جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة أحكام التخلّي والوضوء
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 175)

أن تكون فتوى المجتهد ، ولو كان أعلم بلزوم الرجوع إلى الأعلم ; للزوم الدور ، فتأمّل .

فإذا تعيّن عليه الرجوع إلى حكم عقله ، فإن احتمل تعيّن تقليد الأعلم واختصاص جواز الرجوع به ، فلا مناص له عن الرجوع إليه ; لدوران الأمر بين التعيين والتخيير ، وحكم العقل بلزوم الاحتياط فيه بالأخذ بما يحتمل فيه التعيّن ; لأ نّه بالأخذ به لا يكون الضرر والعقاب محتملا أصلا ، وأمّا مع الرجوع إلى غير الأعلم يكون احتمال العقاب الذي يكون هو الموضوع لقاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل موجوداً ، فهذه القاعدة العقليّة تحكم عليه بلزوم الرجوع إلى الأعلم . وإن لم يحتمل تعيّن تقليد الأعلم ولم يقع في ذهنه احتمال تعيّنه أصلا ، بل حكم عقله بالتساوي ، فلا يكون هنا ملزم له على الرجوع إلى الأعلم ، بل يسوغ له أخذ فتوى غيره والرجوع إليه ، كما هو ظاهر .

الأمر الثاني : إذا رجع بمقتضى حكم عقله إلى الأعلم ، فتارة : يفتي الأعلم بوجوب تقليد الأعلم . وأُخرى : يفتي بجواز تقليد غيره .

ففي الصورة الأُولى : لا يجوز له تقليد غيره في المسائل الفرعيّة ، بل يجب عليه تطبيق العمل على فتاويه في جميع المسائل ، ولا وجه لجواز الرجوع إلى الغير في المسائل الفرعيّة أصلا ، كما هو واضح .

وفي الصورة الثانية: يتخيّر بين الأخذ بفتاوي الأعلم في تلك المسائل ، والأخذ بفتاوي غيره فيها ، ولا يسمّى ذلك عدولاً حتّى لا يجوز قطعاً ; لأنّه من العدول من الأعلم إلى غيره ، بل الأصل في فتوى غيره والأخذ بها إنّما هو تجويز الأعلم وفتواه ، ففي الحقيقة يكون مقلّداً للأعلم ومستنداً إليه ، فلا وجه لتحقّق العدول كما هو ظاهر .

(الصفحة 176)

الأمر الثالث : إذا رجع إلى غير الأعلم ، فتارة : يفتي بعدم وجوب تقليد الأعلم ، وأُخرى: يفتي بوجوبه .

ففي الصورة الأُولى: إن كان مستند الرجوع إلى غير الأعلم هو حكم عقله بالتساوي وإداركه عدم ثبوت المزيّة للأعلم بوجه ، فيجوز له تقليده في سائر المسائل وتطبيق العمل على فتاويه فيها ، وإن كان الرجوع مع احتمال تعيّن الأعلم وثبوت المزيّة له فلا يجوز له تقليده فيها ، والأخذ بفتاويه في المسائل الفرعيّة ; لِما عرفت من أ نّه مع احتمال تعيّن الأعلم يكون مقتضى أصالة التعيين العقليّة ـ الجارية في دوران الأمر بين التعيين والتخيير في باب الحجّية ـ هو الأخذ بقوله والاستناد إلى فتاويه وتطبيق العمل عليها .

وفي الصورة الثانية : يجب الرجوع إلى فتاوي الأعلم والأخذ بقوله ; سواء كان ذلك مع احتمال تعيّن الأعلم أم كان بدونه . أمّا إذا كان بدونه ; فلأنّ فتوى المجتهد غير الأعلم ـ التي حكم العقل بحجّيتها وعدم ثبوت المزيّة لفتوى الأعلم ـ هي وجوب الرجوع إلى الأعلم والأخذ بقوله . نعم ، بناءً على جواز العدول ، يمكن له أن يرجع إلى مجتهد آخر لا يفتي بوجوب الرجوع إلى الأعلم .

وأمّا إذا كان مع احتمال تعيّن الأعلم ; فلأنّ وجوب الرجوع إلى الأعلم ليس حينئذ لأجل فتوى غير الأعلم به ، بل لأجل مطابقته للاحتياط اللازم عقلا عند الدوران المذكور ، فالأخذ بقوله ليس لأجل حجّية قول غير الأعلم ، بل لأجل المطابقة المذكورة ، فتأمّل .

(الصفحة 177)

[جواز التبعيض في التقليد]

مسألة8: إذا كان المجتهدان متساويين في العلم يتخيّر العامّي في الرجوع إلى أيّهما،كمايجوز له التبعيض في المسائل بأخذبعضهامن أحدهماوبعضها من الآخر 1.

1 ـ أمّا التخيير في التقليد فيما إذا كان هناك مجتهدان متساويان في العلم ولم يكن لأحدهما مزيّة على الآخر مثل الأورعيّة ، فقد تقدّم البحث عنه في المسألة الرابعة(1) بما لا مزيد عليه ، وذكرنا هناك أنّ الحجّية التخييريّة مع كونها معقولة في مقام الثبوت ـ بالمعنى الذي ذكرنا ـ قام الدليل عليها من النصّ والإجماع والسيرة في مقام الإثبات ، من دون فرق بين ما إذا كانت المخالفة بينهما مشكوكة أو معلومة ، فلا حاجة إلى إعادة هذا البحث .

