جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة أحكام التخلّي والوضوء
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 76)

وذلك ; لأ نّه ـ مضافاً إلى عدم كون التفقّه في الصدر الأوّل صادقاً بمجرّد السماع عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) أو الإمام(عليه السلام) ; لِما عرفت من وجود التفقّه بمعناه الحقيقي الملازم لإعمال النظر في الصدر الأوّل ، لمثل الرواية المتقدّمة(1) الدالّة على أنّ وظيفة أصحابهم(عليهم السلام)التفريع على الاُصول المتلقّاة عنهم، وأنّ من عرف معاني كلامهم يكون أفقه الناس ـ يردعليه: أنّ اختلاف مراتب التفقّه من حيث السهولةوالصعوبة لايوجب اختصاص الآية بخصوص المرتبة الموجودة في الصدر الأوّل ; لعدم وجود ما يدلّ عليه.

ودعوى عدم كون تلك المرتبة صادقاً عليها عنوان التفقّه ، يدفعها استعمال التفقّه في الآية الشريفة ، فمجرّد نقل الخبر إن كان مصداقاً للتفقّه فالآية غير مختصّة به ، وإن لم يكن مصداقاً له فالآية غير شاملة له ، بل لابدّ من الالتزام بوجود التفقّه الملازم لإعمال النظر في عصر النزول لئلا تكون الآية الشريفة بلا مورد، كما لايخفى.

وقد انقدح من جيمع ما ذكرنا أ نّه لا دلالة للآية على حجيّة فتوى المجتهد بالإضافة إلى المقلد ، وأنّ معناها(2) بحسب الظاهر ـ والله العالم ـ أ نّه يجب على الفقيه الإنذار والتخويف والتوعيد ليحصل للناس حالة التخوّف والتحذّر النفساني ، فيصير ذلك موجباً للقيام بما هو وظيفتهم والتعرّض لامتثال ما على عهدتهم من التكاليف الإلهيّة ، والتناسب بين الإنذار والتفقّه لأجل كون الفقيه عالماً بشؤون

  • (1) في ص70 .
    • (2) بل معناها بحسب التحقيق هو تفقّه النافرين بسبب ما يرونه في الجهاد من النصرة الإلهيّة والإمدادات الغيبيّة وقوّة الإيمان ، وإنذار القوم الذين هم الكفّار الموجودون في المدينة لعلّهم يحذرون ويدخلون في دين الله ، أو يصون الإسلام والمسلمون من شرورهم ، ويؤيّد ذلك رجوع الضمير في «ليتفقّهوا» وما بعده إلى النافرين لا المتخلّفين ; لعدم كونهم مذكورين ، وأيضاً لا يناسب الحذر بالنسبة إلى المجاهدين ، المؤلّف أدام الله ظلّه على رؤس المسلمين .

(الصفحة 77)

الإنذار وحدوده وكيفيّته وخصوصيّاته ; لأ نّه الذي يكون عارفاً بشرائط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وبالعقوبات المترتّبة على ترك الأوّل وفعل الثاني ، فالإنذار المطابق للواقع إنّما يتحقّق منه كما هو ظاهر .

ومنها : آية السؤال قال الله ـ تبارك وتعالى ـ : {وَ مَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِى إِلَيْهِمْ فَسْـَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}(1) .

وتقريب الاستدلال بها أنّها تدلّ على وجوب السؤال على الجاهل غير العالم ، ومن المعلوم أنّ فائدة السؤال إنّما هي ترتيب الأثر على الجواب ; لأنّ السؤال بما هو لا يكون له موضوعيّة ، فإيجابه من دون وجوب العمل على طبق الجواب يكون لغواً ظاهراً ، وحيث إنّ الفقيه من المصاديق الواضحة لأهل الذكر فالآية تدلّ بإطلاقها على حجّية فتواه إذا كانت مسبوقة بالسؤال ، وفيما إذا لم تكن مسبوقة تكون فتواه أيضاً حجّة ; لعدم الفصل أو لدلالة نفس الآية ـ على ما هو المتفاهم منها عند العرف ـ على عدم دخالة سبق السؤال بوجه ، كما هو ظاهر .

