جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة أحكام التخلّي والوضوء
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 324)

وهذه العناوين المذكورة في الجواب وإن كانت مشتملة على الملكة ، ولكن لا  تدلّ على الملكة الخاصّة التي هي التديّن والخوف من عقوبة الله ـ جلّت عظمته ـ التي هي عبارة عن العدالة ، فلا ينافي جعلها طريقاً تعبديّاً إلى ثبوت العدالة .

ثمّ إنّه حيث تحتاج معرفة الشخص بالستر والعفاف ، وأ نّه تارك للقبائح على وجه الإطلاق إلى معاشرة تامّة في جميع الحالات ، وهذه ممّا لا يتّفق لغالب الناس ، فجعل الشارع لذلك دليلا وطريقاً آخر ; وهو كونه ساتراً لعيوبه في الملأ وبين أظهر الناس ، وطريقاً ثالثاً نافعاً لمن ليس له معاشرة مع شخص مطلقاً إلاّ في أوقات حضور الصلاة مع الجماعة ، فمن حضر جماعة المسلمين يحكم بعدالته ، وأ نّه لا  يرتكب القبائح الشرعيّة مع الجهل بأحوال ذلك الشخص ، بل لحضوره في صلاة الجماعة ثلاث فوائد :

الاُولى : أنّ ترك الجماعة مع المسلمين بدون علّة بحيث يعدّ إعراضاً عنها من أعظم الذنوب ، فمن تركها كذلك فليس ساتراً لعيوبه ، بل هو مظهر لها .

الثانية : أنّ من لم يحضر الجماعة لا دليل لنا على أ نّه يصلّي .

الثالثة : أنّ حضوره للجماعة دليل شرعاً على كونه تاركاً لما نهى الله عنه وعاملا بكلّ ما أمر الله ـ تعالى ـ به ، وقد أشار إلى كلّ واحد من هذه الفوائد الصحيحة المتقدّمة ، فتدبّر فيها(1) .

ويرد عليه ـ مضافاً إلى أنّ جعل الأمارة المعرّفة للعدالة وبيانها للسائل ، مع جعل أمـارة لتلك الأمارة ومعرِّفاً لذلك المعرّف كما بيّنه(قدس سره) بعيد جدّاً ; لأ نّه لا  حاجة إلى جعل الأمارة المعرّفة حينئذ أصلا ، وإلى أنّ مجرّد الحضور لجماعة

  • (1) كتاب الصلاة للشيخ عبد الكريم الحائري : 517 ـ 518 .

(الصفحة 325)

المسلمين لا ينافي عدم كونه ساتراً لعيوبه ، فلا معنى لجعله طريقاً في قبال الستر للعيوب ، خصوصاً مع كون ظاهر الرواية هو كون الستر للعيوب ، والحضور لجماعة المسلمين معاً طريقاً ودليلا ، لا كلّ واحد من الأمرين ـ : أ نّ ذلك كلّه خلاف ظاهر الرواية ; فإنّك عرفت أنّ السؤال فيها إنّما هو عن معنى العدالة ومفهومها ; لاختلاف المراجع في ذلك العصر في معناها ، وكان غرض السائل السؤال عمّا يُراد منها عند أئـمّة أهل البيت(عليهم السلام) ، والجواب لا ينطبق إلاّ على ذلك كما حقّقناه .

ثمّ إنّ ظاهر هذا التفسير أ نّه جعل قوله(عليه السلام) «ويُعْرَف باجتناب الكبائر» تتمّة للأمارة الأوّلية وجزءاً للمعرِّف والطريق ، وحينئذ يرد عليه : أنّ ظاهره كون الملكة المانعة عن اجتناب الكبيرة ناشئة عن الخوف والعقاب الذي أوعده الله تعالى على ارتكابها ، وحينئذ فلا يبقى فرق بين العدالة ، وبين الأمارة الكاشفة عنها أصلا ، كما لا يخفى .

