جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احكام و فتاوا
دروس
معرفى و اخبار دفاتر
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
اخبار
مناسبتها
صفحه ويژه
معتمد الأصول المجلد الثاني « کتابخانه « صفحه اصلى  

<<صفحه بعد فهرست صفحه قبل>>


(الصفحة241)

المنسيّين فـي مقام الدخـل في الملاك والمصلحـة فلا شبهـة في أنّ هـذا الدخـل أمـر تكويني غير قابل لأن يتعلّق بـه الرفـع التشريعي.
وإن اُريد رفعهما بلحاظ انتزاعهما عن التكليف الضمني المتعلّق بالجزء والتقيّد بالشرط، فيرد عليـه ما تقدّم من اختصاص الرفع في الحديث برفع ما لولاه يكون قابلا للثبوت تكليفاً أو وضعاً وعدم شمولـه للتكاليف المتعلّقـة بالمنسي في حال النسيان، لارتفاعها بمحض تعلّق النسيان، بملاك استحالـة التكليف بما لايطاق.
ثالثها: أنّـه على تقدير تسليم دلالـة الحديث فغايـة ما يقتضيـه إنّما هو رفع إبقاء الأمر الفعلي والجزئيّـة الفعليـة عن الجزء المنسي في حال النسيان الملازم بمقتضى ارتباطيـة التكليف لسقوط الأمر الفعلي عن البقيّـة أيضاً مادام النسيان، وأمّا اقتضاؤه لسقوط المنسي عن الجزئيـة والشرطيـة في حال النسيان لطبيعـة الصلاة المأمور بها رأساً على نحو يستـتبع تحديد دائرة الطبيعـة في حال النسيان بالبقيّـة ويقتضي الأمر بإتيانها، فلا; بداهـة خروج ذلك عن عهدة حديث الرفع، لعدم تكفّل الحديث لإثبات الوضع والتكليف، لأنّ شأنـه إنّما هو التكفّل للرفع محضاً(1)، انتهى ملخّصاً.
ويرد على الوجـه الأوّل: ما عرفت من أنّ المرفوع في باب الأجزاء هو المنسي وهو طبيعـة الأجزاء مع قطع النظر عن الوجود والعدم. ومعنى رفع الطبيعـة هو رفع الأثر الشرعي المترتّب عليها وهي الجزئيـة، وليس المنسي هو وجود الطبيعـة حتّى يقال: إنّ أثر وجود الجزء هي الصحّـة لا الجزئيـة. هذا

1 ـ نهايـة الأفكار 3: 428 ـ 429.

(الصفحة242)

مضافاً إلى أنّـه يمكن منع ذلك أيضاً، فإنّ أثر الجزء الموجود أيضاً هي الجزئيـة لا الصحّـة، لأنّها من الآثار العقليّـة المنتزعـة عن مطابقـة المأتي بـه مع المأمور بـه، وأمّا الأثر الشرعي فليس إلاّ الجزئيّـة، كما لايخفى.
وعلى الوجـه الثاني: أنّ ما ذكره في الشقّ الثاني من الترديد مخالف لما حقّقـه سابقاً من عدم الفرق في إطلاق أدلّـة الأجزاء وشمولها لحال النسيان بين كونها بلسان الوضع أو بلسان الأمر بالتقريب المتقدّم في كلامـه وإن كان هذا التقريب محلّ نظر من وجوه، كما عرفت.
وعلى الوجـه الثالث: ما حقّقناه من الاُمور المتقدّمـة التي نتيجتها أنّ حديث الرفع كالاستثناء بالنسبـة إلى الأدلّـة الأوّليـة الدالّـة على الأجزاء، حيث إنّـه يخصّصها ويقيّدها بحال الذكر، ولازم ذلك كون المأمور بـه في حقّ الناسي هي الطبيعـة المنطبقـة على الناقصـة، ومع الإتيان بالمأمور بـه لا معنى لعدم الإجزاء، كما هو واضح من أن يخفى.
فانقدح من جميع ما ذكرنا: أنّ مقتضى الأصل الشرعي كالأصل العقلي هو الاجتزاء بالمركّب الناقص وعدم لزوم الإعادة، سواء كان النسيان مستوعباً للوقت أم لم يكن.
وقد عرفت أيضاً: أنّ قياس المقام بما إذا لم يأت بالمأمور بـه رأساً في النسيان الغير المستوعب، حيث إنّـه يجب الإتيان بـه بعد زوال النسيان قطعاً، قياس مع الفارق، لأنّ في المقام قد أتى بما هو المأمور بـه واقعاً.
غايـة الأمـر أنّ دائـرتـه محدودة فـي حـال النسيان بالبقيّـة، وهـذا بخـلاف مـا إذا لم يـأت بـه أصـلا، فإنّـه لم يـأت بشـيء حتّى نحكم بالإجـزاء، كمـا هـو واضح.


