جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احكام و فتاوا
دروس
معرفى و اخبار دفاتر
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
اخبار
مناسبتها
صفحه ويژه
معتمد الأصول المجلد الثاني « کتابخانه « صفحه اصلى  

<<صفحه بعد فهرست صفحه قبل>>


(الصفحة161)

بقي الكلام في أمرين:
الأوّل: أنّك عرفت في كلام المحقّق الخراساني أنّـه (قدس سره) حكم بوجوب الاجتناب عن الملاقي ـ بالكسر ـ دون الملاقى ـ بالفتح ـ في موردين:
أحدهما: ما لو علم أوّلا بنجاسـة الملاقي ـ بالكسر ـ أو الطرف، ثمّ حصل العلم بالملاقاة وبنجاسـة الملاقى ـ بالفتح ـ أو الطرف.
ثانيهمـا: مـا إذا علـم بالمـلاقاة، ثمّ حـدث العلم الإجمالـي، ولكـن كـان المـلاقـى ـ بالفتـح ـ خـارجـاً عـن محـلّ الابتـلاء فـي حـال حـدوثـه وصـار مبتلى بـه بعده.
وقد عرفت منّا المتابعـة لـه (قدس سره) في المورد الأوّل، وأمّا المورد الثاني فالظاهر فيـه وجوب الاجتناب عن الملاقى أيضاً.
أمّا بناءً على ما حقّقناه سابقاً ـ من عدم اشتراط تأثير العلم الإجمالي في تنجيز التكليف بكون أطرافـه مورداً للابتلاء، لأنّ ذلك مبني على انحلال الخطابات إلى الخطابات الشخصيّـة، وهو ممنوع للمحذورات المتقدّمـة ـ فواضح; لأنّ الخروج عن محلّ الابتلاء لا يؤثّر شيئاً، فلا موقع لجريان الأصل في الملاقى ـ بالفتح ـ أصلا.
وأمّا بناءً على مسلك المتأخّرين مـن اشتراط تأثير العلم الإجمالي بعدم خروج شيء من أطرافـه عن محلّ الابتلاء فالظاهر عدم جريان الأصل في الملاقى هنا وإن خـرج عـن محـلّ الابتلاء; لأنّ الخروج عنـه إنّما يمنع من العدم لو لم يكن للخارج أثر مبتلى بـه، وإلاّ فمع وجود أثر لـه مورد للابتلاء يجري الأصل فيـه في غير أطراف العلم الإجمالي، ولا يجري فيها، للزوم المخالفـة

(الصفحة162)

العمليّـة، وهنا يكون للملاقى ـ بالفتح ـ الخـارج عـن مورد الابتلاء أثر مبتلى بـه وهو نجاسـة الملاقي ـ بالكسر ـ لو كان نجساً، كما لايخفى.
الثاني: قد عرفت أنّ نجاسـة الملاقي ـ بالكسر ـ ليست من آثار نجاسـة الأعيان النجسـة بحيث يكون مرجع وجوب الاجتناب عن النجس إلى وجوب الاجتناب عنـه وعن ملاقيـه، فلا يحتاج جعل النجاسـة لـه إلى تعبّد خاصّ، بل هو مجعول بتبع جعل النجاسـة للملاقى ـ بالفتح ـ وكذا لا تكون نجاسـة الملاقي ـ بالكسر ـ لأجل حكم العقل بسرايـة النجاسـة منـه إليـه وتأثيره فيـه خارجاً، بل هي حكم وضعي مجعول بجعل مستقلّ مرجعـه إلى تأثير النجس شرعاً في تنجيس ملاقيـه، فهو سبب شرعاً لـه، هذا.
ولو اُغمض عمّا ذكرنا وفرض كون نجاستـه بنحو الأوّل أو الثاني فالظاهر وجوب الاجتناب عن المتلاقيـين والطرف في جميع الصور الثلاثـة المتقدّمـة; لأنّ المفروض أنّـه ليس هنا حكم آخر يتعلّق بـه العلم الإجمالي الآخر حتّى يكون اشتراكـه مع العلم الإجمالي الأوّل في بعض الأطراف مانعاً عن تأثيره في التنجيز، فلم يكن مانع من جريان الأصل في الطرف الآخر. بل هنا ليس إلاّ حكم واحد متعلّق بالطرف أو بالمتلاقيـين; لأنّ المفروض أنّـه لو كان النجس هو الملاقى ـ بالفتح ـ لا يتحقّق الاجتناب عنـه إلاّ بالاجتناب عن الملاقي ـ بالكسر أيضاً، فمع تنجّز التكليف بتعلّق العلم الإجمالي بـه يكون مقتضى حكم العقل الاجتناب عن الجميع، كما هو واضح.
هـذا كلّـه مع إحـراز كون نجاسـة الملاقي مـن قبيل أحـد الأوّلين أو مـن قبيل الثالث.


