( الصفحه 462 )
وامّا تأخّر الثوب من غير جنس القطن والكتان عن الثوب من جنسهما . وبعبارة اُخرى ثبوت مرتبتين قبل ظهر الكفّ كما هو ظاهر المتن فربّما يناقش فيه من جهة الدليل نظراً إلى أنّ أكثر الروايات الواردة في الثوب كانت مطلقة من جهة ذكر الثوب أو الكمّ من القميص أو الرداء من غير تقييد بكونها من القطن والكتان وفي مقابلها روايتان ظاهرتان في التقييد هما رواية منصور بن حازم وصحيحة علي بن جعفر (عليه السلام) المتقدّمتين و ـ حينئذ ـ فإن قلنا ببقاء المطلقات على إطلاقها نظراً إلى استبعاد تقييد المطلقات الكثيرة الواردة في مقام البيان فاللاّزم حمل ما وقع فيه التقييد بالقطن أو الكتّان على بيان انّهما من أفراد الثوب الغالبة أو إنّهما أفضل الأفراد ، وعليه فيكون البدل في الرتبة الاُولى مطلق الثوب وفي الثانية ظهر الكفّ فينطبق على ما هو المنسوب إلى المشهور .
وإن قلنا بلزوم تقييد المطلقات وحملها على خصوص القطن والكتّان كما هو شأن المطلق والمقيّد فاللاّزم الالتزام بكون البدل في الرتبة الاُولى هو خصوص الثوب من القطن والكتان ، وعليه فلا دليل على بدلية الثوب من غير جنسهما لأنّه بعد حمل المطلقات على دليل المقيد يكون المطلق بوصف الإطلاق بلا دليل ، وعليه فينتقل بعد فقد القطن والكتان إلى ظهر الكفّ كما هو ظاهر العروة ، غاية الأمر مع عطف المعدن على الظهر .
وعلى أيّ تقدير لا سبيل إلى إثبات مرتبتين قبل ظهر الكفّ كما هو ظاهر المتن .
ويمكن دفع المناقشة بظهور انّه لابدّ في مقام التصرّف في المطلق من الاقتصار على خصوص مقدار يدلّ عليه دليل المقيّد ضرورة انّه فيما عدا ذلك المقدار لا وجه لرفع اليد من المطلق بعد تمامية دلالته واستقرار إطلاقه و ـ حينئذ ـ نقول : الظاهر انّ دليل المقيّد في المقام يختصّ بصورة التمكّن ومرجعه إلى أنّ بدلية القطن والكتّان
( الصفحه 463 )
إنّما هي في صورة التمكّن نهما ، بل لا معنى للبدلية مع عدم التمكّن كما انّ ظاهر دليل المطلق الدالّ على بدلية الثوب اختصاصه بصورة التمكّن من الثوب لما عرفت من انّه لا معنى للبدلية مع عدم التمكّن .
وعليه فدليل المقيّد يوجب التصرّف في دليل المطلق في خصوص صورة التمكّن من القيد ويصير النتيجة بدلية خصوص الثوب من القطن والكتّان في الرتبة الاُولى ومع عدم التمكّن منه يكون مقتضى الإطلاق بدلية الثوب من غيرهما بعد فرض التمكّن منه كما عرفت ، وبذلك تتحقّق المرتبتان كما أفاده في المتن وقد مرّ تأخّر مرتبة الثوب لدلالة روايتي أبي بصير المتقدّمتين عليه خصوصاً روايته الاُولى فتدبّر فبذلك نثبت ثلاث مراتب .
إنّما الكلام في المرتبة الرابعة وهي المعادن تارة من جهة الدليل على أصل البدلية فيها ، واُخرى من جهة مرتبتها وتأخّرها عن المراتب الثلاثة الاُخر فنقول : الظاهر انّه لا دليل على البدلية فيها إلاّ الروايات الدالّة على جواز السجود على القير بعد حملها على حال الضرورة والتقية جمعاً بينها وبين ما يدلّ على المنع عن السجود عليه بحملها على حال الاختيار وعدم التقية ولما كان القير من المعادن فلا فرق بينه وبين غيره من جنس المعدن .
ويرد عليه أوّلا انّ أخبار السجود على القير لا يستفاد منها سوى جوازه عليه المحمول على صورة التقية لا بدلية القير عمّا يصحّ السجود عليه كما لا يخفى على من لاحظها مثل خبر معاوية بن عمّار قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الصلاة في السفينة إلى أن قال : يصلّي على القير والقفر ويسجد عليه فإنّ ظاهره انّ المصلّي لكونه في السفينة لا يتمكّن إلاّ من السجود عليها وهي مقيرة والجواب بنفي البأس من جهة انّه لا يتمكّن إلاّ منه لا لكونه بدلا عمّا يصحّ السجود عليه وامّا ترك الاستفصال
( الصفحه 464 )
بالنسبة إلى وضع شيء ممّا يصحّ السجود عليه على القير والسجود عليه فإنّما هو للتقية لأنّ السفينة لا تخلو في تلك الأعصار عن وجود من يتّقى عنه بل وفي هذه الأعصار غالباً .
وثانياً : منع كون القير من المعادن خصوصاً مع التعليل في بعض الأخبار المجوّزة بأنّه من نبات الأرض الظاهر في أنّ الحكم بالجواز لهذه الجهة لا لأجل كونه معدنياً ويحتمل أن يكون الوجه في العلّة وكونه من نبات الأرض انّه من قبيل حجر الفحم على ما قيل المتكوّن من الأشجار المستترة في الأرض في سالف الزمان المختلطة مع الأجزاء الأرضية .
