( الصفحه 502 )
هي أربع ركعات أيضاً يكون كذلك .
ومنها : رواية أبي عبيدة قال : سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله)إذا كانت ليلة مظلمة وريح ومطر صلّى المغرب ثمّ مكث قدر ما يتنفّل الناس ثمّ أقام مؤذّه ثمّ صلّى العشاء الآخرة ثمّ انصرفوا .
والظاهر انّ المراد من قوله : ثمّ أقام هي الإقامة فقط ، كما انّ الظاهر انّ المراد من المكث هو إتيانه (صلى الله عليه وآله) أيضاً بالنافلة ولكنّها لا دلالة لها أيضاً على أنّ المراد بالنافلة هي النافلة الموظفة ، بل يمكن أن يكون المراد بها هو مطلق النافلة المتحقّق بالإتيان بركعتين ، بل مقتضى الجمع بين الروايات أيضاً ذلك .
ومنها : صحيحة ابن سنان المتقدّمة في الجمع يوم عرفة الظاهرة في أنّ السنّة في الأذان فيه هو الإتيان بالأذان في الاُولى وتركه في الثانية مع الجمع بترك النافلة أيضاً .
ومنها : صحيحة منصور بن حازم المتقدّمة أيضاً الواردة في الجمع بمزدلفة الناهية عن الصلاة بينهما شيئاً وانّه خلاف ما فعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) المحمولة على النافلة الموظفة بقرينة غيرها من الروايات .
وبالجملة ملاحظة الروايات الواردة في الباب وحمل بعضها على البعض الآخر تقضي بكون القادح في الجمع هو النافلة الموظفة لا مطلق النافلة كما انّه لا دلالة لشيء منها على أنّ تمام الملاك في الجمع هو ترك التنفل بل مفادها هو الاحتمال الرابع المذكور في المتن فتدبّر .
( الصفحه 503 )
مسألة 3 ـ يسقط الأذان والإقامة في مواضع :
منها : الداخل في الجماعة التي أذّنوا وأقاموا لها وإن لم يسمعهما ولم يكن حاضراً حينهما .
ومنها : من صلّى في مسجد فيه جماعة لم تتفرّق ، سواء قصد الإتيان إليها أم لا ، وسواء صلّى جماعة ـ إماماً أو مأموماً ـ أو منفرداً فلو تفرّقت أو أعرضوا عن الصلاة وتعقيبها وإن بقوا في مكانهم لم يسقطا عنه ، كما لا يسقطان لو كانت الجماعة السابقة بغير أذان وإقامة ولو كان تركهم لهما من جهة اكتفائهم بالسماع من الغير ، وكذا فيما إذا كانت باطلة من جهة فسق الإمام مع علم المأمومين به أو من جهة اُخرى ، وكذا مع عدم اتحاد الصلاتين عرفاً بأن كانت إحداهما داخل المسجد والاُخرى على سطحه أو بعدت إحداهما عن الاُخرى كثيراً ، وهل يختصّ الحكم بالمسجد أو يجري في غيره أيضاً محلّ إشكال فلا يترك الاحتياط بالترك مطلقاً في المسجد وغيره ، بل لا يبعد عدم الاختصاص بالمسجد ، وكذا لا يترك فيما لم تكن صلاته مع الجماعة أدائيتين بأن كانت إحداهما أو كلتاهما قضائية عن النفس أو الغير على وجه التبرّع أو الإجارة ، وكذا فيما لم تشتركا في الوقت كما إذا كانت الجماعة السابقة عصراً وهو يريد أن يصلّي المغرب ، والإتيان بهما في موارد الإشكال رجاءاً لا بأس به 1 .
1 ـ قد تعرّض في المتن لذكر موضعين من مواضع سقوط الأذان والإقامة معاً .
الموضع الأوّل : الداخل في الجماعة التي أذّنوا وأقاموا لها وإن لم يسمعهما ولم يكن حاضراً حينهما والظاهر انّ السقوط في هذا الموضع ممّا لا إشكال فيه بل ولا خلاف بين المتعرّضين له ، ويدلّ عليه السيرة القطعية العملية من المتشرّعة حيث لم يعهد من أحد منهم الأذان والإقامة مع الشركة في الجماعة سواء كان حاضراً
( الصفحه 504 )
حينهما أم لم يكن بل لا يكاد يخطر ببالهم ثبوت وظيفتهما في هذه الصورة وإن كانوا مراقبين للإتيان بالوظائف الاستحبابية أيضاً .
مضافاً إلى الروايات المتعدّدة التي يستفاد منها ذلك كموثقة عمّار عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث قال : سئل عن الرجل يؤذِّن ويقيم ليصلّي وحده فيجيء رجل آخر فيقول له : نصلّي جماعة هل يجو أن يصلّيا بذلك الأذان والإقامة؟ قال : لا ولكن يؤذِّن ويقيم .
فإنّ السؤال فيه ظاهر في مفروغية كفاية الأذان والإقامة إذا كان للجماعة وإن لم يسمعهما المأموم وإنّما كان مورد سؤاله ومحلّ ترديده ما إذا كان الأذان والإقامة بقصد الصلاة وحده مع عدم سماع الغير لهما واُجيب بعدم الاكتفاء وتجديد الأذان والإقامة للجماعة .