(الصفحة163)

وأمّا لو شكّ في ذلك واحتمل أن يكون على نحو أحد الأوّلين، أو على نحو الثالث فقد يقال: بأنّ مقتضى القاعدة في المقام وجوب الاجتناب عن الملاقي لأحد أطراف العلم الإجمالي أيضاً.
ولكنّ التحقيق يقتضي البراءة; لأنّ مرجع الشكّ في ذلك إلى أنّ نجاسـة الملاقي هل تكون مجعولـة بالنحو الأوّل أو الثاني حتّى تكون مقتضاه وجوب الاجتناب عنـه في المقام; لتأثير العلم الإجمالي في تنجيز التكليف بوجوب الاجتناب على أيّ تقدير، ولا يحصل القطع بموافقتـه إلاّ مع الاجتناب عن الجميع; لأنّـه لو لم يجتنب عن الملاقي ـ بالكسر ـ لم يجتنب عن النجس لو كان هو الملاقى ـ بالفتح ـ أو أنّها مجعولـة على النحو الثالث الذي مرجعـه إلى كونها حكماً وضعيّاً مستقلاّ في قبال النجاسـة المجعولـة للأعيان النجسـة حتّى يكون مقتضاه عدم وجوب الاجتناب عنـه في بعض الصور; لعدم قابليّـة العلم الإجمالي الثاني للتنجيز.
وبعبارة اُخرى: مرجع الشكّ في ذلك إلى الشكّ في أنّ العلم الإجمالي الثاني هل يكون قابلا للتأثير في التنجيز، لأجل عدم تعلّقـه بحكم آخر، أو لا يكون قابلا لـه، لأجل كون معلومـه حكماً آخر، ومع الشكّ في ذلك لا يعلم بوجوب الاجتناب عن الملاقي، وهو مورد لجريان البراءة العقليّـة والنقليـة. ففي الحقيقـة يصير المقام من قبيل دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر الارتباطيـين الذي يكون الأصل الجاري فيـه هو البراءة كما سنحقّقـه; لأنّ وجوب الاجتناب عن الملاقى ـ بالفتح ـ معلوم، إمّا لكونـه هو النجس، وإمّا لوقوعـه طرفاً للعلم الإجمالي بالنجس، ووجوب الاجتناب عن الملاقي ـ بالكسر ـ مشكوك، لأنّـه

(الصفحة164)

يحتمل أن يكون حكماً مستقلاّ، ومعـه لا يكون العلم الإجمالي الثاني قابلا للمنجّزيّـة أصلا، فيجري فيـه الأصل.
وبالتأمّل فيما ذكرناه تعرف الخلل فيما أفاده العَلمان النائيني(1)والعراقي (قدس سرهما)(2) في هذا المقام، ولعلّ مرجع كلامهما إلى أمر واحد وإن كان الأوّل قد أتعب نفسـه الشريفـة بإيراد مقدّمـة ليس لها كثير ارتباط بالمقام، مضافاً إلى عدم خلوّها من المناقشـة، بل المناقشات، فتأمّل جيّداً.


1 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 4: 89 ـ 93.
2 ـ نهايـة الأفكار 3: 365.

(الصفحة165)

تنبيهات

ثمّ إنّـه أورد الشيخ المحقّق الأنصاري في ذيل هذا المقام تنبيهات(1) وتبعـه المحقّق النائيني(2)، ولابأس بالتعرّض لبعضها فنقول:

التنبيه الأوّل: في التفصيل بين الشرائط والموانع في وجوب الاحتياط

لا فرق في وجوب الاحتياط في أطراف الشبهـة المحصورة بين الشبهـة الحكميّـة والموضوعيّـة، ولا في الموضوعيّـة بين التكاليف النفسيّـة والغيريّـة، ولا في الثاني بين الشرائط والموانع، فيجب تكرار الصلاة إلى أربع جهات مع اشتباه القبلـة بينها، وفي الثوبين المشتبهين بالنجس.
وربّما يقال بعدم وجـوب الاحتياط في مـورد الشبهـة الموضوعيّـةفي الشرائط والموانـع، كما هـو المحكي عـن الحلّي فـي السرائر حيث ذهب إلى وجوب الصلاة عارياً في مثال الثوبين(3)، ولعلّـه لدعوى سقوط الشرط والمانع عن الشرطيّـة والمانعيّـة، ولكن هذه الدعوى ممنوعـة، لأنّها بلا بيّنـة وبرهان، هذا.
وحكي عن المحقّق القمّي(4) التفصيل بين ما يستفاد من مثل قولـه (عليه السلام):

1 ـ فرائد الاُصول 2: 454.
2 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 4: 134.
3 ـ السرائر 1: 184 ـ 185.
4 ـ الظاهر من عبارة القوانين خلاف ذلك. راجع قوانين الاُصول 2: 38 / السطر19.

