( الصفحه 398 )
فيه تزاحم وهو خصوص ما كان مساوياً للدين وبخصوص الثلث الذي هو مورد وجوب العمل بالوصية ولا تعرّض فيها لنفي الإرث في الزائد على الدين والوصية .
ويرد على ما أفاده في الجواهر ـ مضافاً إلى أنّ الحمل على إرادة بيان مخرج السهام إنّما يختصّ بما كان فيه التعرّض للسهام كالآيتين ولا يجري في الروايات الظاهرة في تأخّر الميراث بنحو كلّي من دون النظر إلى خصوص السهام المقدرة ـ انّ دعوى الانتقال بالإضافة إلى جميع التركة لا تجتمع مع دعوى كون مخرج السهام ما هو الزائد على مقدار الدين والوصية فإنّ ثبوت الانتقال في مقدارهما إنّما هو بنحو السهام لا بنحو آخر كما هو الظاهر ، فكيف يكون المخرج ما هو الزائد عليهما فإذا كان الثلث الثابت لصاحبه مخرجه الزائد والمفروض ثبوت الثلث له في المقدار المساوي فتكون النتيجة ثبوته بالإضافة إلى جميع المال ولا مجال لدعوى كون مخرج الثلث هو خصوص الزائد كما لا يخفى هذا في الدين المستغرق .
وامّا الدين غير المستغرق فعن جامع المقاصد وغيره الفرق بينه وبين الأوّل ويشهد له صحيح ابن أبي نصر انّه سئل عن رجل يموت ويترك عيالا وعليه دين أينفق عليهم من ماله؟ قال : إن استيقن انّ الذي عليه يحيط بجميع المال فلا ينفق عليهم وإن لم يستيقن فلينفق عليهم من وسط المال . فإنّ الظاهر انّ الحكم بالإنفاق في الصورة الثانية ليس لأجل كونه (عليه السلام) وليّ الميّت بل لأجل انّ جوازه مقتضى الحكم الثابت في جميع الموارد .
ثمّ إنّه بناء على القول بعدم الانتقال يكون عدم جواز الصلاة فيما تركه لأجل كونه تصرّفاً في مال الغير بغير اذنه أو تصرّفاً في المال المشترك بدون اذن الشريك وامّا على القول بالانتقال فلا إشكال في تعلّق الدين بالتركة في الجملة ، وفي الجواهر : الإجماع بقسميه عليه ولازمه عدم جواز التصرّف المتلف ونحوه ممّا
( الصفحه 399 )
يوجب انتفاء موضوع الحقّ ومتعلّقه ، وامّا التصرّف الناقل ففيه إشكال ، كما انّ التصرّف بمثل الصلاة ونحوها ممّا لا يكون له قيمة معتدّ به عند العقلاء فيمكن أن يقال بجوازه هذا في المستغرق ، وامّا في غيره فالحكم بالإنفاق الذي هو من التصرّف المتلف يدلّ على جواز التصرّف الناقل وبطريق أوضح جواز الصلاة .
ثمّ إنّ استثناء صورة رضا الديّان من الدين غير المستغرق أو كون الورثة باين على الاداء غير متسامحين ـ على تقدير كون العطف باو لا بالواو ـ يدلّ على ثبوت الجواز في موردين وهو إنّما يتمّ على تقدير الانتقال ضرورة انّه مع عدمه لا مدخلية لرضا الديان بعد بقائه على ملك الميّت وعدم انتقاله إلى الوارث وظاهر الرواية المتقدّمة الجواز ولو مع عدم الرضا ، نعم ظاهرها البناء على الاداء من دون التسامح لأنّ السؤال عن الإنفاق مع وجود الحاجة إليه كما هو الظاهر ظاهر في البناء على رعاية الوظيفة الشرعية المقتضية للبناء على الاداء في أوّل أوقات الإمكان كما لايخفى .
والاحتياط بالاسترضاء من ولي الميت إنّما ينشأ من احتمال عدم الانتقال وبقائه على ملك الميّت .
