( الصفحه 362 )
والظاهر انّه لا يجوز الاعتماد عليها لعدم الجابر لها .
نعم يمكن أن يقال بأنّ منشأ الاحتياط الاقتصار على القدر المتيقّن في الخروج عن دليل المنع فتدبّر .
( الصفحه 363 )
مسألة 16 ـ قد عرفت انّ المحرّم لبس الحرير المحض أي الخالص الذي لم يمتزج بغيره فلا بأس بالممتزج ، والمدار على صدق مسمّى الامتزاج الذي يخرج به عن المحوضة ولو كان الخليط بقدر العشر ، ويشترط في الخليط من جهة صحّة الصلاة فيه كونه من جنس ما تصحّ الصلاة فيه فلا يكفي مزجه بصوف أو وبر ما لا يؤكل لحمه وإن كان كافياً في رفع حرمة اللبس ، نعم الثوب المنسوج من الابريسم المفتول بالذهب يحرم لبسه كما لا تصحّ الصلاة فيه 1 .
1 ـ قد عرفت انّ المأخوذ في الروايات المتعرّضة لحكم الحرير ـ تكليفاً أو وضعاً ـ هو الحرير المحض أو المبهم أو المصمت أو شبهها ومرجع ذلك إلى مدخلية قيد المحوضة والخلوص في متعلّق الحكم وقد وقع الإشكال في أنّه هل يخرج بهذا التقييد خصوص ما إذا كان الثوب منسوجاً من الابريسم مخلوطاً بغيره كأن يكون سداه منه ولحمته من غيره أو يخرج بسببه صور اُخرى أيضاً .
لا إشكال في خروج صورة الامتزاج المذكورة لكن لابدّ من ملاحظة انّ المدار على صدق مسمّى الامتزاج ولو كان الخليط بقدر العشر أو أقلّ ما لم يبلغ حدّ الاستهلاك الذي لا يكون ملحوظاً بنظر العرف بوجه ولا يكون محكوماً عنده إلاّ بالمحوضة والخلوص أو انّ المدار على أمر آخر ربّما يقال بأنّه يمكن أن يستفاد من بعض الروايات انّه لابدّ أن يكون سدّ الثوب بتمامه أو لحمته بتمامها من غير الحرير كرواية عبيد بن زرارة عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : لا بأس بلباس القز إذا كان سداه أو لحمته من قطن أو كتان . فإنّ القطن والكتان وإن لم يكن لهما خصوصية بشهادة الفتاوى وبعض الروايات إلاّ انّ ظهور الرواية في اعتبار كون مجموع السدا أو اللحمة من غير الحرير لا مناقشة فيه لأنّ مفهومها ثبوت البأس مع عدم كونه كذلك .
( الصفحه 364 )
وكذا رواية زرارة قال : سمعت أبا جعفر (عليه السلام) ينهي عن لباس الحرير للرجال والنساء إلاّ ما كان من حرير مخلوط بخزّ لحمته أو سداه خز أو كتّان أو قطن وإنّما يكره الحرير المحض للرجال والنساء . فإنّ مقابلة الحرير المحض بما إذا كان سداه أو لحمته من غيره ظاهرة في ذلك ولكن الظاهر خلاف ذلك فإنّه لا شبهة في أنّ الحرير المحض له معنى ومفهوم بحسب نظر العرف وليس للشارع اصطلاح خاص في ذلك ، وعليه فالمقابلة في الرواية الأخيرة لا تكون ظاهرة في أنّ المقابل للوصف هو خصوص ما كان السدا أو اللحمة بتمامهما من غير الحرير ، بل ذكر هذه الصورة إنّما هو من باب كونه أحد المصاديق ومن الافراد الظاهرة ، كما انّ الظاهر انّ المفهوم في الرواية الاُولى ما إذا لم يكن هناك اختلاط وامتزاج لأنّ ما ذكر في المنطوق ليس له خصوصية كما لا يخفى .
ثمّ إنّ ظاهر الجواهر والمصباح انّ الوصف يوجب خروج ما إذا كان بعض الثوب بسداه ولحمته من الابريسم وبعضه من غيره كالمنسوج على الطرائق ، نعم لو كان بعضه المنسوج من الابريسم بمقدار يصلح لأن يكون تمام الثوب كما إذا كانت ظهارته أو بطانته أو حشوه من الابريسم يشكل الحكم بعدم التحريم مستندين في ذلك إلى أن بعض الثوب لا يكون ثوباً بل جزء منه .