(الصفحة166)

«لاتصلِّ في ما لا يؤكل»(1) وبين ما يستفاد من مثل قولـه: «لا صلاة إلاّ بطهور»(2)، فذهب إلى السقوط في موارد الاشتباه في الأوّل دون الثاني، هذا.
والوجـه في ذلك هو أنّ أطراف العلم الإجمالي عند هذا المحقّق تكون محكومـة بحكم الشكّ البدوي; لأنّ مذهبـه عدم منجّزيـة العلم الإجمالي(3).
وحينئذ فيتّجـه التفصيل بين الشرائط والموانع، كما هو الشأن في موارد الشكّ البدوي، لأنّ الشرط يجب إحرازه لتوقّف إحراز المشروط عليـه، وأمّا المانع فيكفي فيـه مجرّد الشكّ في تحقّقـه، ولا يلزم إحراز عدمـه، هذا.
واحتمل المحقّق النائيني ـ على ما في التقريرات ـ أن يكون الوجـه في هذا التفصيل قياس باب العلم والجهل بالموضوع بباب القدرة والعجز، ثمّ أورد عليـه بأنّ هذا القياس ليس على ما ينبغي، فإنّ القدرة من الشرائط لثبوت التكليف، والعلم بالموضوع أو الحكم من الشرائط لتنجّز التكليف، والمفروض أنّـه قد علم بحصول الشرط بين الأطراف، فلا موجب لسقوطـه(4)، هذا. ولا يخفى فساد أصل الاحتمال وكذا الإيراد.
أمّا الاحتمال، فلأنّ هذا القياس لا يقتضي التفصيل بين الشرائط والموانع، لأنّـه لو كان الجهل بالموضوع كالعجز فلا وجـه لثبوت التكليف مطلقاً، شرطاً

1 ـ راجـع وسائل الشيعـة 4: 346، كتاب الصلاة، أبواب لباس المصلي، الباب2، الحديث6 و7.
2 ـ تهذيب الأحكام 1: 49 / 144، وسائل الشيعـة 1: 365، كتاب الطهارة، أبواب الوضوء، الباب1، الحديث1.
3 ـ قوانين الاُصول 2: 25 / السطر3.
4 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 4: 135.

(الصفحة167)

كان أو مانعاً، ولو لم يكن كذلك فلا وجـه لسقوطـه كذلك.
وأمّا الإيراد، فلما مرّ غير مرّة من أنّ القدرة لا تكون من شرائط ثبوت التكليف، بل العجز عذر عقلي، وهكذا الجهل وغيره، لعدم انحلال الخطابات بنحو العموم إلى الخطابات الشخصيّـة حتّى لا يعقل توجيهها إلى غير القادر والجاهل ونحوهما. فالوجـه في تفصيل المحقّق المزبور ما عرفت، فتدبّر.

التنبيه الثاني: في كيفية النيّة لو كان المعلوم بالإجمال من العبادات

لو كان المعلوم بالإجمال من العبادات كالمثالين المتقدّمين في التنبيـه السابق فقد وقع الخلاف في كيفيـة نيّـتـه، فيظهر مـن الشيخ (قدس سره) أنّـه لابدّ مـن قصد امتثال الأمر المعلوم بالإجمال على كلّ تقدير، وذلك يتوقّف على أن يكون المكلّف حال الإتيان بأحد المحتملين قاصداً للإتيان بالمحتمل الآخر، إذ مع عدمـه لا يتحقّق قصد امتثال الأمر المعلوم بالإجمال على كلّ تقدير، بل يكون قاصداً لامتثال الأمر على تقدير تعلّقـه بما ينطبق على المأتي بـه. وهذا لا يكفي في تحقّق الإطاعـة مع العلم بالأمر.
نعم يكفي في الشبهـة البدويّـة مجـرّد قصد احتمال الأمر والمحبوبيـة، لأنّ هذا هو الذي يمكن في حقّـه، بخلاف المقام(1).
وأورد عليـه المحقّق النائيني بما حاصلـه: أنّ العلم بتعلّق الأمر بأحد المحتملين لايوجب فرقاً في كيفيـة النيّـة في الشبهات، فإنّ الطاعـة والامتثال في كل من المحتملين ليست إلاّ احتماليّـة، كما في الشبهـة البدويّـة، إذ المكلّف

1 ـ فرائد الاُصول 2: 455.

