( الصفحه 65 )
وامّا ما يدلّ على عدّ كلّ ركعتين بركعة فرواية محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل يكسل أو يضعف فيصلّي التطوّع جالساً ، قال : يضعف ركعتين بركعة . ورواية علي بن جعفر عن أخيه قال : سألته عن المريض إذا كان لا يستطيع القيام كيف يصلّي؟ قال : يصلّي النافلة وهو جالس ، ويحسب كلّ ركعتين بركعة ، وامّا الفريضة فيحتسب كلّ ركعة بركعة وهو جالس إذا كان لا يستطيع القيام . وبعض الروايات الاُخر .
( الصفحه 66 )
مسألة 4 ـ وقت نافلة الظهر من الزوال إلى الذراع ـ أي سبعي الشاخص ـ والعصر إلى الذراعين ـ أي أربعة أسباعه ـ فإذا وصل إلى هذا الحدّ يقدم الفريضة 1 .
1 ـ في وقت نافلة الظهرين ثلاثة أقوال :
الأوّل : ما هو الأشهر بل المشهور وهو امتداد وقت نافلة الظهر إلى الذراع والعصر إلى الذراعين ويظهر ذلك من المتن .
الثاني : ما عن جماعة من الأساطين كالشيخ في الخلاف والفاضلين في المعتبر والتبصرة والمحقّق والشهيد الثانيين في جامع المقاصد والروضة من الامتداد إلى المثل والمثلين .
الثالث : ما قوّاه صاحب العروة من الامتداد إلى آخر وقت اجزاء الفريضتين وانّ الأولى بعد الذراع تقديم الظهر وبعد الذراعين تقديم العصر والإتيان بالنافلتين بعد الفريضتين فالحدّان الأوّلان ـ الذراع والذراعان ـ للأفضلية وقد قوّاه في المستند حاكياً له عن والده ، بل عن الحلبي وظاهر المبسوط والإيضاح والدروس والبيان .
أقول : وقد استدلّ على المشهور بجملة من الروايات :
منها : رواية زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : سألته عن وقت الظهر فقال : ذراع من زوال الشمس ، ووقت العصر ذراع من وقت الظهر فذاك أربعة أقدام من زوال الشمس ، ثم قال : إنّ حائط مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان قامة ، وكان إذا مضى منه ذراع صلّى الظهر ، وإذا مضى منه ذراعان صلّى العصر ، ثمّ قال : أتدري لِمَ جعل الذراع والذراعان؟ قلت : لِمَ جعل ذلك؟ قال : لمكان النافلة ، لك أن تنتفل من زوال الشمس إلى أن يمضي ذراع ، فإذا بلغ فيئك ذراعاً من الزوال بدأت بالفريضة
( الصفحه 67 )
وتركت النافلة ، وإذا بلغ فيئك ذراعين بدأت بالفريضة وتركت النافلة .
وقد ادّعى ظهور دلالتها بل صراحتها في التوقيت بالذراع والذراعين كما يقول به المشهور ، ولكن الإنصاف خلافه وتوضيحه : انّ المراد من قوله (عليه السلام) : أتدري لِمَ جعل الذراع والذراعان . . . بعد عدم إمكان حمله على ظاهره لاقتضائه انّ الذراع وقت مجعول في الشريعة لفريضة الظهر والذراعين وقت مجعول كذلك لفريضة العصر ومرجعهما عدم مشروعيتهما قبلهما لعدم دخول وقتهما وهو خلاف الإجماع لجواز الإتيان بالظهر أوّل الزوال وبالعصر قبل الذراعين اتفاقاً انّه أتدري وجه عمل النبي (صلى الله عليه وآله) وانّه لِمَ كان يؤخّر فريضة الظهر إلى الذراع والعصر إلى الذراعين فليس المراد من الجعل هو الجعل التشريعي ، بل جعل النبي (صلى الله عليه وآله) عمله كذلك ويؤيّده وقوعه عقيب حكاية فعل النبي (صلى الله عليه وآله) ونقل عمله .
وـ حينئذ ـ فإن كان المراد من قوله (عليه السلام) : لمكان النافلة انّ وجه تأخير النبي (صلى الله عليه وآله)إنّما هو ملاحظة مضيّ وقت النافلة وانقضائه بالذراع والذراعين حتّى يقطع بفراغ الناس من نوافلهم ينطبق على المشهور ويستفاد منه التوقيت ، ولكن هنا احتمال آخر لم تعلم مرجوحيته بالإضافة إلى هذا الاحتمال وهو أن يكون المراد انّ الوجه في تأخيره (صلى الله عليه وآله) إنّما هو مراعاة حال المتنفلين المشتغلين بالنافلة في ذلك الوقت غالباً لأجل كونه وقت الفضيلة ـ مثلاً ـ .