(الصفحة243)

المقام الثالث: في حال الزيادة العمديّة أو السهويّة

وليعلم أنّ تحقّق زيادة الجزء في المأمور بـه بما هو المأمور بـه ممّا لا يتصوّر بنظر العقل وليست الزيادة كالنقيصـة، لأنّك قد عرفت(1) سابقاً أنّ الجزئيـة إنّما تنتزع من تعلّق أمـر واحـد بالمجموع المركّب مـن عـدّة أشياء ملحوظـة أمراً واحداً، كما أنّ منشأ انتزاع الكلّيـة أيضاً هذا المعنى، لأنّ الكلّيـة والجزئيّـة مـن الاُمور المتضايفـة التي لا يعقل تحقّق واحـد منها بدون الآخر.وحينئذ فنقول:

في تصوير وقوع الزيادة في الأجزاء

إنّ معنى نقيصـة الجزء عبارة عن عدم كون المركّب الواقع في الخارج واجداً لـه، وأمّا معنى زيادتـه فلا يتحقّق إلاّ بكون الزائد أيضاً جزءً للمأمور بـه، ومع كونـه جزءً لـه أيضاً، كما هو المفروض لا يتحقّق الزيادة، بل المأتي بـه هو عين المأمور بـه.
وبالجملـة: فلا يجتمع عنوان الزيادة مع كون الزائد أيضاً جزءً للمأمور بـه، لأنّـه على تقدير كونـه جزءً لـه لا يكون زائداً. وعلى تقدير كونـه زائداً لا يكون جـزءً فزيادة الجـزء بما هـو جـزء في المأمـور بـه ممّا لا يتصوّره العقل.
نعم يتحقّق عنوان الزيادة بنظر العرف فيما إذا كان الجزء مأخوذاً لا بشرط

1 ـ تقدّم في الصفحـة 177.

(الصفحة244)

من الزيادة، وأمّا على تقدير كونـه بشرط لا من جهـة الزيادة فقد يقال ـ كما قيل ـ بأنّ مرجع الزيادة حينئذ إلى النقيصـة، لأنّ الجزء المتّصف بالجزئيّـة هي الطبيعـة المتقيّدة بقيد الوحدة، فهي بدونها لا تكون جزءً للمركّب، فهو حينئذ يصير فاقداً للجزء ولا يكون مشتملا على الزيادة.
ولكن لا يخفى: أنّ الجزء في هذا الحال أيضاً هي ذات الطبيعـة، وقيد الوحدة شرط للجزء، فإيجاد الطبيعـة مرّتين مرجعـه إلى إيجاد ذات الجزء كذلك، فذات الجزء قد زيد وإن كان هذه الزيادة راجعـة إلى النقيصـة أيضاً من جهـة فقدان شرط الجزء، فالإتيان بالحمد ـ مثلا ـ ثانياً زيادة لذات الجزء وموجباً لنقصان شرطـه، فتحقّق بـه الزيادة والنقيصـة معاً. وحينئذ فلا وجـه لما ذكروه من رجوع الزيادة حينئذ إلى النقيصـة، كما عرفت.

كلام المحقّق العراقي في تصوير وقوع الزيادة الحقيقيّة

ثمّ إنّ المحقّق العراقي (قدس سره) أفاد في تصوير وقوع الزيادة الحقيقيّـة في الأجزاء والشرائط كلاماً أوضحـه بما مهّده من اُمور ثلاثـة:
الأوّل: لا شبهـة في أنّـه يعتبر في صدق الزيادة الحقيقيـة في الشيء أن يكون الزائد من سنخ المزيد عليـه، وبدونـه لا يكاد يصدق هذا العنوان، ولذا لايصدق على الدهن الذي اُضيف إليـه مقدار من الدبس أنّـه زاد فيـه إلاّ على نحو من العنايـة. نعم الصادق إنّما هو عنوان الزيادة على ما في الظرف بعنوان كونـه مظروفاً، لا بعنوان كونـه دهناً، فقوام الزيادة حينئذ في المركّبات إنّما هو بكون الزائد من سنخ ما اعتبر جزءً أو شرطاً لها. فإذا كان المركّب بنفسـه من

(الصفحة245)

العناوين القصديّـة كالصلاة ـ مثلا ـ على ما هو التحقيق يحتاج في صدق عنوان الزيادة فيها إلى قصد عنوان الصلاتيـة بالجزء المأتي بـه أيضاً، وإلاّ لا يكون المأتي بـه حقيقـة من سنخ الصلاة، فلا يصدق عنوان الزيادة.
الثاني: يعتبر أيضاً في صدق عنوان الزيادة في الشيء أن يكون المزيد فيـه مشتملا على حدّ مخصوص ولو اعتباراً حتّى يصدق بالإضافـة إليـه عنوان الزيادة وعدمها، كما في ماء النهر مثلا، فإنّـه لابدّ في صدق هذا العنوان من أن يفرض للماء حدّ مخصوص ككونـه بالغاً إلى نقطـة كذا ليكون الزائد موجباً لانقلاب حدّه الخاصّ إلى حدّ آخر، وإلاّ فبدون ذلك لا يصدق عليـه هذا العنوان، وكذلك الأمر في المركّبات، ففيها أيضاً لابدّ من اعتبار حدّ خاصّ فيما اعتبر جزء لها في مقام اختراع المركّب.
الثالث: أنّ أخذ الجزء أو الشرط في المركّب في مقام اعتباره واختراعـه يتصوّر على وجوه ثلاثـة:
أحدها: اعتبار كونـه جزءً أو شرطاً على نحو «بشرط لا» من جهـة الزيادة في مقام الوجود والتحقّق.
ثانيها: اعتبار كونـه جزءً على نحو «لا بشرط» من طرف الزيادة، على معنى أنّـه لو زيد عليـه لكان الزائد خارجاً عن ماهيّـة المركّب باعتبار عدم تعلّق اللحاظ بالزائد في مقام اعتباره جزءً للمركّب، كما لو فرض أنّـه اعتبر في جعل ماهيّـة الصلاة الركوع الواحد لا مقيّداً كونـه بشرط عدم الزيادة ولا طبيعـة الركوع، فإنّ في مثلـه يكون الوجود الثاني من الركوع خارجاً عن حقيقـة الصلاة، لعدم تعلّق اللحاظ بـه في مقام جعل ماهيّـة الصلاة.
ثالثها: اعتبار كونـه جزءً على نحو «لا بشرط» بنحو لو زيد عليـه لكان