واُورد على الاستدلال بها بأ نّه إنّما يتمّ لو كان الحكم فيها عامّاً شاملا لكلّ جاهل ، وكان المراد من أهل الذكر عنوانه العامّ الشامل للفقيه أيضاً ، مع أ نّه لو اقتصر النظر على ظاهرها يكون مقتضاها اختصاص الحكم بالمشركين ، حيث استغربوا أن يخصّص الله ـ تبارك وتعالى ـ رجلا بالنبوّة والسفارة ، ويحصل لبشر هذه المزيّة والفضيلة ، وعليه : فالحكم بوجوب السؤال متوجّه إليهم ويكون المراد من أهل الذكر علماء اليهود والنصارى(2) .

  • (1) سورة الأنبياء : 21/ 7 .
  • (2) المورد هو المحقّق الخراساني في كفاية الاُصول: 540 ، والمحقّق الإصفهاني في بحوث في الاُصول، الاجتهاد والتقليد: 18.

(الصفحة 78)

والمعنى حينئذ أنّكم أيّها المشركون إن كنتم لا تعلمون ولا يكون إنكاركم ناشئاً عن العناد واللجاج ، بل عن الجهل وعدم الاطّلاع فاسألوا علماء اليهود والنصارى المطّلعين على الكتب السماوية المبشّرة برسالة خاتم النبيّين ، والمشتملة على ذكر الأمارات والعلائم . ولو راجعنا إلى الأخبار الواردة في تفسير الآية(1) يكون المستفاد منها أنّ أهل الذكر هم الأئمّة المعصومون ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ لا غير ، فلا مجال معها لدعوى كون الفقيه أيضاً من أهل الذكر .

وبالجملة : فالآية لا دلالة فيها على شمول الحكم لكلّ جاهل وعلى عموم أهل الذكر للفقيه ونحوه .

وقد أُجيب عن هذا الإيراد بأنّ الآية قد تضمّنت كبرى كلّيّة قد تنطبق على أهل الكتاب ، وقد تنطبق على الأئمّة(عليهم السلام) ، وقد تنطبق على العالم والفقيه حسبما تقتضيه المناسبات على اختلافها باختلاف المقامات ، فإنّ المورد إذا كان من الاعتقاديّات كالنبوّة وما يرجع إلى صفات النبيّ(صلى الله عليه وآله) فالمناسب السؤال عن علماء أهل الكتاب ، ولو كان من الأحكام الفرعيّة فالمناسب الرجوع إلى النبيّ(صلى الله عليه وآله) أو الأئمّة(عليهم السلام) مع التمكّن ، ومع عدمه إلى الفقهاء ، فالآية تضمّنت كبرى رجوع الجاهل إلى العالم المنطبقة على كلّ من أهل الكتاب وغيرهم(2) .

ويمكن الخدشة في هذا الجواب بأ نّه تارة يقال : إنّ الآية لا تكون بصدد تحميل تعبّديّ وإيجاب مولويّ ، بل غرضها الإرشاد إلى ما هو المرتكز عند العقلاء من رجوع الجاهل إلى العالم . واُخرى يقال : بأنّها بصدد إفادة حكم مولويّ تعبّديّ .

  • (1) الكافي : 1 / 210 ـ 212 ، باب أنّ أهل الذكر . . . هم الأئمّة(عليهم السلام) .
  • (2) المجيب هو المحقّق الاصفهاني في نهاية الدراية: 2/229، والسيّد الخوئي في مصباح الاُصول: 2 / 189  ـ190 ودروس في فقه الشيعة: 1/12 والتنقيح في شرح العروة الوثقى، الاجتهاد والتقليد: 89 ـ 90 .

(الصفحة 79)

فعلى الأوّل: يكون المتّبع هي السيرة العقلائيّة الجارية في سائر الموارد .

وعلى الثاني : الذي يبتني عليه الجواب لا مجال لدعوى أنّ الآية تتضمّن كبرى كلّيّة قد تنطبق على أهل الكتاب وعلمائهم ، وقد تنطبق على الأئمّة(عليهم السلام) ; فإنّه على تقدير كون المخاطب هم المشركين ، وأهل الذكر علماء اليهود والنصارى كيف يمكن دعوى اشتمال الآية على كبرى كلّيّة وإفادتها أمراً عامّاً ، كما أ نّه مع ملاحظة الروايات الدالّة على أنّ أهل الذكر هم خصوص الأئمة(عليهم السلام) لا مجال لدعوى عموم الحكم في الآية ، بعد فرض كونه حكماً مولويّاً تعبّدياً .

