( الصفحه 474 )
والمجزرة ، والمكان المتّخذ للكنيف ولو سطحاً متّخذاً مبالا ، وبيت المسكر وفي اعطان الإبل ، وفي مرابط الخيل والبغال والحمير والبقر ، ومرابض الغنم ، والطرق إن لم تضرّ بالمارّة والاحرمت ، وفي قرى النمل ومجاري المياه وإن لم يتوقّع جريانها فيها فعلا ، وفي الأرض السبخة ، وفي كلّ أرض نزل فيها عذاب ، وعلى الثلج ، وفي معابد النيران بل كلّ بيت أعدّ لإضرام النار فيه ، وعلى القير وإليه وبين القبور ، وترتفع الكراهة في الأخيرين بالحائل وببعد عشرة أذرع ، ولا بأس بالصلاة خلف قبور الأئمّة (عليهم السلام) ولا عن يمينها وشمالها وإن كان الأولى الصلاة عند الرأس على وجه لا يساوي الإمام(عليه السلام) وكذا تكره وبين يديه نار مضرمة أو سراج أو تمثال ذي روح ، وتزول في الأخير بالتغطية ، وتكره وبين يديه مصحف أو كتاب مفتوح ، أو مقابله باب مفتوح ، أو حائط ينزّ من بالوعة يبال فيها ، وترتفع بستره ، والكراهة في بعض تلك الموارد محلّ نظر والأمر سهل .
1 ـ وجه فتوى المشهور استفاضة نقل الإجماع على اعتبار اللفظ في الوقف مطلقاً وعدم كفاية المعاطاة فيه ولكنّه حيث جرت السيرة على اكتفاء الفعل المقارن لقصده في تحقّقه في مثل بناء المساجد وفرشها وسراجها والظاهر اتصالها بزمان الإمام (عليه السلام) فالظاهر كفاية البناء المقرون بالاُمور المذكورة في المتن والتفصيل موكول إلى كتاب الوقف .
( الصفحه 475 )المقدّمة الخامسة في الأذان والإقامة
مسألة 1 ـ لا إشكال في تأكّد استحبابهما للصلوات الخمس اداءاً وقضاء حضراً وسفراً ، في الصحّة والمرض ، للجامع والمنفرد للرجال والنساء حتى قال بعض بوجوبهما ، والأقوى استحبابهما مطلقاً وإن كان في تركهما حرمان عن ثواب جزيل 1 .
1 ـ لا ريب في مشروعية الأذان والإقامة ومطلوبيتهما لكلّ من الفرائض الخمس اليومية ـ ومنها الجمعة ـ إلاّ في موارد السقوط الآتية من دون فرق بين الرجال والنساء والسفر والحضر والاداء والقضاء والجامع والمنفرد والصحيح والمريض ، بل ادّعى عليهما إجماع المسلمين بل ضرورة الدين .
كما انّه لا إشكال ظاهراً في تأكّد مطلوبيتهما وشدّة استحبابهما مطلقاً إنّما الإشكال في أنّهما هل لا يكونان واجبين كما حكاه جماعة كثيرة عن المشهور أو أنّهما واجبان في الجماعة مطلقاً من دون فرق بين الرجال والنساء كما عن الغنية والكافي وبعض الكتب الاُخر أو على خصوص الرجال كما عن عدّة من الكتب كالجمل وشرحه والمقنعة والنهاية والمبسوط والوسيلة والمهذب .
وربما يفصل بين الأذان والإقامة بالقول بوجوبها مطلقاً دونه كذلك أو اختصاص وجوبه بخصوص الصبح والمغرب مطلقاً أو بالنسبة إلى خصوص الرجال .
وظاهر المتن ثبوت القول بوجوبهما مطلقاً مع أنّه ربّما يقال بأنّه غير ظاهر لأنّه لم يعرف القائل بالوجوب كذلك ولعلّ مراده الوجوب في الجملة .
( الصفحه 476 )
ثمّ إنّ القول بالوجوب في الجماعة يمكن أن يكون المراد به هو الوجوب الشرطي بالنسبة إلى الجماعة بحيث كانا من شرائط صحّتها ويمكن أن يكون المراد به هو اشتراطهما في ترتّب فضيلة الجماعة وثوابها ويمكن أن يكون المراد به هو اشتراطهما في أصل صحّة الصلاة في الجماعة بحيث يكون الإخلال بهما أو بأحدهما موجباً لبطلان أصل الصلاة فيها فلا يجدي في صحّتها رعاية وظائف المنفرد وعدم الإخلال بشيء منها بخلاف الاحتمال الأوّل فإنّ لازمه صحّة الصلاة مع رعاية تلك الوظائف كما هو كذلك بالإضافة إلى سائر الشروط المعتبرة في الجماعة كما انّه على تقدير القول بالوجوب مطلقاً من دون اختصاص بالجماعة يجري احتمال كون الوجوب نفسياً بحيث كان ظرف الإتيان بهما قبل الصلاة من دون أن يكونا شرطين في صحّتها وإن كان هذا الاحتمال بعيداً .
والتحقيق هو عدم الوجوب وفاقاً للمشهور ولابدّ أوّلا من ملاحظة ما ورد من الكتاب العزيز في ذلك فنقول : قد ورد ذكر الأذان في موضعين منه :
أحدهما : قوله تعالى في سورة المائدة : (يا أيّها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزواً ولعباً من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفّار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين ، وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزواً ولعباً ذلك بأنّهم قوم لا يعقلون) .
