جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة أحكام التخلّي والوضوء
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 75)

وأمّا المقدّمة الخامسة : فيردّها وضوح عدم ثبوت الإطلاق للآية من حيث وجوب الحذر ; لأنّها ليست إلاّ مسوقة لبيان وجوب النفر لا لبيان غايتيّة التحذّر مطلقاً ، فلا دلالة لها على وجوب التحذّر ولو مع عدم حصول العلم للمنذَر ـ  بالفتح  ـ .

بل يمكن أن يقال بظهورها في خصوص هذه الصورة ، إمّا لأجل دلالتها على وجوب الإنذار على كلّ واحد من الطائفة النافرة بالنسبة إلى جميع القوم والفرقة . وبعبارة أُخرى : يجب إنذار جميع القوم على كلّ واحد من الطائفة المتعدّدة النافرة المتفقّهة ، وفي هذه الصورة يحصل للمنذَرين ـ بالفتح ـ العلم غالباً لأجل تعدّد المنذِرين ـ بالكسر ـ ، وإمّا لِما أفاده في الكفاية(1) من أنّ وجوب الحذر إنّما هو مع إحراز أنّ الإنذار إنّما هو بما تفقّهوا فيه لا بشيء آخر موضوع أو مجعول ، فلا يجب التحذّر إلاّ مع حصول العلم ، فتدبّر .

ثمّ إنّه مع تسليم هذه المقدّمات لا يبقى مجال للإشكال على الاستدلال بالآية ; لوجوب التقليد بما أفاده بعض المحقّقين في رسالته في الاجتهاد والتقليد ، حيث قال : إن كان التفقّه موقوفاً على إعمال النظر كانت الآية دليلا على حجّية الفتوى وإلاّ فلا ، ومن الواضح صدق التفقّه في الصدر الأوّل بتحصيل العلم بالأحكام بالسماع من النبي(صلى الله عليه وآله) أو الإمام(عليه السلام) ، فلا دلالة لها حينئذ إلاّ على حجّية الخبر فقط ، والإنذار بحكاية ماسمعوه من المعصوم(عليه السلام) من بيان ترتّب العقاب على شيءفعلاأوتركاً لاينبغي الريب فيه ، بل الإفتاء والقضاء أيضاً كان في الصدر الأوّل بنقل الخبر ، فتدبّر(2) .

  • (1) كفاية الاُصول: 343.
  • (2) بحوث في الاُصول، الاجتهاد والتقليد: 18 .

(الصفحة 76)

وذلك ; لأ نّه ـ مضافاً إلى عدم كون التفقّه في الصدر الأوّل صادقاً بمجرّد السماع عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) أو الإمام(عليه السلام) ; لِما عرفت من وجود التفقّه بمعناه الحقيقي الملازم لإعمال النظر في الصدر الأوّل ، لمثل الرواية المتقدّمة(1) الدالّة على أنّ وظيفة أصحابهم(عليهم السلام)التفريع على الاُصول المتلقّاة عنهم، وأنّ من عرف معاني كلامهم يكون أفقه الناس ـ يردعليه: أنّ اختلاف مراتب التفقّه من حيث السهولةوالصعوبة لايوجب اختصاص الآية بخصوص المرتبة الموجودة في الصدر الأوّل ; لعدم وجود ما يدلّ عليه.

ودعوى عدم كون تلك المرتبة صادقاً عليها عنوان التفقّه ، يدفعها استعمال التفقّه في الآية الشريفة ، فمجرّد نقل الخبر إن كان مصداقاً للتفقّه فالآية غير مختصّة به ، وإن لم يكن مصداقاً له فالآية غير شاملة له ، بل لابدّ من الالتزام بوجود التفقّه الملازم لإعمال النظر في عصر النزول لئلا تكون الآية الشريفة بلا مورد، كما لايخفى.

