جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احكام و فتاوا
دروس
معرفى و اخبار دفاتر
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
اخبار
مناسبتها
صفحه ويژه
معتمد الأصول المجلد الثاني « کتابخانه « صفحه اصلى  

<<صفحه بعد فهرست صفحه قبل>>


(الصفحة361)

وقد يقال في المقام أيضاً: بأنّ العلم الإجمالي بالتخصيص أو النسخ يرجع إلى دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر، لأنّ عدم ثبوت حكم العامّ بالنسبـة إلى مورد الخاصّ بعد ورود الخاصّ متيقّن على أيّ تقدير، سواء كان على نحو التخصيص أو النسخ، وثبوتـه بالنسبـة إلى مورده قبل وروده مشكوك، لأنّها تـتفرّع على كونـه نسخاً وهو غير معلوم، فالأمر يدور بين الأقلّ المتيقّن والأكثر المشكوك، وبـه ينحلّ العلم الإجمالي، ومقتضى جريان البراءة في المشكوك عدم كونـه محكوماً بحكم العامّ، وحينئذ تـتحقّق نتيجـة التخصيص.
وبعبارة اُخرى: مقتضى العلم الإجمالي بالتخصيص أو النسخ هو ترجيح الأوّل على الثاني، لما عرفت، هذا.
ويدفعـه ما أشرنا إليـه مراراً من أنّ ما يكون مقوّماً للعلم الإجمالي من الاحتمالين لا يمكن أن يكون العلم الإجمالي الذي قوامـه بـه سبباً لإفنائـه.
وبعبارة اُخرى: لا يمكن أن يصير العلم الإجمالي سبباً لارتفاعـه وانقلابـه إلى العلم التفصيلي والشكّ البدوي، ضرورة أنّـه لا يعقل أن يكون الشيء سبباً لارتفاع نفسـه. فدعوى أنّ العلم الإجمالي بالتخصيص والنسخ يتولّد منـه تعيّن التخصيص ممّا لا ينبغي الإصغاء إليـه.
هذا كلّـه إذا كان الاستمرار الزماني مستفاداً من الإطلاق المقامي، وأمّا لو فرض كونـه مدلولا عليـه بالعموم الراجع إلى القضيّـة الحقيقيّـة، ودار الأمر بين تخصيصـه وتخصيص العموم، فالظاهر ترجيح تخصيص العموم المستفاد منـه الاستمرار الزماني، لأنّ الأمر وإن كان دائراً بين التخصيصين، إلاّ أنّـه لمّا كان النسخ الذي مرجعـه إلى تخصيص العموم الدالّ على الاستمرار الزماني مستلزماً لقلّـة التخصيص، بخلاف تخصيص العموم، فالترجيح معـه، كما هو ظاهر.


(الصفحة362)

كما أنّـه لو كان الاستمرار الزماني مستفاداً من الدليل اللفظي فإن قلنا بدلالتـه على العموم نظراً إلى أنّ المفرد المضاف يفيد العموم، فحكمـه حكم الصورة السابقـة التي يستفاد الاستمرار الزماني فيها من العموم، وإن لم نقل بذلك فحكمـه حكم الصورة التي يستفاد الاستمرار من الإطلاق، كما لايخفى.
هذا كلّـه فيما إذا كان العامّ متقدّماً والخاصّ المردّد متأخّراً.
وأمّا في الصورة الثانيـة التي هي عكس هذه الصورة، فإن كان الاستمرار مستفاداً من الإطلاق فالظاهر ترجيح التخصيص على النسخ، لأنّ النسخ وإن كان مرجعـه حينئذ إلى تقيـيد الإطلاق المقامي الدالّ على استمرار الزمان، وقد قلنا: إنّ التقيـيد مقدّم على التخصيص، إلاّ أنّ ذلك إنّما هـو فيما إذا كان النسبـة بين الدليلين العموم مـن وجـه كقولـه: «أكرم العلماء» و«لا تكرم الفاسق».
وأمّا لو كانت النسبـة بين الدليلين العموم مطلقاً ـ كما هنا ـ فالظاهر ترجيح التخصيص على التقيـيد، لأنّـه لا يلاحظ في العامّ والخاصّ قوّة الدلالـة وضعفها كما عرفت مقتضى التحقيق من أنّ بناء العقلاء على تقديم الخاصّ على العامّ من دون فرق بين كونـه متقدّماً عليـه أو متأخّراً عنـه.
وأمّا لـو كان الاستمرار مستفاداً مـن العموم الثابت للخاصّ لكونـه قضيّـة حقيقيّـة، فلا إشكال هنا في التخصيص أصلا، لقوّة دلالـة الخاصّ على ثبوت الحكم لمورده حتّى بعد ورود العامّ، فلابدّ من أن يكون مخصّصاً لـه، كما لايخفى.
كما أنّـه لو كان الاستمرار مستفاداً من الدليل اللفظي لابدّ من ترجيح التخصيص، لأنّ الخاصّ وإن لم يكن قويّاً من حيث هو، إلاّ أنّـه يتقوّى بذلك الدليل اللفظي الذي يدلّ على استمرار حكمـه حتّى بعد ورود العامّ، ومعـه يخصّص العامّ لا محالـة، هذا في الصورة الثانيـة.


