قرآن، حديث، دعا |
زندگينامه |
کتابخانه |
احكام و فتاوا |
دروس |
معرفى و اخبار دفاتر |
ديدارها و ملاقات ها |
پيامها |
فعاليتهاى فرهنگى |
کتابخانه تخصصى فقهى |
نگارخانه |
اخبار |
مناسبتها |
صفحه ويژه |
|
(الصفحة401)
المقصد الثاني
في الخبرين المتعارضين مع عدم التكافؤ
والكلام فيـه أيضاً يقع في مقامين:
المقام الأوّل: فيما يحكم به العقل في هذا الباب
فنقول: البحث في حكم العقل فيـه قد يقع بناءً على اعتبار الخبر من باب الطريقيّـة، وقد يقع بناءً على السببيّـة. وليعلم أنّ التكلّم في حكم العقل إنّما هو بعد الفراغ عن عدم كون الحكم في المتكافئين هو التساقط وطرح الخبرين، بل بعد ثبوت كون الحكم فيهما هو التخيـير.
وحينئذ نقول: أمّا بناءً على اعتبار الخبر من باب الطريقيـة، فإن قلنا: بأنّ المجعول عند التعارض هي الطريقيّـة والكاشفيّـة، فلا ينبغي الارتياب في المقام في أنّـه لابدّ من الأخذ بذي المزيّـة أو بما يحتمل اشتمالـه عليها، لأنّـه يدور الأمر بين أن يكون الطريق المجعول بعد التعارض هو خصوص الخبر الراجح أو أحدهما تخيـيراً، فحجّيـة الخبر الراجح متيقّنـة لاريب فيها، وأمّا الخبر غير الراجح فيشكّ في طريقيّتـه وكاشفيّتـه عند التعارض، لأنّـه يحتمل اعتبار الشارع بالمزيّـة الموجودة في الآخر، والشكّ في باب الحجّـة والطريق مساوق للقطع
(الصفحة402)
بعدم حجّيتـه، لأنّها ترجع إلى صحّـة الاحتجاج للمولى على العبد وكذا العكس، ولا يصحّ الاحتجاج مع الشكّ قطعاً.
وإن لم نقل بأنّ المجعول في مورد التعارض هي الطريقيّـة والكاشفيـة، بل قلنا بأنّ المجعول إنّما هو حكم وجوبي ووظيفـة للمكلّف المتحيّر عند تعارض الطريقين عنده، نظراً إلى استحالـة كون الطريقيّـة مجعولـة، أمّا مطلقاً، لأنّها من الاُمور التكوينيّـة غير القابلـة لتعلّق الجعل بها، أو في خصوص المقام، لاستحالـة جعل الطريقيـة للمتناقضين كما عرفت(1). فالأمر يدور بين التعيـين والتخيـير، لأنّـه يحتمل تعلّق التكليف الوجوبي بالأخذ بخصوص الخبر الراجح، ويحتمل تعلّقـه على سبيل الوجوب التخيـيري بكلا الخبرين، والحكم فيـه هو البراءة أو الاشتغال على خلاف ما عرفت في بابـه.
هذا كلّـه بناءً على اعتبار الخبر من باب الطريقيّـة.
وأمّا بناءً على السببيّـة فقد اُطلق القول فيها بصيرورة المقام من صغريات باب التزاحم مع احتمال رجحان أحد المتزاحمين، ولكن التحقيق عدم تماميّـة الإطلاق، بل إنّما يتمّ على بعض الوجوه.
توضيح ذلك: أنّ السببيـة إن كانت على النحو الذي يقول بـه الأشاعرة من خلوّ الواقع عن الأحكام الواقعيّـة وكون الحكم الواقعي تابعاً لقيام الأمارة، فلا معنى حينئذ لدعوى كون المقام من صغريات باب التزاحم، لأنّـه لو فرض قيام أمارة على وجوب صلاة الجمعـة، وأمارة اُخرى على حرمتها، فلا يمكن أن يكون في صلاة الجمعـة مصلحـة ملزمـة وفي تركها أيضاً مصلحـة ملزمـة، أو في فعلها
1 ـ تقدّم في الصفحـة 384.
(الصفحة403)
مفسدة ملزمـة، وباب المتزاحمين ينحصر بما إذا اشتمل كلّ منهما على تمام المصلحـة الموجبـة للحكم.
وكذا لو كانت السببيّـة على النحو الذي يقول بـه المعتزلـة من ثبوت الأحكام الواقعيـة في الواقع، غايـة الأمر أنّ مع قيام الأمارة على خلافـه لا يكون الحكم الفعلي إلاّ ما يطابق مدلول الأمارة، بمعنى أنّ فيـه مصلحـة غالبـة على مصلحـة الواقع، فإنّـه حينئذ لا يكون من ذلك الباب، لعدم إمكان امتثال كلّ من الفعل والترك على مصلحـة ملزمـة، كما هو واضح.
