صفحه 157
وهم يزيدون عمّا يعتبر في التواتر ، فيجوز القراءة بها إن شاء الله تعالى» .
ونقتصر في مقام الجواب على أمر واحد ، وهو: أنّ أهل الفنّ أخبر بفنّهم ، والحكم في ذلك ليس من شأنهم ، مع أنّه يمكن أن يقال : إنّ مراده(قدس سره) هو ثبوت التواتر عنهم ، لا عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، وهو وإن كان ممنوعاً أيضاً على ما عرفت(1) في الاحتمال الأوّل في معنى تواتر القراءات ، إلاّ أنّ ادّعاءه أسهل من دعوى التواتر عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، مضافاً إلى أنّه لا يترتّب على ما ثبت تواتره عنهم أثر أصلاً ، لما مرّ(2) من عدم حجّية قولهم وفعلهم وتقريرهم .
كما أنّ الظاهر أ نّ غرض الشهيد من إثبات التواتر، مجرّد جواز القراءة بكلّ من تلك القراءات ; لتفريع جواز القراءة على ذلك في موضعين من كلامه ، ولو كان المراد ثبوت تواترها عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) لكان الأثر الأهمّ والغرض الأعلى الاتّصاف بوصف القرآنيّة ، وجواز الاستدلال بها ، والاستناد إليها في مقام استنباط حكم من الأحكام الشرعيّة الإلهيّة ، ومن الواضح أ نّه لا يقاس بذلك في مقام الأهمّية مجرّد جواز القراءة ، كما هو ظاهر .
وهنا احتمال ثالث في معنى تواتر القراءات ، ذكره المحقّق القمّي(قدس سره) في كتاب القوانين وأذعن به ، حيث قال : «إن كان مرادهم تواترها عن الأ ئـمّة (عليهم السلام) ; بمعنى تجويزهم قراءتها ، والعمل على مقتضاها ، فهذا هو الذي يمكن أن يدّعى معلوميّتها من الشارع ; لأمرهم بقراءة القرآن كما يقرأ الناس ، وتقريرهم لأصحابهم على ذلك ، وهذا لا ينافي عدم علميّة صدورها عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) ووقوع الزيادة والنقصان فيه ، والإذعان بذلك والسكوت عمّا سواه أوفق بطريقة الاحتياط» (3) .
(1) في ص152 ـ 154 . (2) في ص153 . (3) قوانين الاُصول: 1 / 406 ، المقصد الثاني ، قانون 2 ، المبحث الثاني .
صفحه 158
ومرجع هذا الاحتمال ـ وإن كان بعيداً في الغاية ; لأنّ مسألة تواتر القراءات من المسائل المهمّة المبحوث عنها عند العامّة ، ويبعد أن يكون مرادهم التواتر عن الأ ئـمّة التي يختصّ اعتقاد حجّية أقوالهم بالفرقة المحقّة ـ إلى تواتر مجرّد جواز القراءة بتلك القراءات ، والعمل على مقتضاها من الأئمّـة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين .
وسيأتي البحث عن ذلك بعد ذكر أدلّة القائلين بالتواتر في المقام الثالث ـ الممهّد للبحث عن جواز القراءة بتلك القراءات السبع المختلفة ـ بعد عدم ثبوت تواترها بوجه ، وعدم جواز الاستدلال بها ، والاستناد إليها في مقام الاستنباط ، واستكشاف أحكام الله ـ تبارك وتعالى ـ إن شاء الله ، فانتظر .
وأ مّا القائلون بالتواتر، فمستندهم في ذلك وجوه :
الأوّل : دعوى قيام الإجماع عليه من السلف إلى الخلف .
والجواب : أنّ ملاك حجّية الإجماع عند المستدلّ يتقوّم باتّفاق كلّ من يتّصف بأنّه من الاُمّة المحمّدية ، وبدون ذلك لا يتحقّق الإجماع الواجد لوصف الحجّية والاعتبار عنده .
وقد مرّ(1) عدم تحقّق هذا الاتّفاق بوجه ; فإنّه كما تحقّق إنكار تواتر القراءات من الطائفة المحقّة الإماميّة ـ وهم جماعة غير قليلة من الاُمّة النبويّة ـ كذلك أنكره كثير من المحقّقين من علماء أهل السنّة ، وقد تقدّم(2) نقل بعض كلماتهم ، فدعوى قيام الإجماع ـ والحال هذه ـ ممّا لا يصدر ادّعاؤها من العاقل غير المتعصّب .
الثاني : أنّ اهتمام الصحابة والتابعين بالقرآن يقضي بتواتر قراءاته ، وهذا واضح لمن سلك سبيل الإنصاف ، ومشى طريق العدالة .
(1) في ص143 ـ 144 . (2) في ص155 ـ 156 .
صفحه 159
والجواب أوّلاً : أ نّ هذا الدليل لا ينطبق على المدّعى بوجه ; فإنّ المدّعى هو تواتر القراءات السبع أو العشر ، والدليل يقتضي تواتر قراءة القرآن ، ومن الواضح أنّ تواتر القراءة ـ على تقديره ـ لا يثبت تواتر القراءات السبع أو العشر .
وثانياً : أ نّ مقتضى هذا الدليل تواتر نفس القرآن ، لا تواتر كيفيّة قراءته ، خصوصاً مع ما نعلم من كون مستند بعض المشايخ والقرّاء هو الاجتهاد والنظر ، أو السماع ولو من الواحد .