(الصفحة363)

وأمّا في الصورة الثالثـة التي دار الأمر بين النسخ والتخصيص ولم يعلم المتقدّم من العامّ والخاصّ عن المتأخّر، فالظاهر فيها ترجيح التخصيص أيضاً، لغلبتـه وندرة النسخ.
ودعوى أنّ هذه الغلبـة لا تصلح للترجيح، مدفوعـة بمنع ذلك واستلزامـه لعدم كون الغلبـة مرجّحـة في شيء من الموارد، لأنّ هذه الغلبـة من الأفراد الظاهرة لها، كيف وندرة النسخ تجد لا يكاد يتعدّى عن الموارد القليلـة المحصورة، وأمّا التخصيص فشيوعـه إلى حدّ قيل: «ما من عامّ إلاّ وقد خصّ»، واحتمال النسخ بعد تحقّق هذه الغلبـة أضعف من الاحتمال الذي لا يعتني بـه العقلاء في الشبهـة غير المحصورة، فعدم اعتنائهم بـه أولى، كما لايخفى.

دوران الأمر بين تقييد الإطلاق وحمل الأمر على الاستحباب

ومن الموارد التي قيل باندراجها في الأظهر والظاهر ما إذا دار الأمر بين تقيـيد المطلق وحمل الأمر في الطرف الآخر على الاستحباب وكون المأمور بـه أفضل الأفراد، أو حمل النهي فيه على الكراهة وكون المنهي أخسّ الأفراد وأنقصها. كما إذا دار الأمر بين تقيـيد قولـه: «إن ظاهرت فاعتق رقبـة»، وبين حمل قولـه: «إن ظاهرت فاعتق رقبـة مؤمنـة» على الاستحباب، وكون عتق الرقبـة المؤمنـة أفضل، أو حمل قولـه: «إن ظاهرت فلا تعتق رقبـة كافرة» على الكراهـة، وكون عتق الرقبـة الكافرة أبغض.
فالذي حكاه سيّدنا الاُستاذ دام بقاءه عن شيخـه المحقّق الحائري (قدس سره) في هذا الفرض أنّـه قال: وممّا يصعب علي حمل المطلقات الواردة في مقام البيان

(الصفحة364)

على المقيّد وتقيـيدها بدليلـه مع اشتهار استعمال الأوامر في الاستحباب، والنواهي في الكراهـة، خصوصاً بملاحظـة ما أفاده صاحب المعالم(1) في باب شيوع استعمال الأوامر في المستحبّات، هذا.
ولكن ذكر الاُستاذ أنّ المطلقات على قسمين: قسم ورد في مقابل من يسأل عن حكم المسألـة والواقعـة لأجل ابتلائـه بها، ومنظوره السؤال عن حكمها ثمّ العمل على طبق الحكم الصادر عن المعصوم (عليه السلام) في تلك الواقعـة، وقسم آخر يصدر لغرض الضبط، كما إذا كان السائل مثل زرارة ممّن كان غرضـه من السؤال استفادة حكم الواقعـة لأجل ضبطـه لمن يأتي بعده ممّن لا يكاد تصل يده إلى منبع العلم ومعدن الوحي. وما أفاده المحقّق الحائري (قدس سره) إنّما يتمّ في خصوص القسم الأوّل، وأمّا في القسم الثاني فلا، كما لايخفى.
هذا كلّـه إنّما هو بالنسبـة إلى الدليلين اللذين كان أحدهما نصّاً أو أظهر والآخر ظاهراً.


1 ـ معالم الدين: 53.

(الصفحة365)