(الصفحة168)

لا يمكنـه أزيد من قصد امتثال الأمر الاحتمالي عند الإتيان بكلّ من المحتملين، لأنّهما ليسا بمنزلـة فعل واحد مرتبط الأجزاء حتّى يقال: العلم بتعلّق التكليف بالفعل الواحد يقتضي قصد امتثال الأمر المعلوم. وحينئذ فلو أتى بأحد المحتملين من دون أن يكون قاصداً للإتيان بالمحتمل الآخر يحصل الامتثال ويصحّ العمل على تقدير تعلّق الأمر بذلك المحتمل.
نعم يكون متجرّياً في قصده، ولكن ذلك لا دخل لـه في تحقّق الإطاعـة على تقدير مصادفـة المأتي بـه للواقع(1)، هذا.
ولايخفى أنّـه لا ينبغي الإشكال في أنّ الداعي في الشبهات البدويّـة هو احتمال الأمر فقط، لأنّـه لا يمكن في حقّـه غيره، وأمّا في الشبهات المقرونـة بالعلم الإجمالي فالداعي هو الأمر المعلوم تعلّقـه بما ينطبق على أحد المحتملين، لا احتمال الأمر. غايـة الأمر أنّـه ينشأ من هذا الداعي إرادة الإتيان بكلّ من المحتملين، لتوقّف الإتيان بالمأمور بـه عليـه.
وحينئذ فقد يكون المكلّف بمثابـة ينبعث من الأمر المعلوم بحيث يحصل لـه الداعي إلى الإتيان بالمحتملين معاً; لأنّـه لا يرضى إلاّ بالموافقـة القطعيّـة التي لا تحصل إلاّ بالإتيان بهما. وقد يكون بحيث ينبعث من الأمر المعلوم بمقدار لا يحصل لـه إلاّ الداعي إلى الإتيان بأحد المحتملين; لأنّـه يخاف من المخالفـة القطعيّـة الحاصلـة بترك كلا المحتملين معاً.
وبالجملـة: فرق بين الآتي بالشبهـة البدويّـة وبين من يأتي بأحد المحتملين في الشبهـة المقرونـة بالعلم الإجمالي وبين من يأتي بكليهما معاً.

1 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 4: 136.

(الصفحة169)

فالأوّل لا يكون الداعي لـه إلاّ مجرّد الاحتمال، والأخيران يشتركان في أنّ الداعي الأوّلي لهما هو العلم بالأمر، غايـة الأمر أنّ انبعاث الثاني بمقدار لا يكون مستلزماً للموافقـة القطعيـة، بخلاف الأخير. وحينئذ فلو أتى بأحدهما وصادف الواقع يكون ممتثلا، لا لما أفاده المحقّق النائيني من كفايـة الإتيان باحتمال الأمر وعدم الفرق بين الشبهات، بل لأجل أنّ الداعي لـه هو قصد الامتثال بالنسبـة إلى الأمر المعلوم، كما لايخفى.

التنبيه الثالث: حكم ما لو كان المعلوم بالإجمال أمرين مترتّبين شرعاً

لو كان المعلوم بالإجمال أمرين مترتّبين كالظهر والعصر المردّدين بين أربع، لاشتباه القبلـة، فقد وقع الخلاف في جواز الإتيان ببعض محتملات الثانيـة إلى الجهـة التي أتى ببعض محتملات الاُولى إليها، وعدم الجواز حتّى يأتي بجميع محتملات الاُولى، بعد الاتّفاق على عدم جواز الإتيان بجميع محتملات الثانيـة قبل استيفاء محتملات الاُولى، وعلى عدم جواز الإتيان ببعض محتملات العصر ـ مثلا ـ إلى جهـة مغايرة للجهـة التي أتى ببعض محتملات الظهر إليها; للعلم ببطلان العصر ـ أي المأتي بها ثانياً ـ في الصورتين، إمّا لكونها فاقدة للترتيب المعتبر فيها على المفروض، وإمّا لعدم وقوعها إلى القبلـة.
وكيف كان فالخلاف في المقام مبني أوّلا على تقدّم رتبـة الامتثال العلمي التفصيلي على الامتثال العلمي الإجمالي وعدمـه، وثانياً على الفرق بين المقام وبين ما إذا أتى بمحتملات العصر بعد الإتيان بجميع محتملات الظهر الذي هو جائز بلاريب.


(الصفحة170)

والتحقيق عدم تقدّم رتبـة الأوّل على الثاني، وعدم الفرق بين المقامين على تقدير تسليم التقدّم وثبوت المراتب للامتثال.
أمّا الأوّل الذي هو بمنزلـة الكبرى، فقد مـرّت الإشارة إليـه، ولعلّـه سيأتي مفصّلا.
وإجمالـه أنّ الأمر المتعلّق بشيء لا يدعـو إلاّ إلى نفس متعلّقـه ولا يحـرّك العبد إلاّ نحوه. فكلّ شيء اُخذ في المتعلّق، يكون الأمر داعياً إليـه ومحرّكاً نحوه، وأمّا ما هو خارج عنـه سواء أمكن أخذه فيـه أم لم يمكن فلا يدعو إليـه، بل لا يعقل ذلك أصلا ولذا قد حقّقنا(1) في مبحث التعبّدي والتوصّلي أنّ القاعدة تقتضي التوصّليّـة وإن كان أخذ قصد التقرّب وامتثال الأمـر في المتعلّق بمكان مـن الإمكان، إلاّ أنّـه ما لم يـدلّ عليـه دليل لا يصار إليـه أصلا، بل يحكـم بعدم اعتباره. وحينئذ فإذا أتى بالطبيعـة المأمور بها لا مجال لبقاء الأمر، سواء علم بها تفصيلا أم إجمالا، إذ الأمـر لا يدعـو إلاّ إلى إيجادها في الخـارج، والمفروض وجودها، وأمّا اعتبار العلم بها تفصيلا فلم يدلّ عليـه دليل، فلا فرق بينـه وبين العلم الإجمالي بإيجادهـا أصلا، فتقدّم الأوّل على الثاني ممّا لا نرى لـه وجهاً.
وأمّا الثاني الذي هو بمنزلـة الصغرى، فنقول: لو سلم ثبوت المراتب للامتثال وتقدّم الامتثال العلمي التفصيلي على الامتثال العلمي الإجمالي فلا نسلم الفرق بين المقامين أصلا، ضرورة أنّ في الصورة الثانيـة التي هي جائزة بالاتّفاق لا يعلم بحصول الترتيب تفصيلا كما في الصورة الاُولى، ضرورة أنّ تحقّق