مع أنّ حصر القراءات في السبع إنّما حدث في القرن الثالث من الهجرة ، ولم يكن له قبل هذا الزمان عين ولا أثر .
وحكي أنّ مسبّعها هو أبو بكر أحمد بن موسى بن العبّاس بن مجاهد ، كان على رأس الثلاثمائة ببغداد ، فجمع قراءات سبعة من مشهوري أئمّة الحرمين والعراقين والشام . . . وحكي أنّه قد لامه كثير من العلماء لما فيه من الإيهام ، وإشكال الأمر على العامّة بإيهامه كلّ من قلّ نظره أنّ هذه القراءات هي المذكورة في الخبر ، يعني رواية نزول القرآن على سبعة أحرف (1) .
وحكي عن أبي محمّد مكّي قوله : «قد ذكر الناس من الأ ئـمّة في كتبهم أكثر من سبعين ممّن هو أعلى رتبة ً وأجلّ قدراً من هؤلاء السبعة . . . فكيف يجوز أن يظنّ ظانّ أنّ هؤلاء السبعة المتأخّرين ، قراءة كلّ واحد منهم أحد الحروف السبعة المنصوص عليها ؟ هذا تخلّف عظيم ، أكان ذلك بنصّ من النبيّ (صلى الله عليه وآله) أم كيف ذلك؟! وكيف يكون ذلك؟! والكسائي إنّما أُلحق بالسبعة بالأمس في أيّام المأمون وغيره ، وكان السابع يعقوب الحضرمي ، فأثبت ابن مجاهد في سنة ثلاثمائة ونحوها
(1) البرهان في علوم القرآن للزركشي 1 : 327 ، النوع العشرون ، واُنظر التبيان لبعض المباحث المتعلّقة بالقرآن:112 .
صفحه 160
الكسائي موضع يعقوب»(1) .
ومع هذا الشأن ، فهل يكون اهتمام الصحابة والتابعين موجباً لتواتر هذه القراءات السبع خاصّة؟! فاللاّزم إمّا القول بتواتر جميع القراءات من دون تبعيض ، وإمّا القول بعدم تواتر شيء منها في مورد الاختلاف ، وحيث إنّه لا سبيل إلى الأوّل فلا محيص عن الثاني ، كما لا يخفى .
الثالث : دعوى الملازمة بين تواتر أصل القرآن ، وبين تواتر القراءات المختلفة ، نظراً إلى أنّ القرآن إنّما وصل إلينا بتوسّط حفّاظه والقرّاء المعروفين ، ولم تكن القراءة منفكّة عن القرآن ، بحيث كان أصل القرآن واصلاً مستقلاًّ ، والقراءة واصلة مرّة اُخرى كذلك ، بل كانتا واصلتين معاً بتوسّط الحفّاظ والقرّاء ، وحينئذ فتواتر القرآن الذي لا ريب فيه ولا شبهة تعتريه ملازم لتواتر القراءات ; لما عرفت .
والجواب أوّلاً : منع الملازمة بين تواتر أصل شيء ، وبين تواتر خصوصيّاته وكيفيّاته ; ضرورة أنّ الاختلاف فيها لا ينافي الاتّفاق على أصله ، وهذا واضح جدّاً ; فإنّ غالبيّة الحوادث والوقائع والمسائل والاُمور ، أصلها مسلّم متّفق عليه ، وخصوصيّاتها مشكوكة مختلف فيها ، وذلك كواقعة الطفّ الكبرى ; فإنّ حدوثها ووقوعها من الواضحات البديهيّة ، وكيفيّتها مختلف فيها ، وكهجرة النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) ; فإنّ تواتر أصلها لا يستلزم تواتر خصوصيّاتها .
وبالجملة : فدعوى الملازمة بين اتّصاف أصل الشيء بالتواتر ، وبين اتّصاف خصوصيّاته به أيضاً ممنوعة جدّاً .
وثانياً : منع كون أصل القرآن واصلاً إلينا بتوسّط خصوص أولئك الحفّاظ والقرّاء ، بحيث لو لم يكونوا لما كان القرآن واصلاً إلى الخَلف ; فإنّ ذلك مستلزم لعدم اتّصاف الأصل بالتواتر أيضاً ، بل من الواضح أ نّ وصول القرآن إلينا كان
(1) التبيان لبعض المباحث المتعلّقة بالقرآن: 113 ـ 114 .
صفحه 161
بالتواتر بين المسلمين ، ونقل الخلف عن السلف ، والتحفّظ على ذلك في صدورهم وكتاباتهم ، وذكرها في اُمورهم وشؤونهم ، ولم يكن للقرّاء بأجمعهم ـ فضلاً عن السبعة أو العشرة ـ دخل في ذلك أصلاً ، وحينئذ فتواتر القرآن الثابت بنقل المسلمين بهذا النحو كيف يكون ملازماً لتواتر القراءات السبع أو العشر ؟ وكيف يقاس أصل القرآن بخصوصيّات القراءات؟! .
