جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة أحكام التخلّي والوضوء
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 229)

الثاني بعد موت الأوّل كان باطلا بمقتضى فتوى الثالث بوجوب البقاء ; لأنّ وظيفة المكلّف كانت من أوّل الأمر البقاء على تقليد الأوّل ، ولم يكن له الرجوع إلى الثاني بعد موت الأوّل . غاية الأمر أ نّه كان معذوراً في ذلك ما دام كان الثاني موجوداً ، والآن ارتفع العذر ويجب عليه البقاء على التقليد الذي كان صحيحاً ; وهو تقليد الأوّل فقط .

نعم ، فيما إذا فرض مجتهدان فقط ، مات أحدهما والآخر حيّ ، وقد قلّد العامّي الأوّل وهو معتقد بجواز البقاء ، والآن يكون الحيّ قائلا بوجوب البقاء ، وقع البحث في أ نّه هل تشمل فتوى الحيّ بالوجوب فتوى الميّت بالجواز ، ومرجعه حينئذ إلى التخيير بين البقاء ، وبين العدول إلى الحيّ ، فيجوز له العدول إلى الحيّ وأخذ فتاويه في سائر المسائل الفرعيّة ، أو أنّها لا تشمل إيّاها ، فيجب عليه البقاء على تقليد الميّت في غير هذه المسألة من سائر المسائل؟

ربما يقال بالعدم ; نظراً إلى أنّ مرجع فتوى الحيّ بوجوب البقاء إلى كون فتاوي الميّت حجّة على مثل هذا المقلّد على نحو التعيين ، ولا يجوز له العدول إلى الغير وأخذ الفتوى منه ، ومرجع فتوى الميّت بالجواز إلى كون فتاواه حجّة على سبيل التخيير ، فإذا قلنا بشمول فتوى الحيّ بالوجوب لفتوى الميّت بالجواز ، يلزم أن تكون سائر فتاوي الميّت متّصفة بالحجّية التعيينيّة والتخييريّة معاً ، وهذا من المستحيل ; لأ نّه يشبه الجمع بين المتناقضين .

والأظهر أ نّه لا مانع عن الشمول ; سواء كان نظرهما متّحداً من حيث ما هو الموضوع للحكم بالوجوب ، أو الجواز ، أو مختلفاً ; وذلك لعدم كون الاتّصاف بالحجّيّتين في رتبة واحدة وعرض واحد ; فإنّ اتّصافها بالحجّيّة التعيينيّة إنّما هو لأجل فتوى الحيّ بالوجوب ، وشمولها لها من دون واسطة ، وبالحجّية التخييريّة

(الصفحة 230)

إنّما هو بلحاظ توسيط فتوى الميّت بالجواز ، وهذا ممّا لا مانع منه أصلا ، كما أنّ فتوى الحيّ بوجوب السورة مثلا في الصلاة ، لا تنافي فتواه بوجوب البقاء على تقليد الميّت ، مع فرض كون فتوى الميّت هو عدم وجوب السورة  ; فإنّ الحكم بالوجوب إنّما هو لاقتضاء اجتهاده له من دون توسيط ، والحكم بعدم الوجوب إنّما هو بلحاظ فتوى الميّت بالعدم ، وثبوت حجّيتها بعد الموت أيضاً كما هو ظاهر . هذا تمام الكلام في الفرض الأوّل .

وأمّا الفرض الثاني : وهو ما إذا كان المجتهد الثاني قائلا بحرمة البقاء ووجوب الرجوع عن الميّت إلى الحيّ ، والمجتهد الثالث قائلا بوجوب البقاء وعدم جواز العدول ، أو بجوازه ، ففيه أيضاً صورتان :

الصورة الأُولى : ما إذا كان الثالث قائلا بوجوب البقاء وعدم جواز العدول ، وفيه أقوال :

أحدها : ما حكي عن الشيخ الأعظم الأنصاري(قدس سره) في رسالة الاجتهاد والتقليد ممّا يرجع إلى أ نّه بعد عدم إمكان شمول فتوى الحيّ بالوجوب لفتوى الميّت بالحرمة ، نظراً إلى لزوم التناقض يجب عليه البقاء على رأي الثاني في المسائل العمليّة التي رجع فيها بفتوى الثاني عن الأوّل ; لأنّ تقليد الثاني ورجوعه عن الأوّل بالنسبة إلى تلك المسائل وقع صحيحاً ، فيجب البقاء عليه .