وعليه فالمراد منه انّ نظره (صلى الله عليه وآله) كان مراعاة من أراد من الناس الإتيان بالنافلة ثمّ الحضور للجماعة وإدراك الفضيلة فمرجع قوله (عليه السلام) : لمكان النافلة بناء على الاحتمال الأوّل إلى قوله : لمكان انقضاء وقت النافلة ومضيه وبناء على الاحتمال الثاني إلى قوله : لمكان إتيان المسلمين بالنافلة قبل الذراع والذراعين ولا مرجح للاحتمال الأوّل والاستدلال مبني عليه فتدبّر .
( الصفحه 68 )
إن قلت : يمكن استفادة التوقيت من قوله (عليه السلام) في الذيل : ولك أن تتنفل من زوال الشمس إلى أن يمضي ذراع فإذا بلغ فيئك ذراعاً من الزوال بدأت بالفريضة وتركت النافلة . . . نظراً إلى ظهوره ـ كما أفاده الشيخ الأعظم الأنصاري في كتابه في الصلاة ـ في وجوب ترك النافلة بعد بلوغ الفيء ذراعاً وهذا لا يتحقّق إلاّ مع خروج وقتها بعده .
قلت : لا ينحصر وجه ترك النافلة بعد بلوغ الفيء ذراعاً في خروج وقتها بذلك ، بل يمكن أن يكون من جهة أفضلية إدراك الفريضة في أوّل الوقت بالنسبة إلى الإتيان بالنافلة فالإتيان بها يكون مزاحماً لإدراك الفريضة في وقت فضيلتها .
وبعبارة اُخرى كان التقدّم قبل بلوغه ذراعاً للنافلة وبعده للفريضة ، وحيث إنّ المفهوم قد صرّح به وفرع بالفاء التفريعية فاللاّزم ملاحظته ولا يستفاد منه إلاّ البدئة بالفريضة وترك النافلة لو لم نقل بأنّ التعبير بالبدئة بنفسه ظاهر في بقاء مشروعية النافلة بالكيفية التي كانت مشروعة قبل الذراع ، غاية الأمر تبادل مورد المتقدّم والمتأخّر وصيرورة الفريضة المتأخّرة متقدّمة ـ حينئذ ـ هذا كلّه على تقدير حفظ الظهور في وجوب الابتداء بالفريضة بعد الذراع ، ومن الممكن أن يكون المراد هو استحباب ذلك ولا محيص عنه لو قام دليل على جواز الإتيان بالنافلة قبل الفريضة بعد الذراع أيضاً . وعلى تي فالرواية ليس لها ظهور في مرام المشهور أي التوقيت .
ومنها : رواية ابن مسكان عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : أتدري لِمَ جعل الذراع والذراعان؟ قلت : لِمَ؟
قال : لمكان الفريضة لك أن تتنفل من زوال الشمس إلى أن تبلغ ذراعاً فإذا بلغت ذراعاً بدأت بالفريضة وتركت النافلة .
( الصفحه 69 )
والظاهر انّها هي الرواية الاُولى المتقدّمة لظهور السؤال في سبق ما يرتبط بالذراع والذراعين وليس إلاّ تأخير الفريضة إليهما فالكلام فيها هو الكلام في الرواية المتقدّمة من دون فرق .
ومنها : رواية إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : أتدري لِمَ جعل الذراع والذراعان ؟ قال : قلت لِمَ؟ قال : لمكان الفريضة لئلا يؤخذ من وقت هذه ويدخل في وقت هذه . والظاهر انّها هي الرواية الاُخرى التي جعلها في الوسائل رواية مستقلّة ونقلها في موضع آخر وهي ما رواه إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا كان الفيء في الجدار ذراعاً صلّى الظهر ، وإذا كان ذراعين صلّى العصر ، قلت : الجدران تختلف منها قصير ومنها طويل قال : إنّ جدار مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يومئذ قامة ، وإنّما جعل الذراع والذراعان لئلاّ يكون تطوّع في وقت فريضة .
والمراد من الوقت المضاف إلى الفريضة في هاتين الروايتين إن كان هو أصل الوقت الذي هو وقت الاجزاء فيصير ظاهرهما عدم دخول وقت الفريضتين قبل الذراع والذراعين وهو مخالف للاجماع والروايات الدالّة على دخول الوقتين بمجرّد تحقّق الزوال ، وإن كان المراد به هو وقت الفضيلة فظاهرهما توقّف الفضيلة على الذراع والذراعين وهو مخالف للإجماع أيضاً بالنسبة إلى صلاة الظهر; لأنّ مقتضاه صيرورة الظهر ذات أوقات ثلاثة وقتان للاجزاء ووقت للفضيلة متوسط بينهما .
فلابدّ من حمل الوقت المضاف إلى الفريضة على وقت انعقاد الجماعة لها ، وعليه فالمراد بالجعل هو جعل النبي (صلى الله عليه وآله) عمله كذلك كما عرفت في الرواية الاُولى المتقدّمة ، وعليه فإن كان التعليل بقوله (عليه السلام) : لئلا يكون تطوّع في وقت الفريضة فلا يستفاد من الرواية إلاّ انّ الوجه في تأخير النبي (صلى الله عليه وآله) إلى الذراع وعقد الجماعة حينه