جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة أحكام التخلّي والوضوء
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 304)

الحالة ، أو الهيئة ، أو أشباه ذلك ، ولكنّ المراد واحد ; وهو الأمر النفسانيّ الباعث على ذلك .

ثانيها : أنّ العدالة عبارة عن مجرّد الاجتناب عن المعاصي ، أو خصوص الكبيرة منها ، وهو الظاهر من محكيّ السرائر ، حيث قال : حدّ العدل هو الذي لا يُخِلّ بواجب ، ولا يرتكب قبيحاً(1) . وعن المحدّث المجلسي(2) والمحقّق السبزواري(قدس سرهما)(3)نسبة هذا القول إلى الأشهر ، ومرجعه إلى أنّ العدالة عبارة عن الاستقامة العمليّة في جادّة الشريعة في أفعاله وتروكه ، من دون اعتبار كون ذلك ناشئاً عن الملكة والحالة النفسانيّة .

والظاهر أنّ المراد بهذا القول هو القول الأوّل ; فإنّ ظاهر عدم الإخلال بالواجب ـ خصوصاً مع التعبير عنه بصيغة المضارع ـ هو أن لا يكون من شأنه الإخلال بالواجب وارتكاب القبيح ، وهو لا يكاد ينطبق إلاّ على الملكة والحالة النفسانيّة ، وبعبارة اُخرى : ليس المراد بعدم الإخلال إلاّ عدمه مطلقاً ولو في الاستقبال ، وهذا لا يكاد يحرز مع عدم الملكة أصلا .

ويؤيّده ما عرفت من أ نّه نسب هذا القول المحدّث المجلسي والمحقّق السبزواري(قدس سرهما) إلى الأشهر ، مع أ نّه لا ريب في أنّ التفسير بالملكة أشهر ، فيدلّ ذلك على أنّ مرادهما من الاجتناب عن المعاصي ، وعدم الإخلال بالواجب ; هو ما يكون ناشئاً عن الملكة ، كما هو ظاهر .

ثالثها : أنّه عبارة عن الاستقامة الفعليّة العمليّة منضمّة إلى الملكة النفسانيّة ،

  • (1) السرائر : 1 / 280 .
  • (2) بحار الأنوار : 88 / 25 .
  • (3) كفاية الفقه، المشتهر بـ«كفاية الأحكام» : 1 / 138 .

(الصفحة 305)

وهذا المعنى وإن كان بظاهره يغاير المعنى الأوّل ; فإنّ الملكة التي فُسِّرت بها العدالة ـ بناءً على المعنى الأوّل ـ لا تُنافي حصول المعصية الكبيرة ، كما أنّ الاجتناب عن المعاصي يمكن أن يتحقّق من دون ملكة ، إلاّ أ نّه بعد ملاحظة أنّ مراد القائل بالمعنى الأوّل ليس مجرّد حصول الملكة ولو لم يتحقّق الاجتناب عن المعاصي فعلا ; للإجماع على أنّ فعل الكبيرة قادح في العدالة .

فاللازم أن يُقال بأنّ مراده هي الملكة والاجتناب الفعلي ، فلا مغايرة بين التفسيرين ، ولا تنافي بين المعنيين إلاّ في مجرّد أنّ مرجع الوجه الأوّل إلى أنّ العدالة عبارة عن الملكة الباعثة على الاجتناب العملي ، ومرجع الوجه الأخير إلى أنّها عبارة عن العمل الخارجي ، والاجتناب الفعلي الناشىء عن الحالة النفسانيّة ، وهذا المقدار من الفرق لا يترتّب عليه ثمرة أصلا .

رابعها : الإسلام وعدم ظهور الفسق ، وهو المحكي عن ابن الجنيد(1) ، والمفيد في كتاب الإشراف(2) ، والشيخ في كتابي المبسوط(3) والخلاف(4) مدّعياً عليه الإجماع ، وحكي هذا المعنى عن أبي حنيفة من العامّة(5) .