(الصفحة246)

الزائد أيضاً من المركّب، وداخلا فيـه لا خارجاً عنـه، كما لو اعتبر في جعل ماهيّـة الصلاة طبيعـة الركوع في كلّ ركعـة منها الجامعـة بين الواحد والمتعدّد.
وبعدمـا عرفت ذلك نقول: إنّـه علـى الاعتبار الأوّل لا شبهـة فـي أنّـه لا مجال لتصوّر تحقّق الزيادة، فإنّـه من جهـة اشتراطـه بعدم الزيادة في مقام اعتباره جزءً للمركّب تكون الزيادة فيـه موجبـة للإخلال بقيده، فترجع إلى النقيصـة.
وكذلك الأمر على الاعتبار الثاني، فإنّـه وإن لم ترجع الزيادة فيـه إلى النقيصـة، إلاّ أنّ عدم تصوّر الزيادة الحقيقيّـة إنّما هو لمكان عدم كون الزائد من سنخ المزيد عليـه، فإنّـه بعد خروج الوجود الثاني عن دائرة اللحاظ في مقام جعل ماهيّـة الصلاة يستحيل اتّصاف الوجود الثاني بالصلاتيـة، فلا يرتبط حينئذ بالصلاة حتّى يصدق عليـه عنوان الزيادة.
وأمّا على الاعتبار الثالث فالظاهر أنّـه لا قصور في تصوّر الزيادة الحقيقيّـة، فإنّ المدار في زيادة الشيء في الشيء على ما عرفت إنّما هو بكون الزائد من سنخ المزيد فيـه مع كونـه موجباً لقلب حدّ إلى حدّ آخر، وهذا لا فرق فيـه بين أن يكون الجزء مأخوذاً في مقام الأمر والطلب بشرط لا، أو على نحو لابشرط بالمعنى الأوّل، أو اللابشرط بالمعنى الثاني.
وذلك على الأوّلين ظاهر، فإنّ الوجود الثاني من طبيعـة الجزء ممّا يصدق عليـه عنوان الزيادة بالنسبـة إلى ما اعتبر في المأمور بـه من تحديد الجزء بالوجود الواحد، حيث إنّـه بتعلّق الأمر بالصلاة المشتملـة على ركوع واحد يتحدّد طبيعـة الصلاة بالقياس إلى دائرة المأمـور بـه منها بحـدّ يكون الوجـود الثاني بالقياس إلى ذلك الحدّ مـن الزيادة في الصلاة الموجب لقلب حـدّه إلى

(الصفحة247)

حـدّ آخـر وإن لـم يصـدق عليـه عنـوان الـزيادة بالنسبـة إلـى المأمـور بـه بما هـو مأمور بـه. غايـة ما هناك أنّـه على الأوّل يكون الوجـود الثاني مـن الزيادات المضرّة بالمأمـور بـه من جهـة رجوعـه إلى الإخلال بـه من جهـة النقيصـة، بخلافـه علـى الثاني، فإنّـه لا يكون مـن الزيادات المبطلـة، وإنّما غايتـه كونـه لغواً.
وكـذلك الأمـر على الأخيـر، إذ بانطبـاق صـرف الطبيعـي علـى الوجـود الأوّل في الوجـودات المتعاقبـة يتحدّد دائـرة المركّب والمأمـور بـه قهراً، بحـدّ يكون الوجـود الثانـي بالقياس إليـه من الزيـادة في المركّب والمأمـور بـه فتأمّل(1)، انتهى ملخّصاً.
ويرد عليـه ـ مضافاً إلى عدم معقوليّـة الوجـه الثاني من الوجوه الثلاثـة التي صوّرها في مقام أخذ الجزء أو الشرط في المركّب في مقام اعتباره، فإنّـه كيف يمكن الجمع بين كون المعتبر في جعل ماهيّـة الصلاة الركوع المتّصف بوصف الوحدة وبين كونـه على نحو لا بشرط من جهـة الزيادة. فإنّـه لو كان قيد الوحدة معتبراً لكان الركوع المعتبر، بشرط لا من جهـة الزيادة، فيرجع إلى الوجـه الأوّل، وإن لم يكن فمرجعـه إلى الوجـه الثالث، فلا يكون الوجـه الثاني وجهاً في حيالهما. ومضافاً إلى أنّ مقتضى الوجـه الثالث ليس كون الزائد أيضاً داخلا في المركّب لأنّـه لو فرض كون المعتبر في المركّب هي طبيعـة الركوع بما هي هي لكان مقتضى ذلك هو صيرورة الوجود الأوّل جزءً، واتصاف الوجود الثاني بالجزئيّـة موقوف على اعتبار شيء آخر مع الطبيعـة، والمفروض عدمـه ـ

1 ـ نهايـة الأفكار 3: 436 ـ 438.