ثمّ احتمل(قدس سره) ترجيح الأوّل ; نظراً إلى أنّ تقليد الثاني في المسائل المعدول عنها إنّما هو بتقليده في وجوب الرجوع ، فإذا كان الإفتاء بالبقاء لا يشمله على ما هو المفروض ، فلا يشمل ما يترتّب عليه أيضاً(1) .

  • (1) رسالة في الاجتهاد والتقليد للشيخ الأنصاري ، ضمن مجموعة رسائل : 66 .

(الصفحة 231)

ويرد عليه ـ مضافاً إلى أنّ عدم شمول فتوى الحيّ بوجوب البقاء لفتوى الميّت بوجوب الرجوع ليس لأجل التناقض ، بل لأنّ المسألة الواحدة لا تحتمل تقليدين ولا تصلح للرجوع فيها إلى شخصين ، ولو لم يكن اختلاف في البين وكانت الفتويان مترتّبتين ; فإنّه بعد ما رجع فيها إلى فتوى الحيّ بمقتضى حكم العقل ، وأخذها وقلّد الحيّ فيها ، لا يبقى في هذه المسألة مجال للتقليد وموقع للأخذ بفتوى الغير أصلا ; لعدم الفرق بينها وبين سائر المسائل في عدم الاحتمال للتقليدين وعدم القابليّة للرجوع إلى شخصين،فوجه عدم الشمول ماذكرنالاماأفاده من التناقض ـ : أنّ ما أفاد أوّلا من وجوب البقاء على رأي الثاني غير تامّ ; لأ نّه لو كان الملاك فيه هو اتّصاف التقليد الثاني بالصحّة ووقوعه كذلك ، فمن الواضح أنّ التقليد الأوّل أيضاًيكون صحيحاً ومتّصفاً بوصف الصحّة ، ولا مرجّح للتقليد الثاني بعد اتّصاف كليهما بتلك الصفة لو لم نقل باختصاص الوصف بالتقليد الأوّل ، كما هو ظاهر .

ضرورة أ نّه بملاحظة فتوى الثالث بوجوب البقاء ، يستكشف بطلان التقليد الثاني ; لأنّ وظيفته كانت هو البقاء على التقليد الأوّل ، ولم يجز له الرجوع إلى الثاني . غاية الأمر أ نّه كان معذوراً في ذلك لأجل استناده إلى الحجّة ; وهي فتوى الثاني بحرمة البقاء ، ولكنّ المعذوريّة إنّما تدوم ما دام الثاني حيّاً ، فإذا مات وكانت فتوى الحيّ وجوب البقاء ، يستكشف أنّ وظيفته كانت من أوّل الأمر البقاء على التقليد الأوّل ، فبملاحظة فتواه يعلم عدم وقوعه صحيحاً ، فكيف يجب البقاء عليه .

ثانيها : ما اختاره المحقّق الاصفهاني(قدس سره) في رسالة الاجتهاد والتقليد ، وحاصله يرجع إلى وجوب البقاء على تقليد المجتهد الثاني في المسائل العمليّة ، نظراً إلى أ نّه لايلزم التناقض من شمول فتوى الحيّ بوجوب البقاء لفتوى الميّت بوجوب

(الصفحة 232)

الرجوع ; لأنّ رأي الثاني وإن تعلّق بحكم كلّي ـ وهو وجوب الرجوع ـ من دون اختصاصه بمن سبقه في الإفتاء ، لكنّه ليس كلّ ما هو مقتضى الأدلّة ومتعلّق الرأي يصحّ التقليد فيه .