نعم لو كانت السببيّـة بالمعنى المعقول غير المستحيل، وهي الذي يرجع إلى اشتمال سلوك الطريق والتطرّق بـه على المصلحـة، فيصير المقام من صغريات ذلك الباب، لأنّ المفروض أنّ سلوك كلّ من الأمارتين والتعبّد بكل من الخبرين مشتمل على المصلحـة، ولا يمكن الجمع بين المصلحتين، فيصير من باب المتزاحمين، وحكمـه أنّـه مع احتمال اشتمال واحد منهما على المزيّـة يدور الأمر بين التعيـين والتخيـير، والحكم فيـه البراءة أو الاشتغال على الخلاف المتقدّم في بابـه.
المقام الثاني
في مقتضى الأخبار الواردة في هذا الباب
وأنّه هل هو وجوب الأخذ بذي المزيّة أم لا، وأنّ المزيّة المرجّحة ماذا؟
فنقـول: قـد يقـال بعـدم وجـوب الترجيـح بـالمـرجّحـات المنصوصـة ولا بغيرها نظـراً إلى أنّ ظاهـر الأخبار الـواردة فيـه وإن كان هـو الوجـوب، إلاّ
(الصفحة404)
أنّ مقتضى الجمع بينها وبين أخبار التخيـير مطلقاً هو حملها على الاستحباب، لاستلزام إبقائـه على ظاهره وتقيـيد أخبار التخيـير بصورة عدم ثبوت شيء من المرجّحات حمل أخبار التخيـير على الفرد النادر وإخراج أكثر الأفراد منها، وهـو قبيح، أو إلى أنّ اختلاف الأخبار الواردة في الترجيح في المرجّحات من حيث اشتمال كلّ منها على بعض ممّا لم يشتمل عليـه الآخر أو من حيث الاختلاف في الترتيب بين المرجّحات دليل على عدم وجـوب الترجيح، كاختلاف الأخبـار الواردة فـي البئـر ومنزوحاتـه حيث استكشف منـه الاستحباب، نظراً إلى أنّ الاختلاف خصوصاً مع كثرتـه لا يجتمع مع الحكم الإيجابي، بل هـو دليل على أصل الرجحان، والاختلاف محمول على مراتبـه مـن الشدّة والضعف(1).
ونحن نقول: لابدّ من ملاحظـة أخبار الترجيح والتكلّم في مفادها حتّى يظهر أنّ المرجّح لإحدى الروايتين على ما هو المجعول شرعاً المدلول عليـه الأخبار ليس إلاّ واحداً أو اثنين.
وتقيـيد أخبار التخيـير بـه لا يوجب إخراج أكثر الأفراد، ولا مانع منـه أصلا، خصوصاً بعدما عرفت(2) من أنّـه ليس في الروايات التي ادّعي كونها دليلا على التخيـير إلاّ روايـة واحدة دالّـة عليـه، وقد تقدّمت، وغيرها قاصر من حيث الدلالـة جدّاً.
1 ـ درر الفوائد، المحقّق الحائري: 665 ـ 667.
2 ـ تقدّم في الصفحـة 386.
(الصفحة405)
انحصار المرجّح المنصوص في موافقـة الكتاب ومخالفـة العامّـة
فنقول: إنّ العمدة في هذا الباب هي المقبولـة(1) والمرفوعـة(2)، أمّا المرفوعـة فهي قاصرة من حيث السند، لعدم كونها منقولـة إلاّ في كتاب عوالي اللآلي الذي طعن فيـه وفي مؤلّفـه صاحب الحدائق في مقدّماتـه(3).
وأمّا المقبولـة فالتأمّل فيها يقضي بأن أكثر المرجّحات المذكورة فيها ليس مرجّحاً للروايـة، بل إنّما هي مرجّحات لأحد الحكمين، فإنّ الأصدقيّـة والأورعيّـة والأعدليّـة المذكورة فيها إنّما جعلت مرجّحـة لأحد الحكمين، ولا ارتباط لها بباب الروايـة أصلا، وأمّا الشهرة الفتوائيـة التي جعلت وصفاً لإحـدى الروايتين فالظاهـر أنّها أيضاً مـن مرجّحات باب الحكم وأنّ الحكم الـذي كان مستنده مشهوراً من حيث الفتوى راجـح على الآخـر مـن غير نظر إلى نفس المستندين.
وإن أبيت إلاّ عن دلالـة المقبولـة على مرجّحيّـة الشهرة لإحدى الروايتين مع قطع النظر عن كونهما مستندين للحكمين فنقول: إنّ جعل الشهرة من المرجّحات حينئذ ممنوعـة، لأنّ الظاهر من المقبولـة أنّ الروايـة المطابقـة
1 ـ الكافي 1: 54 / 10، وسائل الشيعة 27: 106، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب9، الحديث1.
2 ـ عوالي اللآلي 4: 133 / 229، مستدرك الوسائل 17: 303، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب9، الحديث2.