(الصفحة248)

أنّ الزيادة التي هي مورد للبحث هي الزيادة في المكتوبـة أي المأمور بـه، وحينئذ فلابدّ من ملاحظـة مقام الأمر والطلب، ومجرّد تصوير الزيادة بناءً على الاعتبار الثالث في مقام التحديد والاعتبار لا يجدي بالنسبـة إلى مقام الأمر والطلب، كما هو واضح.
فلو كان في هذا المقام قد اُخذ الجزء بشرط لا أو لا بشرط بالمعنى الأوّل لا يمكن تحقّق الزيادة بناءً على ما ذكره من عدم تصوّرها في الوجهين الأوّلين، مضافاً إلى أنّـه لو كان الأمر مطابقاً للاعتبار الثالث الذي تصوّر فيـه الزيادة لايكون أيضاً من الزيادة في المكتوبـة بما أنّها مكتوبـة، لأنّ الزائد إن اتّصف بوصف الجزئيّـة لا يكون حينئذ زائداً على المكتوبـة، وإن لم يتّصف بـه فلا يكون جزءً، ولا يتحقّق زيادة الجزء بناءً على ما ذكره في الأمر الأوّل من أنّـه يعتبر في صدق عنوان الزيادة كون الزائد من سنخ المزيد فيـه، كما لايخفى.
فالإنصاف: أنّـه لا يمكن تصوّر الزيادة الحقيقيّـة أصلا، بل المتصوّر منها إنّما هي الزيادة بنظر العرف، هذا بحسب الموضوع.

مقتضى الأصل في الزيادة

وأمّا الحكم المتعلّق بالزيادة فاعلم: أنّ الأصل الأوّلي في الزيادة يقتضي عدم بطلان العمل بسببها، سواء كانت عمديّـة أو سهويّـة، لأنّ المعتبر في مقام الامتثـال كـون المأتي بـه مطابقاً للمأمـور بـه، والبطلان إنّما ينتزع مـن عدم تطابقـه معـه، والمفروض أنّ الزيادة غير دخيلـة في المأمور بـه.
نعم يمكن الشكّ في اعتبار عدمهما في الواجب. وحينئذ يرجع إلى الشكّ في النقيصـة، وقد مرّ حكمها.


(الصفحة249)

وبالجملـة: فالزيادة بما أنّها زيادة لا توجب الفساد والبطلان، بخلاف النقيصـة التي عرفت أنّ الأصل الأوّلي فيها هو الفساد والبطلان.
ثـمّ إنّـه ربّما يتمسّك لصحّـة العمل مـع الزيـادة بالاستصحـاب، وتقريره مـن وجوه:
أحدها: استصحاب عدم مانعيّـة الزيادة وعدم كونها مضادّة للمأمور بـه، بتقريب أنّ ماهيّـة الزائد قبل تحقّقها في الخارج لم تكن مانعـة وقاطعـة، وبعد وجودها فيـه نشكّ في اتّصافها بهذا الوصف، فمقتضى الاستصحاب عدمـه، وأنّ الماهيّـة الآن كما كانت قبل وجودها، هذا.
وقد عرفت فيما سبق غير مرّة: أنّ مثل هذا الاستصحاب لا يجري بناءً على ما هو التحقيق ـ كاستصحاب عدم قرشيـة المرأة وعدم التذكيـة في الحيوان ونظائرهما ـ لعدم اتّحاد القضيّـة المشكوكـة مع القضيّـة المتيقّنـة، لأنّ القضيّـة المتيقّنـة هي السالبـة الصادقـة مع انتفاء الموضوع، وهي الآن متيقّنـة أيضاً، والقضيـة المشكوكـة هي السالبـة مع وجود الموضوع، وهي كانت في السابق أيضاً مشكوكـة، كما هو واضح.
ثانيها: استصحاب عدم وقوع المانع في الصلاة، لأنّها قبل إيجاد الزيادة لم يقع المانع فيها، والآن نشكّ بسبب إيجاد الزيادة في وقوعـه فيها، ومقتضى الاستصحاب العدم.
ولو نوقش في هذا الاستصحاب بتقريب أنّ عدم وقوع المانع في الصلاة لا يثبت اتّصاف الصلاة بعدم اشتمالها على المانع، والأثر إنّما يترتّب على ذلك لاعلى عدم وقوع المانع في الصلاة، نظير استصحاب العدالـة لزيـد، فإنّـه لا يثبت الموضوع للحكم الشرعي، وهو كون زيد عادلا، فيمكن الجواب عنـه:

(الصفحة250)

بأنّا نستصحب الصلاة المتقيّدة بعدم وقوع المانـع فيها لا مجـرّد عـدم وقوعـه فيها، كما أنّـه يستصحب في المثال كـون زيد عادلا، لا عـدالته حتّى يكون الأصل مثبتاً، هـذا.
ولكن يرد على هذا التقرير مـن الاستصحاب: أنّـه أخصّ مـن المدّعى، لأنّ مـورده مـا إذا حدث مـا يشكّ في مانعيّتـه في أثناء الصلاة، وأمّا لـو كان مقارناً لها من أوّل الشروع فيها فلا يجري، لعدم الحالـة السابقـة المتيقّنـة، كما هو واضح.
ثمّ إنّـه قد يقال: بأنّ استصحاب الصلاة المتّصفـة بخلوّها عن المانع إنّما يتمّ بناءً على أن يكون المانع عبارة عمّا يكون عدمـه معتبراً في المأمور بـه، وأمّا لو كان المانع عبارة عمّا يكون وجوده مضادّاً للمأمور بـه ومانعاً عن تحقّقـه فلا يتمّ، لأنّ استصحاب أحد الضدّين لا يثبت عدم الضدّ الآخر، وكذا استصحاب عدم المانع لا يثبت وجود الضدّ الآخر الذي هو الصلاة، هذا.
ولكن لا يخفى: أنّ المضادّة بين الحدث ـ مثلا ـ وبين الصلاة التي هي مركّبـة من التكبير والقراءة ونحوهما من الأقوال والأفعال التي هي من الاُمور التكوينيـة ممّا لا نتصوّرها، لأنّ معنى المضادّة هو كون وجود أحد الضدّين مانعاً عن تحقّق الضدّ الآخر كما في الاُمور التكوينيّـة، فإنّ تحقّق الرطوبـة مانع عن تحقّق الإحراق، وهذا المعنى مفقود في مثل المقام. ضرورة أنّ الصلاة يمكن أن تـتحقّق مع الحدث وبدونـه، لأنّها ليست إلاّ عبارة عن بعض الأقوال والأفعال التي هي من الاُمور التكوينيـة، فعدم تحقّقها مع الحدث لابدّ وأن يكون مستنداً إلى ثبوت قيد في الصلاة تمنع تحقّقـه معـه، وإلاّ مع عدم تقيّدها بـه لا مجال لعدم تحقّقها معـه.