القول

فيما إذا كان التعارض بين أكثر من دليلين

إذا ورد عامّ وخاصّان بينهما التباين

وأمّا إذا كان التعارض بين أزيد من دليلين، بأن كان هنا عامّ مثلا وخاصّان كقولـه: أكرم العلماء، ولا تكرم النحويـين منهم، ولا تكرم الصرفيـين منهم، فإنّ النسبـة بين كلّ من الأخيرين مع الأوّل هو العموم والخصوص مطلقاً، والكلام فيـه يقع في مقامين:
أحدهما: أنّـه هل العامّ يلاحظ مع كلّ من المخصّصين قبل تخصيصـه بالآخر بحيث يكون الخاصّان في عرض واحد، أو أنّـه يخصّص بواحد منهما ثمّ تلاحظ النسبـة بعد التخصيص بينـه وبين الخاصّ الآخر؟ وربّما تنقلب النسبـة من العموم المطلق إلى العموم من وجـه كما في المثال، فإنّ قولـه: «أكرم العلماء» بعد تخصيصـه بقولـه: «لا تكرم الصرفيّين منهم»، يرجع إلى وجوب إكرام العالم الغير الصرفي. ومن المعلوم أنّ النسبـة بين العالم الغير الصرفي وبين العالم النحوي عموم من وجـه، لأنّـه قد يكون النحوي صرفيّاً، وقد لا يكون العالم الصرفي نحوياً، وقد يكون النحوي غير صرفي، ومورد الاجتماع العالم الصرفي النحوي.
ثانيهما: أنّـه لو فرض كون الخاصّان في عرض واحد، ولكن كان تخصيص العامّ بهما مستهجناً أو مستلزماً للاستيعاب وبقاء العامّ بلا مورد، فهل المعارضـة

(الصفحة366)

حينئذ بين العامّ ومجموع الخاصّين كما اختاره الشيخ(1) وتبعـه غير واحد من المحققين المتأخّرين عنـه(2)، أو أنّ المعارضـة بين نفس الخاصّين، كما هو الأقوى لما يأتي؟
أمّا الكلام في المقام الأوّل: فمحصّلـه أنّـه لا مجال لتوهّم تقديم أحد الخاصّين على الآخر بعد اتّحادهما في النسبـة مع العامّ، خصوصاً إذا لم يعلم المتقدّم منهما صدوراً عن المتأخّر، كما هو الغالب، ولا ينبغي توهّم الخلاف فيما إذا كان الخاصّان دليلين لفظيّين، لأنّـه لا وجـه لتقديم ملاحظـة العامّ مع أحدهما على ملاحظتـه مع الآخر.
نعم لو كان أحدهما دليلا لبّياً كالدليل العقلي الذي يكون كالقرينـة المتصلـة بالكلام، بحيث لم يكن يستفاد من العامّ عند صدوره من المتكلّم إلاّ العموم المحدود بما دلّ عليـه العقل، كما أنّـه لو فرض أنّـه لا يستفاد عند العقلاء من قولـه: «أكرم العلماء» إلاّ وجوب إكرام العدول منهم، فلا شبهـة حينئذ في أنّـه لابدّ من ملاحظتـه بعد التخصيص بدليل العقل مع الخاصّ الآخر، بل لا يصدق عليـه التخصيص وانقلاب النسبـة، كما لايخفى، هذا.
ولو لم يكن الدليل اللبّي كالقرينة المتّصلة كالإجماع ونحوه، فلا ترجيح له على الخاصّ اللفظي أصلا، لعين ما ذكر في الدليلين اللفظيـين.
نعم حكى سيّدنا الاُستاذ دام بقاءه عن شيخـه المحقّق الحائري (قدس سره) أنّـه بعد اختياره في كتاب الدرر ما ذكرنا(3) عدل عنـه في مجلس الدرس وفصّل بين

1 ـ فرائد الاُصول 2: 794 ـ 795.
2 ـ كفايـة الاُصول: 516، فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 4: 743.
3 ـ درر الفوائد، المحقّق الحائري: 682.

(الصفحة367)

المخصّص اللفظي واللبّي مطلقاً، وقدّم التخصيص باللبّي كذلك على التخصيص باللفظي، نظراً إلى أنّ المخصّص اللفظي مانع عن حجّيـة ظهور العامّ، والمخصّص اللبّي من تـتمّـة المقتضي، لا أنّـه مانع، هذا.
ولكنّـه يرد عليـه: عدم الفرق بينهما أصلا; لا في أنّـه بعد ملاحظـة الخاصّ يستكشف تضيـيق دائرة المراد الجدّي من أوّل الأمر وأنّ صدور العامّ كان بنحو التقنين وإفادة الحكم على النحو الكلّي، ولا في أنّـه قبل العثور على المخصّص لفظياً كان أو لبّياً تكون أصالـة العموم متّبعـة، وبعد الظفر عليـه يرفع اليد عنـه، فلا فرق بينهما أصلا، كما لايخفى.
وأمّا الكلام في المقام الثاني: فقد عرفت(1) أنّـه ذهب الشيخ إلى وقوع التعارض مع مجموع الخاصّين، نظراً إلى أنّ تخصيص العامّ بهما يوجب الاستهجان أو الاستيعاب، ولكنّـه لا وجـه لـه، لأنّ مجموع الخاصّين لا يكون أمراً ورائهما، والمفروض أنّـه لا معارضـة لشيء منهما مع العامّ، فلا وجـه لترتيب أحكام المتعارضين عليـه وعليهما.
غايـة الأمر أنّـه حيث لا يمكن تخصيص العامّ بمجموعهما يرجع ذلك إلى عدم إمكان الجمع بين الخاصّين، لا من حيث أنفسهما، بل من جهـة تخصيص العامّ بهما، فيقع التعارض بينهما تعارضاً عرضياً، ولابدّ من المعاملـة مع الخاصّين حينئذ معاملـة المتعارضين.
وحينئذ: فإن قلنا بعدم اختصاص الأخبار العلاجيّـة بالتعارض الذاتي وشمولهما للتعارض العرضي أيضاً، فلابدّ من الرجوع إلى المرجّحات المذكورة

1 ـ تقدّم في الصفحـة 365 ـ 366.

