( الصفحه 407 )
مسألة 8 ـ الأقوى صحّة صلاة كلّ من الرجل والمرأة مع المحاذاة أو تقدّم المرأة لكن على كراهية بالنسبة إليهما مع تقارنهما في الشروع وبالنسبة إلى المتأخّر مع اختلافهما لكن الأحوط ترك ذلك ، ولا فرق فيه بين المحارم وغيرهم ، ولا بين كونهما بالغين أو غير بالغين أو مختلفين ، بل يعمّ الحكم الزوج والزوجة أيضاً ، وترتفع الكراهة بوجود الحائل وبالبعد بينهما عشرة أذرع بذراع اليد ، والأحوط في الحائل كونه بحيث يمنع المشاهدة ، كما انّ الأحوط في التأخّر كون مسجدها وراء موقفه وإن لا تبعد كفاية مطلقهما 1 .
1 ـ المشهور بين المتقدّمين من الأصحاب بطلان صلاة كلّ من الرجل والمرأة مع المحاذاة أو تقدّم المرأة وإن كانوا بين من يكون البطلان ظاهر تعبيره لتعبيره بعدم الجواز الظاهر فيه وبين من يكون البطلان صريح كلامه لتصريحه به ولكن الشهرة انقلبت بين المتأخّرين إلى الكراهة ومنشأ الخلاف اختلاف الأخبار الكثيرة الواردة في الباب واللاّزم ملاحظتها فنقول :
امّا ما ظاهره الجواز فروايات :
منها : مصحّحة جميل عن أبي عبدالله (عليه السلام) انّه قال : لا بأس أن تصلّي المرأة بحذاء الرجل وهو يصلّي فإنّ النبي (صلى الله عليه وآله) كان يصلّي وعائشة مضطجعة بين يديه وهي حائض ، وكان إذا أراد أن يسجد غمز رجليها فرفعت رجليها حتّى يسجد .
والتعليل المذكور في الرواية مضافاً إلى غرابته في نفسه المشعرة بصدورها تقية لا يصلح علّة للحكم المذكور في الرواية لأنّ مورد الحكم صلاة المرأة بحذاء الرجل وهو يصلّي .
وبعبارة اُخرى مورده ما إذا صلّى كلاهما معاً ومقتضى التعليل جواز صلاة الرجل والمرأة بين يديه وهي لا تصلّي .
( الصفحه 408 )
ودعوى استقامة التعليل بتقريب انّ تقدّمها مضطجعة في حال الحيض إذا لم يكن مانعاً عن صلاة الرجل فتقدّمها في حال الصلاة أولى بعدم المانعية .
مدفوعة بأنّ مثل هذا التعليل لو كان صالحاً للعلّية لكان الحكم في أصل المسألة واضحاً بعد ظهور جواز تقدّم المرأة في غير حال الصلاة على الرجل المصلّي فالتعليل غير مستقيم ولأجله احتمل التصحيف في الرواية وانّ الصحيح : «أن تضطجع المرأة» بدل «تصلّي» كما انّه احتمل بل استظهر أن يكون بدله «لا تصلّي» بحيث كانت كلمة «لا» ساقطة لكن لا مجال لشيء من الاحتمالين لأنّهما يرفعان الوثوق بالأخبار المضبوطة في الكتب المدوّنة وفي التعليل إشكال آخر وهو عدم انطباقه على الصدر من جهة انّ الحكم بعدم البأس فيه إنّما يكون محمولا على صلاة المرأة بحذاء الرجل والتعليل يدلّ على جواز صلاة الرجل ولو كانت بحذائه امرأة هذا مضافاً إلى أنّ طريق الصدوق إلى الجميل وحده ممّا لا تعلم صحّته .