ويرد عليهما مضافاً إلى أنّه لم يرد لفظ الثوب في متعلّق النهي وتفسير الحرير به غير ظاهر انّ الثوب في اللغة عبارة عن الشيء المنسوج ولا يكون مساوقاً للقميص وأمثاله من الألبسة ويدلّ عليه ملاحظة موارد إطلاقه كما يقال في كفن الميّت انّه عبارة عن ثلاثة أثواب وكما يقال : ثوبا الاحرام مع أنّه يعتبران لا يكونا مخيطين للرجال وكغيرهما من الموارد فالاستناد المذكور غير تامّ .
مع أنّ مقتضاه عدم ثبوت الحكم بالتحريم في مثل الظهارة والبطانة والحشو لأنّ
( الصفحه 365 )
المفروض كون كلّ واحد منها بالفعل بعض الثوب لاتمامه وصلاحيته لأن يصير تمام الثوب لا يوجب خروجه عن الحكم الثابت له بالفعل باعتبار كونه جزء منه .
والظاهر ثبوت التحريم في جميع الصور وكون المقابل للوصف هو خصوص الصورة المذكورة وهي صورة الاختلاط والامتزاج .
ثمّ إنّه يشترط في الجواز من جهة الحكم الوضعي في صورة الاختلاط أن يكون الخيط من جنس ما تصحّ الصلاة فيه فلا يكفي مزجه بصوف أو وبر ما لا يؤكل لحمه ضرورة انّ الخلط بمثله يوجب بطلان الصلاة امّا لأجل كون المفروض انّه ممّا لا تصحّ الصلاة فيه ، وامّا لأجل انصراف دليل خروج صورة الاختلاط عن مثل هذا الاختلاط أيضاً ، وعلى أيّ فالحكم يختصّ بالجواز الوضعي ، وامّا الجواز التكليفي فلا مانع منه إلاّ على القول بالانصراف فيه أيضاً وهو بعيد لأنّه لا وجه له فيه كما لا يخفى .
نعم الثوب المنسوج من الابريسم المفتول بالذهب يجري فيه كلا الحكمين التكليفي والوضعي لصدق لبس الذهب والصلاة فيه ولم يرد قيد المحوضة والخلوص في أدلّة حرمة لبس الذهب والصلاة فيه فيتحقّق فيه الحكمان .
( الصفحه 366 )
مسألة 17 ـ لبس لباس الشهرة وإن كان حراماً على الأحوط وكذا ما يختصّ بالنساء للرجال وبالعكس على الأحوط لكن لا يضرّ لبسهما بالصلاة 1 .
1 ـ امّا عدم اضرار لباس الشهرة وكذا ما عطف عليه بصحّة الصلاة فلعدم الدليل على ثبوت الحكم الوضعي في مثله كما قام في الذهب وفي الحرير ومجرّد ثبوت الحرمة التكليفية على تقديرها لا يوجب ثبوت البطلان لعدم كون النهي متعلّقاً بالعبادة وعدم كون اجتماع الأمر والنهي على تقديره موجباً لفساد المجمع على تقدير كونه عبادة وعلى تقديره لا يكون المجمع في المقام عبادة ، بل هو شرط لها وشرط العبادة يغاير جزئها حيث إنّه لا يلزم أن يكون عبادة بخلاف الجزء وقد مرّ الكلام في ذلك في بحث الذهب .
وامّا الحكم التكليفي فالكلام فيه يقع في أمرين :
الأوّل : لبس لباس الشهرة والمراد منه ـ كما في العروة ـ أن يلبس خلاف زيّه من حيث جنس اللباس أو من حيث لونه أو من حيث وضعه وتفصيله وخياطته والدليل على الحرمة فيه روايات كثيرة :
مثل صحيحة أبي أيّوب الخزّاز عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : إنّ الله يبغض شهرة اللباس . ولا تبعد دعوى ظهور «يبغض» في المبغوضة الثابتة في المحرمات .
ومرسلة ابن مسكان عن رجل عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : كفى بالمرء خزياً أن يلبس ثوباً يشهره أو يركب دابّة تشهره .
والظاهر انّ دلالتها كسندها في الضعف لظهورها في بيان الحكم الأخلاقي الراجع إلى انحطاط المقام الإنساني بطلب الشهرة من اللباس أو المركب ومثله من الجماد والحيوان .
ومرسلة عثمان بن عيسى عمّن ذكره عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : الشهرة خيرها