1 ـ مناهج الوصول إلى علم الاُصول 1: 274.

(الصفحة171)

عنوان الترتيب مع العلم بـه كذلك يتوقّف على العلم باُمور ثلاثـة: أحدها: وقوع الظهر، والثاني: وقوع العصر، والثالث: ترتّب العصر على الظهر وتأخّرها عنها. فالعلم التفصيلي بالترتيب لا يتحقّق إلاّ مع العلم تفصيلا بأنّ ما يأتي بـه هو العصر مع العلم بوقوع الظهر قبلـه، ولا يعقل تحقّقـه مع الشكّ في ذلك وإن علم إجمالا بالإتيان بالعصر.
وكيف كان فالترتيب من الاُمور الإضافيـة المتقوّمـة بالطرفين، ولا يعقل العلم بـه مع الشكّ في أحد الطرفين، وحينئذ فكيف يمكن أن يدّعى العلم بـه في الصورة الثانيـة مع اشتباه العصر بين الصلوات الأربع.
وممّا ذكرنا يظهر الخلل فيما أفاده المحقّق النائيني في هذا المقام، فراجع التقريرات المنسوبـة إليـه(1).


1 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 4: 137 ـ 141.

(الصفحة172)






(الصفحة173)





المقام الثاني

في الدوران بين الأقلّ والأكثر

وقبل الخوض في المقصود لابدّ من تقديم أمرين هما بمنزلـة تحرير محلّ النزاع:
الأوّل: أنّ المراد بالأقلّ والأكثر في هذا المقام هو الأقلّ والأكثر الارتباطي، لا الاستقلالي. والفرق بينهما أنّ الأوّل عبارة عن عدّة اُمور لوحظ مجموعها أمراً واحداً وشيئاً فارداً، لأنّـه يترتّب عليها غرض واحد وتؤثّر بنعت الاجتماع في حصولـه، بحيث يكون فقدان بعضها كعدم جميعها في عدم حصول الغرض بوجـه، ومن هنا لا يتعلّق بها إلاّ أمر واحد أو نهي فارد; لأنّ اجتماعها دخيل في حصول الغرض أو ترتّب المفسدة عليها، وأمّا كلّ واحد منها من حيث هو يكون وجوده بمنزلـة العدم.
ألا ترى أنّ الصلاة الفاقدة للركوع ـ مثلا ـ إنّما هي في عدم حصول الآثار المترتّبـة عليها كتركها رأساً.
وأمّا الأقلّ والأكثر الاستقلالي فليس كذلك، بل لا يكون من قبيل الأقلّ والأكثر أصلا، فإنّ تردّد قضاء الصلوات الفائتـة بين أن تكون عشرين أو ثلاثين

(الصفحة174)

