جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة أحكام التخلّي والوضوء
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 160)

أ نّ مقتضى لزوم تقليد الأعلم احتياطاً هو جواز العدول إليه إذا كان مبنى عدم جواز العدول إلى المساوي أيضاً هو حكم العقل ، ومقتضى ذلك ترتّب ثمرة عمليّة اُخرى على كون المستند في لزوم تقليد الأعلم هو الدليل ، أو حكم العقل بالاحتياط .

فإنّه في الصورة الاُولى يجب العدول إلى الأعلم في الفرض المذكور . وفي الصورة الثانية يجوز العدول إليه من دون أن يكون واجباً ; لأنّ مبنى كلا الحكمين على الاحتياط وحكم العقل ، من دون أن يكون هناك مرجّح في البين ، فلا يبقى مجال إلاّ للجواز كما لا يخفى . هذا تمام الكلام في الصورة الأُولى .

الصورة الثانية : ما إذا علمت الموافقة بينهما في الفتوى ، ولا يترتّب في هذه الصورة على القول بتعيّن تقليد الأعلم ثمرة أصلا ; لما ستعرف من عدم لزوم الاستناد بوجه .

الصورة الثالثة : ما إذا لم تعلم الموافقة والمخالفة بينهما ، ونقول : حكم هذه الصورة عند الشكّ وعدم دلالة الدليل على أحد الطرفين حكم الصورة الاُولى ; ضرورة أنّ حكم العقل بالاحتياط يجري في هذه الصورة أيضاً ، من دون فرق بينها وبين الصورة الأُولى . وأمّا مع ملاحظة الأدلّة فلا خفاء في أ نّه لو لم نقل بتعيّن تقليد الأعلم في الصورة الأُولى لكان لازمه القول بعدم التعيّن هنا بطريق أولى ، فالنزاع في هذه الصورة يختصّ بالقائل بالتعيّن في الصورة الأُولى ، كما هو ظاهر .

فنقول : قد استدلّ على تعيّن تقليد الأعلم في هذه الصورة بما استدلّ به عليه في تلك الصورة من الأدلّة الكثيرة المتقدّمة ; من الإجماع والسيرة والأقربيّة والروايات المتعدّدة من المقبولة وغيرها ; بدعوى أنّ مقتضاها عدم الفرق بين ما إذا كانت المخالفة بين الأعلم وغيره معلومة أو كانت مشكوكة ، وعدم اختصاص تلك

(الصفحة 161)

الأدلّة من حيث مفادها بخصوص صورة العلم بالمخالفة ، فالصورتان مشتركتان من حيث الدليل .

أقول : أمّا ما عدا السيرة من تلك الأدلّة فقد عرفت عدم نهوضها على لزوم تقليد الأعلم في الصورة الأُولى فضلا عن المقام ; لما مرّ من المناقشة أو المناقشات فيها ، وعلى تقدير تسليم صلاحيّتها للاستدلال بها في تلك الصورة لا مجال لدعوى شمولها للمقام ; فإنّ الإجماع لا إطلاق لمعقده يشمل المقام ، بل القدر المتيقّن هي صورة العلم بالمخالفة وتحقّق الاختلاف ، والأقربيّة غير محرزة في المقام ; لأنّها فرع المخالفة وهي مشكوكة ، والمقبولة موردها صورة العلم باختلاف الحكمين ومستند الرأيين ، وكذا ما يشابهها من الروايتين ، فلا تغفل .

وأمّا السيرة ، فالظاهر جريانها في المقام أيضاً ; فإنّه إذا رجع المريض إلى الطبيب غير الأعلم مع وجود من هو أعلم منه ، وإمكان الوصول والمراجعة إليه ، واحتمال الاختلاف بينهما في النظر والرأي وكيفيّة المعالجة والتداوي ، وكون المرض ممّا لا يجوز عند العقلاء التسامح فيه وفي علاجه ; لكونه من الأمراض المهلكة ; فإنّه مع ذلك إذا رجع إلى غير الأعلم ولم يؤثّر علاجه بوجه ، فهل يكون معذوراً عند العقلاء؟ وهل يصحّ الاحتجاج بمجرّد احتمال عدم اختلاف رأيه مع رأي الأعلم؟! الظاهر العدم ، بل يستحقّ الملامة والتوبيخ ، ولا يعدّ معذوراً بوجه .