(الصفحة251)

فمانعيّـة الحدث ـ مثلا ـ إنّما هي باعتبار كون الصلاة متقيّدة بعدمـه، وإلاّ فلا يتصوّر أن يكون مانعاً أصلا، ولا يلزم من ذلك أن يكون العـدم مؤثّراً حتّى يقال بأنّ الاعدام لا تكون مؤثّرة ولا متأثّرة، لأنّا لا ندّعي تأثير العدم، بل نقول: إنّ المأمور بـه محدود بحدّ لا يتحقّق إلاّ مع عدم المانع، ولا يترتّب عليـه الأثـر إلاّ معـه.
ألا ترى أنّـه لو أمر المولى بمعجون مركّب من عدّة أجزاء التي من جملتها مقدار خاصّ من السمّ، بحيث كان الزائد على ذلك المقدار موجباً لعدم تأثير المعجون، بل مهلكاً، فالزائد على ذلك المقدار مانع عن تحقّقـه، ومرجعـه إلى كونـه مقيّداً بعدمـه، ومن الواضح أنّ المؤثّر في تحقّق المعجون ليس هو ذلك المقدار مع عدم الزائد، بل ليس المؤثّر إلاّ ذلك المقدار الخاصّ، والزائد مضادّ لتحقّقـه من دون أن يكون عدمـه مؤثّراً، كما هو واضح.
فانقدح: أنّـه لا ملازمـة بين كون دائرة المأمور بـه مضيّقـة ومحدودة بحدّ لا يتحقّق إلاّ مع عدم المانع، وبين كون عدمـه مؤثّراً في تحقّقـه، كما هو واضح.
إذا عرفت ذلك فاعلم: أنّـه بناءً على كون المانع عبارة عمّا يكون وجوده مضادّاً للممنوع ومانعاً عن تحقّقـه لا مانع من جريان استصحاب الصلاة، لأنّها متقيّدة بعدمها وهذا المقيّد كان موجودأ، وبعد الإتيان بما يشكّ في مانعيّتـه نشكّ في بقائـه، والأصل يقتضي البقاء ولا يكون الأصل مثبتاً.
ومن هنا يظهر أنّـه لا مانع من استصحاب الهيئـة الاتّصاليـة مع الشكّ في قاطعيـة الأمر الموجود، إذ مرجع القاطعيّـة إلى تقيّد الهيئـة الاتّصاليـة بعدم القاطع، وإلاّ فلو فرض عدم التقيّد لا وجـه لكونـه قاطعاً لها.
وحينئذ فيستصحب هذا الأمر المقيّد. نعم بناءً على القول بعدم رجوع المانع

(الصفحة252)

إلى تقيـيد في الممنوع بعدمـه لا مجال للاستصحاب، لأنّ استصحاب عدم الضدّ لا يثبت وجود الضدّ الآخر وكذا العكس.
ثالثها: استصحـاب الصحّـة التأهليّـة للأجـزاء السابقـة، بتقريب أنّ الأجـزاء السابقـة كانت صحيحـة تأهّلا وقابلـة للحوق الأجـزاء الاُخر إليها، وبعد تحقّق ما يشكّ في مانعيّتـه نشكّ في بقاء صحّتها وقابليّتها، فمقتضى الاستصحاب بقائها.
وأورد على هذا التقرير الشيخ (قدس سره) في الرسالـة بأنّ المستصحب إن كان صحّـة مجموع الصلاة فلم تـتحقّق بعد، وإن كان صحّـة الأجـزاء السابقـة فهي غير مجديّـة، لأنّ صحّـة تلك الأجزاء إمّا عبارة عن مطابقتها للأمر المتعلّق بها، وإمّا ترتّب الأثـر عليها، والمراد بالأثـر المترتّب عليها حصول المركّب بها منضمّـة مع باقي الأجزاء والشرائط.
ولا يخفـى أنّ الصحّـة بكلا المعنيـين ثابتـة للأجـزاء السابقـة، لأنّها بعد وقوعها مطابقـة للأمـر المتعلّق بها لا تنقلب عمّا وقعت عليـه، وهي بعد على وجـه لو انضمّ إليها تمام ما يعتبر في الكلّ حصل الكلّ، فعدم حصولـه لعدم انضمام تمام مـا يعتبر في الكـلّ إلى تلك الأجـزاء لا يخلّ بصحّتها(1)، انتهى.
ويمكن دفع ذلك بأنّـه لا دليل على كون إيجاد المانع في الصلاة مانعاً عن قابليـة لحوق الأجزاء اللاحقـة إلى السابقـة من دون أن يكون لـه تأثير في الأجـزاء السابقـة أيضاً، بل يمكن أن يقال: بأنّ المانـع كما يخرج الأجـزاء اللاحقـة عن اللحوق إلى السابقـة، كذلك يخرج الأجزاء السابقـة عن قابليّـة

1 ـ فرائد الاُصول 2: 488.

