( الصفحه 427 )
في بعض أجزاء الصلاة ففي صورة التقدّم والتأخّر يكون الجزء المقارن لحدوث الاُخرى لا ترجيح بينه وبين ما يحدث من الآخر من حيث الصحّة والبطلان فإذا كانت الصحّة مخالفة لما هو المفروض من امتناع الاجتماع فاللاّزم أن لا يقع شيء منهما صحيحة .
وبعبارة اُخرى الصحّة المدّعاة بالإضافة إلى المتقدّمة إن كان المراد بها هي الصحّة بالنسبة إلى جميع أجزائها فالمفروض انّه محلّ الكلام لأنّه يحتمل بطلانها بسبب المتأخّرة أيضاً وإن كان المراد بها هي الصحّة بالنسبة إلى الأجزاء الماضية فهي تجتمع مع البطلان بلحاظ المحاذاة في بعض الأجزاء الاُخر ولم يثبت كون هذه الصحّة مانعة عن انعقاد المتأخّرة دون العكس كما هو ظاهر .
ومنها : صحيحة علي بن جعفر (عليه السلام) المتقدّمة الواردة في إمام كان في الظهر فقامت امرأته بحياله المشتملة على قوله (عليه السلام) : لا يفسد ذلك على القوم وتعيد المرأة فإنّ الظاهر انّ التفصيل بين المرأة وبين القوم إنّما هو من جهة التأخّر والتقدّم .
وفيه ما عرفت من عدم ظهور الرواية في كونها واردة في المقام ، بل يجري فيها احتمالات متعدّدة فهي مجملة لا تصلح للاستناد إليها .
ومنها : ما أفاده المحقّق النائيني (قدس سره) من أنّ مناسبة الحكم والموضوع وإن لم تكن دليلا برأسها إلاّ انّها قد تصلح لانصراف الدليل كما في المقام فإنّ الأدلّة الدالّة على النهي عن المحاذاة والتقدّم امّا تحريماً أو تنزيهاً منصرفة إلى حال الاختيار لظهور الأسئلة فيها في تعمّد ذلك ولا يكفي إطلاق الأخبار لو سلم .
وفيه منع كون المناسبة المذكورة صالحة للانصراف خصوصاً مع اقتضائه حمل الأخبار المطلقة على المورد النادر وهي صورة الاقتران كما يأتي .
والتحقيق في المقام أن يقال إنّه لابدّ في استفادة حكم هذا الفرض كأصل المسألة
( الصفحه 428 )
من ملاحظة الأخبار الواردة في الباب ولا مجال لايراد الوجه العقلي في المسألة التعبّدية ضرورة انّ الحكم ببطلان المتقدّم أيضاً لا يستلزم محالا عقلياً حتى يوجب التصرّف في الدليل على فرض دلالته عليه ، كما انّ الظاهر انّ استفادة الحكم بالبطلان بالإضافة إلى كلتا الصلاتين في صورة التقارن ليس مستنداً إلى وجه عقلي مذكور فيما تقدّم ، بل مستند إلى ظهور الدليل في ذلك وهي الروايات الظاهرة في بطلان كلتيهما وأيضاً لا مجال لحمل الإطلاقات على خصوص صورة التقارن بعد ندرة وجودها ولو كان التقارن بمعناه العرفي ضرورة انّ أكثر موارد المحاذاة أو التقدّم إنّما هو مع التقدّم والتأخّر في الشروع .
و ـ حينئذ ـ لابدّ من ملاحظة ثبوت الإطلاق وعدمه فنقول : ما يظه رمنه الإطلاق من الروايات المتقدّمة روايات :
منها : رواية أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : سألته عن الرجل والمرأة يصلّيان جميعاً في بيت المرأة عن يمين الرجل بحذاه قال : لا حتّى يكون بينها شبر أو ذراع أو نحوه .
ومن الواضح إطلاق مورد السؤال وشموله لكلا الفرضين كما انّ الظاهر انّ قوله (عليه السلام) : «لا» الظاهر في البطلان كما يكون ظاهراً في بطلان كلتا الصلاتين في صورة التقارن كذلك لا ينبغي إنكار ظهوره في بطلان كلتيهما في صورة التقدّم والتأخّر أيضاً ولا مجال للتفكيك ، كما انّه لا مجال لدعوى انّ مرجع قوله (عليه السلام) : «لا» إلى عدم اتصاف كلتا الصلاتين بالصحّة المجامع مع بطلانها ومع بطلان أحدهما بحيث يكون الجواب غير تام ولم يكن متعرّضاً لحكم هذه الجهة وتعيين أحد الاحتمالين بل كان اللاّزم الرجوع في التعيين إلى دليل آخر فإنّ مثل ذلك ممّا لا يقبله العرف ولا ينطبق على المتفاهم عنده ، بل الظاهر انّ الفهم العرفي يساعد البطلان
( الصفحه 429 )
بالإضافة إلى كلتا الصلاتين في كلّ واحد من الفرضين كما لا يخفى .