(الصفحة368)

فيها، وإن قلنا بعدم شمولها لـه، فلابدّ من الرجوع إلى ما تقتضيـه القاعدة في المتعارضين مع قطع النظر عن تلك الأخبار من السقوط على ما هو التحقيق، أو التخيـير كما سيأتي.
ثمّ إنّ هذا الذي ذكرنا من وقوع التعارض بين الخاصّين إنّما هو فيما لو لم يعلم بثبوت الملازمـة بينهما.
وأمّا مع العلم بها فتارةً يعلم بعدم اختلاف موردهما من حيث الحكم وثبوت الملازمـة بين موردهما فقط، كما إذا علم في المثال المتقدّم بأنّـه لو كان إكرام النحويّين من العلماء حراماً لكان إكرام الصرفيّين منهم أيضاً كذلك.
واُخرى يعلم بعدم الاختلاف بين جميع أفراد العامّ من حيث الحكم أصلا، كما إذا علم بأنّ حكم إكرام جميع أفراد العلماء واحد وأنّـه إن كان الإكرام واجباً فهو واجب في الجميع، وإن كان حراماً كذلك، وهكذا.
ففي الأوّل يقع التعارض بين العامّ وبين كلّ واحد منهما.
وفي الثاني يقع التعارض بين الجميع، العامّ مع كلّ واحد منهما، وهو مع الآخر، كما لايخفى.
هذا كلّـه إذا كانت النسبـة بين الخاصّين التباين كما فيما عرفت من المثال وإن كان لايخلو عن المنع.

إذا ورد عامّ وخاصّان بينهما عموم وخصوص مطلق

وأمّا لو كانت النسبـة بين الخاصّين أيضاً العموم والخصوص مطلقاً، كالنسبـة بين كلّ واحد منهما مع العامّ كقولـه: أكرم العلماء، ولا تكرم النحويـين منهم، ولا تكرم الكوفيّين من النحويـين، فقد ذكر المحقّق النائيني (قدس سره) على ما في

(الصفحة369)

التقريرات أنّ حكم هذا القسم حكم القسم السابق من وجوب تخصيص العامّ بكلّ من الخاصّين إن لم يلزم التخصيص المستهجن أو بقاء العامّ بلا مورد، وإلاّ فيعامل مع العامّ ومجموع الخاصّين معاملـة المتعارضين(1).
والتحقيق أن يقال: إنّ لهذا الفرض صوراً متعدّدة، فإنّـه قد يكون الخاصّان متوافقين من حيث الحكم إثباتاً أو نفياً، وقد يكونان متخالفين، وعلى التقديرين قد يلزم من تخصيص العامّ بكلّ منهما التخصيص المستهجن بمعنى استلزام التخصيص بكلّ ذلك، وقد لا يلزم التخصيص المستهجن إلاّ من التخصيص بالخاصّ دون الأخصّ، وقد لا يلزم من شيء منهما، ومرجعـه إلى عدم لزوم التخصيص المستهجن من التخصيص بالخاصّ، ضرورة أنّـه مع عدم استلزامـه ذلك يكون عدم استلزامـه من التخصيص بالأخصّ بطريق أولى، ثمّ إنّـه في صورة اختلاف الخاصّين من حيث الحكم قد يلزم من تخصيص الخاصّ بالأخصّ الاستهجان، وقد لا يلزم.
وتفصيل حكم هذه الصور أن يقال: إذا كان الخاصّان متوافقين من حيث الحكم ولم يلزم من تخصيص العامّ بكلّ منهما الاستهجان، فلا محيص عن تخصيص العامّ بهما، فيقال في المثال المذكور بوجوب إكرام العلماء غير النحويّين مطلقاً; كوفيّين كانوا أو بصريّين مثلا.
وإن لزم منـه الاستهجان فتارةً يلزم الاستهجان من التخصيص بالخاصّ فقط دون الأخصّ، فاللازم حينئذ تخصيص الخاصّ بالأخصّ ثمّ تخصيص العامّ بالخاصّ المخصّص، لأنّـه الطريق المنحصر لرفع الاستهجان، ومع إمكان ذلك لا

1 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 4: 743.