ثمّ على تقدير كون مراد المستدلّ تواتر خصوص القراءات السبع أو العشر ـ كما هو الظاهر ـ يكون بطلان الدليل أوضح ; لأنّ دعوى الملازمة بين تواتر أصل القرآن ، وبين تواتر خصوص هذه القراءات ـ مع وضوح عدم كون القرآن واصلاً إلى الخلف ، بتوسّط خصوص هؤلاء القرّاء المعدودين والنفر المحصورين ـ ممّا لايكاد يصدر ادّعاؤها ممّن له أدنى حظّ من العلم ، وأقلّ نصيب من الإنصاف والعدالة ، كما لا يخفى على اُولي النّهى والدراية .
الرابع : أ نّ اختلاف القراءات قد يرجع إلى الاختلاف في أصل الكلمة كالاختلاف الواقع بينهم في قراءة «ملك» و«مالك» ، وحينئذ لو لم تكن القراءات متواترة فيلزم أن يكون بعض القرآن غير متواتر ; فإنّ الاختلاف في إعراب مثل كلمة «والأرحام» وإن لم يكن مستلزماً لعدم تواتر القرآن على فرض عدم تواتر القراءات ، إلاّ أنّ الاختلاف في مثل كلمة «مالك» و«ملك» يستلزم ذلك على التقدير المذكور وفرض عدم تواتر القراءات ; ضرورة أنّ تخصيص أحدهما بالاتّصاف بوصف القرآنيّة تحكّم ، فلا محيص عن الالتزام بتواتر كليهما ، حذراً عن خروج بعض القرآن عن كونه غير متواتر .
وهذا الدليل محكيّ عن ابن الحاجب ، وارتضاه جماعة ممّن تأخّر عنه (1) . (1) لم نجده عاجلاً .
صفحه 162
والجواب: أنّه إن كان المدّعى هو تواتر خصوص القراءات السبع كما هو الظاهر ، فيرد عليه عدم اقتضاء الدليل ذلك ; فإنّ مقتضاه ـ على فرض تماميّته ـ تواتر جميع القراءات ، خصوصاً مع ما عرفت(1) من تصريح بعض المحقّقين من علماء أهل السنّة ، بأ نّ فيمن عدا القرّاء السبعة من هو أعلى رتبة وأجلّ قدراً من السبعة ، بل قد عرفت في كلام أبي محمّد مكّي المتقدّم أ نّه قد ذكر الناس من الأ ئـمّة في كتبهم أكثر من سبعين ، ممّن هو أعلى رتبة وأجلّ قدراً من هؤلاء السبعة . ومن الواضح أ نّه لا دخل للأوثقيّة والأرجحيّة في ذلك .
وبالجملة : الدليل ـ على فرض صحّته ـ يقتضي تواتر جميع القراءات ; من دون رجحان ومزيّة لبعضها على البعض الآخر .
وإن كان المراد هو تواتر جميع القراءات ، فيرد عليه ـ مضافاً إلى وضوح بطلان هذه الدعوى ، بحيث لم يصرّح بها أحد من القائلين بتواتر القراءات ، بل ولم يظهر من أحد منهم ـ : منع الملازمة ; فإنّ الاختلاف إن كان في الكلمة مطلقاً ـ مادّة وهيئة ـ لكان لها سبيل .
وأ مّا في مثل المثال ممّا يكون الاختلاف راجعاً إلى الكيفيّة والهيئة فقط ، فتواتر القرآن إنّما تتّصف به المادّة فقط ، والاختلاف لا ينافي تواترها . نعم ، يكون موجباً لالتباس ما هو القرآن بغيره ، وعدم تميّزه من حيث الهيئة ، كعدم التميّز من حيث الإعراب في مثل كلمة «والأرحام» .
وقد انقدح من جميع ما ذكرنا عدم اتّصاف شيء من القراءات السبع أو العشر بالتواتر ، فضلاً عن غيرها ، هذا تمام الكلام في المقام الأوّل .
(1) في ص 155 و 159 .
صفحه 163
المقام الثاني: حجّية القراءات وجواز الاستدلال بها على الحكم الشرعي وعدمها
فنقول : حكي عن جماعة حجّية هذه القراءات وجواز استناد الفقيه إليها في مقام الاستنباط ، فيمكن الاستدلال على حرمة وطء الحائض بعد نقائها من الحيض وقبل أن تغتسل بقوله ـ تعالى ـ : (وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) (1) على قراءة الكوفيّين ـ غير حفص ـ بالتشديد (2) ، وظاهر تلك الجماعة حجّيتها على فرض عدم التواتر أيضاً ; بمعنى أنّ الحجّية على فرض التواتر ممّا لا ريب فيه عندهم أصلاً ، فيجوز الاستدلال بكلّ واحدة منها حسب اختيار الفقيه وإرادته ، وعلى فرض عدم التواتر أيضاً يجوز الاستدلال بها ، فلا فرق بين القولين من هذه الجهة . غاية الأمر أنّ الجواز على الفرض الأوّل أوضح .
والدليل على الحجّية ـ على فرض التواتر ـ هو القطع بأنّ كلاًّ من القراءات قرآن منزل من عند الله ، فهي بمنزلة الآيات المختلفة النازلة من عنده تعالى ، وعلى فرض عدم التواتر يمكن أن يكون هو شمول الأدلّة القطعيّة الدالّة على حجّية خبر الواحد الجامع للشرائط لهذه القراءات أيضاً ; فإنّها من مصاديق خبر الواحد على هذا التقدير ، فتشملها أدلّة حجّيته .