3 ـ الحدائق الناضرة 1: 99.
(الصفحة406)
للمشهور من مصاديق بيّن الرشد الذي يجب أن يتّبع، وغير المشهور الذي هو الشاذّ النادر هو من أفراد بيّن الغي الذي يجب أن يُترك ويدع، لامن مصاديق الأمر المشكل الذي يجب أن يردّ إلى اللّه والرسول، وحينئذ فالشهرة تميّز الحجّـة عن اللاحجّـة، لا أنّها مرجّحـة لإحدى الحجّتين على الاُخرى.
فانقدح: أنّ المرجّح في مقام الفتوى الذي يدلّ عليـه المقبولـة ليس إلاّ موافقـة الكتاب ومخالفـة العامّـة.
ومن المعلوم أنّ تقيـيد ما يدلّ على التخيـير ـ الذي عرفت انحصاره في خبر الحسن بن الجهم المتقدّم(1) ـ بالمقبولـة مع عدم دلالتها إلاّ على أنّ المرجّح للروايـة أمران ليس تقيـيداً مستهجناً، كما هو واضح. فالإشكال الأوّل حينئذ لا يبقى لـه مجال.
وأمّا الإشكال الثاني الذي مرجعـه إلى أنّ اختلاف الأخبار الواردة في باب المرجّحات دليل على عدم لزوم الترجيح وعدم وجوبـه، فالجواب عنـه يتوقّف على التكلّم في مقامين:
حال الأخبار الواردة في موافقة الكتاب
المقام الأوّل: في الأخبار الواردة فيما يتعلّق بمخالف الكتاب من الروايات المرويّـة عنهم (عليهم السلام) وهي على طائفتين:
الطائفـة الاُولى: ما تدلّ على أنّ الخبر المخالف للكتاب ممّا لم يصدر عنهم (عليهم السلام) أصلا، سواء كان له معارض أم لا، كما يقتضيه إطلاقها، وقد أورد جملة
1 ـ تقدّم في الصفحـة 396.
(الصفحة407)
منها في الوسائل في الباب التاسع من أبواب كتاب القضاء كخبر السكوني(1).
وخبر أيّوب بن راشد(2) وهو ضعيف من حيث السند، لكنّـه لابأس بـه من حيث الدلالـة، لأنّ الظاهر عرفاً من عدم الموافقـة هو المخالفـة وإن كان مفهوماً أعمّ، كما لايخفى. وخبر أيّوب بن الحرّ، وصحيحـة هشام بن الحكم، ومرسلـة ابن بكير(3) لكنّـه ليس لها كثير ربط بالمقام، وغير ذلك ممّا أورده في المستدرك(4)في ذلك الكتاب.
والطائفـة الثانيـة: ما وردت في خصوص المتعارضين وترجيح الموافق للكتاب على المخالف كخبر ابن أبييعفور(5)، ولكن الظاهر أنّـه من جملـة الطائفـة الاُولى، كما لايخفى، وروايـة الطبرسي(6)، وهي أيضاً كالسابقـة، وروايـة العيّاشي(7)، وهي أيضاً كسابقتيها، وروايـة الميثمي الطويلة، وقد مرّت(8)هذه الروايـة والتكلّم فيها، ومصحّحـة عبدالرحمان بن أبيعبداللّه، قال: قال الصادق (عليه السلام): «إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب اللّه، فما
1 ـ وسائل الشيعـة 27: 109، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب9، الحديث10.
2 ـ وسائل الشيعـة 27: 110، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب9، الحديث12.
3 ـ وسائـل الشيعـة 27: 111، كتاب القضاء، أبـواب صفات القاضـي، الباب9، الحـديث14، 15، 18.
4 ـ مستدرك الوسائل 17: 302، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب9.
5 ـ وسائل الشيعـة 27: 110، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب9، الحديث11.
6 ـ وسائل الشيعـة 27: 121، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب9، الحديث40.
7 ـ وسائل الشيعـة 27: 123، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب9، الحديث47.
8 ـ تقدّمت في الصفحة 390.
(الصفحة408)
وافق كتاب اللّه فخذوه، وما خالف كتاب اللّه فردّوه، فإن لم تجدوهما في كتاب اللّه فاعرضوهما على أخبار العامّـة، فما وافق أخبارهم فذروه، وما خالف أخبارهم فخذوه»(1)، هذا.
وقد جمع بين الطائفتين بحمل المخالفـة في الطائفـة الاُولى على المخالفـة بالتباين الكلّي، وفي الطائفـة الثانيـة على المخالفـة بغيره، سواء كان بالعموم والخصوص المطلق أو من وجـه، وهذا الجمع وإن كان يبعّده اتّحاد التعبيرات الواقعـة في الطائفتين مـن أنّ المخالف زخـرف أو باطـل، أو لم نقلـه، أو إضربـه على الجـدار، أو غير ذلك مـن التعبيرات، إلاّ أنّ التحقيق يقتضي المسير إليـه.