(الصفحة370)

وجـه لطرح الخاصّ، فإنّ الطرح إنّما هو مع عدم إمكان الجمع المقبول عند العقلاء، وما ذكرنا مورد لقبولهم، كما لايخفى.
واُخرى يلزم الاستهجان من التخصيص بكلّ منهما، غايـة الأمر أنّ التخصيص بالأخصّ أقلّ استهجاناً من التخصيص بالخاصّ، فالعامّ حينئذ يعارض مع كلّ واحد منهما، ولابدّ من الرجوع إلى المرجّحات المذكورة في الأخبار العلاجيّـة.
هذاكلّه مع عدم إحرازاتّحادالحكم في الخاصّينمناتّحادالسببأومنغيره.
وأمّا مع إحرازه فلا محالـة يكون الأخصّ مخصّصاً للخاصّ، وهو بعد تخصيصـه بـه يخصّص العامّ الفوقاني من دون فرق بين عدم لزوم الاستهجان من تخصيصـه بـه قبل تخصيصـه بالأخصّ أو لزومـه، كما لايخفى. هذا في المتوافقين.
وأمّا الخاصّان المتخالفان من حيث الحكم كقولـه: أكرم العلماء ولا تكرم النحويـين منهم، ويستحبّ إكرام الكوفيـين من النحويـين، فإن لم يلزم من تخصيص الخاصّ بالأخصّ الاستهجان فاللازم تخصيصـه بـه، ثمّ تخصيص العامّ الفوقاني بالخاصّ المخصّص بـه، وإن لزم الاستهجان من تخصيصـه بـه فيقع التعارض بين الخاصّين، وبعد إعمال قواعد التعارض وترجيح أحد الخاصّين يخصّص العامّ بما رجّح إن لم يلزم من تخصيصـه بـه الاستهجان، وإلاّ فيقع التعارض بين مجموع الأدلّـة العامّ وكلّ واحد من الخاصّين، ولابدّ معها من معاملـة المتعارضات، كما لايخفى.
فانقدح ممّا ذكرنا من اختلاف حكم الصور أنّ ما أطلقـه المحقّق النائيني على ما عرفت ليس بإطلاقـه صحيحاً.


(الصفحة371)

إذا ورد عامّ وخاصّان بينهما عموم من وجه

وأمّا إذا كانت النسبـة بين الخاصّين العموم والخصوص من وجـه، كقولـه: أكرم العلماء، ولا تكرم النحويـين من العلماء، ولا تكرم الفسّاق منهم، فإن كان الخاصّان متوافقين من حيث الحكم إيجاباً وسلباً كما في المثال، فلا شبهـة في تخصيص العامّ بكليهما إن لم يلزم من تخصيصـه بهما الاستهجان، وإلاّ فيقع التعارض بين الخاصّين على حسب ما اخترناه في الصورة الاُولى.
وإن كانا مختلفين من حيث الإيجاب والسلب، كما إذا كان الخاصّ الثاني هو قولـه: يستحب إكرام الفسّاق من العلماء، فهنا أدلّـة ثلاث، بعضها يدلّ على وجوب إكرام جميع العلماء، وثانيها على حرمـة إكرام النحويـين منهم، وثالثها على استحباب إكرام الفسّاق من العلماء.
ولاريب في لزوم تخصيص العامّ بكلّ منهما بالنسبـة إلى مورد افتراقهما، فإنّـه لا شبهـة في تخصيص العامّ بالنحوي العادل، وكذا بالفاسق الغير النحوي، وإنّما الإشكال في النحوي الفاسق حيث يدلّ العامّ على وجوب إكرامـه، وأحد الخاصّين على حرمتـه، والآخر على استحبابـه، ولابدّ من رعاية قواعد التعارض بين الجميع في النحوي الفاسق، لأنّ العامّ وإن كانت نسبتـه مع كلاالخاصّين العموم المطلق، إلاّ أنّـه بعد تخصيصـه بمورد الافتراق مـن كلّ مـن الخاصّين تصير نسبتـه مع الخاصّ الآخر العموم من وجـه، فإنّـه بعد تخصيصـه بالنحوي العادل تصير النسبـة بين العامّ حينئذ وبين قولـه: لا تكرم الفسّاق منهم العموم مـن وجـه، كما أنّـه بعد تخصيصـه بالفاسق الغير النحوي تصير النسبـة بين العامّ

(الصفحة372)

وبين قولـه: لا تكرم النحويـين من العلماء العموم من وجـه أيضاً، كما لايخفى.
هذا كلّـه فيما إذا ورد عامّ وخاصّان، وقد عرفت أنّ صوره ثلاث.

إذا ورد عامّان من وجه وخاصّ

وأمّا الصورة الرابعـة: فهو ما إذا ورد عامّان من وجـه وخاصّ، فإن كان مفاد الخاصّ إخراج مورد افتراق أحد العامّين تنقلب النسبـة إلى العموم المطلق، كما إذا ورد بعد قولـه: أكرم النحويّين، ولا تكرم الصرفيـين، قولـه: ويستحبّ إكرام النحوي غير الصرفي، فإنّـه حينئذ يختصّ قولـه: لا تكرم النحويّين بالنحويّين، من الصرفيـين فتنقلب النسبـة بينـه وبين قولـه: لا تكرم الصرفيّين إلى العموم المطلق، وإن كان مفاد الخاصّ إخراج مورد الاجتماع تنقلب النسبـة بين العامّين إلى التباين، كما هو واضح.