ومنها : رواية معاوية بن وهب عن أبي عبدالله (عليه السلام) انّه سأله عن الرجل والمرأة يصلّيان في بيت واحد قال : إذا كان بينهما قدر شبر صلّت بحذاه وحدها وهو وحده ولا بأس .
ومنها : رواية زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قلت له : المرأة والرجل يصلّي كلّ واحد منهما قبالة صاحبه قال : نعم إذا كان بينهما قدر موضع رحل .
ومنها : روايتا محمد بن مسلم وأبي بصير الواردتان في المرأة والرجل المتزاملين الظاهرتان في الإطلاق خصوصاً بقرينة ذيلهما الدالّ على صلاة المرأة بعد فراغ الرجل من الصلاة كما لا يخفى .
وبعد ذلك كلّه لا ينبغي الخدشة في ظهور هذه الطائفة في البطلان بالإضافة إلى كلتا الصلاتين وليس غير هذه الطائفة ظاهراً في بطلان خصوص المتأخّرة على فرض وروده في هذا الفرض حتّى يتصرّف بسببه في الإطلاق ، بل غايته عدم التعرّض لحكم المتقدّمة لو لم نقل بظهوره في بطلانها أيضاً فالأظهر بملاحظة ما ذكر ما اختار صاحب الجواهر كما تقدّم .
رابعها : لا فرق فيما ذكر بين المحارم وغيرهم وكذا لا فرق بين الزوج والزوجة وغيرهما وذلك مضافاً إلى إطلاق كلمتي «الرجل» و«المرأة» الواردتين في كثير من الروايات المتقدّمة وعدم اختصاصهما بغير المحارم والزوجين لورود بعض الروايات في المحارم كرواية محمد الحلبي المتقدّمة الواردة في الرجل يصلّي في زاوية الحجرة وابنته أو امرأته تصلّي بحذائه في الزاوية الاُخرى وبعضها في الزوجين كهذه الرواية ورواية زرارة قال : قلت له : المرأة تصلّي حيال زوجها قال : تصلّي بازاء الرجل إذا كان بينها وبينه قدر ما لا يتخطّى أو قدر عظم الذراع فصاعداً . وبعض
( الصفحه 430 )
الروايات الاُخر .
خامسها : لا فرق بين كونهما بالغين أو غير بالغين أو مختلفين وذلك لإطلاق الكلمتين المذكورتين في كثير من الأخبار مضافاً إلى إطلاق لفظ «البنت» في رواية الحلبي المتقدّمة ولا مجال لدعوى الانصراف فيهما فتدبّر .
( الصفحه 431 )
مسألة 9 ـ الظاهر جواز الصلاة مساوياً لقبر المعصوم(عليه السلام) ، بل ومقدّماً عليه ولكن هو من سوء الأدب والأحوط الاحتراز منهما ويرتفع الحكم بالبعد المفرط على وجه لا يصدق معه التقدّم والمحاذاة ويخرج عن صدق وحدة المكان ، وكذا بالحائل الرافع لسوء الأدب ، والظاهر انّه ليس منه والشبّاك والصندوق الشريف وثوبه 1 .
1 ـ المشهور جواز التقدّم على قبر المعصوم (عليه السلام) في حال الصلاة على كراهة أو مساواته ، والمحكي عن البهائي والمجلسي والكاشاني وبعض المتأخّرين عنهم المنع من التقدّم وعن بعض متأخّري المتأخّرين المنع عن المساواة أيضاً ، والكلام يقع في مقامين :
الأوّل : في التقدّم ومستند المنع فيه روايتان للحميري :
إحداهما : ما رواه الشيخ (قدس سره)باسناده عن محمد بن أحمد بن داود عن أبيه عن محمد بن عبدالله الحميري قال : كتبت إلى الفقيه (عليه السلام) أسأله عن الرجل يزور قبور الأئمّة (عليهم السلام) هل يجوز أن يسجد على القبر أم لا؟ وهل يجوز لمن صلّى عند قبورهم أن يقوم وراء القبر ويجعل القبر قبلة ، ويقوم عند رأسه ورجليه وهل يجوز أن يتقدّم القبر ويصلّي ويجعله خلفه أم لا؟ فأجاب وقرأت التوقيع ومنه نسخت : وامّا السجود على القبر فلا يجوز في نافلة ولا فريضة ولا زيارة بل يضع خدّه الأيمن على القبر ، وامّا الصلاة فإنّها خلفه ويجعله الإمام ، ولا يجوز أن يصلّي بين يديه لأنّ الإمام لا يتقدّم ويصلّي عن يمينه وشماله .
والاُخرى : ما رواه الطبرسي في الاحتجاج عن محمد بن عبدالله الحميري عن صاحب الزمان ـ عجّل الله تعالى فرجه الشريف ـ وهي مثل الاُولى إلاّ انّه قال : ولا يجوز أن يصلّي بين يديه ولا عن يمينه ولا عن يساره لأنّ الإمام لا يتقدّم عليه ولا