وتوضيحـه: أنّ إطلاق المخالفـة في الطائفـة الاُولى يشمل جميع أنحاء المخالفات بالتباين أو بالعموم والخصوص بقسميـه، ضرورة أنّك عرفت(2) في أوّل هذا الكتاب أنّ السالبـة الكلّيـة تناقض الموجبـة الجزئيـة وكذا العكس، لكنّك عرفت(3) أنّـه في محيط التقنين وجعل الأحكام على سبيل العموم لا يعدّ مثل العامّ والخـاصّ مخـالفين أصلا ولا يحكمون بتساقطهما في مـورد التعـارض أو الرجـوع إلـى الـمرجّـح، فبهذه الـقرينـة العـقلائيّـة ترفـع اليـد عـن إطلاق الطائفـة الاُولى.
1 ـ وسائـل الشيعـة 27: 118، كتاب القضـاء، أبـواب صفـات القاضـي، الباب9، الحـديث29.
2 ـ تقدّم في الصفحـة 320.
3 ـ تقدّم في الصفحـة 321.
(الصفحة409)
وأمّا الطائفـة الثانيـة الواردة في خصوص المتعارضين، فلا قرينـة على رفع اليد عن إطلاق المخالفـة الواردة فيها، فمقتضاها أنّ في الخبرين المتعارضين يردّ الخبر المخالف للكتاب، سواء كان مخالفتـه بنحو التباين أو بنحو العموم والخصوص بقسميـه، وهذا لا ينافي وجوب ردّ الخبر المخالف للكتاب بالمخالفـة بنحو التباين ولو لم يكن لـه معارض، كما هو مقتضى الطائفـة الاُولى، كما لايخفى.
ثمّ إنّـه قد يقال: بأنّـه لا ثمرة للنزاع في كون موافقـة الكتاب من المرجّحات، لأنّـه على أيّ تقدير يجب الحكم على وفق ما يدلّ عليـه الكتاب، سواء كانت موافقتـه من المرجّحات أو لم تكن، ولكن كان الكتاب مرجعاً على تقدير تساقط الخبرين بعد تعارضهما.
ولكن يرد عليـه بأنّـه يمكن فرض مورد تـترتّب الثمرة على ذلك، وذلك كما لو فرض دلالـة الكتاب على وجوب عتق الرقبـة مطلقاً، من غير تقيـيد بخصوص المؤمنـة بعد إيقاع الظهار من الزوج، ووردت روايـة دالّـة على أنّـه: إن ظاهرت فاعتق رقبـة مؤمنـة. وروايـة اُخرى دالّـة على أنّـه: إن ظاهرت فلا تعتق رقبـة مؤمنـة، فإنّـه على تقدير القول بالتساقط والرجوع إلى الكتاب لابدّ من الحكم بكفايـة عتق مطلق الرقبـة في كفّارة الظهار ولو لم تكن مؤمنـة، كما هو مدلول ظاهر الكتاب على ما هو المفروض.
وأمّا على تقدير القول بترجيح الروايـة الموافقـة يردّ الروايـة المخالفـة، ويجب حينئذ ملاحظـة الكتاب مع الروايـة الموافقـة لـه، وهما وإن كانا مثبتين، إلاّ أنّـه حيث تكون وحدة السبب دليلا على وحدة الحكم لابدّ من تقيـيد الكتاب بالرواية الموافقـة له والحكم بتعيّن عتق خصوص الرقبة المؤمنة في كفّارة الظهار.
(الصفحة410)
لايقال: إنّـه لا مجال في المورد المفروض لإعمال المرجّح الذي هو موافقـة الكتاب، ضرورة أنّ كلا الخبرين مخالفان للكتاب بالإطلاق والتقيـيد. غايـة الأمر الاختلاف بينهما إنّما هو من حيث النفي والإثبات، كما لايخفى.
لأنّا نقول: إعمال المرجّح إنّما هو في ظرف وجود المعارض للخبر الموافق، وفي هذا الظرف لا يكون الخبر الموافق مخالفاً أصلا، والمخالفـة إنّما تـتحقّق بعد إسقاط المعارض بالمخالفـة، ففي ظرف التعارض لا يكون الخبر الموافق مخالفاً، وبعد سقوط المعارض لا مانع من تقديمـه على الكتاب، لأجل اختلافهما بالإطلاق والتقيـيد، كما لايخفى، هذا.
وتظهر الثمرة أيضاً بين المرجعيّـة والمرجّحيّـة أيضاً فيما إذا كان التعارض بين الخبرين بالعموم والخصوص من وجـه، ولكن قام الدليل على عدم إمكان التفكيك بين مورد الاجتماع ومورد الافتراق من حيث الحكم وكان الكتاب موافقاً لأحد الخبرين من حيث مادّة الاجتماع، فإن قلنا بالتساقط والرجوع إلى الكتاب فيسقط الخبر الموافق بتمام مضمونه في مادتي الاجتماع والافتراق مع خبر الآخر ويرجع إلى الكتاب. وإن قلنا بأنّـه مرجّح يؤخذ بالخبر الموافق في تمام مضمونه.