هذا ويمكن إرجاع الاستثناء في المتن إلى الدين المستغرق أيضاً كما انّه يمكن أن يكون الاستثناء على نحو اللف والنشر المرتّب بأن يكون رضا الديّان راجعاً إلى الدين المستغرق والبناء على الاداء من دون التسامح إلى الدين غير المستغرق وتحقيق الكلام في هذا المقام موكول إلى محلّه .
( الصفحه 400 )
مسألة 5 ـ المدار في جواز التصرّف والصلاة في ملك الغير على إحراز رضائه وطيب نفسه وإن لم يأذن صريحاً بأن علم ذلك بالقرائن وشاهد الحال وظواهر تكشف عن رضاه كشفاً اطمئنانياً لا يعتنى باحتمال خلافه وذلك كالمضائف المفتوحة الأبواب والحمّامات والخانات ونحو ذلك 1 .
1 ـ ظاهر مثل التوقيع الشريف المعروف المروي في الاحتجاج وهو قوله ـ عجّل الله تعالى فرجه الشريف ـ : فلا يحلّ لأحد أن يتصرّف في مال غيره بغير اذنه .
اعتبار الإذن الظاهر في انشائه في جواز التصرّف في مال الغير وظاهر مثل موثقة سماعة المشتملة على قوله (صلى الله عليه وآله) : فإنّه لا يصل دم امرء مسلم ولا ماله إلاّ بطيبة نفس منه الاكتفاء بطيب النفس والرضا الباطني من دون حاجة إلى الإنشاء ولكن العرف يرى انّه لا تعارض بينهما وإنّ مقتضى الجمع حمل الأوّل على الحكم الظاهري والثاني على الحكم الواقعي نظراً إلى أنّ الاذن طريق إلى الرضا ولا موضوعية له بوجه فالملاك ـ حينئذ ـ بعد الجمع المذكور هو الرضا ومن الواضح لزوم إحرازه كما هو الشأن في جميع العناوين المتعلّقة للأحكام الواقعية فبدون إحراز الرضا لا مسوغ للتصرّف في مال الغير ولكن المحكي عن الذخيرة والبحار جواز الصلاة في كلّ موضع لا يتضرّر المالك بالكون فيه وكان المتعارف بين الناس عدم المضايقة في أمثاله وإن فرض عدم العلم برضا المالك إلاّ أن تكون أمارة على الكراهة وربما يؤيّد أو يستدلّ له بما دلّ على جعل الأرض مسجداً له (صلى الله عليه وآله) ولاُمّته لمناسبة الامتنان للاكتفاء بالظنّ وبأصالة جواز التصرّف في كلّ شيء والإجماع على المنع غير ثابت في صورة الظنّ والتوقيع ضعيف السند والموثقة ظاهرة في خصوص التصرّف المتلف .
( الصفحه 401 )
ويرد عليه وضوح انّ الحكم بحرمة التصرّف في مال الغير بغير رضاه ممّا أجمع عليه جميع الأديان والملل ولا حاجة في إثباته إلى مثل التوقيع والموثقة مع انّه قد وقع الخلط بين الحكم الواقعي والحكم الظاهري فانّه تارة يبحث عن حرمة التصرّف في مال الغير واقعاً ، ومن الواضح ثبوتها بنحو العموم ولا يكون دليلها منحصراً بمثل الروايتين واُخرى يبحث عن الاكتفاء بالظنّ في مقام الإحراز بمعنى انّه لا حاجة في مقام إحراز الرضا الواقعي إلى العلم بثبوته بل يكفي فيه الظنّ ، ومن المعلوم انّ ما ذكر لا يصلح لإثبات جعل الظنّ مطلقاً حجّة في هذا المقام .
ثمّ إنّ الرضا إن أحرز بنحو العلم القطعي أو الاطمئنان الذي يعامل معه معاملة العلم بنظر العرف وإن لم يكن علماً عقلا فلا إشكال في الاكتفاء به وإن أحرز بغيره فسيأتي الكلام فيه .
