جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة أحكام التخلّي والوضوء
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 126)

التخييريّة ممّا لا يمكن المساعدة عليه(1) .

وأنت خبير بأنّ البحث في هذه المسألة ـ مسألة العدول ـ إنّما هو بعد الفراغ عن أصل التخيير وثبوته بدواً ومعقوليّة الحجّية التخييرية ، ضرورة أنّه مع عدم المعقولية أو عدم مساعدة الأدلّة على أصل التخيير ، لا مجال للبحث عن كونه استمراريّاً أو لا ، فدعوى أنّ الحجّية التخييريّة ممّا لا يمكن المساعدة عليه لا ارتباط لها بهذه المسألة ، كما هو واضح .

نعم ، يمكن المناقشة في التمسّك بالإطلاق في المقام بعدم كون المطلقات في مقام البيان من جهة الاستمرار وعدمه ، بل إنّما هي بصدد إثبات أصل التخيير وإن ذكر المحقّق الاصفهاني(قدس سره) في مقام دفع هذه المناقشة ما لفظه : الإنصاف أ نّه ـ يعني الإطلاق في المقام ـ كسائر الإطلاقات التي يتمسّك بها في غير المقام ، واحتمال تعيّن الحكم بمجرّد الأخذ بأحد الخبرين أو إحدى الفتويين كسائر الاحتمالات التي لايُعتنى بها في رفع اليد عن الإطلاق .

والذي يقرّبه ; هو أ نّه لا شبهة في إطلاق أدلّة الترجيح والتخيير لما إذا أُخذ بأحد الخبرين فيما إذا جاءه خبر فعمل به ، ثمّ جاءه آخر أرجح أو ما يعادله ويساويه ، فكما لا شبهة في الحكم بالترجيح والتخيير هناك من دون احتمال الإهمال من حيث العمل بالخبر الأوّل ، فكذلك هنا ، مضافاً إلى أنّ مصلحة التخيير ـ كما في الخبر(2) ـ هو التسليم لما ورد عنهم(عليهم السلام) ، ومصلحة التسليم

  • (1) التنقيحفي شرح العروة الوثقى ، الاجتهاد والتقليد : 120 .
  • (2) وسائل الشيعة : 27 / 108 ، كتاب القضاء ، أبواب صفات القاضي ب9 ح6 وص112 ذ ح19 وص113 ح21 وص121 ح39 .

(الصفحة 127)

لا تختصّ بحال دون حال ، كما أفاد شيخنا الاُستاذ(قدس سره) (1)  ونعم ما أفاد(2) .

ثانيهما : ـ وهو العمدة ـ الاستصحاب ، نظراً إلى أنّ المكلّف كان قبل الأخذ بفتوى أحدهما مخيّراً بين الأخذ بهذا أو ذاك ; لأنّ المفروض تساوي المجتهدين وحجّية فتوى كلّ واحد منهما ، فإذا أخذ فتوى واحد منهما واختارها نشكّ في أنّ فتوى الآخر هل تكون باقية على حجّيّتها التخييريّة ، أو سقطت عن الاعتبار بسبب الأخذ بالأوّل ، فيجري حينئذ استصحاب الحجّية التخييريّة ؟ ومقتضاه ثبوت التخيير في الآن اللاحق كما كان في الزمان السابق (3).

وناقش في جريان هذا الاستصحاب بعض الأعلام في «شرح العروة» على ما في تقريراته من جهات لا بأس بذكرها على سبيل الإجمال ، وبيان ما يرد عليها من الإشكال ليتّضح بذلك الحال ، فنقول ـ وعلى الله الاتّكال ـ  :

