( الصفحه 9 )
والمشهور انّ القتل إنّما يكون مع الاستحلال ومن ثم حمل بعضهم الإقامة والإيتاء على اعتقاد وجوبهما والإقرار بذلك لكنّه بعيد عن الظاهر ولعلّهم فهموا ذلك من دليل خارج عن الآية كالأخبار» .
أقول : الاستدلال بالآية لا يتوقّف على ثبوت المفهوم للقضية الشرطية كما هو الظاهر من القول المذكور; لأنّ مقتضى إطلاق الصدر وجوب قتلهم في جميع الحالات ومع كلّ الخصوصيات وقد خرج منه في الذيل صورة واحدة فالصور الباقية داخلة تحت إطلاق الصدر ، فالآية تدلّ بإطلاقها على وجوب قتل المشركين في غير تلك الصورة ومقتضى الأولوية ثبوت الحكم في المسلم فيجب قتله ولا وجه لوجوبه إلاّ خروجه عن زمرة المسلمين ، هذا ولكن يظهر من الروايات المختلفة الواردة في تارك الفريضة بعد الجمع بينها انّ الحكم بكفره إنّما هو فيما إذا كان تركه ناشئاً عن الاستخفاف فيقيّد بها إطلاق الآية فإنّ منها ما يدلّ على ثبوت الكفر مطلقاً كصحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث عدد النوافل قال : إنّما هذا كلّه تطوّع وليس بمفروض ، انّ تارك الفريضة كافر وإنّ تارك هذا ليس بكافر . وصحيحة عبيد بن زرارة أو حسنته عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث الكبائر قال : إنّ تارك الصلاة كافر ، يعني من غير علّة . ورواية بريد بن معاوية العجلي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ما بين المسلم وبين أن يكفر أن يترك الصلاة (إلا ترك الصلاة) الفريضة متعمّداً أو يتهاون بها فلا يصلّيها .
ومنها : ما يدلّ على ثبوت الكفر في صورة الترك مع الاستخفاف وهي رواية مسعدة بن صدقة انّه قال : سُئل أبو عبدالله (عليه السلام) : ما بال الزاني لا تسمّيه كافراً وتارك الصلاة تسمّيه كافراً وما الحجّة في ذلك؟ فقال : لأنّ الزاني وما أشبهه إنّما يفعل ذلك لمكان الشهوة لأنّها تغلبه وتارك الصلاة لا يتركها إلاّ استخفافاً بها ،
( الصفحه 10 )
وذلك لأنّك لا تجد الزاني يأتي المرأة إلاّ وهو مستلذ لإتيانه إيّاها قاصداً إليها ، وكلّ من ترك الصلاة قاصداً لتركها فليس يكون قصده لتركها اللذّة ، فإذا نفيت اللذّة وقع الاستخفاف وإذا وقع الاستخفاف وقع الكفر . وهذه الرواية وإن كانت ظاهرة في ملازمة مطلق الترك عن قصد مع الاستخفاف إلاّ انّ الظاهر عدم ثبوت هذه الملازمة والقدر المتيقّن ثبوت الكفر في خصوص صورة الاستخفاف ولعلّ الوجه فيه انّ أهمّية الصلاة وعظم مرتبتها من ضروريات الإسلام كأصل وجوبها فالاستخفاف يرجع إلى إنكار الضروري وهو موجب للكفر امّا بنفسه أو لأجل استلزامه للموجب فتدبّر .
( الصفحه 11 )فصل في مقدّمات الصلاة
وهي ست :
المقدّمة الاُولى في أعداد الفرائض ومواقيت اليومية ونوافلها
مسألة 1 ـ الصلاة واجبة ومندوبة ، فالواجبة خمس : اليومية ومنها الجمعة وكذا قضاء الولد الأكبر عن والده ، وصلاة الآيات ، والطواف الواجب ، والأموات ، وما التزمه المكلّف بنذر أو إجارة أو غيرهما ، وفي عدّ الأخيرة في الواجب مسامحة إذ الواجب هو الوفاء بالنذر ونحوه لا عنوان الصلاة 1 .
1 ـ ربّما يمكن أن يناقش في اختصاص الصلاة بالقسمين الواجبة والمندوبة بوجود قسم ثالث وهي الصلاة المكروهة كالصلاة في الحمّام وقسم رابع وهي الصلاة المحرمة كصلاة الحائض لكنّها مدفوعة بوضوح عدم كون الكراهة في العبادات المكروهة بالمعنى المصطلح فيها ، بل بمعنى أقلّية الثواب وبأنّ الظاهر عدم كون الحرمة في مثل صلاة الحائض ذاتية بل تشريعية مرجعها إلى كون المتعلّق هو التشريع الذي يتحقّق في مثلها بقصد التقرّب بما ليس بمقرّب فلا يكون لها إلاّ قسمان مذكوران في المتن .