فالإنصاف أنّ السيرة العقلائيّة الجارية على الرجوع إلى الأعلم في الصورة الأُولى موجودة في المقام . غاية الأمر أ نّه لابدّ من ملاحظة أدلّة القائل بعدم لزوم تقليد الأعلم في هذه الصورة ، فإن تـمّت تكون رادعة عن السيرة ، وإلاّ يكون عدم الردع كاشفاً عن الرضا والإمضاء ، كما استكشفناه في الصورة الأُولى .

(الصفحة 162)

وأمّا ما استدلّ به على عدم التعيّن في هذه الصورة فاُمور :

الأوّل : إطلاقات الأدلّة القائمة على حجّية فتوى الفقيه من الآيات والروايات المتقدّمتين(1) ، وقد خرجنا عنها في صورة العلم بالمخالفة ، وبقيت صورة العلم بالموافقة وصورة الشكّ في المخالفة مشمولتين لها باقيتين تحتها ، فمقتضى الإطلاقات حينئذ جواز الرجوع إلى غير الأعلم ، كما هو ظاهر (2).

وقد نوقش فيه بأ نّه لا مجال للتمسّك بالإطلاقات بعد خروج صورة العلم بالمخالفة ; لأ نّه من التمسّك بالإطلاق في الشبهة المصداقيّة للمقيّد ، وهو كالتمسّك بالعام في الشبهة المصداقيّة للمخصّص غير جائز ، كما حقّق في بحث العام والخاص من الأُصول .

وأُجيب عن هذه المناقشة بأنّ التمسّك بالعموم وكذا بالمطلق في الشبهة المصداقيّة وإن كان غير جائز ، إلاّ أنّ ذلك إنّما هو فيما إذا كان المخصّص أو المقيّد لفظيّاً ، وأمّا إذا كان لبِّيّاً ، كما إذا كان الدليل عليه هو الإجماع أو حكم العقل فلا مانع عن التمسّك به.

والأمر في المقام كذلك ; فإنّ صورة العلم بالمخالفة إنّما خرجت من المطلقات من جهة أنّ شمولها لها يستلزم الجمع بين الضدّين أو النقيضين ، فالمخصّص إنّما هو حكم العقل ، فلا مانع حينئذ من التمسّك بالعموم .

وأُورد على هذا الجواب بأ نّه لا فرق في عدم الجواز بين أن يكون المخصّص لفظيّاً أو لبِّيّاً ; لأنّ التقييد والتخصيص يوجبان تعنون المطلق والعامّ لا محالة بعنوان مّا ; لاستحالة الإهمال في مقام الثبوت ، وعليه : لا يحرز أنّ العنوان المقيّد

  • (1) في ص71 ـ 88 .
  • (2) مفاتيح الاُصول: 632، درر الفوائد للشيخ عبد الكريم الحائري : 713 .

(الصفحة 163)

صادق على المورد المشكوك فيه .

وربما يقال : إنّ الصحيح في الجواب أن يُقال : إنّ المناقشة غير واردة في نفسها ; لأنّ الشبهة وإن كانت موضوعيّة مصداقيّة ، إلاّ أنّ هناك أصلا موضوعيّاً يحرز به أنّ المورد المشتبه من الأفراد الباقية تحت العموم ; إذ لا فرق في إحراز الفرديّة بين أن يكون من طريق الوجدان أو بالتعبّد .