ومنها : مرسلة جميل بن دراج عن أبي عبدالله (عليه السلام) في الرجل يصلّي والمرأة تصلّي بحذاه قال : لا بأس . وهذه الرواية وإن كانت دليلا على الجواز مطلقاً إلاّ انّ الظاهر اتحادها مع مرسلته الاُخرى عن أبي عبدالله (عليه السلام) في الرجل يصلّي والمرأة بحذاه أو إلى جنبيه قال : إذا كان سجودها مع ركوعه فلا بأس . بمعنى انّ الراوي وهو جميل سأل الإمام (عليه السلام) عن حكم المسألة مرّة واحدة وأجابه بجواب واحد وهو مردّد بين أن يكون هو الحكم بعدم البأس مطلقاً أو مقيّداً بما إذا كان سجودها مع ركوعه والظاهر هو الثاني لأنّه إذا دار الأمر بين الزيادة السهوية والنقيصة كذلك يكون الترجيح ـ بمقتضى حكم العرف ـ مع الثاني .
ويؤيّد كونهما رواية واحدة اشتراك الروايتين من حيث السند من ابن فضال إلى الآخر حيث إنّه روى في كلتيهما عمّن أخبره عن جميل ، كما انّه يؤيّد كون الحكم
( الصفحه 409 )
مقيّداً ما رواه ابن فضال عن ابن بكير عمّن رواه عن أبي عبدالله (عليه السلام) في الرجل يصلّي والمرأة تصلّي بحذاه أو إلى جانبه فقال : إذا كان سجودها مع ركوعه فلا بأس .
بل يحتمل قوياً اتحادها معهما أيضاً نظراً إلى أنّ المراد ممّن روى عنه ابن بكير في سند هذه الرواية هو جميل المذكور في الروايتين والمراد ممّن أخبره فيهما هو ابن بكير المذكور في هذه الرواية فيرفع كلّ واحد إجمال الآخر ويرتفع الإشكال عن جميع الروايات الثلاثة من جهة الإرسال ولكن لا يمكن الاتكاء على هذا الاحتمال وإن كان قوياً ـ كما عرفت ـ .
والمراد من كون سجودها مع ركوعه يحتمل أن يكون تساوي رأس المرأة في حال السجود مع رأس الرجل في حال الركوع أي كانت متأخّرة عنه بهذا المقدار ، ويحتمل أن يكون المراد وقوع رأسها في حال السجود محاذياً لأوّل جزء من بدن الرجل أي يجب التأخّر بهذا المقدار ويبعد هذا الاحتمال انّه لا فرق ـ حينئذ ـ بين حال الركوع وحال القيام لعدم الفرق في أوّل الجزء بينهما فيكون ذكر الركوع بلا فائدة ويقربه رواية هشام بن سالم عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث قال : الرجل إذا أَمّ المرأة كانت خلفه عن يمينه سجودها مع ركبتيه .
ومنها : صحيحة الفضيل عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : إنّما سمّيت مكّة بكّة لأنّه يبكّ فيها الرجال والنساء والمرأة تصلّي بين يديك وعن يمينك وعن يسارك ومعك ولا بأس بذلك وإنّما يكره في سائر البلدان . ولا دلالة فيها على فرض صلاة الرجل أيضاً وليس قوله : «معك» ظاهراً فيه ، وعليه فيمكن أن يكون المراد صلاة المرأة في وسط الرجال بحيث كانت بين أيديهم الخ من دون فرض صلاتهم ولا دليل على عدم الكراهة في سائر البلدان في هذه الصورة كما لا يخفى .
( الصفحه 410 )
ومنها : خبر عيسى بن عبدالله القمي حيث إنّه سأل الصادق (عليه السلام) عن امرأة صلّت مع الرجال وخلفها صفوف وقدّامها صفوف قال (عليه السلام) : مضت صلاتها ولم تفسد على أحد ولا تعيد ولكنّه لم ينقل في الكتب المعدّة لنقل الأحاديث بل مذكور في بعض الكتب الفقهية .