وتظهر الثمرة بينهما أيضاً فيما إذا رتّب حكم آخر على الحكم الذي يدلّ عليـه الخبر الموافق للكتاب في نفس ذلك الخبر، كما فيما لو فرض أنّ الكتاب يدلّ على النهي عن شرب الخمر مثلا، والخبر الموافق دالّ على النهي عن شربه وعن الصلاة فيـه، بحيث لو علم أنّ الحكم الثاني مترتّب على الأوّل وكان هنا خبر يدلّ على جواز شرب الخمر، فإن قلنا بمرجعيـة الكتاب بعد تساقط الخبرين يلزم أن لايكون في البين إلاّ كون شرب الخمر منهيّاً عنه فقط، وإن قلنا بمرجّحيّته للخبر الموافق يلزم ثبوت حكمين: حرمة الشرب، وعدم جواز الصلاة فيه، كما لايخفى.
(الصفحة411)
حال الأخبار الواردة في مخا لفـة العامّـة
المقام الثاني: في الأخبار الواردة فيما يتعلّق بمخالفـة العامّـة في الروايات الواردة عنهم (عليهم السلام) وهي أيضاً على طائفتين:
الطائفـة الاُولى: ما يدلّ على أنّ الخبر الموافق لهم ممّا لم يصدر أصلا، سواء كان لـه معارض أم لا، كما هو مقتضى إطلاقها.
والطائفـة الثانيـة: ما وردت في خصوص المتعارضين وأنّـه يرجّح الخبر المخالف لهم على الموافق، معلّلا في بعضها بأنّ الرشد في خلافهم، ولابدّ إمّا من حمل الطائفـة الاُولى على مورد الطائفـة الثانيـة والقول باختصاص ذلك بالمتعارضين، وإمّا من طرح تلك الطائفـة، لعدم إمكان الالتزام بوجوب ردّ مطلق الخبر الموافق للعامّـة وإن لم يكن لـه معارض. فانقدح أنّ المستفاد من جميع الأخبار الواردة في المقامين أنّ هنا مرجّحان:
أحدهما: موافقـة الكتاب.
والآخر: مخالفـة العامّـة.
وتقيـيد أخبار التخيـير بذلك لا يوجب الاستهجان أصلا، خصوصاً بعدما عرفت(1) من أنّـه لا يكون هذا إلاّ خبر واحد دالّ على التخيـير. نعم يبقى الكلام في أمرين:
أحدهما: أنّ مقتضى إطلاق الروايات الواردة في موافقـة الكتاب وجوب الترجيح بها، سواء كان أحد الخبرين مخالفاً للعامّـة أم لم يكن، وكذا مقتضى
1 ـ تقدّم في الصفحـة 386 ـ 387.
(الصفحة412)
إطلاق الروايات الواردة في الترجيح بمخالفـة العامّـة وجوب الأخذ بالخبر المخالف لهم، سواء كان موافقاً للكتاب أم لا، ومن المعلوم عدم إمكان الجمع بين المقتضيـين، فيحصل الشكّ في ما هو المقدّم من المرجّحين. هذا، ولكن مصحّحـة عبدالرحمان بن أبيعبداللّه المتقدّمـة(1) ترفع هذا الشكّ، لصراحتها في تقدّم الترجيح بموافقـة الكتاب على الترجيح بمخالفـة العامّـة، كما هو واضح.
ثانيهما: أنّـه ربّما يستفاد من بعض الروايات الترجيح بالأحدثيّـة وبما صدر من الحي وبغيرهما من التعبيرات، ولكن التأمّل فيها يقضي بعدم كون المراد الترجيح بها في مثل زماننا زمان الغيبـة، بل المراد بها ظاهراً هو مثل ما وقع لعلي بن يقطين، حيث أمره (عليه السلام) ابتداءً بالوضوء على وفق العامّـة، ثمّ أمره بـه على وفق ما يقول بـه الخاصّـة، فإنّـه لا إشكال في أنّـه يجب الأخذ بعد صدور المتأخّر بخصوص ذلك المتأخّر، كما لايخفى.
تتمّة: في التعدّي عن المرجّحات المنصوصة إلى غيرها
هل اللازم في باب الترجيح الاقتصار على خصوص المرجّحات المنصوصـة التي قـد عرفت أنّها لا تـتجاوز عـن اثنين على مـا يقتضيـه التأمّل والتدقيق في الروايات الواردة في هذا الباب، أو أنّـه يتعدّى عنها إلى كلّ ما يمكن أن يكون مرجّحاً، كما حكى عن جمهور المجتهدين الذاهب إليـه، بل ادّعى بعضهم ظهور الإجماع وعدم ظهور الخلاف على وجوب العمل بالراجح من الدليلين بعد أن حكى الإجماع عليـه من جماعـة.