إنّما هو من قبيل التردّد بينهما بعد ملاحظـة المكلّف المقدار المشكوك مع المقدار المعلوم وضمّـه إليـه، وإلاّ ففي الحقيقـة لا يكون من هذا القبيل، فإنّ الأمر لم يتوجّـه إلاّ إلى قضاء كلّ صلاة، والغرض يترتّب عليـه، سواء أتى بقضاء صلاة فائتـة اُخرى أم لم يأت، فكما أنّ أداء صلاة الظهر لا يكون أقلّ بالنسبـة إلى مجموع أداء الظهرين فكذلك قضائهما.
وبالجملـة: فالاستقلالي من الأقلّ والأكثر خارج عن هذا العنوان حقيقـة، وإنّما يحصل بعد ملاحظتهما وضمّ كلّ واحد إلى الآخر. ومن هذا البيان تظهر لك أنّـه ليس فيـه علم إجمالي أصلا حتّى يقال بانحلالـه إلى علم تفصيلي وشكّ بدوي، بل الأقلّ من أوّل الأمر معلوم تفصيلا والأكثر مشكوك، فتجري فيـه البراءة بلاريب.
ثمّ لا يخفى أنّ مورد النزاع هو ما إذا كان الأقلّ مأخوذاً لا بشرط من جهـة الزيادة، وأمّا لو كان مأخوذاً بشرط لا ودار الأمر بينـه وبين الأكثر، كما إذا تردّد السورة بين أن تكون جزءً أو مانعاً، فهو خارج عن محلّ البحث وداخل في المقام الأوّل، للمباينـة المتحقّقـة بين الأقلّ بشرط لا والأكثر الذي هو عبارة عن الأقلّ بشرط شيء، ضرورة ثبوت المضادّة بين البشرط شيء والبشرط لا، كما لايخفى.
الثاني: يدخل في مورد النزاع جميع أقسام الأقلّ والأكثر، سواء كان في نفس المأمور بـه أو في الموضوع الخارجي الذي تعلّق التكليف بفعلـه أو تركـه، أو في الأسباب مطلقاً، وسواء كان من قبيل الجزء والكلّ، أو من قبيل الشرط والمشروط، أو من قبيل الجنس والنوع، أو الطبيعـة والحصّـة، وسواء كانت الشبهـة وجوبيّـة، أو تحريميـة وسواء كانت حكميّـة أو موضوعيّـة.


(الصفحة175)

وأمّا ما أفاده المحقّق العراقي ـ على ما في التقريرات المنسوبـة إليـه ـ من خروج الطبيعي والحصّـة عن مركز هذا النزاع، لأنّ الطبيعي باعتبار قابليّتـه للانطباق على حصّـة اُخرى منـه المباينـة مع الحصّـة المتحقّقـة في ضمن زيد لاتكون محفوظاً بمعناه الإطلاقي في ضمن الأكثر، فيدخل في التعيـين والتخيـير الراجع إلى المتباينين(1).
ففيـه: أنّـه لا فرق بين الطبيعي والحصّـة وبين الجنس والنوع، فإنّ الملاك في الجميع هو كون الأقلّ القدر المشترك مأخوذاً في التكليف على أيّ تقدير، وهذا الملاك موجود في الطبيعي والحصّـة.
نعم، المثال الذي ذكره ـ وهو الإنسان وزيد ـ خارج عن موضوع البحث، كما أنّ أخذ النوع لو كان بعنوان واحد يكون أيضاً خارجاً. نعم لو كان بنحو أخذ الجنس أيضاً يكون داخلا، كما أنّ الطبيعي والحصّـة أيضاً كذلك.
وبالجملـة: لو كانت الحصّـة وكذا النوع مأخوذاً بعنوان واحد لا يكون الطبيعي أو الجنس في ضمنـه، لما كان وجـه لجريان البراءة أصلا، ولو لم يكن على هذا النحو يكون داخلا في مورد النزاع، فتدبّر.
ثمّ أنّا نتكلّم من تلك الأقسام الكثيرة المتقدّمـة في مهمّاتها، وهي الأقلّ والأكثر الذي كان من قبيل الكلّ والجزء، وما كان من قبيل الشرط والمشروط، وما كان في الأسباب والمحصّلات والأقلّ والأكثر في الشبهـة الموضوعيـة، فهنا مطالب:


1 ـ نهايـة الأفكار 3: 373.

(الصفحة176)

المطلب الأوّل

في الأقلّ والأكثر الذي كان من قبيل الكلّ والجزء

وهو معركـة للآراء; فمن قائل بجريان البراءة فيـه مطلقاً، ومن قائل بعدم جريانـه مطلقاً، ومـن قائل بالتفصيل بين البراءة الشرعيّـة والعقليّـة بجريان الاُولى دون الثانيـة، كمـا اختاره المحـقّق الخـراساني(1) وتبعـه بعض مـن أجـلاّء تلامذتـه(2). مقتضى التحقيق هو الوجـه الأوّل.

في جريان البراءة العقلية

وتنقيحـه يتمّ برسم اُمور:
الأوّل: أنّ المركّبات الاعتباريّـة في عالم الاعتبار واللحاظ يكون كالمركّبات الخارجيّـة الحقيقيّـة في الخارج، فكما أنّ التركيب الحقيقي إنّما يحصل بالكسر والانكسار الحاصل بين الأجزاء بحيث صار موجباً لانخلاع صورة كلّ واحد منها وحصول صورة اُخرى للمجموع، كذلك المركّب الاعتباري في عالم الاعتبار لا يكون ملحوظاً إلاّ شيئاً واحداً وأمراً فارداً يكون لـه صورة واحدة اعتباراً، فكأنّـه لا يكون لـه إلاّ وجود واحد هو وجود المجموع، والأجزاء لا يكون لها وجود مستقل، بل هي فانيـة في المركّب.


1 ـ كفايـة الاُصول: 413 ـ 416.
2 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 4: 162.