والجواب : أمّا على التقدير الأوّل : أ نّ التواتر وإن كان موجباً للقطع بذلك ـ على فرض كون المراد به هو التواتر عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) ـ إلاّ أ نّه إن كان المراد بالحجّية هي الحجّية في نفسها ; بمعنى كون كلّ واحدة من القراءات صالحة للاستدلال بها ، مع قطع النظر عن مقام المعارضة ، فلا مانع من الالتزام بها على هذا
(1) سورة البقرة 2: 222 . (2) البيان في تفسير القرآن : 163 .
صفحه 164
الفرض ، إلاّ أنّ الظاهر عدم كونها بهذا المعنى مراداً للقائل بالحجّية ، وجواز الاستدلال .
وإن كان المراد بها هي الحجّية المطلقة الراجعة إلى جواز الاستدلال بها ، ولو مع فرض المعارضة والاختلاف ، فيرد عليه: عدم اقتضاء التواتر لذلك ; فإنّ مقتضاه القطع بها من حيث السند والصدور ، وأ مّا من حيث الدلالة فيقع بينهما التعارض ، ولا مجال للرجوع إلى أدلّة العلاج الدالّة على الترجيح أو التخيير ; فإنّ موردها الأخبار التي يكون سندها ظنّياً ، ولا تعمّ مثل الآيات والقراءات التي يكون صدورها قطعيّاً على ما هو المفروض ، فاللاّزم مع فرض التعارض للعلم الإجمالي بعدم كون الجميع مراداً في الواقع ، الرجوع إلى الأظهر لو كان في البين ، وكان قرينة عرفيّة على التصرّف في غيره الظاهر ، ومع عدمه يكون مقتضى القاعدة التساقط والرجوع إلى دليل آخر .
وأ مّا على التقدير الثاني; أي تقدير عدم التواتر :
أوّلاً : أنّ شمول أدلّة حجّية خبرالواحد للقراءات غير ظاهر; لعدم ثبوت كونها رواية، بل يحتمل أن تكون اجتهادات من القرّاء واستنباطات منهم، وقدصرّح بعض الأعلام بذلك فيما تقدّم(1) ، ولا محيص عن الالتزام بذلك ولو بالإضافة إلى بعضها ، والدليل عليه إقامة الدليل على تعيّنها ، ورجحانها على الاُخرى ، كما لايخفى .
وثانياً : أنّه على تقدير ثبوت كونها رواية لم تثبت وثاقتهم ، ولم يحرز كونها واجدة لشرائط الحجّية ، كما يظهر من التتبّع في أحوالهم وملاحظة تراجمهم .
وثالثاً : أ نّه على تقدير كونها رواية جامعة لشرائط الحجّية ، إلاّ أ نّه مع العلم الإجمالي بعدم صدور بعضها عن النبي (صلى الله عليه وآله) يقع بينها التعارض ، ولابدّ من إعمال
(1) في ص 155 ـ 157 .
صفحه 165
قواعد التعارض من الترجيح أو التخيير ، فلا يبقى مجال لدعوى الحجّية وجواز الاستدلال بكلّ واحدة منها ، كما هو ظاهر .
المقام الثالث: جواز القراءة بكلّ واحدة من القراءات وعدمه
فنقول : المشهور بين علماء الفريقين جواز القراءة بكلّ واحدة من القراءات السبع في الصلاة ، فضلاً عن غيرها ، وقد ادّعى الإجماع على ذلك جماعة منهم ، وحكي عن بعضهم تجويز القراءة بكلّ واحدة من العشر (1) ، وقد عرفت تصريح ابن الجزري في عبارته المتقدّمة : «بأنّ كلّ قراءة وافقت العربيّة ولو بوجه ، ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالاً ، وصحّ سندها ، فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردّها ، ولا يحلّ إنكارها»(2) ومقتضى ذلك جواز القراءة بكلّ قراءة جامعة لهذه الأركان الثلاثة ، ولو لم تكن من السبعة أو العشرة .
والدليل على الجواز في أصل المقام ـ على فرض تواتر القراءات ـ واضح لاخفاء فيه .
وأ مّا على تقدير العدم كما هو المشهور والمنصور (3)، فهو أ نّه لا ريب في أنّ هذه القراءات كانت معروفة في زمان الأئمّة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين ، ولم ينقل إلينا أ نّهم ردعوا القائلين بإمامتهم عن القراءة بها ، أو عن بعضها ، ولو ثبت لكان واصلاً إلينا بالتواتر ; لتوفّر الدواعي على نقله ، مع أنّه لم ينقل بالآحاد أيضاً ، فتقريرهم (عليهم السلام) شيعتهم على ذلك ـ كما هو المقطوع ـ دليل على جواز القراءة بكلّ واحدة منها .
(1) البيان في تفسير القرآن : 166 . (2) تقدّم في ص 155 . (3) فى ص 143 ـ 144 و 152 ـ 162 .
صفحه 166
بل ورد عنهم (عليهم السلام) إمضاء هذه القراءات بقولهم : «اِقرأ كما يقرأ الناس»(1)وبقولهم : «إقرؤوا كما علّمتم»(2)، ومثلهما من التعابير .
وقد تقدّم من المحقّق القمّي(قدس سره) في كتاب القوانين تفسير تواتر القراءات بتجويز الأ ئـمّة (عليهم السلام) القراءة على طبقها ، ودعوى القطع بذلك وثبوت ذلك منهم (عليهم السلام) بنحو التواتر والإذعان به (3) .