وثالثاً : لو سلّم جميع ذلك فلا دليل على تأخّر رتبتها عن الاُمور الثلاثة المتقدّمة خصوصاً مع وجود الثوب غالباً في مورد الأخبار الدالّة على جواز السجود على القير .
وقد انقدح بذلك انّه لا دليل على أصل البدلية في المعدن أولا وعلى تأخّر رتبة المعدن عن سائر المراتب ثانياً .
( الصفحه 465 )
مسألة 14 ـ لو فقد ما يصحّ السجود عليه في أثناء الصلاة قطعها في سعة الوقت وفي الضيق سجد على غيره بالترتيب المتقدّم 1 .
1 ـ امّا الحكم في صورة ضيق الوقت فواضح لأنّ مرجع أدلّة البدلية إلى لزوم الاهتمام بالوقت وتقدّم رتبة الوقت على غيره من الأجزاء والشرائط ضرورة انّه لولا ذلك لما كان لجعل البدل والانتقال إليه وجه بل كان عليه الصبر إلى أن يجد ما يصحّ السجود أو يتمكّن من السجود عليه فنفس جعل البدل كاشف عن أهمّية الوقت وعدم مزاحمة شيء معه .
وامّا في سعة الوقت فللمسألة صورتان :
إحداهما : فقدان ما يصحّ السجود عليه في أثناء الصلاة مع القدرة عليه عند قطع الصلاة لوجوده في مكان آخر ، ولا إشكال في أنّ الحكم في هذه الصورة هو قطع الصلاة ولا يجوز له إتمامها بالسجود على البدل لأنّ المفروض القدرة على المبدل وهي الأرض أو نباتها .
وبعبارة اُخرى المستفاد من أدلّة البدلية هو ثبوت البدل عند الاضطرار ولا اضطرار في المقام ولا مجال لدعوى ثبوت حرمة القطع هنا بعد كون الموضوع للحرمة هو قطع الصلاة الصحيحة القابلة لإتمامها كذلك .
الثانية : الفرض المذكور مع عدم القدرة عليه عند القطع إلاّ بانتظار وقت آخر والحكم في هذه الصورة هو حكم من لم يقدر على السجود على ما يصحّ السجود عليه في أوّل الوقت مع احتماله أن يقدر في آخر الوقت ولابدّ في تشخيص هذا الحكم من ملاحظة أدلّة البدلية وانّ المستفاد منها هل هو البدلية المطلقة ولو في أوّل الوقت أو البدلية المنحصرة بآخر الوقت ، فعلى الأوّل يجوز له البدار وعلى الثاني يجب عليه الانتظار والظاهر دلالتها على الأوّل لأنّ مثل رواية أبي بصير المتقدّمة
( الصفحه 466 )
الواردة في مقام الجواب عن السؤال عن كون الراوي في السفر فتحضر الصلاة وهو يخاف الرمضاء على وجهه بقوله : «تسجد على بعض ثوبك» يدلّ على ذلك ـ أوّلا ـ من جهة التعبير بخوف الرمضاء الذي تكون حرارته في أوائل وقت الظهر أو يمتد إلى أواسط الوقت ـ وثانياً ـ من جهة ترك الاستفصال في مقام الجواب الظاهر في إطلاق الحكم وثبوت البدلية ولو في أوّل الوقت ويمكن استفادة الجواز في خصوص المقام وهو الفقدان في الأثناء من صحيحة علي بن جعفر (عليه السلام) المتقدّمة عن أخيه (عليه السلام) قال : سألته عن الرجل يؤذيه حرّ الأرض وهو في الصلاة لا يقدر على السجود هل يصلح له أن يضع ثوبه إذا كان قطناً أو كتّاناً؟ قال : إذا كان مضطرّاً فليفعل . نظراً إلى ظهورها في أنّ عدم القدرة على السجود قد انكشف له في الأثناء وطريق الانكشاف عادة هو السجود على الأرض أولا بمعنى انّه بعد السجود عليها مرّة ظهر له انّه لا يقدر عليه وليس المراد من عدم القدرة إلاّ إيذاء حرّ الأرض المذكور أولا لا عدم القدرة بمعنى آخر ، ويمكن أن يكون المراد هو حدوث الايذاء في الأثناء بعدما لم يكن عند الشروع في الصلاة .
وعلى كلا التقديرى فمفادها جواز وضع الثوب إذا كان قطناً أو كتّاناً والسجود عليه في الأثناء وليس المراد بالاضطرار المذكور في الجواب هو ما ينطبق عليه ضيق الوقت أيضاً بحيث كان المجوز للسجود على الثوب المذكور هو الايذاء بضميمة الضيق فإنّه خلاف ما هو المتفاهم منه عند العرف فإنّ المنسبق إلى أذهانهم هو الاضطرار الجائي من قبل الايذاء المذكور الذي هو عبارة اُخرى عن عدم القدرة على السجود المأخوذ في السؤال .
نعم لا مجال لتوهّم انّه بناء على ذلك يكون مقتضى الصحيحة جواز الرجوع إلى البدل في الصورة الاُولى أيضاً ضرورة انّه مع القدرة على السجود على ما يصحّ