وامّا ما ظاهره المنع فروايات أيضاً :
منها : صحيحة إدريس بن عبدالله القمي قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يصلّي وبحياله امرأة قائمة على فراشها جنباً فقال : إن كانت قاعدة فلا يضرّك وإن كانت تصلّي فلا . والمراد بكونها قاعدة عدم الاشتغال بالصلاة كما هو ظاهر .
ومنها : رواية عبد الرحمان بن أبي عبدالله قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يصلّي والمرأة بحذاه عن يمينه أو عن يساره فقال : لا بأس به إذا كانت لا تصلّي .
ومنها : صحيحة محمّد عن أحدهما (عليهما السلام) قال : سألته عن المرأة تزامل الرجل في المحمل يصلّيان جميعاً؟ قال : لا ولكن يصلّي الرجل فإذا فرغ صلّت المرأة . وبهذا المضمون روايات اُخر أيضاً .
ومنها : صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) قال : سألته عن إمام كان في الظهر فقامت امرأة بحياله تصلّي وهي تحسب إنّها العصر هل يفسد ذلك على القوم وما حال المرأة في صلاتها معهم وقد كانت صلّت الظهر؟ قال : لا يفسد ذلك على القوم وتعيد المرأة .
والوجه في عدم الافساد على القوم يمكن أن يكون هو عدم قدح التقدّم والمحاذاة مع الرجل ويمكن أن يكون هو تأخّر المرأة في الشروع في الصلاة الموجب لبطلان صلاتها فقط مع اعتبار عدم التقدّم والمحاذاة .
كما انّ الوجه في لزوم إعادة المرأة صلاتها يحتمل أن يكون هو إخلالها بما هو
( الصفحه 411 )
المعتبر من عدم التقدّم والمحاذاة لفرض وقوعها بحذاء الإمام ومتقدّمة على المأمومين ، وعليه فتكون الرواية من أدلّة المنع في المقام ، ويحتمل أن يكون هو الإخلال بما هو المعتبر في صلاة الجماعة من جهة الموقف وهو تأخّر المأموم عن الإمام وعدم وقوعه بحذائه من دون فرق في ذلك بين الرجل والمرأة ، ويحتمل أن يكون هو راجعاً إلى النية نظراً إلى حسبانها انّ الإمام يصلّي العصر وقد كان يصلّي الظهر واقتداء صلاة العصر بالظهر وإن كان ممّا لا مانع منه إلاّ انّ تقييد النيّة بما نواه الإمام بتخيّل المطابقة ربّما يمنع عن الصحّة بعد كشف الخلاف فتدبّر . ولعلّ عبارة السؤال تكون ظاهرة في هذا الاحتمال ، وكيف كان فلم يظهر من الرواية دلالتها على المنع فيما هو محلّ الكلام .
ومنها : موثقة عمار عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث إنّه سئل عن الرجل يستقيم له أن يصلّي وبين يديه امرأة تصلّي؟ فقال : إن كانت المرأة قاعدة أو نائمة أو قائمة في غير صلاة فلا بأس حيث كانت . والظاهر اتحادها مع موثقته الاُخرى عن أبي عبدالله (عليه السلام) انّه سُئل عن الرجل يستقيم له أن يصلّي وبين يديه امرأته تصلّي؟ قال : إن كانت تصلّي خلفه فلا بأس وإن كانت تصيب ثوبه .
ومنها : صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : سألته عن المرأة تصلّي عند الرجل فقال : لا تصلّي المرأة بحيال الرجل إلاّ أن يكون قدّامها ولو بصدره . ولكنّه لا ظهور لها في فرض صلاة الرجل أيضاً ، بل يمكن أن يكون مورد السؤال هو نفس صلاة المرأة مع وجود الرجل ولا مجال لدعوى وضوح ثبوت الجواز في هذا الفرض فإنّ التتبّع في الروايات يقضي بكونه مورداً للشكّ ومسؤولا عنه .
وامّا الروايات الظاهرة في التفصيل فكثيرة أيضاً :
منها : صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) قال : سألته عن الرجل يصلّي في