جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الصلاة
صفحات بعد
صفحات قبل
( الصفحه 542 )

كالصريحة في أنّه قبلة مطلقاً بحيث لا نقبل الحمل على إفادة كونه قبلة في الجملة حمل المشرق والمغرب في هاتين الروايتين على ما هو المفهوم منهما عند العرف بحيث يكون ما بينهما نصف الدائرة تقريباً وغرضهما بيان حكم الانحراف عن ربع القبلة إلى قريب النصف فمفاد الصحيحتين تعيين القبلة الواقعية ومفادهما بيان حكم الانحراف عنها فلا معارضة بينهما بوجه وهذا هو الظاهر عندي وعليه فلا معارض للصحيحتين في مفادهما أصلا .

ثمّ إنّه ذهب جماعة من محقّقي المتأخّرين كصاحب الجواهر (قدس سره) إلى انّ قبلة البعيد هي بعينها قبلة القريب وهي عين الكعبة وقد أفاد في وجهه ما ملخّصه : «انّ قبلة البعيد هي بعينها قبلة القريب ، فكما انّ القريب المشاهد يجب أن يستقبل عين الكعبة فكذلك البعيد يجب أن يتوجّه نحوها ، وهذا المعنى أي التوجّه نحو العين ليس أمراً ممتنعاً لأنّه كما يصدق الاستقبال في المشاهد كذلك يصدق في البعد لأنّه لا يعتبر في صدقه وقوع خط المستقبل ـ بالكسر ـ على المستقبل ـ بالفتح ـ لأنّ الاستقبال الذي أمر به أمر عرفي وهو يصدق عرفاً بدون ذلك ضرورة تحقّقه في الاجرام المشاهدة من بعد وان نقطع بعدم اتصال جميع الخطوط الخارجة بها .

والحاصل انّه وإن كان يتوقّف صدق الاستقبال الحقيقي على ذلك أي على وقوع خط المستقبل على المستقبل إلاّ انّه لا يعتبر في تحقّق الاستقبال العرفي لما عرفت وإلى ذلك يرجع ما هو المشهور بين الأعلام من أنّ الجسم كلّما ازداد بعداً ازداد محاذاة لأنّهم لا يريدون انّه في صورة ازدياد البعد يكون صدق المحاذي الذي يقع خطّه على المحاذى أوسع من صورة القرب لأنّ وقوع خط المحاذي على المحاذى وعدمه لا فرق فيه بين محاذاة القريب والبعيد ، بل مرادهم انّه في صورة كثرة البعد يكون صدق المحاذي على الأشخاص الذين وقعوا في مقابل الجسم في نظر العرف

( الصفحه 543 )

أكثر وأوسع من صورة القرب ، فعلى هذا لا إشكال في صحّة الصلاة في الصورة المفروضة في كلام الشيخ (قدس سره) لأنّه يصدق عرفاً على كلّ واحد منهم انّه مستقبل للكعبة ومتوجّه نحوها وإن كان بعض الخطوط الخارجة لا يقع عليها» .

ومراده من الصورة المفروضة في كلام الشيخ (قدس سره) هي الصورة التي استشكل بها على القائلين بأنّ قبلة البعيد هي عين الكعبة ولأجلها رجّح الأخبار الدالّة على أنّ قبلته عين الحرم وهي صلاة الصفّ الطويل الذي كان طوله أزيد من طوله الكعبة وقال : إنّ لازم ذلك القول بطلان صلاة بعض ذلك الصفّ لعدم وقوع الخطّ الخارج من الجميع على عين الكعبة قطعاً .

وقد أوضح ما أفاده في الجواهر صاحب المصباح بقوله : إنّ صدق الاستقبال ممّا يختلف بالنسبة إلى القريب والبعيد فإنّك إذا استقبلت صفّاً طويلا بوجهك وكنت قريباً منهم جدّاً لا يكون قبلتك من أهل الصفّ إلاّ واحداً منهم بحيال وجهك ولكنّك إذا رجعت قهقرى بخط مستقيم إلى أن بعدت منهم مقدار فرسخ مثلا لرأيت مجموع الصفّ بجملته بين يديك بحيث لا تميز من يحاذيك حقيقة عن الآخر مع أنّ المحاذاة الحقيقية لا تكون إلاّ بينك وبين ما كانت أوّلا .