نعم ، مقتضى ذلك الاقتصار على خصوص القراءات المعروفة في زمانهم (عليهم السلام) ، من دون اختصاص بالسبع أو العشر ، ومن دون عموميّة لجميعها ، بل خصوص ما هو المعروف منهما ، أو من غيرهما ، كما لا يخفى .
ولولا الدليل على الجواز لكان مقتضى القاعدة عدم جواز الاقتصار على قراءة واحدة في الصلاة ; لأنّ الواجب فيها هي قراءة القرآن .
وقد عرفت(4) عدم ثبوته إلاّ بالتواتر ، فلا تكفي قراءة ما لم يحرز كونه قرآناً ، بل مقتضى قاعدة الاحتياط الثابتة بحكم العقل بأنّ الاشتغال اليقيني يقتضي الفراغ والبراءة اليقينيّة ، تكرار الصلاة حسب اختلاف القراءات ، أو تكرار مورد الاختلاف في الصلاة الواحدة ، فيجمع بين قراءة «مالك» و«ملك» ، أو يأتي بصلاتين . وهكذا الحال بالإضافة إلى السورة الواجبة بعد قراءة الفاتحة وحكايتها ، إلاّ أن يختار سورة لم يكن فيها الاختلاف في القراءة أصلاً .
هذا تمام الكلام فيما يتعلّق بالقراءات .
(1) الكافي: 2 / 633، ح 23 عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، وعنه وسائل الشيعة: 6 / 163، كتاب الصلاة، أبواب القراءة في الصلاة ب74 ح1، وفي بحار الأنوار: 92 / 88 ح28 عن بصائر الدرجات: 193 ح3. (2) الكافي: 2 / 631 ح 15 عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، وعنه وسائل الشيعة: 6 / 163 ، كتاب الصلاة ، أبواب القراءة في الصلاة ب74 ح3 . (3) تقدّم في ص 157 . (4) في ص144 ـ 150 .
صفحه 167
أُصول التفسير
* : ظواهر الكتاب .
* : قول المعصوم (عليه السلام) .
* : حكم العقل .
صفحه 168
صفحه 169
اُصول التفسير
[ تمهيد]
التفسير الذي مرادنا به هو : كشف مراد الله ـ تبارك وتعالى ـ من ألفاظ كتابه العزيز ، وقرآنه المجيد ـ كاستكشاف مراد سائر المتكلِّمين من البشر من كتبهم الموضوعة لإفهام مقاصدهم ، وبيان مراداتهم ; سواء أكان التفسير بمعناه اللغوي مساوياً لهذا المعنى المقصود ، أو أخصّ من ذلك باعتبار كونه عبارة عن كشف الغطاء ; إذ ليس البحث في معناه ، بل في إيضاح مراد الله من القرآن المجيد ، والتعبير بالتفسير للدلالة على ذلك لا لإراءة معناه اللغوي ، والخصوصيّة المأخوذة فيه ، بناءً على مدخليتها ـ لا يجوز أن يعتمد فيه إلاّ على ما ثبت اعتباره وحجّيته ، فلا يجوز الاعتماد فيه على الظنّ غير الحجّة ، ولا على الاستحسان ، ولا على غيرهما ممّا لم تثبت حجّيته .
كقول المفسِّر ، قديماً كان أم حديثاً ، موافقاً كان أم مخالفاً; وذلك للنهي عن متابعة الظنّ .
قال الله ـ تبارك وتعالى ـ : (وَ لاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) (1) . ولحرمة الإسناد إلى الله ـ تعالى ـ بغير إذنه ; لأنّه افتراء عليه ، قال الله ـ تبارك وتعالى ـ :
(1) سورة الإسراء 17 : 36 .
صفحه 170
(قُلْ ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ ) (1) ، وغيرهما من الآيات والروايات الدالّة على النهي عن القول أو العمل بغير العلم ، والناهية عن التفسير بالرأي ، بناءً على عموم معنى التفسير ، مضافاً إلى حكم العقل بذلك .
وبالجملة : لا محيص عن الاتّكاء في ذلك على ما ثبت اعتباره ، وعلمت حجّيته من طريق الشرع ، أو من حكم العقل . فإذن لابدّ للمفسّر في استكشاف مراد الله ـ تبارك وتعالى ـ من اتّباع ظواهر الكتاب ، التي يفهمها العارف باللغة العربيّة الفصيحة الصحيحة ; فإنّ ظواهر الكتاب حجّة على ما سنبيّن ، أو يتبع ما حكم به العقل الفطري الصحيح الذي هو المرجع لإثبات أساس التوحيد ، واتّصاف الكتاب بالإعجاز المثبت للرسالة ; فإنّه لا ريب في حجّيته ، أو يستند إلى ما ثبت عن المعصوم (عليه السلام) من النبيّ أو الإمام في بيان مراد الله تبارك وتعالى .