خامسها : حسن الظاهر ، ومرجعه إلى كونه في الظاهر يعدّ رجلا صالحاً مطيعاً

  • (1) حكى عنه في مختلف الشيعة : 2 / 513 .
  • (2) لم نعثر عليه في كتاب الإشراف ، المطبوع في ضمن المجلّد التاسع من سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد . نعم حكى عنه في مفتاح الكرامة : 3 / 80 ، وجواهر الكلام : 13 / 280 ، والشيخ الأنصاري في رسالته في العدالة .
  • (3) المبسوط : 8 / 217 .
  • (4) الخلاف : 6 / 217 ـ 218 مسألة 10 .
  • (5) المغني لابن قدامة : 12 / 30 ، الشرح الكبير : 12 / 40 ، المبسوط للسرخسي : 16 / 132 ، الخلاف : 6/301 مسألة 50 .

(الصفحة 306)

للأوامر والنواهي الشرعيّة ، نسب هذا القول إلى جماعة ، بل إلى أكثر القدماء(1) . والظاهر أنّ هذين المعنيين ليسا قولين في العدالة وتفسيرين لها ; لأنّها من الأوصاف الواقعيّة والفضائل النفس الأمريّة ، ومجرّد ظهور الإسلام مع عدم ظهور الفسق أو حسن الظاهر لا يوجب أن يكون الشخص متّصفاً بهذه الصفة واقعاً ; فإنّه يمكن أن يكون في الواقع فاسقاً . غاية الأمر أ نّه لم يظهر فسقه ، بل كان ظاهره حسناً .

وبعبارة اُخرى : مقتضى ذلك أن تكون العدالة من الأُمور التي يكون وجودها الواقعي عين وجودها الذهني ، وهذا لا يلائم مع كون ضدّها ـ وهو الفسق ـ من الأُمور الواقعيّة التي لا دخل للذهن فيها ، ولا مدخليّة للعلم في تحقّقها.

والدليل عليه ـ مضافاً إلى الإجماع ـ : إضافة كلمة الظهور إلى الفسق في التفسير الرابع ، وعليه : فمن كان في علم الله مرتكباً للكبائر مع عدم ظهور ذلك لأحد يلزم أن يكون عادلا واقعاً وفاسقاً واقعاً . وكذا لو علمنا بأنّ زيداً مع اتّصافه بحسن الظاهر سابقاً كان في ذلك الزمان مرتكباً للكبائر ، يلزم أن يكون في ذلك الزمان عادلا واقعاً لاتّصافه بحسن الظاهر ، وفاسقاً كذلك لأجل الارتكاب للكبيرة ، وبطلان هذا أوضح من أن يخفى .

فاللازم أن يقال بأنّ هذين المعنيين طريقان للعدالة ، والمقصود أنّ ما يترتّب عليه الأثر من الأحكام المترتّبة على العدالة هو هذا المعنى ، الذي يكون كاشفاً عن العدالة شرعاً .

والدليل عليه ـ مضافاً إلى ما ذكرناه ـ  : أنّ الشيخ(قدس سره) في الخلاف بعد ما تمسّك لمذهبه في قِبال الشافعي وأبي حنيفة وغيرهما ; وهو عدم وجوب البحث عن

  • (1) جواهر الكلام : 13 / 290 ، رسالة في العدالة للشيخ الأنصاري : 8 .

(الصفحة 307)

الشاهد الذي عرف إسلامه ولم يعرف جرحه ، بإجماع الفرقة وأخبارهم ، قال : وأيضاً الأصل في الإسلام العدالة ، والفسق طار عليه يحتاج إلى دليل . وأيضاً نحن نعلم أ نّه ما كان البحث في أيّام النبي(صلى الله عليه وآله) ولا أيّام الصحابة ولا أيّام التابعين ، وإنّما هو شيء أحدثه شريك بن عبدالله القاضي الخ(1) . فإنّ تمسّكه بالأصل ، وكذا بعدم ثبوت البحث في تلك الأيّام المختلفة المتعاقبة ، ظاهر في أ نّه ليس مراده من ذلك تفسير حقيقة العدالة وبيان معناها ، بل المراد بيان ما يكفي في حكم الحاكم بشهادة الشاهدين ، وأنّ الملاك في ذلك مجرّد معروفيّة إسلامهما وعدم معروفيّة جرحهما ، كما لا يخفى .

