( الصفحه 454 )
مسألة 11 ـ يعتبر فيما يسجد عليه مع الاختيار كونه بحيث يمكن تمكين الجبهة عليه فلا يجوز على الوحل غير المتماسك ، بل ولا على التراب الذي لا يتمكّن الجبهة عليه . ومع إمكان التمكين لا بأس بالسجود على الطين وإن لصق بجبهته لكن تجب إزالته للسجدة الثانية لو كان حاجباً ولو لم يكن إلاّ الطين غير المتماسك سجد عليه بالوضع من غير اعتماد 1 .
1 ـ الوجه في اعتبار كون ما يسجد علهى بحيث يمكن تمكين الجبهة عليه مضافاً إلى اعتبار ذلك في السجود على الشيء كما يأتي البحث عنه في بابه إن شاء الله تعالى موثقة عمّار عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : سألته عن حدّ الطين الذي لا يسجد عليه ما هو؟ فقال : إذا غرقت الجبهة ولم تثبت على الأرض . فإنّ مفادها انّ الطين إذا كان غير متماسك بحيث يوجب غرق الجبهة فيه وعدم استقرارها عليه لا يجوز السجود عليه فتدلّ على اعتبار إمكان تمكين الجبهة فيما يسجد عليه ، وعليه فلو كان التراب أيضاً بهذه الكيفية لا يجوز السجود عليه ، كما انّه إذا أمكن التمكين في الطين بأن كان متماسكاً يجوز السجود عليه وإن كان ملازماً للصوق بعض أجزائه بالجبهة لكنّه اخذا كان حاجباً تجب إزالته للسجدة الثانية هذا كلّه مع الاختيار .
وامّا في صورة الاضطرار بأن لم يكن عنده إلاّ الطين غير المتماسك فقد ذكر في المتن انّه يسجد عليه بالوضع من غير اعتماد والوجه فيه قاعدة الميسور التي يظهر منهم التسالم على العمل بها في أمثال المقام نظراً إلى اعتبار أمرين في السجود وهما الوضع والتمكين فإذا لم يمكن التمكين يتعيّن خصوص الوضع .
( الصفحه 455 )
مسألة 12 ـ إن كانت الأرض والوحل بحيث لو جلس للسجود والتشهّد يتلطّخ بدنه وثيابه ولم يكن له مكان آخر يصلّي قائماً مومياً للسجود والتشهّد على الأحوط الأقوى 1 .
1 ـ في هذه المسألة أقوال ثلاثة :
أحدها : ما في المتن وفاقاً لجماعة كثيرة من تبدّل الجلوس في هذه الصورة إلى القيام والسجود إلى الايماء .
ثانيها : ما حكي عن جامع المقاصد والمسالك والمدارك وكشف اللثام من وجوب الانحناء إلى أن تصل الجبهة إلى الوحل .
ثالثها : ما حكي من تبدّل السجود إلى الايماء وبقاء الجلوس بحاله فيجلس للايماء وللتشهّد .
ومستند الأوّل موثقة عمّار بن موسى عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : سألته : الرجل يصيبه المطر وهو في موضع لا يقدر على أن يسجد فيه من الطين ولا يجد موضعاً جافّاً قال : يفتتح الصلاة فإذا ركع فليركع كما يركع إذا صلّى ، فإذا رفع رأسه من الركوع فليؤم بالسجود ايماء وهو قائم يفعل ذلك حتّى يفرغ من الصلاة ويتشهّد وهو قائم ويسلِّم .
وصحيحة هشام بن الحكم عن أبي عبدالله (عليه السلام) المروية في آخر السرائر وهي مثلها وزيد فيها : قال : وسألته عن الرجل يصلّي على الثلج قال : لا فإن لم يقدر على الأرض بسط ثوبه وصلّى عليه .
والظاهر انّ المراد من عدم القدرة في الروايتين هو عدم القدرة من جهة تلطّخ بدنه وثيابه بالطين لأنّ العناوين المأخوذة في الروايات ـ سؤالا وجواباً ـ تحمل على العرفي منها مضافاً إلى أنّ قوله : من الطين وقوله : لا يجد موضعاً جافّاً يؤيّد كون
( الصفحه 456 )
المراد من عدم القدرة ما ذكرنا لا عدم القدرة عقلا كما لا يخفى ، فالموضوع للحكم بالبدلية وانتقال السجود إلى الايماء والجلوس إلى القيام هو التلطّخ المذكور من دون فرق بين ثبوت الحرج عليه وعدمه ، وحيث إنّ الخبرين واجدين لوصف الاعتبار فلا وجه للرجوع معهما إلى قاعدة الميسور التي هي مستند القول الثاني خصوصاً مع انّه لا دليل عليها ظاهر غير الإجماع الذي هو مفقود في المقام .
