( الصفحه 367 )
وشرّها في النار .
ورواية أبي سعيد عن الحسين (عليه السلام) قال : من لبس ثوباً يشهره كساه الله يوم القيامة ثوماً من نار . وغير ذلك من الروايات والعمدة هي الرواية الاُولى والمستفاد من صاحب الوسائل عدم دلالتها على الحرمة أيضاً حيث إنّه ذكر في عنوان الباب كراهة الشهرة في الملابس وغيرها وحمل الرواية الأخيرة على بعض الأقسام المحرمة والمحكي عن ظاهر الرياض ومفتاح الكرامة في مسألة تزيين الرجل بما يحرم عليه عدم الخلاف في ذلك .
الثاني : لبس الرجال ما يختص بالنساء وكذا العكس وفي محكي الرياض نسب الحرمة إلى الأشهر الأظهر المحتمل فيه الإجماع والعمدة في دليله ما حكي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ففي رواية عمر بن شمر عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حديث : لعن الله المحلّل والمحلّل له ، ومن تولّى غير مواليه ، ومن ادّعى نسباً لا يعرف ، والمتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال ، ومن أحدث حدثاً في الإسلام أو آوى محدثاً ، ومن قتل غير قاتله أو ضرب غير ضاربه .
ولكن في دلالتها قصور لأنّ الظاهر من التشبّه تأنّث الذكر وتذكّر الاُنثى لا مجرّد لبس أحدهما لباس الآخر مع عدم قصد التشبّه ويؤيّده ما عن العلل عن زيد بن علي عن آبائه عن علي (عليه السلام) انّه رأى رجلا به تأنيث في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له : اخرج من مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) يالعنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثمّ قال علي (عليه السلام) : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول : لعن الله المتشبّهين من الرجال بالنساء والمتشبّهات من النساء بالرجال .
وفي بعض الروايات انّ المراد بالتشبّه معنى آخر كرواية يعقوب بن جعفر
( الصفحه 368 )
الواردة في المساحقة الدالّة على أنّه فيهنّ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لعن الله المتشبّهات بالرجال من النساء الحديث . ورواية أبي خديجة عن أبي عبدالله (عليه السلام) لعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) المتشبّهين من الرجال بالنساء والمتشبّهات من النساء بالرجال وهم المخنثون واللائي ينكحن بعضهن بعضاً .
هذا ولكن لا يستفاد من مثلها الانحصار ، بل يمكن أن يكون للتشبّه معنى عام يشمل هذا المعنى أيضاً ويؤيّده رواية سماعة عن أبي عبدالله (عليه السلام) وأبي الحسن (عليه السلام) في الرجل يجر ثيابه قال : إنّي لأكره أن يشبّه بالنساء . وعن أبي عبدالله (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام)قال : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يزجر الرجل أن يتشبّه بالنساء وينهى المرأة أن تشبّه بالرجال في لباسها .
وذكر السيّد صاحب العروة في حاشية المكاسب في مسألة تزيين الرجل بما يحرم عليه عند الإشكال على الاستدلال بالنبوي المشهور انّ الرواية فيها أربع احتمالات :
أحدها : أن يكون المراد ما هو محلّ الكلام مع كون الحكم إلزامياً .
الثاني : أن يكون المراد خصوص تأنّث الذكر وتذكّر الاُنثى سواء كان باللباس أو بغيره بأن يدخل نفسه في عدادهن أو تدخل نفسها في عدادهم ويشهد له المحكي عن العلل .
الثالث : كون المراد خصوص اللواط والمساحقة ويشهد له روايتا يعقوب وأبي خديجة .
الرابع : أن يكون المراد المعنى الأوّل لكن مع كون الحكم غير إلزامي ويكون اللعن من جهة شدّة الكراهة ويشهد له الروايتان الأخيرتان .
ثمّ قوى الحكم بالحرمة لظهور النبوي في حدّ نفسه فيها وانجبار قصور سندها
( الصفحه 369 )
بالشهرة والمحامل المذكورة تأويلات بلا شاهد والشواهد لها الأخبار المذكورة التي كلّها ضعاف .
ويمكن الإيراد عليه بعدم انطباق النبوي على المدّعى لأنّه عبارة عن مجرّد لبس أحد الجنسين ما يختص بالآخر والمأخوذ في النبوي هو عنوان التشبّه وهو من العناوين المتقوّمة بالقصد لأنّ ظاهره فعل ما به تكون المشابهة بقصد حصولها فمجرّد اللبس من دون القصد لا يشمله الحديث هذا ولكن مع ذلك كلّه فالأحوط هي الحرمة كما في المتن .
( الصفحه 370 )
مسألة 18 ـ لو شكّ في أنّ اللباس أو الخاتم ذهب أو غيره يجوز لبسه والصلاة فيه ، وكذا ما شكّ انّه حرير أو غيره ، ومنه ما يسمّى بالشعري لمن لا يعرف حقيقته ، وكذا لو شكّ انّه حرير محض أو ممزج وإن كان الأحوط الاجتناب عنه 1 .
1 ـ قد تقدّم البحث عن اللباس المشكوك في مسألة مانعية غير المأكول وقد مرّ انّ مقتضى القاعدة جواز الصلاة وصحّتها في صورة الشكّ وعليه فلو شكّ في كون اللباس ذهباً أو حريراً وكذا في كون الخاتم ذهباً لا مانع من الصلاة فيهما ، نعم في الخاتم تداول لبس ما يسمّى بـ «پلاتين» والشائع في تفسيره انّه الذهب الأبيض فإن كان هذا التفسير صحيحاً مورداً للاعتماد فمقتضى القاعدة ـ حينئذ ـ عدم جواز الصلاة فيه وكذا حرمة التختّم به لأنّه من مصاديق الذهب والحكم التكليفي وكذا الوضعي إنّما تعلّق باللبس والصلاة في الذهب مطلقاً من دون فرق بين الأصفر والأبيض وإن كانت صحّة هذا التفسير محلاًّ للشكّ والترديد فالحكم ـ حينئذ ـ الجواز تكليفاً ووضعاً .
ولو علم بكون اللباس حريراً ولكنّه شكّ في المحوضة والامتزاج فربّما يقال : إنّ المرجع اصالة عدم الحرير ممزوجاً لأنّ المزج طارئ على الحرير فيستصعب عدمه .
ولكن يرد عليه انّ الحرير عبارة عن المنسوج من الابريسم ومثله والثوب المنسوج يكون من أوّل نسجه مردّداً بين المحوضة والامتزاج لأنّه من ذلك الحين امّا أن يكون محضاً ، وامّا أن يكون ممزوجاً فاستصحاب عدم المزج ـ مضافاً إلى معارضته باستصحاب عدم المحوضة ـ يكون من قبيل استصحاب عدم قرشية المرأة وقد حقّقنا في الاُصول عدم جريان مثله لعدم ثبوت الحالة السابقة المتيقّنة وانّه لا مجال لاستصحاب القضية السالبة بانتفاء الموضوع لاثبات السالبة بانتفاء
( الصفحه 371 )
المحمول وعليه فالأقوى في هذه الصورة أيضاً جواز اللبس والصلاة وإن كان الأحوط الاجتناب .