وقد انقدح من جيمع ما ذكرنا أ نّه لا دلالة للآية على حجيّة فتوى المجتهد بالإضافة إلى المقلد ، وأنّ معناها(2) بحسب الظاهر ـ والله العالم ـ أ نّه يجب على الفقيه الإنذار والتخويف والتوعيد ليحصل للناس حالة التخوّف والتحذّر النفساني ، فيصير ذلك موجباً للقيام بما هو وظيفتهم والتعرّض لامتثال ما على عهدتهم من التكاليف الإلهيّة ، والتناسب بين الإنذار والتفقّه لأجل كون الفقيه عالماً بشؤون

  • (1) في ص70 .
    • (2) بل معناها بحسب التحقيق هو تفقّه النافرين بسبب ما يرونه في الجهاد من النصرة الإلهيّة والإمدادات الغيبيّة وقوّة الإيمان ، وإنذار القوم الذين هم الكفّار الموجودون في المدينة لعلّهم يحذرون ويدخلون في دين الله ، أو يصون الإسلام والمسلمون من شرورهم ، ويؤيّد ذلك رجوع الضمير في «ليتفقّهوا» وما بعده إلى النافرين لا المتخلّفين ; لعدم كونهم مذكورين ، وأيضاً لا يناسب الحذر بالنسبة إلى المجاهدين ، المؤلّف أدام الله ظلّه على رؤس المسلمين .

(الصفحة 77)

الإنذار وحدوده وكيفيّته وخصوصيّاته ; لأ نّه الذي يكون عارفاً بشرائط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وبالعقوبات المترتّبة على ترك الأوّل وفعل الثاني ، فالإنذار المطابق للواقع إنّما يتحقّق منه كما هو ظاهر .

ومنها : آية السؤال قال الله ـ تبارك وتعالى ـ : {وَ مَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِى إِلَيْهِمْ فَسْـَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}(1) .

وتقريب الاستدلال بها أنّها تدلّ على وجوب السؤال على الجاهل غير العالم ، ومن المعلوم أنّ فائدة السؤال إنّما هي ترتيب الأثر على الجواب ; لأنّ السؤال بما هو لا يكون له موضوعيّة ، فإيجابه من دون وجوب العمل على طبق الجواب يكون لغواً ظاهراً ، وحيث إنّ الفقيه من المصاديق الواضحة لأهل الذكر فالآية تدلّ بإطلاقها على حجّية فتواه إذا كانت مسبوقة بالسؤال ، وفيما إذا لم تكن مسبوقة تكون فتواه أيضاً حجّة ; لعدم الفصل أو لدلالة نفس الآية ـ على ما هو المتفاهم منها عند العرف ـ على عدم دخالة سبق السؤال بوجه ، كما هو ظاهر .

واُورد على الاستدلال بها بأ نّه إنّما يتمّ لو كان الحكم فيها عامّاً شاملا لكلّ جاهل ، وكان المراد من أهل الذكر عنوانه العامّ الشامل للفقيه أيضاً ، مع أ نّه لو اقتصر النظر على ظاهرها يكون مقتضاها اختصاص الحكم بالمشركين ، حيث استغربوا أن يخصّص الله ـ تبارك وتعالى ـ رجلا بالنبوّة والسفارة ، ويحصل لبشر هذه المزيّة والفضيلة ، وعليه : فالحكم بوجوب السؤال متوجّه إليهم ويكون المراد من أهل الذكر علماء اليهود والنصارى(2) .

  • (1) سورة الأنبياء : 21/ 7 .
  • (2) المورد هو المحقّق الخراساني في كفاية الاُصول: 540 ، والمحقّق الإصفهاني في بحوث في الاُصول، الاجتهاد والتقليد: 18.

(الصفحة 78)

والمعنى حينئذ أنّكم أيّها المشركون إن كنتم لا تعلمون ولا يكون إنكاركم ناشئاً عن العناد واللجاج ، بل عن الجهل وعدم الاطّلاع فاسألوا علماء اليهود والنصارى المطّلعين على الكتب السماوية المبشّرة برسالة خاتم النبيّين ، والمشتملة على ذكر الأمارات والعلائم . ولو راجعنا إلى الأخبار الواردة في تفسير الآية(1) يكون المستفاد منها أنّ أهل الذكر هم الأئمّة المعصومون ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ لا غير ، فلا مجال معها لدعوى كون الفقيه أيضاً من أهل الذكر .

وبالجملة : فالآية لا دلالة فيها على شمول الحكم لكلّ جاهل وعلى عموم أهل الذكر للفقيه ونحوه .