الجهة الاُولى : أ نّه يعتبر في جريان الاستصحاب اتّحاد القضيّة المشكوكة والمتيقّنة ، ولا يتحقّق هذا إلاّ ببقاء الموضوع ، مع أ نّه لم يحرز بقاؤه في المقام ; لأنّ الحكم بالتخيير إن قلنا : إنّ موضوعه من لم يقم عنده حجّة فعليّة ، فلا شبهة في أنّ ذلك يرتفع بالأخذ بإحدى الفتويين ; لأنّها صارت حجّة فعليّة بأخذها ، فلا يبقى موضوع لاستصحاب التخيير ، وإن قلنا : إنّ موضوعه من تعارض عنده الفتويان ، نظير «من جاءه حديثان مختلفان» الذي هو الموضوع للحكم بالتخيير في باب الخبر ـ على القول به ـ فهو أمر يرتفع بالرجوع إلى إحدى الفتويين ، فلو شكّ في بقاء الحكم بالتخيير وارتفاعه لم يكن مانع من استصحابه بوجه ، ولكن حيث إنّ

  • (1) كفاية الاُصول : 508 .
  • (2) بحوث في الاُصول ، الاجتهاد والتقليد : 154 ـ 155 .
  • (3) بحوث في الاُصول، الاجتهاد والتقليد: 148 ـ 153 .

(الصفحة 128)

الدليل في المقام إنّما هو الإجماع والسيرة وهما دليلان لبيان ، لا يبقى مجال لاستظهار أنّ الموضوع هل يكون على النحو الأوّل أو الثاني؟

وهذا بخلاف تعارض الخبرين ، حيث استظهروا أنّ الموضوع للحكم بالتخيير فيهما «من جاءه حديثان مختلفان» وهو باق بعد الأخذ بأحدهما قطعاً ، وأمّا المقام فأمر الموضوع دائر فيه بين ما هو مقطوع البقاء وما هو مقطوع الارتفاع ، وفي مثله لا مجال للاستصحاب لا في الحكم ; لعدم إحراز بقاء موضوعه ، ولا في موضوعه بوصف الموضوعيّة ; لرجوعه إلى استحصاب الحكم ، ولا فيه بذاته ; لعدم الشكّ فيه ; لدورانه بين المقطوعين .

الجهة الثانية : أنّ هذا الدليل أخصّ من المدّعى ; لأنّ الاستصحاب على تقدير تماميّته إنّما يجري فيما إذا كانت الحالة السابقة هو التخيير ، ولا يجري فيما إذا كان المجتهد الأوّل في زمان الأخذ بفتواه أعلم ، فأراد الرجوع إلى الغير الذي كان دونه في الفضل ، ثمّ بلغ مرتبة الأوّل بحيث صارا متساويين ; فإنّه حينئذ ليس للتخيير حالة سابقة حتى يستصحب ، كما هو واضح .

الجهة الثالثة : أنّ هذا الاستصحاب من الاستصحابات الحكميّة التي بيّنا في محلّه أنّها غير جارية ; للابتلاء بالمعارض دائماً .

الجهة الرابعة : أ نّه لو سلّمنا جريان الاستصحاب في الأحكام أيضاً ، لم يكن مجال للاستصحاب في المقام ; لابتلائه بالمعارض ، وهو استصحاب الحجّية الفعليّة للفتوى المأخوذ بها ; وذلك لأنّ المعنى المعقول من الحجّية التخييريّة هو أن يكون أمر الحجّية قد أوكل إلى اختيار المكلّف ; بأن يتمكّن من أن يجعل ما ليس بحجّة حجّة بأخذه فتوى أحد المتساويين .

وهذا المعنى لا يكون مورداً للاستصحاب ; لأنّ فتوى أحد المتساويين إذا

(الصفحة 129)

اتّصفت بالحجّيّة الفعليّة من جهة أخذ المكلّف بها ، وشككنا في جواز الأخذ بفتوى المجتهد الآخر ، يجري فيها استصحابان متعارضان : أحدهما : استصحاب جواز الأخذ بفتوى المجتهد الآخر ; لأ نّه مسبوق بالجواز على الفرض ، ثانيهما :استصحاب حجّية ما اتّصف بالحجّية الفعليّة بالأخذ به ، فاستصحاب بقاء التخيير معارض باستصحاب بقاء الحجّية الفعلية فيما أُخذ به .