وامّا اعداد الصلاة الواجبة فقد ذكر المحقّق في الشرائع انّها تسع بجعل الجمعة نوعاً مستقلاًّ وإضافة صلاة العيدين وجعل الكسوف والزلزلة نوعين آخرين في مقابل صلاة الآيات .
ولكن الظاهر عدم كون الجمعة نوعاً مستقلاًّ ، بل هي من الفرائض اليومية ،
( الصفحه 12 )
غاية الأمر كونها مشروطة بشرائط خاصّة وبقائها على الركعتين اللّتين هما فرض الله في كلّ صلاة كما تدلّ عليه الروايات المستفيضة ، كما انّ قضاء الولي إنّما هو كقضاء الميّت بنفسه من شؤون اليومية .
وامّا صلاة العيدين فيجوز عدّها في الواجبة بلحاظ زمان الحضور وفي المندوبة بالنظر إلى زمان الغيبة . وامّا صلاة الآيات فلا تكون إلاّ نوعاً واحداً ، غاية الأمر انّ سبب وجوبها قد يكون هو الكسوف الشامل للخسوف وقد يكون هي الزلزلة وقد يكون آيات اُخرى كالريح السوداء ونحوها .
نعم لا مانع من إسقاط صلاة الأموات نظراً إلى عدم كونها صلاة حقيقة لعدم اشتراطها بشرائط الصلاة وعدم اشتمالها على أركانها .
وامّا ما التزمه المكلّف بنذر أو إجارة أو نحوهما فعدّها في الواجب فيه مسامحة واضحة أشار إلى وجهها في المتن وهو انّ تعلّق النذر لا يوجب خروج المتعلّق عن الحكم المتعلّق به أولاً وجوباً كان أو استحباباً ولا اجتماع الحكمين فيه ، امّا الثاني فواضح ، وامّا الأوّل فلأنّ انعقاد النذر إنّما هو لأجل تعلّق الحكم الوجوبي أو الاستحبابي به الكاشف عن رجحانه فكيف يسقط مع تعلّق النذر ولا طريق لنا إلى إثبات الرجحان غير تعلّق ذلك الحكم به مع أنّه ربّما يكون الحكم الوجوبي المتعلّق به أهمّ من وجوب الوفاء بالنذر فكيف يوجب سقوطه مع انّه لا دليل عليه في مقام الإثبات فإن الحكم الجائي من قبل النذر أو الإجارة متعلّقه الوفاء بهما ولا معنى لسراية الحكم من متعلّقه الذي هو العنوان والمفهوم إلى شيء آخر خارج عنه فاصلاة المنذورة أو المستأجر عليها لا تصير واجبة أصلاً فلا يكون نوعاً خاصّاً .
( الصفحه 13 )
والمندوبة أكثر من أن تهحصى ، منها الرواتب اليومية ، وهي ثمان ركعات للظهر قبله ، وثمان للعصر قبله ، وأربع للمغرب بعده وركعتان من جلوس للعشاء بعده تعدّان بركعة ، تسمّى بالوتيرة ، ويمتدّ وقتها بامتداد وقت صاحبها ، وركعتان للفجر قبل الفريضة ، ووقتها الفجر الأوّل ، ويمتدّ إلى أن يبقى من طلوع الحمرة مقدار اداء الفريضة ، ويجوز دسها في صلاة الليل قبل الفجر ولو عند نصف الليل ، بل لا يبعد أن يكون وقتها بعد مقدار إتيان صلاة الليل من انتصافها ولكنّ الأوط عدم الاختيان بها قبل الفجر الأوّل إلاّ بالدسّ في صلاة الليل ، وإحدى عشرة ركعة نافلة الليل ، صلاة الليل ثمان ركعات ثمّ ركعتا الشفع ثمّ ركعة الوتر ، وهي مع الشفع أفضل صلاة الليل ، وركعتا الفجر أفضل منهما ، ويجوز الاقتصار على الشفع والوتر ، بل على الوتر خاصة عند ضيق الوقت وفي غيره يأتي به رجاء ، ووقت صلاة الليل نصفها إلى الفجر الصادق والسحر أفضل من غيره والثلث الأخير من الليل كلّه سحر ، وأفضله التقريب من الفجر ، وأفضل منه التفريق كما كان يصنعه النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، فعدد النوافل بعد عدّ الوتيرة ركعة أربع وثلاثون ركعة ضعف عدد الفرائض ، وتسقط في السفر الموجب للقصر ثمانية الظهر وثمانية العصر وتثبت البواقي والأحوط الإتيان بالوتيرة رجاء 1 .
1 ـ في الرواتب اليومية مسائل :
الاُولى : في تعدادها وقد وقع فيه الاختلاف بين المسلمين بعد اتفاقهم جميعاً ـ العامّة والخاصّة ـ على أنّ عدد ركعات الفرائض اليومية سبع عشرة ركعة بلا زيادة ولا نقصان ، بل هو من ضروريات الإسلام بحيث يعتقد به كلّ من انتحل إليه وعلى أنّ نافلة الصبح ركعتان قبل الفريضة وعلى أنّ نافلة الليل التي يعبّر عنها