ولابدّ لنا من التكلّم في هذه الاُمور الثلاثة التي هي اُصول التفسير ومداركه ، فنقول :
الأمر الأوّل : ظواهر الكتاب
والمراد من ظاهر القرآن الذي هو حجّة على قولنا ـ في قبال جماعة من المحدّثين المنكرين لاعتباره(2) ـ هو الظاهر الذي يفهمه العارف باللغة العربيّة الصحيحة الفصيحة من اللفظ ، ولم يقم على خلافه قرينة عقليّة أو نقليّة معتبرة ، فمثل قوله ـ تعالى ـ : (وَ جَآءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) (3) ، و (الرَّحْمَـنُ عَلَى
(1) سورة يونس 10 : 59 . (2) الفوائد المدنيّة: 59 ، 254 ـ 256، الحدائق الناضرة: 1 / 27 ـ 35 ، فرائد الاُصول: 1 / 139 . (3) سورة الفجر 89 : 22 .
صفحه 171
الْعَرْشِ اسْتَوَى) (1) ، و (وَ سْـَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِى كُنَّا فِيهَا) (2) ، ممّا قامت القرينة العقليّة القطعيّة على خلاف ظواهره خارج عن محلّ البحث .
وكذا الظواهر التي دلّت القرائن النقليّة المعتبرة على خلافها ، كالعمومات المخصّصة بالروايات بمقدار ورود التخصيص عليها ، وإلاّ فهي حجّة في غير مورد التخصيص ، والمطلقات المقيّدة بها كذلك; أي بذلك المقدار . وسائر الظواهر التي وقعت القرينة على خلافها في النقل المعتبر خارج عنه أيضاً ، وحينئذ نقول : إنّ الدليل على حجّية هذه الظواهر التي هي مورد البحث اُمور :
الأوّل : أ نّه لا ينبغي الارتياب في أنّ القرآن إنّما اُنزل ، وأتى به النبيّ (صلى الله عليه وآله) ليفهم الناس معانيه ، ويتدبّروا آياته ، ويجعلوا أعمالهم مطابقة لأوامره ونواهيه ، وعقائدهم موافقة للعقائد الصحيحة التي يدلّ عليها .
ومن المعلوم أ نّ الشارع لم يخترع لنفسه طريقة خاصّة لإفهام مقاصده ، بل تكلّم مع الناس بالطريقة المألوفة المتداولة في فهم المقاصد والأغراض من طريق الألفاظ والعبارات .
وحينئذ فلا محيص عن القول باعتبار ظواهر الكتاب ، كظواهر سائر الكتب الموضوعة للتفهيم وإراءة المقاصد والأغراض ، كيف ، وقد حثّ الكتاب بنفسه الناس على التدبّر في آياته ، واعترض على عدم التدبّر بلسان التخصيص ، فقال : (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوافِيهِ اخْتِلَـفًا كَثِيرًا) (3) ، وقال : (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ أَمْ عَلَى قُلُوب أَقْفَالُهَآ) (4) .
(1) سورة طه 20 : 5 . (2) سورة يوسف 12 : 82 . (3) سورة النساء 4 : 82 . (4) سورة محمد 47 : 24 .
صفحه 172
وقد وصف نفسه بما لا محيص بملاحظته عن الالتزام بظواهره من الأوصاف والخصوصيّات ; كتوصيفه بأ نّه المخرج للناس من الظلمات إلى النور(1) ، وأ نّه بيان للناس وأ نّه هدًى وموعظة للمتّقين(2) ، وأ نّه قد ضرب فيه للناس من كلّ مثل لعلّهم يتذكّرون(3) ، وغير ذلك من الأوصاف والمزايا والخصوصيّات الملازمة لاعتبار ظواهر الكتاب .
الثاني : أ نّه قد مرّ في بعض المباحث(4) أ نّ القرآن هي المعجزة الوحيدة الخالدة على النبوّة والرسالة إلى يوم القيامة ، وقد تحدّى البشر من الأوّلين والآخرين ، بل والجنّ على أن يأتوا بمثل القرآن (5) ، أو بعشر سور مثله(6) ، أو بسورة مثله(7) ، أو من مثله(8) ، ولو لم تكن العرب عارفة بمعاني القرآن ، ولم تكن تفهم مقاصده من ألفاظه وآياته ، بل لو كان القرآن من قبيل الألغاز ـ وهو غير قابل للفهم والمعرفة ـ لم يكن وجه لاتّصافه بالإعجاز ، ولا مجال لطلب المعارضة والتحدّي أصلاً .
الثالث : حديث الثقلين المعروف بين الفريقين(9) ، الدالّ على لزوم التمسّك بهما ، وأ نّه الطريق الوحيد للخروج عن الضلالة ، والسبيل المنحصر لعدم الابتلاء بها أبداً .
وجه الدلالة في المقام : أ نّه من الواضح أ نّ معنى التمسّك بالكتاب الذي هو
(1) سورة البقرة 2: 257 . (2) سورة آل عمران 3: 138 . (3) سورة الزمر 39: 27 . (4) في ص38 ـ 40 . (5) سورة الإسراء 17: 88 . (6) سورة هود 11: 13 . (7) سورة يونس 10: 38 . (8) سورة البقرة 2: 23 . (9) بحار الأنوار: 23 / 104 ـ 166 ب7 وغيره ، ويأتي البحث فيه وتخريجاته مفصّلاً في ص228ـ 237 .