كما انّه لا وجه للقول الثالث فإنّه طرح للخبرين من وجه وحملهما على صورة تعذّر الجلوس خلاف الظاهر كما عرفت .
( الصفحه 457 )
مسألة 13 ـ إن لم يكن عنده ما يصحّ السجود عليه أو كان ولم يتمكّن من السجود عليه لعذر من تقيّة ونحوها سجد على ثوب القطن أو الكتّان ، ومع فقده سجد على ثوبه من غير جنسهما ، ومع فقده سجد على ظهر كفّه وإن لم يتمكّن فعلى المعادن 1 .
1 ـ الكلام في هذه المسألة يقع في مقامين :
المقام الأوّل : في أنّه هل جعل الشارع بدلا لما يصحّ السجود عليه في حال الضرورة أو التقيّة أو حكم بسقوطه لا إلى بدل فعلى الثاني يتخيّر المكلّف بالتخيير العقلي بين السجود عل يالثوب أو ظهر الكفّ أو المعدن أو غيرها من غير فرق بينها أصلا وعلى الأوّل لابدّ من ملاحظة ذلك البدل المجعول وانّه ما هو فنقول :
ربما يقال : بأنّ الذي ذكره غير واحد مرسلين له إرسال المسلّمات من دون تعرّض لخلاف فيه هو ثبوت البدل الشرعي الاضطراري ولكنّه ربما يناقش فيه بعدم ثبوت الإجماع في المقام بعد عدم كون المسألة معنونة في كتب الفقهاء والظاهر انّه لا أصالة له وإن فرض تحقّقه بعد وجود الروايات الكثيرة في الباب التي هي المستند لهم لا محالة فالعمدة ملاحظتها فنقول : ما يستفاد منه البدلية كذلك كثير :
منها رواية أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قلت له : أكون في السفر فتحضر الصلاة وأخاف الرمضاء على وجهي كيف أصنع؟ قال : تسجد على بعض ثوبك فقلت : ليس عليّ ثوب يمكنني أن أسجد على طرفه ولا ذيله قال : اسجد على ظهر كفّك فإنّها إحدى المساجد .
فإنّ الحكم بالسجود على بعض الثوب ظاهر في ثبوت الخصوصية له وانّه البدل الشرعي عمّا يصحّ السجود عليه ودعوى انّ ذكره إنّما هو من جهة كون الثوب مانعاً عن حرارة الرمضاء وفي الحقيقة يكون ذكره من باب المثال مدفوعة جدّاً بما
( الصفحه 458 )
ذكر من ظهور الجواب في ثبوت الخصوصية للثوب ويدلّ عليه السؤال الثاني الظاهر في فرض عدم الثوب فإنّه فلو لم يكن السائل قد فهم من الجواب الأوّل ثبوت الخصوصية لما كان لسؤاله الثاني وجه فنفس السؤال الثاني قرينة على الخصوصية خصوصاً مع كون الجواب فيه مشتملا على السجود على شيء آخر كما لا يخفى .
وامّا تعليل الحكم بالسجود على ظهر الكفّ بأنّها إحدى المساجد فقد وقع في هذه الرواية وفي رواية اُخرى لأبي بصير التي يحتمل ـ قويّاً ـ اتحادها مع هذه الرواية ، قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : جعلت فداك الرجل يكون في السفر فيقطع عليه الطريق فيبقى عرياناً في سراويل ولا يجد ما يسجد عليه يخاف إن سجد على الرمضاء أحرقت وجهه قال : يسجد على ظهر كفّه فإنّها أحد المساجد .
والظاهر انّ المراد به ما عن الوافي من أنّ مرجعه إلى أقربية ظهر الكفّ لأن يسجد عليه لكون الكفّ إحدى المواضع السبعة عند السجود فإذا سجد عليه فكأنّه سجد على الأرض بتوسّطه .
وامّا استظهار انّ التعليل إنّما جيء به لدفع توهّم عدم جواز السجود عليه بالخصوص في حال الاضطرار لمكان كونه من أجزاء بدن المصلّي فأراد دفع هذا التوهّم بأنّ الكفّ إحدى المساجد فلا مانع من السجود عليها في هذا الحال .
فيدفعه ظهور الحكم المعلّل في تعيّن السجود على ظهر الكفّ . وبعبارة اُخرى الظاهر رجوع التعليل إلى لزوم السجود عليه لا جوازه دفعاً للتوهّم المذكور . وكيف كان فظاهر ذيل الرواية أيضاً ثبوت البدلية لظهر الكفّ مع عدم الثوب .
وامّا ما يقال : من أنّ الأمر بالسجود على ظهر الكفّ في مفروض السائل غير دالّ على البدلية رأساً لعدم وجود ما يسجد عليه أصلا مع فرضه الخوف على