ومنها : ما أفاده الشيخ الأعظم الأنصاري(قدس سره) في رسالة العدالة في معنى قوله(عليه السلام) : «وتُعرف باجتناب الكبائر» من أنّ الضمير في «تُعرف» إمّا راجع إلى العدالة ; بأن يكون معرّفاً مستقلاًّ ، وإمّا راجع إلى الشخص ; بأن يكون من تتمّة المعرّف الأوّل ، وإمّا أن يكون راجعاً إلى الستر وما عطف عليه ليكون معرِّفاً للمعرَّف ، وقوله(عليه السلام) : «والدليل على ذلك . . .إلخ» معرِّفاً ثالثاً . واستظهر في ذيل كلامه أنّ أظهر الاحتمالات المتقدّمة هو كونه تتمّة للمعرِّف ; بأن يجعل المراد بكفّ البطن والفرج واليد واللسان ، كفّها عن المعاصي الخاصّة التي تتبادر عند إطلاق نسبة المعصية إلى إحدى الجوارح . وحينئذ فيكون قوله(عليه السلام) : «وتعرف باجتناب الكبائر» من قبيل التخصيص بعد التعميم والتقييد بعد الإطلاق ، تنبيهاً على أنّ ترك مطلق المعاصي

(الصفحة 326)

غير معتبر في العدالة(1) .

ويرد عليه : أ نّه لا مجال لجريان الاحتمالات الثلاثة بعد كون قوله(عليه السلام) : «ويُعرف» بصيغة المذكّر كما في الوسائل وغيرها . وعليه : فلابدّ من رجوع الضمير إلى الرجل ، وأن تكون الجملة عطفاً على الجملة الأُولى تتمّة للمعرّف وجزءاً للمعنى والمفهوم . نعم ، المغايرة بين الجملتين ـ بناءً على ما اخترنا ـ إنّما هو بالتخصيص والتعميم من جهتين : من جهة شمول الجملة الأُولى لملكة المروءة ، والاجتناب عن مطلق المعاصي كبيرة كانت أو صغيرة ، واختصاص الثانية بخصوص المعصية الكبيرة .

ومنها : ما أفاده بعض الأعلام في الشرح على العروة ، ويرجع حاصله إلى أنّ الرواية لا دلالة لها بوجه على اعتبار الملكة في العدالة ، بل لا نظر لها إلى بيان حقيقة العدالة بنفسها أو بلازمها ، وإنّما أوكلته إلى الراوي نفسه ; لوضوح معناها عند كلّ من يفهم اللغة العربيّة ; أعني الاستقامة وعدم الانحراف ، وإنّما سيقت الرواية لبيان كاشفها ومعرّفها ، وقد جعلت الكاشف عنها هو الاشتهار والمعروفيّة والستر وغيرهما ممّا ورد في الحديث ، إذن هي كواشف تعبديّة عن العدالة ، وحيث إنّ معرفة كون المكلّف معروفاً بالعفاف يتوقّف على الصحبة وطول المعاشرة ، فقد جعل(عليه السلام)الاجتناب عن الكبائر طريقاً وكاشفاً عن المعروفيّة بترك المحرّمات والإتيان بالواجبات .

ثمّ إنّ كونه مجتنباً عن الكبائر لـمّا لم يكن أمراً ظاهراً في نفسه ، وكان محتاجاً إلى طول المعاشرة احتاج ذلك أيضاً إلى طريق كاشف عنه ; وهو كون الرجل ساتراً

  • (1) رسالة في العدالة للشيخ الأنصاري : 13 ، 15 و16 .

