( الصفحه 337 )
عرفت من الشيخ (قدس سره) في المبسوط نفي الخلاف عن جواز الصلاة فيهما .
كما انّ المناقشة الأخيرة مندفعة بعدم ورود الدليل على عدم الجواز في خصوص السنجاب والعموم الشامل له كما في المكاتبة قابل للتخصيص كما انّه لابدّ من تخصيصه بالخزّ لتطابق النصّ والفتوى على الجواز فيه كما عرفت وإباء سياقها عن التخصيص يوجب طرحها لا العمل بعمومها كما لا يخفى .
إنّما المهمّ ملاحظة موثقة ابن بكير المتقدّمة وربّما يجاب بأنّ التخصيص المستهجن إنّما هو فيما إذا اُريد إخراج جميع الأسباب الخاصّة الوارد في موردها العموم عن تحته كما إذا كان السبب واحداً واُريد إخراجه عن تحت العام أو أزيد من واحد واُريد إخراج الجميع ، وامّا إذا اُريد إخراج بعضه كما في مثل المقام فلا نسلّم استهجان التخصيص .
وأورد على هذا الجواب بما يظهر من صاحب الجواهر (قدس سره) من أنّ ورود بعض الأفراد في مورد العموم يوجب أن يكون شمول العموم له ودلالته عليه بالنصوصية من دون فرق بين ما إذا كان الفرد واحداً أو أزيد وعلى الثاني بين ما إذا اُريد إخراج الجميع أو البعض ، وعليه فاللاّزم أن يعامل مع الموثقة ومع أدلّة التخصيص معاملة المتعارضين .
هذا ولكن التحقيق تبعاً لسيّدنا الاستاذ (قدس سره) انّ ورود العام في مورد بعض الافراد لا يوجب النصوصية في مثل المقام; لأنّ غرض الإمام (عليه السلام) في مقام الجواب عن سؤال الراوي إنّما هو بيان أصل الحكم والفرق بين الحيوانات المحلّلة والمحرّمة في مقابل العامّة القائلين بصحّة الصلاة في أجزاء جميع الحيوانات ولذا أخرج لبيانه كتاباً زعم انّه املاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) للاستشهاد عليه في مقابلهم مضافاً إلى أنّ غرض السائل أيضاً لم يكن هو السؤال عن حكم الأفراد الخاصّة بل مقصوده هو السؤال
( الصفحه 338 )
عن حكم الحيوانات التي لم يكن أخذ الثوب منها متعارفاً ومعمولاً كالغنم والإبل وغيرهما ممّا تعارف أخذ اللباس منه ولأجله كان حكمها معلوماً لكلّ أحد من زمان النبيّ (صلى الله عليه وآله) .
وبالجملة لما كان التفصيل بين الحيوانات في جواز الصلاة في أجزائها وعدمه والحكم بالفرق بينهما غير معلوم للناس قبل ذلك أراد الإمام (عليه السلام) في مقام الجواب أن يبيّن ذلك بقانون كلّي مذكور في كتاب الرسول (صلى الله عليه وآله) وهو لا ينافي خروج بعض الافراد المذكورة في السؤال عن تحت هذا الحكم الكلّي كما لا ينافي خروج بعض الأفراد غير المذكورة .
فالإنصاف انّ النسبة بين الموثقة وبين الأدلّة المجوّزة للصلاة في السنجاب هي نسبة الدليل العام مع الدليل المخصّص لا المتعارضين فاللاّزم التخصيص من دون استلزام للاستهجان بوجه .
نعم على تقدير التعارض يشكل الحكم بالجواز في السنجاب لعدم ثبوت الشهرة الفتوائية بالإضافة إليه ومخالفة العامّة وإن كانت متحقّقة في مثل الموثقة إلاّ انّ الروايات المجوّزة لأجل اشتمالها على المنع في مثل الثعالب الذي يجوز الصلاة فيه عند الناس لا مجال لحملها على التقية وقد عرفت انّ الدليل المجوّز الوارد في خصوص السنجاب لا يكون معتبراً من حيث السند .
وقد انقدح من جميع ما ذكرنا انّ الجواز في السنجاب هو الأقوى بلحاظ الأدلّة ورعاية قواعد العمل بها إلاّ انّه مع ذلك لا تكون المسألة صافية خصوصاً مع عدم بناء أكثر القدماء عليه فتدبّر .
( الصفحه 339 )
مسألة 13 ـ لا بأس بفضلات الإنسان كشعره وريقه ولبنه سواء كان للمصلّي أو لغيره فلا بأس بالشعر الموصول بالشعر سواء كان من الرجل أو المرأة 1 .
1 ـ قد تقدّم البحث في هذه المسألة في ذيل البحث عن أصل مانعية غير المأكول فراجع .