(الصفحة253)

اللحوق بها، فالمانع كالقاطع للحبل الرابط بين أجزاء السبحـة يمنع عن القابليـة في جميع الأجزاء.
وحينئذ فمع تحقّق ما يشكّ في مانعيّتـه لا مانع من استصحاب التأهليّـة الثابتـة للأجزاء السابقـة قبل وجوده يقيناً، فتدبّر.

المقام الرابع: فيما تقتضيه القواعد الثانويّة في الزيادة والنقيصة

قـد عرفت أنّ مقتضى الأصل العقلي في باب النقيصـة هـو البطلان وفي باب الزيادة هو العدم، إلاّ أنّـه قد ورد في الزيادة في خصوص الصلاة روايات ظاهرة في أنّها توجب الإعادة، وبإزائها حديث «لاتعاد» الدالّ على أنّ الصلاة «لاتعاد» من غير الاُمور الخمسـة المذكورة في عقد المستثنى، فلابدّ أوّلا من بيان مدلول روايات الزيادة الدالّـة على وجوب الإعادة، ثمّ بيان مدلول حديث «لاتعاد»، ثمّ ملاحظـة النسبـة بينهما، كلّ ذلك على سبيل الإجمال، والتفصيل موكول إلى محلّـه.

مقتضى الروايات الواردة في الزيادة

فنقول: إنّ الروايات الواردة في الزيادة كثيرة، وأشملها من حيث الدلالـة روايـة أبيبصير قال: قال أبوعبداللّه (عليه السلام): «من زاد في صلاتـه فعليـه الإعادة»(1).


1 ـ تهذيب الأحكام 2: 194 / 764، وسائل الشيعـة 8: 231، كتاب الصلاة، أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الباب19، الحديث2.

(الصفحة254)

ولا يخفى أنّ عنوان الزيادة لا يتحقّق إلاّ مع قصد كون الزائد من الصلاة، وإلاّ فبدون ذلك القصد يكون الزائـد كالأجنبي، فاللعب بالأصابع فـي أثناء الصلاة لا يكون زيادة فيها، ولا يشترط أن يكون الزائد ركعـة لا أقلّ، كما أنّـه لا يعتبر أن يكون من سنخ الصلاة، بل كلّ ما يؤتى بـه بعنوان الصلاة ممّا يكون خارجاً عنها يكون زيادة فيها، سواء كان ركعـة أو جزءً أو أمراً خارجاً كالتأمين والتكفير ونحوهما.
وما أفاده بعض الأعاظم من المعاصرين في كتاب صلاتـه(1) في وجـه عدم دلالـة الحديث على زيادة غير الركعـة من أنّ الظاهر كون الزيادة في الصلاة من قبيل الزيادة في العمر في قولك: «زاد اللّه في عمرك» فيكون المقدّر الذي جعلت الصلاة ظرفاً لـه هو الصلاة، فينحصر المورد بما كان الزائد مقداراً يطلق عليـه الصلاة مستقلاّ.
لا يخلو عن نظر، بل منع; لأنّ العمر أمر بسيط لا يكون لـه أجـزاء، ولا يعقل أن يكون الزائد من غيره كالزمان وبعض الزمانيات وكالماء ونحوه، وهـذا بخلاف المركّب، فإنّ الزيادة فيـه إنّما تـتحقّق بإضافـة أمـر إلى أجزائـه وإن لم يكن من سنخها.
ألا تـرى أنّـه لـو أمـر المولى بمعجون مركّب مـن عدّة أجـزاء معيّنـة، فـزاد عليه العبد شيئاً آخر مـن سنخها أو مـن غيرها يطلق عليه الزيادة بنظر العرف قطعاً.


1 ـ الصلاة، المحقّق الحائري: 312.

(الصفحة255)

وبـالجملـة: فلا ينبغـي الارتيـاب فـي أنّ النظـر العـرفي لا يسـاعـد على مـا أفـاده (قدس سره) وأنّ عنوان الزيـادة عـامّ شامل فـي المقـام لـزيادة الركعـة وغيرهـا.
نعم يبقى على ما ذكرنا من اعتبار القصد في تحقّق عنوان الزيادة في الصلاة، أنّ ذلك مخالف لظاهر صحيحـة زرارة(1) الناهيـة عن قراءة شيء من سور العزائم في الصلاة، المعلّلـة بأنّ السجود ـ أي السجود الواجب بسبب قراءة آيـة السجدة ـ زيادة في المكتوبـة; لأنّها تدلّ على أنّ السجود زيادة، مع أنّـه لم يؤت بـه بعنوان الصلاة وأنّـه منها، كما هو واضح، هذا.
ولكن لابدّ من توجيـه الروايـة إمّا بكون المراد هو الإلحاق بالزيادة في الحكم المترتّب عليها، وإمّا بوجـه آخر. وقد تخلّص عن هذا الإشكال المحقّق المتقدّم بأنّ الزيادة عبارة عمّا منع الشارع إيجاده في الصلاة، فالمرجع في تشخيص موضوعها هو الشرع لا العرف(2).
ولكن يرد عليـه بأنّ ذلك يستلزم جواز إطلاق الزيادة على جميع موانع الصلاة كالحدث والاستدبار والتكلّم والقهقهـة ونحوها، مع أنّـه لا يعهد من أحد هذا الإطلاق، كما هو غير خفي.
هذا فيما يتعلّق بأخبار الزيادة.