1 ـ تقدّم في الصفحة 407.
(الصفحة413)
ولا يخفى: أنّـه لو قلنا بعدم ثبوت الإطلاق للروايات الدالّـة على التخيـير، أو قلنا بأنّ مستند التخيـير ليس إلاّ الإجماع، فاللازم القول بالتعدّي عن المرجّحات المنصوصـة، لأنّـه حينئذ لابدّ أن يقتصر في التخيـير على القدر المتيقّن، وهي صورة فقد المرجّحات جميعاً، كما لايخفى.
فيما استدلّ بها الشيخ الأعظم للتعدّي عن المرجّحات المنصوصة
وكيف كان فذكر الشيخ (قدس سره)
في الرسالـة أنّ ما يمكن استفادة هذا المطلب منـه فقرات من الروايات، ونحن نتعرّض لتلك الفقرات مع تقريب الاستدلال بها على ما أفاده (قدس سره)
ونجيب عن جميعها، فنقول:
قال (قدس سره)
: منها الترجيح بالأصدقيّـة في المقبولـة، وبالأوثقيّـة في المرفوعـة، فإنّ اعتبار هاتين الصفتين ليس إلاّ لترجيح الأقرب إلى مطابقـة الواقع في نظر الناظر في المتعارضين من حيث إنّـه أقرب، من غير مدخليّـة خصوصيّـة سبب، وليستا كالأعدليّـة والأفقهيّـة تحتملان لاعتبار الأقربيـة الحاصلـة من السبب الخاصّ، وحينئذ فإذا كان أحد الراويـين أضبط من الآخر، أو أعرف بنقل الحديث بالمعنى، أو شبـه ذلك فيكون أصدق وأوثق من الراوي الآخر، ونتعدّي من صفات الراوي المرجّحـة إلى صفات الروايـة الموجبـة لأقربيّـة صدورها... إلى أن قال: ويؤيّد ما ذكرنا أنّ الراوي بعد سماع الترجيح بمجموع الصفات لم يسأل عن صورة وجود بعضها وتخالفها في الروايتين، وإنّما سأل عن حكم صورة تساوي الراويـين في الصفات المذكورة وغيرها حتّى قال: «لا يفضل أحدهما على صاحبـه» يعني بمزيّـة من المزايا أصلا، فلولا فهمـه أنّ كلّ واحد من هذه الصفات وما يشبهها مزيّـة مستقلّـة لم يكن وقع للسؤال عن
(الصفحة414)
صورة عـدم المزيّـة فيهما رأساً، بل ناسبـه السؤال عـن حكم عـدم اجتماع الصفات فافهم(1)، انتهى.
ويرد عليـه ـ مضافاً إلى عدم وضوح الفرق بين الأصدقيّـة والأوثقيّـة وبين الأعدليّـة والأفقهيّـة وشبههما من حيث الأقربيـة إلى الواقع أصلا ـ أنّ ظاهر الروايـة هو كون المرجّح المجموع من حيث المجموع من الصفات، ولا دليل على رفع اليد عن هذا الظهور، وما ذكره تأيـيداً يؤيّد بل يدلّ على ما ذكرنا، فإنّ عدم سؤال الراوي عن صورة وجود بعضها إنّما هو لأجل فهمـه كون المرجّح هو المجموع، ولا يترتّب على بعضها أثر أصلا، ومعنى قولـه: لا يفضل أحدهما على صاحبـه، أنّ ما جعل مرجّحاً لا يكون في خصوص أحدهما، بل كانا متساويـين لأجل عدم اتّصاف واحد منهما بالمجموع الذي هو المرجّح، كما لايخفى.
ومنها: تعليلـه (عليه السلام) الأخذ بالمشهور بقولـه: «فإنّ المجمع عليـه لاريب فيـه». توضيح ذلك: أنّ معنى كون الروايـة مشهورة كونها معروفـة عند الكلّ، كما يدلّ عليـه فرض السائل كليهما مشهورين. والمراد بالشاذّ ما لا يعرفـه إلاّ القليل. ولاريب أنّ المشهور بهذا المعنى ليس قطعيّاً من جميع الجهات قطعي المتن والدلالـة حتّى يصير ممّا لاريب فيـه، وإلاّ لم يمكن فرضهما مشهورين، ولا الرجوع إلى صفات الراوي قبل ملاحظـة الشهرة، ولا الحكم بالرجوع مع شهرتهما إلى المرجّحات الاُخر، فالمراد بنفي الريب نفيـه بالإضافـة إلى الشاذ، ومعناه أنّ الريب المحتمل في الشاذ غير محتمل فيـه، فيصير حاصل التعليل ترجيح المشهور على الشاذّ بأنّ في الشاذّ احتمالا لا يوجد في المشهور. ومقتضى
1 ـ فرائد الاُصول 2: 781.