وماعن الشيخ الأنصاري(قدس سره) من حكومة استصحاب التخيير على الاستصحاب الآخر(1) فممّا لا يمكن المساعدة عليه ; لعدم كون الحجّية الفعلية من الآثار الشرعيّة المترتّبة على بقاء الحجّية التخييريّة ، بل من الآثار العقليّة التي لا تترتّب على الاستصحاب بوجه .

ثمّ قال : والصحيح أنّ استصحاب الحجّية التخييريّة غير جار في نفسه ; لأ نّه بمعنى استصحاب الحجيّة الشأنية ; أعني الحجّية على تقدير الأخذ بها ، وهو من الاستصحاب التعليقي ، ولا نقول به حتّى إذا قلنا بجريان الاستصحاب في الشبهات الحكميّة في موارد الأحكام التخييريّة ، ومع عدم جريان الاستصحاب إذا شككنا في حجّية فتوى المجتهد الذي يريد العدول إليه ، لا مناص من الحكم بعدم حجّيتها ; لأنّ الشكّ في الحجّية يساوق القطع بعدمها(2) .

أقول : ويرد على الجهة الأُولى :

أوّلا : ما أفاده المحقّق الاصفهاني(قدس سره) ما ملخّصه : أ نّه لابدّ من ملاحظة موضوع أدلّة التقليد اللفظيّة وغيرها . أمّا موضوع قضيّة الفطرة والجبلّة فهو الجاهل ، ومن

  • (1) رسالة في الاجتهاد والتقليد للشيخ الأنصاري ، ضمن مجموعة رسائل : 87 .
  • (2) التنقيحفي شرح العروة الوثقى ، الاجتهاد والتقليد : 120 ـ 124 .

(الصفحة 130)

المعلوم أ نّه لم يرتفع جهله حقيقة بالرجوع إلى العالم ، بل هو على حاله ، وإنّما صار منقاداً له فيما يراه ، وكذا موضوع السيرة العقلائيّة ، وأمّا آية النفر(1) فهي تدلّ على حجّية الفتوى إذا كان التفقّه موقوفاً على إعمال النظر ، ومن الواضح أنّ مقابل الفقيه بهذا المعنى هو من ليس له قوّة إعمال النظر .

وأمّا آية السؤال(2) ، فموضوع وجوب السؤال وإن كان هو الجاهل في قبال العالم بالحكم الفعلي ; لِما مرّ منّا من أنّ ظاهرها السؤال لكي يعلموا بالجواب لا بأمر زائد عليه ، وبعد حصول العلم الشرعي بسبب الجواب لا موضوع لوجوب السؤال ، ومقتضاه عدم جواز العدول ; لعدم دليل على تقليد الغير بعد تقليد الأوّل ، إلاّ أنّ دقيق النظر يقتضي خلافه ; لأنّ موضوع وجوب السؤال وإن كان هو الجاهل بذلك المعنى ، لكن موضوع وجوب التقليد عملا كان أو التزاماً هو العالم بعد السؤال ، ولذا لو سأل شخصين من أهل الفتوى كان له العمل بفتوى أيّ واحد منهما ، وهذا الموضوع باق بعد العمل ، وإن لم يكن موضوع السؤال كذلك .

وأمّا مثل قوله(عليه السلام) : «فللعوام أن يقلِّدوه»(3) ، فمن الواضح أنّ العامّي في قبال ما فرضه مرجعاً وهو الفقيه ، فحاله حال آية النفر إشكالا وجواباً . وأمّا عنوان المتخيّر ، ومن ليس له طريق إلى مقصده ، ومن لم يختر ، ومن لم يأخذ بشيء ، فكلّها عناوين ـ انتزاعية باجتهاد منّا في تنقيح موضوع الحكم بالتخيير ببعض المناسبات ـ لا دخل لها بما أُخذ شرعاً في موضوع الدليل(4) .

  • (1) سورة التوبة : 9 / 122 .
  • (2) سورة الأنبياء : 21 / 7 .
  • (3) تقدّم في ص83 .
  • (4) بحوث في الاُصول ، الاجتهاد والتقليد : 153 ـ 154 .