1 ـ تهذيب الأحكام 2: 96 / 361، وسائل الشيعـة 6: 105، كتاب الصلاة، أبواب القراءة في الصلاة، الباب40، الحديث1.
2 ـ الصلاة، المحقّق الحائري: 314.

(الصفحة256)

مقتضى حديث «لاتعاد»

وأمّا حديث «لاتعاد»(1) فيقع الكلام في مدلولـه من جهات:

الاُولى: في شموله لحال العمد وعدمه

فاعلم: أنّ شمولـه لهذا الحال ممّا لا محذور فيـه عقلا، ولا يلزم منـه كون أدلّـة الأجزاء والشرائط غير الخمسـة المذكورة في الحديث واعتبارهما لغواً خالياً عن الفائدة، لإمكان أن تكون الصلاة المشتملـة على تلك الخمسـة سبباً لحصول مرتبـة من المصلحـة ناقصـة، بحيث لا يبقى معـه مجال لاستيفائها بالمرتبـة التامّـة ثانياً.
فالمصلّي إذا ترك بعض الأجزاء الغير الركنيّـة عمداً يكون الإتيان بمثل هذه الصلاة موجباً لاستيفاء مرتبـة ناقصـة من المصلحـة، ولا يتمكّن من إعادة الصلاة المشتملـة على تلك الأجزاء لاستيفاء جميع مراتب المصلحـة، ومع ذلك يعاقب على عدم استيفاء المصلحـة بمرتبتها الكاملـة، لأنّ المفروض أنّ فوات تلك المرتبـة كان بسوء اختياره. وهذا ـ أي عدم استيفاء المرتبـة العليا من المصلحـة وجواز عقوبتـه على ذلك ـ هو نتيجـة اعتبار تلك الأجزاء الغير

1 ـ عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «لا تعاد الصلاة إلاّ من خمسـة: الطهور، والوقت، والقبلـة، والركوع، والسجود...» إلى آخره.
تهذيب الأحكام 2: 152 / 597، وسائل الشيعـة 7: 234، كتاب الصلاة، أبواب قواطع الصلاة، الباب1، الحديث4.

(الصفحة257)

الركنيّـة في الصلاة، فلم يكن شمول الحديث لصورة العمد منافياً مع اعتبار الأجزاء الغير الركنيّـة، إلاّ أنّ الإنصاف انصراف الحديث عن هذه الصورة واختصاصـه بغيرها.

الثانية : في شموله للجهل أو النسيان مطلقاً في الحكم أو الموضوع

فاعلم: أنّ المحقّق المتقدّم نفى البعد في كتاب صلاتـه عن دعوى انصراف الحديث إلى الفعل الحاصل بالسهو والنسيان في الموضوع. وقال في بيانـه ما ملخّصـه: إنّ ذلك يبتني على مقدّمتين:
إحداهما: أنّ ظاهر قولـه (عليه السلام): «لاتعاد» هو الصحّـة الواقعيّـة وكون الناقص مصداقاً واقعيّاً لامتثال أمر الصلاة، ويؤيّده الأخبار(1) الواردة في نسيان الحمد حتّى ركع، فإنّها حاكمـة بتماميّـة الصلاة.
ثانيتهما: أنّ الظاهر من الصحيحـة أنّ الحكم إنّما يكون بعد الفراغ من الصلاة، وإن أبيت من ذلك فلابدّ من اختصاصها بصورة لا يمكن تدارك المتروك، كمن نسي القراءة ولم يذكر حتّى ركع، فلا يمكن أن يكون مستنداً لجواز الدخول في الصلاة، بل يكون مستنداً لمن دخل في الصلاة وقصد امتثال الأمر الواقعي باعتقاده ثمّ تبيّن الخلل في شيء من الأجزاء والشرائط. فالعامد الملتفت خارج عن مصبّ الروايـة كالشاكّ في وجوب جزء أو شرط أو الشاكّ في وجود شرط بعد الفراغ عن شرطيّتـه، فإنّ مرجع ذلك كلّـه إلى قواعد اُخر لابدّ أن يراعيها حتّى يجوز لـه الدخول في الصلاة.


1 ـ راجع وسائل الشيعـة 6: 90، كتاب الصلاة، أبواب القراءة في الصلاة، الباب29.