( الصفحه 340 )
الرابع : أن لا يكون الساتر بل مطلق اللباس من الذهب للرجال في الصلاة ولو كان حلياً كالخاتم ونحوه بل يحرم عليهم في غيرها أيضاً 1 .
مسألة 14 ـ لا بأس بشدّ الأسنان بالذهب ، بل ولا بجعله غلافاً لها أو بدلاً منها في الصلاة بل مطلقاً ، نعم في مثل الثنايا ممّا كان ظاهراً وقصد به التزيين لا يخلو من إشكال فالأحوط الاجتناب وكذا لا بأس بجعل قاب الساعة منه واستصحابها فيها ، نعم إذا كان زنجيرها منه وعلّقه على رقبته أو بلباسه يشكل الصلاة معه بخلاف ما إذا كان غير معلّق وإن كان معه في جيبه فإنّه لا بأس به 2 .
1 و 2 ـ الكلام في هذا الأمر يقع في مقامين :
المقام الأوّل : في الحكم التكليفي المتعلّق بلبس الذهب للرجال مطلقاً في الصلاة وغيرها والظاهر انّه لم يقع التعرّض لهذه المسألة في كتب قدماء أصحابنا الإمامية رضوان الله عليهم أجمعين وأوّل من تعرّض له الشيخ (قدس سره) في كتاب المبسوط الذي هو كتاب تفريعي له ولم يتعرّض له المتأخّرون عنه إلى زمان الفاضلين المحقّق والعلاّمة إلاّ النادر منهم والظاهر انّ حرمة لبس الذهب على الرجال محلّ وفاق بين من تعرض من الخاصة للمسألة وبين العامة ، وفي الجواهر نفى وجدان الخلاف في الساتر منه بل ولا فيما تتمّ الصلاة به وإن لم يقع التستّر به .
وقد ورد في هذا المقام روايات دالّة على حرمة التلبّس به للرجل أو التختّم بالذهب له من دون ذكر علّة أو مع التعليل بكونه زينة الآخرة ، امّا ما ظاهره حرمة التلبّس فمثل موثقة عمار بن موسى عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث قال : لا يلبس الرجل الذهب ولا يصلّي فيه لأنّه من لباس أهل الجنّة .
ومرسلة موسى بن اكيل النميري عن أبي عبدالله (عليه السلام) في الحديد انّه حلية أهل النار والذهب انّه حلية أهل الجنّة وجعل الله الذهب في الدنيا زينة النساء فحرم
( الصفحه 341 )
على الرجال لبسه والصلاة فيه الحديث .
وامّا ما يدلّ على حرمة التختّم بالذهب فهو أكثر الروايات الواردة في المقام كرواية جراح المدائني عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : لا تجعل في يدك خاتماً من ذهب .
ورواية مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه (عليهما السلام) انّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)نهاهم عن سبع منها التختّم بالذهب .
وامّا ما يدلّ على حرمة التختّم به مع اشتماله على التعليل فكرواية روح بن عبد الرحيم عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام) : لا تختم بالذهب فإنّه زينتك في الآخرة . ورواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) انّ النبي (صلى الله عليه وآله)قال لعليّ (عليه السلام) : إنّي أحبّ لك ما أحبّ لنفسي وأكره لك ما أكره لنفسي لا تتختّم بخاتم ذهب فإنّه زينتك في الآخرة .
إذا عرفت ما ذكر فاعلم انّه لو لم يكن في البين إلاّ خصوص روايات التختّم من دون ذكر العلّة لم يجز التعدّي عن مورده إلى غيره أصلاً لا بعنوان اللباس ولا بعنوان الزينة لعدم الدليل على التعدّي ، وامّا مع وجود الروايات المعلّلة وكذا روايات اللبس فيحتمل أن يكون الموضوع هو عنوان اللبس ويحتمل أن يكون هو عنوان الزينة والتزيّن وبين العنوانين مضافاً إلى ثبوت المغايرة وكون النسبة عموماً من وجه مغايرة من جهة عدم مدخلية القصد في عنوان اللبس ومدخليته في عنوان التزيّن ومنشأ الاحتمالين ظهور روايات اللبس في كون الموضوع هو هذا العنوان وظهور الروايات المعلّلة في كون الموضوع هو عنوان الزينة ولا مجال لاحتمال ثبوت حكمين متعلّقين بعنوانين المستلزم لكون التختّم بالذهب محكوماً بحرمتين والمقطوع خلافه فالثابت لا يكون إلاّ حكماً واحداً متعلّقاً بعنوان واحد ، وعليه فلابدّ امّا من التصرّف في روايات اللبس بكون المراد منه الزينة وتؤيّده رواية النميري المتقدّمة