جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة أحكام التخلّي والوضوء
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 191)

يرجع إلى اشتراط الحياة فيمن يجوز تقليده من حيث هو ، وهذا تفصيل في أصل التقليد ، وأنّ من يجوز الرجوع إليه عبارة عن خصوص مثل الصدوقين ، فهذا لا يرتبط بالمقام ، كما أنّ التفصيل المحكي عن العلاّمة أيضاً لا يكون كذلك ، فإنّ محلّ البحث إنّما هو خصوص صورة وجود المجتهد الحيّ ، ودوران الأمر بين الرجوع إليه وبين الرجوع إلى المجتهد الميّت ، فغير هذا الفرض خارج عن المسألة .

والظاهر أنّ منشأ تجويز المحقّق القمّي(قدس سره) تقليد الميّت ابتداءً ; إنّما هو ذهابه إلى انسداد باب العلم بالأحكام ، والقول بحّجية الظنّ المطلق لأجله ، نظراً إلى قوله باختصاص حجّية الظواهر بخصوص من قصد إفهامه ; فإنّ دعوى الانسداد إنّما هي تبتنى على ذلك ، أو على القول بعدم حجيّة خبر الواحد مطلقاً ، فعلى تقديره يكون ظنّ المكلّف حجّة من أيّ طريق حصل ، ومن أيّ سبب تحقّق ، فإذا حصل الظنّ من فتوى المجتهد الميّت ، خصوصاً إذا كان أعلم ، يكون الظنّ الحاصل من قوله حجّة ، ويجوز ترتيب الأثر عليه .

ويرد عليه ـ مضافاً إلى منع المبنى وعدم تماميّة مقدّمات دليل الانسداد ، نظراً إلى حجّية خبر الواحد بمقدار يفي بمعظم الفقه ، وعدم اختصاص حجّية الظواهر بخصوص المقصودين بالإفهام ، كما حقّقنا كلا الأمرين في الأُصول(1) ـ : منع البناء ; فإنّ فرض الانسداد وتماميّة مقدّمات ذلك الدليل لا يفيد إلاّ حجّية الظنّ الحاصل للمجتهد من أيّ طريق حصل ; فإنّ الفرق بينه وبين الظنّ الخاصّ إنّما هو من جهة دخالة السبب الخاصّ في الثاني ، وعدم دخالته في الأوّل .

فكما أنّ حجّية الظنّ الخاصّ مقصورة على المجتهد ، ولا اعتبار له بالإضافة إلى

  • (1) سيرى كامل در اصول فقه: 10 / 247 وما بعده، و ص 365 وما بعده .

(الصفحة 192)

كلّ مكلّف ، فكذلك اعتبار الظنّ المطلق ، والاكتفاء به إنّما هو بالإضافة إلى خصوص المجتهد . غاية الأمر أ نّه يفتي على طبق ظنّه ، فيعمل المقلّد على طبق رأيه وظنّه ، فالدليل ـ على تقدير التماميّة ـ لا جدوى فيه بالنسبة إلى المقلّد ، ومَن بصدد التقليد وتطبيق العمل على رأي الغير وفتواه .

وممّا ذكرنا انقدح الخلل فيما في تقريرات بعض الأعلام ; من أنّ عدم حجّية الظنّ الحاصل للعامّي إنّما هو لأجل عدم حصول الظنّ له بالحكم الواقعي من فتوى الميّت عند مخالفة الأحياء ، بل الأموات أيضاً معه في المسألة ، خصوصاً إذا كان الأحياء بأجمعهم أو بعضهم أعلم من الميّت ، والاختلاف في الفتوى بين العلماء ممّا لا يكاد يخفى على أحد ، ومعه لا يحصل للعامّي ظنّ بأنّ ما أفتى به الميّت مطابق للواقع(1) .

وذلك أي وجه الخلل ما عرفت من أ نّه على فرض حصول الظنّ له لا دليل على حجّيته أصلا .