إذا ورد عامّان متباينان وخاصّ

والصورة الخامسة: ماإذا ورد دليلان متعارضان بالتباين، فقد يرد دليل يوجب انقلاب النسبة من التباين إلى العموم المطلق، وقد يوجب انقلابهما إلى العموم من وجه.
فالأوّل كقولـه: أكرم العلماء، وقولـه: لا تكرم العلماء، ثمّ ورد دليل ثالث وخرج عدول العلماء عن قولـه: لا تكرمهم، فإنّـه حينئذ تنقلب النسبـة إلى العموم المطلق.
والثاني: كما إذا ورد في المثال دليل رابع وخصّ قولـه: أكرم العلماء، بالفقهاء، فإنّ النسبـة بينـه بعد تخصيصـه بالفقهاء وبين قولـه: لا تكرم العلماء بعد تخصيصـه بماعدا العدول هو العموم من وجـه، كما هو واضح.


(الصفحة373)

الفصل السادس

في عدم شمول أخبار العلاج للعامّين من وجه

قد عرفت(1) أنّ موضوع البحث في المقام هو الخبران المتعارضان، وأنّ الروايات الواردة في هذا الباب موردها هو المتعارضان أو المختلفان عنواناً أو مصداقاً، بمعنى أنّـه ورد في بعضها عنوان الاختلاف والمختلفين، وفي بعضها مصداق هذا العنوان، مثل ما ورد في بعضها من قول السائل في بيان الخبرين الواردين: «أحدهما يأمر والآخر ينهى»(2).
ولا إشكال في تحقّق هذين العنوانين في الدليلين المتعارضين، مثل ما إذا دلّ أحدهما على وجوب إكرام جميع العلماء، والآخر على حرمـة إكرام جميعهم.
كما أنّـه لا إشكال في عدم تحقّقهما في مثل: أكرم العلماء، ولا تكرم الجهّال، ولا في عدمـه في العموم والخصوص المطلق إذا كان بينهما جمع عقلائي بحيث لم يكن تخصيصـه بـه مستهجناً ولم يعدّ عندهم من المتعارضين.
إنّما الإشكال في العامّ والخاصّ المطلق مع عدم كون الجمع بينهما مقبولا عند العقلاء، وكذا في العموم والخصوص من وجـه، وكذا في المتعارضين بالعرض، كما في الدليلين اللذين علم بكذب أحدهما من غير أن يكونا بأنفسهما متناقضين، كما إذا دلّ دليل على وجوب صلاة الجمعـة، يوم الجمعـة ودليل آخر

1 ـ تقدّم في الصفحـة 319.
2 ـ وسائل الشيعـة 27: 108، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب9، الحديث5.

(الصفحة374)

على وجوب صلاة الظهر ذلك اليوم، وعلم بعدم كون الواجب منهما إلاّ واحداً، وكما فيما إذا ورد عامّ وخاصّان متباينان مثلا وكان تخصيصـه بكليهما مستلزماً للاستهجان، فإنّك عرفت في الفصل المتقدّم أنّ التعارض إنّما هو بين الخاصّين لا بينهما وبين العامّ.
غايـة الأمر أنّ التعارض بينهما تعارض عرضي، لعدم تناقضهما في حدّ نفسهما أصلا، وكذا الإشكال في المتعارضين بلازمهما بأن لم يكن الدليلان متعارضين أصلا إلاّ من حيث لازم مدلولهما.
إذا عرفت ذلك فاعلم: أنّ الظاهر شمول تلك الأخبار الواردة في المتعارضين أو المختلفين للعامّ والخاصّ المطلق اللذين لم يكن بينهما جمع عقلائي مقبول عندهم، وذلك لأنّـه بعدما لم يكن الجمع بينهما مقبولا عند العقلاء فلا محالـة يكونان عندهم متعارضين، وقد عرفت سابقاً(1) أنّ المرجع في تشخيص هذا العنوان كسائر العناوين المأخوذة موضوعاً للأحكام الشرعيّـة هو العرف والعقلاء، والمفروض أنّهم يرونهما متعارضين.
وأمّا العامّان من وجـه فالظاهر عدم شمول تلك الأخبار لهما، لعدم كونهما متعارضين عند العقلاء بعد كونهما عنوانين متغايرين متعلّقين للحكم. غايـة الأمر أنّـه اتّفق اجتماع ذلكما العنوانين في بعض الموارد.
هذا مضافاً إلى أنّ الجواب الوارد فيها بطرح ما خالف الكتاب، أو مـا وافق العامّـة يشهد بخـروج العامّين مـن وجـه، لأنّـه لا وجـه لطرح شيء منهما. غايـة الأمر إخراج مورد الاجتماع عن تحت واحـد منهما لا طرحـه بالكلّيـة،

1 ـ تقدّم في الصفحـة 333.