وأمّا جواز التبعيض في المسائل والرجوع إلى أحدهما في بعضها ، وإلى الآخر في البعض الآخر ، فلا ينبغي الإشكال فيه ; لفرض حجّية كلا الرأيين ، وجواز الرجوع إلى كلا المجتهدين ، وليس الدليل على التخيير منحصراً بالإجماع حتّى يناقش في شموله لصورة التبعيض ; بدعوى أنّ القدر المتيقّن منه التخيير في الرجوع بالإضافة إلى جميع المسائل لا التبعيض . هذا إذا كانت المسائل مختلفة لا ترتبط بأجزاء عمل واحد أو شرائطه .

وأمّا إذا كانت مرتبطة بها ، كما إذا قلّد أحدهما في عدم وجوب السورة في الصلاة ، والآخر في الاكتفاء بالتسبيحات الأربع مرّة واحدة ، وصلّى بهذه الكيفيّة المركّبة من عدم السورة والتسبيحات مرّة واحدة ، فهل يجوز التبعيض حينئذ ،

  • (1) في ص116 ـ 122 .

(الصفحة 178)

وتكون صلاته صحيحة أم لا؟

ربما يقال بأ نّه إذا قلنا باختصاص جواز التخيير بين المجتهدين المتساويين بما إذا لم تعلم المخالفة بينهما في الفتوى ، فالتبعيض بهذه الكيفيّة أيضاً جائز ، وأمّا إذا عمّمنا الجواز لصورة العلم بالمخالفة ، فلا يجوز التبعيض بالإضافة إلى مركّب واحد ; لأنّ صحّة كلّ جزء من الأجزاء الارتباطيّة مقيّدة بما إذا أتى بالجزء الآخر صحيحاً ، فمع بطلان جزء منها تبطل الأجزاء بأسرها ، فإذا أتى بالصلاة مع الكيفيّة المذكورة واحتمل بعد ذلك بطلان ما أتى به ; لعلمه بمخالفة كلا المجتهدين ، فلا محالة يشكّ في صحّة صلاته وفسادها، ولابدّ من أن يستند في ذلك إلى الحجّة المعتبرة ، والمفروض عدمها ; لبطلان الصلاة عند كلا المجتهدين وإن اختلفا في مستند الحكم بالبطلان .

ويرد عليه :

أوّلا : أنّ تجويز التبعيض بهذه الكيفيّة أيضاً بناءً على الاختصاص غير واضح ; لأنّ مجرّد عدم العلم بالمخالفة بينهما في الفتوى وإن كان موجباً لجواز الرجوع إلى كلّ واحد من المجتهدين ، إلاّ أنّ صحّة الصلاة لابدّ وأن تكون مستندة إلى الحجّة المعتبرة القائمة عليها ، والمفروض عدم إحرازها . غاية الأمر أنّ الفرق بينه وبين القول بالتعميم أ نّه بناءً على الثاني يكون بطلان الصلاة عند كليهما معلوماً للمقلّد. وأمّابناءً على الأوّل، فلم يحرز حكم واحد منهما بالصحّة وإن لم يعلم الحكم بالبطلان أيضاً ، ومجرّد ذلك لا يكفي ، بل لابدّ من إحراز الحكم بالصحّة ، كما هو ظاهر .

وثانياً : أنّ معنى صحّة العمل المركّب ليس إلاّ اشتماله على الأجزاء المعتبرة فيه والجهات المرعيّة وجوداً أو عدماً ، فإذا فرضنا أ نّه لا طريق له إلى تشخيصها غير

(الصفحة 179)

الرجوع إلى العالم بها ، والمفروض وجود عالمين متساويين لا يفضّل واحد منهما على الآخر ، وليس الحكم في مثله هو التساقط والرجوع إلى أمر آخر ، فما المانع من الرجوع في تشخيص الأجزاء إلى كليهما ، فيترك السورة استناداً إلى فتوى أحدهما بعدم الجزئيّة ، ويترك الزائدة على الواحدة في التسبيحات الأربع استناداً إلى فتوى الآخر بعدم لزوم الزائد ، ولا وجه لاعتبار أن يكون المجموع محكوماً بالصحّة عند واحد منهما ; فإنّ الصحّة ليست إلاّ عبارة عمّا ذكرنا ، ولا معنى لعدمها بعد ثبوت التخيير في المتساويين ولو مع العلم بالمخالفة بينهما ، فالأقوى بمقتضى ما ذكرنا جواز التبعيض بهذه الكيفيّه بناءً على القولين .

ثمّ إنّ التبعيض بمعنى الرجوع في كلّ واقعة إلى أحدهما  ـ كأن يرجع في حكم صلاة الجمعة في جمعة إلى واحد ، وفي حكمها في جمعة اُخرى إلى آخر  ـ يرجع إلى ما تقدّم البحث عنه مفصّلاً من أ نّ التخيير بين المجتهدين المتساويين هل يكون ابتدائيّاً أو استمراريّاً ؟ فعلى الأوّل: لا مجال له . وعلى الثاني: يكون التخيير مستمرّاً في كلّ جمعة .

وقد مرّ أنّ مقتضى التحقيق هو الثاني(1) .

  • (1) في ص124 ـ 136 .