(الصفحة177)

الثاني: أنّ المأمور الذي اُمر بإيجاد مركّب اعتباري إذا قصد امتثال الأمر والإتيان بالمأمور بـه، يتعلّق إرادتـه أوّلا بنفس المركّب الذي هو أمر واحد، وربّما لا يكون الأجزاء حينئذ ملحوظـة لـه ومتوجّهاً إليها أصلا، ثمّ بعدما يتوجّـه إلى تلك الأجزاء التي يتحصّل المركّب منها يتعلّق إرادة اُخرى بإيجادها في الخارج حتّى يتحقّق المجموع، هذا في المأمور.
وأمّا الآمر، فالأمر فيـه بالعكس، فإنّـه يتصوّر أوّلا الأجزاء والشرائط كلّ واحد منها مستقلاّ، ثمّ يلاحظ أنّ الغرض والمصلحـة يترتّب على مجموعها بحيث يكون اجتماعها مؤثّراً في حصول الغرض، فيلاحظها أمراً واحداً وتعلّق أمره بـه ويحرّك المكلّف نحو إتيانـه، فهو ينتهي من الكثرة إلى الوحدة، كما أنّ المأمور ينتهي من الوحدة إلى الكثرة.
الثالث: الأمر المتعلّق بالمركّب الاعتباري لا يكون إلاّ أمراً واحداً متعلّقاً بأمر واحد، والأجزاء لا تكون مأموراً بها أصلا، لعدم كونها ملحوظـة إلاّ فانيـة في المركّب بحيث لا يكون لها وجود استقلالي. غايـة الأمر أنّ كلّ جزء مقدّمـة مستقلّـة لتحقّق المأمور بـه، غايـة الأمر أنّها مقدّمـة داخليّـة في مقابل المقدّمـة الخارجيـة.
والفرق بين قسمي المقدّمـة: أنّ المقدّمـة الخارجيّـة يكون الداعي إلى إتيانهما أمر آخر ناش من الأمر بذي المقدّمـة، بناءً على وجوب المقدّمـة، أو اللزوم العقلي بناءً على عدم الوجوب، والمقدّمات الداخليّـة يكون الداعي إليها هو نفس الأمر المتعلّق بذي المقدّمـة لعدم كون المركّب مغايراً لها، لأنّـه إجمالها وصورتها الوحدانيّـة، وهي تفصيلـه وتحليلـه، وهو لا ينافي مقدّميـة الأجزاء، لأنّ المقدّمـة إنّما هو كلّ جزء مستقلاّ لا مجموع الأجزاء. وبالجملـة، فالأمر

(الصفحة178)

المتعلّق بالمركّب يدعو بعينـه إلى الأجزاء، ولا يلزم من ذلك أن يكون الأمر داعياً إلى غير متعلّقـه، لأنّ الأجزاء هي نفس المركّب، والفرق بينهما بالإجمال والتفصيل والبساطـة والتحليل.
الرابع: أنّك عرفت في الأمر الثالث أنّ الأمر يدعو إلى الأجزاء بعين دعوتـه إلى المركّب، ويترتّب على ذلك أنّ الحجّـة على الأجزاء إنّما هي بعينها الحجّـة على المركّب لكن مع تعيـين الأجزاء التي ينحلّ إليها، وأمّا مع عدم قيام الحجّـة على بعض ما يحتمل جزئيّتـه فلا يمكن أن يكون الأمر المتعلّق بالمركّب داعياً إلى ذلك الجزء المشكوك أيضاً بعد عدم إحراز انحلال المأمور بـه إليـه.
وبالجملـة: فالأمر المتعلّق بالمركّب إنّما يدعو إلى ما علم انحلالـه إليـه من الأجزاء، وأمّا الجزء المشكوك فلا يعلم بتعلّق الأمر بما ينحلّ إليـه حتّى يدعو الأمر إليـه أيضاً.
وبالجملـة: فتماميـة الحجّـة تـتوقّف على إحراز الصغرى والكبرى معاً، وإلاّ فمع الشكّ في إحداهما لا معنى لتماميّتها، فاللازم العلم بتعلّق الأمر بالمركّب وبأجزائـه التحليليّـة أيضاً، وبدون ذلك تجري البراءة عقلا الراجعـة إلى قبح العقاب بلا بيان والمؤاخذة بلا برهان.
ودعوى: أنّ مع ترك الجزء المشكوك لا يعلم بتحقّق عنوان المركّب، ومن الواضح لزوم تحصيلـه.
مدفوعـة: بأنّ مرجع ذلك إلى كون أسامي العبادات موضوعـة للصحيحـة منها، والكلام إنّما هو بناءً على القول الأعمّي الذي مرجعـه إلى صدق الاسم مع الإخلال بالجزء المشكوك.
وكيف كان: فتعلّق الأمر بالمركّب الذي هو أمر وجداني معلوم تفصيلا لا

(الصفحة179)

