لبسه وقال أيضاً : «لو كان في يده خاتم من ذهب أو مموّه به بطلت صلاته للنهي عن الكون فيه ولقول الصادق (عليه السلام) : جعل الله الذهب حلية أهل الجنّة فحرم على الرجال لبسه والصلاة فيه» .
وكيف كان فعمدة ما استدلّ به على البطلان أمران :
أحدهما : الأخبار الواردة في الباب الظاهرة في البطلان مثل :
موثقة عمّار بن موسى عن أبي عبدالله (عليه السلام) المتقدّمة في المقام الأوّل المشتملة على قوله (عليه السلام) : لا يلبس الرجل الذهب ولا يصلّي فيه لأنّه من لباس أهل الجنّة وكذا مرسلة موسى بن اكيل النميري المتقدّمة في ذلك المقام أيضاً عن أبي عبدالله (عليه السلام)المشتملة على قوله (عليه السلام) : وجعل الله الذهب في الدنيا زينة النساء فحرم على الرجال لبسه والصلاة فيه .
فإنّ النهي عن الصلاة في الموثقة إنّما ظاهره الإرشاد إلى الفساد والمانعية كما هو الشأن في مثله من النواهي المتعلّقة بالمعاملة الخاصّة والعبادة المخصوصة فإنّ ظاهرها عدم حصول الغرض المقصود وعدم ترتّب الأثر من حصول المكلّف به في الخارج أو تحقّق الأثر المعاملي كالملكية والزوجية ونحوهما ولا منافاة بين كون النهي عن الصلاة للإرشاد وبين كون النهي عن اللّبس للتكليف وإن كانا في سياق واحد .
وهكذا التحريم بلفظه في المرسلة : فإن تعلّقه باللبس ظاهر في الحكم المولوي وبالصلاة فيه ظاهر في الحكم الإرشادي الذي مرجعه إلى البطلان ولا منافاة بينهما .
وربما يقال بالبطلان ولو على تقدير دلالة الروايتين على الحكم المولوي نظراً إلى
( الصفحه 345 )
أنّ المبغوض لا يمكن أن يكون مقرّباً فلا تصحّ العبادة لأنّ صلاحيتها للتقرّب معتبرة في صحّتها وتعلّق الأمر بطبيعة الصلاة مجرّدة عن ملاحظة تحيّثها بحيثيات مختلفة والنهي بإيجادها في الذهب وإيقاعها فيه وإن كان يوجب التغاير بين المتعلّقين لكنّه من مصاديق مسألة اجتماع الأمر والنهي والحقّ في تلك المسألة وإن كان هو القول بالجواز إلاّ انّه لا يمنع من الحكم ببطلان العبادة التي اجتمع فيها الأمر والنهي لعدم صلاحيتها للتقرّب كما تقدّمت الإشارة إليها آنفاً .
هذا ولكن حقّقنا في الاُصول انّ الحقّ هي صحّة العبادة بعد فرض القول بالجواز فلا مجال لهذا القول .
ثانيهما : لزوم اجتماع الأمر والنهي كما استدلّ به العلاّمة في التذكرة في عبارته المتقدّمة وتقريبه انّ النهي إنّما تعلّق بلبس الذهب على الرجال والأمر إنّما تعلّق بالتستّر ضرورة انّه يجب أن يكون المصلّي متستّراً وبين العنوانين عموم من وجه ومادّة الاجتماع هو لبس الذهب في الصلاة ومقتضى هذا الدليل اختصاص الحكم بما إذا كان الساتر من الذهب مع أنّ المدّعي عام شامل لما إذا كان في يده خاتم من الذهب في حال الصلاة ، وعليه فدعوى كون التستّر في صورة تعدّد اللباس إنّما يكون مستنداً إلى الجميع على حدٍّ سواء وليس استناد الستر إلى بعضها أولى من بعض حتّى يقال : إنّ الستر وقع بالمحلّل دون المحرّم أو بالعكس إنّما تجدي على فرض تماميتها بالنسبة إلى الألبسة المتعدّدة التي تصلح للساترية ولا تجدي في مثل الخاتم كما هو ظاهر .
ويرد على هذا الدليل انّ لزوم اجتماع الأمر والنهي إنّما هو على تقدير ثبوت التكليفين معاً وفي المقام ليس كذلك لأنّ تعلّق الوجوب بالتستر مع كونه من شرائط الصلاة إنّما هو على فرض القول بوجوب المقدّمة واتصافها بالوجوب
( الصفحه 346 )
الغيري مع أنّه محلّ إشكال بل منع كما حقّقناه في الاُصول ودعوى كون التستّر من أجزاء الصلاة فينبسط عليه أيضاً الأمر المتعلّق بالكلّ فالأمر بالصلاة بالتستّر أيضاً مدفوعة بوضوح عدم كونه من أجزاء الصلاة بل من شرائطها .