ألا ترى : أنّ مقتضى الأدلّة وجوب التقليد ، مع أ نّه لا يمكن التقليد في أصل لزوم التقليد ; للزوم الدور والتسلسل ، وكذلك المقام ; فإنّه لا يعقل تقليد المفتي بوجوب الرجوع حتّى في الرجوع عن نفسه بعد موته ; فإنّ حجّية رأيه وفتواه بعد موته في هذه المسألة وغيرها على حدّ سواء . فلا يعقل الاستناد إلى رأيه ولو في هذه المسألة بنفس رأيه حدوثاً وبقاءً . وميزان التقليد في المسألة الكلّيّة صحّة العمل على طبقها في جميع أفرادها وإنْ لم يعمل إلاّ في بعضها .

ومن الواضح عدم صحّة العمل على طبقها كلّياً حتّى في الرجوع عنه بعد موته ، أو البقاء على رأيه بعد موته ، فلا محالة لا تعقل حجّية رأيه بوجوب الرجوع إلاّ بالإضافة إلى من سبقه في الإفتاء . ولا بأس حينئذ بشمول الفتوى بوجوب البقاء لهذه المسألة ; فإنّ معنى وجوب الرجوع عن غيره عدم جواز تطبيق العمل على رأي الغير ، والبقاء على هذا الرأي معناه موافقة الثالث للثاني في عدم جواز تطبيق العمل على فتوى الأوّل ورأيه .

ومنه يظهر أ نّه لا يعقل تساوي نسبة وجوب البقاء إلى كلا التقليدين ، بل يترجّح جانب الثاني قهراً ، مضافاً إلى أنّ وجوب البقاء ، إن كان لأجل استصحاب الأحكام المقلّد فيها فالترجيح للثاني ; لانقطاع الاستصحاب في الأوّل بالرجوع إلى الثاني ، وإن كان لاستصحاب حرمة العدول ، فهو أيضاً منقطع بجواز الرجوع

(الصفحة 233)

إلى الثاني(1) ، انتهى ملخّصاً .

ويرد عليه : ما عرفت من عدم احتمال مسألة البقاء على تقليد الميّت لتقليدين ولو كانا مترتّبين ، فمع الرجوع إلى فتوى الحيّ بوجوب البقاء ، لا يبقى مجال للرجوع فيها إلى الغير ; سواء كان هو الميّت أو الحيّ الآخر ، وسواء كان في طوله أو في عرضه ، ومع عدم الشمول لا أثر لما تكلّفه من إثبات اختصاص فتوى الميّت بوجوب الرجوع بخصوص من سبقه بالإفتاء ، حتّى يتحقّق التوافق بين الثاني والثالث على عدم حجّية فتوى المجتهد الأوّل ; ضرورة أنّ ثمرة سعة دائرة هذه الفتوى وضيقها إنّما هي على فرض الشمول ، وبدونه لا ينتج ما أفاده أصلا .

مضافاً إلى ما عرفت من أنّ فتوى الثالث بوجوب البقاء إنّما يكون موضوعها التقليد الصحيح ، وتقليد الثاني لا يكون صحيحاً عند الثالث ; لأ نّه كانت وظيفة المكلّف بحسب رأي الثالث ; هو البقاء على تقليد المجتهد الأوّل ولم يكن له الرجوع إلى الثاني . غاية الأمر أ نّه كان معذوراً في الرجوع إليه ما دام الثاني باقياً ، وبعد موته وفتوى الحيّ بوجوب البقاء يستكشف أ نّه لم يكن له الرجوع إلى الثاني .

ومن هنا ظهر أنّ ما أفاده من ترجيح جانب التقليد الثاني قهراً ممنوع ; لعدم تساويه مع الأوّل ، فضلا عن كونه راجحاً عليه ، كما أنّ التمسّك باستصحاب الأحكام المقلّد فيها لا يوجب ثبوت الرجحان للثاني ; لأنّ جريانه فرع ثبوتها بسبب التقليد الصحيح ، والمفروض ـ بمقتضى فتوى الثالث ـ عدم كون تقليد الثاني تقليداً صحيحاً ; لأ نّه كان يجب عليه البقاء على الأوّل .

ومنه يظهر النظر في اقتضاء استصحاب حرمة العدول ذلك ; لأنّ العدول المحرّم

  • (1) بحوث في الاُصول ، الاجتهاد والتقليد : 29 ـ 31 .