ثانيهما : قوله تعالى في سورة الجمعة : (يا أيّها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون) .
فإنّ المراد بالنداء إلى الصلاة في الآيتين هو الأذان إذ لو كان المراد به غيره لنقل ذلك في كتب التواريخ والسير المعدّة لنقل جميع حالات النبي (صلى الله عليه وآله) والمسلمين في
( الصفحه 477 )
زمانه ، ومن المعلوم عدمه فلا ينبغي التأمّل في أنّ المراد به هو الأذان لا شيء آخر .
والتعبير عنه بالنداء إلى الصلاة يشعر بل يدلّ على أنّه مجعول لدعوة الناس إلى إقامة الجماعة في المساجد إذ النداء لغة عبارة عن الصوت البليغ الذي يسمعه جمع من الناس وهو لا يناسب الصلاة منفرداً ، كما انّ التعبير عنه بالنداء يدلّ على خروجه عن حقيقة الصلاة جزءً وشرطاً لأنّ النداء إلى الشيء يغاير ذلك الشيء .
والظاهر انّ الإقامة أيضاً نداء ، غاية الأمر انّ الأذان نداء ودعوة للغائبين ، والإقامة تنبيه للحاضرين المجتمعين في المسجد نظراً إلى اشتغالهم نوعاً بذكر الاُمور الدنيوية بعد حصول الاجتماع والحضور في المسجد فربّما لا يلتفتون إلى قيام الصلاة إلاّ بعد ركعة أو أزيد والإقامة تنبيه لهم إلى قيامها .
ويؤيّد ذلك ما ورد في بعض الأخبار الآتية من التعبير عن الأذان والإقامة معاً بالأذان والظاهر انّه ليس من باب التغليب ، بل من جهة انّ الإقامة أيضاً أذان وإعلام والفرق بين الإعلامين ما ذكرنا ، وعليه فكما يكون الأذان خارجاً عن حقيقة الصلاة كذلك تكون الإقامة أيضاً خارجة عنها .
وبهذا يظهر عدم وجوب شيء منهما لا بنحو الوجوب الاستقلالي ولا بنحو الوجوب الشرطي لأصل الصلاة أو للجماعة لأنّ القول بالوجوب ـ حينئذ ـ مساوق للقول بوجوب الجماعة مع أنّها فضيلة للصلاة إجماعاً فكيف يكون النداء إليها بشيء من الندائين واجباً فالوجوب الاستقلالي يدفعه الارتباط بينهما وبين الصلاة لكونهما ندائين إليها والوجوب الشرطي للجماعة ينافيه المغايرة بين النداء إلى الشيء وبين ذلك الشيء والوجوب الشرطي لأصل الصلاة لا يجتمع مع ارتباطهما بصلاة الجماعة والتعبير عنهما بالنداء كما عرفت .
وامّا استحبابهما في صلاة المنفرد فالنكتة فيه ما ورد في الروايات الكثيرة
( الصفحه 478 )
المشتملة على التحريض والترغيب إلى فعلهما بالنسبة إلى المنفرد من التعليل بأنّ الصلاة مع الأذان والإقامة سبب لايتمام صفّين من الملائكة به ومع الإقامة فقط موجب لايتمام صفّ واحد وفي بعضها انّ حدّ الصف ما بين المشرق والمغرب وفي بعضها توصيف الصفّ بأنّه لا يرى طرفاه .
وكيف كان فالمصلحة الموجبة لمطلوبيتهما في صلاة المنفرد هي صيرورتها بهما أو بأحدهما جماعة وبعدما كانت الجماعة فضيلة للصلاة لا واجبة فلا وجه لوجوبهما وإن شئت قلت : إنّهما في صلاة المنفرد أيضاً إيذان وإعلام ، غاية الأمر انّه إعلام للملائكة بالاجتماع والشركة في انعقاد الجماعة .
ثمّ إنّه ربّما يستدلّ على عدم الوجوب بأنّه لو كانا واجبين لزم أن يكون وجوبهما ضرورياً كوجوب أصل الصلاة لاشتراكهما معها في عموم البلوى فلو كانا واجبين يلزم أن لا يكون وجوبهما مشكوكاً مورداً للاختلاف بين المسلمين ، بل اللاّزم وضوحه بحيث يعرفه الناس في زمان النبيّ (صلى الله عليه وآله) . وبالجملة كثرة الابتلاء بهما ككثرة الابتلاء بالصلاة وعدم التفات البعض أو الكثير أو الأكثر إلى فعلهما كما ربّما يستفاد من الأخبار الكثيرة الدالّة على التحريض والترغيب إلى فعلهما تدلّ على عدم وجوبهما .
ويمكن المناقشة في ذلك بأنّ لازم هذا الكلام أن لا يكون شيء من أجزاء الصلاة وشرائطها والخصوصيات المعتبرة فيها مشكوكاً أصلا بحيث كان الشكّ فيها مساوقاً للحكم بعدم مدخليتها في الصلاة بوجه وذلك لما ذكره المستدلّ من عمومية البلوى مع أنّه ليس كذلك ، بل الظاهر انّ أصل وجوب الصلاة بنحو الإجمال أمر ضروري لا مجال للارتياب فيه ، وامّا الخصوصيات المعتبرة التي لها دخل في كيفيتها فيمكن جريان الشكّ فيها ولا يكون ملازماً لاستفادة عدم