صفحه 173
أحد الثقلين ، ليس مجرّد الاعتقاد بأنّه قد نزل من عند الله حجّةً على الرسالة ، ودليلاً على النبوّة ، وبرهاناً على صدق النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، بل معنى التمسّك به الموجب لعدم الاتّصاف بالضلالة أصلاً هو الأخذ به ، والعمل بما فيه من الأوامر والنواهي وسائر ما يشتمل عليه ، والاستناد إليه في القصص الماضية والقضايا السالفة .
وبعبارة اُخرى : التمسّك به معناه يرجع إلى ما بيّنه النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) في كلامه الشريف المتقدّم(1); من جعل القرآن إماماً وقائداً ليسوقه إلى الجنّة ، وهذا لا يجتمع مع عدم حجّية ظاهره ، وافتقاره إلى البيان في جميع موارده ، وكونه بنفسه غير قابل للدرك والمعرفة ، كما هو غير خفيّ على أهله .
الرابع : الروايات الكثيرة المتواترة ، الدالّة على عرض الأخبار الواصلة على الكتاب ، وطرح ما خالف منها بتعبيرات مختلفة وألفاظ متنوّعة ، مثل أ نّه يضرب ـ أي المخالف ـ على الحائط (2) ، أو أ نّه زخرف ، أو أ نّه باطل ، أو أ نّه ليس منهم (عليهم السلام) ، ونظائره(3) .
فإنّه من الواضح أ نّ تعيين «المخالف» عن غيره ، وتمييزه عمّا سواه قد أوكل إلى الناس ، فهم المرجع في التشخيص ، ولازم ذلك حجّية ظواهر الكتاب عليهم ، وإلاّ فكيف يمكن لهم تشخيص «المخالف» عن غيره ؟
ومن هذا القبيل الروايات الواردة في الشروط ، وأ نّ كلّ شرط جائز وماض
(1) تقدّم في ص104 . (2) التبيان في تفسير القرآن: 1 / 5 ، مقدّمة المؤلِّف (قدس سره). (3) بصائر الدرجات: 511 ح21 ، الكافي: 1 / 69 ح3 و 4 ، المحاسن: 1 / 347 ح726 ، مختصر البصائر: 161 ح181 ، وعنها وسائل الشيعة : 27 / 75 ، أبواب صفات القاضي ب 7 ح 34 و ص 110 ـ 123 ب 9 ح 10ـ12 ، 14 ، 15 ، 29 ، 35 ، 37 و47 ، وص130 ب 10 ح 18 . وفي بحار الأنوار: 2 / 94 ح32 وعوالم العلوم والمعارف والأحوال: 3 / 394 ح14 عن البصائر .
صفحه 174
إلاّ شرطاً خالف كتاب الله (1); فإنّ المرجع في تعيين الشرط المخالف ، وتمييزه عن غيره هو العرف ، وهو لا يعرف ذلك إلاّ بعد المراجعة إلى الكتاب ، وفهم مقاصده من ألفاظه ، ودرك أغراضه من آياته .
ودعوى أ نّ المراد بـ «المخالف» في الموردين ، يمكن أن يكون هو المخالف لمصرّحات الكتاب ، دون ظواهره التي يجري فيها احتمال الخلاف ، وتكون محلّ البحث في المقام ، فسادها غنيّ عن البيان .
الخامس : الروايات الكثيرة الدالّة على استدلال الأ ئـمّة (عليهم السلام) بالكتاب في موارد كثيرة :
1 ـ قوله (عليه السلام) ـ بعدما سأله زرارة بقوله : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : ألا تخبرني من أين علمتَ وقلت : إنّ المسح ببعض الرأس . . . ـ : لمكان الباء(2); فإنّ مرجعه إلى أ نّه لو كان السائل توجّه إلى هذه النكتة في آية الوضوء لما احتاج إلى السؤال أصلاً ; لأنّ ظهور «الباء» في التبعيض ، وحجّية الظهور كلاهما ممّا لا يكاد ينكر .
إن قلت : لعلّ السؤال إنّما هو لأجل عدم ظهور آية الوضوء في المسح ببعض الرأس ; لعدم كون «الباء» ظاهرة في التبعيض . وعليه: لا تكون الرواية دالّة على حجّية الظاهر .
قلت : اقتصاره (عليه السلام) في الجواب على قوله : «لمكان الباء» دليل على أنّ ظهور «الباء» في التبعيض ممّا لا يكاد يخفى ، وإلاّ لما تمّ الاقتصار كما هو ظاهر .
2 ـ قوله (عليه السلام) لمن أطال الجلوس في بيت الخلاء لاستماع الغناء ، اعتذاراً بأنّه
(1) وسائل الشيعة: 18 / 16ـ 17 ، كتاب التجارة ، أبواب الخيار ب 6 . (2) الكافي: 3 / 30 ح4 ، الفقيه: 1 / 56 ح212 ، علل الشرائع: 279 ب190 ح1 ، تهذيب الأحكام: 1 / 61 ح168 ، الاستبصار: 1 / 62 ح186 ، وعنها وسائل الشيعة : 1 / 412 ، كتاب الطهارة ، أبواب الوضوء ب23 ح1 .
صفحه 175
لم يكن شيئاً أتاه برجله : أما سمعت قول الله ـ عزّوجلّ ـ : (إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـئـِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْـُولاً) (1) ، وقول المخاطب : كأنّي ما سمعت هذه الآية أصلاً(2) .