(الصفحة375)

وإذا لم يكـن العامّان مـن غير وجـه مشمولا لتلك الأخبار فعـدم شمولهما للمتعارضين بالعرض بكلا قسميـه وكـذا للمتعارضين باللازم بطريق أولـى، كما لايخفى.
ثمّ إنّـه يظهر من تقريرات المحقّق النائيني (قدس سره) في آخر هذا الباب أنّـه التزم بشمول الأخبار العلاجيّـة للعامّين من وجـه أيضاً، ولكنّ الفاضل المقرّر ذكر قبل ذلك في الحاشيـة أنّ عنوان المخالفـة ظاهر في المخالفـة بالتباين، ولا يشمل العامّين من وجـه(1)، فإن كان هذا أيضاً تقريراً لشيخـه (قدس سره) ولم يكن من عند نفسـه يلزم التهافت والمناقضـة في كلامـه (قدس سره) ، كما لايخفى.

هل المرجّحات جارية في العامّين من وجه أم لا؟

وكيف كان: فعلى تقدير الشمول فهل يجري فيـه جميع المرجّحات الصدوريّـة والجهتيّـة والمضمونيّـة، أو يختصّ بخصوص الأخيرتين ولا يجوز الرجوع فيهما إلى المرجّحات الصدوريّـة؟ صرّح المحقّق النائيني بالثاني، واستدلّ عليـه: بأنّ التعارض في العامّين من وجـه إنّما يكون في بعض مدلولهما وهو مادّة الاجتماع فقط. ومع هذا الفرض لا وجـه للرجوع إلى المرجّحات الصدوريّـة، لأنّـه إن اُريد من الرجوع إليها طرح ما يكون راويـه غير أعـدل أو غير أصدق مثلا، فهو ممّا لا وجـه لـه، لأنّـه لا معارض لـه في مـادّة الافتراق، وإن اُريد طرحـه في خصوص مادّة الاجتماع فهو غير ممكن، لأنّ الخبر الواحـد لا يقبل التبعيض من حيث الصدور.


1 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 4: 793، الهامش1.

(الصفحة376)

ودعوى أنّ الخبر الواحد ينحلّ إلى أخبار متعدّدة حسب تعدّد أفراد الموضوع ـ كما هو الشأن في جميع القضايا الحقيقيّـةـ واضحـة الفساد; لأنّ الانحلال في تلك القضايا لا يقتضي تعدّد الروايـة بل ليس في البين إلاّ روايـة واحدة، كما لايخفى(1)، انتهى ملخّص ما أفاده على ما في التقريرات.
ويرد عليـه: أنّ دعوى عدم إمكان التبعيض إن كان المراد منها عدم إمكانـه عقلا فهي ممنوعـة في محيط التشريع والتعبّد، ضرورة أنّـه لا مانع في ذلك المحيط من التعبّد بمثل ذلك.
ألا ترى أنّـه من المسلّم عندهم عدم حجّيـة الاُصول المثبتـة، ومرجعها إلى عدم ثبوت اللوازم والملزومات العقليّـة والعاديّـة، مع أنّ التفكيك بينهما في عالم التكوين مخالف مع فرض اللزوم، وكذا التعبّد بأحد المتلازمين لا يستلزم التعبّد بالآخر وإن كانا متلازمين في الواقع، فالتعبّد بصدور الخبر الواحد من جهـة دون اُخرى لا مانع منـه في محيط التشريع وإن كان بحسب الواقع إمّا صادراً بتمامـه وإمّا غير صادر كذلك.
وإن كـان المـراد منها عـدم إمكانـه عرفـاً ومـرجعـه إلى كونـه خـلاف ظاهـر الأخبـار العلاجيـة الـدالّـة علـى طـرح الخبـر المـرجـوح، لأنّ المنسبق إلـى الـذهن منها هو طرح الخبر المرجـوح في تمام مدلولـه، فنقول: لا نسلّم كـون الترجيح فـي المتعارضين بالعموم والخصوص مـن وجـه مرجعـه إلى ذلك، لأنّ الأخـذ بالراجح منهما لا يلازم الحكم بعدم صدور الآخر، بل يمكن أنيكون صادراً.


1 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 4: 792 ـ 794.

