(الصفحة 39)
الظلم والجهل والعناد والعداء ، ولتبقى مستورة إلى يوم القيامة . وهي موضع افتخار لشيعتها ، بل ولجميع الإنسانيّة ، وحتّى الملك والملكوت لوجود هذا الكوثر(1) الإلهيّ العظيم ، وهي سبب بقاء دين الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) .
فهي مصدر الكمالات والعلوم والسجايا والتي من خلال أبناءها الطاهرين ارتوت البشريّة من ذلك المعين . ففي الواقع لو لم
تكن الصدِّيقة الزهراء (عليها السلام) ولم تكن تلك الدرّة الثمينة متجلّية في
هذا الوجود ، لكان عالم التكوين والتشريع يعيش في بحر من الظلمات .
فكلّ إنسان يجب عليه بحسب الآية القرآنية الشريفة: {قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى}(2) أن يؤدّي الحقّ العظيم للرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) في هداية البشرية ، وهذا الحقّ العظيم والتكليف الكبير والواجب الجسيم إنّما يتمثّل في محبّة ومودّة ذوي قربى
- 1 . التفسير الكبير للفخر الرازي 11: 313، تفسير غرائب القرآن 6: 576، جوامع الجامع 4: 547، مجمع البيان 10: 412ـ 414، تفسير روض الجِنان وروح الجَنان 20: 427ـ 430، الميزان في تفسير القرآن 20: 370ـ 371، عوالم العلوم فاطمة الزهراء (عليها السلام) 1: 92.
- 2 . سورة الشورى 42 : 23 .
(الصفحة 40)
الرسول الكريم(صلى الله عليه وآله وسلم) ، والتي على رأس قرباه الزهراء الطاهرة (عليها السلام) (1) .
وهذا الأمر بعنوان تكليف شرعيّ وواجب في عنق جميع أبناء البشريّة إلى يوم القيامة ، ولا يختصّ بزمانها (عليها السلام) فقط . فالمودّة بالنسبة إلى فاطمة (عليها السلام) يتمثّل في تكريمها ، وتعظيم شخصيّتها (عليها السلام) ، وإحياء أمرها وذكر مصائبها ، والمشقّات التي حلّت بهذه العزيزة الطاهرة (عليها السلام) .
نحن لايمكن بأيّ نحو أن ننسى أو نتغافل عن تلك المصائب ، والتاريخ شاهد على ما لاقته من ظلم وزجر واضطهاد(2) في تلك المدّة القصيرة التي عاشتها في هذا العالم(3) .
أضف إلى أنّها كانت الزوجة الوحيدة التي لا نظير لها لأمير المؤمنين وسيِّد الموحّدين عليّ(عليه السلام) ، والذي قال في حقّها بعد شهادتها : وأمّا حزني فسرمد وليلي فمسهّد(4) .
- 1 . تقدّم في ص11 هامش 2 .
- 2 . تقدّم في ص11 هامش 1 .
- 3 . تقدّم في ص18 هامش 2 .
- 4 . الكافي 1 : 459 ح3 ، شرح الأخبار 3 : 70 ، الأمالي للمفيد : 282 ح7 ، نهج البلاغة صبحي الصالح : 319ـ 320 الخطبة 202 ، الأمالي للطوسي : 109 ح166 ، دلائل الإمامة : 138 ح46 ، روضة الواعظين 1 : 152 ، المناقب لابن شهرآشوب 3 : 364 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 10 : 265 ، كشف الغمّة 2 : 131 ، 132 ، بحار الأنوار 43 : 193 ح21 وص211 ح40 ، الغدير 9 : 509 ، إحقاق الحقّ 10 : 481 ، عوالم العلوم فاطمة الزهراء (عليها السلام) 2 : 1121ـ 1124 ، ح1 ـ 3 ، مسند فاطمة (عليها السلام) للعطاردي : 394 ح3 وص402 ح2 .
(الصفحة 41)
تُرى أفبعد هذا التعبير ينسى شيعة أمير المؤمنين عليّ(عليه السلام)واُمّة الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) حزنهم ومأتمهم عليها؟
لذلك على الشيعة ومحبّي أهل بيت العصمة والطهارة(عليهم السلام)أن يقيموا العزاء ويحيوا أمرها ، ويجدّوا ويجتهدوا في إظهار حقّها ومظلوميّتها ، وأنّها شهيدة مهضومة ، وقد اُعلن في اليوم الثالث من جمادى الثانية عطلة رسميّة في الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة بمناسبة ذكرى شهادتها حسب الرواية الصحيحة(1) لأداء حقّها إن شاء الله .
محمّد الفاضل اللنكراني
جمادى الثانية / 1425
- 1 . تقدّم في ص24 هامش 2 .
(الصفحة 42)
(الصفحة 43)
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليك أيّتها الصدِّيقة الشهيدة(1)
علي أعتاب الذكرى السنويّة لاستشهاد سيّدة نساء العالمين(2)فاطمة الزهراء سلام الله عليها . هذا الوجود الشريف الذي يتباهى الحقّ تعالى به(3) ، ثمرة فؤاد الرسول(صلى الله عليه وآله)(4) وزوج أمير المؤمنين عليّ بن
- 1 ، 2 . تقدّما في ص14 هامش 1 و2 .
- 3 . الأمالي للصدوق : 176 ح178 ، دلائل الإمامة : 75 ح13 ، بشارة المصطفى : 182 و 307 ، المناقب لابن شهرآشوب 3 : 199 ، عمدة عيون صحاح الأخبار 1 : 254 ح319 ، الفضائل لابن شاذان : 524 ح221 ، كشف الغمّة 1 : 93 و107 ، وج2 : 77 ، فرائد السمطين 2 : 34 ح371 ، إرشاد القلوب للديلمي 2 : 142 ، المحتضر : 109 ، بحار الأنوار 27 : 74 ح1 وص104 ح74 ، وج28 : 38 ح1 ، وج39 : 284 ح69 ، وج43 : 172 ح13 ، إحقاق الحقّ 9 : 201 و 267 ، وج16 : 476 ، عوالم العلوم فاطمة الزهراء (عليها السلام) 2 : 546 ، بيت الأحزان : 47 ، مسند فاطمة (عليها السلام) للعطاردي : 500 ـ 501 ح23 ، 24 .
- 4 . مقتل الحسين(عليه السلام) للخوارزمي 1: 59، وفيه: «بهجة قلبي»، أمالي الصدوق: 175 ح178 وص575 ح787، روضة الواعظين 1: 150، تفسير روض الجِنان وروح الجَنان 4: 318، بحار الأنوار 37: 85 ح52، وج43: 24 ح20 وص172 ح13، إحقاق الحقّ 4: 288، وج9: 199، وج13: 77 و 79، وج19: 76، عوالم العلوم فاطمة الزهراء (عليها السلام) 1: 129 ح23 وص148 ح18، وج2: 542 ح2، مسند فاطمة (عليها السلام) للعطاردي: 147 ح4 وص334 ح2.