ورواية معاوية بن شريح عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : إذا جاء الرجل مبادراً والإمام راكع أجزأته تكبيرة واحدة لدخوله في الصلاة والركوع ، ومن أدرك الإمام وهو ساجد كبّر وسجد معه ولم يعتدّ بها ، ومن أدرك الإمام وهو في الركعة الأخيرة فقد أدرك فضل الجماعة ، ومن أدركه وقد رفع رأسه من السجدة الأخيرة وهو في التشهّد فقد أدرك الجماعة ، وليس عليه أذان ولا إقامة ومن أدركه وقد سلّم فعليه الأذان والإقامة . فإنّها ظاهرة في سقوط الأذان والإقامة عن المدرك للجماعة .
ورواية أبي مريم الأنصاري قال : صلّى بنا أبوجعفر (عليه السلام) في قميص بلا إزار ولا رداء ولا أذان ولا إقامة إلى أن قال : فقال : وانّي مررت بجعفر وهو يؤذِّن ويقيم فلم أتكلّم فأجزأني ذلك . فإنّها ظاهرة في سقوط الأذان والإقامة عن الإمام مع سماعه لهما ولو عن المنفرد بل وسقوطهما عن المأموم في هذه الصورة أيضاً .
( الصفحه 505 )
ورواية محمد بن عذافر عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : اذّن خلف من قرأت خلفه .
ثمّ إنّ مقتضى إطلاق المتن شمول الحكم للإمام أيضاً بمعنى انّه إذا دخل في الجماعة التي أذّن واُقيم لها يجوز أن يكتفي بهما وإن لم يسمعهما أصلا ويدلّ عليه الروايات المتعدّدة :
كرواية حفص بن سالم انّه سأل أبا عبدالله (عليه السلام) : إذا قال المؤذِّن قد قامت الصلاة أيقوم الناس على أرجلهم أو يجلسون حتّى يجيء إمامهم؟ قال : لا بل يقومون على أرجلهم فإن جاء إمامهم وإلاّ فليؤخذ بيد رجل من القوم فيقدم .
ورواية معاوية بن شريح عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث قال : إذا قال المؤذِّن : قد قامت الصلاة ينبغي لمن في المسجد أن يقوموا على أرجلهم ويقدموا بعضهم ولا ينتظروا الإمام قال : قلت : وإن كان الإمام هو المؤذِّن؟ قال : وإن كان فلا ينتظرونه ويقدّموا بعضهم .
ورواية إسماعيل بن جابر انّ أبا عبدالله (عليه السلام) كان يؤذِّن ويقيم غيره قال : وكان يقيم وقد أذّن غيره .
ورواية السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عن علي (عليه السلام) : انّ النبي (صلى الله عليه وآله) كان إذا دخل المسجد وبلال يقيم الصلاة جلس .
الموضع الثاني : من أراد الصلاة في مسجد فيه جماعة لم تتفرّق سواء قصد الإتيان إليها أم لا ومستند السقوط فيه روايات متعدّدة أيضاً :
منها : رواية أبي بصير قال : سألته عن الرجل ينتهي إلى الإمام حين يسلّم قال : ليس عليه أن يعيد الأذان فليدخل معهم في أذانهم فإن وجدهم قد تفرّقوا أعاد الأذان .
ومنها : رواية اُخرى لأبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : قلت له : الرجل يدخل
( الصفحه 506 )
المسجد وقد صلّى القوم أيؤذِّن ويقيم؟ قال : إن كان دخل ولم يتفرّق الصفّ صلّى بأذانهم وإقامتهم وإن كان تفرّق الصف أذّن وأقام . والظاهر اتحاد الروايتين بمعنى انّ السؤال من أبي بصير قد وقع مرّة واحدة واُجيب كذلك إلاّ انّ الاختلاف إنّما نشأ من الناقلين عنه بلا واسطة أو معها .
ومنها : رواية عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن آبائه عن علي (عليهم السلام) قال : دخل رجلان المسجد وقد صلّى الناس فقال لهما علي (عليه السلام) : إن شئتما فليؤم أحدكما صاحبه ولا يؤذِّن ولا يقيم .
ومنها : رواية السكوني عن جعفر عن أبيه عن عليّ (عليهم السلام) انّه كان يقول : إذا دخل رجل المسجد وقد صلّى أهله فلا يؤذِّنن ولا يقيمنّ ولا يتطوّع حتّى يبدأ بصلاة الفريضة ولا يخرج منه إلى غيره حتّى يصلّي فيه .
ومنها : رواية أبي علي قال : كنّا عند أبي عبدالله (عليه السلام) فأتاه رجل فقال : جعلت فداك صلّيت في المسجد الفجر فانصرف بعضنا وجلس بعض في التسبيح فدخل علينا رجل المسجد فاذّن فمنعناه ودفعناه عن ذلك فقال أبو عبدالله (عليه السلام) : أحسنت ادفعه عن ذلك وامنعه أشدّ المنع فقلت : فإن دخلوا فأرادوا أن يصلّوا فيه جماعة؟ قال : يقومون في ناحية المسجد ولا يبدوا بهم إمام ـ الحديث .
ورواه الصدوق باسناده عن محمد بن أبي عمير عن أبي علي الحراني مثله إلاّ انّه قال : أحسنتم ادفعوه عن ذلك وامنعوه أشدّ المنع ، فقلت له : فإن دخل جماعة فقال : يقومون في ناحية المسجد ولا يبدر (يبدو) لهم إمام .
ومنها : رواية زيد النرسي عن عبيد بن زرارة عن أبي عبدالله (عليه السلام) : إذا أدركت الجماعة وقد انصرف القوم ووجدت الإمام مكانه وأهل المسجد قبل أن يتفرّقوا أجزأك أذانهم وإقامتهم فاستفتح الصلاة لنفسك ، وإذا وافيتهم وقد انصرفوا من