(الصفحة415)
التعدّي عن مورد النصّ في العلّـة وجوب الترجيح بكلّ ما يوجب كون أحد الخبرين أقلّ احتمالا لمخالفـة الواقع(1)، انتهى.
ويرد عليـه: أنّ الظاهر كون المراد بعدم الريب في المجمع عليـه هو عدم الريب فيـه حقيقـة، ومقابلـه حينئذ ممّا لاريب في بطلانـه، فالمجمع عليـه داخل في الأمر الذي بيّن رشده، والشاذّ في الأمر البيّن الغي.
وقد عرفت أنّ الشهرة ليست من المرجّحات، بل إنّما هي لتميـيز الحجّـة عن اللاحجّـة لا لترجيح إحدى الحجّتين على الاُخرى، والرجوع إلى صفات الحاكم قبل ملاحظـة الشهرة التي هـي دليل قطعي يحتمل أن يكـون لعدم صلاحيّـة غير الواجد لتلك الصفات الأربع مع وجود الواجد لها لمقام القضاوة والحكومـة أصلا ولو كان قاضي التحكيم كما ذهب إليـه بعض، بل لعلّـه كان مشهوراً، فالترجيح بتلك الصفات إنّما هو لأجل تميـيز الصالح للحكومـة عن غيره، وبعد فرض الراوي صلاحيتهما للحكومـة لأجل عدم كون واحد منهما لـه فضل على الآخر أوجب الإمام (عليه السلام)الرجوع إلى المستند الذي كان مشهوراً لأجـل كونـه قطعيّاً، كما لايخفى.
ومنها: تعليلهم (عليهم السلام) لتقديم الخبر المخالف للعامّـة بأنّ الحق والرشد في خلافهم وأنّ ما وافقهم فيـه التقيـة، فإنّ هذه كلّها قضايا غالبيّـة لا دائميـة، فيدلّ بحكم التعليل على وجوب ترجيح كلّ ما كان معـه امارة الحقّ والرشد، وترك ما فيـه مظنّـة خلاف الحقّ والرشد، بل الإنصاف أنّ مقتضى هذا التعليل كسابقـه وجوب الترجيح بما هو أبعد عن الباطل عن الآخر وإن لم يكن عليـه أمارة
1 ـ فرائد الاُصول 2: 781.
(الصفحة416)
المطابقـة، كما يدلّ عليـه قولـه (عليه السلام): «ما جاءكم عنّا من حديثين مختلفين فقسهما على كتاب اللّه وأحاديثنا، فإن أشبههما فهو حقّ، وإن لم يشبههما فهو باطل»(1)، فإنّـه لا توجيـه لهاتين القضيّتين إلاّ ما ذكرنا من إرادة الأبعديّـة عن الباطل والأقربيّـة إليـه(2)، انتهى.
ويرد عليـه ـ مضافاً إلى عدم ظهور الروايات الواردة في الترجيح بمخالفـة العامّـة في كون الأخـذ بـه معلّلا بما ذكر، فانظر إلى المقبولـة، يقول (عليه السلام)فيها: «ما خالف العامّـة ففيـه الرشد»(3)، فإنّـه ليس بحسب العبارة تعليلا أصلا، وإلى عـدم وضوح الفرق بين الأقربيّـة إلى الواقـع والأبعديّـة عـن الباطل أنّـه مع تسليمه يستفاد منه، أنّ مخالفة العامّـة تكون بمرتبة من الإصابـة، حتّى يكون الحقّ والرشد فيها، وهو لا يدلّ على أنّ كلّ ما كان بنظرنا أقرب إلى الواقع، يكون فيه الرشد ولو نوعاً وغالبياً.
وبالجملـة ما لم يحرز كون مزيّـة بمرتبـة مخالفـة العامّـة في الإيصال إلى الحـق، لا يجوز الأخـذ بها، وأنّى لنا بإثباتـه؟
ومنها: قولـه (عليه السلام): «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك»(4) دلّ على أنّـه إذا دار
1 ـ تفسير العياشي 1: 9 / 7، وسائل الشيعـة 27: 123، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب9، الحديث48.
2 ـ فرائد الاُصول 2: 781 ـ 782.
3 ـ الكافي 1: 54 / 10، وسائل الشيعـة 27: 106، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب9، الحديث1.
4 ـ راجع وسائل الشيعـة 27: 167، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب12، الحديث43 و54.
(الصفحة417)
الأمر بين الأمرين في أحدهما ريب ليس في الآخر ذلك الريب يجب الأخذ بـه، وليس المراد نفي مطلق الريب، كما لايخفى(1)، انتهى.
ويرد عليـه أنّ الظاهر عدم كون هذه الروايـة ناظرة إلى باب المتعارضين أصلا، بل الظاهر أنّها ناظرة إلى أنّ الأمر المشتبـه بالشبهـة الابتدائيّـة ينبغي تركـه، نظراً إلى ما لا يكون فيـه ريب من الثواب المترتّب على تركـه، فهي أجنبيّـة عن المقام. فانقدح ممّا ذكرنا: أنّـه لم ينهض شيء ممّا تمسّك بـه الشيخ (قدس سره)
لإفادة جواز التعدّي عن المرجّحات المنصوصـة.