(الصفحة258)

نعم لو اعتقد عدم وجوب شيء أو عدم شرطيـة شيء أو كان ناسياً لحكم شيء من الجزئيّـة والشرطيّـة يمكن توهّم شمول الصحيحـة.
لكن يدفعـه ما ذكرنا في المقدّمـة الاُولى، فإنّـه لا يعقل أن يقيّد الجزئيّـة والشرطيّـة بالعلم بهما بحيث لو صار عالماً بعدمهما بالجهل المركّب، لما كان الجزء جزءً ولا الشرط شرطاً.
نعم يمكن على نحو التصويب الذي ادّعي الإجماع على خلافـه، بمعنى أنّ المجعول الواقعي وهو المركّب التامّ يكون ثابتاً لكلّ أحد، ولكن نسيان الحكم أو الغفلـة عنـه أو القطع بعدمـه بالجهل المركّب صار سبباً لحدوث مصلحـة في المركّب الناقص على حدّ المصلحـة فـي التامّ، فيكون الإتيان بـه في تلك الحالـة مجزياً عن الواقع، فيصحّ إطلاق التماميّـة في مقام الامتثال على الناقص المأتي بـه، وهذا الاحتمال مضافاً إلى ظهور كونـه خلاف الإجماع ينافيـه بعض الأخبار أيضاً.
فتحصّل ممّا ذكرنا أنّ الأقسام المتوهّم دخولها في عموم الصحيحـة بعضها خارج عن مصبّ الروايـة وبعضها خارج من جهـة اُخرى، ولا يبقى فيـه إلاّ السهو والنسيان والجهل المركّب بالنسبـة إلى الموضوع(1)، انتهى ملخّص موضع الحاجـة من كلامـه، زيد في علوّ مقامـه.
ويرد على ما ذكره في المقدّمـة الاُولى: منع ظهور الحديث في الصحّـة الواقعيّـة وكون الناقص مصداقاً واقعيّاً للصلاة المأمور بها، وذلك لاشتمال الحديث على التعليل بأنّ القراءة سنّـة، والتشهّد سنّـة، والسنّـة لا تنقض

1 ـ الصلاة، المحقّق الحائري: 316 ـ 317.

(الصفحة259)

الفريضـة، وهذا التعليل ظاهر في أنّ الصلاة الفاقدة لمثل القراءة والتشهّد وإن كانت ناقصـة من جهـة فقدانها لبعض السنن المعتبرة فيها أو جميعها، إلاّ أنّـه لايجب إعادتها مع ذلك، لأنّ السنّـة لا تصلح لنقض الفريضـة، فهي مع كونها ناقصـة إلاّ أنّـه لا يمكن إعادتها تامّـة.
وحينئذ فلا يلزم من شمول الحديث للجاهل أو الناسي بالحكم التصويب الغير المعقول ولا التصويب الذي أجمع على خلافـه، لأنّ المفروض كون صلاتهما ناقصـة فاقدة لبعض الأجزاء المعتبرة فيها في جميع الحالات.
نعم ما أفاده في المقدّمـة الثانيـة من عدم شمول الحديث للعامد الملتفت وعدم إمكان كونـه مستنداً لجواز الدخول في الصلاة حقّ لا غبار عليـه.
وبالجملـة، فالظاهر أنّـه لا مانع من شمول الحديث لجميع الأقسام بالنسبـة إلى من دخل في الصلاة على وفق القواعد الاُخر التي جوّزت لـه الدخول في الصلاة.
نعم قد ادّعي الإجماع على خروج الجاهل المقصّر في الحكم، ولكن لم يثبت الإجماع، فالظاهر دخولـه أيضاً في الحديث، فتدبّر.

الثالثة : في شمول الحديث للزيادة أو اختصاصه بالنقيصة

والاحتمالات البدويّـة المتصوّرة في الحديث ثلاثـة:
أحـدهـا: شمول الحـديث للزيـادة والنقيصـة معـاً فـي جملـة المستثنى وكـذا المستثنى منـه.
ثانيها: اختصاصـه بالنقيصـة في كلتا الجملتين.


(الصفحة260)

ثالثها: عموم المستثنى منـه للزيادة والنقيصـة، واختصاص المستثنى بخصوص النقيصـة، هذا.
وقد يقال بإمكان أن يدخل الزيادة في المستثنى منـه، لأنّها نقيصـة في الصلاة من جهـة اعتبار عدمها فيها، فمرجعـه إلى أنّ كلّ نقيصـة تدخل في الصلاة سواء كان من جهـة عدم الإتيان بجزء أم قيد، وجودي أو عدمي فلا يضرّ بالصلاة إلاّ من نقص الخمسـة المذكورة، فيكون زيادة الركوع والسجود داخلـة في المستثنى منـه، هذا.
ولكن لا يخفى: أنّ المتفاهم بنظر العرف هو دخول الزيادة في كلتا الجملتين وكون مرجع إخلال الزيادة إلى النقصان المأمـور بـه بسببها لا يوجب أن يكون كذلك بنظر العرف أيضاً وإن كان كذلك عند العقل، فالزيادة في نظر العرف مضرّة بما أنّها زيادة، لا بما أنّ مرجعها إلى النقيصـة. فالإنصاف شمول الحديث للزيادة في كلتا الجملتين.
ودعـوى: أنّ مثـل الوقت والقبلـة المذكورين فـي جملـة الاُمور الخمسـة لا يعقل فيـه الزيادة، فلابـدّ مـن كون المراد مـن الحـديث هـي صورة النقيصـة.
مدفوعـة: بأنّ عدم تعقّل الزيادة في مثلهما لا يوجب اختصاص الحديث بصورة النقيصـة بعد كون الظاهر منـه عند العرف هو عدم وجوب الإعادة من قبل شيء من الأجزاء والشرائط زيادةً أو نقصاناً إلاّ من قبل تلك الاُمور الخمسـة كذلك، كما هو غير خفي.
فانقدح من جميع ما ذكرنا: أنّ الحديث لا يشمل العمد، ولا يختصّ بناسي الموضوع ولا بالنقيصـة.
<<صفحه بعد فهرست صفحه قبل>>