( الصفحه 339 )
مسألة 13 ـ لا بأس بفضلات الإنسان كشعره وريقه ولبنه سواء كان للمصلّي أو لغيره فلا بأس بالشعر الموصول بالشعر سواء كان من الرجل أو المرأة 1 .
1 ـ قد تقدّم البحث في هذه المسألة في ذيل البحث عن أصل مانعية غير المأكول فراجع .
( الصفحه 340 )
الرابع : أن لا يكون الساتر بل مطلق اللباس من الذهب للرجال في الصلاة ولو كان حلياً كالخاتم ونحوه بل يحرم عليهم في غيرها أيضاً 1 .
مسألة 14 ـ لا بأس بشدّ الأسنان بالذهب ، بل ولا بجعله غلافاً لها أو بدلاً منها في الصلاة بل مطلقاً ، نعم في مثل الثنايا ممّا كان ظاهراً وقصد به التزيين لا يخلو من إشكال فالأحوط الاجتناب وكذا لا بأس بجعل قاب الساعة منه واستصحابها فيها ، نعم إذا كان زنجيرها منه وعلّقه على رقبته أو بلباسه يشكل الصلاة معه بخلاف ما إذا كان غير معلّق وإن كان معه في جيبه فإنّه لا بأس به 2 .
1 و 2 ـ الكلام في هذا الأمر يقع في مقامين :
المقام الأوّل : في الحكم التكليفي المتعلّق بلبس الذهب للرجال مطلقاً في الصلاة وغيرها والظاهر انّه لم يقع التعرّض لهذه المسألة في كتب قدماء أصحابنا الإمامية رضوان الله عليهم أجمعين وأوّل من تعرّض له الشيخ (قدس سره) في كتاب المبسوط الذي هو كتاب تفريعي له ولم يتعرّض له المتأخّرون عنه إلى زمان الفاضلين المحقّق والعلاّمة إلاّ النادر منهم والظاهر انّ حرمة لبس الذهب على الرجال محلّ وفاق بين من تعرض من الخاصة للمسألة وبين العامة ، وفي الجواهر نفى وجدان الخلاف في الساتر منه بل ولا فيما تتمّ الصلاة به وإن لم يقع التستّر به .
وقد ورد في هذا المقام روايات دالّة على حرمة التلبّس به للرجل أو التختّم بالذهب له من دون ذكر علّة أو مع التعليل بكونه زينة الآخرة ، امّا ما ظاهره حرمة التلبّس فمثل موثقة عمار بن موسى عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث قال : لا يلبس الرجل الذهب ولا يصلّي فيه لأنّه من لباس أهل الجنّة .
ومرسلة موسى بن اكيل النميري عن أبي عبدالله (عليه السلام) في الحديد انّه حلية أهل النار والذهب انّه حلية أهل الجنّة وجعل الله الذهب في الدنيا زينة النساء فحرم
( الصفحه 341 )
على الرجال لبسه والصلاة فيه الحديث .
وامّا ما يدلّ على حرمة التختّم بالذهب فهو أكثر الروايات الواردة في المقام كرواية جراح المدائني عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : لا تجعل في يدك خاتماً من ذهب .
ورواية مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه (عليهما السلام) انّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)نهاهم عن سبع منها التختّم بالذهب .
وامّا ما يدلّ على حرمة التختّم به مع اشتماله على التعليل فكرواية روح بن عبد الرحيم عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام) : لا تختم بالذهب فإنّه زينتك في الآخرة . ورواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) انّ النبي (صلى الله عليه وآله)قال لعليّ (عليه السلام) : إنّي أحبّ لك ما أحبّ لنفسي وأكره لك ما أكره لنفسي لا تتختّم بخاتم ذهب فإنّه زينتك في الآخرة .
إذا عرفت ما ذكر فاعلم انّه لو لم يكن في البين إلاّ خصوص روايات التختّم من دون ذكر العلّة لم يجز التعدّي عن مورده إلى غيره أصلاً لا بعنوان اللباس ولا بعنوان الزينة لعدم الدليل على التعدّي ، وامّا مع وجود الروايات المعلّلة وكذا روايات اللبس فيحتمل أن يكون الموضوع هو عنوان اللبس ويحتمل أن يكون هو عنوان الزينة والتزيّن وبين العنوانين مضافاً إلى ثبوت المغايرة وكون النسبة عموماً من وجه مغايرة من جهة عدم مدخلية القصد في عنوان اللبس ومدخليته في عنوان التزيّن ومنشأ الاحتمالين ظهور روايات اللبس في كون الموضوع هو هذا العنوان وظهور الروايات المعلّلة في كون الموضوع هو عنوان الزينة ولا مجال لاحتمال ثبوت حكمين متعلّقين بعنوانين المستلزم لكون التختّم بالذهب محكوماً بحرمتين والمقطوع خلافه فالثابت لا يكون إلاّ حكماً واحداً متعلّقاً بعنوان واحد ، وعليه فلابدّ امّا من التصرّف في روايات اللبس بكون المراد منه الزينة وتؤيّده رواية النميري المتقدّمة
( الصفحه 342 )
المشتملة على ذكر اللبس بعد عنوان الزينة ، وامّا من التصرّف في روايات الزينة بحملها على انّ المراد بها اللبس مؤيّداً بما ورد في تفسير قوله تعالى : }خذوا من زينتكم عند كلّ مسجد{ من أنّ المراد بها هو اللباس .