خفاء فيـه، وعدم كون الأجزاء متعلّقـة للأمر بوجـه أيضاً معلومـة كذلك، إلاّ أنّ ذلك الأمر المعلوم إنّما يكون حجّـة بالنسبـة إلى ما قامت الحجّـة على انحلال المركّب بـه، وأمّا ما لم يدلّ على جزئيّتـه لـه فلا يكون الأمر بالمركّب حجّـة بالنسبـة إليـه ولا يحرّك العبد نحوه. ولسنا نقول بأنّ متعلّق الأمر معلوم إجمالا، وهذا العلم الإجمالي ينحلّ إلى العلم التفصيلي بوجوب الأقلّ والشكّ البدوي في وجوب الأكثر. كيف وقد عرفت أنّ متعلّق الأمر هو الأمر المركّب، وتعلّقـه بـه معلوم تفصيلا، والشكّ إنّما هو في أجزاء المركّب، وهي غير مأمور بها أصلا، سواء فيـه الأقلّ والأكثر، غايـة الأمر أنّ هذا الأمر لا يكاد يدعو إلاّ إلى ما علم بتركيب المركّب منـه، كما عرفت. فتحصّل من جميع ما ذكرنا أنّ الحقّ جريان البراءة العقليّـة.

الإشكالات الثمانية على جريان البراءة العقليّة عن الأكثر ودفعها

ثمّ إنّ هنا إشكالات على ذلك لابدّ من ذكرها والجواب عنها فنقول:
منها: أنّ الأمر في باب الأقلّ والأكثر أيضاً دائر بين المتباينين، لأنّ المركّب من الأقلّ الذي هو الأمر الوحداني الحاصل من ملاحظـة أجزائـه شيئاً واحداً يغاير المركّب من الأكثر الذي مرجعـه إلى ملاحظـة الوحدة بين أجزائـه، فالمركّب من الأقلّ لـه صورة مغايرة للمركّب من الأكثر، فإذا دار الأمر بينهما يجب الاحتياط بإتيان الأكثر.
ويظهر جواب هذا الإشكال من ملاحظـة ما ذكرنا، فإنّ المركّب من الأقلّ ليس لـه صورة تغاير نفس الأجزاء المركّبـة منـه بحيث كان هنا أمران: الأجزاء التي يتحصّل منها المركّب، والصورة الحاصلـة منها، بل ليس هنا إلاّ أمر واحد

(الصفحة180)

وهو نفس الأجزاء، ولذا ذكرنا أنّ الأمر يدعو إلى الأجزاء بعين داعويّتـه إلى المركّب، لعدم التغاير بينهما. وهكذا المركّب من الأكثر ليس لـه صورة مغايرة للأجزاء، بل هو نفسها، وحينئذ فلا يكون في البين إلاّ الأجزاء التي دار أمرها بين الأقلّ والأكثر. فالمقام لا يكون من قبيل دوران الأمر بين المتباينين، مضافاً إلى أنّـه لو كان من ذلك القبيل لكان مقتضاه الجمع بين الإتيان بالمركّب من الأقلّ مرّة وبالمركّب من الأكثر اُخرى، ولا يجوز الاكتفاء بالثاني، كما أنّـه لا يجوز الاكتفاء بالأوّل.
ومنها: ما نسب إلى المحقّق صاحب الحاشيـة ـ وإن كانت عبارتها لا تنطبق عليـه، بل هي ظاهرة في وجـه آخر سيأتي التعرّض لـه ـ من أنّ العلم بوجـوب الأقلّ لا ينحلّ بـه العلم الإجمالي، لتردّد وجوبـه بين المتباينين، فإنّـه لا إشكال في مباينـة الماهيّـة بشرط شيء للماهيّـة لا بشرط، لأنّ أحدهما قسيم الآخر، فلو كان متعلّق التكليف هو الأقلّ فالتكليف بـه إنّما يكون لا بشرط عن الزيادة، ولو كان متعلّق التكليف هو الأكثر فالتكليف بالأقلّ إنّما يكون بشرط انضمامـه مع الزيادة، فوجوب الأقلّ يكون مردّداً بين المتباينين باعتبار اختلاف سنخي الوجوب الملحوظ لا بشرط أو بشرط شيء. كما أنّ امتثال التكليف المتعلّق بالأقلّ يختلف حسب اختلاف الوجوب المتعلّق به، فإنّ امتثاله إنّما يكون بانضمام الزائد إليـه إذا كان التكليف بـه ملحوظاً بشرط شيء، بخلاف ما إذا كان ملحوظاً لا بشرط، فإنّـه لا يتوقّف امتثالـه على انضمام الزائد إليـه، فيرجع الشكّ في الأقلّ والأكثر الارتباطي إلى الشكّ بين المتباينين تكليفاً وامتثالا(1)، انتهى.


1 ـ هدايـة المسترشدين: 441.
<<صفحه بعد فهرست صفحه قبل>>