وأمّا الأخباريّون ، فالظاهر أنّ منشأ مخالفتهم وترخيصهم تقليد الميّت ابتداءً ، إنّما هو إنكار مشروعيّة التقليد بالمعنى المصطلح ، وأنّ الرجوع إلى المجتهد إنّما هو من باب الرجوع إلى الراوي . غاية الأمر أنّ المجتهد ينقل الرواية بالمعنى ، ومن المعلوم عدم اعتبار الحياة في الراوي بوجه .

قال السيّد الجزائري(قدس سره)  : إنّ كتب الفقه شرح لكتب الحديث ، ومن فوائدها تقريب معاني الأخبار إلى أفهام الناس ; لأنّ فيها العامّ والخاصّ والمجمل والمبيّن إلى غير ذلك ، وليس يقدر كلّ أحد على بيان هذه الأُمور من مفادها ، فالمجتهدون بذلوا

  • (1) التنقيحفي شرح العروة الوثقى ، الاجتهاد والتقليد : 97 .

(الصفحة 193)

جهدهم في بيان ما يحتاج إلى البيان وترتيبه على أحسن النظام ، والاختلاف بينهم مستند إلى اختلاف الأخبار ، أو فهم معانيها من الألفاظ المحتملة ، حتّى لو نقلت تلك الأخبار لكانت موجبة للاختلاف ، كما ترى الاختلاف الوارد بين المحدّثين ، مع أنّ عملهم مقصور على الأخبار المنقولة .

وبالجملة : فلا فرق بين التصنيف في الفقه والتأليف في الحديث(1) .

ويرد عليهم أيضاً ـ مضافاً إلى منع المبنى ; لأنّ الرجوع إلى المجتهد ليس من باب الرجوع إلى راوي الحديث وناقل الخبر ، بل التقليد الاصطلاحي الذي استفيد جوازه من الأدلّة ، مرجعه إلى تطبيق العمل على رأي العالم ونظره ; من جهة أ نّه أهل الخبرة والاطّلاع والنظر والاجتهاد ، ولذا يعتبر فيه الفقاهة والبلوغ إلى مرتبة النظر ، ولو كان الرجوع إليه من جهة كونه راوي الحديث ، لما كان يعتبر فيه الفقاهة ; لعدم مدخليّتها في الراوي بما هو راو أصلا ـ منع البناء ; فإنّه على تقدير صحّة المبنى ، لا مجال لجواز الرجوع إلى الميّت بعد ثبوت الاختلاف بين العلماء أحيائهم وأمواتهم ، خصوصاً إذا كان الترجيح مع غير من يريد الرجوع إليه من الأموات ; فإنّه بناءً على ذلك  تصير آراء المجتهدين بمنزلة الروايات المختلفة المتعارضة ، فلابدّ من الأخذ بذي الترجيح منها ، أو التخيير لو قام دليل عليه في مثل هذه الصورة أيضاً ، وإلاّ فمقتضى القاعدة في تعارض الأمارتين سقوطهما عن الحجّية ، كما هو المحقّق في محلّه .

إذا عرفت ذلك فالكلام يقع في مقامين :

المقام الأوّل : في جواز تقليد الميّت ابتداءً وعدمه ، وبعبارة أُخرى : في اشتراط

  • (1) منبع الحياة : 31 .

(الصفحة 194)

الحياة في المفتي ابتداءً وعدمه ، وقبل الخوض في ذكر أدلّة الطرفين ، وبيان ما استدلّ به أصحاب المذهبين ، وتحقيق ما هو الحقّ في البين ، نقول :

لا خفاء في أنّ مقتضى الأصل ـ على تقدير الشك ووصول النوبة إليه ـ عدم حجّية فتوى الميّت بحسب الابتداء ; لأنّ مرجع الشك في الاشتراط إلى الشك في أصل الحجّية بالإضافة إليه ، ومقتضى الأصل الأوّلي في كلّ أمارة مشكوكة الحجّية عدم ترتّب شيء من آثار الحجّية عليها .