والظاهر رجحان الاحتمال الثاني لأنّ حمل الزينة على اللباس أهون من العكس خصوصاً مع ملاحظة التأييد المذكور وما في الجواهر في كتاب الشهادات من دعوى الإجماع بقسميه على حرمة التحلّي به فالظاهر انّه ليس المراد به هو التحلّي في مقابل التلبّس بل تحلّي الرجل في مقابل تحلّي المرأة وهو لا ينافي أن يكون المراد به هو التلبّس كما لا يخفى .
فالإنصاف انّ المستفاد من الروايات المتقدّمة هي حرمة تلبّس الرجل للذهب ويؤيّده ما دلّ على جواز شدّ الأسنان بالذهب كصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث : انّ أسنانه استرخت فشدّها بالذهب . وما دلّ على جواز تحلية السيف بالذهب مع كونه معلّقاً على الرجل نوعاً كصحيحة عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : ليس بتحلية السيف بأس بالذهب والفضة .
وعلى ما ذكرنا فما لم يتحقّق عنوان التلبّس لا يتحقّق المحرم فالأسنان المشدودة بالذهب أو المشبّكة به أو المبدّلة به لا مانع منها أصلاً من دون فرق بين الثنايا وغيرها ومن دون فرق بين ما إذا قصد التزيّن وما إذا لم يقصد ويستفاد من المتن حيث احتاط وجوباً بالاجتناب عن الثنايا مع قصد التزيّن انّ الملاك عنده التزيّن مع أنّ ظاهر صدره انّ الملاك هو التلبّس .
وكذا لا بأس بجعل قاب الساعة من الذهب لعدم صدق التلبّس وعدم كونه آنية حتّى يحرم من جهة كونه من أواني الذهب والظاهر عدم الحرمة بناء على حرمة التزيّن أيضاً لعدم تحقّقه مع كونه في الجيب نوعاً ، نعم مع شدّه بالسوار كما هو
( الصفحه 343 )
المعمول في هذه الأزمنة يشكل الأمر مع فرض كون جوانبه منه .
وامّا إذا كان زنجيرها منه فإن كان في جيبه ولم يكن معلّقاً على رقبته أو لباسه فالظاهر انّه لا مانع منه أصلاً على كلا المبنيين كما انّه إذا كان معلّقاً على رقبته فهو حرام على كليهما لصدق التلبّس والتزيّن معاً ، وامّا إذا كان معلّقاً على لباسه فالظاهر صدق التزيّن دون التلبّس ومجرّد تعليقه على اللباس لا يوجب تحقّقه كما إذا علّق الخاتم على اللباس فرضاً .
ثمّ إنّه لا فرق في الحرمة بين أن يكون لباس الذهب خالصاً أو ممزوجاً أو ملحماً به أو مذهباً بالتمويه والطلي مع صدق لبس الذهب ، قال في محكي كشف الغطاء : الشرط الثالث : أن لا يكون هو أو جزئه ولو جزئياً أو طليه ممّا يعدّ لباساً أو لبساً ولو مجازاً بالنسبة إلى الذهب إذ لبسه ليس على نحو لبس الثياب إذ لا يعرف ثوب مصنوع منه فلبسه امّا بالمزج أو التذهيب أو التحلّي .
ويمكن الإيراد عليه بأنّه إنّما يتمّ لو كان المذكور في الروايات في متعلّق النهي هو عنوان لبس الثوب من الذهب فإنّه يصحّ أن يقال ـ حينئذ ـ بأنّه لا يعرف ثوب مصنوع منه فلبسه امّا بالمزج أو مثله ، وامّا لو كان المذكور فيها هو عنوان لبس الذهب كما هو كذلك فلا يتمّ ما أفاده لعدم اختصاص اللبس بالثوب ، بل يعمّ مثل الخاتم والسوار والقلادة ممّا يمكن أن يكون بجميع أجزائه بحسب المتعارف ذهباً فالملاك ـ حينئذ ـ صدق اللبس في جميع الموارد .
المقام الثاني : في الحكم الوضعي المتعلّق بلبس الذهب في الصلاة وقد ادّعى الإجماع بل الضرورة في هذا المقام أيضاً ، ولكن الظاهر انّه ليس كذلك ولم يتعرّض له الشيخ في المبسوط مع أنّه أوّل المتعرّضين للمقام الأوّل بل ظاهره باعتبار عدم التعرّض له في ضمن ما لا تجوز الصلاة فيه عدم البطلان .