وفي المقام يجري استصحاب عدم المخالفة بين المجتهدين بالعدم الأزلي ; لأنّ المخالفة أمرٌ حادث مسبوق بالعدم ، نظير أصالة عدم القرشيّة في المرأة التي يشكّ في قرشيّتها ، الحاكمة بدخولها تحت الأدلّة الدالّة على أنّ المرأة تحيض إلى خمسين ، بل يمكن ذلك بالاستصحاب النعتي أيضاً ; لأنّ المجتهدين كانا في زمان ولم يكونا مخالفين في الفتوى ولو من جهة عدم بلوغهما مرتبة الاجتهاد ، ومقتضى الأصل أنّهما الآن  ،كما كانا سابقاً(1).

أقول : وفي جميع ما ذكر نظر .

أمّا الاستدلال بالإطلاقات ، فيرد عليه ـ ما مرّ منّا(2) ـ : من أ نّه ليس في هذا الباب إطلاق يصحّ الاحتجاج به والاستناد إليه ; لعدم كون المطلقات في مقام البيان من هذه الحيثيّة ، فلا مجال للتمسّك بها .

وأمّا المناقشة فيه بأ نّه من قبيل التمسّك بالإطلاق في الشبهة المصداقيّة للمقيّد ، فيرد عليها : أنّ دعوى المستدلّ إنّما ترجع إلى أنّ الخارج من الإطلاقات خصوص

  • (1) لاحظ التنقيح في شرح العروة الوثقى، الاجتهاد والتقليد: 159 ـ 160 ومصباح الاُصول: 3 / 455، ودروس في فقه الشيعة: 1 / 89 ـ 90، حتى يظهر لك أنّ المناقشة وجواب المناقشة وجواب الجواب كلّها من السيد الخوئي.
  • (2) في ص154 ـ 155 .

(الصفحة 164)

صورة العلم بالمخالفة ، والشكّ في خروج صورة الشكّ إنّما هو من الشكّ في تقييد زائد ; وهو كالشكّ في تخصيص زائد لا يرجع فيه إلاّ إلى الإطلاق .

وبعبارة أُخرى : لو كان مدّعى المستدل راجعاً إلى أنّ الخارج هي صورة المخالفة الواقعيّة بين الفتويين ، لكان التمسّك في فرض الشكّ من ذلك القبيل ، وأمّا مع صراحة دعواه في أنّ الخارج هي صورة العلم ، فلا مجال للمناقشة في دليله بكون التمسّك في صورة الشكّ إنّما هو من ذلك القبيل ، وهذا كما لو كان الخارج عن عموم «أكرم العلماء» خصوص معلوم الفسق منهم ; فإنّه مع الشكّ في تحقّق الفسق وعدمه ، وعدم ثبوت الحالة السابقة لأحد الطرفين لا محيص عن الرجوع إلى العامّ ، كما هو واضح.

وأمّا الجواب عن المناقشة بأ نّه إذا كان المخصّص لُبِّيّاً لا مانع من الرجوع ، والمقام من هذا القبيل ، فيرد عليه بأ نّه لو سلّمنا أنّ الخارج عن المطلقات إنّما هي صورة المخالفة الواقعيّة ، والتمسّك بها مع الشكّ في المخالفة من قبيل التمسّك بالإطلاق في الشبهة المصداقيّة للمقيّد ; لكنّه نقول : إنّ خروج المخالفة ليس لأجل حكم العقل بلزوم اجتماع النقيضين أو الضدّين حتى يكون المخصّص لُبِّياً ; فإنّه على هذا التقدير لا يبقى فرق بين صورة اختلاف المجتهدين في الفضيلة وتساويهما ، بل لأجل خصوص ما يدلّ على خروج صورة مخالفة المجتهدين مع اختلافهما في الفضيلة ودوران الأمر بين العالم والأعلم .

وبعبارة أُخرى : محلّ الكلام خروج صورة المخالفة في المقام لا مطلقاً ، ومن المعلوم ـ كما مرّ ـ أنّ الدليل على خروجها إنّما هو مثل المقبولة المتقدّمة(1) ،

  • (1) في ص146 ـ 147 .