ولذا اشتهر أنّ الشكّ في الحجّية مساوق للقطع بعدمها ، فما يحتاج إلى الدليل إنّما هو القول بعدم اشتراط الحياة وسعة دائرة الحجّية المجعولة ، وشمولها لفتوى المجتهد الميّت أيضاً ، ومع ذلك فالمناسب بيان أدلّة كلا الطرفين ، فنقول :

أمّا ما استدلّ به على الاشتراط وعدم جواز تقليد الميّت فوجوه :

الأوّل : دعوى الإجماع على ذلك عن جملة من أعاظم الفقهاء وأكابر العلماء رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ، ولا بأس بنقل جملة من الكلمات المشتملة على هذه الدعوى . قال المحقّق الثاني في محكيّ شرح الألفيّة : لا يجوز الأخذ عن الميّت مع وجود المجتهد الحيّ ، بلا خلاف بين علماء الإماميّة(1) .

وقال الشهيد الثاني في محكيّ المسالك : قد صرّح الأصحاب في هذا الباب ـ من كتبهم المختصرة والمطوّلة ـ وفي غيره ، باشتراط حياة المجتهد في جواز العمل بقوله ، ولم يتحقّق إلى الآن في ذلك خلاف ممّن يعتدّ بقوله من أصحابنا ، وإن كان للعامّة في ذلك خلاف مشهور(2) .

  • (1) شرح الألفيّة ، المطبوع مع حياة المحقّق الكركي وآثاره: 7 / 253 .
  • (2) مسالك الأفهام : 3 / 109 .

(الصفحة 195)

وقال أيضاً في محكيّ الرسالة ـ المعمولة في المسألة ـ : ونحن بعد التتبّع الصادق لما وصل إلينا من كلامهم، ماعلمنا بأحد من أصحابنا ـ ممّن يعتبر قوله ، ويعوّل على فتواه ـ خالف في ذلك، فعلى مدّعي الجواز بيان القائل به ، على وجه لا يلزم منه خرق الإجماع.

ثمّ قال : ولا قائل بجواز تقليد الميّت من أصحابنا السابقين وعلمائنا الصالحين ; فإنّهم ذكروا في كتبهم الأُصوليّة والفقهيّة قاطعين بما ذكرناه(1) .

وقال صاحب المعالم في محكيّها : العمل بفتاوي الموتى مخالف لما يظهر من اتّفاق علمائنا على المنع من الرجوع إلى فتوى الميّت ، مع وجود المجتهد الحيّ(2) .

وعن الوحيد البهبهاني في فوائده : أنّ الفقهاء أجمعوا على أنّ الفقيه لو مات لايكون قوله حجّة(3) . وقال في موضع آخر : وربما جعل ذلك من المعلوم من مذهب الشيعة(4) .

وعن ابن أبي جمهور الأحسائي : لابدّ في جواز العمل بقول المجتهد من بقائه ، فلو مات بطل العمل بقوله ووجب الرجوع إلى غيره ، إذ الميّت لا قول له(5) ، وعلى هذا انعقد الإجماع من الإماميّة ، وبه نطقت مصنّفاتهم الأُصوليّة ، لا أعلم فيه مخالفاً منهم .

وقد ظهر ممّا ذكرنا أنّ مخالفة المحقّق القمّي(رحمه الله) إنّما هي مبتنية على مسلكه ، ومتفرّعة على مبناه من الانسداد الذي لا نقول به ، وكذا مخالفة الأخباريّين مبتنية

  • (1) رسائل الشهيد الثاني : 1 / 44 .
  • (2) معالم الدين : 248 .
  • (3 ، 4) الفوائد الحائريّة للبهبهاني : 260 و 397 و 500 .
  • (5) الأقطاب الفقهيّة : 163 .