وقد صرّح المحقّق الحائري (قدس سره) بأنّه يصدق الاستقبال الحقيقي بذلك صدقاً حقيقياً بلا تجوّز وعناية .

أقول : وإن كان لا يترتّب على هذا البحث ثمرة مهمّة عملية لأنّه لا فرق في صحّة صلاة البعيد بين أن يكون وجهها توسعة القبلة وكونها الجهة بالمعنى الذي ذكرنا وبين أن يكون وجهها سعة دائرة الاستقبال حقيقة أو عرفاً بالإضافة إلى البعيد مع كون القبلة هي عين الكعبة إلاّ انّ دعوى كون القبلة هي العين مخالفة للأدلّة المتقدّمة الواردة في الجهة سيما الروايات المصرّحة بأنّ ما بين المشرق والمغرب قبلة بالمعنى

( الصفحه 544 )

الذي ذكرنا من كون المراد هو ربع الدائرة وانّها قبلة مطلقاً وفي جميع الحالات فإنّ مرجعها إلى أنّ التوسعة إنّما هي في نفس القبلة لا في الاستقبال مضافاً إلى إمكان المناقشة في صدق الاستقبال الحقيقي بما ذكروه بل العرفي أيضاً ، وامّا المثال المذكور في عبارة المصباح فيمكن الإيراد عليه ـ مضافاً إلى أنّه عكس ما نحن فيه ـ بأنّ ازدياد البعد عن ذلك الصف يوجب أن يكون الصفّ كالشيء الواحد في نظر المحاذي ، ومن المعلوم انّ الشيء الواحد لو وقع الخط الخارج من المستقبل ـ بالكسر ـ على بعض أجزائه لا يخرج عن صدق المحاذاة ، فالخط الخارج في المثال من المحاذي وإن كان يقع على بعض أفراد ذلك الصفّ إلاّ انّه لما كان بمنزلة شيء واحد ويكفي في محاذاته وقوع الخط على بعض أجزائه فلذا تصدق المحاذاة لذلك الصف .

ويمكن أن يكون الوجه في ازدياد سعة المحاذاة بالنسبة إلى البعيد انّ الشخص لو كان قريباً من ذلك الصفّ لكانت الخطوط الخارجة من أجزاء وجهه واقعة على بعض أفراد ذلك الصفّ ، وامّا لو كان بعيداً عنهم لكانت تلك الخطوط واقعة على تمام أفراده ، والسرّ فيه ما تقدّم من أنّ الخطوط الخارجة من أجزاء الوجه لا تكون على نحو التوازي بل على نحو كلّما كان طولها أزيد كان ازدياد البعد بينها أكثر وفي البعيد لما كان طول الخطوط الخارجة أزيد من القريب فلذا يكون البعد بينها أكثر ومع ازدياد البعد لكانت الخطوط واقعة على جميع الافراد .

وامّا الصورة المفروضة في كلام الشيخ (قدس سره) فهي وإن لم تكن إشكالا على مختارنا من كون قبلة البعيد جهة الكعبة لا عينها لكنّه يمكن الجواب عنها بناء على القول بالعين بل وبناء على اعتبار وقوع خط المستقبل على المستقبل في صدق الاستقبال أيضاً بما ذكره في المصباح واستحسنه الاستاذ (قدس سره) من أنّ الصف المذكور إذا رعوا

( الصفحه 545 )

كلّهم رعاية صحيحة وتوجّهوا نحو الكعبة على طبق الأمارات التي عيّنت لهم شرعاً كان لصفّهم لا محالة انحناء غير محسوس والخطوط الخارجة من كلّ واحد منهم إلى الكعبة غير متوازية والسرّ في عدم إحساس الانحناء هو أن المصلّين إلى القبلة يقعون في الحقيقة في محيط دائرة أحاطت بالكعبة ووقعت في مركزها ، ومن المعلوم انّه كلّما كان طول شعاع الدائرة أزيد كانت القسى المنقطعة عن سائر أجزاء محيطها أشبه بالخط المستقيم بحيث قد يبلغ إلى درجة لا يحسّ الانحناء أصلا .