نعم يمكن التمسّك لإثبات ذلك إلى أنّ المستند لثبوت التخيـير في المتعارضين هو الإجماع، ولم يعلم كون مستند المجمعين هو الروايات الواردة في التخيـير، بل يمكن أن يقال بالعدم، نظراً إلى أنّ روايـة التخيـير ظاهرة في جوازه وهم قائلون بوجوب الأخذ بأحدهما مخيّراً فتأمّل.
وإلى أنّـه لو كان مستندهم في ذلك هي الروايات الدالّـة على التخيـير يلزم أن تكون محمولـة على الفرد النادر، لما عرفت(2) من ادّعاء بعضهم الإجماع على وجوب العمل بالراجح من الدليلين مطلقاً، وهذا يؤيّد بل يدلّ على عدم كون استنادهم في الحكم بالتخيـير إلى الروايات أصلا، وإلاّ يلزم ما ذكر من حملها على المورد النادر، فالمستند في التخيـير هو نفس الإجماع، والقدر المتيقّن منـه إنّما هو صورة فقد المرجّح رأساً، ومع وجود شيء من المرجّحات يدور الأمر بين التعيـين والتخيـير، وعند دوران الأمر بينهما لابدّ من الأخذ بالمعيّن كما تقدّم.
1 ـ فرائد الاُصول 2: 782.
2 ـ تقدّم في الصفحـة 412.
(الصفحة418)
هل المرجّحات المنصوصة مرجّحات أصل الصدور أو جهة الصدور؟
بقي الكلام في أنّ المرجّحات المنصوصـة التي ذكرنا أنّها لا تـتجاوز عن اثنين هل تكون مرجّحات أصل الصدور، أو جهـة الصدور، أو المضمون؟
فنقول: أمّا بحسب الثبوت فكلّ محتمل، لأنّـه يحتمل عدم كون الخبر الموافق للعامّـة مثلا صادراً أصلا، ويحتمل عدم كون صدوره لبيان الحكم الواقعي.
وأمّا بحسب الإثبات فظاهر الروايات الدالّـة على مرجّحيّـة موافقـة الكتاب ومخالفـة العامّـة أنّ الخبر المخالف للكتاب أو الموافق للناس ممّا لم يصدر عنهم (عليهم السلام) أصلا، فمقتضى القاعدة حينئذ عدم تقدّم واحد منهما على الآخر، لكن قد عرفت(1) صراحـة مصحّحـة عبدالرحمان بن أبيعبداللّه المتقدّمـة في تقدّم الترجيح بموافقـة الكتاب على الترجيح بمخالفـة العامّـة، فما في التقريرات من تقدّم مرجّحات أصل الصدور على مرجّحات جهـة الصدور، وتقدّم هذه على مرجّحات المضمون، وأنّ مخالفـة العامّـة من مرجّحات جهـة الصدور وموافقـة الكتاب من مرجّحات المضمون، فهي مؤخّرة عن الترجيح بمخالفـة العامـة لتقدّم جهـة الصدور على المضمون كتقدّم أصل الصدور على جهـة الصدور، ممنوع، لأنّ المستند في هذا التقديم إن كان هو العقل فقد عرفت أنّ حكمـه في المتعارضين هو السقوط رأساً، وإن كان هو النقل فهو صريح في
1 ـ تقدّم في الصفحـة 412.
(الصفحة419)
تقدّم الترجيح بموافقـة الكتاب على الترجيح بمخالفـة العامّـة كما عرفت في المصحّحـة التصريح بـه. والعجب منـه (قدس سره)
أنّـه قال على ما في التقريرات: إنّ العمل بهذا الصحيح مشكل(1).
وكيف كان فلا ينبغي الإشكال في لزوم مراعاة الترتيب بين هذين المرجّحين وفي أنّـه مع فقدهما يرجع إلى سائر المرجّحات بناءً على التعدّي كما عرفت(2) أنّـه لابدّ من المصير إليـه.
إلى هنا انتهى الكلام فيما يتعلّق بمباحث التعادل والترجيح، وبذلك ينتهي ويتمّ البحث في المسائل الاُصوليّـة، والحمد للّه أوّلا وآخراً وظاهراً وباطناً. وكان الفراغ من تسويد ذلك ليلـة الجمعـة المصادفـة لليلـة ولادة الإمام التاسع والنور الساطع محمّد بن علي الجواد سلام اللّه وصلواتـه عليـه وعلى آبائـه الطاهرين وأولاده المنتجبين. 10 رجب 1377 هـ . ق .
1 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 4: 784.
2 ـ تقدّم في الصفحـة 412.
(الصفحة420)
|
|