كما انّ ظاهر أخذ الرضا في الدليل هو اعتبار الرضا الفعلي المتوقّف على التوجّه والالتفات إلى المرضى ، وامّا الرضا التقديري فإن كان لأجل عدم الالتفات ومرجعه إلى ثبوته على تقدير تحقّقه ولازمه عدم الكراهة أيضاً لأجل ما ذكر من عدم الالتفات فإنّ الكراهة كالرضا في هذه الجهة فظاهر الأصحاب الاكتفاء به في هذه الصورة والتسالم عليه ولعلّ وجهه عدم منافاته لسلطنة المالك بوجه فإنّ المفروض تحقّق رضاه على تقدير الالتفات وانّ عدم تحقّقه لأجل عدمه .
وإن كان لأجل الجهل الواقع ومثله من الاُمور الموجبة لعدم تحقّق الرضا فعلا مع تحقّق الالتفات فالظاهر عدم الاكتفاء به وذلك لوجود الكراهة فعلا ومجرّد الرضا على تقدير زوال جهله وعلمه بالواقع لا يوجب تحقّقه بوجه وهذا كما في المعاملات المتوقّفة على الرضا فإنّه لو فرض إكراهه على بيع داره مع كون البيع مصلحة للمكره ـ بالفتح ـ بحيث لو توجّه إليها لرضى به لا يوجب ذلك صحّة
( الصفحه 402 )
المعاملة لوجود الرضا على تقدير العلم كما لا يخفى .
ثمّ إنّه مع عدم إحراز الرضا بالعلم أو الاطمئنان; بل بالظنّ نقول : إن كان منشأه هو الإذن الصريح كأن يقول : أذنت لك بالتصرّف في داري بالصلاة فالظاهر الاكتفاء به ، لأنّ ظواهر الألفاظ معتبرة عند العقلاء والظنّ الحاصل منها حجّة عندهم .
وإن كان منشأه هو الفحوى كأن يأذن في التصرّف بالقيام والقعود والنوم والأكل فبالصلاة يكون راضياً بالأولى فالظاهر عدم حجّيته; لأنّ الظنّ بالرضا بالصلاة لا يكون مستنداً إلى اللفظ لأنّ المفروض اختصاص مفاده بمثل القيام والقعود ونحوهما والأولوية لا تستدعي إيقاعها في مفاد اللفظ والظنّ المعتبر إنّما هو ما يكون مستنداً إلى اللفظ ومرتبطاً بمدلوله ، نعم ربّما يكون ذكر القيام ونحوه في الكلام على سبيل المثال والمقصود إفادة مطلق التصرّفات المشابهة وما يكون أولى من المذكور فإنّه ـ حينئذ ـ تقع الصلاة كالمذكور والمفروض غير هذه الصورة وفيه لا دليل على اعتبار الظنّ بعد عدم كونه مدلولا للكلام ولو عرفاً وعدم دخوله في إحدى الدلالات الثلاثة اللفظية ـ المطابقة والتضمّن والالتزام ـ لتوقّف الثالثة على كون اللزوم بيّناً بالمعنى الأخصّ كما قرّر في محلّه .
وإن كان منشأه هو شاهد الحال والقرائن غير اللفظية فالظاهر عدم اعتباره أيضاً; لعدم استناده إلى اللفظ ولا دليل على حجّية الظنّ غير المستند إليه إلاّ أن يكون الفعل كاللفظ ممّا جرى بناء العقلاء على الاعتماد عليه كما إذا فتح باب داره لإقامة العزاء فيه مثلا مع وجود أمارات اُخرى عليه ـ كما هو المعمول في زماننا هذا ـ في بلادنا فإنّه لا يبعد جواز الاعتماد على الظنّ الحاصل من ذلك لبناء العقلاء على الاعتماد عليه كالاعتماد على اللفظ .