فانقدح من جميع ذلك أنّ العدالة لا يكاد يكون لها إلاّ معنى واحد وحقيقة فاردة ; وهي المشتملة على الملكة والحالة النفسانيّة التي هي من المراتب التالية للعصمة . غاية الأمر أنّ العصمة عبارة عن الملكة التي تحصل للنفوس الشريفة ويمتنع معها صدور المعصية عادة . وأمّا ملكة العدالة ، فلا يمتنع معها صدورها كذلك ، ولكن يتعسّر ويصعب .

ثمّ إن بعض الأعلام ذكر في شرحه على العروة كلاماً في معنى العدالة محصّله : أنّه لم تثبت للعدالة حقيقة شرعيّة ولا متشرّعيّة ، وإنّما هي بمعناها اللغوي ; أعني الاستقامة وعدم الجور والانحراف ، وهي قد تستند إلى الأُمور المحسوسة ، فيقال : هذا الجدار عدل . وقد تستند إلى الأُمور غير المحسوسة ، فيُراد منها الاستقامة المعنويّة ، فيقال : عقيدة فلان مستقيمة . وقد تستند إلى الذوات ، فيقال : زيد عادل ، وهذا هو المراد من العدالة المطلقة ، ومعناها حينئذ هي الاستقامة العمليّة

  • (1) الخلاف : 6 / 218 مسألة 10 .

(الصفحة 308)

التي هي صفة خارجيّة وليست من الأوصاف النفسانيّة .

ثمّ قال في توضيحه ما ملخّصه : إنّ ترك المحرّمات والإتيان بالواجبات قد يستند إلى عدم المقتضي لفعل الحرام أو ترك الواجب ، كما إذا لم تكن له قوّة شهويّة أو غضبيّة. وهذا مجرّد فرض لا وقوع له، أو لو كان متحقّقاً فهو من الندرة بمكان.

وكيف كان ، فعلى تقدير تحقّقه لا يكفي ذلك في تحقّق العدالة بوجه ; لأنّ المكلّف وإن لم ينحرف حينئذ عن جادّة الشرع، إلاّ أ نّه لم يسلك جادّته برادع عن المحرّمات، وإنّما سلكها لا عن مقتض لارتكابها، وهو في الحقيقة خارج عن موضوع العدالة والفسق.

وقد يكون ترك المحرّمات وفعل الواجبات مستنداً إلى الرادع عن المعصية مع وجود المقتضي لارتكابها ، وهذ الرادع قد يكون تسلّط القوّة العاقلة على العقل العملي ; بمعنى أنّ العقل قد يكون مسيطراً على النفس سيطرة تامّة ، فيلاحظ الأعمال التي يريد المكلّف إصدارها ، فيصدر ما هو محبوب منها لله سبحانه ، كما حكي ذلك عن السيّد الرضي(قدس سره)  ، وأنّه لم يرتكب مباحاً طيلة حياته فضلا عن الحرام والمكروه ، ومن الواضح أنّ العدالة المعتبرة في الموارد الكثيرة لا يكاد يكون المراد بها هذا المعنى الذي هو تلو مرتبة العصمة .

وقد يكون الرادع عن ارتكاب المعصية مع وجود المقتضي لها رجاء الثواب ، أو الخوف من العقاب ، كما لعلّه الغالب في آحاد المكلّفين ، وهذا المعنى من العدالة هو المراد منها في موضوع جملة من الأحكام الشرعيّة .

ثمّ إنّ الرادع عن ارتكاب المحرّم إذا لم يكن هو الخوف أو الرجاء ، فلا يخلو إمّا أن يكون أمراً محرّماً في نفسه كالرياء ، ومن البديهي أنّ ذلك لا يكون من العدالة في