ثمّ إ نّه اُورد على الاستدلال بها أيضاً بأنّ المراد من الآية الكريمة وجوب السؤال عنهم حتى يحصل العلم للسائل من الجواب ويعمل على طبق علمه ; لأنّ تعليق وجوب السؤال على عدم العلم ظاهر في ارتفاع عدم العلم ـ الذي هو المعلّق عليه الإيجاب ـ بالسؤال والجواب عقيبه ، كما هو ظاهر(1) .

وأُجيب عنه بوجهين :

أحدهما : أنّ مثل هذا الخطاب إنّما هو لبيان الوظيفة عند عدم العلم والمعرفة في قبال العلم بالحال ، لا أ نّه مقدّمة لتحصيل العلم ، مثلا يقال: إذا لست بطبيب فراجع الطبيب في العلاج ; فإنّ المتفاهم العرفي من مثله أنّ الغاية من الأمر بالمراجعة إنّما هو العمل على طبق قول الطبيب ، لا أنّ الغاية صيرورة المريض طبيباً وعالماً بالعلاج حتى يعمل على طبق علمه ونظره(2) .

ويرد على هذا الوجه ـ مضافاً إلى أنّ المقام نظير ما يقال : «إذا كنت مريضاً

  • (1) المورد هو المحقّق الخراساني في كفاية الاُصول: 540.
  • (2) المجيب هو السيّد الخوئي في التنقيح في شرح العروة الوثقى، الاجتهاد و التقليد: 89.

(الصفحة 80)

فراجع الطبيب» فإنّ المتفاهم العرفي من مثله أنّ الغاية من الأمر بالمراجعة هو ارتفاع المرض ، فالغاية من الأمر بمراجعة المبتلى بمرض الجهل إلى العالم هو ارتفاع مرضه ورفع جهله بالرجوع إلى العالم ، كما لا يخفى ـ  : أنّ مقتضى ذلك تكرّر السؤال ولزومه ثانياً وثالثاً ، وهكذا إلى أن يحصل العلم ; لصدق عنوان الجهل ما دام عدم العلم ، فيجب عليه التكرار لحصول المعلّق ما دام المعلّق عليه متحقّقاً ، ومن الواضح خلافه ، فلا محيص من أن يقال : إنّ الغاية هو حصول العلم .

ثانيهما : ما أفاده بعض المحقّقين(قدس سره) في رسالة الاجتهاد والتقليد من أنّ الظاهر وجوب السؤال حتى يحصل له العلم بمجرّد الجواب لا بأمر زائد عليه، وهذا لا يتمّ إلاّ مع كون الجواب مفيداً للعلم تعبّداً ، وعليه : فيستفاد من الآية وجوب قبول قول المجيب وترتيب الأثر العملي عليه ; لأ نّه علم تعبّدي(1) .

ويرد عليه: أنّ الظاهر كون المراد بالعلم الحاصل بالجواب هو العلم الذي علّق وجوب السؤال على عدمه ، ومن المعلوم أنّ المراد به هو العلم الواقعي الحقيقي ، فالغاية من الأمر بالسؤال إنّما هو تحقّق هذا العلم لا علم تعبّدي ، كما هو غير خفي .

وأُورد على الاستدلال بالآية بإيراد ثالث ; وهو أنّ موردها ينافي القبول التعبّدي ; لأ نّه من الاُصول الاعتقادية التي يكون الواجب فيها تحصيل العلم(2) .

وقداعترف بورود هذاالإيراد من أجاب عن الإيراد الأوّل; بماعرفت من تضمّن الآية للكبرى الكلّيّة ، مع أنّ مقتضى ذلك الجواب عدم هذا الاعتراف ، فتأمّل .

وقد تحصَّل من جميع ما ذكرنا عدم تماميّة الاستدلال بآية السؤال أيضاً .

  • (1) بحوث في الاُصول، الاجتهاد و التقليد: 18.
  • (2) المورد هو السيّد الخوئي في التنقيح في شرح العروة الوثقى، الاجتهاد والتقليد: 90.