(الصفحة377)

غايـة الأمر أنّ الراوي لم يتحفّظ قيده المخرج لـه عن المعارضـة مـع الآخر، والدليل عليـه هو أنّ المرجّح هو مثل الأوثقيّـة، فإنّ هذه الصفـة تقتضي كون المتّصف بها متحفّظاً في مقام أخذ الحكم الصادر عن الإمام (عليه السلام) بحيث لم يغب عن ذهنـه الخصوصيّات المأخوذة والقيود المذكورة. فترجيح مثل قولـه: «أكرم العلماء» مرجعـه إلى كون من يجب إكرامـه هو العالم بدون خصوصيـة اُخرى، فقولـه: «لا تكرم الفسّاق» حينئذ يكون على تقدير الصدور مشتملا على قيد، وهو عدم كونهم من العلماء، فترجيح الأوّل عليـه لا يقتضي الحكم بعدم صدوره من رأس، كما لايخفى.
ثمّ إنّ الفصول التي عقدناها إلى هنا كلّها تحوم حول تشخيص عنوان المتعارضين الذي هو الموضوع في هذا الكتاب، وبعدها لابدّ من الورود في المباحث والمقاصد ونقول: يقع الكلام فيما يتعلّق بذلك العنوان من الأحكام في ضمن مقصدين:

(الصفحة378)






(الصفحة379)





المقصد الأوّل

في الخبرين المتعارضين المتكافئين

بحيث لم تكن مزيّـة وترجيـح فـي البيـن

والكلام في ذلك قد يقع في حكمهما في نظر العقل، وقد يقع فيما يستفاد من الأخبار الواردة في هذا الباب بالنسبـة إلى المتكافئين، وعلى التقدير الأوّل تارةً يبحث فيهما بناءً على كون الوجـه في اعتبار الخبر هو بناء العقلاء كما عرفت أنّـه الموافق للتحقيق، واُخرى يبحث في حكمهما بناءً على دلالـة الدليل الشرعي على اعتبار خبر الواحد، وعلى التقديرين تارة يتكلّم في ذلك بناءً على الطريقيّـة والكاشفيّـة، واُخرى بناءً على الموضوعيّـة والسببيّـة.

مقتضى الأصل بناءً على الطريقيّة

فنقول: لو كان الوجـه في اعتبار الخبر هو سيرة العقلاء وبنائهم عملا على الاعتماد على قول المخبر إذا كان موثوقاً ومورداً للاطمئنان، فمع التعارض وعدم المزيّـة لا محيص عن القول بتساقطهما وعدم حجّيـة واحد منهما في مدلولـه المطابقي، وذلك لوجهين:


(الصفحة380)

أحدهما: أنّـه لا خفاء في أنّ اعتبار الخبر عند العقلاء إنّما هو لأجل كاشفيّتـه عن الواقع وإرائتـه لـه وأماريّتـه بالنسبـة إليـه. ومن الواضح أنّ الإرائـة والكشف إنّما هو مع عدم ابتلائـه بمعارض مماثل أو أقوى، ضرورة أنّـه مع هذا الابتلاء يتردّد الطريق والكاشف بينهما، إذ لا يعقل كون كلّ واحد منهما مع وجود الآخر كاشفاً، وإلاّ لزم الخروج عن حدّ التعارض، ومع تردّد الطريق والكاشف وعدم وجود مرجّح في البين اللازم منـه الترجيح من غير مرجّح لابدّ من التوقّف، ضرورة أنّ الأخذ بالمجموع ممّا لا يمكن، وبواحد ترجيح من غير مرجّح.
وهذا نظير ما لو أخبر مخبر واحد بخبرين متعارضين، فكما أنّـه لا يكون شيء من الخبرين هناك بكاشف ولا طريق، كذلك لا يكون شيء من الخبرين هنا بكاشف، كما لايخفى.
ثانيهما: أنّ معنى حجّيـة الخبر إنّما هو عبارة عن صحّـة احتجاج المولى بـه على العبد. ومن المعلوم أنّ ذلك إنّما هـو مع عدم كـون الأمـارة مجهولـة للعبد، ضرورة أنّـه لو كانت كذلك لا يبقى للمولى حـقّ المؤاخـذة والاعتراض، فإذا كانت صلاة الجمعـة واجبـة واقعاً وكانت الأمارة الدالّـة على ذلك غير واصلـة إلى المكلّف، بل كان الموجود عنده هو الأمارة الضعيفـة الدالّـة على التحريم، لايجوز للمولى المؤاخذة والاعتراض لأجل الترك، ضرورة أنّ البيان الـذي بـه يسدّ باب البراءة العقليّـة الراجعـة إلى عـدم استحقاق العقوبـة مـع عدم وصول التكليف إنّما يكون المراد بـه هو البيان الواصل إلى المكلّف، ومع الجهل بـه لا مخرج للمورد عن البراءة. هذا، ومن الواضح أنّ مع ابتلاء البيان الواصل بمعارض مماثل لا يصحّ للمولى الاحتجاج أصلا، وهذا ممّا لا ينبغي الارتياب فيـه.
<<صفحه بعد فهرست صفحه قبل>>