وقد ظهر من جميع ما ذكرنا توسعة دائرة القبلة وعدم التضيق فيها ويدلّ عليها مضافاً إلى ما تقدّم اُمور :

الأوّل : انّه لم يقع التعرّض لبيان ما هو الضابط للقبلة في لسان النبي والأئمّة ـ عليه وعليهم الصلاة والسلام ـ مع علمهم بأنّ أكثر المسلمين يكون بلادهم في النقاط البعيدة عن الكعبة وثبوت الفصل بينها وبينها ومع وضوح ابتلائهم واحتياجهم إلى رعاية القبلة في كثير من الاُمور التي عمدتها الصلاة وهي الأساس لسائر الأعمال إن قبلت قُبل ما سواها وإن رُدّت ردّ ما سواها واعتبارها فيها لا يختص بحال التوجّه والالتفات لأنّ القبلة من الاُمور الخمسة المستثناة في حديث لا تعاد ومع ذلك لم يقع التعرّض لبيان ضابطة لها مع التعرّض للاُمور التي لا تقاس في الأهمّية بالقبلة أصلا فإنّه يعلم من ذلك انّه لا يكون بنائها على التضيق ورعاية الدقّة ولزوم التوجّه إلى نفس العين بنحو يقع الخط الخارج من موقف المصلّي إليها .

إن قلت : الروايات المصرّحة بأنّ ما بين المشرق والمغرب قبلة تكون في مقام بيان الضابطة وإعطاء القاعدة ومفادها توسعة دائرة القبلة كما مرّ .

قلت : نعم ولكنّه يتوقّف على أن يكون المراد منها ما ذكرنا من أنّ ما بين المشرق والمغرب قبلة لعامّة المكلّفين وفي جميع الحالات وانّ المراد ممّا بينهما هو الربع الذي

( الصفحه 546 )

لا ينطبق على شيء من أجزائه أحد العنوانين .

ويتحصّل ممّا ذكر انّه لابدّ من الالتزام بكون هذه الروايات في مقام بيان الضابطة ولا محيص عن كون المراد منها ما ذكرنا ، وامّا من الالتزام بعدم وقوع التعرّض لبيان الضابطة في ألسنتهم (عليهم السلام) وهو أيضاً دليل على التوسعة ، غاية الأمر انّه على التقدير الأوّل تكون التوسعة في ناحية نفس القبلة; لأنّها عبارة عن مجموع ما بين المشرق والمغرب وعلى التقدير الثاني تكون التوسعة المستفادة من عدم التعرّض أعمّ من توسعة القبلة وتوسعة الاستقبال كما لا يخفى .

الثاني : بعض الروايات الدالّة على أنّ جعل الجدي في القفا أمارة للقبلة كرواية محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) قال : سألته عن القبلة فقال : ضع الجدي في قفاك وصلّه .

والمراد من القفا امّا أن يكون مقدار ما بين الكتفين ، وامّا أن يكون هو المقدار الذي وقع ظهر الوجه هو ربع الدائرة التي تتشكّل من الوجه والعنق وطرفي اليمين واليسار وعلى أي تقدير فمقتضى إطلاق الرواية عدم الاختصاص بوسط القفا بل يجوز وضعه في كلّ جزء من الأجزاء .

كما انّ مقتضى الإطلاق عدم الاختصاص بحالتي ارتفاع الجدي وانخفاضه الذي يكون في الحالتين على دائرة نصف النهار ، بل يعمّ جميع حالات الجدي الذي هو نجم لا يزول وقد فسّر في بعض الروايات قوله تعالى : (وبالنجم هم يهتدون)بالجدي كما في رواية إسماعيل بن أبي زياد عن جعفر بن محمد عن آبائه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : وبالنجم هم يهتدون ، الجدي لأنّه نجم لا يزول ، وعليه بناء القبلة وبه يهتدي أهل البرّ والبحر . وبالجملة ظاهر إطلاق الرواية عدم الاختصاص بالحالتين أصلا .