وقد أُجيب عن هذا الإيراد بأنّ الآية قد تضمّنت كبرى كلّيّة قد تنطبق على أهل الكتاب ، وقد تنطبق على الأئمّة(عليهم السلام) ، وقد تنطبق على العالم والفقيه حسبما تقتضيه المناسبات على اختلافها باختلاف المقامات ، فإنّ المورد إذا كان من الاعتقاديّات كالنبوّة وما يرجع إلى صفات النبيّ(صلى الله عليه وآله) فالمناسب السؤال عن علماء أهل الكتاب ، ولو كان من الأحكام الفرعيّة فالمناسب الرجوع إلى النبيّ(صلى الله عليه وآله) أو الأئمّة(عليهم السلام) مع التمكّن ، ومع عدمه إلى الفقهاء ، فالآية تضمّنت كبرى رجوع الجاهل إلى العالم المنطبقة على كلّ من أهل الكتاب وغيرهم(2) .

ويمكن الخدشة في هذا الجواب بأ نّه تارة يقال : إنّ الآية لا تكون بصدد تحميل تعبّديّ وإيجاب مولويّ ، بل غرضها الإرشاد إلى ما هو المرتكز عند العقلاء من رجوع الجاهل إلى العالم . واُخرى يقال : بأنّها بصدد إفادة حكم مولويّ تعبّديّ .

  • (1) الكافي : 1 / 210 ـ 212 ، باب أنّ أهل الذكر . . . هم الأئمّة(عليهم السلام) .
  • (2) المجيب هو المحقّق الاصفهاني في نهاية الدراية: 2/229، والسيّد الخوئي في مصباح الاُصول: 2 / 189  ـ190 ودروس في فقه الشيعة: 1/12 والتنقيح في شرح العروة الوثقى، الاجتهاد والتقليد: 89 ـ 90 .

(الصفحة 79)

فعلى الأوّل: يكون المتّبع هي السيرة العقلائيّة الجارية في سائر الموارد .

وعلى الثاني : الذي يبتني عليه الجواب لا مجال لدعوى أنّ الآية تتضمّن كبرى كلّيّة قد تنطبق على أهل الكتاب وعلمائهم ، وقد تنطبق على الأئمّة(عليهم السلام) ; فإنّه على تقدير كون المخاطب هم المشركين ، وأهل الذكر علماء اليهود والنصارى كيف يمكن دعوى اشتمال الآية على كبرى كلّيّة وإفادتها أمراً عامّاً ، كما أ نّه مع ملاحظة الروايات الدالّة على أنّ أهل الذكر هم خصوص الأئمة(عليهم السلام) لا مجال لدعوى عموم الحكم في الآية ، بعد فرض كونه حكماً مولويّاً تعبّدياً .

ثمّ إ نّه اُورد على الاستدلال بها أيضاً بأنّ المراد من الآية الكريمة وجوب السؤال عنهم حتى يحصل العلم للسائل من الجواب ويعمل على طبق علمه ; لأنّ تعليق وجوب السؤال على عدم العلم ظاهر في ارتفاع عدم العلم ـ الذي هو المعلّق عليه الإيجاب ـ بالسؤال والجواب عقيبه ، كما هو ظاهر(1) .

وأُجيب عنه بوجهين :

أحدهما : أنّ مثل هذا الخطاب إنّما هو لبيان الوظيفة عند عدم العلم والمعرفة في قبال العلم بالحال ، لا أ نّه مقدّمة لتحصيل العلم ، مثلا يقال: إذا لست بطبيب فراجع الطبيب في العلاج ; فإنّ المتفاهم العرفي من مثله أنّ الغاية من الأمر بالمراجعة إنّما هو العمل على طبق قول الطبيب ، لا أنّ الغاية صيرورة المريض طبيباً وعالماً بالعلاج حتى يعمل على طبق علمه ونظره(2) .

ويرد على هذا الوجه ـ مضافاً إلى أنّ المقام نظير ما يقال : «إذا كنت مريضاً

  • (1) المورد هو المحقّق الخراساني في كفاية الاُصول: 540.
  • (2) المجيب هو السيّد الخوئي في التنقيح في شرح العروة الوثقى، الاجتهاد و التقليد: 89.