(الصفحة 327)

لجميع عيوبه ، وهذا هو المعبّر عنه بحسن الظاهر ، كما أ نّه جعل الإتيان بالفرائض في المجامع علناً وبمرئى ومنظر من الناس كاشفاً عن أنّ فاعلها مجتنب عن المحرّمات ، بحيث لو لم يتعاهد الفرائض في المجامع لم يحكم بعدالته ، وبعد ذلك لا دلالة في الرواية على اعتبار الملكة في العدالة بوجه ، بل هي بمعنى الاستقامة العمليّة في جادّة الشرع . نعم ، لابدّ وأن تكون مستمرّة وكالطبيعة الثانويّة للانسان حتى يصدق أ نّه مستقيم ; فإنّ الاستقامة في بعض الأوقات دون بعض لا يوجب صدق الاستقامة ، إنتهى ملخّصاً(1) .

وبملاحظة ما ذكرنا في معنى الرواية ينقدح الخلل في هذا الكلام من جهات كثيرة :

من جهة أنّ السؤال في الرواية إنّما هو عن معنى العدالة ومفهومها ، لا عن الأمارة الكاشفة بعد وضوح معناها عند السائل . وعليه : فقوله(عليه السلام) في الجواب : «أن تعرفوه» بيان لحقيقة العدالة وماهيّتها في لسان الشارع .

ومن جهة أنّه على تقدير كون السؤال عن الأمارة ، تكون الأمارة هي نفس عناوين الستر والعفاف وأشباههما ، لا المعروفيّة بهذه العناوين ، وليت شعري أنّه ما معنى كون الكاشف هو الاشتهار والمعروفيّة والستر وغيرهما ; فإنّ جعل مثل الستر كاشفاً في مقابل الاشتهار والمعروفيّة ممّا لا يتصوّر ; فإنّه إن كان الكاشف هو المعروفيّة ، فلا وجه لكون الستر بنفسه كاشفاً . وإن كان الكاشف هو الستر ، فلا معنى لكون المعروفيّة كاشفة في مقابل الستر . ثمّ إنّه بعد ما لا تكون الملكة معتبرة في العدالة ـ كما هو مدّعاه ـ لا يظهر وجه لكون مثل الستر والعفاف كاشفاً

  • (1) التنقيح في شرح العروة الوثقى ، الاجتهاد والتقليد : 268 ـ 270 .

(الصفحة 328)

عنها ; لعدم المغايرة بين الكاشف والمكشوف عنه أصلا .

ومن جهة دلالة عناوين الستر والعفاف وأشباههما على اعتبار الملكة ، كما عرفت .

ومن جهة أنّ قوله(عليه السلام) : «ويُعرف» تتمّة للمعرّف الأوّل وجزء لمعنى العدالة ومفهومها ، لا أمارة عليها ، بل لا وجه للأماريّة بعد عدم دخالة الملكة في شيء من المعرِّف والمعرَّف ; فإنّه أيّ فرق بين اجتناب الكبيرة ، وبين مثل الستر والعفاف . وإن أُريد بهما المعروفيّة ، فمن الواضح أنّ مجرّد الاجتناب لا دلالة فيه على المعروفيّة أصلا .

ومن جهة أنّ التعاهد للصلوات الخمس لم يجعل في الرواية طريقاً لخصوص الاجتناب عن الكبيرة ، بل هو جزء من الطريق المركّب منه ، ومن كونه ساتراً لجميع عيوبه بالنحو الذي ذكرنا .

ومن غير هذه الجهات الذي لا يكون مخفيّاً على المتأمّل فيما ذكرناه وما أفاده .

في الكبيرة والصغيرة

والكلام في هذا الباب يقع في أمرين :

الأمر الأوّل : صحّة تقسيم المعاصي إلى الكبائر والصغائر ، واختلاف المعاصي من هذه الجهة التي يرجع إلى اتّصاف بعضها بكونها كبيرة مطلقة ، وبعضها الآخر بكونها صغيرة كذلك ، فنقول :

غير خفيّ على الناظر في صحيحة عبدالله بن أبي يعفور المتقدّمة(1) أنّها مشعرة

  • (1) في ص 313 ـ 314 .