3ـ قوله (عليه السلام) في تحليل نكاح العبد للمطلّقة ثلاثاً : قال الله ـ عزّ وجلّ ـ : (حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) (3) ، هو أحد الأزواج(4) .
4ـ قوله (عليه السلام) في أنّ المطلّقة ثلاثاً لا تحلّ بالعقد المنقطع : إنّ الله ـ تعالى ـ قال : (فَإِن طَـلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَـلَّقَهَا . . . . ) (5) ، والمتعة ليس فيها طلاق (6) .
5ـ قوله (عليه السلام) فيمن عثر فوقع ظفره ، فجعل على إصبعه مرارة : يعرف هذا
(1) سورة الإسراء 17 : 36 . (2) الكافي: 6 / 432 ح10 ، الفقيه: 1 / 45 ح177 ، تهذيب الأحكام: 1 / 116 ح304 عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، وعنها وسائل الشيعة: 3 / 331 ، كتاب الطهارة ، أبواب الأغسال المسنونة ب18 ح1 . وفي مستدرك الوسائل : 13 / 221 ، كتاب التجارة ، أبواب ما يكتسب به ب 80 ح 15184 ، عن الفقه المنسوب للإمام الرضا(عليه السلام) : 281 ـ 282 باختلاف يسير . وفي وسائل الشيعة : 17 / 311 ، كتاب التجارة ، أبواب ما يكتسب به ب99 ح 29 ، عن تفسير العيّاشي: 2 / 292 ح74 نحوه مختصراً . (3) سورة البقرة 2 : 230 . (4) الكافي: 5 / 425 ح3 ، تفسير العيّاشي: 1 / 119 ح375 ، نوادر ابن عيسى: 112 ح277 ، وعنها وسائل الشيعة : 22 / 133 ، كتاب الطلاق ، أبواب أقسام الطلاق ب12 ح1 . وفي البرهان في تفسير القرآن: 1 / 479 ح1226 وص481 ح1238 عن الكافي والعيّاشي . وفي بحار الأنوار: 104 / 157 ح74 عن العياشي . (5) سورة البقرة 2 : 230 . (6) تهذيب الأحكام: 8 / 34 ح103 ، الاستبصار: 3 / 275 ح978 عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، وعنهما وسائل الشيعة : 22 / 132 ، كتاب الطلاق ، أبواب أقسام الطلاق ب9 ح4 . وفي البرهان في تفسير القرآن: 1/480-481 ح1229 و1234عن التهذيبوتفسيرالعيّاشي: 1/118 ح371. وفي بحار الأنوار: 104 / 156 ح70 عن العيّاشي .
صفحه 176
وأشباهه من كتاب الله عزّوجلّ ، قال الله ـ تعالى ـ : (وَ مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِى الدِّينِ مِنْ حَرَج) (1) إمسح عليه(2) .
6ـ عن تفسير العيّاشي ، عن ابن مسلم ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قضى أميرالمؤمنين (عليه السلام) في امرأة تزوّجها رجل ، وشرط عليها وعلى أهلها إن تزوّج عليها امرأة ، أو هجرها ، أو أتى عليها سريّة; فإنّها طالق ، فقال (عليه السلام) : شرط الله قبل شرطكم ، إن شاء وفى بشرطه ، وإن شاء أمسك امرأته ونكح عليها ، وتسرّى عليها وهجرها إن أتت بسبيل ذلك ، قال الله ـ تعالى ـ في كتابه : (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَآءِ مَثْنَى وَثُلَـثَ وَرُبَـعَ) (3) . وقال : (أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـنُكُمْ) (4) . وقال : (وَالَّـتِى تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ) (5) الآية (6) .
7ـ وما عن الفقيه بسنده إلى زرارة ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السلام) قالا : المملوك لا يجوز طلاقه ولا نكاحه إلاّ بإذن سيِّده ، قلت : فإنّ السيِّد كان زوَّجه ، بيد مَن الطلاق؟ قال : بيد السيِّد ( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْدًا مَّمْلُوكًا لاَّ يَقْدِرُ عَلَى شَىْء) (7) أفشيء الطلاق (8) ؟!
(1) سورة الحجّ 22 : 78 . (2) الكافي: 3 / 33 ح4 ، تهذيب الأحكام: 1 / 363 ح1097 ، الاستبصار: 1 / 77 ح240 ، وعنها وسائل الشيعة : 1 / 464 ، كتاب الطهارة ، أبواب الوضوء ب39 ح5 . وفي تفسير كنز الدقائق: 6 / 570 وملاذ الأخيار: 13 / 76 ح21 عن التهذيب . (3 ، 4) سورة النساء 4 : 3 . (5) سورة النساء 4 : 34 . (6) تفسير العيّاشي: 1 / 240 ح121 ، وعنه وسائل الشيعة : 21 / 277 ، كتاب النكاح ، أبواب المهور ب 20 ح6 ، وبحار الأنوار: 104 / 68 ح1 . (7) سورة النحل 16 : 75 . (8) الفقيه :3/350 ح 1673 ، تهذيب الأحكام: 7 / 347 ح1419 ، الاستبصار: 3 / 214 ح780 ، وعنها وسائل الشيعة : 22/101 ، كتاب الطلاق ، أبواب مقدّماته وشرائطه ب 45 ح1 . وفي الوافي: 12 / 1095 ح22830 وروضة المتّقين: 9 / 193 عن التهذيب والفقيه .
|