ثمّ لو فرض ثبوت الأمر وتعلّق الوجوب بالتستّر وتحقّق الاجتماع فليس لازمه القول بالبطلان في المقام وإن قلنا بامتناع اجتماع الأمر والنهي وترجيح جانب النهي أو قلنا بالجواز مضافاً إلى البطلان وذلك لأنّ مورده ما إذا كان مورد الاجتماع أمراً عبادياً والتستّر لا يكون كذلك وكونه شرطاً للصلاة التي هي عبادة لا يوجب أن يكون نفسه عبادة ، فعلى تقدير الحرمة وترجيح جانب النهي أيضاً لا يلزم أن تكون الصلاة باطلة كما هو محلّ الكلام .
وربما يستدلّ على البطلان أيضاً بأنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن الضدّ الخاصّ نظراً إلى أنّ المقام من صغرياته لأنّ النهي عن اللبس عين الأمر بعدمه والصلاة تكون ضدّاً لما تعلّق به الأمر الجائي من قبل النهي عن اللبس إذ نزع الثوب يستلزم تحقّق الفعل الكثير المبطل للصلاة فهي مع عدم تحقّق ذلك فيها تضادّ عدم اللبس والنزع المتعلّق للأمر وهو يقتضي النهي عنها ، فالصلاة باطلة لتعلّق النهي بها .
وفيه ـ مضافاً إلى أنّ نزع الثوب قد لا يكون مستلزماً لتحقّق الفعل الكثير فلا تتحقّق المضادّة بينهما في هذه الصورة ومضافاً إلى أنّ المفروض في الاستدلال من لبس الذهب قبل الشروع في الصلاة مع أنّ الكلام في أنّه هل يجوز للمصلّي لبس الذهب في حال الصلاة أو لا يجوز حتّى لا يلبس ـ انّ الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن الضدّ الخاصّ كما حقّق في محلّه .
( الصفحه 347 )
الخامس : أن لا يكون حريراً محضاً للرجال ، بل لا يجوز لبسه لهم في غير الصلاة أيضاً وإن كان ممّا لا تتمّ الصلاة فيه منفرداً كالتكة والقلنسوة ونحوهما على الأحوط ، والمراد به ما يشمل القز ويجوز للنساء ولو في الصلاة ، وللرجال في الضرورة وفي الحرب 1 .
1 ـ يقع الكلام في هذا الأمر أيضاً في مقامين لأنّه قد يبحث فيه عن التكليف النفسي المتعلّق بلبسه مطلقاً من غير اختصاص بحال الصلاة ، وقد يبحث فيه عن التكليف الغيري المتعلّق به الراجع إلى منعه عن الصلاة وصحّتها .
امّا الكلام في المقام الأوّل فقد ادّعى الإجماع ـ كما عن جماعة ـ على ثبوته على الرجال بل عن كثير دعوى إجماع علماء الإسلام عليه بل قيل إنّه من ضروريات الدين والظاهر انّ المراد به هو ضروري الفقه لا الإسلام بحيث يكون منكره محكوماً بالكفر ويدلّ عليه النصوص المتكثّرة :
مثل رواية إسماعيل بن الفضل عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : لا يصلح للرجل أن يلبس الحرير إلاّ في الحرب .
ومرسلة ابن بكير عن بعض أصحابنا عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : لا يلبس الرجل الحرير والديباج إلاّ في الحرب .
وقد ذكر المحقّق النائيني (قدس سره) على ما في تقريراته انّ موضوع الديباج منتف في هذه الأعصار وكان من نبات شبيه بالقطن أرقّ من الحرير وأغلى منه يعمل منه الثياب سابقاً قد انقطع بذره وقال : كان لانقطاعه تاريخ عجيب من حيل الافرنج .
وأورد عليه المقرّر الفاضل بقوله : «لم نطّلع على هذا التاريخ العجيب وما ذكره أهل اللغة مخالف مع ما أفاده فعن المغرب : الديباج الثوب الذي سداه أو لحمته ابريسم ، وعندهم اسم للمنقش ، وعن مجمع البحرين بعد أن ذكر انّ الديباج ثوب